[281]


إلى معاوية فما بالك لاتكفيناه ببعض ما أعطاك الله من هذه القدرة ؟ فأطرق قليلا ورفع رأسه إليهم وقال : والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو شئت أن أضرب برجلي هذه القصيرة في طول هذه الفيافي والفلوات والجبال والاودية حتى اضرب بها صدر معاوية على سريره فأقلبه على أم سأسه لفعلت ولو أقسمت على الله عزوجل أن أوتي به قبل أن أقوم من مجلسي هذا وقبل أن يرتد إلى أحد منكم طرفه لفعلت ولكنا كما وصف الله تعالى في كتابه : * ( عباد مكرمون لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) * .
بيان : قال الجوهري : خسأت الكلب خسأ : طردته وخسأ الكلب نفسه .
يتعدى ولايتعدى .
إرشاد القلوب بإسناده إلى ميثم التمار قال : خطب بنا أميرالمؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة فأطال في خطبته وأعجب الناس تطويلها وحسن وعظها وترغيبها وترهيبها وإذ دخل نذير من ناحية الانبار مستغيثا يقول : الله الله يا أميرالمؤمنين في رعيتك وشيعتك هذه خيل معاوية قد شنت علينا الغارة في سواد الفرات ما بين هيت والانبار .
فقطع أميرالمؤمنين عليه السلام الخطبة وقال : ويحك بعض خيل معاوية قد دخل الدسكرة التي تلي جدران الانبار فقتلوا فيها سبع نسوة وسبعة من الاطفال ذكرانا وسبعة إناثا وشهروا بهم وطؤهم بحوافر الخيل وقالوا هذه مراغمة لابي تراب .

.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 281 سطر 19 الى ص 289 سطر 18 فقام إبراهيم بن الحسن الازدي بين يدي المنبر فقال : يا أميرالمؤمنين هذه القدرة التي رأيت بها وأنت على منبرك أن في دارك خيل معاوية بن آكلة الاكباد وما فعل بشيعتك ولم يعلم بها هذا فلم تغضي عن معاوية ؟ .
فقال له : ويحك يا إبراهيم * ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ) * فصاح الناس من جوانب المسجد : يا أميرالمؤمنين فإلى متى يهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وشيعتك تهلك ؟ ! فقال لهم :

[282]


ليقضي الله أمرا كان مفعولا .
فصاح زيد بن كثير المرادي وقال : يا أميرالمؤمنين تقول بالامس وأنت تجهز إلى معاوية وتحرضنا على قتاله ويحتكم إليك الرجلان في الفعل فتعجل عليك أحدهما في الكلام فتجعل رأسه رأس الكلب فيستجير بك فترده بشرا سويا ! ونقول لك : ما بال هذه القدرة لا تبلغ معاوية فتكفينا شره فتقول لنا : وفالق الحبة وبارئ النسمة لو شئت أن أضرب برجلي هذه القصيرة صدر معاوية فأقلبه على أم رأسه لفعلت فما بالك لاتفعل ؟ ما تريد إلا أن تضعف نفوسنا فنشك فيك فندخل النار .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام لافعلن ذلك ولاعجلنه على ابن هند .
فمد رجله على منبره فخرجت عن أبواب المسجد وردها إلى فخذه وقال : معاشر الناس أقيموا تاريخ الوقت وأعلموه فقد ضربت برجلي هذه الساعة صدر معاوية فقلبته عن سريره على أم رأسه فظن أنه قد أحيط به فصاح يا أمير المؤمنين فأين النظرة فرددت رجلي عنه وتوقع الناس ورود الخبر من الشام وعلموا أن أميرالمؤمنين لايقول إلا حقا .
فوردت الاخبار والكتب بتاريخ تلك الساعة بعينها من ذلك اليوم بعينه أن رجلا جاءت من ناحية الكوفة ممدودة متصلة فدخلت من أيوان معاوية والناس ينظرون حتى ضربت صدره فقلبته عن سريره على أم رأسه فصاح : يا أميرالمؤمنين وأين النظرة ؟ وردت تلك الرجل عنه وعلم الناس ما قال أميرالمؤمنين عليه السلام حقا .
بيان : قال الفيروزآبادي : أغضى : أدنى الجفون .
وعلى الشئ : سكت .
547 - بشا : الحسن بن الحسين بن بابويه عن عمه محمد بن الحسن عن

________________________________________________________
547 - رواه الشيخ الصدوق رفع الله مقامه وفسر غريبه في الحديث : ( 9 ) من الباب : ( 28 ) من كتاب معاني الاخبار ، ص 58 ط 2 .
ورواه الطبري بالسند المذكور ها هنا - عنه في الحديث : ( 18 ) في الجزء الاول من كتاب بشارة المصطفى ص 14 ، ط النجف .

[283]


أبيه الحسين بن الحسين عن عمه أبي جعفر بن بابويه عن الطالقاني عن الجلودي عن المغيرة بن محمد عن رجاء بن أبي سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر : عن أبي جعفر عليه السلام قال : خطب أميرالمؤمنين عليه السلام بالكوفة عند منصرفه من نهروان وبلغه أن معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا فحمدالله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه ثم قال : لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا يقول الله عزوجل : * ( وأما بنعمة ربك فحدث ) * اللهم لك الحمد على نعمك التي لاتحصى وفضلك الذي لاينسى .
أيها الناس إنه بلغني ما بلغني وإني أراني قد اقترب أجلي وكأني بكم وقد جهلتم أمري وإني تارك فيكم ما تركه رسول الله صلى الله عليه وآله كتاب الله وعترتي وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الانبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى .
يا أيها الناس لعلكم لاتسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلا مفتريا أنا أخو رسول الله وابن عمه وسيف نقمته وعماد نصرته وبأسه وشدته أنا رحى جهنم الدائرة وأضراسها الطاحنة أنا مؤتم البنين والبنات وقابض الارواح وبأس الله الذي لايرده عن القوم المجرمين أنا مجدل الابطال وقاتل الفرسان ومبير من كفر بالرحمان وصهر خير الانام أنا سيد الاوصياء ووصي خير الانبياء أنا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله صلى الله عليه وآله ووارثه أنا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية الزكية البرة المهدية حبيبة حبيب الله وخير بناته وسلالته وريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله سبطاه خير الاسباط وولد اي خير الاولاد هل أحد ينكر ما أقول .
أين مسلموا أهل الكتاب أنا اسمي في الانجيل إليا وفي التوراة بريها وفي الزبور ارى وعند الهند كلبن وعند الروم بطريسا وعند الفرس جبير وعند الترك تيبر وعند الزنج خبير وعند الكهنة بوى وعند الحبشة تبريك وعند أمي حيدرة وعند ظئري ميمون وعند العرب علي وعند الارمن فريق وعند أبي زهير .

[284]


ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم يقول الله عزوجل : * ( وكونوا مع الصادقين ) * ( 1 ) أنا ذلك الصادق .
وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة وقال الله تعالى : * ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) * [ 44 / الاعراف : 7 ] أنا ذلك المؤذن وقال : * ( وأذان من الله ورسوله ) * [ 3 / التوبة ] وأنا ذلك الاذان .
وأنا المحسن يقول الله عزوجل : * ( وإن الله مع المحسنين ) * [ 69 / العنكبوت : 29 ] .
وأنا ذو القلب يقول الله عزوجل : * ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) * [ 37 / ق : 50 ] .
وأنا الذاكر يقول الله عزوجل * ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) * [ 191 / آل عمران : 3 ] .
ونحن أصحاب الاعراف أنا وعمي وأخي وابن عمي والله فالق الحبة والنوى لايلج النار لنا محب ولا يدخل الجنة لنا مبغض يقول الله عزوجل : * ( وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) * [ 46 / الاعراف : 7 ] وأنا الصهر يقول الله عزوجل : * ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) * [ 54 / الفرقان : 25 ] .
وأنا الاذن الواعية يقول الله عزوجل : ( وتعيها أذن واعية ) .
وأنا السالم لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول الله : * ( ورجلا سلما لرجل ) * [ 29 / الزمر ] ومن ولدي مهدي هذه الامة .
ألا وقد جعلت محنتكم ببغضي يعرف المنافقون وبمحبتي امتحن المؤمنون هذا عهد النبي الامي الا أنه لايحبكم إلا مؤمن ولايبغضكم إلا منافق .

________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الصواب ، وفي أصلي : ( إن الله مع الصادقين ) .
والآية هي الآية : ( 119 ) من سورة التوبة : ( 9 ) .

[285]


وأنا صاحب لواء رسول الله في الدنيا والآخرة ورسول الله فرطي وأنا فرط شيعتي والله لاعطش محبي ولا خاف [ وليي ] ، أنا ولي المؤمنين والله وليي [ وحسب محبي أن يحبوا ما أحب الله ] وحسب مبغضي أن يبغضوا من أحب الله .
ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني اللهم اشدد وطأتك عليه وأنزل اللعنة على المستحق آمين رب العالمين رب اسماعيل وباعث إبراهيم إنك حميد مجيد .
ثم نزل صلوات الله عليه عن أعواده فما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم لعنه الله .
548 - كا : علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ان مولى لاميرالمؤمنين عليه السلام سأله مالا فقال : يخرج عطائي فأقاسمكه .
فقال : لاأكتفي وخرج إلى معاوية فوصله فكتب إلى أميرالمؤمنين عليه السلام يخبره بما أصاب من المال فكتب إليه أميرالمؤمنين عليه السلام : أما بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهل بعدك وإنما لك منه ما مهدت لنفسك فآثر نفسك عن إصلاح ولدك فإنما أنت جامع لاحد رجلين : إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت وإما رجل عمل فيه بمعضية الله فشقي بما جمعت له ، وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك ولا تبرد له على ظهرك فارج لمن مضى رحمة الله وثق لمن بقي يرزق الله .
بيان : قال في النهاية : برد لي على فلان حق أي ثبت .
549 - ختص : كتب معاوية لعنه الله إلى أميرالمؤمنين صلوات الله عليه

________________________________________________________
548 - رواه ثقة الاسلام الكليني في الحديث : ( 28 ) من روضة الكافي ص 72 ورواه السيد الرضي في المختار : ( 416 ) من الباب الثالث من نهج البلاغة .
549 - الحديث موجود في كتاب الاختصاص - المنسوب إلى الشيخ المفيد رحمه الله - ص 138 ، ط 2 ، وفي ط النجف ص 132 .

[286]


بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لاضربنك بشهاب قاطع لايذكيه الريح ولايطفيه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام .
فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية فقد كذبت أنا علي بن أبي طالب عليه السلام وأنا أبوالحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أحد وذلك السيف بيدي يحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي لم أستبدل بالله ربا وبمحمد نبيا وبالسيف بدلا والسلام على من اتبع الهدى .
ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا مفوها طوالا فقال له : خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته ثم ركب جملا بازلا فتيقا مشرفا عاليا في الهواء فسار حتى نزل مدينة دمشق فسأل عن قواد معاوية فقيل له : من تريد منهم فقال أريد جرولا وجهضما وصلادة وقلادة وسوادة وصاعقة وأبا المنايا وأبا الحتوف وأبا الاعور السلمي وعمرو بن العاص وشمر بن ذي الجوشن والهدى بن محمد بن الاشعث الكندي فقيل إنهم مجتمعون عند باب الخضراء فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا فركب إليهم فلما بصروا به قاموا إليه يهزئون به فقال واحد منهم يا أعرابي عندك خبر من السماء قال : نعم جبرائيل في السماء وملك الموت في الهواء وعلي في القفاء فقال له : يا أعرابي من أين أقبلت ؟ قال : من عند التقي النقي إلى المنافق الردي قال له : يا أعرابي فما تنزل إلى الارض حتى نشاورك .
قال : والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم قالوا : يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم فكتبوا إليه أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب عليه السلام أعرابي له لسان يقول فما يمل ويكثر فلا يكل والسلام .
فلما قرأ يزيد الكتاب أمر أن يهول عليه وأن يقام له سماطان بالباب بأيديهم أعمدة الحديد فلما توسطهم الطرماح قال : من هؤلاء كأنهم زبانية مالك في ضيق المسالك

[287]


عند تلك الهوالك ؟ قالوا : اسكت هؤلاء أعدوا ليزيد فلم يلبث أن خرج يزيد فلما نظر إليه قال : السلام عليك يا أعرابي قال : الله السلام المؤمن المهيمن على ولد أميرالمؤمنين قال : إن أميرالمؤمنين يقرء عليك السلام قال : سلامه معي من الكوفة قال : إنه يعرض عليك الحوائج قال : أما أول حاجتي إليه فنزع روحه من بين جنبيه وأن يقوم من مجلسه حتى يجلس فيه من هو أحق به وأولى منه قال له : يا أعرابي فإنا ندخل عليه فما فيك حيلة قال : لذلك قدمت فاستأذن له على أبيه .
فلما دخل على معاوية ونظر إلى معاوية والسرير قال : السلام عليك أيها الملك قال : وما منعك أن تقول يا أميرالمؤمنين قال : نحن المؤمنون فمن أمرك علينا ؟ فقال : ناولني كتابك قال إني لاكره أن أطأ بساطك قال : فناوله وزيري قال : خان الوزير وظلم الامير قال : فناوله غلامي قال : غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله قال : فما الحيلة يا أعرابي ؟ قال : ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغرا فخذه .
فقام معاوية صاغرا فتناول منه ثم فضه وقرأه ثم قال : يا أعرابي كيف خلفت عليا قال : خلفته والله جلدا حربا ضابطا كريما شجاعا جودا لم يلق جيشا إلا هزمه ولا قرنا إلا أرادة ولا قصرا إلا هدمه قال : فكيف خلفت الحسن والحسين ؟ قال : خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحن فصيحين كريمين شجاعين جوادين شابين طريين يصلحان للدنيا والآخرة قال : فكيف خلفت أصحاب علي ؟ قال : خلفتهم وعلي بينهم كالبدر وهم كالنجوم إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا فقال له : يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك قال : ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت كيف لو رأيت الفصحاء الادباء النطقاء ووقعت في بحر علومهم غرقت يا شقي .
قال : الويل لامك قال : بل طوبى لها ولدت مؤمنا يغمز منافقا مثلك قال له : يا أعرابي هل لك في جائزة قال : أرى استنقاص روحك فكيف لا أرى استنقاص مالك فأمر له بمائة ألف درهم فقال : أزيدك يا أعرابي قال : أسديدا سد أبدا .
فأمر له

[288]


بمائة ألف أخرى فقال : ثلثها فإن الله فرد ثم ثلثها فقال : الآن ما تقول ؟ قال : أحمد الله وأذمك .
قال : ولم ويلك ؟ قال : لانه لم يكن لك ولا لابيك ميراثا إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه .
ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال : اكتب للاعرابي جوابا فلا طاقة لنا به فكتب أما بعد يا علي فلا وجهن إليك بأربعين حملا من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات .
فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال : سوءة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياة أنت أم كاتبك ؟ ويلك لو جمعت الجن والانس وأهل الزبور والفرقان كانوا لايقولون بما قلت قال : ما كتبه عن أمري قال : إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب أمن أيهما تعتذر ومن أيهما تعتبر أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكا اشتر جيدا أخضر يلتقط الخردل بجيشه فيجمعه في حوصلته .
قال : ومن ذلك يا أعرابي قال : ذلك مالك بن الحارث الاشتر .
ثم أخذ الكتاب والجائزة وانطلق به إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقبل معاوية على أصحابه فقال : نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه .
بيان : الطرماح بكسر الطاء والراء وتشديد الميم .
وقال الجوهري : فاه بالكلام [ على زنة قال - و - تفوه ] : لفظ به .
والمفوه : المنطيق وقال : بزل البعير : فطرنا به أي انشق فهو بازل ذكرا كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة وقال : يقال : جمل فتيق إذا انفتق سمنا .
وفي بعض النسخ بالنون قال الجوهري الفنيق : الفحل المكرم .
وقال الجرول : الحجارة .
والجهضم : الضخم الهامة المستدير الوجه .
والاسد .
والصلد والصلب : الاملس .
ويحتمل أن تكون تلك أسامي خدمه وأن يكون قال ذلك نبزا واستهزاءا .
والسماط بالكسر : الصف من الناس .
والنخل والجلد : الصلابة والجلادة .
تقول منه

[289]


جلد الرجل بالضم فهو جلد ذكره الجوهري وقال : حرب الرجل بالكسر : اشتد غضبه .
ورجل حرب وأسد حرب .
( أسد يدا سد أبدا ) أي أعط نعمة تكون أبدا سيدا للقوم .
والاجيد : الحسن العنق أو طويله .
والاعسر هوالذي يعمل باليد اليسرى .
ويقال : إنه أشد شئ رميا .
550 - أقول : وجدت الرواية بخط بعض الافاضل باختلاف ما فأحببت إيرادها على هذا الوجه أيضا قال : قال الشيخ الاديب أبوبكر بن عبد العزيز البستي بالاسانيد الصحاح أن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لما رجع من وقعة الجمل كتب إليه معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة بسم الله الرحمان الرحيم من عبدالله وابن عبدالله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فقد اتبعت ما يضرك وتركت ما ينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وقد انتهى إلي ما فعلت بحواري رسول الله صلى الله عليه وآله طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة فوالله لارمينك بشهاب لاتطفيه المياه ولاتزعزعه الرياح إذا وقع وقب ، وإذا وقب ثقب ، وإذا ثقب نقب ، وإذا نقب التهب ، فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فإني ملاقيك بجنود لاقبل لك بها والسلام .
فلما وصل الكتاب إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فكه وقرأه ودعى بدواة وقرطاس وكتب إليه .
بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله وابن عبده علي بن أبي طالب أخي
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 289 سطر 19 الى ص 297 سطر 18 رسول الله وابن عمه ووصيه ومغسله ومكفنه وقاضي دينه وزوج ابنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين إلى معاوية بن أبي سفيان .
أما بعد فإني أفنيت قومك يوم بدر وقتلت عمك وخالك وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعدي بثبات من صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي صلى الله عليه وآله في كفي فوالله ما اخترت على الله ربا ولا على الاسلام دينا ولا على محمد نبيا ولا على السيف بدلا فبالغ من رأيك فاجتهد ولا تقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستفزك الجهل والطغيان

[290]


وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى .
ثم طوى الكتاب وختمه ودعى رجلا من أصحابه يقال له الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي وكان رجلا جسيما طويلا أديبا لبيبا فصيحا لسنا متكلما لا يكل لسانه ولا يعيى عن الجواب فعممه بعمامته ودعى له بجمل بازل وثيق فائق أحمر فسوى راحلته ووجهه إلى دمشق فقال له : يا طرماح انطلق بكتابي هذا إلى معاوية بن أبي سفيان وخذ الجواب .
فأخذ الطرماح الكتاب وكور بعمامته وركب مطيته وانطلق حتى دخل دمشق فسأل عن دار الامارة فلما وصل إلى الباب قال له الحجاب من بغيتك ؟ قال : أريد أصحاب الامير أولا ثم الامير ثانيا فقالوا له : من تريد منهم ؟ قال : أريد جعشما وجرولا ومجاشعا وباقعا - وكان أراد أبا الاعور السلمي وأبا هريرة الدوسي وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم - فقالوا : هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان .
فانطلق وسار حتى أشرف على ذلك الموضع فإذا قوم ببابه فقالوا : جاءنا أعرابي بدوي دوين إلى السماء تعالوا نستهزئ به فلما وقف عليهم قالوا : يا أعرابي هل عندك من السماء خبر ؟ فقال : بلى الله تعالى في السماء وملك الموت في الهواء وأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب في القفاء فاستعدوا لما ينزل عليكم من البلاء يا أهل الشقاوة والشقاء .
قالوا : من أين أقبلت ؟ قال : من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي .
فقالوا : وأي شئ تريد ؟ فقال : أريد هذا الدعي الردي المنافق المردي الذي تزعمون أنه أميركم فعلموا أنه رسول أميرالمؤمنين علي عليه السلام إلى معاوية فقالوا : هو في هذا الوقت مشغول .
قال : بماذا بوعد أو وعيد ؟ قالوا : لاولكنه يشاور أصحابه فيما يلقيه غدا قال : فسحقا له وبعدا .
فكتبوا إلى معاوية بخبره : أما بعد فقد ورد من عند علي بن أبي طالب رجل أعرابي بدوي فصيح لسن طلق ذلق يتكلم فلا يكل ويطيل فلا يمل فأعد لكلامه جوابا بالغا ولا تكن عنه غافلا ولا ساهيا والسلام .