[311]


561 - يج شا : قال أميرالمؤمنين عليه السلام عندما رفع أهل الشام المصاحف وشك فريق من أصحابه ولجؤا إلى المسالمة ودعوه إليها : ويلكم إن هذه خديعة وما يريد القوم القرآن لانهم ليسوا بأهل قرآن فاتقوا الله وامضوا على بصائركم في قتالهم فإن لم تفعلوا تفرقت بكم السبل وندمتم حيث لاتنفعكم الندامة .
وكان الامر كما قال وكفر القوم بعد التحكيم وندموا على ما فرط منهم في الاجابة إليه وتفرق بهم السبل وكان عاقبتهم الدمار .
562 - قب : روي في معنى قوله تعالى : ( ومن الناس من يعبدالله على حرف ) أنه كان أبوموسى وعمرو .
وروي ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة أنه قال : كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن بني إسرائل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضال من اتبعهما ولاتنفك أموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلان ويضل من تبعهما .
[ قال سويد : ] فقلت : أعيذك بالله أن تكون أحدهما .
قال : فخلع قميصه

________________________________________________________
561 - رواه الشيخ المفيد رفع الله مقامه في الفصل الثاني من فصول إخبار أميرالمؤمنين عليه السلام عن الغائبات قبل تحققها من كتاب الارشاد ، ص 165 .
562 - رواه ابن شهر أشوب رفع الله مقامه في عنوان ( الحكمين والخوارج ) من كتاب مناقب آل أبي طالب : ج 2 ص 363 ط النجف .
وقريبا مما رواه عن سويد بن غفلة ، رواه أيضا المسعودي في عنوان ( الحكمين ) .
من كتاب مروج الذهب : ج 2 ص 403 ط مصر .
ووجدت في بعض مسوداتي أنه رواه أيضا معنعنا اليعقوبي في تاريخه 0 ج 2 ص 166 ، ط النجف وفي ط بيروت ص 190 ، قال : قال ابن الكلبي أخبرني عبدالرحمان بن حصين ، عن سويد .
.
قال : [ إني لاساير ] أبا موسى الاشعري .
.
وقد ذكرنا للحديث مصادر أخرى في المختار : ( 175 ) من كتاب نهج السعادة : ج 1 ، ص 625 ط 2 ، وفي ط 1 : ج 2 ص 55 .

[312]


وقال : برأني الله من ذلك برأني من قميصي .
ولما جرى ليلة الهرير صاحوا : يا معاوية هلكت العرب .
فقال : يا عمرو أنفر أو نستأمن ؟ قال : لنرفع المصاحف على الرماح ونقرأ * ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم [ ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون .
.
] ) * [ 23 / آل عمران ] فإن قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب ورافعنا بهم إلى أجل وإن أبا بعضهم إلا القتال فللنا شوكتهم ويقع بينهم الفرقة وأمر بالنداء [ وأن يصرخ فيهم ] : فلسنا ولستم من المشركين ولا المجمعين على الردة فإن تقبلوها ففيها البقاء للفرقتين وللبلدة وإن تدفعوها ففيها الفناء وكل بلاء إلى مدة ! .
فقال مسعر بن فدكي وزيد بن حصين الطائي والاشعث بن قيس الكندي : أجب القوم إلى كتاب الله .
فقال أميرالمؤمنين : ويحكم والله إنهم ما رفعوا المصاحف إلا خديعة ومكيدة حين علوتموهم .
وقال خالد بن معمر السدوسي : يا أميرالمؤمنين أحب الامور إلينا ما كفينا مؤنته وأنشد رفاعة بن شداد البجلي : وإن حكموا بالعدل كانت سلامة * وإلا أثرناها بيوم قماطر فقصد إليه عشرون ألف رجل يقولون : يا علي أجب إلى كتاب الله إذا دعيت [ إليه ] وإلا دفعناك برمتك إلى القوم أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان .
قال : فاحفظوا عني مقالتي فإني آمركم بالقتال فإني تعصوني فافعلوا ما بدا لكم .
قالوا : فابعث إلى الاشتر ليأتيك .
فبعث [ إليه ] يزيد بن هانئ السبيعي يدعوه فقال الاشتر : إني قد رجوت أن يفتح الله [ لي ] لاتعجلني وشدد في القتال .
فقالوا : حرضته في الحرب فابعث إليه بعزيمتك ليأتيك واإلا والله اعتزلناك ! [ ف ] قال [ علي عليه السلام ] : يا يزيد عد إليه فقل له : عد إلينا فإن الفتنة قد وقعت .
[ فسار إليه يزيد وأبلغه مقال علي عليه السلام ] فأقبل الاشتر [ وهو ] يقول

[313]


لاهل العراق : يا اهل الذل والوهن احين علوتم القوم وعلموا أنكم لهم قاهرون [ ف ] رفعوا لكم المصاحف خديعة ومكرا .
فقالوا : قاتلناهم في الله [ ونترك قتالهم الان في الله ] .
فقال : أمهلوني ساعة [ فإني ] أحسست بالفتح وأيقنت بالظفر قالوا : لا قال : أمهلوني عدوة فرسي قالوا : إنا لسنا نطيعك ولا لصاحبك ونحن نرى المصاحف على رؤوس الرماح ندعى إليها .
فقال : خدعتم والله فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم .
فقام جماعة من بكر بن وائل فقالوا : يا أميرالمؤمنين إن أجبت القوم أجبنا وإن أبيت أبينا .
فقال عليه السلام : نحن أحق من أجاب إلى كتاب الله وإن معاوية وعمرا وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح والضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين وقرآن أنا أحرف بهم منكم قد صحبتهم أطفالا ورجالا .
في كلامه له .
فقال أهل الشام : فإنا قد أخترنا عمرا فقال الاشعث وابن الكواء ومسعر الفدكي وزيد الطائي : نحن اخترنا أبا موسى .
فقال أميرالمؤمنين : فإنكم قد عصيتموني في أول الامر فلا تعصوني الآن .
فقالوا : إنه قد كان يحذرنا مما وقعنا فيه .
فقال أميرالمؤمنين : إنه ليس بثقة قد فارقني وقد خذل الناس [ عني ] ثم هرب مني حتى آمنته بعد شهر ولكن هذا
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 313 سطر 19 الى ص 321 سطر 18 ابن عباس أوليه ذلك .
قالوا : والله ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس ! قال : فالاشتر ! قال الاشعث : وهل سعر الحرب غير الاشتر وهل نحن إلا في حكم الاشتر ! ! قال الاعمش : حدثني من رأى عليا عليه السلام يوم صفين يصفق بيديه ويقول : يا عجبا أعصى ويطاع معاوية ؟ ! وقال : قد أبيتم إلا أبا موسى ؟ قالوا : نعم قال : فاصنعوا ما بدالكم اللهم إني أبرء إليك من صنيعهم .

[314]


وقال الاحنف : إذا اخترتم أبا موسى فادفئوا ظهره فقال خريم بن فاتك الاسدي : لوكان للقوم رأي يرشدون به * أهل العراق رموكم بابن عباس لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن * لم يدر ما ضرب أسداس وأخماس فلما اجتمعوا كان كاتب علي عليه السلام عبيدالله بن أبي رافع وكاتب معاوية عمير بن عباد الكلبي فكتب عبيدالله : هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان .
فقال عمرو : اكتبوا اسمه واسم أبيه هو أميركم فأما أميرنا فلا .
فقال الاحنف : لاتمح اسم امارة المؤمنين .
فقال علي عليه السلام : الله أكبر سنة بسنة ومثل بمثل وإني لكاتب يوم الحديبية .
وروى أحمد في السمند أن النبي صلى الله عليه وآله أمر أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو : هذا كتاب بيننا وبينك فافتحه بما نعرفه واكتب باسمك اللهم فأمر بمحو ذلك وكتب باسمك اللهم هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو وأهل مكة فقال سهيل : لو أجبتك إلى هذا لاقررت لك بالنبوة فقال : امحها يا علي فجعل يتلكأ ويأبى فمحاها النبي صلى الله عليه وآله وكتب : هذا ما اصطلح محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب وأهل مكة يقول في كتابه : * ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) * وروى محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفين عن محمد بن كعب أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي : فإن لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد .
بيان : ( وإلا أثرناها ) أي هيجنا الحرب من أثار الغبار .
( بيوم قماطر ) بضم القاف أي في يوم شديد قال الجوهري : يوم قماطر وقمطرير أي شديد .
563 - كش : روت بعض العامة عن الحسن البصري قال : حدثني

[315]


الاحنف أن عليا عليه السلام كان يأذن لبني هاشم وكان يأذن لي معهم قال : فلما كتب إليه معاوية إن كنت تريد الصلح فامح عنك اسم الخلافة .
فاستشار بني هاشم فقال له رجل منهم انزح هذا الاسم الذي نرحه الله .
قال : فإن كفار قريش لما كان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبينهم ما كان وكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله أهل مكة كرهوا ذلك وقالوا : لو نعلم أنك لرسول الله ما منعناك أن تطوف بالبيت قال : فكيف إذا قالوا : أكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله أهل مكة فرضي .
[ قال الاحنف : ] فقلت لذلك الرجل كلمة فيها غلظة وقلت لعلي : أيها الرجل والله مالك ما قال رسول الله إنا ما حابيناك في بيعتنا ولو نعلم أحدا في الارض اليوم أحق بهذا الامر منك لبايعناه ولقاتلناك معه أقسم بالله إن محوت عنك هذا الاسم الذي دعوت الناس إليه وبايعتهم عليه لانرجع إليه أبدا .
بيان : انزح هذا الاسم من باب الافعال أي بعد أو على بناء المجرد من نزح البئر يقال : نزحتني أي أنفدت ما عندي ولعله كان هذا القبيح من القول للتضجر من اضطراب الامر .
وقراءته بصيغة الماضي على الاستفهام الانكاري فيكون المرفوع في الاول والمنصوب في الثاني راجعين إلى معاوية بعيدة .
ويمكن أن يكون بالباء الموحدة والراء المهملة ( 1 ) أي عظمه وأكرمه أو بالياء والجيم أي أظهره فيكون غلظة الاحنف على القائل الثاني .
563 - رواه أبوعمرو الكشي رحمه الله تحت الرقم : ( 28 ) في ترجمة الاحنف بن قيس من رجاله ص 85 ط النجف .
والظاهر أنه هو مارواه الطبري بسياق أجود في آخر حرب صفين من تاريخه : ج 5 ص 53 ط بيروت قال : حدثني علي بن مسلم الطوسي قال : حدثنا حبان ، قال حدثنا مبارك عن الحسن قال : أخبرني الاحنف .
.
( 1 ) أي ( برحه الله ) وهكذا أثبت في تاريخ الطبري في حديثه الذي أشرنا إليه .

[316]


564 - ما : المفيد عن محمد بن عمران عن محمد بن [ موسى عن محمد بن ] أبي السرى عن هشام عن أبي مخنف عن عبدالرحمان بن جندب عن أبيه قال : لما وقع الاتفاق على كتب القصة [ القضية ( خ ل ) ] بين أميرالمؤمنين عليه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام وعبد الله بن عباس في رجال من أهل العراق فقال أميرالمؤمنين عليه السلام للكاتب أكتب هذا ما تقاضى عليه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان .
فقال عمرو بن العاص : أكتب اسمه واسم أبيه ولا تسمه بإمرة المؤمنين فإنما هو أميرهؤلاء وليس هو بأميرنا .
فقال الاحنف بن قيس : لاتمح هذا الاسم فإني أتخوف إن محوته لايرجع إليك أبدا .
فامتنع أميرالمؤمنين عليه السلام [ من ] محوه فتراجع الخطاب فيه مليا من النهار فقال الاشعث بن قيس : امح هذا الاسم نزحه الله .
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : الله أكبر سنة بسنة ومثل بمثل والله إني لكاتب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية وقد أملى على : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو .
فقال له سهيل : امح رسول الله فإنا لانقر لك بذلك ولا نشهد لك به اكتب اسمك واسم أبيك فامتنعت من محوه فقال النبي صلى الله عليه وآله : امحه يا علي وستدعى في مثلها فتجيب وأنت على مضض .
فقال عمرو [ بن العاص ] : سبحان الله ومثل هذا يشبه بذلك ونحن مؤمنون وأولئك كانوا كفارا ؟ ! فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : يا ابن النابغة ومتى لم تكن للفاسقين

________________________________________________________
564 - رواه الشيخ الطوسي رفع الله مقامه في الحديث : ( 18 ) من الجزء السابع من أماليه : ج 1 ، ص 190 ، ط بيروت .
ورواه أيضا الطبري عن أبي مخنف في آخر قضية صفين من تاريخه : ج 5 ص 52 ط بيروت .

[317]


وليا وللمسلمين عدوا وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك فقال عمرو بن العاص : لا جرم لايجمع بيني وبينك مجلس أبدا فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : والله إني لارجو أن يطهرالله مجلسي منك ومن أشباهك ثم كتب الكتاب وانصرف الناس .
565 فس : في فصحة الحديبية قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إنك أبيت أن تمحوا اسمي من النبوة فوالذي بعثني بالحق نبيا لتجيبن أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد .
فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان فقال عمرو بن العاص : لو علمنا أنك أميرالمؤمنين ما حاربناك ولكن أكتب : هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان فقال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه صدق الله وصدق رسوله أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك .
بيان : المضض وجع المصيبة .
566 - ل : فيما أجاب به أميرالمؤمنين عليه السلام اليهودي السائل عما فيه من خصال الاوصياء قال عليه السلام : وأما السادسة يا أخا اليهود فتحكيمهم ومحاربة ابن آكلة الاكباد وهو طليق بن طليق معاند لله عزوجل ولرسوله وللمؤمنين منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله إلى أن فتح الله عليه مكة عنوة فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعده وأبوه بالامس أول من سلم علي بإمرة المؤمنين وجعل يحثني على النهوض في أخذ حقي من الماضين قبلي يجدد لي بيعته كلما أتاني .
وأعجب العجب أنه لما رآى ربي تبارك وتعالى قد رد إلي حقي وأقره في معدنه وانقطع طمعه أن يصير في دين الله رابعا وفي أمانة حملناها حاكما كر على

________________________________________________________
565 - رواه علي بن إبراهيم في تفسيره .
566 - رواه الشيخ الصدوق رفع الله مقامه في الحديث : ( 58 ) من باب السبعة من كتاب الخصال : ج 1 ، ص 364 ط 2 .

[318]


العاصي بن العاص فاستماله فمال إليه ثم أقبل به بعد إذ أطمعه مصر وحرام عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمه درهما وحرام على الراعي إيصال درهم إليه فوق حقله فأقبل يخبط البلاد بالظلم ويطأها بالغشم فمن بايعه أرضاه ومن خالفه ناواه .
ثم توجه إلي ناكثا علينا مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا والانباء تأتيني والاخبار ترد علي بذلك .
فأتاني أعور ثقيف فأشار علي أن أوليه البلاد التي هو بها لاداريه بما أوليه عنها وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عندالله عزوجل في توليته لي مخرجا وأصبت لنفسي في ذلك عذرا فأعملت الرأي في ذلك وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه ولي وللمؤمنين فكان رأيه في ابن آكلة الاكباد كرأيي ينهاني عن توليته ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا فوجهت إليه أخا بجيلة مرة وأخا الاشعريين مرة كلاهما ركن إلى الدنيا وتابع هواه فيما أرضاه فلما لم أره يزداد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله البدريين والذين ارتضى الله عزوجل أمرهم ورضي عنهم بعد بيعتهم وغيرهم من صلحاء المسلمين والتابعين فكل يوافق رأيه رأيي في غزوة ومحاربته ومنعه مما نالت معه يده .
وإني نهضت إليه بأصحابي أنفذ إليه من كل موضع كتبي وأوجه إليه رسلي وأدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس معي فكتب [ إلي ] يتحكم علي ويتمنى علي الاماني ويشترط علي شروطا لايرضاها الله عزوجل ورسوله ولا المسلمون ويشترط في بعضها أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أبرارا فيهم عمار بن ياسر وأين مثل عمار ؟ والله لقد رأيتنا مع النبي صلى الله عليه وآله ما يعدمنا خمسة إلا كان سادسهم ولا أربعة إلا كان خامسهم اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان ولعمروالله ما ألب على عثمان ولا جمع الناس على قتلة إلا هو وأشباهه من

[319]


أهل بيته أغصان الشجرة الملعونة في القرآن .
فلما لم أجب إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه بطغيانه وبغيه بحمير لاعقول لهم ولابصائر فموه لهم أمرا فاتبعوه وأعطاهم من الدنيا ما أمالهم به إليه فناجزناهم وحاكمناهم إلى الله عزوجل بعد إلا عذار والانذار .
فلما لم يزده ذلك إلا تماديا وبغيا لقيناه بعادة الله التي عودنا من النصر على أعدائه وعدونا وراية رسول الله بأيدينا لم يزل الله تبارك وتعالى يفل حزب الشيطان بها حتى يقضي الموت عليه وهو معلم رايات أبيه التي لم أزل أقاتلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله في كل المواطن فلم يجد من الموت منجا إلا الهرب فركب فرسه وقلب رايته ولا يدري كيف يحتال .
فاستعان برأي ابن العاص فأشار عليه بإظهار المصاحف ورفعها على الاعلام والدعاء إلى ما فيها وقال ان ابن أبي طالب وحزبه أهل بصائر ورحمة وبقيا وقد دعوك إلى كتاب الله أولا وهم مجيبوك إليه آخرا فأطاعه فيما أشار به عليه إذ رأى أنه لامنجا له من القتل أو الهرب غيره فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه .
فمالت إلى المصاحف قلوب من بقي من أصحابي بعد فناء خيارهم وجهدهم في جهاد أعداء الله وأعدائهم على بصائرهم فظنوا أن ابن آكلة الاكباد له الوفاء بما دعا إليه فأصغوا إلى دعوته وأقبلوا بأجمعهم في إجابته فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص معه وأنهما إلى النكث أقرب منهما إلى الوفاء فلم يقبلوا قولي ولم يطيعوا أمري وأبوإلا إجابته كرهت أم هويت شئت أو أبيت حتى أخذ بعضهم يقول لبعض : إن لم يفعل فألحقوه بابن عفان أو إدفعوه إلى ابن عند برمته .
فجهدت - علم الله جهدي ولم أدع علة في نفسي إلا بلغتها - في أن يخلوني ورأيي فلم يفعلوا وراودتهم على الصبر على مقدار فواق الناقة أو ركضة الفرس فلم يجيبوا ما خلا هذا الشيخ - وأومئ بيده إلى الااشتر - وعصبة من أهل بيتي فوالله ما منعنى أن أمضى على بصيرتى إلا مخالفة أن يقتل هذان

[320]


- وأومئ بيده إلى الحسن والحسين - فينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته من أمته ومخافة أن يقتل هذا وهذا وأومئ بيده إلى عبدالله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما ( 1 ) فإني أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف فلذلك صبرت على ما أراد القوم مع ما سبق فيه من علم الله عزوجل .
فلما رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الامور وتخيروا الاحكام والآراء وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن وما كنت أحكم في دين الله أحدا إذ كان التحكيم في ذلك الخطأ الذي لاشك فيه ولاامتراء .
فلما أبوا إلا ذلك أردت أن أحكم رجلا من أهل بيتي أو رجلا ممن أرضى رأيه وعقله وأثق بنصيحته ومودته ودينه وأقبلت لا أسمي أحدا الا امتنع منه ابن هند ولا أدعوه إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه ، وأقبل ابن عند يسومنا عسفا وما ذاك إلا باتباع أصحابي له على ذلك .
فلما أبوإلا غلبتي على التحكيم تبرأت إلى الله عزوجل منهم وفوضت ذلك إليهم فقلدوه إمرءا فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الارض وغربها وأظهر المخدوع عليها ندما .
بيان [ قوله عليه السلام : ] ( وفي أمانة حملناها ) إشارة إلى أن الامانة في قوله تعالى * ( إنا عرضنا الامانة ) * هي الخلافة كما مر وسيأتي وكونه حاكما أن

________________________________________________________
( 1 ) قد ذكرنا في بعض تحقيقاتنا أن إرجاع الاشارة في قوله عليه السلام ثانيا : ( هذا وهذا ) إلى ابن جعفر وابن الحنفية من سهو الرواة ، إذ لو كان لامير المؤمنين عليه السلام ملا الدنيا مثل عبدالله بن جعفر ومحمد بن الحنفية لكان يفادي بهم في سبيل الله ويحارب بهم أعداء ولو يهلكون في تلك الحروب ويقطع شافتهم ! ! وأما الحسن والحسين عليهما السلام بما أنهما كانا غصني شجرة النبوة ونسل رسول الله منحصر فيما وهما أبوالائمة من ذرية رسول الله فأميرالمؤمنين كان مأمورا بحفظهما ووقايتهما عن التلف حتى لاينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله عن صفحة العالم كي يتم بهم حجة الله على الاولين والآخرين .