[ 31 ]


السلام فإن قال : علي غسل عنه الدم وسقاه من الماء ، وإن سكت وجأه بسكين حتى يموت قال : فكان يسمى المخضخض .
وعن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن الاحنف بن قيس قال : والله إني إلى جانب عمار فتقدمنا حتى إذا دنونا من هاشم بن عتبة قال له عمار : احمل فداك أبي وأمي ونظر عمار إلى رقة في الميمنة فقال له هاشم : رحمك الله يا عمار إنك رجل تأخذك خفة في الحرب وإني إنما أزحف باللواء زحفا وأرجو أن أنال بذلك حاجتي وإني إن خففت لم آمن الهلكة وقد قال معاوية لعمرو : ويحك يا عمرو إن اللواء مع هاشم كأنه يرقل به إرقالا و إن زحف به زحفا إنه لليوم الاطول لاهل الشام ( 1 ) فلم يزل به عمار حتى حمل فبصر به معاوية فوجه إليه جملة أصحابه ومن برز بالناس منهم في ناحيته وكان في ذلك الجمع عبدالله بن عمرو ومعه سيفان قد تقلد بواحد وهو يضرب بالآخر وأطافت به خيل علي فقال عمرو : يا الله يا رحمان ابني ابني وكان يقول معاوية : اصبر اصبر فإنه لا بأس عليه قال عمرو : لو كان يزيد إذا لصبرت ولم يزل حماة أهل الشام يذبون عنه حتى نجا هاربا على فرسه ومن معه وأصيب هاشم في المعركة .
قال : وقال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص : والله إن هذه الراية قد قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن .
وساق الحديث نحو رواية الاختصاص إلى قوله : فأما أبوالعادية فطعنه وأما ابن جوين فإنه اجتز رأسه فقال ذو الكلاع لعمرو : ويحك ما هذا ؟ قال عمرو إنه سيرجع إلينا وذلك قبل أن يصاب عمار فأصيب عمار مع علي وأصيب ذو الكلاع مع معاوية .

________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الظاهر ، وفي أصلي كان لفظ : ( إن ) في قوله : ( إن زحف به ) مشطوبا ، وكان فيه أيضا : ( لليوم أطول لاهل الشام ) .
وفي كتاب صفين ص 340 : ( وقد كان قال معاوية لعمرو : ويحك إن اللواء اليوم مع هاشم بن عتبة وقد كان من قبل يرقل به .
.
) .

[ 32 ]


فقال عمرو : والله يا معاوية : ما أدري بقتل أيهما أنا اشد فرحا والله لو بقي ذوالكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة قومه ولافسد علينا جندنا .
قال : فكان لايزال رجل يجئ فيقول : أنا قتلت عمارا فيقول له عمرو : فماه سمعتموه يقول فيخلطون حتى أقبل [ ابن ] جوين فقال : أنا قتلت عمارا
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 32 سطر 5 الى ص 40 سطر 5 فقال له عمرو : فما كان آخر منطقه ؟ قال : سمعته يقول : اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه .
فقال له عمرو : صدقت أنت صاحبه أما والله ما ظفرت بذلك ولكن أسخطت ربك ( 1 ) .
وعن عمرو بن شمر عن إسماعيل السدي عن عبد خير الهمداني قال : نظرت إلى عمار بن ياسر رمى رمية فأغمي عليه ولم يصل الظهر والعصر ولا المغرب ولاالعشاء ولاالفجر ثم أفاق فقضاهن جميعا يبدأ بأول شئ فاته ثم التي تليها .
وعن عمرو بن شمر عن السدي عن ابن حريث قال : أقبل غلام لعمار بن ياسر اسمه راشد يحمل شربة من لبن فقال عمار : أما إني سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله [ قال ] : إن آخر زادك من الدنيا شربة لبن .
وعن عمرو بن شمر عن السدي عن يعقوب بن الاوسط قال : احتج رجلان بصفين في سلب عمار بن ياسر وفي قتله فأتيا عبدالله بن عمرو بن العاص فقال لهما : ويحكما أخرجا عني فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ولعت قريش بعمار مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قاتله وسالبه في النار [ قال : ] فبلغني أن معاوية قال : ( إنما قتله من أخرجه ! يخدع بذلك طعام أهل الشام .
وعن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الزبير عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن ابن سمية لم يخير بين أمرين قط إلا اختار

________________________________________________________
( 1 ) كذا في الاصل المطبوع ، وفي كتاب صفين ط معصر ، ص 342 : ( أما والله ما ظفرت يداك .
.
) .

[ 33 ]


أشدهما ( 1 ) وفي حديث عمر بن سعد قال : حل عمار بن ياسر وهو يقول : كلا ورب البيت لا أبرح أجي * حتى أموت أو أرى ما أشتهي أنا مع الحق أقاتل مع علي * صهر النبي ذي الامانات الوفي إلى آخر الابيات .
قال : فضربوا أهل الشام حتى اضطروهم إلى الفرات .
قال : ومشى عبدالله بن سويد سيد جرش إلى ذي الكلاع فقال له : لم جمعت بين الرجلين ؟ قال : لحديث سمعته من عمرو ذكر أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية .
فخرج عبدالله بن عمر العبسي وكان من عباد أهل زمانه ليلا فأصبح في عسكر علي عليه السلام فحدث الناس بقول عمرو في عمار فلما سمع معاوية هذا القول بعث إلى عمرو فقال : أفسدت علي أهل الشام أكل ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله تقوله ؟ فقال عمرو : قلتها ولست والله أعلم الغيب ولاأدري أن صفين تكون وعمار خصمنا ( 2 ) وقد رويت أنت فيه مثل الذي رويت فيه فاسأل أهل الشام .
فغضب معاوية وتنمر لعمرو ومنعه خيره فقال عمرو : لاخير لي في جوار معاوية إن تجلت هذه الحرب عنا وكان عمرو حمي الانف فقال في ذلك :

________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الطاهر المذكور في كتاب صفين ، وفي ط الكمباني من كتاب البحار : ( إلا اختار أشدهما ) .
( 2 ) هذا هو الظاهر لمقتضى الحال وسياق الكلام ، وفي كتاب صفين ط مصر ، وشرح المختار : ( 124 ) من نهج البلاغة من ابن أبي الحديد : ج 2 ص 812 ط بيروت نقلا عن نصر بن مزاحم : ( قلتها ولست أعلم الغيب ولا أدري أن صفين تكون ، قلتها وعمار يومئذ لك ولي ، وقد رويت أنت فيه مثل .
.
) .

[ 34 ]


تعاتبني أن قلت شيئا سمعته * وقد قلت لو أنصفتني مثله قبلي وما كان لي علم بصفين إنها * تكون وعمار يحث على قتلي فلو كان لي بالغيب علم كتمتها * وكابدت أقواما مراجلهم تغلي إلى آخر الابيات .
ثم أجابه معاوية بأبيات تشمل على الاعتذار فأتاه عمرو وأعتبه وصار أمرهما واحدا .
ثم إن عليا عليه السلام دعا هاشم بن عتبة ومعه لواءه وكان أعور وقال : حتى متى تأكل الخبز وتشرب الماء ؟ فقال هاشم : لاجهزن أن لا أرجع إليك أبدا ( 1 ) قال علي عليه السلام : إن بإزائك ذا الكلاع وعنده الموت الاحمر فتقدم هاشم وتعرض له صاحب لواء ذي الكلاع فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله وكثرت القتلى فحمل ذو الكلاع فاجتلد الناس فقتلا جميعا .
وأخذ ابن هاشم اللواء فأسر أسرا فأتي بمعاوية فلما دخل عليه وعنده عمرو بن العاص قال : يا أميرالمؤمنين هذا المختال ابن المرقال فدونك الضب اللاحظ ( 2 ) فإن العصا من العصية وإنما تلد الحية حية وجزاء السيئة سيئة .
فقال له ابن هاشم : ما أنا بأول رجل خذله قومه وأدركه يومه قال معاوية : تلك ضغائن صفين وما جنا عليك أبوك ! فقال عمرو : يا أمير

________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ، وفي كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد : ( لاجهدن .
.
) وهو أظهر .
( 2 ) كذا في أصلي من طبع الكمباني من كتاب بحار الانوار ، وهذا إيجاز واختصار مخل ، وإليك لفظ نصر بن مزاحم في آخر الجزء الخامس من كتاب صفين ص 348 ط مصر : [ قال ] نصر : حدثنا عمرو بن شمر قال : لما انقضى أمر صفين وسلم الامر الحسن عليه السلام إلى معاوية [ و ] وفدت عليه الوفود ، أشخص عبدالله بن هاشم إليه أسيرا ، فلما أدخل عليه مثل بين يديه وعنده عمرو بن العاص فقال : يا أميرالمؤمنين هذا المختال ابن المرقال ، فدونك الضب المضب المغتر المفتون ، فإن العصى من العصية .
.
والضب : اللصوق بالارض ، والمضب : الذي يلزم الشئ لايفارقه .

[ 35 ]


المؤمنين أمكني منه فأشخب أوداجه على أثباجه ؟ ! فقال له ابن هاشم : أفلا كان هذا يا ابن العاص حين أدعوك إلى البراز وقد ابتلت اقدام الرجال من نقع الجريال ( 1 ) إذ تضايقت بك المسالك وأشرفت فيها على المهالك وأيم الله لولا مكانك منه لنشبت لك مني خافية أرميك من خلالها بأحد من وقع الاثافي ( 2 ) فإنك لاتزال تكثر في دهشك وتخبط في مرسك تخبط العشواء في الليلة الحندس الظلماء .
قال : فأعجبت معاوية ما سمع من كلام ابن هاشم فأمر به إلى السجن وكف عن قتله .
وعن عمرو بن شمر عن السدي عن عبد خير قال : لما صرع هاشم مر عليه رجل وهو صريع بين القتلى فقال له : اقرأ أميرالمؤمنين السلام ورحمة الله وقل له أنشدك الله إلا أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى فإن الدبرة تصبح غدا لمن غلب على القتلى ( 3 ) فأخبر الرجل عليا بذلك فسار علي عليه السلام في بعض الليل حتى جعل القتلى خلف ظهره وكانت الدبرة له عليهم .
وعن عمرو بن سعد ( 4 ) عن رجل عن أبي سلمة أن هاشم بن عتبة دعا في

________________________________________________________
( 1 ) في كتاب صفين : من نقيع الجريال .
وفي تاج العروس : ( الجريال ) بالكسر ، صبغ أحمر وكما سيأتي عند بيان المصنف .
( 2 ) كذا في أصلي وسيأتي قريبا عند بيان المصنف تفسيره ، وفي شرح ابن أبي الحديد : ج 2 ص 814 : ( الاشافي ) قيل : هي جمع ( إشفي ) وهو مخصف الاسكاف .
هذا هو الظاهر المذكور في شرح المختار : ( 83 ) من نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد : ج 2 ص 278 ، وفي ط الحديث بيروت : ج 2 ص 815 .
( 4 ) كذا في أصلي ، وفي كتاب صفين ص 353 : ( نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن رجل عن أبي سلمة .
.
) .
وفي شرح المختار : ( 124 ) من نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد : ج 2 ص 817 : ( قال نصر : حدثنا عمر بن سعد عن الشعبي عن أبي سلمة .
.
) .
والقصة ذكرها أيضا الطبري في تاريخه : ج 4 ص 30 وفي ط بيروت : ج 5 ص 42 قال : قال أبومخنف : وحدثني أبوسلمة أن هاشم بن عتبة .
.
) .

[ 36 ]


الناس عند المساء ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل [ إلي ] فأقبل إليه ناس فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مرارا فليس من وجه يحمل عليه إلا صبروا له وقوتل فيه قتالا شديدا فقال لاصحابه : لايهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما ترون منهم إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا واصبروا وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا واذكروا الله ولا يسلمن رجل أخاه ولاتكثروا الالتفات واصمدوا صمدهم وجالدوهم محتسبين حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
فقال أبوسلمة : فمضى في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا هو وأصحابه حتى رأى بعض ما يسرون به إذ خرج عليهم فتى شاب وشد يضرب بسيفه ويلعن ويشتم ويكثر الكلام فقال له هاشم : إن هذا الكلام بعده الخصام وإن هذا القتال بعده الحساب فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به قال : فإني أقاتلكم لان صاحبكم لايصلي كما ذكر لي وإنكم لاتصلون وأقاتلكم لان صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم وأزرتموه على قتله ! فقال له هاشم : وما أنت وابن عفان إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس حين أحدث أحداثا وخالف حكم الكتاب وأصحاب محمدهم أصحاب الدين وأولى بالنظر في أمور المسلمين وما أظن أن أمر هذه الامة ولا أمر هذا الدين هناك طرفة عين قط ؟ قال الفتى أجل والله لا أكذب فإن الكذب يضر ولا ينفع ويشين ولا يزين فقال له هاشم : إن هذا الامر لا علم لك به فخله وأهل العلم به .
قال : أظنك والله قد نصحتني فقال له هاشم : وأما قولك : فإن صاحبنا لايصلي فهو أول من صلى لله مع رسوله صلى الله عليه وآله وأفقهه في دين الله وأولاه برسول الله وأما من ترى معه فكلهم قارئ الكتاب لاينام الليل تهجدا فلا يغررك عن دينك الاشقياء المغرورون .
قال الفتى : يا عبدالله إني لاظنك امرءا صالحا أخبرني هل تجد لي من توبة ؟ قال : نعم تب إلى الله يتب عليك قال فذهب الفتى راجعا فقال رجل

[ 37 ]


من أهل الشام خدعك العراقي قال : لاولكن نصحني .
وقاتل هاشم هو وأصحابه قتالا شديدا حتى قتل تسعة نفر أو عشرة وحمل عليه الحارث بن المنذر فطعنه فسقط وبعث إليه علي عليه السلام أن قدم لواءك فقال للرسول : انظر إلى بطني فإذا هو قد انشق فأخذ الراية رجل من بكر بن وائل ورفع هاشم رأسه فإذا هو بعبيدالله بن عمر بن الخطاب قتيلا إلى جانبه فجثا حتى دنا منه فعض على ثديه حتى تبينت فيه أنيابه ثم مات هاشم وهو على صدر عبيدالله وضرب البكري فوقع فأبصر عبيدالله فعض على ثديه الآخر ومات أيضا فوجدا جميعا ماتا على صدر عبيدالله .
ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا وأصيب معه عصابة من أسلم من القراءة فمر عليهم علي عليه السلام وهم قتلى حوله فقال : جزى الله خيرا عصبة أسلمية * صباح الوجوه صرعوا حول هاشم يزيد وعبدالله بشر ومعبد * وسفيان وابنا هاشم ذي المكارم وعروة لايبعد ثناه وذكره * أذا اخترط البيض الخفاف الصوارم ثم قام عبدالله بن هاشم وأخذ الراية .
ثم ساق الحديث إلى قوله : فأمرهم علي عليه السلام بالغدو إلى القوم فغاداهم إلى القتال فانهزم أهل الشام وقد غلب أهل العراق على قتلى أهل حمص وغلب أهل الشام على قتلى أهل العالية وانهزم عتبة بن أبي سفيان حتى أتى الشام .
ثم إن عليا عليه السلام أمر مناديه فنادى في الناس أن اخرجوا إلى مصافكم فخرج الناس إلى مصافهم واقتتل الناس إلى قريب من ثلث الليل .
بيان : قال الجوهري : الارقال ضرب من الجنب وناقة مرقل ومرقال : إذا كانت كثيرة الارقال .
والمرقال لقب هاشم بن عتبة الزهري لان عليا عليه السلام دفع إليه الراية يوم صفين فكان يرقل بها إرقالا .
قوله : ( سامت إليه الصفوف ) في

[ 38 ]


أكثر النسخ بالسين المهملة من قولهم : سامت الابل والريح إذا مرت واستمرت أو من قولهم : سامت الطير على الشئ أي حامت ودامت وفي بعضها بالمعجمة من شاممته أي قاربته .
قوله : ( فدونك الضب ) شبهه بالضب لبيان كثرة حقده وشدة عداوته .
قال الجوهري : في المثل : أعق من ضب لانه ربما أكل حسو له .
والضب : الحقد .
تقول : أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره ورجل خب ضب أي جربز مراوغ .
وقال : في المثل : العصا من العصية أي بعض الامر من بعض .
وقال الزمخشري : في المستقصى : العصا من العصية هي فرس جزيمة والعصية أمها يضرب في مناسبة الشئ سنخه وكانتا كريمتين ويروى : العصا من العصية .
والافعى بنت حية والمعنى أن العود الكبير ينشأ من الصغير الذي غرس أولا يضرب للشئ الجليل الذي يكون في بدئه حقيرا انتهى .
والثبج بالتحريك ما بين الكاهل إلى الظهر وقال الجوهري : النقع : محبس الماء وكذلك ما اجتمع في البئر منه والمنقع الموضع يستنقع فيه الماء واستنقع الماء في الغدير أي اجتمع وثبت واستنقع الشئ في الماء على ما لم يسم فاعله .
وقال : الجريال : صبغ أحمر عن الاصمعي وجريال الذهب : حمرته والجريال : الخمر .
وجربال الخمر لونها وهنا كناية عن الدم .
قوله ( بأحد من وقع الاثافي ) لعل المراد بالاثافي هنا السمة التي تكوى بها قال الجوهري : المثفاة سمة كالاثافي وفي الاثافي مثل آخر مشهور قال في المستقصى : في الامثال ( رماه الله بثالثة - الاثافي ) يعمد إلى قطعة من الجبل فيضم إليها حجران ثم ينصب عليها القدر والمراد بثالثتها تلك القطعة وهي مثل لاكبر الشر وأفظعه وقيل معناه إنه رماه بالاثافي أثفية بعد أثفية حتى رماه الله بالثالثة فلم يبق غاية والمراد أنه رماه بالشر كله .
قوله : ( تكثر في دهشك ) أي تكثر الكلام في تحيرك وخوفك وفي بعض النسخ بالسين المهملة وهو النبت لم يبق عليه لون الخضرة والمكان السهل ليس برمل ولاتراب .
والمرسة : الحبل والجمع مرس .
وفي بعض الروايات : تكثر في هوسك وتخبط في دهسك وتنشب في مرسك .
والهوس : شدة الاكل والسوق اللين والمشى الذي يعتمد فيه صاحبه على الارض والافساد والدوران أو بالتحريك : طرف من الجنون .

[ 39 ]


الباب الرابع عشر : باب ماظهر من إعجازه عليه السلام في بلاد صفين وسائر ما وقع فيها من النوادر 

381 - لي : ماجيلويه عن علي عن أبيه عن أبي الصلت الهروي عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن حبيب بن الجهم قال : لما دخل بنا علي بن أبي طالب عليه السلام إلى بلاد صفين نزل بقرية يقال لها ( صندودا ) ثم أمرنا فعبرنا عنها ثم عرس بنا في أرض بلقع فقام إليه مالك بن الحارث الاشتر فقال : يا أميرالمؤمنين : أتنزل الناس على غير ماء ؟ فقال : يا مالك إن الله عزوجل سيسقينا في هذا المكان ماء أعذب من الشهد وألين من الزبد الزلال وأبرد من الثلج وأصفى من الياقوت فتعجبنا ولا عجب من قول أميرالمؤمنين عليه السلام ثم أقبل يجر رداءه وبيده سيفه حتى وقف على أرض بلقع فقال : يا مالك احتفر أنت وأصحابك فقال : مالك فاحتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة تبرق كاللجين فقال لنا روموها فرمناها بأجم ؟ ا ونحن مالة رجل فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها فدنا أميرالمؤمنين عليه السلام رافعا يده إلى السماء يدعو وهو يقول :

________________________________________________________
381 - رواه الشيخ الصدوق رفع الله مقامه في الحديث : ( 14 ) من المجلس : ( 34 ) من أماليه ص 155 .

[ 40 ]


( طاب طاب مربا بما لم طبيوثا بوثة شتميا كوبا جاحا نوثا توديثا برحوثا ( 1 ) آمين آمين رب العالمين رب موسى وهارون ) ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعا .
قال مالك بن الحارث الاشتر : فظهر لنا ماء أعذب من الشهد وأبرد من الثلج وأصفى من الياقوت فشربنا وسقينا ثم رد الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب .
ثم ارتحل وسرنا فما سرنا إلا غير بعيد قال : من منكم يعرف موضع العين ؟
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 40 سطر 6 الى ص 49 سطر 6 فقلنا : كلنا يا أميرالمؤمنين فرجعنا فطلبنا العين فخفي مكانها علينا أشد خفاء فظننا أن أميرالمؤمنين عليه السلام قد رهقه العطش فأومانا بأطرافنا فإذا نحن بصومعة راهب فدنونا منها فإذا نحن براهب قد سقطت حاجباه على عينيه من الكبر فقلنا : يا راهب أعندك ماء نسقي منه صاحبنا ؟ قال : عندي ماء قد استعذبته منذ يومين فأنزل إلينا ماءا مرا خشنا فقلنا : هذا قد استعذبته منذ يومين ؟ فكيف ولو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا وحدثناه بالامر فقال : صاحبكم هذا نبي ؟ قلنا : لا ولكنه وصي نبي .
فنزل إلينا بعد وحشته منا وقال : انطلقوا بي إلى صاحبكم فانطلقنا به فلما بصر به أميرالمؤمنين عليه السلام قال : شمعون قال الراهب : نعم شمعون هذا اسم سمتني به أمي ما اطلع عليه أحد إلا الله تبارك وتعالى ثم أنت فكيف عرفته فأتم حتى أتمه لك .
قال : وما تشاء يا شمعون ؟ قال : هذا العين واسمه قال : هذا العين ( راحوما ) وهو من الجنة شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيا وأنا آخر الوصيين شربت منه قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي محمد صلى الله عليه وآله ثم رحل أميرالمؤمنين عليه السلام والراهب يقدمه حتى نزل بصفين ونزل معه بعابدين والتقا الصفان فكان أول من أصابته الشهادة الراهب فنزل أميرالمؤمنين عليه السلام وعيناه تهملان وهو يقول : المرء مع من أحب الراهب معنا يوم القيامة رفيقي في الجنة .
بيان : البلقع والبلقعة : الارض القفر التي لاماء بها .

________________________________________________________
( 1 ) كذا .