[391]
ثمانون من حيئ جديلة قتلوا * على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا لاحكم إلا لربنا * حنانيك فاغفر حوبنا والمساويا
هم فارقوا من جار في الله حكمه * فكل على الرحمان أصبح ثاويا
فقتله أميرالمؤمنين عليه السلام .
وخرج عبدالله ابن وهب الراسبي يقول :
أنا ابن وهب الراسبي الشاري * أضرب في القوم لاخذ الثاري
حتى تزل دولة الاشرار * ويرجع الحق إلى الاخيار
وخرج مالك بن الوضاح وقال :
إني لبائع ما يفنى بباقية * ولا أريد لدى الهيجاء ترييضا
وخرج إلى أميرالمؤمنين عليه السلام الوضاح بن الوضاح من جانب وابن
عمه حرقوص من جانب فقتل [ أمير المؤمنين ] الوضاح وضرب ضربة على رأس
الحرقوص فقطعه ووقع رأس سيفه على الفرس فشرد ورجله في الركاب حتى
أوقعه في دولاب خراب فصارت الحرورية كرماد اشتدت به الريح في يوم
عاصف .
فكان المقتولون من أصحاب علي عليه السلام رؤبة بن وبر البجلي ورفاعة بن
وائل الارحبي والفياض بن خليل الازدي وكيسوم بن سلمة الجمحي
وحبيب بن عاصم الازدي إلى تمام تسعة .
وانفلت من الخوارج تسعة كما تفدم ذكره وكان [ ذلك ] لتسع خلون من
صفر سنة ثمان وثلاثين .
أبونعيم الاصفهانى عن سفيان الثوري أن أميرالمؤمنين عليه السلام أمر
أن يفتش عن المخدج بين القتلى فلم يجدوه فقال رجل : والله ما هو فيهم فقال
عليه السلام : والله ما كذبت ولا كذبت .
تاريخ الطبري وإبانة ابن بطة وسنن أبي داود ومسند أحمد عن عبد
[392]
الله بن أبي رافع وأبي موسع الويلي وجندب وأبي الوضي واللفظ له قال : [ قال ]
علي عليه السلام : اطلبوا المخدج فقالوا : لم نجده فقال : والله ما كذبت ولا
كذبت يا عجلان ائتني ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فأتاه بالبغلة فركبها
وجال في القتلى ثم قال : اطلبوه هاهنا .
فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين .
وفي رواية أبي نعيم عن سفيان : فقيل قد أصبناه فسجد لله تعالى
فنصبها .
تاريخ القمي أنه رجل أسود عليه شعرات عليه قريطق نحدج اليد إحدى
ثدييه كثدي المرأة عليه شعيرات مثل ما يكون على ذنب اليربوع .
وفي مسند الموصلي حبشي مثل البعير في منكبه مثل ثدي المرأة فقال :
صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله .
وفي رواية أبي داود وابن بطة أنه قال علي عليه السلام من يعرف هذا ؟
فلم يعرفه أحد فقال رجل : أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت : إلى أين تريد ؟
فقال : إلى هذه وأشار إلى الكوفة وما لي بها معرفة فقال علي عليه السلام
صدق هو من الجان .
وفي رواية [ أخرى ] هو من الجن .
وفي رواية أحمد قال أبوالوضئ : لا يأتينكم أحد يخبركم من أبوه ؟ قال
فجعل الناس يقولون : هذا ملك هذا ملك هذا ملك ويقول علي ابن من ؟ .
وفي مسند الموصلي في حديث : من قال من الناس : إنه رآه قبل مصرعه
فإنه كاذب .
وفي مسند أحمد بإسناده عن أبي الوضئ أنه قال قال علي عليه السلام :
أما إن خليلي أخبرني بثلاثة أخوة من الجن هذا أكبرهم والثاني له جمع كثير
والثالث فيه ضعف .
إبانة ابن بطة أنه ذكر المقتول بالنهروان فقال سعد بن أبي وقاص هو
[393]
شيطان الردهة .
زاد أبويعلى في المسند : شيطان ردهة رجل من بجيلة يقال له الاشهب أو
ابن الاشهب علامة في قوم ظلمة .
محمد بن عبدالله الرعيني بإسناده عن علي عليه السلام أنه لما انصرف من
صفين خاض الناس في أمر الحكمين فقال بعض الناس ما يمنع أميرالمؤمنين
عليه السلام من أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلم ؟ فقال للحسن : قم يا حسن
فقل في هذين الرجلين عبدالله بن قيس وعمرو بن العاص فقام الحسن فقال :
إيها الناس إنكم قد أكثرتم في أمر عبدالله بن قيس وعمرو بن العاص
فإنما بعثا ليحكما بكتاب الله فحكما بالهوى على الكتاب ومن كان هكذا لم يسم
حكما ولكنه محكوم عليه وقد أخطأ عبدالله بن قيس في أن أوصى بها إلى عبد
الله بن عمر فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال في أن أباه لم يرضه لها ، وفي أنه لم
يستأمره وفي أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والانصار الذين نفذوها لمن بعده وإنما
الحكومة فرض من الله وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وآله سعدا في بني
قريظة فحكم فيهم بحكم الله لاشك فيه فنفذ رسول الله صلى الله عليه وآله
حكمه ولو خالف ذلك لم يجره ثم جلس .
ثم قال علي عليه السلام لعبدالله بن العباس قم فتكلم فقام وقال :
أيها الناس إن للحق أهلا أصابوه بالتوفيق والناس بين راض به وراغب
عنه وإنما بعث عبدالله بن قيس بهدي إلى ضلالة وبعث عمرو بن العاص
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 393 سطر 19 الى ص 401 سطر 18
بضلالة إلى الهدى فلما التقيا رجع عبدالله عن هداه وثبت عمرو على ضلالته
والله لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه وإن حكما بما اجتمعا عليه معا ما
اجتمعا على شئ وإن كنا حكما بما سارا إليه لقد سار عبدالله وإمامه علي وسار
عمرو وإمامه معاوية فما بعد هذا من غيب ينتظر ، ولكنهم سئموا الحرب
وأحبوا البقاء ودفعوا البلاء ورجا كل قوم صاحبهم ثم جلس .
[394]
ثم قال لعبدالله بن جعفر قم فتكلم فقام عبدالله وقال :
أيها الناس إن هذا الامر كان النظر فيه إلى علي والرضا فيه لغيره فجئتم
بعبدالله بن قيس فقلتم : لانرضى إلا بهذا فارض به فإنه رضانا وأيم الله ما
استفدناه علما ولا انتظرنا منه غائبا ولا أملنا ضعفه ولا رجونا به صاحبه ولا
أفسد بما عملا العراق ولا أصلحا الشام ولا أماتا حق علي ولا أحييا باطل
معاوية ولا يذهب الحق رقية راق ولا نفحة شيطان وإنا اليوم لعلى ما كنا عليه
أمس وجلس .
نوف البكالي عن أمير المؤمنين أنه نادى بعد الخطبة بأعلا صوته الجهاد
الجهاد عبدالله ألا وإني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله
فليخرج .
قال نوف وعقد للحسين عليه السلام في عشرة آلاف ولقيس بن سعد في
عشرة آلاف ولابي أيوب الانصاري في عشرة آلاف ولغيرهم على أعداد اخر وهو
يريد الرجعة إلى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه
الله فتراجعت العساكر .
بيان : قال في النهاية : في حديث منصور : وجاء الغلام وعليه قرطق
أبيض أي قباء وهو تعريب ( كرته ) وقد تضم طائه وإبدال القاف من الهاء في
الاسماء المعربة كثير ومنه حديث الخوارج : ( كأني أنظر إليه حبشي عليه
قريطق ) هو تصغير قرطق .
620 - كشف قال ابن طلحة : لما عاد أميرالمؤمنين من صفين إلى
الكوفة بعد إقامة الحكمين أقام ينتظر انقضاء المدة التي بينه وبين معاوية ليرجع
إلى مقاتلته والمحاربة إذ انخزلت طائفة من خاصة أصحابه في أربعة آلاف
فارس وهم العباد والنساك فخرجوا من الكوفة وخالفوا عليا عليه السلام
________________________________________________________
619 - رواه الاربلي رحمه الله في آخر عنوان : ( فأما حروبه في زمن خلافته .
.
) من كتاب
كشف الغمة : ج 1 ، ص 264 ط بيروت .
[395]
وقالوا : لاحكم إلا لله ولا طاعة لمن عصى الله .
وانحاز إليهم نيف عن ثمانية آلاف ممن يرى رأيهم فصاروا إثنى عشر ألفا
وساروا إلى أن نزلوا بحروراء وأمروا عليهم عبدالله بن الكواء .
فدعا علي عليه السلام عبدالله بن عباس رضي الله عنه فأرسله إليهم
فحادثهم فلم يرتدعوا وقالوا : ليخرج إلينا علي بنفسه لنسمع كلامه عسى أن
يزول ما بأنفسنا إذا سمعناه .
فرجع ابن عباس فأخبره فركب في جماعة ومضى إليهم فركب ابن الكواء
في جماعة منهم فواقفه فقال له علي عليه السلام : يا ابن الكواء إن الكلام كثير
فابرز إلي من أصحابك لاكلمك فقال : وأنا آمن من سيفك فقال : نعم فخرج
إليه في عشرة من أصحابه فقال له علي عليه السلام عن الحرب مع معاوية
وذكر له رفع المصاحف على الرماح وأمر الحكمين وقال :
ألم أقل لكم إن أهل الشام يخدعونكم بها فإن الحرب قد عضتهم فذروني
أنا جزهم فأبيتم .
ألم أرد أن أنصب ابن عمي حكما وقلت : إنه لاينخدع فأبيتم إلا أبا
موسى ؟ ! وقلتم : رضينا به حكما فأجبتكم كارها ولو وجدت في ذلك الوقت
أعوانا غيركم لما أجبتكم وشرطت على الحكمين بحضوركم أن يحكما بما أنزل
الله من فاتحته إلى خاتمته والسنة الجامعة وإنهما إن لم يفعلا فلا طاعة لهما علي كان
ذلك أو لم يكن ؟
قال ابن الكواء : صدقت قد كان هذا كله فلم لا ترجع الآن إلى حرب
القوم ؟ فقال : حتى تنقضي المدة التي بيننا وبينهم قال ابن الكواء : وأنت مجمع
على ذلك ؟ قال : نعم لايسعني غيره .
فعاد ابن الكواء والعشرة الذين معه إلى أصحاب علي عليه السلام
راجعين عن دين الخوارج .
وتفرق الباقون وهم يقولون : ( لا حكم إلا لله ) وأمروا عليهم عبد
[396]
الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية وعسكروا
بالنهروان .
وخرج [ إليهم علي عليه السلام ] فسار حتى بقي على فرسخين منهم
وكاتبهم وراسلهم فلم يرتدعوا فأركب إليهم ابن عباس وقال : سلهم ما الذي
نقموه وأنا ردفك فلا تخف منهم فلما جاءهم إبن عباس قال : ما الذي نقمتم
من أمير المؤمنين ؟ قالوا : نقمنا أشياء لو كان حاضرا لكفرناه بها وعلي عليه
السلام وراءه يسمع ذلك فقال ابن عباس : يا أميرالمؤمنين قد سمعت
كلامهم وأنت أحق بالجواب .
فتقدم وقال : أيها الناس أنا علي بن أبي طالب
فتكلموا بما نقمتم علي ؟ فقالوا : نقمنا عليك أولا : أنا قاتلنا بين يديك
بالبصرة فلما أظفرك الله بهم أبحتناما في عسكرهم ومنعتنا النساء والذرية فكيف
حل لنا ما في العسكر ولم تحل لنا النساء ؟ فقال لهم علي عليه السلام : يا
هؤلاء إن أهل البصرة قاتلونا وبدؤنا بالقتال فلما ظفرتم إقتسمتم سلب من
قاتلكم ومنعتكم من النساء والذرية فإن النساء لم يقاتلن والذرية ولدوا على
الفطرة ولم ينكثوا ولا ذنب لهم ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله من
على المشركين فلا تعجبوا إن مننت على المسلمين فلم أسلب نساءهم ولا
ذريتهم .
وقالوا نقمنا عليك يوم صفين كونك محوت اسمك من امرة المؤمنين فإذا
لم تكن أميرنا فلا نطيعك ولست أميرا لنا .
فقال : يا هؤلاء إنما اقتديت برسول الله صلى الله عليه وآله حين صالح
سهيل بن عمرو ( 1 )
قالوا : فإنا نقمنا عليك أنك قلت للحكمين : ( أنظرا كتاب الله فإن كنت
________________________________________________________
( 1 ) وبعد هذا كان في أصلي : ( وقد تقدمت [ قصته ] ) .
وبما أن هذه الجملة من كلام صاحب كشف
الغمة - وليست جزا للقصة والرواية - حذفناها .
[397]
أفضل من معاوية فاثبتاني في الخلافة ) فإذا كنت شاكا في نفسك فنحن فيك
أشد وأعظم شكا !
فقال عليه السلام : إنما أردت بذلك النصفة فإني لو قلت أحكما لي وذرا
معاوية لم يرض ولم يقبل ولو قال النبي صلى الله عليه واله لنصارى نجران لما
قدموا عليه : تعالوا حتى نبتهل واجعل لعنة الله عليكم لم يرضوا ولكن
أنصفهم من نفسه كما أمره الله تعالى فقال : * ( فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) *
فأنصفهم عن نفسه فكذلك فعلت أنا ولم أعلم بما أراد عمرو بن العاص من
خدعه أبا موسى .
قالوا : فإنا نقمنا عليك أنك حكمت حكما في حق هولك .
فقال : إن رسول الله حكم سعد بن معاذ في بني قريظة ولو شاء لم يفعل
وأنا اقتديت به فهل بقي عندكم شئ ؟ .
فسكتوا وصاح جماعة منهم من كل ناحية التوبة التوبة يا أميرالمؤمنين
واستأمن إليه ثمانية آلاف وبقي على حربه أربعة آلاف فأمر عليه السلام
المستأمنين بالاعتزال عنهم في ذلك الوقت وتقدم بأصحابه حتى دنا منهم وتقدم
عبدالله بن وهب وذو الثدية حرقوص وقالا : ما نريد بقتالنا إياك إلا وجه الله
والدار الآخرة فقال علي عليه السلام : ( هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين
ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) .
ثم التحم القتال بين الفريقين واستعر الحرب بلظاها وأسفرت عن زرقة
صبحها وحمرة ضحاها فتجدلوا وتجالدوا بألسنة رماحها وحداد ظباها فحمل
فارس من الخوارج يقال له الاخنس الطائي وكان شهد صفين مع علي عليه
السلام فحمل وشق الصفوف يطلب عليا عليه السلام فبدره علي بضربة فقتله
فحمل ذو الثدية ليضرب عليا فسبقه علي عليه السلام وضربه ففلق البيضة
ورأسه فحمله فرسه وهو لما به فألقاه في آخر المعركة في حرف دالية على شط
النهروان وخرج من بعده ابن عمه مالك بن الوضاح وحمل على علي عليه السلام
[398]
فضربه [ علي ] فقتله .
وتقدم عبدالله بن وهب الراسبي فصاح يا ابن أبي طالب والله لانبرح
من هذه المعركة أو تأتي على أنفسنا أو تأتي على نفسك فابرز إلي وأبرز إليك
وذر الناس جانبا .
فلما سمع علي عليه السلام كلامه تبسم وقال : قاتله الله من رجل ما أقل
حياؤه أما إنه ليعلم أني حليف السيف وخدين الرمح ولكنه قد يئس من الحياة
أو أنه ليطمع طمعا كاذبا ثم حمل على علي عليه السلام فضربه [ علي ] وقتله
وألحقه بأصحابه القتلى واختلطوا فلم يكن إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم وكانوا
أربعة آلاف فما أفلت منهم إلا تسعة أنفس رجلان هربا إلى خراسان إلى أرض
سجستان وبها نسلهما ورجلان صارا إلى بلاد عمان وبها نسلهما ورجلان صارا
إلى اليمن وفيها نسلهما وهم الاباضية ورجلان صارا إلى بلاد الجزيرة إلى
موضع يعرف بالسن والبوازيج وإلى شاطئ الفرات وصار آخر إلى تل موزن .
وعنم أصحاب علي عليه السلام غنائم كثيرة وقتل من أصحاب علي عليه
السلام تسعة بعدد من سلم من الخوارج وهي من جملة كرامات علي عليه
السلام فإنه قال : نقتلهم ولا يقتل منا عشرة ولا يسلم منهم عشرة .
فلما قتلوا قال علي عليه السلام : التمسوا المخدج .
فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي
عليه السلام بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض فقال :
أخروهم فوجدوه مما يلي الارض فكبر علي عليه السلام وقال صدق الله وبلغ رسوله .
قال أبوالوضئ فكأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق إحدى يديه مثل
ثدي المرأة عليها شعرات مثل شعر ذنب اليربوع .
وهذا أبوالوضئ هو عباد بن نسيب القيسي تابعي يروي عنه هذا القول
أبوداود في سننه كما قال ( 1 ) .
________________________________________________________
( 1 ) رواه أبوداود في عنوان : [ قتال الخوارج ] في آخر كتاب السنة تحت الرقم : ( 4769 )
من سننه : ج 4 ص 245 ط دارالفكر بيروت .
[399]
بيان : انخزلت : انقطعت .
وانحاز القوم : تركوا مركزهم إلى آخر .
والخدين الصديق .
وقال [ الفيروز آبادي ] في القاموس السن جبل بالمدينة وموضع بالري
وبلد على دجلة وقال : ( بوازيج ) بلد قرب تكريت .
620 - إرشاد القلوب : خرج أميرالمؤمنين عليه السلام
ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجها إلى داره وقد مضى ربع من الليل
ومعه كميل بن زياد وكان من خيار شيعته ومحبيه فوصل في الطريق إلى باب
رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت ويقرأ قوله تعالى : ( * ( أمن هو قانت آناء
الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين
يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر أولوا الالباب ) * بصوت شجي حزين
فاستحسن كميل ذلك في باطنه وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئا
فالتفت صلوات الله عليه وآله إليه وقال : يا كميل لاتعجبك طنطنة الرجل
إنه من أهل النار وسأنبئك فيما بعد ! فتحير كميل لمكاشفته له على ما في باطنه
ولشهادته بدخول النار مع كونه في هذا الامر وتلك الحالة الحسنة ومضى مدة
متطاولة إلى أن آل حال الخوارج إلى ما آل وقاتلهم أميرالمؤمنين عليه السلام
وكانوا يحفظون القرآن كما أنزل فالتفت أميرالمؤمنين عليه السلام إلى كميل بن
زياد وهو واقف بين يديه والسيف في يده يقطر دما ورؤس أولئك الكفرة الفجرة
محلقة على الارض فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرؤوس وقال : يا
كميل ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ) أي هو ذلك الشخص الذي
كان يقرأ القرآن في تلك الليلة فأعجبك حاله فقبل كميل قدميه واستغفر الله
وصلى على مجهول القدر .
621 - فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي وائل السهمي قال :
________________________________________________________
620 - رواه الديلمي رحمه الله في كتاب ارشاد القلوب : ج 2 ص 226 .
ط بيروت .
621 - رواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسير الآية : ( 6 ) من سورة الانفال من تفسيره
ص 50 ط 1 .
[400]
خرجنا مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فلما انتهينا إلى النهروان
قال : وكنت شاكا في قتالهم فضربت بفرسي فاقحمته في أشجار كانت هناك
قال : فوالله لكأنه علم ما في قلبي فأقبل يسير على بغلة النبي صلى الله عليه
وآله حتى نزل بتلك الاشجار فنزل فوضع فرشه ثم جلس عليه ثم احتبا
بحمائل سيفه فأنا أراه ولا يراني إذ جاءه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين ما
يجلسك فقد عبر القوم النهر ؟ قال : كذبت لم يعبروا قال : فرجع ثم جاء آخر
قال : يا أمير المؤمنين ما يجلسك فقد عبر القوم النهر وقتلوا فلانا وفلانا قال :
كذبت لم يعبروا والله لا يعبرون حتى أقتلهم عهد من الله ومن رسوله قال : ثم
دعا بفرس فركبه فقلت : ما رأيت كاليوم والله لئن كان صادقا لاضربن بسيفي
حتى ينقطع قال : ولما جازني اتبعته فانتهينا إلى القوم فإذا هم يريدون العبور
فشد عليهم رجل يقال له معين أو مغيث فعرض رمحه على القنطرة فرد القوم
ثم إن عليا عليه السلام صاح بالقوم فتنحوا قال : ثم حملوا علينا فانهزمنا وهو
واقف ثم التفت إلينا فقال : ما هذا ( كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون )
[ 6 / الانفال : 8 ] قلنا أو ليس إلى الموت نساق ؟ قال : شدوا الاضراس
وأكثروا الدعاء واحملوا على القوم قال ففعلنا فوالله ما انتصف النهار ومنهم أحد
يخبر عن أحد .
قال : فلما رأى الناس ذلك عجبوا من قوله فقال : أيها الناس إن رسول
الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن في هؤلاء القوم رجلا مخدج اليد فأقبل يسير
حتى انتهينا إلى جوبة قتلى فقال : ارفعوهم فرفعناهم فاستخرجنا الرجل فمددنا
المخدجة فاستوت مع الصحيحة ثم خليناها فرجعت كما كانت .
فلما رأى الناس قد عجبوا قال : أيها الناس إن فيه علامة أخرى في يده
________________________________________________________
وفي معناه ما رواه الشيخ المفيد عن جندب بن عبدالله في كتاب الارشاد ، ص 167 ، طبع النجف .
ورواه المدائني على وجه آخر كما في شرح المختار : ( 36 ) من شرح ابن أبي
الحديد : ج 1 ، ص 463 ط بيروت ، وفي طبع مصر : ج 2 ص 271 .