[451]


المؤمنين ولاية أهل البيت عليهم السلام وهي الامانة المعروضة والاصوب ما في والاصوب [ هو ] ما في النهج .
وقال ابن ميثم : ذكر كون السموات مبنية وغيرها تنبيه للانسان على جرأته على المعاصي وتضييع هذه الامانة إذ أهل لها وحملها وتعجب منه في ذلك .
وقوله : ( ولو امتنع شئ ) الخ إشارة إلى أن امتناعهن لم يكن لعزة وعظمة أجساد ولا استكبار عن الطاعة وأنه لو كان كذلك لكانت أولى بالمخالفة لاعظيمة أجرامها بل إنما ذلك عن ضعف وإشفاق من خشية الله وعقلهن ما جهل الانسان .
قيل : إن الله تعالى عند خطابها خلق فيها فهما وعقلا وقيل : إن إطلاق العقل مجاز في سببه ( 1 ) وهو الامتناع عن قبول هذه الامانة .
قوله عليه السلام : ( وهو الكرة ) أي الحملة على العدو وهي في نفسها أمر مرغوب فيه أو ليس هو إلا مرة واحدة وحملة فيها سعادة الابد .
ويمكن أن يقرأ ( الكره ) بالهاء أي هو مكروه للطباع فيكون إشارة إلى قوله تعالى : * ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) * ولعله أصوب .
وقال الجوهري : زحف إليه زحفا : مشى .
والزحف : الجيش يزحفون إلى العدو .
قوله عليه السلام : ( لطف به ) الضمير راجع إلى الموصول في قوله : ( ما العباد مقترفون ) وكدم الصيد : طرده .
والفشل : الجبن .
662 - نهج : في حديثه عليه السلام أنه شيع جيشا يغزيه فقال : ( أعذبوا عن النساء ما استطعتم ) .
[ قال السيد الرضي : ] ومعناه اصدفوا عن ذكر النساء وشغل القلب بهن

________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي من البحار ، وفي طبع بيروت من شرح ابن ميثم : ( مسببه ) .
662 - رواه السيد رحمه الله تحت الرقم : ( 7 ) من غريب حكم أميرالمؤمنين قبيل المختار : ( 261 ) من الباب الثالث من نهج البلاغة .

[452]


وامتنعوا من المقاربة لهن لان ذلك يفت في عضد الحمية ويقدح في معاقد العزيمة ويكسر عن العدو ويلفت عن الابعاد في الغزو ، وكل من امتنع عن شئ فقد أعذب عنه ، والعاذب والعذوب : الممتنع عن الاكل والشرب .
663 - كا : أحمد بن محمد الكوفي عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن مفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام .
وعن [ عبدالله بن ] عبدالرحمان الاصم عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام لاصحابه : إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام واذكروا الله عزوجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع عدوكم فيه فقوه بأنفسكم .
664 - كا : العدة عن سهل عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبيه الميمون عن أبي عبدالله عليه السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام كان إذا أراد القتال قال هذه الدعوات : أللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعت فيه رضاك وندبت إليه أولياءك وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا وأحبها إليك مسلكا ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليك حقا فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه ثم وفى لك ببيعه الذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهد ولا مبدل تبديلا بل استيجابا لمحبتك وتقربا به إليك ، فاجعله خاتمة عملي وصير فيه فناء

________________________________________________________
663 - رواه ثقة الاسلام الكليني رفع الله مقامه في الحديث الخامس من الباب : ( 15 ) من كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 42 .
664 - رواه ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في الحديث الاول من الباب : ( 20 ) من كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 46 .
وللحديث مصادر أخر يجدها الباحث في ذيل المختار : ( 89 ) وما قبله من باب الدعاء من كتاب نهج السعادة : ج 6 ص 296 و 312 .

[453]


عمري وارزقني فيه لك وبه مشهدا توجب لي به منك الرضا وتحط به عني الخطايا وتجعلني في الاحياء المرزوقين بأيدي العداة والعصاة تحت لواء الحق وراية الهدى ماضيا على نصرتهم قدما غير مول دبرا ولا محدث شكا .
اللهم وأعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الاهوال ومن الضعف عند مساورة الابطال ، ومن الذنب المحبط للاعمال فاحجم من شك أو أمضى بغير يقين فيكون سعيي في تباب وعملي غير مقبول .
بيان : قوله عليه السلام : ( وبه ) عطف على فيه ولعله زيد من النساخ .
وفي كتاب الاقبال ( وارزقني فيه لك وبك مشهدا ) وهو أصوب .
وفي الصحاح : قدما بضم الدال : لم يعرج ولم ينثن .
وقال : ساوره أي واثبه .
وقال حجمته فأحجم أي كففته فكف .
وقال : التباب : الخسران والهلاك .
665 - كا : علي عن أبيه عن أحمد البزنطي [ عن معاوية بن عمار ] أبي عبدالله عليه السلام قال : كان شعارنا يوم صفين يا نصرالله .
666 - ع ابن الوليد عن الصفار عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن يحيى بن أبي العلا : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان علي لا يقاتل حتى تزول الشمس ويقول : تفتح أبواب السماء وتقبل التوبة وينزل النصر ويقول : هو أقرب إلى الليل وأجدر أن يقل القتل ويرجع الطالب ويفلت المهزوم .

________________________________________________________
665 - رواه ثقة الاسلام الكليني رفع الله مقامه في ذيل الحديث الاول من باب الشعار من كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 47 ط الآخوندي .
666 - رواه الشيخ الصدوق رفع الله مقامه في الحديث : ( 70 ) من باب النوادر وهو الباب الاخير من كتاب علل الشرائع : ج 2 ص 603 .

[454]


667 - كا علي عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله .
668 - نهج وقال لابنه الحسن عليهما السلام : لاتدعون إلى مبارزة وإن دعيت إليها فأجب فإن الداعي باغ والباغي مصروع .
بيان : مصروع أي مستحق لان يصرع ويهلك وبعيد من نصر الله سبحانه .
669 - نوادر الراوندي بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال : قال الحسن بن علي عليهما السلام كان علي عليه السلام يباشر القتال بنفسه ولا يأخذ السلب .
670 - كا : علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس .
671 - كا : علي عن أبيه عن علي بن أسباط عن عمه عن يعقوب بن سالم عن أبي الحسن العبدي عن سعد بن طريف عن ابن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ذات يوم وهو يخطب على المنبر بالكوفة : يا أيها الناس لولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ألا إن لكل غدرة فجرة ولكل فجرة كفرة ألا وان الغدر والفجور والخيانة في النار .
672 - نهج : ومن كلام له عليه السلام قاله لاصحابه في وقت الحرب :

________________________________________________________
667 - رواه الكليني نور الله مرقده في الحديث : ( 5 ) من ( باب وصية رسول الله وأمير المؤمنين ) عليه السلام في السرايا ) من كتاب الجهاد من الكافي : ج 5 ص 28 .
668 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 232 ) من قصار كلام أميرالمؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة .
669 - رواه الراوندي رحمه الله في نوادره .
670 - رواه ثقة الاسلام الكليني رفع الله مقامه في الحديث الاول من ( باب المكر والغدر .
.
) من كتاب الايمان والكفر من أصول الكافي : ج 2 ص 336 .
671 - رواه ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في الحديث الاخير من ( باب المكر والغدر .
.
) من كتاب الايمان والكفر من أصول الكافي : ج 2 ص 338 .

[455]


وأي امرء منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند اللقاء ورأى من أحد من إخوانه فشلا فليذب عن أخيه بفضل نجدته التي فضل بها عليه كما يذب عن نفسه فلو شاء الله لجعله مثله .
إن الموت طالب حثيث لايفوته المقيم ولايعجزه الهارب ، إن أكرم الموت القتل والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش .
ومنه : وكأني أنظر إليكم تكشون كشيش الضباب لاتأخذون حقا ولا تمنعون ضيما قد خليتم والطريق فالنجاة للمقتحم والهلكة للمتلوم .
ومنه : فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على الاضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للاسنة وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الاصوات فإنه أطرد للفشل ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم والمانعين الدمار منكم فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافيها ووراءها وأمامها لايتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها .
أجزأ امرء قرنه وآسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه .
وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لاتسلموا من سيف الآخرة أنتم لهاميم الهرب والسنام الاعظم إن في الفرار مجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وإن الفار لغير مزيد في عمره ولا محجوز بينه وبين يومه .
من رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء ؟ الجنة تحت أطراف العوالي اليوم تبلى

________________________________________________________
672 - رواه السيد الرضي رضوان الله عليه في المختار : ( 121 ) من كتاب نهج البلاغة .

[456]


الاخبار والله لانا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم .
اللهم فإن ردوا الحق فافضض جماعتهم وشتت كلمتهم وأبسلهم بخطاياهم إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويندر السواعد والاقدام وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر ويرجموا بالكتائب تقفوها الجائب وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس وحتى تدعق الخيول في نواحر أرضهم وبأعنان مساربهم ومسارحهم .
قال الشريف [ الرضي ] : الدعق : الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم [ و ] ( نواحر أرضهم ) متقابلاتها يقال : منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل .
تبيين : قوله عليه السلام ( أحس من نفسه ) أي علم ووجد و ( رباطة الجأش ) شدة القلب .
والذب : الدفع .
والنجدة : الشجاعة ( كما يذب عن نفسه ) أي بنهاية الاهتمام والجد ( لجعله مثله ) أي مثل أخيه في الجبن أو أخاه مثله في الشجاعة .
والحثيث : السريع .
والمقيم للموت : الراضي به كما أن الهارب عنه الساخط له ( أهون من ميتة ) إما مطلقا أو عنده عليه السلام لما يعلم ما فيه من الدرجات .
وقال النهاية : كشيش الافعى : صوت جلدها إذا تحركت وقد كشت تكش وليس صوت فمها لان ذلك فحيحها ومنه حديث علي عليه السلام : ( كأني أنظر إليكم تكشون كشيش الضباب ) .
وقال ابن أبي الحديد : أي كأنكم لشدة خوفكم واجتماعكم من الجبن كالضباب المجتمعة التي تحك بعضها بعضا قال الراجز : كشيش أفعى أجمعت لعض * وهي تحك بعضها ببعض ( واقتحم عقبة أو وهدة ) : رمى بنفسه فيها .
والتلوم : الانتظار والتوقف .
قوله ( أجزأ امرء ) قال ابن أبي الحديد : من الناس من يجعل هذا أو نحوه أمرا بلفظ الماضي كالمستقبل في قوله تعالى ( والوالدات يرضعن

[457]


أولادهن ) .
ومنهم من قال : معنى ذلك هلا أجزأ فيكون تحضيضا محذوف الصيغة للعلم بها ( وأجزأ ) أي كفى .
وقرنك : مقارنك في القتال ونحوه ( وآسى أخاه بنفسه ) بالهمزة أي جعله أسوة لنفسه ويجوز واسيت زيدا بالواو وهي لغة ضعيفة .
والموجدة : الغضب والسخط قوله عليه السلام : ( والذل اللازم ) قيل : يروى ( اللاذم ) بالذال المعجة بمعناه .
و ( الرائح ) المسافر وقت الرواح أو مطلقا كما قاله الازهري ويناسب الاول ما مر من أن قتاله عليه السلام كان غالبا بعد الزوال .
قوله عليه السلام : ( تحت أطراف العوالي ) يحتمل إن يكون المراد بالعوالي الرماح قال [ ابن الاثير : ] في النهاية : العالية : ما يلي السنان من الرمح والجمع : العوالي .
أو [ المراد منه ] السيوف كما يظهر من ابن أبي الحديد فيحتمل أن يكون من علا يعلو إذا ارتفع أي السيوف التي تعلو فوق الرؤس .
أو من علوته بالسيف إذا ضربته به ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وآله : الجنة تحت ظلال السيوف .
قوله عليه السلام ( تبلى الاخبار ) بالباء الموحدة أي تختبر الافعال والاسرار كما قال تعالى : * ( ونبلو أخباركم ) * وفي بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي تمتاز الاخيار من الاشرار .
قوله عليه السلام ( إلى لقائهم ) أي الاعداء لقتالهم .
والفض : التفريق .
وأبسلت فلانا : أسلمته إلى الهلكة .

.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 457 سطر 19 الى ص 465 سطر 18 قوله عليه السلام : ( طعن دراك ) أي متتابع يتلو بعضه بعضا .
( ويخرج منه النسيم ) أي لسعته وروى ( النسم ) أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من الطعنة وروي ( القشم ) بالقاف والشين المعجمة وهو اللحم والشحم .
( الفلق ) : الشق .
وطاح الشئ : سقط أو هلك أو تاه في الارض وأطاحه غيره .
وأندره : أسقطه .
قال ابن أبي الحديد : يمكن أن يفسر ( النواحر ) بآمر آخر وهو أن يراد به

[458]


أقاصي رضهم من قولهم لآخر ليلة من الشهر : ناحرة .
وقد مر تفسير بعض أجزاء الخطبة في مواضعها .
674 - نهج : من وصيته عليه السلام لعسكره قبل لقاء العدو بصفين : لاتقاتلوهم حتى يبدؤكم فإنكم بحمدالله على حجة وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم عليهم فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبرا ولا تصيبوا معورا ولا تجهزوا على جريح .
ولا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم فإنهن ضعيفات القوى والانفس والعقول إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعده .
إيضاح : قال ابن ميثم رحمه الله : روي أنه عليه السلام كان يوصي أصحابه في كل موطن يلقون العدو فيه بهذه الوصية وزاد [ في روايته عن نصر بن مزاحم ] بعد قوله : ( ولا تجهزوا على جريح [ قوله : ] ( ولا تكشفوا لهم عورة ولا تمثلوا بقتيل ) فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا إلا بإذن ولا تأخذوا شيئا من أموالهم ولا تهيجوا النساء ) إلى آخر ما مر .
قوله عليه السلام : ( حجة أخرى ) قال ابن ميثم : [ وبيان هذه ] من وجهين : أحدهما أنه دخول في حرب الله وحرب رسوله صلى الله عليه وآله لقوله صلى الله عليه وآله : ( يا علي حربك حربي ) وتحقق سعيهم في الارض بقتلهم النفس التي حرم الله فتحقق دخولهم في عموم قوله تعالى : * ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ) * الآية .

________________________________________________________
674 - رواه السيد الرضي قدس الله نفسه في المختار : ( 14 ) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه السلام من كتاب نهج البلاغة .

[459]


وثانيها دخولهم في قوله تعالى : * ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) * ( 1 ) .
قوله عليه السلام : ( ولا تصيبوا معورا ) قال ابن ميثم : أعور الصيد أمكن من نفسه .
وأعور الفارس : ظهر فيه موضع خلل للضرب ثم قال : أي لا تصيبوا الذي أمكنتكم الفرصة في قتله بعد إنكسار العدو كالمعور من الصيد .
وقال ابن أبي الحديد : هو الذي يعتصم منك في الحرب بإظهار عورته لتكف عنه ويجوز أن يكون المعور هنا المريب الذي يظن أنه من القوم وأنه حضر للحرب وليس منهم لعله حضر لامر آخر .

________________________________________________________
( 1 ) هذا تلخيص كلام ابن ميثم رحمه الله في شرح المختار : ( 14 ) من الباب الثاني من نهج البلاغة : ج 4 ص 383 ط 3 ، ولاجل التوضيح نذكر بيانه حرفيا قال : وقد وصى [ أمير المؤمنين عليه السلام جيشه ] في هذا الفصل بأمور : أحدها أن لايقاتلوها إلى أن يبدؤهم [ أهل الشام ] بالقتال ، وأشار إلى أن ذلك يكون حجة ثانية عليهم .
وأومى بالحجة الاولى إلى قوله تعالى : ( فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمرالله ) [ 9 / الحجرات ] وظاهر أن هؤلاء [ كانوا ] بغاة على الامام الحق فوجب قتالهم .
وأما [ الحجة ] الثانية : فهي تركهم حتى يبدؤا بالحرب ، وبيان هذه الحجة من وجهين : أحدهما أنهم إذا بدؤا [ الامام أو جيشه ] بالحرب فقد تحقق دخولهم في حرب الله وحرب رسوله لقوله صلى الله عليه وآله : ( يا علي حربك حربي ) وتحقق سعيهم في الارض بالفساد بقتلهم النفس التي حرم الله [ قتلها ] ابتداءا بغير حق ، وكل من تحقق دخوله في ذلك دخل في عموم قوله : * ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أن ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) * [ 33 / المائدة ] : الثاني أن البادي بالحرب ابتداء [ من غير مسوغ ] معتد ، وكل معتد كذلك يجب الاعتداء عليه لقوله تعالى : * ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) * 194 / البقرة : 2 ] فوجب الاعتداء عليهم إذا بدؤا بالحرب .

[460]


وقال في النهاية : كل عيب وخلل في شئ فهو عورة .
ومنه حديث علي عليه السلام : ( ولا تصيبوا معورا ) أعور الفارس إذ بدا فيه موضع خلل للضرب ( وإن ) في قوله عليه السلام : ( إن كنا ) مخففة من المثقلة وكذا في قوله : ( وإن كان ) والواو في قوله ( وإنهن ) للحال .
والفهر بالكسر : الحجر ملاء الكف .
وقيل مطلقا .
والهراوة بالكسر : العصا .
والتناول بهما كناية عن الضرب بهما وقوله عليه السلام : ( وعقبه ) عطف على الضمير المستكن المرفوع في قوله [ قوله : ] فيعير ) ولم يؤكد للفصل بقوله : ( بها ) كقوله تعالى : * ( ما أشركنا ولا آباؤنا ) * .
657 - نهج : وكان يقول عليه السلام لاصحابه عند الحرب : لاتشتدن عليكم فرة بعدها كرة ولا جولة بعدها حملة وأعطوا السيوف حقوقها ووطنوا للجنوب مصارعها ، واذمروا أنفسكم على الطعن الدعسي والضرب الطلحفي وأميتوا الاصوات فإنه أطرد للفشل .
والذي فلق الحبة وبرء النسمة ما أسلموا ولكن استسلموا وأسروا الكفر فلما وجدوا عليه أعوانا أظهروه .
بيان : ( لاتشتدن عليكم ) أي لا نستصعبوا ولا يشق عليكم فرار بعده رجوع إلى الحرب .
والجولة : الدوران في الحرب والجائل الزائل عن مكانه ، وهذا حض لهم على أن يكروا ويعودوا إلى الحرب إن وقعت عليهم كرة أو المعنى إذا رأيتم المصلحة في الفرار لجذب العدو إلى حيث تتمكنوا منه فلا تشتد عليكم ولا تعدوه عارا .
[ قوله عليه السلام : ] ( ووطئوا للجنوب مصارعها ) وفي بعض النسخ : [ ووطنوا ] بالنون أي اجعلوا مصارع الجنوب ومساقطها وطنا لها أو وطيئا لها أي استعدوا للسقوط على الارض والقتل [ والكلام ] كناية عن الهزم على الحرب وعدم الاحتراز عن مفاسدها .
وقال الجوهري : ذمرته ذمرا : حثثته .

________________________________________________________
675 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 16 ) من الباب الثاني من نهج البلاغة .