[471]


أعلمكم قبل وقوعها ولا أشاوركم فيها كيلا تفسد القضية بأن يحتال ذلك الشخص لصرف الحكم عنه ، ولعدم توقف الحكم على المشاورة .
وقال ابن أبي الحديد : ثم ذكر أنه لا يؤخر لهم حقا عن محله يعني العطاء وأنه لايقف دون مقطعه ، والحق هاهنا غير العطاء بل الحكم قال زهير : فإن الحق مقطعه ثلاث * يمين أو نفار أو جلاء أي متى تعين الحكم حكمت به وقطعت ولا أقف ولا أتحبس انتهى .
ويحتمل تعميم الحق في الموضعين أي ما يلزم لكم علي من عطاء أو حكم لا أؤخره عن محله ولا أقصر في الاتيان به ، فالوقوف به قبل مقطعه ترك السعي في الاتيان به قبل تمامه .
684 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى عماله على الخراج : من عبدالله علي أميرالمؤمنين إلى أصحاب الخراج : أما بعد فإن من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدم لنفسه ما يحرزها .
واعلموا أن ما كفتم يسير وأن ثوابه كثير ولو لم يكن فيما نهى الله عنه من البغي والعدوان عقاب يخاف لكان في ثواب اجتنابه ما لا عذر في ترك طلبه فأنصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الامة وسفراء الائمة ولاتحشموا أحدا عن حاجته ولا تحبسوه عن طلبته ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف ولا دابة يعتملون عليها ولا عبدا .
ولا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم ولا تمسن مال أحد من الناس مصل ولا معاهد إلا أن تجدوا فرسا أو سلاحا يعدى به على أهل الاسلام فإنه لا ينبغي للمسلم أن يدع ذلك في أيدي أعداء الاسلام فيكون شوكة عليه .

________________________________________________________
684 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 51 ) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة .

[472]


ولا تدخروا أنفسكم نصيحة ولا الجند حسن سيرة ولا الرعية معونة ولا دين الله قوة وأبلوا في سبيله ما استوجب عليكم فإن الله سبحانه قد اصطنع عندنا وعندكم أن نشكره بجهدنا وأن ننصره مما بلغت قوتنا ولا قوة إلا بالله العلي [ العظيم ] .
توضيح : ( ما يحرزها ) أي بحفظ نفسه من عذاب الله ما لا عذر في ترك طلبه لانه نفع عظيم مقدور على تحصيله فالتفريط في طلبه قبيح .
وقال الجوهري السفير : الرسول والمصلح بين القوم والجمع سفراء .
وقال : قال أبوزيد : حشمت الرجل وأحشمته بمعنى وهو أن يجلس إليك فتؤذبه وتغضبه .
وقال ابن الاعرابي : حشمته : أخجلته .
وأحشمته : أغضبته وفي بعض النسخ [ ولا تحسموا أحدا ] بالسين المهملة من الحسم بمعنى القطع .
والمعاهد : الذمي وكل من دخل بأمان .
وقال الجوهري : العداء : تجاوز الحد والظلم يقال : عدا عليه عدوا وعدوا وعداءا : [ ظلمه ] .
و [ قال ابن الاثير ] في [ مادة ( شوك ) من كتاب ] النهاية : شوكة القتال : شدته وحدته .
[ قوله عليه السلام ] ( ولا تدخروا أنفسكم ) أي لاتمنعوا عن أنفسكم نصيحة وارعوا ما فيه صلاحها .
وفي النهاية : الابلاء : الانعام والاحسان .
وفي حديث بر الوالدين : ( أبل الله تعالى عذرا في برها ) أي أعطه وأبلغ العذر فيها إليه والمعنى أحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياهما .
وقال : الاصطناع : افتعال من الصنيعة وهي العطية والكرامة والاحسان .
قوله عليه السلام : ( أن نشكره ) أي اصطنع إلينا لان نشكره أو جعل شكره بجهدنا ونصره بقوتنا صنيعة ومعروفا عندنا وعندكم .
685 - نهج : من كتابه إلى أمرائه في الصلاة أما بعد فصلوا بالناس

________________________________________________________
685 - رواه السيد الرضي الله تعالى عنه في المختار : ( 52 ) من الباب الثاني من

[473]


الظهر حين تفئ الشمس مثل مربض العنز ، وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان ، وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم ويدفع الحاج ، وصلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل ، وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه وصلوا بهم صلاة أضعفهم ولا تكونوا فتانين .
إيضاح : لعل الابتداء بالظهر لانها أول ما فرضت من الصلوات ( حين تفئ ) أي يزيد ويرجع ظل الشمس بعد غاية نقصانه .
[ قوله : ] ( مثل مربض العنز ) أي الانثى من المعز وهو قريب من القدمين وقت النافلة وهو أول وقت الفضيلة المختص بالظهر لا آخره كما فهمه الراوندي رحمه الله .
[ قوله : ] ( والشمس بيضاء ) أي لم تصفر للمغيب وحياتها استعارة لظهورها في الارض .
والعضو بالضم والكسر : واحد الاعضاء .
والظرف خبر للشمس أو متعلق ب ( صلوا ) والمراد بقاء جزء معتد به من النهار .
وقال في النهاية : فيه أنه دفع من عرفات أي ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير .
والفتان : من يفتن الناس عن الدين وإطالة الصلاة مستلزمة لتخلف العاجزين والضعفاء والمضطرين .
686 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 473 سطر 19 الى ص 481 سطر 18 الانصاري وهو عامله على البصرة وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها : أما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها يستطاب لك الالوان وتنقل إليك [ عليك ( خ ) ]

________________________________________________________
كتاب نهج البلاغة .
686 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 45 ) من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة .

[474]


الجفان ، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه [ فالقطه ( خ ) ] وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه .
ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه .
ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لاتقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا ولا ادخرت من غنائمها وقرأ ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا [ ولا حزت من أرضها شبرا ، ولا أخذت منه إلا كقوت أتان دبرة ، ولهي في عيني أو هى وأهون من عفصة مقرة ] ( 1 ) .
بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله .
وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غد جدث تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها وحفرة لو زيد في فسحتها وأوسعت يدا حافرها لضغطها [ لاضغطها ( خ ) ] الحجر والمدر وسد فرجها التراب المتراكم وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الاكبر وتثبت على جوانب المزلق .
ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة ولعل بالحجاز أو باليمامة من لاطمع له في القرص ولا عهد له بالشبع أو أن أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى ! أو أن أكون كما قال القائل : وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد أأقنع من نفسي بأن يقال [ لي ] : أميرالمؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات

________________________________________________________
( 1 ) ما بين المعقوفين مأخوذ من نسخة شرحها ابن أبي الحديد وهو أصح النسخ - وقد سقط من أصلي من ط الكمباني من البحار .

[475]


كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها أو أترك سدى أو أهمل عابثا أو أجر حبل الضلالة أو اعتسف طريق المتاهة .
وكأني بقائلكم يقول : إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الاقران ومنازله الشجعان .
ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا والرواتع الخضرة أرق جلودا والنابتات العذية أقوى وقودا وأبطأ خمودا .
وأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله كالصنو من الصنو والذراع من العضد .
والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها ولو أمكنت [ الفرص ( خ ) ] من رقابها لسارعت إليها .
وسأجهد في أن أطهر الارض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد .
إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك قد انسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك ، واجتنبت الذهاب في مداحضك ، أين القرون [ القوم ( خ ) ] الذين غررتهم بمداعبك ؟ أين الامم الذين فتنتهم بزخارفك ؟ ها هم [ فها ههم ( خ ) ] رهائن القبور ومضامين اللحود ! والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبها حسيا لاقمت عليك حدودالله في عباد غررتهم بالاماني وأمم ألقيتهم في المهاوي وملوك أسلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد ولا صدر هيهات من وطئ دحضك زلق ومن ركب لججك غرق ومن ازور عن حبالك وفق والسالم منك لايبالي إن ضاق به مناخه والدنيا عنده كيوم حال انسلاخه .
أعزبي عنى فؤالله ولا أسلس لك فتقوديني ( 1 ) .
وأيم الله - يمينا أستثني فيها بمشية الله - لاروضن نفسي رياضة تهش معها إلى

[476]


القرص إذا قدرت عليه مطعوما وتقنع بالملح مأدوما ولادعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفزغة دموعها أتملئ السائمة من رعيها فتبرك ؟ وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ؟ ويأكل علي من زاده فيهجع ؟ قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية .
طوبى لنفسأدت إلى ربها فرضها وعركت بجنبها بؤسها وهجرت في الليل غمضها حتى إذا غالبا الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم وهممت [ وهمهمت ( خ ) ] بذكر ربهم شفاههم وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) .
فاتق الله يا ابن حنيف ولتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك .
إيضاح : عثمان بن حنيف هو الذي أخرجه طلحة والزبير من البصرة حين قدماها [ قوله عليه السلام : ] ( من فتية أهل البصرة ) قال ابن أبي الحديد : [ أي من فتيانها ] أو من شبانها وأسخيائها ويروى ( أن رجلا من قطان البصرة ) أي سكانها وقال في النهاية : المأدبة بضم الدال : الطعام يدعى إليه القوم وقد جاءت بفتح الدال أيضا يقال : أدب فلان القوم يأدبهم بالكسر أي دعاهم إلى طعامه والآدب : الداعي .
( يستطاب لك الالوان ) يطلب لك طيبها ولذيذها .
وقال الجوهري : الجفنة كالقصعة والجمع الجفان .
والعائل : الفقير والجفاء : نقيض الصلة والمجفو : المبعد .
ثم اعلم أن ظاهر كلامه عليه السلام النهي عن إجابة مثل هذه الدعوة من وجهين : أحدهما إنه طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو فهم من أهل الرياء السمعة وعدم إجابة دعوتهم أولى .

________________________________________________________
( 1 ) العزوب : الغيبة والبعد .
والذل بالكسر ويضم ضد الصعوبة ومنه الذلول .
والذل : المذلة الصغار والاول هنا أنسب .
منه رحمه الله .

[477]


وثانيهما إنه مما يظن تحريمه فالاولى الاحتراز عن أكله فيمكن أن يكون النهي عاما ومثل تلك الاجابة مكروها أو يكون خاصا بالولاة كما يشعر به قوله عليه السلام في كلامه لعاصم بن زياد حيث قال عليه السلام [ له : ] ( إني لست كأنت إن الله افترض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره ) وحينئذ يكون المخاطب بقوله عليه السلام : ( ألا وإن إمامكم ) وقوله ( وأعينوني ) هم الولاة فالنهي إما للتحريم أو للتنزيه ولا ينافي الاول .
قوله : ( ألا وإنكم لاتقدرون على ذلك ) فإن الظاهر إنه إشارة إلى الاكتفاء من الثوب بالطمرين ومن الطعم بالقرصين .
وعلى الثاني تكون الكراهة بالنظر إلى الولاة أشد .
ويحتمل أن يكون للاعم من الحرمة والكراهة ويكون لكل من الولاة وغيرهم حكمه فالخطاب عام .
ويمكن أن يستفاد من قوله عليه السلام ( يستطاب لك الالوان ) وجه آخر من النهي وهو المنع من إجابة دعوة المسرفين والمبذرين إماتحريما مع عموم الخطاب أو خصوصه ونظيره النهي للولاة عن أخذ الهدايا ولعله يشعر بذلك قوله : ( يستطاب لك وتنقل إليك ) أو تنزيها فيكون بالنظر إليهم أشد أو الاعم منهما كما ذكر .
والاحتمالات الاخيرة مبنية على انقسام الاسراف مطلقا إلى المحرم والمكروه .
والقضم : الاكل بأطراف الاسنان .
والطمر بالكسر : الثوب الخلق .
والطمران : الازار والرداء .
والقرصان للغداء والعشاء .
وقوله عليه السلام : ( بورع واجتهاد ) الورع : اجتناب المحرمات .
والاجتهاد : أداء الواجبات أو الورع يشمل ترك المكروهات أيضا .
والاجتهاد الاتيان بالسنن الاكيدة أيضا ويمكن أن يكون التنوين فيهما للتقليل أي بما تستطيعون منهما والاعانة على الشفاعة أو على إجراء الاحكام والآدب بين الناس

[478]


والاول أظهر .
وقال الجوهري : التبر من الذهب ما كان غير مضروب فإذا ضرب دنانير فهو عين ولا يقال تبر إلا للذهب وبعضهم يقول للفضة أيضا انتهى .
والوفر : المال الكثير .
والمراد بالبالي : المندرس .
وبالطمر ما لم يبلغ ذلك .
وفي نسخة الراوندي بعد ذلك : ( ولا إدخرت من أقطارها شبرا ) و ( فدك ) ينصرف بتأويل الموضع ولاينصرف بتأويل البلدة أو القرية .
والنفوس الشاحة أبوبكر وعمر وأتباعهم والساخية نفوس أهل البيت عليهم السلام أو من لم يرغب في هذا الغصب ولم يرض به والاول أظهر .
وفي الصحاح : مظنة الشئ : موضعه ومألفه الذي يظن كونه فيه ، والجمع المظان وقال : الجدث : القبر وقال : ضغطه يضغطه ضغطا : رخمه إلى حائط ونحوه ، ومنه ضغطة القبر .
وفي بعض النسخ ( لاضغطها ) قال ابن أبي الحديد : أي جعلها ضاغطة .
والهمزة للتعدية ويروى : ( لضغطها ) والمتراكم : المجتمع .
( وإنما هي نفسي ) كأن الضمير راجع إلى النفس .
وقيل أي إنما همتي وحاجتي رياضة نفسي ويقال : رضت الدابة - كقلت - : أي ذلتها وأدبتها .
والمراد بالمزلق : الصراط أو طريق الحق [ قوله عليه السلام : ] ( ولو شئت لاهتديت ) قال ابن أبي الحديد : وقد روي ( ولو شئت لاهتديت إلى هذا العسل المصفى ولباب هذا البر المنقى فضربت هذا بذاك حتى ينضج وقودا ويستحكم معقودا ) .
والقمح : البر .
قاله الجوهري .
وقال : القز : الابريسم معرب .
وقال : الجشع : أشد الحرص .
وقال : الاختيار : الاصطفاء وكذلك التخير .
وقال : المبطان : الذي لايزال عظيم البطن من كثرة الاكل .
وقال : الغرث : الجوع وقد غرث بالكسر يغرث .
وقال : الحرة بالكسر : العطش ومنه

[479]


قولهم : ( أشد العطش حرة على قرة ) إذا عطش في يوم بارد والحران : العطشان والانثى حرى مثل عطشى .
قوله عليه السلام : ( أو أكون ) الهمزة للاستفهام و ( الواو ) للعطف والبيت للحاتم الطائي المشهور .
والبطنة : بالكسر هو أن يمتلي من الطعام امتلاءا شديدا و ( القد ) بالكسر سيد يقد من جلد غير مدبوغ والاشتياق إلى القد لشدة الجوع .
قوله عليه السلام : ( ولا أشاركهم ) الواو للحال أو العطف على أقنع أو يقال فيحتمل الرفع والنصب .
وقوله عليه السلام ( أو أكون ) معطوف على أشاركهم أو على ( أقنع ) .
وقال الجوهري : طعام جشب ومجشوب أي غليظ ، ويقال : هو الذي لا أدم معه .
قوله عليه السلام : كالبهيمة المربوطة ) الخ .
قال ابن ميثم فإن الاشتغال بها إن كان غنيا أشبه المعلوفة في اهتمامه بما يعتلفه من طعامه الحاضر ، وإن كان فقيرا كان اهتمامه بما يكتسبه كالسمائة ( والتقمم ) أكل الشاة مابين يديها بمقمتها أي شفتها .
وقيل تتبع القمامة .
قوله عليه السلام : ( تكترش ) أي تملا بها كرشه والكرش بالكسر وككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للانسان و ( تلهو عما يراد بها ) أي من ذبح واستخدام .
و ( أترك ) في بعض النسخ بالضم عطفا على ( أقنع ) وبالنصب عطفا على ( يقال ) أو ( يشغلني ) وكذا [ قوله : ] ( أهمل وأجر واعتسف وأجر حبل الضلالة ) أي أجر أتباعي إليها .
ويحتمل التشبيه بالبهيمة التي انقطع مقودها أو تركت سدى .
والاعتساف : العدول عن الطريق .
والمتاهة : محل التيه والضلال والحيرة .

[480]


والباء في ( قعد به ) للتعدية وفي القاموس : النزال بالكسر : أن ينزل الفريقان عن إبلهما إلى خيلهما فياضربوا وقد تنازلوا .
والرتع : الاتساع في الخصب وكل خصب مرتع .
ويظهر من بعض الشراح أنه قرء ( الروائع ) بالياء المثناة التحتانية من راعه بمعنى أعجبه وفيما رأينا من النسخ بالتاء .
والعذي بكسر العين وسكون الذال : الزرع لاتسقيه إلا ماء المطر .
[ قوله عليه السلام ] : ( كالصنو من الصنو ) الصنو : المثل وأصله أن تطلع النخلتان من عرق واحد .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : أنا وعلي من نور واحد .
وفي كثير من النسخ ( كالضوء من الضوء ) أي كالضوء الحاصل أو المنعكس من الضوء لكون علمه وكمالاته من النبي صلى الله عليه وآله ولذا كنى الله عن النبي صلى الله عليه واله في القرآن بالشمس وعنه عليه السلام بالقمر والتشبيه بالذراع من العضد لان العضد أصل للذراع والذراع وسيلة إلى التصرف والبطش بالعضد .
وسمى معاوية معكوسا لانعكاس عقيدته ومركوسا لكونه تاركا للفطرة الاصلية ويحتمل أن يكون تشبيها له بالبهائم .
وإنما قال عليه السلام : ( الشخص والجسم ) ترجيحا لجانب البدن أو لكونه تابعا لشهواته البدنية تاركا لمقتضيات روحه وعقله فكأنه ليس هذا إلا الجسم المحسوس وقال الجوهري : الركس : رد الشئ مقلوبا ( والله أركسهم بما كسبوا ) أي ردهم إلى كفرهم قوله عليه السلام ( حتى تخرج [ المدرة من بين حب الحصيد ] ) قال ابن ميثم : أي حتى يخرج معاوية من بين المؤمنين ويخلصهم من وجوده بينهم كما يفعل من يصفي الغلة .
وقال ابن أبي الحديد : كما أن الزراع يجتهدون في إخراج الحجر والمدر والشوك ونحوه من بين الزرع كيلا يفسد مبانيه فيفسد ثمرته ( 1 ) .

________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي المطبوع ، وفي النسخة التي عندي من شرح ابن أبي الحديد وشرح ابن ميثم : ( كيلا يفسد منابته .
.
) .