[ 91 ]
وحط ( 1 ) من أتى بالدين من عند ربه * بصدق وحق لاتكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت : إنك مؤمن * فكن لرسول الله ناصرا
فناد قريشا بالذي قد أتيته * جهارا وقل : ما كان أحمد ساحرا
وقال لابنه طالب :
أبني طالب إن شيخك ناصح * فيما يقول مسدد لك راتق ( 2 )
فاضرب بسيفك من أراد مساءة * حتى تكون لذى المنية ذائق
هذا رجائي فيك بعد منيتي * لازلت فيك بكل رشد واثق
فاعضد قواه يا بني وكن ، له * إني بجدك لا محالة لاحق
آها أردد حسرة لفراقه * إذ لم أراه قد تطاول باسق ( 3 )
أترى أراه واللواء أمامه * وعلي ابني للواء معانق
أتراه يشفع لي ويرحم عبرتي * هيهات إني لا محالة راهق
وكتب إلى النجاشي :
( تعلم أبيت اللعن أن محمدا ) الابيات ، فأسلم النجاشي وكان قدسمع مذاكرة جعفر
وعمرو بن العاص ، ونزل فيه ( وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول ) إلى قوله : ( اجر المحسنين ) .
عكرمة وعروة بن الزبير وحديثهما : لما رأت قريش أنه يفسو أمره في القبائل و
أن حمزة أسلم وأن عمرو بن العاص رد في حاجته عند النجاشي فأجمعوا أمرهم ومكرهم
على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله علانية .
فلما رأى ذلك أبوطالب جمع بني عبدالمطلب
فأجمع لهم أمرهم على أن يدخلوا رسول الله شعبهم ( 4 ) ، فاجتمع قريش في دار الندوة و
كتبوا صحيفة على بني هاشم أن لا يكلموهم ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم ولا يبايعوهم
_________________________________________________________
( 1 ) حاطه يحوطه حوطا وحياطة : اذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه
( النهاية 1 : 271 ) .
( 2 ) يقال : هو الراتق والفاتق أى مصلح الامر .
( 3 ) تطاول : ارتفع .
والباسق .
المرتفع في علوه .
( 4 ) الشعب : الطريق في الجبل .
[ 92 ]
أو يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وختم عليها أربعون خاتما وعلقوها في جوف الكعبة
وفي رواية : عند زمعة بن الاسود فجمع أبوطالب بني هاشم وبني المطلب ( 1 ) في شعبه
وكانوا أربعين رجلا مؤمنهم وكافرهم ما خلا أبا لهب وأبا سفيان ، فظاهراهم عليه ، فحلف
أبوطالب لئن شاكت محمدا شوكة ( 2 ) لآتين عليكم يا بني هاشم ، وحصن الشعب وكان
يحرسه بالليل والنهار ، وفي ذلك يقول :
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب
أليس أبونا هاشم شد أزره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
وإن الذي علقتم من كتابكم * يكون لكم يوما كراغية السقب
أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب
وله :
رو قالوا خطة جورا وحمقا * وبعض القول أبلج مستقيم
لتخرج هاشم فيصير منها * بلاقع بطن مكة والحطيم
فمهلا قومنا لا تر كبونا * بمظلمة لها أمر وخيم
فيندم بعضكم ويذل بعض * وليس بمفلح أبدا ظلوم
فلا والراقصات بكل خرق * إلى معمور مكة لا يريم
طوال الدهر حتى تقتلونا * ونقتلكم وتلتقي الخصوم
ويعلم معشر قطعوا وعقوا * بأنهم هم الجد الظليم
أرادوا قتل أحمد ظالميه ( 3 ) * وليس لقتله فيهم زعيم
ودون محمد فتيان قوم * هم العرنين والعضو الصميم
وكان أبوجهل والعاص بن وائل والنضرين الحارث بن كلدة وعقبة ابن أبي معيط
يخرجون إلى الطرقات فمن رأوه معه ميرة ( 4 ) نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا ويحذرونه
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وبنى عبدالمطلب .
( 2 ) الشوكة : الواحدة من الشوك ، وهو ما يخرج من النبات شبيها بالابر .
( 3 ) كذا في النسخ فالنصب للاختصاص او بتقدير : أعنى .
( 4 ) الميرة : الطعام الذى يدخره الانسان .
[ 93 ]
من النهب ، فأنفقت خديجة على النبي فيه مالا كثيرا .
ومن قصيدة لابي طالب :
فأمسى ابن عبدالله فينا مصدقا * على ساخط من قومنا غير معتب
فلا تحسبونا خاذلين محمدا * لدى غربة منا ولا متقرب ( 1 )
ستمنعه منا يد هاشمية * ومركبها في الناس أحسن مركب
فلا والذي تخذى له كل نضوة ( 2 ) * طليح بجنبي نخلة فالمحصب
يمينا صدقنا فيهاولم نكن * لنحلف بطلا بالعتيق المحجب
نفارقه حتى نصرع حوله * وما بال تكذيب النبي المقرب
وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أخذ مضجعه ونامت العيون جاءه أبوطالب فأنهضه عن مضجعه
وأضجع عليا مكانه ووكل عليه ولده وولد أخيه ، فقال علي عليه السلام : يا أبتاه إني مقتول
ذات ليلة ، فقال أبوطالب :
اصبرن يا بني فالصبر أحجى * كل حي مصيره لشعوب
قد بلوناك والبلاء شديد * لفداء النجيب وابن النجيب
لفداء الاغر ذي الحسب الثا * قب والباع والفناء الرحيب ( 3 )
إن تصبك المنون بالنبل تترى * فمصيب منها وغير مصيب
كل حي وإن تطاول عمرا * آخذ من سهامها بنصيب
فقال علي عليه السلام :
أتأمرني بالصبر في نصر أحمد * فوالله ما قلت الذي قلت جازعا
ولكنني أحببت أن ترنصرتي * وتعلم أني لم أزل لك طائعا
وسعيي لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهدى المحمود طفلا ويافعا
وكانوا لا يأمنون إلا في موسم العمرة في رجب وموسم الحج في ذي الحجة ،
فيشترون ويبيعون فيهما ، وكان النبي صلى الله عليه وآله في كل موسم يدور على قبائل العرب فيقول
_________________________________________________________
( 1 ) لدى غرة منا ولا متغرب خ ل .
( 2 ) خذا خذوا وخدى خديا : استرخى .
( 3 ) يقال : طويل الباع ورحب الباع أى كريم مقتدر .
[ 94 ]
لهم : تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة ؟ وأبولهب
في أثره يقول : إنه ابن أخي وهو كذاب ساحر ، فأصابهم الجهد وبعثت قريش إلى
أبي طالب : ادفع إلينا محمدا حتى نقتله ونملكك علينا ، فأنشأ أبوطالب اللامية التي يقول
فيها : ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ) فلما سمعوا هذه القصيدة أيسوا منه ، فكان
أبوالعاص بن الربيع وهو ختن رسول الله صلى الله عليه وآله يجئ بالعير بالليل عليها البر والتمر
إلى باب الشعب ثم يصبح بها ، فحمد النبي صلى الله عليه وآله فعله ، فمكثوا بذلك أربع سنين وقال ابن
سيرين : ثلاث سنين .
وفي كتاب شرف المصطفى : فبعث الله على صحيفتهم الارضة فلحسها ( 1 ) ، فنزل
جبرئيل فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك ، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله أبا طالب فدخل أبوطالب على قريش
في المسجد فعظموه وقالوا : أردت مواصلتنا وأن تسلم ابن أخيك إلينا ؟ قال والله ما جئت
لهذا ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أن الله قد أخبره بحال صحيفتكم ، فابعثوا إلى
صحيفتكم : فإن كان حقا فاتقوا الله وارجعوا عما أنتم عليه من الظلم وقطيعة الرحم ،
وإن كان باطلا دفعته إليكم ، فأتوا بها وفكوا الخواتيم وإذا فيها : بسمك اللهم واسم
محمد ، فذط ، فقال لهم أبوطالب : اتقوا الله وكفوا عما أنتم عليه ، فسكتوا وتفرقوا فنزل :
( ادع إلى سبيل ربك ) قال : كيف أدعوهم وقد صالحوا على ترك الدعوة ؟ فنزل :
( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) فسأل النبي صلى الله عليه وآله أبا طالب الخروج من الشعب فاجتمع سبعة
نفر من قريش على نقضها ( 2 ) ، وهم : مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف الذى أجار
النبي صلى الله عليه وآله لما انصرف من إلطائف ، وزهير بن أمية المخزومي ختن أبي طالب على
ابنته عاتكة ، وهشام بن عمرو بن لؤي بن غالب ، وأبوالبختري بن هشام ، وزمعة بن الاسود
ابن عبدالمطلب ، وقال هؤلاء السبعة ( 3 ) : أحرقها الله ، وعزموا أن يقطعوا يمين كاتبها وهو :
منصور بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار ، فوجدوها شلا ، فقالوا : قطعها الله ،
_________________________________________________________
( 1 ) المراد الصحيفة التى كتبوها وختموها وعلقوها في البيت كما تقدم .
والارضة : دويبة
تأكل الخشب ونحوه .
ولحس لحسا الدود الصوف : أكله .
( 2 ) أى نقض ما كتب في الصحيفة من المعاهدة .
( 3 ) المذكور منهم خمسة فاما سقط اسم اثنين منهم واما صحف الخمسة بالسبعة .
[ 95 ]
فأخذ النبي صلى الله عليه وآله في الدعوة ، وفي ذلك يقول أبوطالب :
ألا هل أتى نجدا بنا صنع ربنا * على تأيهم والله بالناس أرفد
فيخبرهم أن الصحيفة مزقت * وأن كل مالم يرضه الله يفسد
يراوحها إفك وسحر مجمع * ولم تلق سحرا آخر الدهر يصعد
وله أيضا :
وقد كان من أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخبر غائب القوم يعجب
محا الله منها كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب
وأصبح ما قالوا من الامر باطلا * ومن يختلق ماليس بالحق يكذب
وأمسى ابن عبدالله فينا مصدقا * على سخط من قومنا غير معتب
وله :
تطاول ليلي بهم نصب * ودمعي كسح السقاء السر ( 1 )
للعب قصي بأحلامها ( 2 ) * وهل يرجع الحلم بعد اللعب
ونفي قصي بني هاشم * كنفي الطهاة لطاف الحطب
وقالوا لاحمد : أنت امرؤ * خلوف الحديث ضعيف النسب ( 3 )
ألا إن أحمد قد جاءهم * بحق ولم يأتهم بالكذب
على أن إخواننا وازروا * بني هاشم وبني المطلب
هما أخوان كعظم اليمين * امرا علينا كعقد الكرب
فيال قصي ألم تخبروا * بما قد خلا من شؤون العرب
فلا تمسكن بأيديكم * بعيد الانوف بعجب الذنب ( 4 )
ورمتم بأحمد ما رمتم * على الآصرات وقرب النسب
_________________________________________________________
( 1 ) في ( ك ) ودمع كسح السقاء السرب سح الماء : صبه صبا متتابعا غزيرا .
( 2 ) في المصدر : ولعب قصى بأحلامها .
( 3 ) في المصدر : خلوق الحديث ضعيف النسب .
( 4 ) في المصدر : بعيد الانوق لعجب الذنب .
[ 96 ]
فأنى وما حج من راكب * وكعبة مكة ذات الحجب
تنالون أحمد أو تصطلوا * ظباة الرماح وحد القضب ( 1 )
وتقترفوا بين أبياتكم * صدور إلعوالي وخيلا عصب ( 2 )
بيان : حدب عليه بالكسر أي تعطف ذكره الجوهري ( 3 ) وقال : قال ابن
السكيت : يقال للناس إذا كثروا بمكان فأقبلوا وأدبروا واختلطوا : رأيتهم يهتمشون ( 4 ) ،
وقال : يقال : قدما كان كذا وكذا ، وهو اسم من القدم ( 5 ) ، قوله : ( أن يكون معرة )
المعرة : الاثم ، والامر القبيح المكروه ، والاذى ، ولعل المعنى : لولا أن يكون إظهاري
للاسلام سببا للفتن والحروب وعدم تمكني من نصرتك لاظهرته .
والامراس : جمع المرس
بفتح الراء أي الحبل ، أو جمع المرس بكسر الراء وهو الشديد الذي مارس الامور
وجربها ، وما في البيت يحتملهما .
[ قوله : ( عوارضه ) أي نواصيه وصفحاته ] .
والمقباس
بالكسر شعلة نار تقتبس من معظم النار .
والقنص بالتحريك الصيد .
قوله : ( ذل
الحمى ) الحمى : بالكسر ما يحمى ويدفع عنه ولا يقرب ، أي ما كان يحمى ويدفع عنه من ساحة
عزنا ذل وصار ذلولا من كثرة ورود من لايراعيه .
قوله : ( عز بما صنع ) أي سل وصبر
نفسك ، وفي بعض النسخ ( تعز ) وهو أظهر .
قوله ( لا محالة راهق ) الرهق : غشيان
المحارم ، والمراد الشفاعة في القيامة ، وفي بعض النسخ بالزاى المعجمة أي هالك ميت ،
فالمراد الشفاعة في الدنيا حتى يرى ما تمنى وهذا أظهر .
قوله : ( وأبا سفيان ، هو أبوسفيان بن الحارث بن عبدالمطلب .
قوله : ( شد أزره ) أي قواه بأن أوصى بنصره :
قوله : ( كراغية السقب ) السقب : الولد الذكر من الناقة ، ولعله تمثيل لعدم
_________________________________________________________
( 1 ) الظبة : حد السيف أو السنان ونحوهما .
وقد اوضحنا من اللغات بعضها وتركنا بعضها
لاجل ايضاح المصنف اياها في البيان فراجع .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 4740 .
( 3 ) الصحاح ج : 1 ص : 108 .
( 4 ) الصحاح ج : 3 ص 1028 .
( 5 ) الصحاح ج : 5 ص 2007 .
[ 97 ]
انتفاعهم بتلك الصحيفة كمالا ينتفع برغاء السقب ، أولا ضطرارهم وجزعهم يوما ما .
قوله : ( قبل أن تحفر الزبى ( الزبى : جمع الزبية وهو ما يحفر للاسد وهو كناية عن تهيؤ
الفتن والشرور لهم .
وكون ( من لم يجن ذنبا كذي الذنب ) إما لتوزع ( 1 ) بالهم جميعا
ودهشتهم ، أو المراد بمن لاذنب له : من تر النصرة ولم يضر .
قوله : ( وقالوا خطة ) القول
هنا بمعنى الفعل ، والخطة بالضم الامر والقصة والجهل .
قوله : ( والراقسات )
أي النوق الراقصة .
والخرق بالفتح بالفتح الارض الواسعة .
وقوله : ( لايريم ) صفة لمعمور
مكة أي لا يبرح .
وقوله ( لا ) نفي لما تقدم أي لا يتهيألهم تلك الخطة طول الدهر
بحق الراقصات حتى يقتلونا ، [ أو النفي متعلق بيريم والقسم معترض .
و ( لا ) ثانيا
تأكيد ، وطول الدهر فاعل يريم ، والاصوب أنه ( لا نريم ) بصيغة المتكلم كما هو في
سائر النسخ للديوان وغيره ، فلا تأكيد ، وطوال منصوب ] والزعيم : الكفيل .
وعرانين
القود : سادتهم وصميم الشئ : خالصه .
قوله : ( غير معتب ) أي لايتيسر رضاؤه .
والمركب مصدر ميمي أي تركيبها .
والنضوة : الناقة المهزولة .
وطلح البعير : إذا عيي
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 97 سطر 13 إلى صفحه 105 سطر 13
فهو طليح ، وناقة طليح أسفار : إذا جهدها السير وهزلها .
والنخلة والمحصب : إسمان
لموضعين .
قوله : ( بطلا ) أي باطلا .
( والعتيق المحجب ) : الكعبة .
قوله : ( أحجى ) أي أجدر
وأولى .
والشعوب بالفتح والضم المنية .
قوله : ( بنا صنع ربنا ) الظرف متعلق
بالصنع ، وفي بعض النسخ ( نبأ ) بتقديم النون .
قوله : ( وما نقموا ) كلمة ما موصولة
ومعرب خبرها [ والسح : السيلان ] والسرب الجاري والطهاة : الطباخون ، وإنهم لا يعتنون
بالاحطاب اللطيفة الدقيقة ويرمونها تحت القدر بسهولة قوله : ( كعظم اليمين ) أي كعظمين
متلاصقين تركب منهما الساعد .
قوله : ( امرا علينا ) يقال : أمررت الحبل : إذا فتلته
فتلا شديدا ، يقال : فلان أمر عقدا من فلان : أي أحكم أمرا منه وأوفى ذمة ، والكرب
بالتحريك الحبل الذي يشد في وسط العراقي ثم يثنى ثم يثلث ليكون هو الذي يلي الماء
فلا يعفن الحبل الكبير .
والعجب : أصل الذنب ، كناية عن الاداني كما أن الانوف
_________________________________________________________
( 1 ) التوزع : التفرق .
[ 98 ]
كناية عن الاشراف والآصرة : ما عطفك على رجل من رحم أو قرابة أو صهر أو معروف
وقوله : ( فأنى ) استفهام للانكار .
( وما حج ) قم معترض أي أنى تنالونه إلا أن تصطلوا
نار الحرب .
وسيف قضيت أي قطاع ، والجمع : قواضب وقضب .
أقول : روى السيد فخاربن معد الموسوي رحمه الله فيما صنفه في إيمان أبي
طالب قصة إضجاح أميرالمؤمنين عليه السلام مكان الرسول الله صلى الله عليه وآله عن السيد عبدالحميد بن
التقي بإسناده إلى الشريف أبي علي الموضح العلوي إلى آخر مامر ، وقصة تحريض
حمزة على الاسلام وأشعاره في ذلك عن ابن إدريس بإسناده إلى أبي الفرج الاصفهاني ( 1 ) .
32 قب : خطب أبوطالب في نكاح فاطمة بنت أسد : الحمدلله رب العالمين ،
رب العرش العظيم ، والمقام الكريم ، والمشعر والحطيم ، الذي اصطفانا أعلاما و
سدنة وعرفاء خلصاء وحجبة بها ليل أطهارا من الخنى والريب ، والاذي والعيب ، وأقام
لنا المشاعر ، وفضلنا على العشائر ، نحب [ نخب ظ ] آل إبراهيم ، وصفوته وزرع إسماعيل
في كلام له .
ثم قال : وقد تزوجت فاطمة بنت أسد ( 2 ) ، وسقت المهر ونفذت الامر ،
فاسألوه واشهدوا .
فقال أسد ، زوجناك ورضينابك ، ثم أطعم الناس ، فقال أميه بن
الصلت :
أغمرنا عرس أبي طالب * فكان عرسا لين الحالب
أقراؤه البدو بأقطاره * من راجل خف ومن راكب
فنازلوه سبعة احصيت * أيامها للرجل الحاسب ( 3 )
بيان : السدنة جمع السادن وهو خادم الكعبة .
والبهلول بالضم الضحاك و
السيد الجامع لكل خير ، قوله : ( نحب ) لعله على البناء للمجهول ، و ( آل ) منصوب على
التخصيص ، كقوله : ( نحن معاشر الانبياء ) والاظهر أنه ( نخب ) بالخاء المعجمة .
_________________________________________________________
( 1 ) راجع كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير ابى طالب : 69 71 .
( 2 ) في المصدر : وقد تزوجت بنت أسد .
( 3 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 357 .
[ 99 ]
* [ 33 يل : الحسن بن أحمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن إسماعيل
الفاروسي ، عن عمر بن روق الخطابي ، عن الحجاج بن منهال ، عن الحسن بن عمران ،
عن شاذان بن العلاء عن عبدالعزيز ، عن عبدالصمد ، عن سالم ، عن خالد بن السري ،
عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ميلاد علي بن أبي طالب
فقال : آه آه سألت عجبا يا جابر عن خير مولود ولد في شبه المسيح ( 1 ) ، إن اله خلق عليا ( 2 )
نورا من نوري ، وخلقني نورا من نوره ، وكلانا من نوره نورا واحدا ( 3 ) ، وخلقنا من قبل
أن يخلق سماء مبنية ( 4 ) ولا أرضا مدحية أو طولا أو عرضا أو ظلمة أوضياء أو بحرا
إلى هواء ( 5 ) بخمسين ألف عام ، ثم إن الله عزوجل سبح نفسه فسبحناه ، وقد ذاته
فقد سناه ، ومجد عظمته فمجدناه ، فشكرالله تعالى ذلك لنا ، فخلق من تسبيحي السماء
فسمكها ( 6 ) ، والارض فبطحها ، والبحار فعمقها ، وخلق من تسبيح علي الملائكة المقربين
فكلما سبحت الملائكة المقربون منذ أول يوم خلقها الله عزوجل إلى أن تقوم الساعة
فهو لعلي وشيعته ( 7 ) .
يا جابر إن الله تعالى عزوجل نقلنا فقذف بنا في صلب آدم ، فأما أنا فاستقررت
_________________________________________________________
( * ) توجد هذه الرواية في ( ك ) فقط ، وقد أوردها المصنف عن روضة الواعظين في الباب
الاول من الكتاب راجع الرقم 12 ص 10 وأشار بعد تمامها إلى كونها موجودة في الفضائل ايضا كما هو
دأبه ، والمظنون ان المصحح لطبعة ( ك ) ألحقها بالكتاب كما يظهر من كلام له في خاتمة هذا المجلد
ولعلها كانت موجودة فيما عنده من النسخ ، وعلى أى لم نسقطه مع علمنا بأن هذا خلاف دأب
المصنف .
( 1 ) في المصدر : ولد بعدى على سنة المسيح كمامر في ص 10 .
( 2 ) في المصدر : ان الله تعالى خلقه اه .
( 3 ) في المصدر : وكلانا من نور واحد .
( 4 ) ليست في المصدر كلمة ( لا ) .
( 5 ) في المصدر : ولا كان طول ولا عرض ولا ظلمة ولا ضياء ولا بحر ولا هواء .
( 6 ) في المصدر : فمسكها .
( 7 ) في المصدر : وخلق من تسبيح على الملائكة المقربين ، فجميع ما سبحت الملائكة لعلى
وشيعته .
[100]
في جانبه الايمن ، وأما علي فاستقر في جانبه الايسر ، ثم إن الله عزوجل نقلنا من
صلب آدم في الاصلاب الطاهرة ، فما نقلني من صلب الانقل عليا ، فلم نزل كذلك
حتى أطلعنا الله تعالى من ظهر طاهر وهو ظهر عبدالمطلب ، ثم نقلني عن ظهر طاهر
وهو عبدالله ( 1 ) ، واستود عني خير رحم وهي آمنة ، فلماأن ظهرت ( 2 ) ارتجت الملائكة
وضجت وقالت : إلهنا وسيدنا ما بال وليك علي لانراه مع النور الازهر ؟ يعنون بذلك
محمدا صلى الله عليه وآله فقال الله عزوجل : فأقروا ( 3 ) إني أعلم لويي وأشفق عليه منكم ، فأطلع
الله عزوجل عليا من ظهر طاهر وهو خير ظهر من بني هاشم بعد أبي ، واستودعه خير رحم
وهي فاطمة بنت أسد .
فمن قبل أن صار ( 4 ) في الرحم كان رجل في ذلك الزمان [ وكان ]
زاهدا عابدا يقال له المثرم بن رعيب بن الشيقيان ( 5 ) وكان أحد العباد ، قد عبداله
تعالى مائتين وسبعين سنة ، لم يسأله حاجة ( 6 ) حتى أن الله عزوجل أسكن في قلبه
الحكمة وألهمه لحسن ( 7 ) طاعته لربه ، فسأل الله تعالى أن يريه ولياله ، فبعث الله تعالى
له بأبي طالب ( 8 ) فلما بصر به المثرم ( 9 ) قام إليه وقبل رأسه وأجلسه بين يديه ، ثم قال :
من أنت يرحمك ؟ فقال له : رجل من تهامة ، فقال : من أي تهامة ( 10 ) ؟ فقال : من عبد مناف
فقال : من أي عبد مناف ؟ قال : من هاشم ، فوثب العابدو قبل رأسه ثانية وقال : الحمدلله الذي
لم يمتني حتى أراني وليه .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : من ظهر طاهر وهو ظهر عبدالله .
( 2 ) في المصدر : فلما ظهرت .
( 3 ) ليست في المصدر كلمة ( فأقروا ) .
( 4 ) في المصدر : فاطلع الله عزوجل عليا من ظهر طاهر من بنى هاشم ، فمن قبل أن صارأه .
( 5 ) في المصدر : رغيب الشيقيان .
( 6 ) في المصدر : لم يسأله الا أجابه .
( 7 ) في المصدر : بحسن .
( 8 ) في المصدر : فبعث الله تعالى أبا طالب .
( 9 ) في ( ك ) : ( المبرم ) في جميع الموارد .
ولكن الصحيح المثرم كما تقدم عن روضة
الواعظين .
( 10 ) في المصدر : فقال : اى تهامة .