[111]


ابن علي بن بابويه بإسناد له أن عبدالعظيم بن عبدالله العلوي كان مريضا ، فكتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام : عرفني يا ابن رسول الله عن الخبر المروي أن أبا طالب في ضحضاح من نار ( 1 ) يغلي منه دماغه ، فكتب إليه الرضا عليه السلام : ( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنك إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار ( 2 ) ) .
42 وبالاسناد إلى الكراجكي عن رجاله ، عن أبان ، عن محمد بن يونس ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب ؟ قلت : جعلت فداك يقولون هو في ضحضاح من نار ، وفي رجليه نعلان من نار تغلي منهما أم رأسه ، فقال : كذب أعداء الله ، إن أبا طالب من رفقاء النبين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن اولئك رفيقا ( 3 ) .
أقول : روى الكراجكي تلك الاخبار في كتاب كنز الفوائد مع أشعار كثيرة دالة على إيمانه ، وتركناها مخافة التطويل والتكرار ( 4 ) .
رجعنا إلى كلام السد : 43 وأخبرني الشيخ أبوالفضل ابن الفضل ابن الحسين الحلي ، عن محمد بن محمد بن الجعفرية ، عن محمد بن أحمد بن الحسن ، عن محمد بن أحمد بن شهريار ( 5 ) ، عن أبي الحسن بن شاذان ، عن محمد بن علي بن بابويه ، عن أبي علي ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن أحمد بن هلال ، عن علي بن حسان ، عن عمه قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام .
إن الناس يزعمون أن أبا طالب في ضحضاح من نار ، فقال : كذبوا ، ما بهذا نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ، قلت : وبما نزل ؟ قال : أتى جبرئيل في بعض ما كان عليه فقال : يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك : إن أصحاب الكهف أسر وا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين ، وإن أبا طالب أسر الايمان وأظهر الشرك فآتإه الله أجره مرتين ، وما خرج من الدنيا حتى

_________________________________________________________
( 1 ) قال في النهاية ( 3 : 13 ) الضحضاح في الاصل مارق من الماء على وجه الارض وما يبلغ الكعبين ، فاستعاره للنار .
( 2 ) المصدر نفسه : 16 .
( 3 ) المصدر نفسه : 16 و 17 .
ورواه الكراجكى في كنز الفوائد : 80 .
( 4 ) أشرنا إلى موضع الروايات ، واما الاشعار فراجع ص 78 و 79 .
( 5 ) في المصدر بعد ذلك : عن والده * أقول : وقدمر السند بعينه في ص 109 مع اختلاف فراجع ( ب )

[112]


أتتة البشارة من الله تعالى بالجنة ثم قال عليه السلام : كيف يصفونه بهذا ( 1 ) وقد نزل جبرئيل ليلة مات أبوطالب فقال : يا محمد اخرج عن مكة فمالك بها ناصر بعد أبي طالب .
( 2 ) .
44 وأخبرني الشيخ محمد بن إدريس ، عن أبي الحسن العريضي ، عن الحسين بن طحان ، عن أبي علي ، عن محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، عن رجاله ، عن ليث المرادي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : سيدي إن الناس يقولون : إن أبا طالب في ضحضاح من ناريغلي منه دماغه ، قال عليه السلام : كذبوا والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم .
ثم قال عليه السلام : كان والله أميرالمؤمنين يأمر أن يحج عن أب النبي وأمة وعن أبي طالب في حياته ، ولقد أوصى في وصيته بالحج عنهم بعد مماته ( 3 ) .
ثم قال قدس الله روحه فهذه الاخبار المختصة بذكر الضحضاح وما شا كلها من روايات أهل الضلال وموضوعات بني امية وأشياعهم ، وأحاديث الضحضاح جميعها تستند إلى المغيرة بن شعبة وهو رجل ضنين ( 4 ) في حق بني هاشم لانه معرفو بعداوتهم ، وروي عنه أنه شرب في بعض الايام ، فلما سكر قيل له ، ما تقول في إمامة بني هاشم ؟ فقال : والله ما أردت لهاشمي قط خيرا ، وهو مع ذلك فاسق ، ثم ذكر قصة زناه بالبصرة وتعطيل عمر حده كا ذكرناه في كتاب الفتن ، وذكر وجوها اخر لبطلان هذه الرواية تر كناها روما للاختصار ، ثم قال : 45 وأخبرني شاذان بن جبرئيل بإسناده إلى محمد بن علي بن بابويه يرفعه إلى داود الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ولي على رجل دين وقد خفت تواه ( 5 ) ، فشكوت ذلك إليه فقال : إذا مررت بمكة فطف عن عبدالمطلب طوافا وصل عنه ركعتين ، وطف عن أبي طالب طوافا وصل عنه ركعتين ، وطف عن عبدالله طوافا وصل عنه ركعتين ،

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : كيف يصفونه بهذا الملاعين .
( 2 ) المصدر نفسه : 17 .
( 3 ) المصدر نفسه : 17 و 18 .
( 4 ) أى بخيل وفى المصدر : وهو رجل ظنين .
( 5 ) التوى : الخسارة والضياع .

[113]


وطف عن آمنة طوافا وصل عنها ركعتين ، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا وصل عنها ركعتين ، ثم ادع الله عزوجل أن يرد عليك مالك ، قال : ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمى واقف يقول : يا داود حبستني تعال فاقبض حقك ( 1 ) .
46 وأخبرني محمد إدريس بإسناده إلى أبي جعفر الطوسي ، عن رجاله ، عن الثمالي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أخبرني العباس بن عبدالمطلب أن أبا طالب شهدء عند الموت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
( 2 ) 47 وبالاسناد عن أبي جعفر ، عن رجاله ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام قال : مامات أبوطالب حتى أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله من نفسه الرضى ( 3 ) .
48 وبالاسناد عن حماد ، عن أبى عبدالله عليه السلام قال : إنا لنرى أن أبا طالب أسلم بكلام الجمل ( 4 ) .
أقول : قال السيد رضي الله عنه : قوله عليه السلام : ( لنرى ) معناه : لنعتقد ، لانه يقال : فلان يرى رأي فلان أي يعتقد اعتقاده .
وقوله عليه السلام : ( بكلام الجمل ) يعني الجمل الذي خاطب النبي صلى الله عليه وآله وقصته معروفة ( 5 ) .
ثم قال :
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 113 سطر 15 إلى صفحه 121 سطر 15 49 وأخبرني محمد بن إدريس بإسناده إلى أبي جعفر يرفعه إلى أيوب بن نوح عن العباس بن عامر ، عن ربيع بن محمد ، عن أبي سلام بن أبي حمزة ، عن معروف بن خر بوذ ، عن عامر بن واثلة قال : قال علي عليه السلام : إن أبي حين حضره الموت شهده رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرني فيه بشئ أحب إلي من الدنيا ومافيها ( 6 ) .
50 وأخبرني عبدالحميد بن التقي بإسناده عن أبي علي الموضع ، عن الحسن السكوني ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن الزبير بن بكار ، عن إبراهيم المنذر ، عن عبدالعزيز ابن عمران ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبي حبيبة ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس

_________________________________________________________
( 1 ) المصدر نفسه : 22 .
وفيه : يا داود جئنى هناك فاقبض حقك .
( 52 ) المصدر نفسه : 22 .
( 6 ) المصدر نفسه : 22 و 23 .
وفيه : فاخبرنى عنه بشئ خيرك اه .

[114]


قال : جاء أبوبكر إلى النبي صلى الله عليه وآله بأبي قحافة يقوده ( 1 ) وهو شيخ كبير أعمى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لابي بكر : ألا تركت الشيخ حتى نأتيه ؟ فقال : أردت يا رسول الله أن يأجرني الله ، أما والذي بعثك بالحق نبيا لانا كنت أشد فرحا بإسلام عمك أبي طالب مني بإسلام أبي ، ألتمس بذلك قرة عينك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صدقت .
وقد روى هذا الحديث أبوالفرج الاصفهاني عن أبي بشر ، عن الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : جاء أبوبكر بأبي قحافة إلى النبي صلى الله عليه وآله وذكر الحديث ( 2 ) .
51 وبالاسناد عن أبي علي الموضح ، عن محمد بن الحسن العلوي ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن أحمد بن محمد العطار ، عن حفص بن عمر بن الحارث ، عن عمر بن أبي زائدة ، عن عبدالله ابن أبي الصيفي ( 3 ) ، عن الشعبي يرفعه عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : كان والله أبوطالب عبد مناف بن عبدالمطلب مؤمنا مسلما يكتم إيمانه مخافة على بني هاشم أن تنابذها قريش ( 4 ) قال أبوعلي الموضح : ولاميرالمؤمنين عليه السلام في أبيه يرثيه يقول ( 5 ) : أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم ( 6 ) لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خيرعم ( 7 ) فلو كان مات كافرا ما كان أميرالمؤمنين عليه السلام يرثيه بعد موته ويدعو له بالرضوان

_________________________________________________________
( 1 ) قاد الدابة : مشى أمامها آخذا بقيادها .
( 2 ) المصدر نفسه : 23 .
واورده ابوالفرج في الاغانى .
( 3 ) في المصدر : عن عبدالله بن أبى الصقر .
( 4 ) نابذه : خالفه وفارقه عن عداوة .
( 5 ) ليست كلمة ( يقول ) في المصدر .
( 6 ) الغيث : المطر والمحول بضم الميم جمع المحل : الجدب وانقطاع المطر ويبس الارض .
فالمراد اما الاشارة إلى منزلة ابى طالب عندالله تعالى ، بحيث كان بيمن وجوده ينزل الله الغيث عند الجدب وانقطاع المطر ، أوالى وجوده ونواله حيث كان ملجا وملاذا للفقراء والمساكين عندالجدب والقحط .
( 7 ) في المصدر : فقد كنت للمصطفى خيرعم .

[115]


من الله تعالى ( 1 ) .
52 وبالاسناد عن أبي علي الموضح قال : تواترت الاخبار بهذه الرواية وبغيرها عن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمنا ؟ فقال : نعم ، فقيل له : إن ههنا قوما يزعمون أنه كافر ، فقال : واعجباه ( 2 ) أيطعنون على أبي طالب أو علي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وقدنهاه الله أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ، ولايشك أحد أن بنت أسد ( 3 ) من المؤمنات السابقات ، وأنها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبوطالب رضي الله عنه ( 4 ) .
53 وأخبرني الحسن بن معية ، عن عبدالله بن جعفر بن محمد الدوريستي ، عن أبيه ، عن جده عن محمد بن علي بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن خلف ابن حماد ، عن أبي الحسن المعيدي ( 5 ) ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبدالله بن عباس ، عن أبيه قال : قال أبوطالب للنبي صلى الله عليه وآله بمحضر من قريش ليريهم فضله : يا ابن أخي ، الله أرسلك ؟ قال : نعم ، قال إن للانبياء معجزا وخرق عادة فأرنا آية ، قال : ادع تلك الشجرة وقل لها : يقول لك محمد بن عبدالله : أقبلي بإذن ، فدءاه فأقبلت حتى سجدت بين يديه ، ثم أمرها بالانصراف فانصرفت ، فقال أبوطالب : أشهد أنك صادق ، ثم قال لابنه علي : يا بني الزم ابن عمك ( 6 ) .
54 وأخبرني بالاسناد إلى أبي الفرج ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن علي ، عن علي بن أحمد بن مسعدة ، عن عمه ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : كان أميرالمؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدون ، وقال : تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير ( 7 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) المصدر نفسه : 23 و 24 .
( 2 ) في المصدر : فقال واعجبا كل العجب .
( 3 ) في المصدر : ان فاطمة بنت أسد .
( 4 ) المصدر نفسه : 24 .
( 5 ) في المصدر : عن ابى الحسن العبدى .
( 6 ) المصدر نفسه : 24 و 25 .
( 7 ) المصدر نفسه : 25 .

[116]


55 وأخبرني أبوالفضل شاذان بن جبرئيل ، عن الكراجكي ، عن طاهرين موسى ( 1 ) ، عن مزاحم بن عبدالوارث ، عن أبي بكر بن عبدالعزيز ، عن العباس بن علي ، عن علي بن عبدالله ، عن جعفر بن عبدالواحد ، عن العباس بن الفضل ، عن إسحاق بن عيسى قال : سمعت أبي يقول : سمعت المهاجر مولى بني نوفل يقول : سمعت ( 2 ) أبا طالب بن عبدالمطلب يقول : حدثني محمد صلى الله عليه وآله أن ربه بعثه بصلة الرحم وأن يعبدالله وحده ولا يعبد معه غيره ، ومحمد عندي الصادق الامين ( 3 ) .
56 وحدثني بهذا الحديث نصر بن علي ، عن ذاكر بن كامل ، عن علي بن أحمد الحداد ، عن أحمد بن عبدالله الحافظ ، عن أحمد بن فارس المعبدي ( 4 ) ، عن علي بن سراج ، عن جعفر بن عبدالواحد ، عن محمد بن عباد ، عن إسحاق بن عيسى ، عن مهاجر مولى بني نوفل قال : سمعت أبا رافع يقول : سمعت أبا طالب يقول : حدثني محمد صلى الله عليه وآله أن الله أمره بصلة الارحام وأن يعبدالله وحده ولا يعبد معه غيره ، ومحمد عندي المصدق الامين ( 5 ) .
57 وأخبرنا به أيضا محمد بن إدريس بإسناده إلى أبي الفرج ، عن أحمد بن إبراهيم عن هارون بن عيسى ، عن جعفر بن عبدالواحد ، عن العباس بن الفضل ، عن إسحاق بن عيسى عن أبيه قال : سمعت المهاجر مولى بني نوفل يقول : سمعنا أبا رافع يقول : سمعت أبا طالب يقول : حدثني محمد بن عبدالله أن ربه بعثه بصلة الارحام وأن يعبدالله وحده لا شريك له ولا يعبد سواه ، ومحمد الصدوق الامين ( 6 ) .
58 وأخبرني يحيى بن محمد بن أبي زيد ، عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن أبي الغنائم ، عن الشريف على بن محمد الصوفي ، عن الحسين بن أحمد البصري ، عن يحيى بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي علي بن همام ، عن جعفر بن محمد الفزاري ، عن عمران بن معافا ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن الباقر عليه السلام أنه قال : مات أبوطالب بن

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر بعد ذلك : عن ميمون بن حمزة الحسينى .
( 2 ) في المصدر : سمعت أبا رافع يقول : سمعت ابا طالب اه .
( 3 ) المصدر نفسه : 25 و 26 .
\ \ \ ( 4 ) في المصدر : البرقعيدى .
( 5 ) المصدر نفسه : 26 .
وفيه : ومحمد عندى الصدوق الامين .
( 6 ) المصدر نفسه : 26 و 27 .

[117]


عبدالمطلب مسلما مؤمنا [ وشعره في ديوانه يدل على إيمانه ، ثم محبته وتربيته ونصرته و معاداة أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وموالاة أوليائه ، وتصديقه إياه بماجاء به من ربه ، و أمره لولديه : علي وجعفر بأن يسلما ويؤمنا بمايدعو إليه ، وأنه خير الخلق ، وأنه يدعو إلى الحق والمنهاج المستقيم ، وأنه رسول الله رب العالمين ، فثبت ذلك في قلوبهما ، فحين دعاهما رسول الله صلى الله عليه وآله أجاباه في الحال ، وما تلبثا لما قدقرره أبوهما عندهما من أمره ، و كانا يتأملان أفعال رسول الله صلى الله عليه وآله فيجدانها كلها حسنة يدعو إلى سداد واستناد ( 1 ) ، فحسبك إن كنت منصفا منه هذا أن يسمح بمثل علي وجعفر ولديه وكانا من قلبه بالمنزلة المعروفة المشهورة لما يأخذان به أنفسهما من الطاعة له ، والشجاعة وقلة النظير لهما أن يطيعا رسول الله صلى الله عليه وآله فيما يدعوهما إليه من دين وجهاد ، وبذل أنفسهما ، ومعاداة من عاداه ، وموالاة من والاه من غير حاجة إليه لا في مال ولا في جاه ولا غيره ، لان عشيرته أعداؤه ، وأمال المال فليس له ، فلم يبق إلا الرغبة فيما جاء به من ربه ( 2 ) .
أقول : الظاهر أنه إلى هنا من الرواية لانه رحمه الله قال بعد ذلك : فهذا الحديث مروي عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام فلقد بين حال أبي طالب فيه أحسن تبيين ، ونبه على إيمانه أجل تنبيه ، ولقد كان هذا الحديث كافيا ( 3 ) في معرفة إيمان أبي طالب أسكنه الله جنته ( 4 ) لمن كان منصفا لبيبا عاقلا أديبا .
وقد كنت سمعت جماعة من أصحابنا العلماء مذاكرة يروون عن الائمة الراشدين من آل محمد صلوات الله عليهم أنهم سئلوا عن قول النبي صلى الله عليه وآله المتفق على روايته المجمع على صحته : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) فقالوا : أراد بكافل اليتيم عمه أبا طالب لانه كفله يتيما من أبويه ولم يزل شفيقا عليه ( 5 ) .
ثم قال قدس سره : ] *

_________________________________________________________
( 1 ) ؟ ؟ : تدعو إلى سداد ورشاد .
( 2 ) المصدر نفسه : 27 و 28 .
( 3 ) في المصدر : ولقد كان هذا الحديث وحده .
( 4 ) في المصدر : بعد ذلك : ومنحه رحمته .
* أقول : ما بين العلامتين لايوجد في ( ت ) والظاهر أن ذلك ملحق بالكتاب في طبعة ( ك ) فان استظهار بأنه ( إلى هنا من الرواية ) على غير محله والمؤلف قده أجل شانا من أن يلتبس عليه متن الحديث بغيره الاترى العبارات والاستدلالات فيها خصوصا قوله : ( فحسبك ان كنت منصفا ) تنادى صريحا بأنها ليست رواية بل من كلام الرواة المتكلمين ؟ ! ( ب ) .

[118]


59 وأخبرني السيد عبدالحميد ، عن عبدالسميع بن عبدالصمد ، عن جعفر بن هاشم بن علي ، عن جده ، عن أبي الحسن علي بن محمد الصوفي ، عن الحسن بن محمد بن يحيى عن جده يحيى بن الحسن يرفعه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعقيل بن أبي طالب : أنا احبك يا عقيل حبين : حبالك وحبا لابي طالب لانه كان يحبك ( 1 ) .
60 وأخبرني أبوالفضل شاذان بن جبرئيل ، عن الكراجكي يرفعه قال ، أصابت قريشا ( 2 ) أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ( 3 ) ، وكان أبوطالب ذامال يسير وعيال كثير ، فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والاضافة والجهد والفاقة ، فعند ذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عمه العباس فقال له : يا أباالفضل إن أخاك كثير العيال مختل الحال ، ضعيف النهضة والعزمة ( 4 ) ، وقد نزل به ما نزل من هذه الازمة ، ودوو الارحام أحق بالرفد وأولى من حمل الكل ( 5 ) في ساعة الجهد ، فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه ، فلنحمل بعض أثقاله ( 6 ) ، و نخفف عنه من عياله ، يأخذكل واحد منا واحدا من بنيه ليسهل بذلك عليه بعض ما هو فيه ( 7 ) ، فقال العباس : نعم ما رأيت والصواب فيما أتيت ، هذا والله الفضل الكريم و الوصل الرحيم ، فلقيا أبا طالب فصبراه ولفضل آبائهما ذكراه ( 8 ) ، وقالا له : إنا نريد أن نحمل عنك بعض الحال ، فادفع إلينا من أولادك من تخفف عنك به الاثقال ، فقال أبوطالب : إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فافعلا ما شئتما ، فأخذ العباس جعفرا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ، فانتجبه لنفسه ( 9 ) واصطفاه لمهم أمره ، وعول عليه في سره وجهره

_________________________________________________________
( 1 ) المصدر نسفه : 33 و 34 .
( 2 ) في هامش ( ك ) قريشا : والازمة : القحط والجدب .
( 3 ) نهك الضرع : استوفى جميع مافيه .
( 4 ) أى الطافة والقوة .
( 5 ) رفده : اعطاه واعانه ، والرند : النصيب .
والكل بفتح الكاف الضعيف الذى لا يقدر شيئا .
( 6 ) في المصدر : فلنحمل عنه بعض أثقاله .
( 7 ) في المصدر : بعض ما ينوء فيه .
أى ينهض بجهد ومشقة .
( 8 ) في المصدر : ولفضل آبائه ذكراه .
وفى ( د ) و ( م ) و ( ت ) ولفضله اياهما ذكراه .
( 9 ) في المصدر : فانتخبه لنفسه .

[119]


وهو مسارع لموصوفاته ( 1 ) ، موفق للسداد في جميع حالاته .
وقد روي من طريق آخر أن العباس بن عبدالمطلب أخذ جعفرا وأخذ حمزة طالبا وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا .
وروي من طريق آخر أن أبا طالب قال للني صلى الله عليه وآله والعباس حين سألاه ذلك : إذا خليتما لي عقيلا فخذا من شئتما ، ولم يذكر طالبا ( 2 ) .
61 وأخبرني الشيخ الفقيه شاذان بإسناده إلى الكراجكي يرفعه أن أبا جهل بن هشام جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله ومعه حجر يريد أن يرميه به إذا سجد رسول الله صلى الله عليه وآله رفع أبوجهل يده فيبست على الحجر ، فرجع وقد التصق الحجر بيده ، فقال له أشياعه من المشركين : أخشيت ( 3 ) ؟ قال : لا ولكني رأيت بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه ( 4 ) ، فقال في ذلك أبوطالب رضي الله عنه وأرضاه هذه الابيات : أفيقوا بني عمنا وانتهوا * عن الغي في بعض ذا المنطق وإلا فإني إذا خائف * بوائق في داركم تلتقي ( 5 ) تكون لغاير كم عبرة ( 6 ) * ورب المغارب والمشرق كما ذاق من كان من قبلكم * ثمود وعاد فمن ذابقي ؟ غداة أتتهم بها صرصر ( 7 ) * وناقة ذي العرش إذ تستقي فحل عليهم بها سخطة * من الله في ضربة الازرق غداة يعض بعرقوبها ( 8 ) * حسام من الهند ذو رونق وأعجب من ذاك في أمركم * عجائب في الحجر الملصق

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وهو مسارع لمرضاته .
( 2 ) المصدر نفسه : 34 و 35 .
( 3 ) في المصدر : أجبنت ؟ ( 4 ) خطر الجمل بذنبه : رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه .
( 5 ) البوائق جمع البائقة : الداهية والشر .
( 6 ) الغابر : الماضى .
الباقى .
والثانى هو المراد هنا .
( 7 ) الصرصر من الرياح : الشديدة الهبوب .
( 8 ) العرقوب : عصب غليظ فوق العقب .

[120]


بكف ، الذي قام من حينه ( 1 ) * إلى الصابر الصادق المتقي فأثبته الله في كفه * على رغم ذالخائن الاحمق ( 2 ) [ وأقول : روى الكراجكي رحمه الله هذا الخبر بعينه مرسلا .
( 3 ) ثم قال السيد : ] 62 وأخبرني عبدالحميد بإسناده إلى الشريف الموضح يرفعه قال : كان أبوطالب يحث ابنه عليا ويحضه على نصر النبي صلى الله عليه وآله وقال علي عليه السلام : قال لي ( 4 ) : يا بني الزم ابن عمك فإنك تسلم به من كل بأس عاجل وآجل .
ثم قال لي : إن الوثيقة في لزوم محمد * فاشدد بصحبته علي يديكا 63 وأخبرني شاذان بن جبرئيل عن الكراجكي ، عن محمد بن علي بن صخر ، عن عمر بن محمد بن سيف ، عن محمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن صنو بن صلصال قال : قال كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله مع أبي طالب قبل إسلامي ، فأني يوما لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدة القيظ ( 5 ) إذ خرج أبوطالب إلي شبيها بالملهوف فقال لي : يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين يعني النبي وعليا صلوات الله عليهما فقلت : ما رأيتهما مذجلست ، فقال : قم بنا في الطلب لهما فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما ، قال : فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ، ثم صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقينا ( 6 ) إلى قلته فإذا النبي وعلي عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يركعان ويسجدان ، قال فقال أبوطالب لجعفر ابنه ( 7 ) : صل جناح ابن عمك ، فقام إلى جنب علي ، فأحس بهما

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر بكف الذى قام في جنبه .
( 2 ) المصدر نفسه : 51 و 52 .
( 3 ) كنز الفوائد : 74 و 75 .
وفيه أفيقوا بنى غالب وانتهوا وما بين العلامتين لا يوجد في ( ت ) ( 4 ) في المصدر : قال لى ابى .
( 5 ) القيظ : شدة الحر .
صميم الصيف .
( 6 ) اى صعدنا .
( 7 ) في المصدر بعد ذلك : وكان معنا .