[121]
النبي صلى الله عليه وآله فتقد مهما ، وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا مما كانوا فيه ، ثم أقبلوا نحونا
فرأيت السرور يتردد في وجه أبي طالب ، ثم انبعث يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والنوب
لاتخذ لا وانصرا ابن عمكما * أخي لامي من بينهم وأبي
والله لا أخذل النبي ولا * يخدله من بني ذوحسب ( 1 )
64 وأخبرني عبدالحميد بإسناده يرفعه ( 2 ) إلى عمران بن حصين قال : كان والله
إسلام جعفر بأمرأبيه ، وذلك أنه مر أبوطالب ومعه ابنه جعفر برسول الله صلى الله عليه وآله ( 3 ) و
وعلي عن يمينه ، فقال أبوطالب لجعفر : صل جناج ابن عمك ، فجاء جعفر فصلى مع
النبي صلى الله عليه وآله فلما قضى صلاته قال له النبي صلى الله عليه وآله : يا جعفر وصلت جناح ابن عمك ، إن
الله يعوضك من ذلك جناحين تطير بهما في الجنة ، فأنشأ أبوطالب يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي * إلى قوله ( ذو حسب ) ( 4 )
حتى ترون الرؤوس طائحة ( 5 ) * منا ومنكم هناك بالقضب
نحن وهذا النبي أنصره ( 6 ) * نضرب عنه الاعداء كالشهب
إن نلتموه بكل جمعكم * فنحن في الناس ألام العرف ( 7 )
65 وروى الواقدي بإسناد له أن رسول الله لما كثر أصحابه ، فظهر أمره ، اشتد
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 121 سطر 16 إلى صفحه 129 سطر 16
ذلك على قريش وأنكر بعضهم على بعض ، وقالوا : قد أفسد محمد بسحره سفلتنا وأخرجهم
_________________________________________________________
( 1 ) المصدر نفسه : 58 و 59 .
( 2 ) في المصدر : باسناده إلى ابى على الموضح يرفعه .
( 3 ) في المصدر : برسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلى .
( 4 ) ذكر في المصدر بعد البيتين المذكورين في الرواية المتقدمة بيت آخر وهو :
ان ابا معتب قد أسلمنا * ليس أبومعتب بذى حدب
( 5 ) طاع : رأسه : ضربه بالسيف فأطاره .
( 6 ) في المصدر : نحن وهذا النبي اسرئه .
( 7 ) المصدر نفسه : 59 و 60 .
[122]
عن ديننا ، فلتأخذ كل قبيلة من فيها من المسلمين ( 1 ) ، فيأخذ الاخ أخاه وابن العم ابن
عمه فيشده ويوثقه كتافا ويضربه ويخوفه وهم لا يرجعون ، فأنزل الله : ( ألم تكن أرض الله
واسعة فتهاجروا فيها ( 2 ) ) فخرج جماعة من المسلمين إلى الحبشة يقدمهم جعفر بن أبي طالب
فنزلوا على النجاشي ملك الحبشة فأقاموا عنده في كرامة ورفيع منزلة وحسن جوا ، و
عرفت قريش ذلك فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي
[ فخرج ( 3 ) ] فلما قدم عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد في رهط من أصحابهما على النجاشي
تقدم عمرو بن العاص فقال : أيها الملك إن هؤلاء قوم من سفهائنا صباة ، قد سحر هم محمد
ابن عبدالله بن عبدالمطلب ، فادفعهم عنك فإن صاحبهم يزعم أنه نبي قدجاء بنسخ دينك
ومحوما أنت عليه ، فلم يلتفت النجاشي إلى قوله ولم يحفل ( 4 ) بما أرسلت به قريش ، و
جرى على إكرام جعفر وأصحابه وزاد في الاحسان إليهم ، وبلغ أبا طالب ذلك فقال يمدح
النجاشي :
ألا ليت شعري كيف في الناس جعفر * وعمرو وأعداء النبي الاقارب
وهل نال أفعال النجاشي جعفرا ( 5 ) * وأصحابه أم عاق ذلك شاغب ( 6 )
تعلم خيار الناس إنك ماجد * كريم فلايشقى لديك المجانب
وتعلم بأن الله زادك بسطة * وأسباب خير كلها لك لازب
فلما بلغت الابيات النجاشي سر بها سرورا عظيما ولم يكن يطمع أن يمدحه
أبوطالب بشعر ، فزاد في إكرامهم وأكثر من إعظامهم ، فلما علم أبوطالب سرور
النجاشي قال يدعوه إلى الاسلام ويحثه على اتباع من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام :
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر ، فلتأخذ كل قبيلة من فيها من الصباة ولتعذبه حتى يعود عما علق به من دين
محمد صلى الله عليه وآله ، وكانت كل قبيلة تعذب من فيها من المسلمين اه .
( 2 ) سورة النساء : 97 .
( 3 ) * أقول : قوله : فخرج ، زائد في ( ك ) وفى المصدر : ( فخرج عمرو بن العاص وهو
يقول .
.
.
) وذكر أبياتا وكلاما سيجئ نقلها عن ابن أبي الحديد في ص 162 ( ب ) .
( 4 ) اى ما بالى به ولا اهتم به .
( 5 ) في المصدر : وهل نال احسان النجاشى جعفرا .
( 6 ) ياتى معناه في البيان ، وفى المصدر : واصحابه ام عاق ذلك شاعب .
[123]
تعلم خيار الناس أن محمدا * وزير لموسى والمسيح بن مريم
أتى بالهدى مثل الذي أتيابه * فكل بأمرالله يهدي ويعصم
وإنكم تتلونه في كتابكم * بصدق حديث لاحديث الترجم ( 1 )
فلا تجعلوا الله ندا وأسلموا * فإن طريق الحق ليس بمظلم
وإنك ما يأتيك منا عصابه * لقصدك إلا ارجعوا بالتكرم ( 2 )
66 وأخبرني الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن الجوزي وكان ممن يرى كفر أبي
طالب ويعتقده بإسناده إلى الواقدي قال : كان أبوطالب بن عبدالمطلب لايغيب صباح
النبي صلى الله عليه وآله ومساءه ( 3 ) ، ويحرسه من أعدائه ، ويخاف أن يغتالوه ، فلما كان ذات يوم
فقده ولم يره ، وجاء المساء فلم يره ، وأصبح فطلبه في مظانه فلم يجده ، فجمع ولدانه و
عبيده ( 4 ) ومن يلزمه في نفسه فقال لهم : إن محمدا قد فقدته في أمسنا ويومنا هذا ، ولا أظن
إلا أن قريشا قد اغتالته وكادته ، وقد بقى هذا الوجه ( 5 ) ماجئته ، وبعيد أن يكون فيه ،
واختار من عبيده عشرين رجلا فقال : امضوا وأعدوا سكاكين ، وليمض كل رجل منكم
وليجلس إلى جنب سيد من سادات قريش ، فإن أتيت ومحمد معي فلا تحدثن أمرا وكونوا
على رسلكم ( 6 ) حتى أقف عليكم ، وإن جئت وما محمد معي فليضرب كل رجل منكم الرجل
الذي إلى جانبه من سادات قريش ، فمضوا وشحذوا سكاكينهم ( 7 ) ، ومضى أبوطالب في
_________________________________________________________
( 1 ) رجم بالغيب أى تكلم بمالايعلم .
وفى المصدر : لا حديث المترجم .
( 2 ) المصدر نفسه : 54 57 .
( 3 ) في المصدر : ولا مساءه .
( 4 ) في المصدر : وأصبح الصباح فطلبه في مظانه فلم يجده ، فلزم أحشاءه وقال : وا ولداه و
جمع عبيده اه .
( 5 ) الوجه : الجهة والجانب .
( 6 ) الرسل بكسر الراء وسكون السين التمهل والتؤدة والرفق ، يقال : على رسلك يا رجل
اى على مهلك وتأن .
( 7 ) في المصدر : وشحذوا سكاكينهم حتى رضوها .
[124]
الوجه الذي أراده ومعه وهط من قومه ( 1 ) ، فوجده في أسفل مكة قائما يصلي إلى جانب صخرة ( 2 )
فوقع عليه وقبله وأخذ بيده وقال : يا ابن أخ قد كدت أن تأتي على قومك ، سرمعي .
فأخذ بيده وجاء إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة ، فلما رأوه قد
جاء ويده في يد النبي صلى الله عليه وآله قالوا : هذا أبوطالب قد جاءكم بمحمد ، إن له لشأنا ، فلما
وقف عليهم والغضب يعرف وجهه قال لعبيده : أبرزوا ما في أيديكم ، فأبرز كل واحد
منهم ما في يده ، فلما رأوا السكاكين قالوا : ما هذا يا أبا طالب ؟ قال : ما ترون إني طلبت
محمدا فا أراه ( 3 ) منذيومين ، فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم ، فأمرت هؤلاء أن
يجلسوا إلى حيث ترون ، وقلت لهم : إن جئت وما محمد معي ( 4 ) فليضرب كل منكم
صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذنني فيه ولوكان هاشيما ، قالوا : وهل كنت فاعلا ؟
فقال : إي ورب هذه وأومأ إلى الكعبة فقال له مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف
وكان من أحلافه لقد كدت تأتي على قومك ، ( 5 ) قال : هو ذاك ، ومضى به وهو يرتجز ( 6 ) :
اذهب بني فما عليك غضاضة * إذهب وقر بذاك منك عيونا
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى اوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وذكرت دينا لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا
قال : فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت
إليهم ( 7 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ومعه رهطه من قومه .
( 2 ) في المصدر : إلى جنب صخرة .
( 3 ) في المصدر : فلم أره .
( 4 ) في المصدر : وليس محمد معى .
( 5 ) أى قد كدت أن تفنى قومك يقال أتى عليهم الدهر : أفناهم
( 6 ) في المصدر وهو يقول .
( 7 ) المصدر نفسه : 61 64 .
[125]
67 وأخبرني مشائخي : محمد بن إدريس وأبوالفضل شاذان بن جبرئيل وأبوالعز
محمد بن علي بأسانيدهم إلى الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان يرفعه قال : لما مات أبوطالب
رضي الله عنه أتى أميرالمؤمنين عليه السلام النبي صلى الله عليه وآله فآذنه بموته ، فتوجع توجعا عظيما
وحزن حزنا شديدا ، ثم قال لاميرالمؤمنين عليه السلام : امض يا علي فتول امره وتول غسله
وتحنيطه وتكفينه فإذا رفعته على سريرته فأعلمني ، ففعل ذلك أميرالمؤمنين عليه السلام فلما رفعه على
السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله ( 1 ) فرق وتحزن وقال : وصلت رحما وجزيت خيرا يا عم
فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، ونصرت وآزرت كبيرا ، ثم أقبل على الناس وقال : أما والله
لاشفعن لعمي شفاعة يعجب به أهل الثقلين ( 2 ) .
68 وأخبرني أبوعبدالله بإسناده إلى أبي الفرج ، عن أبي بشر ، عن محمد بن هارون
عن أبي حفص ، عن عمه قال : قال السبيعي : لما فقدت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله في القبائل
بالموسم ( 3 ) وزعموا أنه ساحر قال أبوطالب رضي الله عنه .
زعمت قريش أن أحمد ساحر * كذبوا ورب الراقصات إلى الحرم
ما زلت أعرفه بصدق حديثه * وهو الامين على الحرائب والحرم ( 4 )
ليت شعري إذا كان ما زال يعرفه بصدق الحديث ما الذب يدعوه إلى تكذيبه ! ؟
أخذ الله له بحقه من الذين يفترون وينسبون الكفر إليه ( 5 ) ،
69 وأخبرني عبدالحميد بن التقي رحمه الله بإسناده إلى الاصبغ بن نباتة قال ،
سمعت أميرالمومنين عليا عليه السلام يقول : مر رسول الله صلى الله عليه وآله بنفر من قريش وقد نحروا جزورا
وكانوا يسمونها الفهيرة ( 6 ) ويجعلونها على النصف فلم بسلم عليهم ، فلما انتهي إلى دارالندوة
_________________________________________________________
( 1 ) يقال : اعترض الشئ : تكلفه اى احتمل السرير على عاتقه ( ب ) .
( 2 ) المصدر نفسه : 67 .
( 3 ) في المصدر : لما قعدت قريش لرسول الله بالموسم .
( 4 ) قال في القاموس ( 1 : 53 ) حريبة الرجل : ماله الذى سلبه أو يعيش به .
( 5 ) المصدر نفسه : 71 و 72 .
وفيه : وينسبون اليه ماليس يكون .
( 6 ) في المصدر : وكانوا بسمونها الظهيرة .
[126]
قالوا : يمر بنا يتيم أبي طالب ولم يسلم ( 1 ) ! فأيكم يأتيه فيفسد عليه مصلاه ؟ فقال عبدالله
ابن الزبعري السهمي : أنا أفعل ، فأخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو ساجد
فملا به ثيابه ( 2 ) ، فانصرت النبي صلى الله عليه وآله حتى أتى عمه أبا طالب ، فقال : يا عم من أنا ؟
فقال : ولم يا ابن أخ ، فقص عليه القصة ، فقال : وأين تركتهم ؟ فقال : بالابطح ، فنادى
في قومه : يا آل عبدالمطلب يا آل هاشم يا آل عبد مناف ، فأقبلوا إليه من كل مكان ملبين ،
فقال : كم أنتم ؟ فقالوا : نحن أربعون ، قال : خذوا سلاحكم ، فأخذ واسلاحهم وانطلق بهم
حتى انتهى إليهم ( 3 ) ، فلما رأت قريش أبا طالب أرادت أن تتفرق ، فقال لهم : ورب البنية
لا يقوم منكم ( 4 ) أحد إلا جللته بالسيف ، ثم أتى إلى صفاة كانت ( 5 ) بالابطح فضربها
ثلاث ضربات فقطع منها ثلاثة أنهار ( 6 ) ، ثم قال : يا محمد سألت ( 7 ) : من أنت ؟ ! ثم أنشأ يقول
ويؤمئ بيده إلى النبي صلى الله عليه وآله :
أنت النبي محمد * قرم أغر مسود ( 8 )
حتى أتى على آخر الابيات ، ثم قال : يا محمد أيهم الفاعل بك ؟ فأشار النبي صلى الله عليه وآله إلى
عبدالله بن الزبعري السهمي الشاعر ، فدعاه أبوطالب فوجا أنفه حتى أدماها ( 9 ) ، ثم
أمر بالفرث والدم فأمر على رؤوس الملاكلهم ، ثم قال : يا ابن أخ أرضيت ؟ ثم قال :
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ولا يسلم علينا .
( 2 ) في المصدر : فملاء به ثيابه ومظاهره .
( 3 ) في المصدر : حتى انتهى إلى اولئك النفر .
( 4 ) في المصدر : لايقومن منكم .
( 5 ) الصفاة : الحجر الصلد الضخم .
( 6 ) كذا في النسخ ، وفى المصدر : حتى قطعها ثلاثة أفهار .
والفهر : حجر رقيق تسحق به
الادوية .
( 7 ) في المصدر : سألتنى .
( 8 ) القرم : السيد .
العظيم .
( 9 ) وجأ فلانا بالسكين أو بيده : ضربه في أى موضع كان ، آدمى الرجل : اخرج منه
الدم .
[127]
سألت ( 1 ) من أنت ؟ أنت محمد بن عبدالله ، ثم نسبه إلى آدم عليه السلام ثم قال : أنت والله
أشرفهم حيا ( 3 ) وأرفعهم منصبا ، يا معشر قريش من شاء منكم يتحرك فليفعل ، أنا الذي
تعرفوني ، فأنزل تعالى صدرا من سورة الانعام : ( ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم
أكنة أن يفقهو وفي آذانهم وقرا ( 4 ) ) .
وروي من طريق آخر أنه صلى الله عليه وآله لما رمي بالسلى جاءت ابنته عليها السلام فأما طت ( 5 )
عنه بيدها ، ثم جاءت إلى أبي طالب فقالت : يا عم ما حسب أبي فيكم ؟ فقال : يا ابنه ( 6 )
أبوك فينا السيد المطاع ، العزيز الكريم ، فما شأنك ؟ فأخبرته بصنع القوم ، ففعل ما فعل
بالسادات من قريش ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله قال : هل رضيت يا ابن أخ ؟ ثم أتى
فاطمة عليها السلام فقال : يا بنية هذا حسب أبيك فينا ( 7 ) .
70 وأخبرني الشيخان أبوعبدالله محمد بن إدريس ، وأبوالفضل شاذان بن جبرئيل
بإسنادهما إلى أبي الفرج الاصفهاني قال : حدثنا أبوبشر ، عن محمد بن الحسن بن حماد ، عن محمد
بن حميد ، عن أبيه ، قال : سئل أبوالجهم بن حذيفة : أصلى النبي صلى الله عليه وآله على أبي طالب ؟ فقال : وأين
الصلاة يومئذ ؟ إنما فرضت الصلاة بعد موته ، ولقد حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر عليا
بالقيام بأمره ، وحضر جنازته ، وشهد له العباس وأبوبكر بالايمان ، وأشهد على صدقهما
لانه كان يكتم الايمان ( 8 ) ولو عاش إلى ظهور الاسلام لاظهر إيمانه ( 9 ) .
71 وذكر الشريف النسابة العلوي المعروف بالموضح بإسناده : أن أبا طالب
لما مات ما كانت ( 10 ) نزلت الصلاة على الموتى ، فما صلى النبي صلى الله عليه وآله عليه ولا على خديجة ، و
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : سألتنى .
( 2 ) نسب الرجل : وصفه وذكر نسبه .
( 3 ) الصحيح كما في المصدر : أشرفهم حسبا .
( 4 ) سورة الانعام : 25 .
( 5 ) أى أذهبت وأزالت .
( 6 ) في المصدر : يا بنية .
( 8 ) المصدر نفسه : 106 108 .
( 7 ) في المصدر : يكتم ايمانه .
( 9 ) المصدر نفسه : 68 .
( 10 ) في المصدر : لم تكن .
[128]
إنما اجتازت جنازة أبي طالبى النبي صلى الله عليه وآله وعلي وجعفر وحمزة جلوس ، فقاموا فشيعوا جنازته
واستغفروا له ، فقال قوم : نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين ظنا منهم أن أبا طالب مات
مشركا لانه كان يكتم إيمانه فنفى الله عن أبي طالب الشرك ونزه نبيه والثلاثة المذكورين ( 1 )
عن الخطأ في قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي
قربى ( 2 ) ) .
72 وأخبرني شيخنا أبوعبدالله بإسناده إلى أبي الفرج الاصفهاني ، عن أبي بشر ،
عن محمد بن هارون ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن الحسن
ابن المبارك ، عن اسيد بن القاسم ، عن محمد بن إسحاق قال : قال أبوطالب رضي الله عنه :
قل لمن كان من كنانة في العز * وأهل الندى وأهل الفعال ( 3 )
قد أتاكم من المليك رسول * قاقبلوه بصالح الاعمال
وانصروا أحمد فإن من الله * رداء عليه غير مدال ( 4 )
73 وأخبرني السيد النقيب يحيى بن محمد العلوي ، عن والده محمد بن أبي زيد ،
عن تاج الشرف : العلوي البصري قال : أخبرني السيد النسابة الثقة علي بن محمد العلوي
قال : أنشدني أبوعبدالله بن صفية الهاشمية معلمى بالبصرة لابي طالب رحمه الله :
لقد كرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمد
وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد ( 5 )
74 وأخبرني المشيخة : محمد بن إرديس ، شإذان بن جبرئيل ، ومحمد بن علي الفويقي
بأسانيدهم عن الشيخ المفيد ( 6 ) رحمهم الله يرفعه أن أبا طالب رضي الله عنه لما أراد الخروج
_________________________________________________________
( 1 ) يعنى عليا وجعفرا وحمزة .
( 2 ) المصدر نفسه : 68 و 69 .
والاية في سورة التوبة .
113 .
( 3 ) في المصدر : واهل المعالى .
( 4 ) المصدر نفسه : 72 .
ويأتى معنى ( مدال ) في البيان .
( 5 ) المصدر نفسه : 74 و 75 .
( 6 ) في المصدر : باسانيدهم إلى الشيخ المفيد .
[129]
إلى بصرى الشام ( 1 ) ترك رسول الله إشفاقا عليه ولم يعمد على استصحابه ، فماركب تعلق
رسول الله صلى الله عليه وآله بزمام ناقته وبكى وناشده في إخراجه ، فظلمته الغمام ( 2 ) ولقيه بحيرا الراهب ،
فأخبره بنبوته وذكر له البشارة في الكتب الاولى به ، وحمل له ولاصحابه الطعام والنزل ( 3 )
وحث أبا طالب على الرجوع به إلى أهله وقال له : إني أخاف عليه من اليهود فإنهم
أعداؤه ، فقال أبوطالب في ذلك :
إن ابن آمنة النبي محمدا * عندي بمثل منازل الاولاد ( 4 )
لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلصن بالازواد
فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرق الافراد ( 5 )
راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الاجداد
وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت أنجاد
ساروا لابعد طية معلومة * ولقد تباعد طية المرتاد
حتى إذاما القوم بصرى عاينوا * لاقوا على شرك من المرصاد ( 6 )
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد
فأما قوله : ( وحفظت فيه وصية الاجداد ) فإن أبي معد بن فخار بن أحمد العلوي
الموسوي قال : أخبرني النقيب محمد بن علي بن حمزة العلوي بإسناد له إلى الواقدي قال :
لما توفي عبدالله بن عبدالمطلب أبوالنبي صلى الله عليه وآله وهو طفل يرضع وروي أن عبدالله توفي
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 129 سطر 17 إلى صفحه 137 سطر 17
والنبي صلى الله عليه وآله حمل وهذه الرواية أثبت فلما وضعته امه كفله جده عبدالمطلب ثماني
_________________________________________________________
( 1 ) بصرى بالضم والقصر قرية بالشام ، وهى التى وصل اليها النبي صلى الله عليه وآله
للتجارة ، وهى المشهورة عند العرب ( مراصد الاطلاع 1 : 20 ) .
( 2 ) في المصدر : وناشده في اخراجه معه ، فرق أبوطالب وأجابه إلى استصحابه ، فلما خرج
معه صلى الله عليه وآله ظللته الغمامة اه .
( 3 ) النزل : ريع ما يزرع ونماؤه .
العطاء والفضل .
وفى المصدر : الطعام إلى المنزل .
( 4 ) في المصدر : عند بمنزلة من الاولاد .
( 5 ) ذرف الدمع : سال .
والجمان : اللؤلؤ .
ويأتى معنى سائر اللغات في البيان .
( 6 ) يأتى معناه في البيان .
وفى المصدر : على شرف من المرصاد .
[130]
سنين ، ثم احتضر للموت فدعا ابنه أبا طالب فقال له : يا بني تكفل ابن أخيك مني فأنت
شيخ قومك وعاقلهم ، ومن أجد فيه الحجى دونهم ، وهذا الغلام ما تحدثت به الكهان ،
وقد روينا في الاخبار أنه سيظهر من تمامة نبي كريم ، وروي فيه علامات قد وجدتها فيه ،
فأكرم مثواه واحفظه من اليهود فإنهم أعداؤه ، فلم يزل أبوطالب لقول عبدالمطلب حافظا
ولوصيته راعيا ، وقال رحمه الله أيضا :
ألم ترني من بعدهم هممته * بغرة خير الوالدين كرام ( 1 )
بأحمد لما أن شددت مطيتي ( 2 ) * لرحل وقد ودعته بسلام
بكى حزنا والعيس قد فصلت لنا * وجاذب بالكفين فضل زمام ( 3 )
ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة ( 4 ) * تفيض على الخدين ذات سجام
فقلت له : رح راشدا في عمومة * مواسين في البأساء غير لئاه .
فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا * لنافوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا عند ذلك حاسرا * لنا بشراب طيب وطعام
فقال : اجمعوا أصحابكم لطعامنا * فقلنا : جمعنا القوم غير غلام
يتيم فقال ادعوه إن طعامنا * كثير عليه اليوم غير حرام
فلما رأوه مقبلا نحو داره * يوقيه حر الشمس ظل غمام
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى * بحيرا من الاعلام وسط خيام
فثار إليهم خشية لعرامهم * وكانوا ذوي دهي معا وغرام
دريسا وتماما وقد كان فيهم * زبير وكل القوم غى نيام ( 5 )
فجاؤوا وقد هموا بقتل محمد * فردهم عنه بحسن خصام
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : بفرقة خير الوالدين كرام .
( 2 ) المطية : الدابة التى تركب .
( 3 ) في المصدر :
بكى حزنا والعيس قد قلصت بنا * وناوش بالكفين فضل زمام .
( 4 ) رقرق العين : اجرى دمعها .
( 5 ) الدريس : الكامل في الدراسة ، والتمام : فعال من التمام اى الكمال والزبير : الشديد
من الرجال والظريف الكيس ( ب ) .