[ 11 ]


وماهو ؟ قال : ولد يخرج من صلبك هو ولي الله تبارك اسمه وتعالى ذكره ، وهو إمام المتقين ووصي رسول رب العالمين ( 1 ) ، فإن أدركت ذلك الولد فاقرءه مني السلام وقل له : إن المثرم بقرء عليك السلام ( 2 ) وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه حقا ، بمحمد يتم النبوة وبك يتم الوصية ( 3 ) .
قال : فبكى أبوطالب وقال له : ما اسم هذا المولود ؟ قال : اسمه علي ، فقال أبوطالب إني لا أعلم حقيقة ما تقوله إلا ببرهان بين ودلالة واضحة ، قال المثرم : فما تريد أن أسأل الله لك أن يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك ؟ قال أبوطالب : اريد طعاما من الجنة في وقتي هذا ، فدعا الراهب بذلك فما استتم دعاؤه حتى اتي بطبق عليه من فاكهة الجنة ( 4 ) رطبه وعنبة ورمان ، فتناول أبوطالب منه رمانة ونهض فرحا من ساعته حتى رجع إلى منزله فأكلها فتحولت ماء في صلبه ، فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي عليه السلام وارتجت الارض وزلزلت بهم أياما حتى لقيت قريش من ذلك شدة وفزعوا وقالوا : قوموا بآلهتكم إلى ذروة أبي قبيس حتى نسألهم أن يسكنوا ما نزل بكم وحل بساحتكم ، فلما اجتمعوا على ذروة جبل أبي قبيس فجعل يرتج ارتجاجا حتى ( 5 ) تد كد كت بهم صم الصخور وتناثرت ، وتساقطعت الآلهة على وجهها ، فلما بصروا بذلك قالوا : لا طاقة لنا بما حل بنا ، فصعد أبوطالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه ، فقال : أيها الناس ( 6 ) إن الله تبارك وتعالى قد أحدث في هذه الليلة حادثة ، وخلق ( 7 ) فيها خلقا ، إن لم تطيعوه ولم تقروا بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم ولا يكون لكم بتهامة مسكن ، فقالوا :

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ووصى رسول الله .
وفى الفضائل ، ووصى رسول رب العالمين .
وفى ( م ) و كذا ( ح ) ووصى رسول الله رب العالمين .
( 2 ) في المصدر : يقرؤك السلام .
( 3 ) في المصدر : وكذا في الفضائل : ( تتم ) في الموضعين .
( 4 ) في المصدر : من فواكه الجنة .
( 5 ) ليست في المصدر كلمة ( حتى ) ( 6 ) في المصدر : يا ايها الناس .
( 7 ) في المصدر : خلق .

[ 12 ]


يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك ، فبكى أبوطالب ورفع يده إلى الله عزوجل ( 1 ) وقال : ( إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة ) فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فتدعو بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها .
فلما كانت الليلة التي ولد ( 2 ) أميرالمؤمنين عليه السلام أشرقت السماء بضيائها ، وتضاعف نور نجومها ، وأبصرت من ذلك قريش عجبا ، فهاج ( 3 ) بعضها في بعض وقالوا : قد أحدث في السماء حادثة ، وخرج أبوطالب وهو ( 4 ) يتخلل سكك مكة وأسواقها ويقول : يا أيها الناس تمت حجة الله ، وأقبل الناس يسألونه عن علة ما يرونه من إشراق المساء وتضاعف نور النجوم ، فقال لهم ( 5 ) : أبشروا فقد ظهر في هذه الليلة ولي من أولياء الله يكمل الله فيه خصال الخير ، ويختم به الوصيين ، وهو إمام المتقين ، وناصر الدين ، وقامع المشركين وغيظ المنافقين ، وزين العابدين ، ووصي رسول رب العالمين ، امام هدى ، ونجم على ، و مصباح دجى ( 6 ) ، ومبيد الشرك والشبهات ، وهو نفس اليقين ورأس الدين ، فلم يزل يكرر هذه الكلمات والالفاظ إلى أن أصبح ، فلما أصبح غاب عن قومه أربعين صباحا .
قال جابر : فقلت : يا رسول الله ( 7 ) إلى أين غاب ؟ قال : إنه مضى يطلب المثرم ، كان ( 8 ) وقدمات في جبل اللكام ، فاكتم يا جابر فإنه من أسرار الله المكنونة ( 9 ) وعلومه

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ورفع إلى الله تعالى يديه .
( 2 ) في المصدر : ولد فيها .
( 3 ) فماج ظ ( ب ) .
( 4 ) ليست في المصدر كلمة ( هو ) .
( 5 ) ليست في المصدر كلمة ( لهم ) .
( 6 ) كذا في المصدر ، وفى نسخ الكتاب ( ومفتاح دجى ) والظاهرانه مصحف .
( 7 ) في ( م ) و ( ح ) : قال جابر : فقل يا رسول الله .
( 8 ) ليست في المصدر كلمة ( كان ) .
( 9 ) في المصدر : المكتومة .

[ 13 ]


المخزونة ، إن المثرم ( 1 ) كان وصف لابي طالب كهفا في جبل اللكام ( 2 ) وقال له : إنك تجدني هناك ( 3 ) عيا أو ميتا ، فلما مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخل إليه وجد المثرم ميتا جسدا ملفوفة مدرعة ( 4 ) مسجى بها إلى قبلته ، فإذا هناك حيتان : إحداهما بيضاء والاخرى سوداء ، وهما يدفعان عنه الاذى ، فلما بصرتا بأبي طالب غربتا في الكهف ، ودخل أبوطالب إليه فقال : السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته ، فأحيا الله تبارك وتعالى بقدرته المثرم فقام قائما يمسح وجهه وهو يقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عليا ولي الله والامام بعد نبي الله ) .
فقال أبوطالب : أبشر فإن عليا فقد طلع إلى الارض ، فقال : ما كانت علامة الليلة التي طلع فيها ؟ قال أبوطالب : لما مضى من الليل الثلث أخذت فاطمة ( 5 ) ما يأخذ النساء عند الولادة ، فقلت لها : ما بالك ( 6 ) يا سيدة النساء ؟ قالت : إني أجد وهجا ، فقرأت عليها الاسم الذي فيه النجاة فسكنت ، فقلت لها : إني أنهض فآتيك بنسوة من صواحبك يعنك ( 7 ) على أمرك في هذه الليلة ، فقالت ( 8 ) : رأيك ياباطالب ، فلما قمت لذلك إذا أنا بهاتف هتف من زاوية البيت وهو يقول : أمسك يا أبا طالب فإن ولي الله لا تمسه يد نجسة ، وإذا أنا بأربع نسوة يدخلن ( 9 ) عليها ، وعليهن ثياب كهيئة الحرير الابيض ، وإذا رائحتهن أطيب من المسك الاذفر ، فقلن لها : السلام عليك يا ولية الله ، فأجابتهن ثم جلسن بين يديها ومعهن جؤنة ( 10 ) من فضة ، وأنسنها ( 11 ) حتى ولد أميرالمؤمنين عليه السلام

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وأن المثرم .
( 2 ) كفرات ورمان يسامت حمأة وشيزر وأفامية ويمتد شمالا إلى صهيون والشفر وبكاس وينتهى عند أنطاكية ( القاموس ) .
( 3 ) كذا في المصدر و ( ح ) وفى سائر نسخ الكتاب ( تحمدنى هناك ) وهو مصحف .
( 4 ) في المصدر : ملفوفا في مدرعته .
( 5 ) في المصدر : اخذت فاطمة فيها اه .
( 6 ) في المصدر : مالك .
( 7 ) في المصدر : تعينك .
( 8 ) في المصدر : قالت .
( 9 ) في المصدر : دخلن .
( 10 ) الجؤنة بضم الجيم سليلة مغشاة ادما تكون مع العطارين .
( 11 ) في المصدر : فانسنها .

[ 14 ]


فلما ولد انتهيت إليه ( 1 ) فإذا هو كالشمس الطالعة وقد سجد على الارض وهو يقول : ( أشهد أن لاإله إلاالله ( 2 ) وأن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا وصي محمد رسول الله ، وبمحمد يختم الله النبوة وبي يتم الوصية ، وأنا أميرالمؤمنين ) .
فأخذته واحدة منهن من الارض ووضعته في حجرها ، فلما نظر علي في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب : السلام عليك يا اماه ، فقالت : وعليك يا بني ( 3 ) فقال : ما خبر والدي ؟ قالت : في نعم الله ينقلب ، وصحبته يتنعم ، فلما سمعت ذلك لما تمالكت ( 4 ) أن قلت : يا بني ألست بأبيك ؟ قال : بلى ولكني وإياك من صلب آدم ، وهذه امي حواء ، فلما سمعت ذلك غطيت رأسي بردائي وألقيت نفسي في زاوية البيت حياء منها ، ثم دنت اخرى ومعها جؤنة فأخذت عليا فلما نظر إلى وجهها قال : السلام عليك يا اختي ، قالت : وعليك السلام يا أخي ، قال : فما خبر عمي ؟ قالت : خير وهو يقرء ( 5 ) عليك السلام ، فقلت : يا بني أي اخت هذه وأي عم هذا ؟ قال : هذه مريم ابنة ( 6 ) عمران وعمي عيسى ابن مريم ، وطيبته بطيب كان في الجؤنة ، فأخذته اخرى منهن فأدرجته في ثوب كان معها ، قال أبوطالب فقلت : لو طهرناه لكان أخ ف عليه ، وذلك أن العرب كانت تطهر أولادها ( 7 ) ، فقالت : يا أبا طالب إنه ولد طاهرا مطهرا ، لايذيقه حر الحديد في الدنيا إلاعلى يدرجل ( 8 ) يبغضه الله ورسوله وملائكته والسموات والارض والبحار ( 9 ) ، وتشتاق إليه النار ، فقلت : من هذا الرجل ؟ فقلن : ابن ملجم المرادي لعنه الله ، وهو قاتله في الكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد صلى الله عليه وآله ،

_________________________________________________________
( 1 ) كذا في المصدر وفى نسخ الكتاب : ( انتهيت إلينا ) وهو مصحف .
( 2 ) في المصدر : واشهد أن .
( 3 ) في المصدر : وعليك السلام يا بنى .
( 4 ) في المصدر : لم اتمالك .
( 5 ) في المصدر : ويقرء .
( 6 ) في المصدر : بنت .
( 7 ) التطهير هنا كناية عن الختن .
( 8 ) في المصدر : يدى .
( 9 ) والجبال والبحار .
( * )

[ 15 ]


[ قال أبوطالب : فأنا كنت في استماع قولهن ثم أخذه محمد بن عبدالله ابن أخي من يدهن ووضع يده في يده وتكلم معه ، وسأله عن كل شئ ، فخاطب محمد صلى الله عليه وآله عليا بأسرار كانت بينهما ( 1 ) ] ثم غبن النسو فلم أرهن ، فقلت في نفسي : لو عرفت المرأتين الاخريين فألهم الله عليا فقال : يا أبي أما المرأة الاولى فكانت حواء ، وأما التي أحضنتني فهي مريم بنت عمران التي أحصنت فرجها ، وأما التي أدرجتني في الثوب فهي آسية بنت مزاحم وأما صاحبه الجؤنة فهي ام موسى بن عمران ، فالحق بالمثرم الآن وبشره وخبره بما رأيت فإنه في كهف كذا في موضع كذا ( 2 ) ، فخرجت حتى أتيتك وإنه وصف الحيتين [ فلما فرغ من المناظرة مع محمد ابن أخي ومن مناظرتي عاد إلى طفوليته الاولى ( 3 ) ] فقلت : أتيتك ابشرك بما عاينته وشاهدت من ابني علي عليه السلام فبكى المثرم ثم سجد شكرا لله ثم تمطى فقال : غطني بمدرعتي ، فغطيته فإذا أنا به ميت كما كان ، فأقمت ثلاثا أكلم فلا أجاب ( 4 ) فاستوحشت لذلك وخرجت الحيتان فقالتا لي : السلا عليك يا أبا طالب ، فأجبتهما ، ثم قالتا لي : الحق بولي الله فإنك أحق بصيانته وحفظه من غيرك ، فقلت لهما : من أنتما ؟ قالتا : نحن عمله الصالح خلقنا الله من خيرات عمله ، فنحن نذب عنه الاذى إلى أن تقوم الساعة فإذا قام ت الساعة ( 5 ) كان أحدنا قائده والآخر سائقه ( 6 ) ودليله إلى الجنة ثم انصرف أبوطالب إلى مكة .
قال جابر : فقلت يا رسول الله ، الله أكبر ! ! الناس يقولون : أبا طالب ( 7 ) مات كافرا ! قال : يا جابر الله أعلم بالغيب ، إنه لما كان ت الليلة التي اسري بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش فرأيت أربعة أنوار فقلت : إلهي ماهذه الانوار ؟ فقال : يا محمد هذا عبد

_________________________________________________________
( 1 و 3 ) ما بين العلامتين توجد في ( ك ) و ( ت ) فقط .
( 2 ) ليست في المصدر كلمة ( في ) .
( 4 ) في المصدر : فأقمت ثلاثا فلاأجاب .
( 5 ) في المصدر : القيامة .
( 6 ) في ( ك والاخر سالفه .
وهو مصحف .
( 7 ) كذا في نسخه الكتاب ، وفى المصدر و ( ت ) : فقلت يا رسول الله أكثر الناس يقولون ان ابا طالب اه .
( * )

[ 16 ]


المطلب وهذا أبوطالب ( 1 ) وهذا أبوك عبدالله ، وهذا أخوك طالب ، فقلت : إلهي وسيدي فبمانالوا ( 2 ) هذه الدرجة ؟ قال : بكتمانهم الايمان وإظهارهم الكفر ، وصبرهم على ذلك حتى ماتوا ( 3 ) .
يل : الحسن بن أحمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الفارسي ، عن عمر بن روق الخطابي ، عن الحجاج بن منهال ، عن الحسن بن عمران ، عن شاذان بن العلاء ، عن عبدالعزيز ، عن عبدالصمد ( 4 ) ، عن سالم ، عن خالد بن السري ، عن جابر مثله ( 5 ) .
جع : بالاسناد الصحيح عن الصدوق ، عن العطار ، عن أبيه ، عن عبدالعزيز بن عبدالصمد ، عن مسلم بن خالد ، عن جابر مثله ( 6 ) .
بيان : قوله : ( بعدي ) ) أي بحسب الرتبة ، ويحتمل الزمان .
وقوله : ( على سنة ا لمسيح ) إما لخفاء ولادته وكون من حضر عند ذلك الحوريات والنساء المقدسات ، أو لما سيأتي من أنه يقال فيه ما قيل في عيسى بن مريم .
قولها : ( وهجا ) بالفتح والتحريك أي توقدا وحرارة .
والجؤنة بالضم سفط مغشى بجلد ظرف لطيب العطار ، أصله الهمز ويلين .
وقوله : ( لايذيقه حر الحديد ) أي في غير المحاربة أو غير ما يختار سببه لوجه الله .
قوله : ( وإنه وصف ) أي أميرالمؤمنين ، ويحتمل أبا طالب .
ثم إنه ينبغي أن يحمل الخبر على أنه وقعت تلك الغرائب في جوف الكعبة لئلاينافي الاخبار الاخر ، وإن كان بعيدا .
وأما ذكر طالب وكونه أخا للرسول الله صلى الله عليه وآله فهو أغرب ، ولعل المراد به أخا أميرالمؤمنين عليه السلام فإنه سيأتي في بعض الاخبار أنه مات مسلما ، فالاخوة مجازية ، وفي جوامع الاخبار مكان هذه الفقرة : ( وهذا ابن عمك جعفر بن أبي طالب ) وفيه أيضا إشكال لانه لم يكن يظهر الكفر بعد إسلامه .
13 عم ، شا : علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وهذا عمك ابوطالب .
( 2 ) في المصدر : فيماذا نالوا .
( 3 ) روضة الواعظين : 68 71 .
وفيه : حتى ماتوا عليه .
( 4 ) في ( ت ) عن عبدالعزيز بن الصمد .
( 5 ) الفضائل : 57 .
( 6 ) جامع الاخبار : 17 وبينوبين الكتاب اختلافات كثيرة لم نذكرها مخافة الاطناب .
( * )

[ 17 ]


الوصيين عليه أفضل الصلوات والسلام كنيته أبوالحسن ، ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، ولم يولد قبله ولابعده مولود في
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 17 سطر 3 إلى صفحه 25 سطر 3 بيت الله سواه إكراما من الله جل اسمه له بذلك ، وإجلالالمحله في التعظيم ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وكان أميرالمؤمنين عليه السلام وإخوته أول من ولده هاشم مرتين ، وحاز بذلك مع النشوء في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله والتأدب به الشرفين ( 1 ) .
أقول : ذكر العلامة في كشف اليقين نحوه ( 2 ) .
14 قب : شيخ السنة القاضي أبوعمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل إن فاطمة بنت أسد رأت النبي صلى الله عليه وآله يأكل تمرا له رائحة تزداد على كل الاطائب من المسك و العنبر ، من نخلة لاشماريخ لها ، فقالت : ناولني ، أنل منها ، قال : لاتصلح إلاأن تشهدي دمعي أن لاإله إلاالله وأني محمد رسول الله ، فشهدت الشهادتين فناولها فأكلت فازدادت رغبتها وطلبت اخرى لابي طالب ، فعاهدها أن لاتعطيه إلابعد الشهادتين فلما جن عليه الليل اشتم أبوطالب نسيما ( 3 ) ما اشتم مثله قط ، فأظهرت مامعها فالتمسه منها ، فأبت عليه إلاأن يشهد الشهادتين ، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين غير أنه سألها أن تكتم عليه لئلاتعيره قريش ، فعاهدته على ذلك فأعطته مامعها ، وآوى إلى زوجته فعلقت بعلي عليه السلام في تلك الليلة ، ولما حملت بعلي عليه السلام ازداد حسنها ، فكان يتكلم في بطنها ، فكانت في الكعبة فتكلم علي عليه السلام مع جعفر فغشي عليه ، فالتفت الاصنام خرت على وجوهها ، فمسحت على بطنها وقالت : ياقرة العين سجدتك الاصنام ( 4 ) داخلافكيف شأنك خارجا ؟ وذكرت لابي طالب ذلك ، فقال : هو الذي قال لي أسد في طريق الطائف ( 5 ) وفي رواية شعبة عن قتادة ، عن أنس ، عن العباس بن عبدالمطلب ، ورواية الحسن

_________________________________________________________
( 1 ) اعلام الورى : 93 الارشاد : 3 ، واللفظ للارشاد .
( 2 ) ص : 2 .
( 3 ) المصدر : نسما .
( 4 ) كذا في المصدر ، وفى نسخ الكتاب ، تخدمك الاصنام .
( 5 ) وقذكر في المصدر بعد ذلك جميع ما ذكر في الرواية 12 ( * )

[ 18 ]


ابن محبوب عن الصادق عليه السلام والحديث مختصر أنه انفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه ثم عادت الفتحة والتصقت ، وبقيت فيه ثلاثة أيام ، فأكلت من ثمار الجنة ، فلما خرجت قال علي عليه السلام : السلام عليك يا أب ورحمة الله وبركاته ، ثم تنحنح وقال : ( بسم الله الرحمن الرحيم * قد أفلح المؤمنون ) الآيات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قد أفلحوا بك أنت والله أميرهم ، تميرهم من علمك فيمتارون ، وأنت والله دليلهم وبك والله يهتدون ، ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله لسانه في فيه ، فانفجرت ( 1 ) اثنتا عشرة عينا قال : فسمي ذلك اليوم يوم التروية ، فلما كان من غده وبصر علي برسول الله سلم عليه وضحك في وجهه ، وجعل يشير إليه ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة : عرفه ، فسمي ذلك اليوم عرفة ، فلما كان اليوم الثالث وكان يوم العاشر من ذي الحجة أذن أبوطالب في الناس أذانا جامعا وقال : هلموا [ إلى وليمة ابني علي ، ونحر ثلاثمأة من الابل وألف رأس من البقر و الغنم واتخذو وليمة وقال : هلموا ] وطوفوا بالبيت سبعا وادخلوا وسلموا على علي ولدي ، ففعل الناس ذلك وجرت به السنة ، وضعته ( 2 ) امه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ففتح فاه بلسانه وحنك وأذن في اذنه اليمنى وأقام في اليسرى ( 3 ) ، فعرف الشهادتين وولد على الفطرة ( 4 ) .
أبوعلي بن همام ( 5 ) رفعه أنه لما ولد علي عليه السلام أخذ أبوطالب بيد فاطمة و علي على صدره وخرج إلى الابطح ، ونادى : يارب ياذا الغسق الدجي * والقمر المبتلج المضي بين لنا من حكمك المقضي * ماذاترى في اسم ذا الصبيى قال : فجاء شئ يدب على الارض كالسحاب ، حتى حصل في صدر أبي طالب ،

_________________________________________________________
( 1 ) كذا في المصدر ، وفى نسخ الكتاب فانفجر ( 2 ) كذا في ( ك ) وفى غيره من نسخ الكتاب وكذا المصدر : ولدته .
( 3 ) في المصدر : في اذنه اليسرى .
( 4 ) في المصدر : بعد ذلك : ابوالفضل الاسكافي : نطقت دلائله بفضل صفاته * بين القبائل وهو طفل يرضع ( 5 ) في المصدر : ابوعلي همام .
( * )

[ 19 ]


فضمه مع علي إلى صدره ، فلما أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب : خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المنتجب الرضي فاسمه من شامخ علي * علي اشتق من العلي قال : فعلقوا اللوح في الكعبة ومازال هناك حتى أخذه هشام بن عبدالملك ، فاجتمع أهل البي ت في الزاوية الايمن عن ناحية البيت ( 1 ) ، فالولد الطاهر من النسل الطاهر ولد في الموضع الطاهر ، فأين توجد هذه الكرامة لغيره ؟ فأشرف البقاع الحرم ، وأشرف الحرم المسجد ، وأشرف بقاع المسجد الكعبة ، ولم يولد فيه مولود سواه ، فالمولود فيه يكون في غاية الشرف ، وليس المولود في سيد الايام يوم الجمعة في الشهر الحرام ، في البيت الحرام ، سوى أميرالمؤمنين عليه السلام ( 2 ) .
15 فض ، ضه : روي عن مجاهد عن أبي عمرو وأبي سعيد الخدري قالا : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل سلمان الفارسي وأبوذر الغفاري والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وأبوالهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين وأبوالطفيل عامر بن واثلة فجثوا ( 3 ) بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله ( 4 ) والحزن ظاهر في وجوههم فقالوا : فديناك بالآباء والامهات يا رسول الله ، إنا نسمع من قوم في أخيك وابن عمك ما يحزننا ، وإنا نستأذنك في الرد عليهم ، فقال صلى الله عليه وآله ( 5 ) وما عساهم يقولون في أخي وابن عمي علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : يقولون : أي فضل لعلي في سبقه إلى الاسلام و إنما أدركه الاسلام طفلا ؟ ونحو هذا القول ، فقال صلى الله عليه وآله : فهذا يحزنكم ( 6 ) ؟ قالوا : إي والله ، فقال : بالله أسألكم هل علمتم من الكتب السالفة أن إبراهيم هرب به أبوه من

_________________________________________________________
( 1 ) كذا في ( ك ) والنسخ المخطوطة : وفى المصدر و ( ت ) : فاجتمع اهل البيت انه في الزاوية الايمن من ناحية البيت ، ولعل ( اجتمع ) مصحف ( أجمع ) .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب : 358 360 .
( 3 ) جثا جثوا وجثى جثيا : جلس على ركبتيه .
وفى الروضة : فجلسوا .
( 4 ) في المصدرين : بين يديه ، ( 5 ) في روضة الواعظين : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله .
( 6 ) في روضة الواعظين ، أفهذا يحزنكم ؟ .
( * )

[ 20 ]


الملك الطاغي فوضعت ( 1 ) به امه بين أثلال ( 2 ) بشاطئ نهر يتدفق يقال له حزران ، من غروب الشمس إلى إقبال الليل ( 3 ) فلما وضعته واستقر على وجه الارض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من شهادة أن لاإله إلاالله ، ثم أخذ ثوبا واتشح ( 4 ) به وامه تراه ، فذعرت منه ذعرا ( 5 ) شديدا ، ثم هرول ( 6 ) بين يديها مادا عينيه ( 7 ) إلى السماء فكان منه ما قال الله عزوجل ( وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ) إلى قوله : ( إني برئ مما تشركون ) .
وعلمتم أن موسى بن عمران كان فرعون في طلبه يبقر بطون النساء الحوامل ويذبح الاطفال ليقتل موسى ، فلما ولدته امه أمرها ( 8 ) أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت وتلقي التابوت في اليم ، فقالت وهي ذعرة من كلامه : يا بني إني أخاف عليك الغرق فقال : لاتحزني إن الله يرد ني إليك ، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى وقال لها : يا ام اقذفيني في التابوت وألقي التابوت في اليم ( 9 ) ، فقال ففعلت ما امرت به ، فبقي في اليم ( 10 ) إلى أن قذفه في الساحل ، ورده إلى امه برمته ( 11 ) ، لايطعطعاما ولايشرب شرابا ، معصوما ، و روي أن المدة كانت سبعين يوما ، وروي سبعة أشهر ، وقال الله عزوجل في حال طفوليته

_________________________________________________________
( 1 ) في روضة الواعظين : فوضعت امه .
وفى الروضة : فوضعته امه .
( 2 ) الثلة : ما اخرج من تراب البئر .
وفى المصدرين : اثلاث .
ولعله مصحف ( اتلال ) جمع التل نادرا .
( 3 ) في روضة الواعظين : يتدفق بين غروب الشمس واقبال الليل .
( 4 ) اتشح به : لبسه .
وفى روضة الواعظين : فامتسح به ( 5 ) ذعر : دهش .
( 6 ) في روضة الواعظين : ثم مضى يهرول .
وفى الروضة : ثم يهرول .
( 7 ) في ( ك ) فاذا عينيه .
وهو مصحف .
( 8 ) في روضة الواعظين : امرت .
( 9 ) بين نسخ الكتاب وروضة الواعظين تقديم وتأخير في العبارات .
راجعه .
( 10 ) في روضة الواعظين .
في التابوت واليم .
( 11 ) يقال ( أعطاه الشئ برمته ) أى بجملته .
( * )