[ 21 ]
( ولتصنع على عيني إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك
كي تقر عينها ولاتحزن ) الآية .
وهذا عيسى بن مريم قال الله عزوجل فيه : ( فناداها من تحتها ألاتحزني قدجعل
ربك تحتك سريا ) إلى قوله : ( إنسيا ) فكلم امه وقت مولده ، ( وقال ) حين أشارت إليه
فقالوا كيف نكلم من كان المهدصبيا : ( إني عبدالله آتاني الكتاب ) إلى آخر الآية
فتكلم عليه السلام في وقت ولادته ، وأعطي الكتاب والنبوة ، وأوصي بالصلاة والزكاة في ثلاثة
أيام من مولده ، وكلمهم في اليوم الثاني من مولده .
وقد علمتم جميعا أن الله عزوجل خلقني وعليا من نور واحد ( 1 ) ، إنا كنا في
صلب آدم نسبح الله عزوجل ، ثم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء ، يسمع تسبيحنا
في الظهور والبطون في كل عهد وعصر إلى عبدالمطلب ، وإن نورنا كان يظهر في وجوه
آبائنا وامهاتنا حتى تبين أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم ، ثم افترق نورنا فصار
نصفه في عبدالله ونصفه في أبي طالب عمي ، فكان ( 2 ) يسمع تسبيحنا من ظهورهما ، وكان
أبي وعمي إذا جلسا في ملا من قريش تلالانور في وجوههما من دونهم حتى أن الهوام
والسباع يسلمان عليهما لاجل نورهما ، إلى أن خرجنا من أصلاب أبوينا وبطون امهاتنا
ولقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة علي فقال ( 3 ) : يا حبيب الله ، العلي الاعلى يقرء
عليك السلام ويهنئك بولادة أخيك علي ويقول : هذا أوان ظهور نبوتك ، وإعلان وحيك
وكشف رسالتك ، إذ أيدتك بأخيك ووزيرك وصنوك وخليفتك ، ومن شددت به أزرك ، و
أعلنت ( 4 ) به ذكرك ، فقم إليه واستقبله بيدك اليمنى فإنه من أصحاب اليمين ، وشيعته الغر المحجلون ، فقمت مبادرا فوجدت فاطمة بنت أسد ام علي وقد جاء لها المخاض ( 5 ) ،
وهي بين النساء ، والقوابل حولها ، فقال حبيبي جبرئيل : يا محمد نسجف بينها
( 6 ) وبينك
_________________________________________________________
( 1 ) في روضة الواعظين : خلقنى وعليا نورا واحدا .
( 2 ) في روضة الواعظين : وكان .
( 3 ) في روضة الواعظين : فقال لى .
( 4 ) في روضة الواعظين : واعليت .
( 5 ) في روضة الواعظين : وقد جاءها المخاض .
( 6 ) في نسخ الكتاب : بينهما .
( * )
[ 22 ]
سجفا ، فإذا وضعت بعلي تتلقاه ( 1 ) .
ففعلت ما امرت به ، ثم قال لي : امدد يدك يا محمد ( 2 ) ،
فمددت يدي اليمنى نحو امه فإذا أنا بعلي على يدي ( 3 ) ، واضعا يده اليمنى في اذنه
اليمنى ، وهو يؤذن ويقيم بالحنيفية ، ويشهد بوحدانية الله عزوجل وبرسالاتي ( 4 ) ، ثم
انثني إلي وقال : السلام عليك يرسول الله ( 5 ) ، ثم قال لي يا رسول الله أقرء ؟
قلت : اقرء ، فو الذي نفس محمد بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عزوجل على آدم فقام بها ابنه ( 6 ) شيث ،
فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها ، حتى لو حضر ( 7 ) شيث لاقرله أنه أحفظ له منه ، ثم تلاصحف نوح ثم صحف إبراهيم ، ثم قرأ توراة موسى
حتى لوحضر ( 8 ) موسى لاقر له بأنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ زبور داود حتى لوحضر
( 9 ) داود لاقر بأنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ إنجيل عيسى حتى لوحضر ( 10 ) عيسى لاقر بأنه
أحفظ لها منه ، ثم قرأ القرآن الذي أنزله الله ( 11 ) علي من أوله إلى آخره فوجدته يحفظ
كحفظي له الساعة من غير أن أسمع منه آية ، ثم خاطبني وخاطبته بما يخاطب الانبياء
الاوصياء ، ثم عاد إلى حال طفوليته ، وهكذا أحد عشر إماما من نسله ( 12 ) .
فلم تحزنون ؟
وماذا عليكم من قول أهل الشك والشرك بالله ( 13 ) ؟ هل تعلمون أني أفضل النبيين ؟ و
_________________________________________________________
( 1 ) في روضة الواعظين فتلقاه .
( 2 ) في روضة الواعظين بعد ذلك : فانه صاحبك اليمين .
( 3 ) في روضة الواعظين : مائلاعلى يدى .
وفى الروضة : فمددت يدى اليمنى تحت امه فاذا بعلى نازلاعلى يدى .
( 4 ) في روضة الواعظين : برسالتى .
وفى الروضة : ويشهد لله بالوحدانية وبرسالتى .
( 5 ) قد سقطت هذه الجملة عن روضة الواعظين .
( 6 ) في روضة الواعظين : فقام بها شيث .
( 7 ) حضر آدم خ ل وفى روضة الواعظين : إلى آخر حرف حتى لوحضر بها شيث .
وفى الروضة : فتلاها من اولها إلى آخرها حتى لوحضر آدم .
( 8 - 10 ) في روضة الواعظين : حتى لوحضرة .
( 11 ) في روضة الواعظين : انزله الله .
( 12 ) ليست هذه الجملة في روضة الواعظين .
( 13 ) في روضة الواعظين : من قول اهل الشرك بالله .
وفى الروضة : وما عليكم من قول أهل
الشرك ، فبالله اه .
( * )
[ 23 ]
أن وصيي أفضل الوصيين ؟ وأن أبي آدم لما رأى اسمي واسم علي وابنتي فاطمة و
الحسن والحسين وأسماء أولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنور قال : إلهي وسيدي هل
خلقت خلقا هو أكرم عليك مني ؟ فقال : يا آدم لولاهذه الاسماء لما خلقت سماء مبنية ،
ولاأرضا مدحية ، ولاملكا مقربا ، ولانبيا مرسلا ، ولاخلقتك يا آدم ، فلما عصى آدم ربه
وسأله بحقنا أن يتقبل توبته ويغفر خطيئته فأجابه ، وكنا الكلمات تلقاها آدم من
ربه عزوجل ، فتاب عليه وغفرله فقال له : يا آدم أبشر فإن هذه الاسماء من ذريتك وولدك
فحمد آدم ربه عزوجل وافتخر على الملائكة بنا ( 1 ) ، وإن هذا من فضلنا وفضل الله علينا
فقام سلمان ومن معه وهم يقولون : نحن الفائزون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ( 2 ) : أنتم الفائزون
ولكم خلقت الجنة ، ولاعدائنا وأعدائكم خلقت النار ( 3 ) .
بيان : السجف بالفتح والكسر الستر ، وأسجفت الستر أي أرسلته
.
16 قب : ولد عليه السلام في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب ، بعد
عام الفيل بثلاثين سنة ، وروى ابن همام : بعد تسعة وعشرين سنة ( 4 ) .
17 ضه : روى محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين
عليهما السلام يقول : إن فاطمة بنت أسد ضربها الطلق وهي في الطواف ، فدخلت الكعبة فولدت
أميرالمؤمنين عليه السلام فيها .
قال عمرو بن عثمان ( 5 ) : ذكرت هذا الحديث لسلمة بن الفضيل
فقال : حدثني محمد بن إسحاق عن عمه موسى بن بشار أن علي بن أبي طالب عليه السلام ولد
في الكعبة ( 6 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) ليست كلمة ( بنا ) ) في روضة الواعظين .
( 2 ) في روضة الواعظين : فقال لهم رسول الله .
( 3 ) الروضة : 17 و 18 ، روضة الواعظين : 72 74 .
وبين الروضة والكتاب اختلافات
كثيرة غير مخلة بالمعنى اشرنا إلى بعضها .
( 4 ) مناقب آل أبي طالب 2 : 78 .
( 5 ) في المصدر : عمر بن عثمان .
( 6 ) روضة الواعظين : 71 و 72 .
( * )
[ 24 ]
أقول : سيأتي بعض أخبار حليته في الباب الآتي .
18 يف : روى أحمد بن حنبل في مسنده عن زاذان عن سلمان الفارسي قال :
سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كنت أنا وعلي ( 1 ) نورا بين يدي الله قبل أن يخلق
آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم قسم ذلك النور جزئين : فجزء أنا
وجزء علي .
وروى هذا الحديث ابن شيرويه في الفردوس ، وابن المغازلي في المناقب ، قالافيه :
فلما خلق الله تعالى آدم ركب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل في شئ وأحد حتى افترقا
في صلب عبدالمطلب ، ففي النبوة وفي علي الخلاقة .
ورواه ابن المغازلي أيضا في طريق آخر ( 2 ) عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وآله
وقال في آخره : حتى قسمه جزئين : فجعل جزأ في صلب عبدالله ، وجزأ في صلب أبي طالب
فأخرجني نبيا وأخرج ( 3 ) عليا وصيا ( 4 ) ،
فض : عن ابن عباس عن سلمان مثل رواية الفردوس ( 5 ) .
أقول : أورد العلامة رحمه الله تلك الروايات بتلك الاسانيد في كتاب كشف
الحق ( 6 ) ؟
19 يف : روى الثعلبي في تفسيره في قوله تعالى : ( والسابقون الاولون ) عن
مجاهد قال : كان من نعم الله على علي بن أبي طالب عليه السلام وما صنع الله له وزاده من الخير
أن قريشا أصابتهم أزمة ( 7 ) شديدة ، وأبا طالب ( 8 ) كان ذا عيال كثير ، فقال رسول الله
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : على بن أبى طالب .
( 2 ) في المصدر : من طرق آخر .
( 3 ) في المصدر : فاخرجنى نبيا وعليا وصيا .
( 4 ) الطرائف : 5 و 6 .
( 5 ) الروضة : 12 .
( 6 ) ص :
( 7 ) الازمة : القحط .
( 8 ) كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدر : وكان ابوطالب ذا عيال كثيرة .
( * )
[ 25 ]
صلى الله عليه وآله للعباس عمه وكان من أيسر بني هاشم : يا عباس أخوك أبوطالب كثير
العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الازمة ، فانطلق بنا فلنخفف عنه عياله ( 1 )
آخذ أنا من بنيه رجلاوتأخذ أنت من بنيه ( 2 ) رجلافنكفيهما عنه من عياله ، قال العباس
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 25 سطر 4 إلى صفحه 33 سطر 4
نعم ، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا : نريد أن نخفف عنك عيالك حتى ينكشف عن
الناس ما هم فيه ، فقال أبوطالب : إن تركتما لي عقيلافاصنعا ما شئتما ، فأخذ النبي
صلى الله عليه وآله عليا فضمه إليه ، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه ، فلم يزل
علي مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بعثه الله نبيا ، وأتبعه علي عليه السلام فآمن به وصدقه ، ولم يزل
جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه ( 3 ) .
20 ن : بالاسناد إلى دارم ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي خلق الناس من شجر شتى ، وخلقت أنا وأنت من شجرة واحدة
أنا أصلها وأنت فرعها ، والحسن والحسين أغصانها ، وشيعتنا ورقها ( 4 ) ، فمن تعلق بغصن
من أغصانها أدخله الله الجنة ( 5 )
.
21 ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن جعفر بن محمد بن الحسين ( 6 ) ، عن أحمد بن عبدالمنعم ، عن عبدالله بن محمد الفزاري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، عن جابر ،
قال جعفر بن محمد بن الحسين ( 7 ) حدثنا أحمد بن عبدالمنعم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ،
عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي
ابن أبي طالب عليه السلام : ألاابشرك ؟ ألاأمنحك ؟ قال .
بلى يا رسول الله ، قال : فإني
خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ، ففضلت منها فضلة ( 8 ) فخلق منها شيعتنا ، فإذا ( 9 ) كان
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فلنخفف عنه من عياله .
( 2 ) في المصدر : ( بيته ) في الموضعين .
( 3 ) الطرائف : 6 .
( 4 ) في المصدر : أوراقها .
( 5 ) عيون الاخبار : 230 .
( 6 و 7 ) في المصدر : جعفر بن محمد الحسنى .
( 8 ) الفضلة بفتح الفاء البقية من الشئ .
وفى المصدر : فضل .
( 9 ) في المصدر : واذا .
( * )
[ 26 ]
يوم القيامة دعي الناس بامهاتهم إلاشيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب
مولدهم ( 1 ) .
22 شف : محمد بن جرير الطبري ، عن محمد بن عبدالله ، عن عمران بن محسن ، عن يونس
بن زياد ، عن الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع ، عن الفضل بن الربيع ، أن المنصور كان قبل
الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد عليه السلام قال : سألت جعفر بن محمد بن علي عليه السلام على عهد مروان
الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أميرالمؤمنين عليه السلام ما كان سببها ؟ فحدثني عن أبيه
محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن
أبي طالب عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله ( 2 ) وجهه في أمر من اموره ، فحسن فيه بلاؤه وعظم
عناؤه ( 3 ) فلما قدم من وجهه ( 4 ) ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج يصلي
الصلاة ، فصلى معه ، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله فاعتنقه رسول الله
صلى الله عليه وآله ثم سأله عن مسيره ذلك وماصنع فيه ، فجعل علي عليه السلام يحدثه وأسارير
رسول الله تلمع سرورا بما حدثه ، فلم أتى عليه السلام على حديثه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله :
ألاابشرك يا أبا الحسن ؟ فقال : فداك أبي وامي فكم من خير بشرت به ! قال : إن
جبرئيل هبط علي في وقت الزوال فقال لي : يا محمد هذا ابن عمك علي وارد عليك ، وإن
الله عزوجل أبلى المسلمين به بلاأحسنا ، وإنه كان من صنعه كذا وكذا ، فحدثني بما
أنبأتني به ، فقال لي : يا محمد إنه نجا من ذرية آدم من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم
بشيث ، ونجا شيث بأبيه آدم نجا من ذرية آدم من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم بشيث ،
ونجا شيث بأبيه آدم ، ونجا آدم بالله ، يا محمد ونجامن تولى سام بن نوح
وصي أبيه نوح بسام ، ونجا سام بنوح ، ونجا نوح بالله ، يا محمد ونجا من تولى إسماعيل بن إبراهيم خليل
الرحمن وصي أبيه إبراهيم باسماعيل ، ونجا إسماعيل بإبراهيم ، ونجا إبراهيم بالله ، يا محمد
ونجا من تولى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع ، ونجا يوشع بموسى ، ونجا موسى بالله ،
_________________________________________________________
( 1 ) امالى الشيخ : 94 .
( 2 ) في ( ح ) : قال : حدثنى ان رسول الله اه .
( 3 ) العناء : المشقة والتعب .
( 4 ) الوجه : ما يتوجه اليه الانسان من عمل وغيره .
( * )
[ 27 ]
يا محمد ونجا من تولى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون ، ونجا شمعون بعيسى ، ونجا عيسى بالله ، يا محمد ونجا
من تولى عليا وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك بعلي ،
ونجا علي بك ، ونجوت أنت بالله عزوجل ، يا محمد إن الله جعلك سيد الانبياء وجعل
عليا سيد الاوصياء وخيرهم ، وجعل الائمة من ذريتكما إلى أن يرث الارض ومن
عليها .
فسجد علي عليه السلام وجعل يقبل الارض شكرا لله تعالى ، وإن الله جل اسمه خلق
محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أشباحا يسبحونه ويمجدونه ويهللونه بين
يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر آلاف عام ، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الاخيار
من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات والمهذبات من النساء من عصر إلى عصر ، فلما
أراد الله عزوجل أن يبين لنا فضلهم ويعرفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك
النور فقسمه قسمين : جعل قسما في عبدالله بن عبدالمطلب ، فكان منه محمد سيد النبيين
وخاتم المرسلين ، وجعل فيه النبوة ، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبوطالب بن عبدالمطلب
بن هاشم ابن عبد مناف ، فكان منه علي أميرالمؤمنين وسيد الوصيين ، وجعله رسول الله وليه
ووصيه وخليفته ، وزوج ابنته ، وقاضي دينه ، وكاشف كربته ، ومنجز وعده ، وناصر دينه ( 1 ) .
توضيح : قال الجوهري : السرر واحد أسرار الكف والجبهة وهي خطوطها ،
وجمع الجمع : أسارير ، وفي الحديث : تبرق أسارير وجهه ( 2 ) .
23 يج : محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبدالله بن داهر ، عن الحمامي ، عن
محمد بن فضل ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن سعد ، عن سعدان ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله
_________________________________________________________
( 1 ) اليقين في امرة أميرالمؤمنين : 51 53 .
ولا يخفى ان المصنف قدس سره قد عين
رمز ( شف ) عند تعيين الرموز في اول الكتاب لكشف اليقين ، وهو من تأليف العلامة رحمه الله
ولا توجد الروايات التى نقلها مرموزا بهذا الرمز فيه ، بل هى موجودة في كتاب ( اليقين في امرة
أميرالمؤمنين ) من تأليف السيد ابن طاوس قدس سره ، فالظاهر وقوع سهو منه أو من الناسخين
كما لا يخفى .
( 2 ) الصحاح ج 2 ص 683 وفى الهامش : السر بالضم والكسر وكذلك السرار كله بطن
الكف ، والوجه ، والجبهة ، والجمع أسرة وأسرار .
[ 28 ]
كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر آلاف سنة ، فلما خلق
آدم قسم ذلك النور جزئين ، وركبه في صلب آدم ، وأهبطه إلى الارض ، ثم حمله في
السفينة في صلب نوح ، ثم قذفه في النار في صلب إبراهيم ، فجزء أنا وجزء علي ، والنور :
الحق ، يزول معنا حيث زلنا ( 1 ) .
كنز : من مناقب الخوارزمي عن سلمان مثله إلى قوله : وجزء علي ( 2 ) .
24 كنز : روى الشيخ أبوجعفر الطوسي ، بإسناده عن الفضل بن شاذان ، عن
رجاله ، عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد من
اختراعه ، من نور عظمته وجلاله ، وهو نور لا هوتيته الذي تبدى ( 3 ) وتجلى لموسى
عليه السلام في طور سيناء فما استقر له ولا أطاق موسى لرؤيته ، ولاثبت له حتى خر
صعقا مغشيا عليه ، وكان ذلك النور نور محمد صلى الله عليه وآله فلما أراد أن يخلق محمدا منه قسم ذلك
النور شطرين : فخلق من الشطر الاول محمدا ، ومن الشطر الآخر الآخر علي بن أبي طالب ، ولم
يخلق من ذلك النور غيرهما ، خلقهما بيده ونفخ فيهما بنفسه لنفسه ، وصورهما على صورتهما
وجعلهما امناء له وشهداء على خلقه ، وخلفاء على خليقته ، وعينا له عليهم ، ولسانا له
إليهم ، قد استودع فيهما علمه ، وعلمهما البيان ، واستطلعهما على غيبه ، وبهما فتح بدء
الخلائق ، وبهما يختم الملك والمقادير .
ثم اقتبس من نور محمد فاطمة ابنته كما اقتبس نوره من المصابيح ، هم خلقوا من
الانوار ، وانتقلوا من ظهر إلى ظهر ، وصلب إلى صلب ، ومن رحم إلى رحم في الطبقة العليا ( 4 ) من
غير نجاسة ، بل نقل بعد نقل ، لا من ماء مهين ولا نطفة خشرة كسائر خلقه ، بل أنوار
انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، لانهم صفوة الصفوة ، اصطفاهم لنفسه ،
لانه لايرى ولا يدرك ، ولا يعرف كيفيته ولا إنيسته ، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه ،
المتصرفون في أمره ونهيه ، فبهم تظهر قدرته ، ومنهم ترى آياته ومعجزاته ، وبهم ومنهم
_________________________________________________________
( 1 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 2 ) كنز جامع الفوائد مخطوط .
( 3 ) العليا بضم العين اسم تفضيل .
( 4 ) في ( ت ) : اينيته .
[ 29 ]
عبادة نفسه ، وبهم يطاع أمره ، ولولاهم ما عرف الله ، ولا يدرى كيف يعبدالرحمن ، فالله
يجري أمره كيف يشاء ( 1 ) فيما يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ( 2 ) .
بيان : الخشارة : الردئ من كل شئ .
25 كنز : محمد بن العباس مرفوعا إلى محمد بن زياد قال : سأل ابن مهران عبدالله
ابن عباس عن تفسير قوله تعالى : ( وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون ) فقال
ابن عباس : إنا كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلما رآه
النبي صلى الله عليه وآله تبسم في وجهه وقال : مرحبا بمن خلقه الله قبل آدم بأربعين ألف عام .
فقلت يا رسول الله أكان الابن قبل الاب ؟ قال : نعم إن الله تعالى خلقني وخلق عليا قبل أن
يخلق آدم بهذه المدة : وخلق نورا فقسمه نصفين ، فخلقني من نصفه وخلق عليا من النصف
الآخر قبل الاشياء كلها [ ثم خلق الاشياء فكانت مظلمة ( 3 ) ] فنورها من نوري ونور علي ،
ثم جعلنا عن يمين العرش ، ثم خلق الملائكة ، فسبحنا فسبحت الملائكة ، وهللنا فهللت
الملائكة ، وكبرنا فكبرت الملائكة ، فكان ذلك من تعليمي وتعليم علي ، وكان ذلك في
علم الله السابق أن لايدخل النار محب لي ولعلي ، ولا يدخل الجنة مبغض لي ولعلي ،
ألا وإن الله عزوجل خلق الملائكة بأيديهم أباريق اللجين ( 4 ) مملوءة من ماء الحياة من
الفردوس ، فما أحد من شيعة علي إلا وهو طاهر الوالدين ، تقي نقي مؤمن بالله ، فإذا
أراد أبوأحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق من ماء
الجنة ( 5 ) ، فيطرح من ذلك الماء في آنيته التي يشرب منها ، فيشرب من ذلك الماء و
ينبت الايمان في قلبه كما ينبت الزرع ، فهم علي بينة من ربهم ومن نبيهم ومن وصيهم
علي ومن ابنتي الزهراء ثم الحسن ثم الحسين ثم الائمة من ولد الحسين عليهم السلام
فقلت : يا رسول الله ومن الائمة ؟ قال : إحدى عشر مني ، وأبوهم علي بن أبي طالب .
_________________________________________________________
( 1 ) في ( ت ) : كيف شاء .
( 2 ) كنز جامع الفوائد مخطوط .
( 3 ) ما بين العلامتين توجد في ( ك ) .
( 4 ) اللجين مصغرا ولا مكبر له الفضة .
( 5 ) كذا في ( ك ) وفي غيره : أباريق ماء الجنة .
[ 30 ]
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله : الحمدلله الذي جعل محبة علي والايمان سببين ( 1 ) .
26 مد : من مناقب ابن المغازلي ، عن محمد بن علي بن محمد بن التبيع ( 2 ) ، عن
أحمد بن محمد بن سلام ، عن عمر بن أحمد بن روح الساجي ، عن يحيى بن الحسن العلوي ، عن
محمد بن سعيد المكي الدارمي ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه
علي بن الحسين عليهم السلام قال : كنت جالسا مع أبي ونحن نزور ( 3 ) قبر جدنا عليه السلام وهناك
نسوان كثيرة ، إذ أقبلت امرأة منهن فقلت لها : من أنت رحمك الله ؟ قالت : أنا زيدة
بنت العجلان ( 4 ) من بني ساعدة ، فقلت لها : فهل عندك شئ تحدثينا به ؟ قالت ( 5 ) :
إي والله حدثتني امي ام عمارة بنت عبادة بن فضل بن مالك ( 6 ) بن العجلان الساعدي
أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبوطالب كئيبا حزينا ، فقلت : ( 7 ) ماشأنك
يا أبا طالب ؟ فقال : إن فاطمة بنت أسد في شدة المخاض ، ثم وضع يده على وجهه فبيناهو
كذلك إذ أقبل محمد فقال : ماشأنك يا عم ؟ فقال : إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض ،
فأخذ بيده وجاءا ، وقمن معه ( 8 ) ، فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة ، ثم قال :
اجلسي على اسم الله ، قالت : فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا نظيفا منظفا ، لم أركحسن
وجهه ، فسماه أبوطالب عليا ، وحمله النبي حتى إذا أداه ( 9 ) إلى منزلها .
قال علي بن الحسين عليهما السلام : فوالله ما سمعت بشئ قط إلا وهذا أحسن منه ( 10 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) كنز جامع الفوائد مخطوط .
وأورده البحرانى في البرهان 4 : 39 .
( 2 ) في المصدر : اليسيع .
وبعده : قال : حدثناابوعبدالله بن خالد الكاتب ، قال : حدثنا احمد
ابن جعفر بن محمد بن مسلم اه .
( 3 ) في المصدر : ونحن زائر وقبر جدنا .
( 4 ) في المصدر : وكذا الطرائف بنت قريبة بن العجلان .
( 5 ) في المصدر : فهل عندك شئ تحدثينا ؟ قالت اه .
( 6 ) في المصدر : نصلة بن مالك .
( 7 ) في المصدر : فقلت له .
( 8 ) كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدر : وجاء وقمن ( قمنا خ ل ) معه .
ولعل المراد ان محمدا
صلى الله عليه وآله اخذ بيد ابى طالب ثم جاءا معا ، وقمن النساء أيضا معه وذهبن ليساعدنها .
( 9 ) في المصدر : حتى أداه .
( 10 ) العمدة : 14 .