[271]
أبنائه ونسائه نيابة عن جميع الامة ، وإلا فلاوجه لتخصيصه عليه السلام من بين سائر الصحابة ،
فهذا أصرح في مقصودنا وأقوى في إثبات مطلوبنا ، وكذا الوجه الرابع ( 1 ) يتضمن ثبوت
المدعى ، إذ لولم يكن في جميع الامة والصحابة من يصلح للمباهلة غيرهم فهم أقرب الخلق
إلى الله والرسول وأولى بالامامة وسائر والمنازل الشريفة من سائر الصحابة .
فإن قيل : الحمل على أقرب المجازات إنما يكون متعينا لولم يكن معنى آخر
شائعا ، ومعلوم أن إطلاق النفس على الغير في مقام إظهار غاية المحبة والاختصاص شائع ،
قلنا : مامر من الاخبار بعد التأمل فيها كانت أقوى القرائن على هذا المعنى ؟ ولو سلم
فدلالته على الاولوية في الامامة والخلافة ثابتة بهذا الوجه أيضا كما عرفت ، وهو مقصودنا
الاهم في هذا المقام .
وأما الفضل على لانبياء فهو ثابت بأخبارنا المستفيضة ، ولا حاجة لنا إلى الاستدلال
بالآية ، وإن كانت عند المنصف ظاهرة الدلالة ( 2 ) ] وفي المقام تحقيقات طريفة وكلمات
شريفة أسلفناها مع جل الاخبار المتعلقة بهذا المطلوب في كتاب النبوة ، وإنما أوردنا
ههنا قليلا من كثير لئلا يخلو هذا المجلد عن جملة منها والله المستعان .
_________________________________________________________
( 1 ) وهو ان تكون الجمعية باعتبار أنه بظاهر الحال كان يحتمل أن يكون من يصلح للمباهلة
جماعة من كل صنف .
( 2 ) لانه بعد ماثبت أن اميرالمؤمنين عليه السلام بمنزلة نفس الرسول يثبت بالضرورة انه افضل
من الانبياء عليهم السلام لما أسلفناه عن الرازى ان المساوى للافضل يجب ان يكون افضل .
[272]
1 - لى : ابن سعيد ، عن فرات ، عن محمد بن أحمد الهمداني ، عن الحسين بن علي ،
عن عبدالله بن سعيد الهاشمي ، عن عبدالواحد بن غياث ، عن عاصم بن سليمان ، عن جويبز
عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وآله
فلما سلم أقبل علينا بوجهه ثم قال : أما إنه سينقض ( 2 ) كوكب من السماء مع طلوع
الفجر فيسقط في دار أحدكم ، فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي و
الامام بعدي ، فلما كان قرب الفجر جلس كل واحدمنا في داره ينتظر سقوط الكوكب
في داره ، وكان أطمع القوم في ذلك أبي : العباس بن عبدالمطلب ، فلما طلع الفجر انقض
الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : يا
علي والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والامامة بعدي ، فقال المنافقون
عبداله بن ابي وأصحابه : لقدضل محمد في محبة ابن عمه وغوى ، وما ينطق في شأنه إلا
بالهوى ! فأنزل الله تبارك وتعالى ( والنجم إذا هوى ) يقول الله عزوجل : وخالق النجم
إذا هوى ( ماضل صاحبكم ) يعني في محبة علي بن أبي طالب عليه السلام ( وماغوى وما ينطق
_________________________________________________________
( 1 ) النجم : ( 53 - 1 ) .
( 2 ) اى يسقط .
والمراد بانقضاض الكوكب او النجم في دار على عليه السلام كما تدل عليه
روايات الباب سقوط شهاب من الشهب الساقطة عن الكواكب والنجوم كما نراه كثيرا ، ولا اشكال
في ذلك ، ويكون هذا آية من الله سبحانه لفضله عليه السلام وكونه خليفة الرسول ، فان التصريح
بهذا الامر مع حداثة عهدهم بالاسلام ونفاق بعضهم مشكل جدا كما اشير عليه في بعض اروايات الباب ،
فلابد عن تعريف خلافته ووصايته وولايته بالكنايات والعلامات ، فسقوط الشهاب في نفسه في دار
احد من الناس لا يوجب لايوجب فضيلة أبدا ، واما اذا جعل علامة قبلا كما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله
فيوجب ذلك .
[273]
عن الهوى ) يعني في شأنه ( إن هو إلا وحي يوحى ) .
وحدثني بهذا الحديث شيخ لاهل الري يقال له : أحمد بن الصقر ، عن محمد
ابن العباس بن بسام ، عن محمد بن أبي الهيثم ، عن أحمد بن أبي الخطاب ، عن أبي إسحاق
الفزاري ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام عن ابن عباس بمثل ذلك
إلا أنه قال في حديثه : يهوي كوكب من السماء مع طلوع الشمس فيسقط في دار أحدكم .
وحدثنا أيضا القطان ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن محمد بن إسحاق الكوفي
عن إبراهيم بن عبدالله السجزي ، عن يحيى بن الحسين المشهدي ، عن أبي هارون العبدي
عن ربيعة السعدي قال : سألت ابن عباس عن قول الله عزوجل ( والنجم وذا هوى ) قال
هو النجم الذي هوى مع طلوع الفجر ، فسقط في حجرة علي بن أبي طالب عليه السلام وكان
أبي : العباس يحب أن يسقط ذلك النجم في داره فيحوز ( 1 ) الوصية والخلافة والامامة
ولكن أبي الله أن يكون ذلك غير علي بن أبي طالب عليه السلام ( وذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء ( 2 ) ) .
2 - لى : القطان ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن الحسن بن زياد ، عن علي بن
الحكم ، عن منصور بن الاسود ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : لما
مرض النبي صلى الله عليه وآله مرضه الذي قبضه الله فيه اجتمع عليه أهل بيته وأصحابه وقالوا : يا
رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك ؟ ومن القائم فينا بأمرك ؟ فلم يجبهم جوابا وسكت
عنهم فلما كان اليوم الثاني أعادوا عليه القول فلم يجبهم عن شئ مما سألوه ، فلما كان اليوم
الثالث قالوا له : يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن لنا من بعدك ؟ ومن القائم فينا بأمرك
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 273 سطر 19 إلى صفحه 281 سطر 18
فقال لهم : إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي ، فانظروا من هو ؟ فهو
خليفتي عليكم من بعدي والقائم فيكم بأمري ، ولم يكن فيهم أحد إلا وهو يطمع أن يقول له :
أنت القائم من بعدي .
فلما كان اليوم الرابع جلس كل رجل منهم في حجرته ينتظر
هبوط النجم ، إذا انقض نجم من السماء قد غلب نوره على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة
_________________________________________________________
( 1 ) حاز الشئ : ضمه وجمعه .
( 2 ) امالى الصدوق : 337 و 338 .
[274]
علي عليه السلام فهاج القوم وقالوا : والله لقد ضل هذا الرجل وغوى ، وما ينطق في ابن عمه
إلا بالهوى ! فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك ( والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما
غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) إلى آخر السورة ( 1 ) .
قب : عنه عليه السلام مثله ثم قال : ويقال : ونزل ( كلما جاءكم رسول بما لا تهوى
أنفسكم ( 2 ) ) وفي رواية نوف البكالي أنه سقط في منزل علي نجم أضاءت له المدينة وما
حولها ، والنجم كانت الزهرة ، وقيل : بل الثريا ( 3 ) .
3 - يل : قال : بعض الثقاة : اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في عام فتح مكة فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله ( 4 ) : إن من شأن الانبياء إذا استقام أمرهم أن يدلوا على وصي من بعدهم
يقوم ( 5 ) بأمرهم ، فقال : إن الله تعالى قد وعدني أن يبين لي هذه الليلة وصيا ( 6 ) من
بعدي والخليفة الذي يقوم بأمري بآية تنزل ( 7 ) من السماء ، فلما فرغ الناس من صلاة
العشاء الآخرة من تلك الليلة ودخلوا ( 8 ) البيوت - وكانت ليلة ظلام ( 9 ) لاقمر - فإذا
نجم قد نزل من السماء بدوي ( 10 ) عظيم وشعاع هائل حتى وقف على ذروة حجرة علي
ابن أبي طالب عليه السلام وصارت الحجرة كالنهار ، أضاءت الدور بشعاعه ، ففزع الناس وجاؤوا
يهرعون ( 11 ) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويقولون : إن الآية التي وعدتنا بها قد نزلت ، وهو نجم
_________________________________________________________
( 1 ) أمالى الصدوق : 348 .
( 2 ) البقرة : 87 .
( 3 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 519 .
وقوله : ( والنجم كانت الزهرة ) ليس من كلام
المعصوم عليه السلام مسلما بقرينة قوله : ( وقيل : بل الثريا ) .
( 4 ) في المصدر : فقالوا يا رسول الله اه .
( 5 ) في المصدر : فيقوم .
( 6 ) في المصدر : الوصى .
( 7 ) ليست كلمة ( تنزل ) في المصدر .
( 8 ) في المصدر : ودخل الناس البيوت .
( 9 ) في المصدر : ظلام لاقمر فيها .
( 10 ) الدوى : الصوت .
صوت الرعد .
( 11 ) هرع إليه : مشى باضطراب وسرعة .
[275]
وقد نزل على ذروة دار علي بن أبي طالب ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : فهو الخليفة من بعدي ، و
القائم من بعدي ، والوصي من بعدي ، والولي بأمر الله تعالى ، فأطيعوه ولا تخالفوه ،
فخرجوا من عنده ، فقال الاول للثاني : ما يقول في ابن عمه إلا بالهوى ، وقد ركبته
الغواية فيه ! حتى لويريد ( 1 ) أن يجعله نبيا من بعده لفعل ! فأنزل الله تعالى ( والنجم
إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهودى * إن هو إلا وحي يوحى *
علمه شديد القوى ) وقال في ذلك : العوني شعرا :
من صاحب الدار التي انقض بها * نجم من الافق فأنكرتم لها ؟ ( 2 )
فض : بالاسناد يرفعه إلى علي بن محمد الهادي ، عن آبائه عليهم السلام عن جابر الانصاري
مثله بأدنى تغيير ( 3 ) .
4 - فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى عمر بن الخطاب أنه قال : اعطي علي بن أبي
طالب خمس خصال لوكان لي واحدة ( 4 ) لكان أحب إلي من الدنيا والآخرة ، قالوا : وما
هي يا عمر ؟ قال : الاولى تزويجه بفاطمة عليها السلام ، وفتح بابه إلى المسجد حين سدت أبوابنا
وانقضاض النجم في حجرته ، ويوم خيبر وقول رسول الله صلى الله عليه وآله ( 5 ) : لا عطين الراية غدا
رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ( 6 ) يفتح الله على يده ( 7 ) ، والله لقد كنت أرجو
أن يكون لي ذلك ( 8 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : لو أراد .
( 2 ) الفضائل : 159 .
وللعونى ايضا :
ومن هوى النجم إلى حجرته * فأنزل الله اذا النجم هوى
( 3 ) الروضة : 30 .
( 4 ) في الفضائل : واحدة منها .
وفى الروضة : واحدة منهن .
( 5 ) في الفضائل : وقول رسول الله له يوم خيبر اه .
( 6 ) في المصدرين بعد ذلك : كرارا غير فرار .
( 7 ) لم يذكر الخامس في نسخ الكتاب والروضة ، لكنه ذكر في الفضائل : وقوله صلى الله عليه
وآله له : أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبى بعدى .
( 8 ) الروضة : 30 .
الفضائل : 159 و 160 .
[276]
5 - إرشاد القلوب بالاسناد إلى الباقر عليه السلام قال : لماكثر قول المنافقين وحساد
أميرالمؤمنين عليه السلام فيما يظهره رسول الله صلى الله عليه وآله من فضل علي عليه السلام وينص عليه ويأمر
بطاعته ويأخذ البيعة له على كبرائهم ومن لا يؤمن غدره ويأمرهم بالتسليم عليه بإمرة
المؤمنين ويقول لهم : إنه وصيي وخليفتي وقاضي ديني ومنجز عدتي والحجة لله ( 1 ) على
خلقه من بعدي من أطاعه سعد ومن خالفه ضل وشقي قال ( 2 ) المنافقون : لقد ضل محمد في
ابن عمه علي وغوى وجن ( 3 ) ! والله ما أفتنه فيه وجبه إليه إلا قتل الشجعان والاقران
والفرسان يوم بدر وغيرها من قريش وسائر العرب واليهود ، وأن كل ما يأتينابه وظهر
في علي من هواه ، وكل ذلك يبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله حتى اجتمعت التسعة المفسدون في
الارض في دار الاقرع بن حابس التميمي - وكان يسكنها في ذلك الوقت صهيب الرومي -
وهم التسعة الذين إذا عد أميرالمؤمنين معهم كان عدتهم عشرة ، وهم : أبوبكر وعمر
وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبدالرحمن بن عوف الزهري وأبوعبيدة بن
الجراح ، فقالوا : لقد أكثر محمد في حق علي ( 4 ) حتى لو أمكنه أن يقول لنا : اعبدوه
لقال ! .
فقال سعد بن أبي وقاص : ليت محمدا أتانا فيه بآية من السماء كما آتاه الله في نفسه
من الآيات مثل انشقاق القمر وغيره ، فباتوا تلك ليلتهم .
( 5 ) ، فنزل نجم من السماء حتى
صار في ذروة بجدار أميرالمؤمنين عليه السلام متعلقا ( 6 ) ، يضئ في سائر المدينة حتى دخل ضياؤه
في البيوت وفي الآبار ( 7 ) وفي المغارات وفي المواضع المظلمة من بيوت الناس ، فذعر أهل
المدينة ذعرا ( 8 ) شديدا وخرجوا وهم لا يعلمون ذلك النجم على دار من نزل ؟ ولا أين هو
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ومنجز عداتى وحجة الله اه .
( 2 ) جواب لما .
( 3 ) جن - على بناء المجهول - : زال عقله .
( 4 ) في المصدر : في حق على حبا .
( 5 ) في المصدر : فباتوا ليلتهم تلك .
( 6 ) في المصدر : بجدار دار أميرالمؤمنين عليه السلام معلقا .
( 7 ) الابار جمع البئر ، وهو معروف .
والمغار .
الكهف .
( 8 ) ذعر : دهش .
[277]
متعلق ؟ ولكن يرونه على بعض منازل رسول الله صلى الله عليه وآله فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله ضجيج
الناس خرج إلى المسجد ونادى في الناس : ما الذي أرعبكم وأخافكم ؟ هذا النجم على دار
علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : نعم يا رسول الله ، قال : أفلا تقولون لمنا فقيكم التسعة الذين
اجتمعوا في أمسكم في دار صهيب الرومي فقالوا في وفي علي أخي ما قالوه ، وقال قائل
منهم : ليت محمدا أتانا فيه بآية من السماء كما أتانا بآية في نفسه من شق القمر وغيره ؟
فأنزل الله عزوجل هذا النجم متعلقا على مشربة أميرالمؤمنين عليه السلام ( 1 ) وبقي إلى أن
غاب كل نجم في السماء ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الفجر مغلسا ( 2 ) وأقبل الناس يقولون :
ما بقي نجم في السماء وهذا النجم معلق ! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هذا حبيبي جبرئيل
قد أنزل على هذا النجم قرآنا تسمعونه ، ثم قرأ ( والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما
غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى ) ثم ارتفع
النجم وهم ينظرون إليه ، والشمس قد بزغت ( 3 ) ، وغاب النجم في السماء .
فقال بعض المنافقين : لوشاء الله لامر هذه الشمس فنادت باسم علي وقالت : هذا
ربكم فاعبدوه ، فهبط جبرئيل فخبر النبي بما قالوا ، وكان ذلك في ليلة الخميس وصبيحته
فأقبل بوجهه الكريم على الناس وقال : استدعوا لي عليا من منزله ، فقال له ( 4 ) : يا أبا
الحسن إن قوما من منافقي امتي ماقنعوا بآية النجم حتى قالو : لوشاء محمد لامر الشمس
أن تنادي باسم علي وتقول : هذا ربكم فاعبدوه ! فإنك يا علي في غد بعد صلاة الفجر
تخرج معي إلى بقيع الغرقد ( 5 ) ، فقف نحو مطلع الشمس فإذا بزغت الشمس فادع بدعوات
_________________________________________________________
( 1 ) المشربة : الغرفة التى يشربون فيها .
( 2 ) في المصدر : مغلسابها .
وقال الجزرى في النهايه ( 3 : 166 ) فيه ( انه كان يصلى الصبح
بغلس ) .
الغلس : ظلمة آخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح .
( 3 ) بزغمت الشمس : طلعت .
( 4 ) في المصدر : فاستدعوه فقال له اه .
( 5 ) في المصدر : بعد صلاتك صلاة الفجر تخرج إلى بقيع الغرقد .
[278]
أنا القنك إياها وقل للشمس : السلام عليك يا خلق الله الجديد ، واسمع ما تقول لك وما
ترد عليك ، وانصرف إلي به ، فسمع الناس ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وسمع التسعة المفسدون
في الارض فقال بعضهم ( 1 ) : لاتزالون تغرون محمدا بأن يظهر في ابن عمه علي كل آية ،
وليس مثل ما قال ( 2 ) محمد في هذا اليوم ، فقال اثنان منهم - وأقسما بالله جهد أيمانهما
وهما أبوبكر وعمر - : إنهما ليحضران البقيع حتى ينظراو يسمعا ما يكون ( 3 ) من علي
والشمس .
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر ( 4 ) وأميرالمؤمنين معه في الصلاة أقبل عليه وقال
قم يا أبا الحسن إلى ما أمرك الله به ورسوله فأت البقيع حتى تقول للشمس ما قلت لك ،
وأسر إليه سرا كان فيه الدعوات التي علمه إياها ، فخرج أميرالمؤمنين عليه السلام يسعى ( 5 )
إلى البقيع حتى بزغت الشمس ، فهمهم بذلك الدعاء همهمة ( 6 ) لم يعرفوها ، وقالوا : هذه
الهمهمة ما علمه محمد من سحره ! وقال للشمس : السلام عليك يا خلق الله الجديد ، فأنطقها الله
بلسان عربي مبين وقالت : السلام عليك يا أخا رسول الله ووصيه ، أشهد أنك الاول و
الآخر والظاهر والباطن ، وأنك عبدالله وأخو رسوله حقا ، فارتعدوا واختلطت عقولهم و
انكفؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مسودة وجوههم ، تفيض أنفسهم ( 7 ) ، فقالوا : يا رسول الله ما
هذا العجب العجيب ؟ لم نسمع من الاولين ولا من المرسلين ولا في الامم الغابرة ( 8 )
القديمة ، كنت تقول لنا : إن عليا ليس ببشر وهو ربكم فاعبدوه ! فقال لهم رسول الله
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فقال بعضهم لبعض .
( 2 ) في المصدر : ولبئس ما قال اه .
( 3 ) في المصدر : لا بدان نحضر البقيع حتى ننظر ونسمع ما يكون اه .
( 4 ) في المصدر : صلاة الفجر .
( 5 ) اى يمشى .
( 6 ) همهم همهمة : تكلم كلاما خفيا .
( 7 ) فاضت نفسه : خرجت .
اى كأنهم تكاد تخرج انفسهم من السحد .
وفى المصدر : بغيظ
انفسهم .
وهو الغضب .
( 8 ) في المصدر : ما هذا العجب العجيب الذى لم نسمع به من النبيين ولا من المرسلين ولا من
الامم الغايرة .
والغابر : الماضى .
[279]
بمحضر من الناس في مسجده : تقولون ما قالت الشمس وتشهدون بما سمعتم ؟ قالوا : يحضر علي
فيقول فنسمع ( 1 ) ونشهد بما قال للشمس وما قالت له الشمس ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله :
لابل تقولون ، فقالوا قال علي للشمس : السلام عليك يا خلق الجديد ، بعد أن همهم
همهمة تزلزلت منها البقيع ، فأجابته الشمس وقالت : وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه
أشهد أنك الاول والآخر والظاهر والباطن ، وأنك عبدالله وأخو رسول الله ( 2 ) حقا .
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمدلله الذي خصنا بما تجهلون وأعطانا مالا تعلمون
ثم قال : قد تعلمون ( 3 ) أني واخيت عليا دونكم ، وأشهدتكم أنه وصيي ، فماذا أنكرتم
عساكم تقولون ( 4 ) : ( ما قالت له الشمس : إنك الاول والآخر والظاهر والباطن ) قالوا
نعم يا رسول الله ، لانك أخبرتنا بأن الله هو الاول والآخر والظاهر والباطن في كتابه
المنزل عليك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ويحكم وأنى لكم بعلم ما قالت له الشمس ؟ أما قولها
( إنك الاول ) فصدقت ، إنه أول من آمن بالله ورسوله ممن دعوته إلى الايمان من الرجال
- وخديجة من النساء - وأما قولها : ( الآخر ) فإنه آخر الاوصياء وأنا خاتم الانبياء ( 5 )
وخاتم الرسل ، وأما قولها : ( الظاهر ) فإنه ظهر على كل ما أعطاني الله من علمه ( 6 ) ،
فما علمه معي غيره ، ولا يعلمه بعدي سواه ومن ارتضاه لسره من ولده ، وأما قولها :
( الباطن ) فهو والله الباطن على الاولين ( 7 ) والآخرين وسائر الكتب المنزلة على النبيين
والمرسلين ، ومازادني الله تعالى من علم مالم يعلموه وفضل مالم يعطوه ( 8 ) ، فما ذاتنكرون
فقالوا بأجمعهم : نحن نستغفرالله يا رسول الله ، لو علمناما تعلم لسقط ( 9 ) الاقرار بالفضل لك
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فتسمع .
( 2 ) في المصدر : واخو رسوله .
( 3 ) في المصدر : واعطانا مالا تعلمون ، قد علمتم اه .
( 4 ) في المصدر : عساكم لم تقولوا اه .
( 5 ) في المصدر : آخر الانبياء .
( 6 ) في المصدر : من علمه معى .
( 7 ) في المصدر : على علم الاولين .
( 8 ) في المصدر : ومازادنى الله تعالى به من علم مالا تعلمون وفضل مالم تعطوه .
( 9 ) لما سقط الاقرار ظ .
[280]
ولعلي ، فاستغفر الله لنا ، فأنزل الله سبحانه ( سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن
يغفر الله لهم إن الله لايهدي القوم الفاسقين ) وهذا في سورة المنافقين ( 1 ) فهذا من دلائله
عليه السلام ( 2 ) .
[ بيان : في القاموس : الغرقد : شجر عظام أوهي العوسج إذا عظم ، وبقى الغرقد :
مقبرة المدينة على ساكنها السلام ، لانه كان منبتها ، وقال : انكفأ : رجع ( 3 ) ] .
6 - مد : مناقب ابن المغازلي ، عن إبراهيم بن محمد بن خلف ، عن الحسين بن أحمد
عن أحمد بن الحسن بن سهل ، عن ابن أحمد المالكي ، عن ربيعة بن محمد الطائي ، عن ثوبان
عن داود ، عن مالك بن غسان ، عن ثابت ، عن أنس قال : انقض كوكب على عهد رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو
الخليفة من بعدي ، فنظروا فإذا قدانقض ( 4 ) في منزل علي عليه السلام فأنزل الله تعالى ( والنجم
إذا هوى ( 5 ) ) .
7 - فر : جعفر بن محمد معنعنا عن عائشة قالت : بينا النبي جالس إذ قال له بعض
أصحابه : من أخير الناس بعدك يا رسول الله ؟ فأشار إلى نجم في السماء فقال : من سقط
هذا النجم في داره ، فقال القوم : فما برحنا ( 6 ) حتى سقط النجم في دار علي عليه السلام فقال :
علي بن أبي طالب ( 7 ) ، فقال بعض أصحابه : ما أشد ما رفع بضبع ابن عمه ! فأنزل الله
_________________________________________________________
( 1 ) الاية : 6 .
وقوله : ( وهذا اه ) ليس من الرواية .
( 2 ) ارشاد القلوب للديلمى 2 : 80 - 84 .
( 3 ) هذا البيان ايضا لايوجد في ( ت ) .
( 4 ) في المصدر : فاذا هو قد انقض .
( 5 ) العمدة : 44 و 45 .
( 6 ) برح عن المكان : زال عنه .
( 7 ) أى قال رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما سقط النجم في دار على عليه السلام : اخير
الناس بعدى على بن أبى طالب وقد أسقطوا هذه الجملة عن المصدر عند الطبع لعدم عثور هم على
معناها .