[281]
تعالى ( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وماغوى ) محمد صلى الله عليه وآله ( وما ينطق عن الهوى )
في علي بن أبي طالب عليه السلام ( إن هو إلا وحي يوحى ) أنا أوحيته إليه ( 1 ) .
8 - فر : أبوالحسن أحمد بن صالح الهمداني معنعنا ، عن عبدالله بن بريدة الاسلمي ،
عن أبيه قال : انقض نجم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله : من وقع هذا النجم
في داره فهو الخليفة ، فوقع النجم في دار علي عليه السلام فقال ( 2 ) قريش : ضل محمد ، فأنزل الله
تعالى ( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو
إلا وحي يوحى ( 3 ) ) .
9 - فر : علي بن أحمد الشيباني معنعنا ، عن نوف البكالي ، عن علي بن أبي طالب
عليه السلام قال : جاءت جماعة من قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله انصب لنا
علما يكون ( 4 ) لنا من بعدك ، لنهتدي ولا نضل كما ضلت بنو إسرائيل بعد موسى بن عمران
فقد قال ربك سبحانه : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) ولسنا لنطمع ( 5 ) أن تعمر فينا ما
عمر ( 6 ) نوح في قومه ، وقد عرفت منتهى أجلك ، ونريد أن نهتدي ولا نضل قال : إنكم
قريبو عهد بالجاهلية ، وفي قلوب أقوام أضغان ( 7 ) ، وعسيت إن فعلت أن لا تقبلوا ( 8 ) ،
ولكن من كان في منزله الليلة آية من غير ضير ( 9 ) فهو صاحب الحق ، قال : فلما صلى
النبي صلى الله عليه وآله العشاء وانصرف إلى منزله سقط في منزلي نجم أضاءت له المدينة وما حولها
_________________________________________________________
( 1 ) تفسير فرات : 173 و 174 .
( 2 ) في المصدر : فقالت .
( 3 ) تفسير فرات : 174 .
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 281 سطر 19 إلى صفحه 289 سطر 18
( 4 ) في المصدر : انصب علينا علما يكن اه .
( 5 ) في المصدر : نطمع .
( 6 ) عمر الرجل : عاش زمانا طويلا .
( 7 ) جمع الضغن - بكسر الضاد - : الحقدو العداوة .
( 8 ) في المصدر : ان لا يقبلوا .
( 9 ) في القاموس ( 2 : 77 ) : ضار الامر ضيرا : ضره .
ولعل مراده صلى الله عليه وآله
ان من كان في منزله الليلة آية من دون ان تضره هذ الاية بشئ .
[282]
وانفلق ( 1 ) بأربع فلق في كل شعب فلقة م غير ضير ( 2 ) .
قال نوف : قال لي جابر بن عبدالله : إن القوم أصروا على ذلك وأمسكوا ( 3 ) ،
فلما أوحى الله إلى نبيه أن ارفع بضبع ابن عمك قال : يا جبرئيل أخاف من تشتت
قلوب القوم ، فأوحى الله إليه : ( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم
تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ( 4 ) ) فأمر النبي صلى الله عليه وآله بلالا أن ينادي
بالصلاة جامعة ، فاجتمع المهاجرون والانصار ، فصعد المنبر فحمدالله تعالى وأثنى عليه ثم
قال : يا معشر قريش لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم ، ثم قال : يا مشعر العرب لكم
اليوم الشرف صفوا صفوفكم ، قال : يا معشر الموالي لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم
ثم دعا بدواة وطرس ( 5 ) فأمر وكتب فيه ، ( بسم الله الرحمن الرحيم * لا إله إلا الله محمد
رسول الله ) قال : شهدتم ؟ قالوا : نعم ، قال : أفتعلمون أن الله مولاكم ؟ قالوا : أللهم نعم
قال : أفتعلمون أنني مولاكم ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : فقبض على ضبع علي بن أبي طالب
عليه السلام فرفعه في الناس حتى تبين بياض إبطيه ( 6 ) ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا
علي مولاه ، ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من
من خذله - وفيه كلام ( 7 ) - أنزل الله تعالى ( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما
غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) فأوحى إليه ( يا أيها الرسول
_________________________________________________________
( 1 ) أى انشق .
( 2 ) لعل المراد : انشعب في كل جدار من الجدر الاربعة للدار فلقة من غير ضير .
( 3 ) أصر على الشئ : اذا لزمه وداومه ، وأكثر ما يستعمل في الشر والذنوب .
أى ان القوم
أصروا على نفاقهم وجحدهم فضل أميرالمؤمنين عليه السلام .
( 4 ) المائدة : 67 .
( 5 ) سيأتى معناه في البيان .
وفي المصدر : قرطاس .
( 6 ) الابط : باطن الكتف .
( 7 ) اى وفى الحديث كلام لم نذكره هناك اختصارا .
[283]
بلغ ما انزل إليك من ربك ( 1 ) ) .
بيان : الضبع بسكون الباء : وسط العضد .
والطرس بالكسر : الصحيفة .
10 - فر : محمد بن عيسى بن زكريا معنعنا عن جعفر بن محمد قال : لما أقام رسول الله
صلى الله عليه وآله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم غدير خم فذكر كلاما ، فأنزل الله
تعالى على لسان جبرئيل فقال له : يا محمد إني منزل غدا ضحوة ( 2 ) نجما من السماء ،
يغلب ضوءه على ضوء الشمس ، فأعلم أصحابك أنه من سقط ذلك النجم في داره فهو الخليفة
من بعدك ، وأعلمهم ( 3 ) رسول الله صلى الله عليه وآله أنه يسقط غدا من السماء نجم يغلب ضوؤه على ( 4 )
ضوء الشمس ، فمن سقط النجم في داره فهو الخليفة من بعدي ، فجلسوا كلهم ( 5 ) في منزله
يتوقع أن يسقط النجم في منزله ، فما لبثوا أن سقط النجم في منزل أميرالمؤمنين علي بن
أبي طالب وفاطمة عليهما السلام فاجتمع القوم وقالوا : والله ما تكلم فيه إلا بالهوى ! فأنزل الله
على نبيه ( والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن
هو إلا وحي يوحى ) إلى ( أفتمارونه على ما يرى ( 6 ) ) .
11 - يف ، كنز : روى علي بن المغازلي بإسناده إلى ابن عباس قال : كنت
جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي إذا انقض كوكب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من
انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي ، قال : فقام فتية من بني هاشم فنظروا
قد انقض الكوكب ( 7 ) في منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا م يا رسول الله قد غويت
في حب ابن عمك ! فأنزل الله ( والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى ( 8 ) ) .
_________________________________________________________
( 1 ) تفسير فرات : 174 و 175 .
( 2 ) الضحوة : ارتفاع النهار بعد طلوع الشمس .
( 3 ) في المصدر : فأعلمهم .
( 4 ) ليست كلمة ( على ) في المصدر .
( 5 ) في المصدر : فجلسوا كل .
( 6 ) تفسير فرات : 175 .
( 7 ) في الطرائف : فاذا الكوكب قد انقض .
( 8 ) الطرائف : 7 .
الكنز مخطوط .
[284]
مد : ابن المغازلي ، عن محمد بن أحمد بن عثمان ، عن محمد بن العباس ، عن الحسين بن
علي الدهان ، عن علي بن محمد بن الخليل ، عن هيثم ، عن أبي بشير ، عن سعيد ، عن ابن
عباس مثله ( 1 ) .
فر : إسماعيل بن إبراهيم معنعنا عن ابن عباس مثله ( 2 ) .
بيان : روى العلامة نحوه من طريق الجمهور عن ابن عباس ( 3 ) ، ورواه أبوحامد
الشافعي ( 4 ) في كتاب شرف المصطفى على ما رواه عنه صاحب إحقاق الحق ( 5 ) ، فقد ثبت
بنقل الخاص والعام نزول الآية فيه ، وبعض الاخبار صريح في إمامته وبعضها ظاهر
بقرينة سؤال القوم وحسدهم عليه بعد ذلك ، حتى نسبوا نبيهم إلى الغواية ! فإنها تدل
على أن المراد بالوصاية الامامة ، على أنها تدل على فضل تام يمنع تقديم غيره عليه .
1 - ع : أحمد بن محمد بن إسحاق ، عن أحمد بن يحيى بن زهير ، عن يوسف بن موسى
عن مالك بن إسماعيل ، عن منصور بن أبي الاسود ، عن كثير أبي إسماعيل ، عن جميع بن عمر
قال : صليت في المسجد الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست إليه فقلت : حدثني عن علي
_________________________________________________________
( 1 ) العمدة : 38 و 39 .
( 2 ) تفسير فرات : 175 .
( 3 ) كشف اليقين : 130 .
( 4 ) هو العلامة الحافظ عبدالملك بن أبي عثمان محمد بن ابراهيم النيسابورى المحدث الفقيه
المفسر الواعظ ، يعرف بالخركوشى ، نسبة إلى ( خركوش ) من محلات تلك البلدة ، له كتب منها
كتاب شرف المصطفى ومنها التفسير الكبير ومنها المشيخة وغيرها ، توفى سنة 406 ه في بلده
( ريحانه الادب ج 1 ص 382 طبع تهران ) .
( 5 ) ج 2 : 340 و 341 .
[285]
فقالت : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبابكر ببراءة فلما أتى به ذا الحليفة ( 1 ) أتبعه عليا فأخدها
منه ، قال أبوبكر : يا علي مالي ؟ أنزل في شئ ؟ قال : لا ولكن رسول الله قال : لا يؤدي
عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، قال : فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله
أنزل في شئ ؟ قال لا ولكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، قال كثير :
قلت لجميع : تشهد ( 2 ) على ابن عمر بهذا ؟ قال : نعم - ثلاثا - ( 3 ) .
2 - ع : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن
أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن الحكم بن مقسم ، عن ابن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبابكر ببراءة ثم أتبعه عليا فأخذها منه ، فقال أبوبكر : يا رسول الله
حيف ( 4 ) في شئ ؟ قال : لا إلا أنه لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ، وكان الذي بعث به ( 5 )
علي عليه السلام : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف
بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فهو إلى مدته ( 6 ) .
3 - ع : الطالقاني ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن سليم بن عبدالجبار ، عن
علي بن قادم ، عن إسرائيل ، عن عبدالله بن شريك ، عن الحارث بن مالك قال : خرجت إلى
مكة فلقيت سعد بن مالك فقلت له : هل سمعت لعلي عليه السلام منقبة ؟ قال : قد شهدت له
أربعة لان يكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا اعمر فيها عمر نوح ، أحدها أن
رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبابكر ببراءة إلى مشركي قريش ، فسار بها يوما وليلة ، ثم قال
لعلي اتبع أبابكر فبلغها ورد أبابكر ، فقال : يا رسول الله أنزل في شئ ؟ قال : لا إلا
أنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ( 7 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) بالتصغير قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، منها ميقات أهل المدينة ، وهى
من مياه بنى جشم .
( مراصد الاطلاع 1 : 420 ) .
( 2 ) في المصدر : أستشهد .
( 3 ) علل الشرايع : 74 .
( 4 ) في ( ت ) : خيف .
( 5 ) في المصدر : بعث فيه .
( 6 و 7 ) علل الشرائع : 74 .
[286]
4 - ع : أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ، عن
أحمد بن منصور ، عن أبي سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن أنس أن
النبي صلى الله عليه وآله بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر فبعث عليا عليه السلام وقال : لا يبلغها إلا
رجل من أهل بيتي ( 1 ) .
5 - ل : فيما أجاب به أميرالمؤمنين عليه السلام اليهودي السائل من خصال الاوصياء
قال : وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر
إليهم ويدعوهم إلى الله عزوجل آخرا كما دعاهم أولا ، فكتب إليهم كتابا يحذرهم
فيه وينذرهم عذاب الله وبعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم ، ونسخ لهم في آخره سورة براءة
لتقرأ عليهم ( 2 ) ، ثم عرض على جميع أصحابه المضي به إليهم ، فكلهم يرى التثاقل فيهم ،
فلما رأى ذلك ندب ( 3 ) منهم رجلا فوجهه به فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد لا يؤدي
عنك إلا أنت أورجل منك ، فأنبأني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ووجهني بكتابه ورسالته إلى
مكة ، فأتيت مكة - وأهله من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل
جبل مني إربا ( 4 ) لفعل ، ولو أن يبذل في ذلك نفسه وأهله وولده وماله - فبلغتهم رسالة
النبي صلى الله عليه وآله وقرأت عليهم كتابه ، فكلهم يلقاني بالتهدد والوعيد ، ويبدي لي البغضاء
ويظهر الشحناء ( 5 ) من رجالهم ونسائهم ، فكان مني في ذلك ما قدرأيتم ، ثم التفت إلى
أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين ( 6 ) .
6 - قل : قال جدي أبوجعفر الطوسي ( 7 ) : في أول يوم من ذي الحجة بعث
النبي صلى الله عليه وآله سورة براءة حين انزلت عليه مع أبي بكر ثم نزل على النبي صلى الله عليه وآله أنه
_________________________________________________________
( 1 ) علل الشرائع : 74 .
( 2 ) في المصدر : ليقرأها عليهم .
( 3 ) ندب فلانا للامر أو إلى الامر : دعاه ورشحه للقيام به وحثه عليه .
( 4 ) الارب : العضو .
( 5 ) الشحناء : العداوة امتلات منها النفس .
( 6 ) الخصال 2 : 16 و 17 .
( 7 ) ام والد السيد ابن طاوس بنت ابنة الشيخ الطوسى ، ولذا يعبر عنه كثيرا في تصانيفه بالجد
أوجد والدى ، كما يعبر عن الشيخ ابى على الحسن بن الحشيخ الطوسى بالخال أو خال والدى .
[287]
لايؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ، فأنفذ النبي صلى الله عليه وآله عليا حتى لحق أبابكر فأخذها
منه ورده بالروحاء ( 1 ) يوم الثالث منه ، ثم أدعاها عنه إلى الناس يوم عرفة ، ويوم النحر
فقرأها عليهم في الموسم ( 2 ) .
وروى حسن بن أشناس ، عن ابن أبي الثلج الكاتب ، عن جعفر بن محمد العلوي ، عن
علي بن عبدك الصوفي ( 3 ) ، عن طريف مولى محمد بن إسماعيل بن موسى ، وعبيد بن يسار ، عن
عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الهمداني ، وعن جابر ، عن
أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفية ، عن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة
أحب أن يعذر إليهم - وساق الحديث نحوا ممامر ثم قال - : وأقول : وروى الطبري
في تاريخه في حوادث سنة ست من هجرة النبي صلى الله عليه وآله لما أراد النبي القصد لمكة ومنعه
أهلها : أن عمر بن الخطاب كان قد أمره النبي صلى الله عليه وآله أن يمضي إلى مكة فلم يفعل واعتذر !
فقال الطبري ما هذا لفظة : ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف
قريش ما حاله ، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي ( 4 ) .
أقول : فانظر حال
مولانا علي عليه السلام من حال من تقدم عليه كيف كان يفدي رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه في كل
ما يشيربه إليه ؟ وكيف كان غيره يؤثر عليه نفسه ؟ .
ومن ذلك شرح أبسط مما ذكرناه رواه حسن بن أشناس في كتابه أيضا ، عن أحمد
بن محمد ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن مالك بن إبراهيم النخعي ، عن الحسين بن
زيد قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : لما سرح ( 5 ) رسول الله صلى الله عليه وآله أبابكر
بأول سورة براءة إلى أهل مكة أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن الله يأمرك أن لا تبعث
هذا وأن تبعث علي بن أبي طالب ، وإنه لا يؤديها عنك غيره ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله علي بن
_________________________________________________________
( 1 ) الروحاء من الفرع على نحواربعين ميلا من المدينة ، وهو الموضع الذى نزل به تبع حين
رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة ، فأقام بها وأراح فسماها الروحاء .
( 2 ) في المصدر : في المواسم .
( 3 ) كذا في ( ك ) و ( ت ) ، وفى غيرهما من النسخ وكذا المصدر : على بن عبدل الصوفى .
( 4 ) تاريخ الطبرى 2 : 278 .
وفيه : فبيلغ عنه اشراف قريش ماجاء له .
( 5 ) أى أرسله .
[288]
أبي طالب عليه السلام فلحقه فأخذ ( 1 ) منه الصحيفة وقال : ارجع إلى النبي ، فقال أبوبكر : هل
حدث في شئ ؟ فقال : سيخبرك رسول الله ، فرجع أبوبكر إلى النبي فقال : يا رسول الله
ماكنت ترى أني مؤد عنك هدة الرسالة ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله : أبي الله أن يؤديها إلا
علي بن أبي طالب عليه السلام فأكثر أبوبكر عليه من الكلام فقال له النبي صلى الله عليه وآله : كيف
تؤديها وأنت صاحبي في الغار ( 2 ) ! قال : فانطلق علي عليه السلام حتى قدم مكة ، ثم وافى
عرفات ، ثم رجع إلى جمع ، ثم إلى منى ، ثم ذبح وحلق ، وصعد على الجبل المشرف
المعروف بالشعب فأذن ثلاث مرات : ألا تسمعون يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ؟
ثم قال : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة
أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله ) إلى
قوله : ( إن الله غفور رحيم ) تسع آيات من أولها ، ثم لمع بسيفه ( 3 ) فأسمع الناس و
كررها فقال الناس : من هذا الذي ينادي في الناس ؟ فقالوا : علي بن أبي طالب ، وقال من
عرفه من الناس : هذا ابن عم محمد ، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمد ، فأقام أيام
التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرأ على الناس غدوة وعشية ، فناداه الناس من المشركين :
أبلغ ابن عمك أن ليس له عندنا إلا ضربا بالسيف وطعنا بالرماح .
ثم انصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله يقصد في السير ، وابطئ الوحي عن رسول
الله صلى الله عليه وآله في أمر علي عليه السلام وما كان منه ، فاغتم النبي صلى الله عليه وآله لذلك غما شديدا حتى
رئي ذلك في وجهه ، وكف عن النساء من اللهم والغم ، فقال بعضهم لبعض : لعله قد نعيت
إليه نفسه ( 4 ) أو عرض له مرض ، فقالوا لابي ذر : قد نعلم منزلتك من رسول الله ، وقدترى
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : واخذ .
( 2 ) هذا تعيير لابى بكر وتشنيع له ، وايهام بانك كنت معى في الغار خائفا فزعا مع استظهارك
بى وعدم علم أحد من الناس إلى مكانك فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملاء من الناس يوم
الحج الاكبر ؟ ولنعم ما قيل :
خلق الله للحروب رجالا * ورجالا لقصعة وثريد .
وتأتى الاشارة إله بعيد هذا .
( 3 ) لمع بسيفه : اشار .
( 4 ) اى اخبر بوفاته .
[289]
ما به ، فنحن نحب أن تعلم ( 1 ) لنا أمره ، فسأل أبوذر النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك ، فقال
النبي صلى الله عليه وآله : ما نعيت إلي نفسي ، وإني لميت ، وما وجدت في امتي إلا خيرا ، وما بي
من مرض ، ولكن من شدة وجدي بعلي بن أبي طالب عليه السلام وإبطاء الوحي عني في أمره ،
فإن الله عزوجل قد أعطاني في علي عليه السلام تسع خصال : ثلاثة لدنياي ، واثنتان لآخرتي
واثنتان أنا منهما آمن ، واثنتان أنا منهما خائف ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى الغداة
استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر الله عزوجل ، ويتقدم علي بن أبي طالب عليه السلام
خلف النبي صلى الله عليه وآله ويستقبل الناس بوجهه فيستأذنون في حوائجهم ، وبذلك أمرهم رسول
الله صلى الله عليه وآله ( 2 ) فلما توجه علي عليه السلام إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول الله صلى الله عليه وآله مكان علي لاحد
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى وسلم استقبل ( 3 ) الناس بوجهه ، فأذن للناس .
فقام أبوذر
فقال : يا رسول الله لي حاجة ، قال : انطلق في حاجتك .
فخرج أبوذر من المدينة يستقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فلما كان ببعض الطريق
إذا هو براكب مقبل على ناقته ، فإذا هو علي عليه السلام فاستقبله والتزمه وقبله وقال : بأبي
أنت وامي اقصد في مسيرك حتى أكون أنا الذي ابشر رسول الله صلى الله عليه وآله فإن رسول الله
من أمرك في غم شديد وهم ، فقال له علي عليه السلام : نعم ، فانطلق أبوذر مسرعا حتى أتى
النبي صلى الله عليه وآله فقال : البشرى ، قال : وما بشراك يا أباذر ؟ قال : قدم علي بن أبي طالب عليه السلام
فقا له : لك بذلك الجنة ، ثم ركب النبي صلى الله عليه وآله وركب معه الناس فلما رآه أناخ
ناقته ( 4 ) ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله فلتقاه والتزمه ( 5 ) وعانقه ووضع خده على منكب علي ،
وبكى النبي صلى الله عليه وآله فرحا بقدومه وبكى علي عليه السلام معه ، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ما
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 289 سطر 19 إلى صفحه 297 سطر 18
صنعت بأبي أنت وامي ؟ فإن الوحي ابطئ علي في أمرك ، فأخبره بما صنع ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله كان الله عزوجل أعلم بك مني حين أمرني بإرسالك .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ان يعلم .
( 2 ) وربما يؤيد ذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلى بابها .
( 3 ) في ( ك ) : واستقبل .
( 4 ) في ( ك ) : وركب معه الناس يستقبل عليا ، فاذا نظر اليه على رآه أناخ ناقته .
( 5 ) اى اعتنقه .
[290]
ومن كتاب ابن أشناس البزاز من طريق رجال أهل الخلاف في حديث آخر : أنه
لما وصل مولانا علي عليه السلام إلى المشركين بآيات براءة لقيه خراش بن عبدالله أخوه عمروبن
عبدالله - وهو الذي قتله علي عليه السلام مبارزة يوم الخندق - وشعبة بن عبدالله أخوه فقال
لعلي عليه السلام [ على ] ما تسيرنا يا علي أربعة أشهر ! ؟ بل برئنا منك ومن ابن عمك إن شئت إلا
من الطعن والضرب ، وقال شعبة : ليس بيننا وبين ان عمك إلا السيف والرمح وإن شئت
بدأنا بك ، فقال علي عليه السلام : أجل أجل إن شئت فهلموا .
وفي حديث آخر من الكتاب قال : وكان علي عليه السلام ينادي في المشركين بأربع :
لا يدخل مكة مشرك بعد مأمنه ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس
مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول عهد فعهدته إلى مدته .
وقال في حديث آخر : وكانت العرب في الجاهلية تطوف بالبيت عراة ويقولون :
لا يكون علينا ثوب حرام ولا ثوب خالطه إثم ، ولا نطوف إلا كما ولدتنا امهاتنا ! وقال
بعض نقلة هذا الحديث : إن قول النبي صلى الله عليه وآله في الحديث الناني لابي بكر : ( أنت صاحبي
في الغار ) لما اعتذر عن إنفاذه إلى الكفار ، ومعناه : إنك كنت معي في الغار فجزعت ذلك
الجزع حتى أنني ( 1 ) سكنتك وقلت لك : لاتحزن ، وما كان قددنا شر لقاء المشركين ،
وما كان لك اسوة ( 2 ) بنفسي فكيف تقوي على لقاء الكفار بسورة براءة وما أنا معك وأنت
وحدك ؟ ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله ممن يخاف ( 3 ) على أبي بكر من الكفار أكثر من خوفه
على علي عليه السلام لان أبابكر ما كان جرى منه أكثر من الهرب منهم ولم يعرف له قتيل
فيهم ولاجريح ، وإنما كان علي عليه السلام هو الذي يحتمل ( 4 ) في المبيت على الفراش حتى
سلم النبي منهم ، وهو الذي قتل منهم في كل حرب ، فكان الخوف على علي عليه السلام من
القتل أقرب إلى العقل ( 5 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : انى .
( 2 ) الاسوة : القدوة .
اى لم تقتد بنفسى وقد امرالله تعالى بذلك حيث قال : ( لقد كان لكم في
رسول الله اسوة حسنة ) الاحزاب : 21 .
( 3 ) في ( ك ) : مما يخاف .
( 4 ) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح ( احتمل ) اى اطاقه وصبر عليه .
( 5 ) اقبال الاعمال : 318 - 321 .