[291]


7 - فس : أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة و كان سنة من العرب في الحج أنه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها ، وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف ، فكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده ، ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا ، ومن لم يجد ( 1 ) عارية ولاكرى ( 2 ) ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا ! فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أوكرى فلم تجده ، فقالوا لها : إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها ، فقالت : وكيف أتصدق وليس لي غيرها ؟ فطافت بالبيت عريانة ، وأشرف لها الناس ، فوضعت إحدى يديها على قبلها والآخر على دبرها ، وقالت مرتجزة : اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فلا احله فلما فرغت من الطواف خطبها ( 3 ) جماعة فقالت : إن لي زوجا ، وكانت سيرة رسول الله قبل نزول سورة براءة أن لا يقتل إلا من قتله ( 4 ) ولا يحارب إلا من حاربه وأراده ، وقد كان نزل عليه في ذلك من الله عزوجل : ( فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ( 5 ) ) فكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه ( 6 ) واعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة ، وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة إلى مدة ، منهم : صفوان بن امية وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من

_________________________________________________________
( 1 ) ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ : ومن لم يقدر .
( 2 ) اى ما يستأجره .
( 3 ) اى طلبها إلى التزويج .
( 4 ) في المصدر : ان لا يقاتل الا من قاتله .
وهو الصحيح .
( 5 ) النساء : 90 .
( 6 ) في المصدر : حين قد تنحى عنه .

[292]


المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر ) ثم يقتلون حيث ما وجدوا ، فهذه أشهر السياحة : عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرا من شهر ربيع الآخر ، فلما نزلت الآيات من اولى براءة ( 1 ) دفعها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر ، فلما خرج أبوبكر نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أميرالمؤمنين عليه السلام في طلبه ، فلحقه بالروحاء فأخذمنه الآيات ، فرجع أبوبكر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شئ ؟ قال : أمرني ربي ( 2 ) أن لا يؤدي عني إلا أنا أورجل مني .
قال : وحدثني أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان ، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام ، وقرأ عليهم ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر ) فأجل الله للمشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث ما وجدوا .
قال : وحدثني أبي ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن حكيم بن جبير ، عن علي بن الحسين عليهما السلام في قوله : ( وأذان من الله ورسوله ) قال : الاذان أميرالمؤمنين عليه السلام وفي حديث آخر : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : كنت أنا الاذان في الناس ( 3 ) .
8 - مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن الحارث بن مغيرة النصري ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ) فقال : إسم نحله ( 4 ) الله

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : من اول براءة .
( 2 ) في المصدر : قال : لا ، ان الله امرنى اه .
( 3 ) تفسير القمى : 257 و 258 .
( 4 ) نحل الرجل شيئا : أعطاه .

[293]


عزوجل عليا صلوات الله عليه من السماء لانه هو الذي أدى عن رسول الله براءة ، وقد كان بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمد إن الله يقول لك : إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أورجل منك ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذلك عليا عليه السلام فلحق أبابكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكة ، فسماه الله تعالى أذانا من الله ، إنه اسم نحله الله من السماء لعلي عليه السلام ( 1 ) .
9 - ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن القاشاني ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ) فقال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : كنت أنا الاذان ( 2 ) ، قلت : فما معنى هذه اللفظة ( الحج الاكبر ) ؟ قال : إنما سمي الاكبر لانها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون ، ولم يحج المشركون بعد تلك السنة ( 3 ) .
10 - مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبي الجارود ، عن حكيم بن جبير ، عن علي بن الحسين عليهما السلام في قول الله عزوجل : ( وأذان من الله ورسوله ) قال : الاذان علي عليه السلام ( 4 ) .
شى : عن حكيم مثله .
بيان : الاذان : الاعلان ، ويحتمل أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل ، أو يكون المعنى أن المؤذن بذلك الاذان كان عليا عليه السلام .
11 - فس : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها ( 5 ) ) أي كسبتموها ، لما أذن أميرالمؤمنين عليه السلام بمكة ( 6 ) أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعا شديدا وقالوا : ذهبت تجارتنا

_________________________________________________________
( 1 ) معانى الاخبار : 298 .
( 2 ) في المصدر : كنت أنا الاذان في الناس .
( 3 ) علل الشرائع : 152 .
( 4 ) معانى الاخبار : 297 و 298 .
( 5 ) التوبة : 24 .
( 6 ) ليست كلمة ( بمكة ) في المصدر .

[294]


وضاعت عيالنا ، وخربت دورنا ، فأنزل الله عزوجل في ذلك ( قل ) يا محمد ( إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم ) إلى قوله : ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ( 1 ) ) .
12 - ير : علي بن محمد ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبدالله محمد اليماني ، عن منيع عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أخيه ، عن جده ، عن أبي رافع قال : لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ببراءة مع أبي بكر أنزل الله عليه : تترك من ناجيته غير مرة وتبعث من لم اناجه ؟ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ براءة منه ودفعها إلى علي عليه السلام فقال له علي : أوصني يا رسول الله ، فقال له : إن الله يوصيك ويناجيك ، قال : فناجاه يوم براءة قبل صلاة الاولى إلى صلاة العصر ( 2 ) .
13 - شى : عن جابر ، عن محمد بن علي عليه السلام قال : لما وجه النبي صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام وعمار بن ياسر إلى أهل مكة قالوا : بعث هذا الصبي ولو بعث غيره إلى أهل مكة وفي مكة صناديد ( 3 ) قريش ورجالها ! والله الكفر أولى بنا مما نحن فيه ! فساروا وقالوا لهما وخو فوهما بأهل مكة وغلظوا عليهما الامر ، فقال علي عليه السلام : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) فمضيا ، ولما دخلا مكة أخبر الله نبيه بقولهم لعلي وبقول علي لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول الله تعالى : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ( 4 ) ) وإنما نزلت : ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا : إن أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فزادهم إيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ( 5 ) .
14 - شى : عن داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان الفتح في سنة ثمان وبراءة في سنة تسعة ، وحجة الوداع في سنة عشر ( 6 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) تفسير القمى : 260 .
( 2 ) بصائر الدرجات : 121 .
( 2 ) جمع الصنديد - بكسر الصاد - السيد الشبجاع .
( 4 ) آل عمران : 173 و 184 .
( 5 و 6 ) تفسير العياشى مخطوط .

[295]


15 - شى : عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبابكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس ، فنزل جبرئيل فقال : لايبلغ عنك إلا علي عليه السلام فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء ( 1 ) ، وأمره أن يلحق أبابكر فيأخذ منه براءة ويقرأه على الناس بمكة ، فقال أبوبكر : أسخطة ( 2 ) ؟ فقال : لا إلا أنه انزل عليه أنه لا يبلغ إلا رجل منك فلم قدم علي عليه السلام مكة - وكان يوم النحر بعد الظهرو هو يوم الحج الاكبر - قام ثم قال : إني رسول رسول الله إليكم ، فقرأها عليهم ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر ) عشرين من ذي الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وشهر ربيع الاول ، وعشرا من ربيع الآخر ( 3 ) .
وقال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك ، ألا من كان له عهد عند رسول الله ، فمدته إلى هذه الاربعة الاشهر .
وفي خبر محمد بن مسلم : فقال : يا علي هل نزل في شئ منذ فارقت رسول الله ؟ قال : لا ولكن أبي الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه ، فوافى الموسم فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ويوم النحر عند الجمار ، وفي أيام التشريق ، كلها ينادي ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر ) ولا يطوفن بالبيت عريان ( 4 ) .
16 - شى : عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا والله ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبابكر ببراءة لهوا كان يبعث بها معه ثم يأخذها منه ( 5 ) ، ولكنه استعمله على الموسم ، وبعث بها عليا عليه السلام بعد ما فصل أبوبكر عن الموسم ، فقال لعلي حين بعثه : إنه لا يؤدي عني إلا أنا وأنت ( 6 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) بالعين المهملة والضاد المعجمة لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله كما قاله في القاموس 1 : 105 .
( 2 ) السخط - بضم السين وسكون الخاء ، وضمهما ، وفتحهما - : ضد الرضى ، وقيل : انه لا يكون الا من الكبراء والعظماء .
( 3 ) في ( م ) و ( ح ) : من شهر ربيع الاخر .
( 4 و 6 ) تفسير العياشى مخطوط .
( 5 ) أقول : وفى نسخة البرهان : ولو كان بعث بها معه لم يأخذها منه ( ب )

[296]


17 - شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : خطب علي الناس واخترط سيفه ( 1 ) وقال : لا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يحجن بالبيت مشرك ولا مشركة ، ومن كانت له مدة فهو إلى مدته ، ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر ، وكان خطب يوم النحر - وكانت ( 2 ) عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرا من شهر ربيع الآخر - وقال : يوم النحر يوم الحج الاكبر .
وفي خبر أبي الصباح عنه عليه السلام : فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة وعند الجمار في أيام الموسم كلها ، ينادي ( براءة من الله ورسوله ) لا يطوفن عريان ، ولا يقرين المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك ( 3 ) .
18 - شى : عن حسن ، عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله حين بعثه ببراءة قال : يا نبي الله إني لست بلسن ( 4 ) ولا بخطيب ، قال إما أن أذهب بها أو تذهب بها أنت ، قال : فإن كان لابد فسأذهب أنا ( 5 ) ، قال : فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك ، ثم وضع يده على فمه ( 6 ) وقال : انطلق فاقرءها على الناس ، وقال : الناس سيتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر ، فإنه أجدر أن تعلم الحق ( 7 ) .
19 - شى : عن حكيم بن الحسين ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : والله إن لعلي لاسما في القرآن ما يعرفه الناس ، قال : قلت : وأي شئ تقول جعلت فداك ؟ فقال لي : ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ) قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أميرالمؤمنين عليه السلام وكان علي عليه السلام هو والله المؤذن ، فأذن بإذن الله ورسوله يوم الحج الاكبر من المواقف كلها .
فكان ما نادى به : أن لايطوف ( 8 ) بعد هذا العام عريان ولا يقرب

_________________________________________________________
( 1 ) أى استله .
( 2 ) أى وكانت الاربعة أشهر .
( 3 و 7 ) تفسير العياشى مخطوط .
( 4 ) اللسن : الفصيح البليغ .
ولا ينافى هذا كونه عليه السلام أفصح الخطباء وكون كلامه تاليا تلو القرآن في الفصاحة والبلاغة ، لانه يمكن حصول ذلك له بعد نيله مرتبة الا مامة .
( 5 ) في ( م ) : فأذهب أنا .
( 6 ) في ( م ) : على فيه .
( 8 ) في ( م ) و ( ح ) : ألا لا يطوف .

[297]


المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك ( 1 ) .
20 - شى : عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال في الاذان : هو اسم في كتاب الله لا يعلم ذلك أحد غيري ( 2 ) .
21 - م : بعث رسول الله عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة فيها ذكر نبذ العهد ( 3 ) إلى الكافرين وتجريم قرب مكة على المشركين .
وأمر أبابكر على الحج ليحج بمن ضمه ( 4 ) الموسم ويقرأ عليهم الآيات فلما صدر عنه أبوبكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن العلي الاعلي يقرء عليك السلام ويقول لك ( 5 ) يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فابعث عليا ليتناول الآيات ، فيكون هو الذب ينبذ العهود ويقرأ الآيات .
وقال جبرئيل : يا محمد ما أمرك ربك بدفعها إلى علي ونزعها من أبي بكر سهوا ولا شكا ولا استدراكا على نفسه غلطا ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي يقومه أخوك علي عليه السلام لن يقومه غيره سواك يا محمد وإن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء من امتك مرتبته وشرفت عندهم منزلته ، فلما انتزع علي عليه السلام الآيات من يده لقي أبوبكر بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : بأبي أنت وامي لموجدة ( 6 ) كان نزع هذه الآيات مني ؟ ( 7 ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا ولكن العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني وأما أنت فقد عوضك الله بما حملك ( 8 ) من آياته وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة أما إنك إن دمت على موالاتنا ووافيتنا في عرصات القيامة وفيا بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق فأنت من خيار شيعتنا وكرام أهل مود تنا فسري ( 9 ) بذلك عن أبي بكر .

-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 297 سطر 19 إلى صفحه 305 سطر 18

_________________________________________________________
( 1 و 2 ) تفسير العياشى مخطوط ؟ \ \ \ ( 3 ) اى نقضه .
( 4 ) في المصدر : بمن معه .
( 5 ) في المصدر : ويقول يا محمد لا يؤدى اه .
( 6 ) الموجدة : الغضب .
( 7 ) في المصدر : بابى أنت وامى يا رسول الله أنت أمرت عليا أن أخذ هذه الايات من يدى ؟ ( 8 ) في المصدر : فقد عوضك الله بما قد حملك .
( 9 ) سرى عنه : زال عنه ما كان يجده من الغضب أو الهم .

[298]


قال : فمضى علي عليه السلام لامر الله ، ونبذ العهود إلى أعداء الله ، وأيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله ، وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا ( 1 ) ، غشاهم الله نوره ، وكساه فيهم هيبة ( 2 ) وجلالا لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء قال و ذلك قوله ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ( 3 ) ) في مساجد ( 4 ) خيار المؤمنين بمكة لما منعوهم من التعبد فيه بأن ألجؤوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الخروج عن مكة ( وسعى في خرابها ) خراب تلك المساجد لئلا يقام فيها بطاعة الله ( 5 ) ، قال الله تعالى : ( اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه ( 6 ) وحكمه النافذ عليهم ، أن يدخلوها كافرين بسيوفه وسياطه ( لهم ) لهوءلاء المشركين ( في الدنيا خزي ) وهو طرده إياهم عن الحرم ومنعم أن يعودوا إليه ( ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) ( 7 ) .
22 - كشف : من مسند أحمد بن حنبل مرفوعا إلى أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وآله بعث ( 8 ) ببراءة إلى أهل مكة : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسوله الله مدة فأجله إلى مدته ، والله برئ من المشركين ورسوله ، قال : فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي : الحقه فرد علي أبابكر وبلغها أنت ، قال : ففعل ، قال : فلما قدم على النبي صلى الله عليه وآله أبوبكر بكى فقال : يا رسول الله حدث في شئ ؟ قال : ما حدث فيك شئ ( 9 ) ولك أمرت أن لايبلغه إلا أنا أو رجل مني ( 10 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) يقال جاؤواجما غفيرا أى بجماعتهم الشريف والوضيع وكانت فيهم كثرة .
( 2 ) في ( ك ) : وكساهم فيه هيبة .
( 3 ) البقرة : 114 .
وما بعدها ذيلها .
( 4 ) في المصدر : وهى مساجد اه .
( 5 ) في المصدر : لئلا تعمر بطاعة الله .
( 6 ) في المصدر : من عدله .
( 7 ) تفسير الامام : 231 و 232 .
( 8 ) في المصدر : ( بعثه ) وهو الصحيح أى بعث ابابكر .
( 9 ) في المصدر : ماحدث فيك الاخير .
( 10 ) كشف الغمة : 88 .

[299]


أقول : وروي عن أبي بكر بن مردويه مثله .
13 - فر : علي بن حمدون معنعنا ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إن لعلي بن أبي طالب عليه السلام في كتاب الله إسما ولكن لا يعرفونه ، قال : قلت : ما هو ؟ قال : ألم تسمع إلى قوله تعالى : ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ) هو والله كان الاذان ( 1 ) .
24 - فر : علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعنا ، عن عيسى بن عبدالله قال : سمعت أبا عبدالله جعفر الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبابكر ببراءة ، فسار حتى بلغ الجحفة ، فبعث ( 2 ) رسول الله صلى الله عليه وآله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في طلبه ، فأدركه ، فقال أبوبكر لعلي عليه السلام : أنزل في شئ ؟ قال : لا ولكن لا يؤديه إلا نبيه أو رجل منه ، وأخذ علي عليه السلام الصحيفة وأتى الموسم وكان يطوف على الناس ( 3 ) ومعه السيف ويقول : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر ) فلا يطوف بالبيت عريان بعد عامه هذا ولا مشرك ( 4 ) ، فمن فعل فإن معاتبتنا إياه بالسيف ، قال : وكان يبعثه إلى الاصنام فيكسرها ، ويقول : لا يؤدي عني إلا أنا وأنت ، فقال له يوم لحقه علي عليه السلام بالخندق في غزوة تبوك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لانبي بعدي ، وأنت خليفتي في أهلي ، وأنه لا يصلح لها إلا أنا وأنت ( 5 ) .
25 - فر : علي بن العباس البجلي معنعنا عن ابن عباس قوله تعالى : ( براءة من

_________________________________________________________
( 1 ) تفسير فرات : 54 .
( 2 ) في المصدر : فسار حتى اذا بلغ الجحفة بعث اه .
والجحفة - بتقديم المعجمة - كانت قرية كبيرة على طريق مكة ، على اربع مراحل ، وهى ميقات اهل مصر والشام ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها ( مهيعة ) وسميت الجحفة لان السيل جحفها ، وبينها وبين البحرستة أميال : وبينها وبين غدير خم ميلان ( مراصد الا طلاع 1 : 315 ) .
( 3 ) في المصدر : في الناس .
( 4 ) في المصدر : فلا يطوف بالبيت بعد عامنا هذا عريان ولا مشرك .
( 5 ) تفسر فراث : 54 .

[300]


الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) يقول : ( براءة من الله ورسوله ) من العهد ( إلى الذين عاهدتم من المشركين ) غير أربعة أشهر ، فلما كان بين النبي صلى الله عليه وآله وبين المشركين ولث من عقود فأمرالله رسوله أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهدهم إلا من أقام الصلاة وآتى الزكاة ، فلما كانت غزوة تبوك ودخلت سنة تسع في شهر ذي الحجة الحرام من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت هذه الآيات ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله حين فتح مكة لم يؤمر أن يمنع المشركين أن يحجوا ، وكان المشركون يحجون مع المسلمين على سنتهم في الجاهلية ، وعلى امورهم التي كانوا عليها في طوافهم بالبيت عراة ، وتحريمهم الشهور الحرم ، والقلائد ( 1 ) ، ووقوفهم بالمزدلفة ( 2 ) ، فأراد الحج فكره أن يسمع تلبية العرب لغيرالله والطواف بالبيت عراة ، فبعث النبي صلى الله عليه وآله أبابكر إلى الموسم وبعث معه بهؤلاء الآيات ( 3 ) من براءة ، وأمره أن يقرأها على الناس يوم الحج الاكبر ، وأمره أن يرفع الحمس ( 4 ) من قريش وكنانة وخزاعة إلى عرفات ، فسار أبوبكر حتى نزل بذي الحليفة فنزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال : إن الله : يقول : إنه لن يؤدي عني غيرك أورجل منك - يعني علي بن أبي طالب عليه السلام - فبعث النبي عليا في أثر أبي بكر ليدفع إليه هؤلاء الآيات من براءة ، وأمره أن ينادي بهن يوم الحج الاكبر - وهو يوم النحر - وأن يبرئ ذمة الله ورسوله من كل أهل عهد ( 6 ) ، وحمله على ناقته العضباء .
فسار أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله فأدركه بذي

_________________________________________________________
( 1 ) في معنى القلائد اقوال والظاهر ان المرادهنا ما كان يفعله المشركون من تقليد لحاء شجر الحرم ليأمنوا به اذا خرجوا منه ، ولم يمنعهم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك حين فتح مكة إلى نزول براءة .
( 2 ) موضع بالقرب من مكة او منى ، ويسمى جمعا لانه يجمع فيها بين المغرب والعشاء وهى ارض واسعة بين جبال دون عرفة إلى مكة ، وبها المشعر الحرام ، وهو الجبل الصغير ، في وسطها يقف الامام ، وعليه مسجد يصلى به الصبح ويقف به ثم يسير إلى منى بعد طلوع الفجر .
( 3 ) في المصدر : هذه الايات .
( 4 ) * أقول سيأتى معناه في البيان وليس بشيئ والصحيح أن الحمس احكام ابتدعتها قريش لنفسهم ودانت بها بعض القبائل كخزاعة وكنانة منها : ترك الوقوف بعرفات والا فاضة منها راجع سيرة ابن هشام ج 1 ص 199 .
( ب ) وفى نسخة : الجمع ، وهو المزدلفة .
( 6 ) في المصدر : من كل عهد .