[311]
من الطريق وبعث غيره مكانه لا يخطر ببال العقلاء في ذلك إلا احتمالان : إما أن يكون
أولا جاهلا بحال ذلك الشخص وعدم صلاحيته لذلك ثم بعد العلم بداله في ذلك ، أو كان
عالما وكان غرضه الاشارة بكمال الثاني وحط منزلة الاول .
ونقول أيضا : قد عرفت مرارا أنه إذا اتفقت أخبار الفريقين في شئ وتفرد بعض
أخبارهم بما يضاده فالتعويل إنما هو على ما توافقت فيه الروايتان ، ولا يخفى أنك إذا لا حظت
المشترك بين أخبارنا وأخبارهم عرفت أنها دالة بصراحتها على أن الباعث على عزل أبي بكر
لم يكن إلا نقصه وحط مرتبته عن مثل ذلك ، ولم يكن السبب لبعث أميرالمؤمنين عليه السلام
ثانيا إلا كماله ، وكون استيهال ( 1 ) التبليغ عن الله ورسوله ونيابة الرسول الله صلى الله عليه وآله وخلافته
في الامور منحصرا فيه ، ولا أظنك بعد اطلاعك على ما قدمناه تحتاج إلى إعادتها ،
والاستدلال بخصوص كل خبر على ما ذكرنا .
وأما إنكار بعض متعصبيهم عزل أبي بكر وأنه كان أميرا للحاج وذهب إلى ما امر
به فلا ترتاب بعد ما قرع سمعك من الاخبار أن ليس الداعي إلى ذلك إلا الكفر والعصبية
والعناد ، وقد اعترف قاضي العقضاة في المغني ببطلان ذلك الانكار ، وقال ابن أبي الحديد ( 2 ) :
روى طائفة عظيمة من المحدثين أنه لم يدفعها إلى أبي بكر ، لكن الاظهر الاكثر أنه
دفعها إليه ثم أتبعه بعلي عليه السلام فانتزعها منه انتهى
أقول : ليث شعري لم لم يذكر أحدا من تلك الطائفة العظيمة ليدفع عن نفسه ظن
العصبية والكذب .
وأما ما تمسك به بعضهم من لزوم النسخ قبل الفعل فعلى تقدير عدم جوازه له
نظائر كثيرة ، فكل ما يجري فيها من التأويل فهو جارههنا ، وأما اعتذار الجبائي والزمخشري
والبيضاوي والرازي وشارح التجريد وغيرهم بأنه كان من عادة العرب أن سيدا من سادات
قبائلهم إذا عقد عهدا لقوم فإن ذلك العقد لاينحل إلا أن يحله هو أو بعض سادات قومه
فعدل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أبي بكر إلى علي عليه السلام حذرا من أن لا يعتبروا نبذ العهد من
_________________________________________________________
( 1 ) استأهل الشئ : استوجبه .
أى كان له صالحا .
( 2 ) شرح نهج البلاغة 4 : 251 .
[312]
أبي بكر لبعده في النسب فمردود بأن ذلك كذب صريح وافتراء على أهل الجاهلية
والعرب ، ولم يعرف في زمان من الازمنة أن يكون الرسول - سيما لنبذ العهد - من سادات
القوم وأقارب العاقد ! وإنما المعتبر فيه أن يكون موثوقا به ولو بانضمام القرائن
ولم ينقل هذه العادة أحد من أرباب السير ، ولوكانت موجودة في رواية أو كتاب لعينوا
موضعها كما هو المعهود في مقام الاحتجاج ، وقد اعترف ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة
بأن ( ذلك غير معروف من عادة العرب ، وأنه إنما هو تأويل تعول به متعصبوا أبي بكر
لانتزاع البراءة منه وليس بشئ ) وقد أشرنا في تقرير الدليل إلى بطلان ذلك ، إذ لو كان
إرجاعه لهذه العلة كان لم يخف هذا على الرسول وجميع الحاضرين في أول الامر ( 1 ) ، مع
أن كثيرا من الاخبار صريحة في خلاف ذلك .
فأما جواب بعضهم عما ذكره الاصحاب من أن الرسول الله صلى الله عليه وآله لم يوله شيئا من
الامور بأن عدم توليته الاعمال كان لحاجة الرسول الله صلى الله عليه وآله إليه وإلى عمر في الآراء والتدابير !
كما ذكره قاضي القضاة ، فأجاب السيد المرتضى في الشافي ( 2 ) عنه بأنا قد علمنا من العادة
أن من يرشح ( 3 ) لكبار الامور لابد من أن يدرج إليها ( 4 ) بصغارها ، لان من يريد
بعض الملوك تأهيله للامر بعده لابد من أن ينبه عليه بكل قول وفعل يدل على ترشيحه
لتلك المنزلة ، ويستكفيه من اموره وولاياته ما يعلم عنده أو يغلب في الظن صلاحه لما
يريده له ، وأن من يرى الملك مع حضوره وامتداد الزمان وتطاوله لا يستكفيه شيئا من
الولايات ، ومتى ولاه عزله وإنما يولي غيره ويستكفي سواه لابد أن يغلب في الظن أنه
ليس بأهل للولاية ، وإن جوزنا أنه لم يوله بأسباب كثيرة سواه ، وأما من يدعي أنه
_________________________________________________________
( 1 ) وكيف لا والخصم يدعى كونه عادة من عادات العرب ؟ ثم انك قد عرفت ما أورده عن
المناقب ذيل الرواية السادس والعشرين ص 305 في الرد على الجاحظ القائل بهذا القول السخيف
أن هذا مدح ومنقبة لا ميرالمؤمنين عليه السلام قد جرى على السنة أعدائه .
( 2 ) ص 248 .
( 3 ) يقال : هو يرشح لولاية العهد أى يربى ويؤهل لها .
( 4 ) أى يرسل اليها .
[313]
لم يوله لافتقاره إليه بحضرته وحاجته إلى تدبيره ورأيه ففيه أن النبي لا يستشير أحدا
لحاجة منه إلى رأيه وفقر إلى تعليمه وتوقيفه ، لانه عليه السلام الكامل الراجح المعصوم المؤيد
بالملائكة ، وإنما كانت مشاورته أصحابه ليعلمهم كيف يعملون في امورهم ، وقد قيل :
كان يستخرج بذلك دخائلهم ( 1 ) وضمائرهم ، وبعد فكيف استمرت هذه الحاجة واتصلت
منه إليهما حتى لم يستغن في زمان من الازمان عن حضورهما فيوليهما ؟ ! وهل هذا إلا
قدح ( 2 ) في رأي رسول الله صلى الله عليه وآله ونسبة له إلى أنه كان ممن يحتاج إلى أن يلقن ويوقف
على كل شئ ؟ وقد نزهه الله تعالى عن ذلك .
انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه ، ولنقتصر على ذلك في توضيح
المرام في هذا المقام ، ومن أراد زيادة الاستبصار فليرجع إلى ما ألفه في ذلك وأشباهه علماؤنا
الاخيار ( 3 ) فإنا محترزون في كتابنا هذا عن زيادة الاكثار في غير نقل الاخبار .
1 - مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن النوفلي ، عن اليعقوبي
عن عيسى بن عبدالله الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : في قوله
عزوجل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال : الصدود في
العربية : الضحك ( 4 ) .
بيان : ليس فيما عندنا من كتب اللغة المشهورة الصدود بهذا المعنى ، ولا يبعد أن
_________________________________________________________
( 1 ) دخيلة المرء : باطنه وضميره .
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 313 سطر 19 إلى صفحه 321 سطر 18
( 2 ) القدح : الطعن والتعييب .
( 3 ) وإن شئت راجع تفسير الميزان ج 9 ص 165 - 184 .
( * ) الزخرف : 57 .
( 4 ) معانى الاخبار : 220 .
[314]
يكون صلى الله عليه وآله عبر عن الضجيج الصادر عن الفرح بلازمه ؟ ! على أن اللغات كلها غير محصورة
في كتب اللغة ، لكن قال في مصباح اللغة : صد عن كذا يصد من باب ضرب : ضحك ( 1 ) .
وقال في مجمع البيان : قال بعض المفسرين : معنى يصدون : يضحكون ( 2 ) .
2 - كنز : محمد بن العباس ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا عن يحيى
ابن عمير الحنفي ، عن عمر بن قائد .
عن الكلبي .
عن أبي صالح .
عن ابن عباس قال : بينما
النبي صلى الله عليه وآله في نفر من أصحابه إذ قال : الآن يدخل عليكم نظير عيسى بن مريم في امتي
فدخل أبوبكر ، فقالوا : هو هذا ؟ فقال : لا ، فدخل عمر ، فقالوا : هو هذا ؟ فقال : لا ، فدخل
علي عليه السلام فقالوا : هو هذا ؟ فقال : نعم ، فقال قوم : لعبادة اللات والعزى خير من هذا ،
فأنزل الله تعالى : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالواء آلهتنا خير )
الآية ( 3 ) .
3 - وقال أيضا : حدثنا محمد بن سهل العطار ، عن أحمد بن عمر الدهقان ، عن محمد بن
كثير الكوفي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : جاء قوم إلى النبي
صلى الله عليه وآله فقالوا : يا محمد إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى فأحي لنا الموتى ،
فقال لهم : من تريدون ؟ فقالوا : فلان ( 4 ) ، وإنه قريب عهد بموت ( 5 ) ، فدعا علي بن
أبي طالب عليه السلام فأصغى إليه ( 6 ) بشئ لا نعرفه ، ثم قال له : انطلق معهم إلى الميت فادعه
باسمه واسم أبيه ، فمضى معهم حتى وقف على قبر الرجل ، ثم ناداه : يا فلان بن فلان .
فقام
الميت فسألوه ، ثم اضطجع في لحده ، فانصرفوا وهم يقولون : إن هذا من أعاجيب بني
عبدالمطلب ! أو نحوهما ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ( 7 ) .
4 - وقال أيضا : حدثنا عبدالله بن عبدالعزيز ، عن عبدالله بن عبدالمطلب ، عن شريك
_________________________________________________________
( 1 ) ج 1 : 178 .
( 2 ) ج 9 : 52 .
( 3 و 7 ) كنز جامع الفوائد مخطوط .
( 4 ) كذا في النسخ ، والصحيح ( فلانا ) أى قالوا : نريد فلانا .
( 5 ) كذا في النسخ ، والصحيح ( بالموت ) .
( 6 ) اصغى اليه : مال اليه بسمعه .
أى اسره بكلام لا نعرفها .
[315]
عن عثمان بن نمير البجلي ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، قال : قال لي علي عليه السلام : مثلي في هذه
الامة مثل عيسى بن مريم ، أحبه قوم فغالوا في حبه فهلكوا ، وأبغضه قوم فهلكوا ، واقتصد
فيه قوم فنجوا : وروى أيضا عن محمد بن مخلد الدهان ، عن علي بن أحمد العريضي ، عن
إبراهيم بن علي بن جناح ، عن الحسن بن علي ، عن محمد بن جعفر ( 1 ) ، عن آبائه أن
رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي عليه السلام - وأصحابه حوله وهو مقبل - فقال : أما إن فيك
لشبها ( 2 ) من عيسى بن مريم ، ولولا مخافة أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى
في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لاتمر بملاء من الناس إلا أخذوا من تحت قدميك
التراب يبتغون ( 3 ) به البركة ، فغضب من كان حوله وتشاوروا فيما بينهم وقالوا : لم
يرض محمد إلا أن يجعل ابن عمه مثلا لبني إسرائيل ! فنزلت هذه الآية .
قال : قلت : لابي عبدالله عليه السلام ليس في القرآن بنوهاشم ؟ قال : محيت والله فيما
محي .
والقد قال عمرو بن العاص على منبر مصر : محي من القرآن ألف حرف بألف درهم ،
وأعطيت مأتي ألف درهم على أن يمحى ( إن شانئك هو الابثر ) فقالوا : لا يجوز ذلك .
فكيف جاز ذلك لهم ولم يجزلي ؟ فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه : قد بلغني ما قلت على
منبر مصر ، ولست هناك ( 4 ) .
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك بإسناد الحافظ أبي نعيم إلى ربيعة بن ناجد
قال : سمعت عليا يقول : في انزلت هذه الآية : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك
منه يصدون ) .
_________________________________________________________
( 1 ) الظاهرانه محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن على بن ابى
طالب عليه السلام ، المعروف بأبى قيراط ، ويكنى ابا الحسن .
( 2 ) الشبه - بفتح الاول والثانى - : المشابهة .
( 3 ) ابتغى الشئ : طلبه .
( 4 ) كنز جامع الفوائد مخطوط ، ولم نظفر بنسخته .
وما تدل عليه الرواية من محو آيات
من القرآن فالمراد تأويلها وتفسيرها الواردة عن النبى او الائمة عليهم السلام لا نفس الايات ، وربما
يؤيد ماذ كرنا قول الناس في جواب عمرو بن العاص : ( لايجوز ذلك ) فانه كان يريدان تمحى نفس
هذه الاية من القرآن ، فقالوا له : لايجوز ذلك .
[316]
فر : سعيد بن الحسين بن مالك ، عن عبدالواحد ، عن الحسن بن يعلى ، عن الصباح
ابن يحيى ، عن الحارث بن حصيرة ، عن ربيعة مثله ( 1 ) .
أقول : وروى السيد حيدر في الغرر من كتاب منقبة المطهرين لابي نعيم بسندين
عن ربيعة مثله .
5 - يف : أحمد بن حنبل في مسنده ، وابن المغازلي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي
عليه السلام : إن فيك مثلا من عيسى : أبغضه اليهود حتى بهتوا امه ، وأحبه النصارى
حتى أنزله المنزل الذي ليس له بأهل ( 2 ) .
6 - كشف : ابن مردوية قوله تعالى : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا ، إذا قومك منه
يصدون ) عن علي عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : إن فيك مثلا من عيسى : أحبه قوم
فهلكوا ( 3 ) ، وأبغضه قوم فهلكوا فيه ، فقال المنافقون : أما رضي له مثلا إلا عيسى ،
فنزلت ( 4 ) .
أقول : وروى العلامة رفع الله مقامه مثله ( 5 ) .
7 - مد : من مسند عبدالله بن أحمد ، عن أبيه ، عن يحيى بن آدم ، عن مالك بن
معول ، عن أكيل ، عن الشعبي ، قال : لقيت علقمة قال : أتدري ما مثل علي في هذه
الامة ؟ قال : قلت : وما مثله ، قال : مثل عيسى بن مريم أحبه قوم حتى هلكوا في حبه
وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه ( 6 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) تفسير فرات : 151 .
( 2 ) لم نجده في النسخة المطبوعة من المصدر ، ومن أمعن النظر في كيفية طبع هذه النسخة و
يرى ما فيها من التشويه والتشويش يرى عجبا ، فكيف أجازوا لا نفسهم أن يطبعوا ذخائر السلف و
الماضين بهذه الكيفية ، ولقد وجدنا فيها من السقط والغلط مالا يحصى كثرة .
( 3 ) في المصدر : فهلكوا فيه .
( 4 ) كشف الغمة : 95 .
( 5 ) كشف اليقين : 126 .
( 6 ) العمدة : 107 .
[317]
8 - وعن عبدالله بن سفيان ، عن وكيع بن الجراح بن مليح ، عن خالد بن مخلد
عن أبي غيلان الشيباني ، عن الحكم بن عبدالملك ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ،
عن ربيعة بن ناجد ، عن علي عليه السلام قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إن فيك مثلا من
عيسى : أبغضته يهود خيبر حتى بهتوا امه ( 1 ) ، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل
الذي ليس له ألا فإنه يهلك في إثنان : محب مفرط يفرط بما ليس في ( 2 ) ، ومبغض يحمله
شنآني عن أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إلي ، ولكني أعمل بكتاب الله .
وسنة نبيه ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو
كرهتم ( 3 ) .
ومن مناقب ابن المغازلي ، عن وكيع بن القاسم ، عن أحمد بن الهيثم ، عن أبي غسان
مالك بن إسماعيل ، عن الحكم بن عبدالملك مثله ( 4 ) .
9 - وعن عبدالله بن أحمد ، عن أبيه ، عن وكيع ، عن شريك ، عن عثمان بن أبي اليقظان
عن زاذان ، عن علي عليه السلام قال : مثلي في هذه الامة كمثل عيسى بن مريم : أحبته
طائفة وأفرطت في حبه فهلكت ، وأبغضته طائفة فأفرطت في قغضه فهلكت ( 5 ) .
10 - وعنه عن ابن حماد سجادة ، عن يحيى بن أبي يعلى ، عن الحسن بن صالح بن
حي ، وجعفر بن زياد بن الاحمر ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، عن علي عليه السلام
قال : يهلك في رجلان : محب مفرط ومبغض مفرط ( 6 ) .
أقول : روي مثله بأسانيد سيأتي ذكرها إن شاء الله .
* 11 - [ ل : بإسناده عن عامر بن واثلة في احتجاج أميرالمؤمنين عليه السلام يوم الشورى
قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله : احفظ البا فإن زوارا من الملائكة
_________________________________________________________
( 1 ) بهته بهتا وبهتانا : افترى عليه الكذب .
( 2 ) في المصدر : محب مقرظ مطر يقرظنى بما ليس في .
قرظه : مدحه وهى حى بحق أو باطل
أطرى فلانا : احسن الثناء عليه وبالغ في مدحه .
( 3 ) العمدة : 107 .
( 4 و 6 ) العمدة : 108 .
وقد ذكر فيه ذيل الرواية التاسعة زيادة وهى : وأحبته طائفة فاقتصدت
في حبه فنجت .
( * ) هذء الرواية وتاليتها لا توجدان في غير ( ك ) .
[318]
تزورونني فلا تأذن لاحد ، فجاء عمر فرددته ثلاث مرات وأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وآله محتجب ( 1 )
وعنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا ، ثم أذنت له فدخل ، فقال : يا رسول الله إني
جئت غير مرة كل ذلك يردني علي ويقول : إن رسول الله محتجب وعنده زوار من الملائكة
وعدتهم كذا وكذا ، فكيف علم بالعدة أعاينهم ؟ فقال له : يا علي قد صدق كيف علمت
بعدتهم ؟ فقلت : اختلفت التحيات ( 2 ) فسمعت الاصول فأحصيت العدد ، قال : صدقت فإن
فيك شبها ( 3 ) من أخي عيسى ، فخرج عمر وهو يقول : ضرب لابن مريم مثلا ! فأنزل الله
عزوجل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال : يضحبون ( وقالوا
ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه
وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولونشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون ) غيري ( 4 ) ؟
قالوا : اللهم لا ( 4 ) .
12 - يب : عن أبي عبدالله عليه السلام في الدعاء بعد صلاة الغدير : ربنا أجبنا داعيك
النذير المنذر محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك إلى علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أنعمت عليه
وجعلته مثلا لبني إسرائيل ، أنه أميرالمؤمنين ومولاهم ووليهم إلى يوم القيامة يوم الدين
فإنك قلت : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ( 6 ) ) .
13 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن الحسين بن عبدالرحمن ، عن أبيه وعثمان
ابن سعيد معا ، عن عمرو بن ثابت ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق
عن ربيعة بن ناجد ، عن علي عليه السلام قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا علي إن فيك
شبها من عيسى بن مريم : أحبته النصارى حتى أنزلوه بمنزلة ليس بها ، وأبغضه اليهود
_________________________________________________________
( 1 ) احتجب : تستر .
أى تستر عن الناس وأخذ مع الملائكة خلوة .
( 2 ) كذا في المصدر ، وفى ( ك ) فقال : اختلف على التحيات .
( 3 ) في المصدر : سنة .
( 4 ) أى هل فيكم أحد غيرى حاز هذه المرتبة الرفيعة والمنزلة الشريفة ؟
( 5 ) الخصال 2 : 122 .
( 6 ) التهذيب 1 : 302 .
وهذه قطعة من الدعاء الوارد بعد صلاة الغدير ، ذكرها المصنف
لمناسبتها بالمقام .
[319]
حتى بهتوا امه .
قال : وقال علي عليه السلام : يهلك في رجلان : محب مفرط بما ليس في ،
ومبغض يحلمه شنآني ( 1 ) على أن يبهتني .
وأخبرني به أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن الحسين
عن حسن بن حسن ، عن عمر [ و ] بن ثابت ، عن الحارث بن حصيرة ، مثله ولم يذكر
الصباح ( 2 ) .
مد : بإسناده عن عبدالله بن أحمد ، عن شريح بن يونس والحسين بن عرفة ، عن
أبي حفص الابار ، عن الحكم بن عبدالملك ، عن الحارث بن حصيرة مثله ( 3 ) .
14 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد بن علي الحسيني ، عن جعفر
ابن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن علي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إن فيك مثلا من عيسى بن مريم : أحبه قوم فأفرطوا
في حبه فهلكوا فيه ، وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوافيه ، واقتصد قوم فنجوا ( 4 ) .
15 - ن : بإسناد التميمي عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال لي
النبي صلى الله عليه وآله فيك مثل من عيسى : أحبه النصارى حتى كفروا وأبغضه اليهود حتى
كفروا في بغضه ( 5 ) .
16 - فس : أبي ، عن وكيع ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق
عن أبي الاعز ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه .
قال : بينما رسول الله جالس في أصحابه
إذ قال : إنه يدخل الساعة شبيه عيسى بن مريم ، فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله
ليكون هو الداخل ، فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرجل لبعض أصحابه : أما رضي ( 6 )
محمد أن فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم ؟ والله لآلهتنا التي كنا نعبدها
_________________________________________________________
( 1 ) الشنآن : البغض مع عداوة وسوء خلق .
( 2 ) امالى الشيخ : 160 و 161 .
( 3 ) العمدة : 107 .
( 4 ) امالى الشيخ : 219 .
وفيه : واقتصد فيه قوم فنجوا .
( 5 ) عيون الاخبار : 223 .
( 6 ) في المصدر : ما رضى .
[320]
في الجاهلية أفضل منه ، فأنزل الله في ذلك المجلس ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك
منه يضجون ) فحرفوها يصدون ( وقالواء آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل
هم قوم خصمون إن ) علي ( إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) فمحي اسمه
وكشط ( 1 ) عن هذا الموضع ، ثم ذكر الله خطر ( 2 ) أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : ( وإنه لعلم
للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ) يعني : أميرالمؤمنين عليه السلام ( 3 ) .
بيان : على هذا التفسير الضمير في قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) راجع إلى أميرالمؤمنين
عليه السلام وهو إشارة إلى أن رجعته عليه السلام من أشراط الساعة ( 4 ) ، وأنه دابة الارض
كما سيأتي ، والمفسرون أرجعوا الضمير إلى عسى لان حدوثه أو نزوله من أشراط
الساعة .
17 - قب : أبوبصير ، عن الصادق عليه السلام لما قال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي لولا أنني
أخاف أن يقول فيك ( 5 ) ما قالت النصارى في المسيح ؟ لقلت اليوم فيك مقالة لا تمر بملاء
من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدمك .
الخبر ( 6 ) .
قال الحارث بن عمرو الفهري
لقوم من أصحابه : ما وجد محمد لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم ، يوشك أن يجعله نبيا
من بعده والله إن آلهتنا التي كنا نعبد خيرمنه ، فأنزل الله تعالى ( ولما ضرب بن مريم
مثلا ) إلى قوله : ( وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ) وفي
رواية : أنه نزل إيضا ( 7 ) ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ) الآية .
فقال النبي صلى الله عليه وآله :
يا حارث اتق الله وارجع عما قلت من العداوة لعلي بن أبي طالب ، فقال : إذا كنت رسول الله
_________________________________________________________
( 1 ) كشط الحرف : ازاله عن موضعه .
( 2 ) الخطر : الشرف وارتفاع القدر وفى المصدر : خطر اميرالمؤمنين وعظم شأنه
عنده تعالى .
( 3 ) تفسير القمى : 611 .
( 4 ) اى من علاماتها .
( 5 ) في المصدر : ان يقولوا : فيك .
وفى ( ت ) : ان يقول فيك طوائف من امتى .
( 6 ) ظاهر هذا يوهم تقطيع الخبر ، وليس كذلك في المصدر ، اذ لم تذكر فيه لفظة ( الخبر )
( 7 ) ظاهر كلمة ( ايضا ) يوهم أن هذه الاية في غير هذه السورة ، والحال أنها واقعة بين الايات
راجع سورة الزخرف 57 - 61 .