[ 41 ]
بسره وبصحبته ، ويحبوه بمصافاته ( 1 ) واخوته ، فقالت له فاطمة بنت أسد رضوان الله
عليها : أنا التي كفلته ، وأنا زوجة عمه الذي يرجوه ويؤمله ، فقال : إن كنت صادقة
فستلدين غلاما علاما مطواعا لربه ، هماما ( 2 ) ، اسمه على ثلاثة أحرف ، يلي ( 3 ) هذا
النبي في جميع اموره ، وينصره في قليله وكثيره ، حتى يكون سيفه على أعدائه ، وبابه
لاوليائه ، يفرج عن وجهه الكربات ، ويجلوعنه حندس ( 4 ) الظلمات ، تهاب صلوته أطفال
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 41 سطر 6 إلى صفحه 49 سطر 6
المهاد ، وترتعد من خيفته الفرائص عن الجلاد ( 5 ) ، له فضائل شريفة ، ومناقب معروفة ،
وصلة منيعة ، ومنزلة رفيعة ، يهاجر إلى النبي في طاعته ، ويجاهد بنفسه في نصرته ، وهو
وصيه الدافن له في حجرته .
قالت ام علي عليه السلام : فجلعت افكر في قول الكاهن ، فلما كان الليل رأيت في
منامي كأن جبال الشام قد أقبلت تدب وعليها جلابيب ( 6 ) الحديد ، وهي تصيح من صدورها
بصوت مهول ، فأسرعت [ فأقبلت ] نحوها جبال مكة وأجابتها بمثل صياحها وأهول ،
وهي تتهيج ( 7 ) كالشرد المحمر ، وأبوقبيس ينتفض ( 8 ) كالفرس وفصاله تسقط عن يمينه و
شماله يلتقطون ذلك ( 9 ) ، فلقطت معهم أربعة أسياف وبيضة ( 10 ) حديدة مذهبة ، فأول
_________________________________________________________
( 1 ) حباه : أعطاه .
صافى فلانا مصافاة : أخلص له الود .
( 2 ) الهمام بضم الهاء الملك العظيم الهمة .
السيد الشجاع السخى .
( 3 ) ولى يلى فلانا : تبعه من غير فصل .
( 4 ) الحندس : الظلمة .
( 5 ) الفرائص جمع الفريصة وهى اللحمة بين الجنب والكتف أوبين الثدى والكتف ترتعد عند
الفزع يقال : ارتعدت فريصته أى فزع فزعا شديدا .
والجلاد : الذى يضرب بالمجلدة ، وهى السوط .
( 6 ) جمع الجلباب وهو القميص أو الثوب الواسع .
( 7 ) في المصدر : وهى تصيح .
( 8 ) أى يتحرك .
والفصال : ولد الناقة او البقرة .
( 9 ) كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدر : والناس يلتقطون ذلك .
ولقط الشئ والتقطه ،
أخذه من الارض بلا تعب .
( 10 ) البيضة : الخوذة ، وهى من آلات الحرب الوقاية الرأس .
_________________________________________________________
وهو انما يوافق شعبان وذلك لانه عليه السلام كان قد دخل عام حجة الوداع في السنة الرابعة و
الثلثين فاذا رجعنا إلى عام ولادته وحاسبنا لكل ثلاثه اعوام كبيسة واحدة يكون تولده عليه السلام
في ثالث عشر رجب من العام الثانى الذى او قعوا الحج في المحرم فيكون ذيحجتهم في المحرم الواقعى و
رجبهم في شعبان الواقعى فما بين شعبان هذا وشعبان حجة الوداع اثنان وثلثون عاما أضف إلى ذلك شهور
الكبيسة وهى اثنا عشر شهرا : عاما واحدا فيكون عمره ثلثة وثلثين عاما إلى شعبان عام حجة الوداع و
[ 42 ]
ما دخلت مكة سقطت منها سيف في ماء فغير ( 1 ) وطار ، والثاني في الجو فاستمر ، وسقط
الثالث إلى الارض فانكسر ، وبقي الرابع في يدي مسلولا ( 2 ) ، فبينا أنا به أصول إذا صار ،
السيف شبلا ( 3 ) ، فتبينته فصار ليثا مهولا فخرج عن يدي ومر نحو الجبال يجوب
بلاطحها ، ويخرق صلاطحها ، والناس منه مشفقون ، ومن خوفه حذرون إذ أتى محمد فقبض
على رقبته فانقاد له كالظبية الالوف ، فانتبهت وقدر اعني الزمع والفزع ، فالتمست المفسرين
وطلبت القائفين ( 4 ) والمخبرين ، فوجدت كاهنا زجر لي ( 5 ) بحالي ، وأخبر ني بمنامى ، و
قال لي : أنت تلدين أربعة أولاد ذكور وبنتا بعدهم ، وإن أحدالبنين يغرق ، والآخر يقتل
في الحرب : والآخر يموت ويبقى له عقب ، والرابع يكون إماما للخلق صاحب سيف
وحق ، ذا فضل وبراعة ، ( 6 ) يطيع النبي المبعوث أحسن طاعة .
فقالت فاطمة : فلم أزل مفكرة في ذلك ورزقت بني الثلاثة : عقيلا وطالبا وجعفرا ،
ثم حملت بعلي عليه السلام في عشر ذي الحجمة ، فلما كان الشهر الذي ولدته فيه وكان شهر
رمضان رأيت في منامي كأن عمود حديد قد انتزع من ام رأسي ، ثم سطع في
الهواء حتى بلغ السماء ثم رد إلي فقلت : ما هذا ؟ فقيل لي : هذا قاتل أهل الكفر ، و
صاحب ميثاق النصر ، بأسه شديد ، يفزع من خيفته ، وهو معونة الله لنبيه ، وتأييده على
عدوه ، قالت : فولدت عليبا .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فغمر وكلاهما بمعنى فان ( غير ) من الغور .
( 2 ) أى منتزعا من جلده .
( 3 ) صال عليه : وثب سطا عليه وقهره والشبل : ولدالاسد وفى المصدر : إذ صار .
( 4 ) القائف : الذى يعرف النسب بفراسته ونظره إلى اعضاء المولود .
والمرادهنا .
المعبر
والمفسر للرويا .
( 5 ) زجر الرجل : تكهن .
( 6 ) برع براعة : فاق علما او فضيلة أو جمالا .
_________________________________________________________
حينئذ يجب القول بكون ولادته عليه السلام سابع شعبان كما في رواية الصفوان ص 7 واما اختلاف
المتون في تلك الاخبار فلا يخفى على الباحث الخبيران جيلا من العلماء والرواة لما رأو افيما مضى من
الزمان اقبال الناس إلى القصص والا ساطير صنفوا في تاريخ النبى والائمة عليهم السلام وغير ذلك
كتبا على مذهب القصاصين من الحكماء فكانوا ياتون إلى حديث صحيح في قصة ساذجة لا تزيد على خمسة
ابيان فيجعلونها اكثر من خمسين بيتا .
فترى واحدهم يصور قصة ولادة الرسول وزواجه بخديجة
( كابى الحسن البكرى في كتاب الانوار ) فيصورها بما يقدر عليه من الفصاحة والبلاغة وايراد الشعر
[ 43 ]
وجاء في الحديث أنها دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها ، فصادف دخولها وقت
ولادتها فولدت أميرالمؤمنين عليه السلام داخلها ، وكان ذلك في النصف من شهر رمضان ، و
لرسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثون سنة على الكمال ، فتضاعف ابتهاجه به وتمام مسرته ، وأمرها أن
تجعل مهده جانب فرشته ( 1 ) ، وكان يلي أكثر تربيته ، وبراعيه في نومه ويقظته ، ويحمله
على صدره وكتفه ، ويحبوه بألطافه وتحفه ، ويقول : هذا أخي وصفيي وناصري ووصيي .
فلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله خديجة أخبرها بوجدها بعلي عليه السلام ومحبته ، فكانت
تستزيده وتزينه وتحليه وتلبسه ، وترسله مع ولائدها ( 2 ) : ويحمله خدمها ، فيقول
الناس : هذا أخو محمد وأحب الخلق إليه ، وقرة عين خديجة ، ومن اشتملت السعادة عليه ،
وكانت ألطاف خديجة تطرق منزل أبي طالب ليلا ونهارا وصباحا ومساء ، ثم إن
قريشا أصابتها أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ( 3 ) ، وكان أبوطالب رضي الله عنه ذامال
يسير وعيال كثير فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والاضاقة والجهد والفاقة ، فعند ذلك
دعا رسول الله عمه العباس فقال له : يا أبا الفضل إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، مختل
الحال ، ضعيف النهضة والعزمة ، وقد ناله ما نزل بالناس من هذه الازمة ، وذو الارحام
أحق بالرفد وأولى من حمل الكل ( 4 ) في ساعة الجهد ، فانطلق بنا إليه لنعينه على
ما هو عليه ، فلنحمل عنه بعض أثقاله ، ونخفيف عنه من عياله ، بأخذ كل واحد منا
واحدا من بنيه ، يسهل عليه بذلك ما هو فيه ( 5 ) ، فقال له العباس : نعم ما رأيت ، و
الصواب فيما أتيت ، هذا والله الفضل الكريم والوصل الرحيم .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فرشه .
( 2 ) جمع الوليدة ، وهى الامة .
( 3 ) الازمة : القحط والجدب ضد الخصب ، يقال : جذب المكان أى انقطع عنه المطرفيبست
ارضه .
ونهك الضرع : استوفى جميع ما فيه .
( 4 ) الكل بفتح أوله : العيال .
( 5 ) في المصدر : بعض ما هو فيه .
_________________________________________________________
والقافية ويزينه ويزيد عليه ما يلهم اليه قوة الخيال والذوق الشريف الادبى من الصور العجيبة التى
يناس عبقريته صلى الله عليه وآله .
ومن ذلك قصص ولادة على عليه السلام كما اثبتها المصنف قده من الروايات فترى احدهم بجعل
[ 44 ]
فلقيا أبا طالب فصبراه ، ولفضل آبائه ذكراه ، وقالا له : إنا نريد أن نحمل عنك
بعض الحال ، فادفع إلينا من أولادك من يخف عنك به الاثقال ، قال أبوطالب : إذا تركتما
لي عقيلا وطالبا فافعلا ماشئتما ، فأخذ العباس جعفرا ، وأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ،
فانتجبه لنفسه ، واصطفاه لمهم أمره ، وعول عليه في سره وجهره ، وهو مسارع لمرضاته ،
موفق للسداد ( 1 ) في جميع حالاته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ابتداء طروق الوحي إليه ، كلما
هتف به هاتف أو سمع من حوله رجفة راجف ( 2 ) أورأى رؤيا أو سمع كلاما ، يخبر بذلك
خديجة وعليا عليهما السلام ويستسر هما هذه الحال ، فكانت خديجة تثبته وتصبره ، وكان علي
عليه السلام يهنئه ويبشره ويقول له : والله يا ابن عم ما كذب عبدالمطلب فيك ، ولقد صدقت
الكهان فيما نسبته إليك ، ولم يزل كذلك إلى أن أمر صلى الله عليه وآله بالتبليغ ، فكان أول من
آمن به من النساء خديجة ، ومن الذكور أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعمره
يومئذ عشر سنين ( 3 ) .
بيان : الشرد : جمع شارد ، وهو البعير النافر .
والمحمر ( 4 ) : الناقة يلتوي ( 5 ) في
بطنها ولدها وجاب يجوب جوبا خرق وقطع .
والبلطح : المكان الواسع .
وكذ الصلطح .
وصلاطح بلاطح أتباع .
والزمع محركة شبه الرعدة تأخذه الانسان ، والدهش و
الخوف .
والزجر : العيافة والتكهن ] .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : موفق السداد .
( 2 ) رجف الرعد : تردد صوته .
( 3 ) كنز الكراجكى 115 117 .
( 4 ) على زنة ( مكرم ) .
( 5 ) التوى : تثاقل .
_________________________________________________________
رسول الله ( قابلة ) لولادته والاخر يجعل ولادته في ذى الحجة ليخترع وجها لطيفا في تسمية
( يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر ) وآخر يأتى بقصة مثرم بن رغيب بن الشيقنام ؟ ! وآخر يخترع
له عليه السلام اسامى عجيبة عند كل فريق .
فهذا وامثاله من تزيينات القصاصين وانما صوروها وصنفوها لغرض خالص ونية صالحة فلهم
الاجر ومكتبهم هذا هو المكتب الذى تبعه علماء الغرب وادبائهم في عصرنا هذا لجلب العامة إلى
الحقائق التاريخية وسموه ( رومانتيسم ) وحقيق بذلك ( ب )
[ 45 ]
1 مع : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن المغيرة بن محمد ، عن رجاء بن سلمة ، عن
عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : خطب أميرالمؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة بعد منصرفه من النهروان ، وبلغه أن معاوية يسبه و
يلعنه ويقتل أصحابه ، فقام خطيبا فحمدالله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر
ما أنعم الله على نبيه وعليه ، ثم قال : لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي
هذا ، يقول الله عزوجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) اللهم لك الحمد على نعمك التي لا
تحصى ، وفضلك الذي لاينسى ، يا أيها الناس إنه بلغني ما بلغني ، وإني أراني قد اقترب
أجلي ، وكأني بكم وقد جهلتم أمري ، وأنا ( 1 ) تارك فيكم ماتر كه رسول الله صلى الله عليه وآله : كتاب الله
وعترتي ، وهي عترة الهادي إلى النجاة : خاتم الانبياء ، وسيد النجباء ، والنبي المصطفى ، يا
أيها الناس لعلكم لاتسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر ، أنا أخو رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وابن عمه ، وسيف نقمته ، وعماد نصرته ، وبأسه وشدته ، أنا رحى جهنم
الدائرة ، وأضراسها الطاحنة ، أنا موتم النبين والبنات ، أنا قابض الارواح ، وبأس الله
الذي لايرده عن القوم المجرمين ، أنا مجدل الابطال ، وقاتل الفرسان ، ومبيد ( 2 ) من
كفر بالرحمن ، وصهر خير الانام ، أنا سيد الاوصياء ، ووصي خير الانبياء أنا باب مدينة
العلم ، وخازن علم رسول الله ووارثه ، وأنا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية
الزكية البرة ( 3 ) المهدية ، حبيبة حبيب الله ، وخير بناته وسلالته ، وريحانة رسول الله
صلى الله عليه وآله ، سبطاه خير الاسباط ، وولداي خير الاولاد ، هل أحد ينكر ما أقول ؟
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : انى .
( 2 ) في المصدر : مبير .
وأباده وأباره : أهلكه .
( 3 ) في المصدر : التقية النقية الزكية المبرة .
[ 46 ]
أين مسلمو أهل الكتاب ؟ أنا اسمي في الانجيل ( إليا ) وفي التوارة ( يرئ ) وفي الزبور
( أري ) وعند الهند ( كبكر ) وعند الروم ( بطريسا ) وعند الفرس ( حبتر ( 2 ) ) وعند
الترك ( بثير ) وعند الزنج ( حيتر ) وعندالكهنة ( بوئ ) وعند الحبشة ( بثريك ) وعند
امي ( حيدرة ) وعند ظئري ( 2 ) ( ميمون ) وعند العرب ( علي ) وعند الارمن ( فريق ) و
عند أبي ( ظهير ) .
ألا وإني مخصوص القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم
يقول الله عزوجل : ( إن الله مع الصادقين ) أنا ذلك الصادق ، وأنا المؤذن في الدنيا
والآخرة قال الله عزوجل : ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) أنا ذلك المؤذن
وقال : ( وأذن من الله ورسوله ) فأنا ذلك الاذان ، وأنا المحسن يقول الله عزوجل : ( إن الله
لمع المحسنين ) وأنا ذوالقلب فيقول الله عزوجل ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) وأنا
الذاكر ، يقول الله عزوجل : ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) ونحن أصحاب
الاعراف : أنا وعمي وأخي وابن عمي ، والله فالق الحب والنوى لايلج النار لنامحب ، ولايدخل
الجنة لنا مبغض ، يقول الله عزوجل : ( وعلى الاعراف رجال يعرفون كلابسيماهم )
وأنا الصهر يقول الله عزوجل : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) ،
وأنا الاذن الواعية يقول عزوجل : ( وتعيها اذن واعية ) وأنا السلم لرسول الله صلى الله عليه وآله
يقول الله عزوجل : ( ورجلا سلما لرجل ) ومن ولدي مهدي هذه الامة .
ألا وقد جعلت محنتكم : ببغضي يعرف المنافقون ، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين ، هذا
عهد النبي الامي إلي أنه لايحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ، وأنا صاحب لواء
رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة ، ورسول الله فرطي وأنا فرط شيعتي ( 3 ) ، والله لا عطش
محبي ولا خاف وليي ، أنا ( 4 ) ولي المؤمنين والله وليي ، حسب محبي أن يحبوا ما أحب
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : جبتر .
( 2 ) الظئر : المرضعة لولد غيرها .
( 3 ) الفرط : المتقدم قومه .
( 4 ) في المصدر : وأنا .
[ 47 ]
الله ، وحسب مبغضي أن يبغضوا ما أحب الله ، ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني ،
اللهم اشدد وطأتك عليه ، وأنزل اللعنة على المستحق ، آمين رب العالمين ، رب إسماعيل
وباعث إبراهيم ، إنك حميد مجيد .
ثم نزل عن أعواده فما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم
لعنه الله .
قال جابر سنأتي على تأويل ما ذكرنا من أسمائه ، أما قوله : أنا اسمي في الانجيل
( إليا ) فهو ( علي ) بلسان العرب ، وفي التوراة ( برئ ) قال : برئ من الشرك .
وعند
الكهنة ( بوئ ) فهو من تبوء مكانا وبوء غيره مكانا ، وهو الذي يبوئ الحق منازله ،
ويبطل الباطل ويفسده .
وفي الزبور ( أري ) وهو السبع الذي يدق العظم ، ويفرس
اللحم ( 1 ) .
وعند الهند ( كبكر ) قال : يقرؤون في كتب عندهم فيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله
وذكر فيها أن ناصره ( كبكر ) وهو الذي إذا أراد شيئا لج فيه فلم يفارقه ( 2 ) حتى يبلغه
وعند الروم ( بطريسا ) قال : هو مختلس الارواح ( 3 ) .
وعند الفرس ( حبتر ) وهو البازي
الذي يصطاد .
وعند الترك ( بثير ) قال : هو النمر الذي إذا وضع مخلبه في شئ هتكه .
وعند الزنج ( حيتر ) قال : هو الذي يقطع الاوصال .
وعند الحبشة ( بثريك ) قال : هو
المدمر على كل شئ أتى عليه .
وعند أمي ( حيدرة ) قال : هو الحازم الرأي ، الخير
النقاب ( 4 ) ، النظار في دقائق الاشياء .
وعند ظئري ( ميمون ) قال جابر : أخبرني محمد بن علي عليه السلام قال : كانت ظئر
علي عليه السلام التي أرضعته امرأة من بني هلال خلفته في خبائها ( 5 ) ، ومعه أخ له من الرضاعة
وكان أكبر منه سنا بسنة إلا أياما ، وكان عند الخباء قليب ( 6 ) ، فمر الصبي نحو القليب
_________________________________________________________
( 1 ) فرس الشئ : فرقه .
( 2 ) في المصدر : ولم يفارقه .
( 3 ) خلس الشئ واختلسه : سلبه عاجلا .
( 4 ) في المصدر : الخبير .
والنقاب : النافذ في الامور والذى يبالغ في البحث عنها .
( 5 ) الخياء بكسر الخاء ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن .
ولعل المراد هنا
الخيمة بقرينة ما سيأتى .
( 6 ) القليب : البئر .
[ 48 ]
ونكس رأسه فيه ، فحبا ( 1 ) علي عليه السلام خلفه فتعلقت رجل علي عليه السلام بطنب الخيمة ،
فجر الحبل حتى أتى على أخيه ، فتعلق بفرد قدميه وفرد يديه ، أما اليد ففي فيه واما
الرجل ففى يده ، فجاءته امه فأدركته فنادت : يا للحي يا للحي يا للحي ( 2 ) من غلا
ميمون أمسك علي ولدي ، فأخذوا الطفل ( 3 ) من عند رأس القليب وهم يعجبون من قوته
على صباه ، ولتعلق رجله بالطنب ، ولجره الطفل حتى أدركوه ، فسمته امه ميمونا
أي مباركا فكان الغلام في بني هلال يعرف بمعلق ميمون وولده إلى اليوم ( 4 ) .
وعند الارمن ( فريق ) قال : الفريق : الجسور الذي يهابه الناس .
وعند أبي ( طهير )
قال : كان أبوه يجمع ولده وولد إخوته ثم يأمرهم بالصراع ( 5 ) ، وذلك خلق في العرب ،
فكان ( 6 ) علي عليه السلام يحسر ( 7 ) عن ساعدين له غليظين قصيرين وهو طفل ، ثم يصارع كبار
إخوته وصغارهم ، وكبار بني عمه وصغارهم فيصرعهم ، فيقول أبوه : ظهر علي ( 8 ) ، فسماه
ظهيرا .
وعند العرب ( علي ) قال جابر : اختلف الناس من أهل المعرفة لم سمي علي
عليا ، فقالت طائفة : لم يسم أحد من ولد آدم قبله بهذا الاسم في العرب ولا في العجم ، إلا
أن يكون الرجل من العرب يقول : ابني هذا علي يريد به [ من ] العلو لا أنه اسمه
وإنما تسمى الناس به بعده وفي وقته .
وقالت طائفة : سمي علي عليا لعلوه على كل من
بارزه .
وقالت طائفة : سمي علي عليا لان داره في الجنان تعلو حتى تحاذي منازل
_________________________________________________________
( 1 ) حبا الولد : زحف على يديه وبطنه .
وفى ( د ) فجثا .
( 2 ) قد ذكر في ( ك ) ( يا للحى ) مرتين .
( 3 ) في المصدر : الطفلين .
( 4 ) أى يسمى ولده ايضا بمعلق ميمون .
( 5 ) صرعه : طرحه على الارض .
( 6 ) في المصدر : وكان .
( 7 ) حسر الشئ : كشفه .
( 8 ) كذا في المصدر و ( ت ) و ( د ) .
واما في ( ك ) و ( ح ) و ( د ) : ظهير على .
[ 49 ]
الانبياء ( 1 ) ، وليس نبي يعلو منزله منزل علي ( 2 ) وقالت طائفة : سمي علي عليا لانه
علا [ على ] ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله بقدمية طاعة لله عزوجل ولم يعل أحد على ظهر نبي غيره
عند حط الاصنام من سطح الكعبة .
وقالت طائفة : وإنما سمي عليا ( 3 ) لانه زوج في
أعلى السماوات ولم يزوج أحد من خلق الله عزوجل في ذلك الموضع غيره ، وقالت
طائفة : إنما سمي علي عليا ( 4 ) لانه كان أعلى الناس علما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ( 5 ) .
ع : بهذا الاسناد عن قوله : ( اختلف الناس ) إلى آخر الخبر ( 6 ) .
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 49 سطر 7 إلى صفحه 57 سطر 7
بيان : قوله : ( أنا رحى جهنم ) أي صاحبها والحاكم عليها وموصل الكفار إليها ،
ويحتمل أن يكون على الاستعارة أي أنا في شدتي على الكفار شبيه بها .
قوله : ( أنا قابض
الارواح ) أي أقتلها فأصير سببا لقبضها ، أو أحضر عند قبضها ويكون بإذني ، ويحتمل
الحقيقة ، والاوسط أظهر .
ويقال : طعنه فجدله أي رماه بالارض .
والابطال جمع البطل
بالتحريك وهو الشجاع .
قوله : ( أن تغلبوا عليها ) على بناء المعلوم أي تغلبوني
عليها بأن تدعوا أن ذلك لكم ، أو على بناء المجهول أي يغلبكم الناس في المحاجة
فتزعموا أني لست صاحبها فتضلوا .
وقال الجزري : الوطء في الاصل : الدوس بالقدم ،
فسمي به الغزو والقتل لان من يطأ على الشئ برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته ،
ومنه الحديث : ( اللهم اشدد وطأتك على مضر ) أي خذهم أخذا شديدا ( 7 ) .
ثم اعلم أن الاسماء كلها سوى ( علي وبوئ وظهير وميمون وحيدرة ) معانيها
على غير لغة العرب ، وأما ( فلعله من باب الاشتراك بين اللغتين .
قولها : ( من
غلام ) أي تعجبوا من غلام .
2 ع : الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي عوانة ، عن
_________________________________________________________
( 1 ) في ( ك ) : منزل الانبياء .
( 2 ) في المصدر : تعلو منزلته منزلة على .
( 34 ) في المصدر : انما سمى على عليا .
( 5 ) معانى الاخبار : 58 62 .
( 6 ) علل الشرائع : 56 و 57 .
( 7 ) النهاية 4 : 218 .
[ 50 ]
محمد بن يزيد وهشام الزواعي ( 1 ) ، عن عبدالله بن ميمون ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن
عمر قال : بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وآله في نخل المدينة وهو يطلب عليا إذا انتهى إلى حائط
فأطلع فيه ( 2 ) ، فنظر إلى علي عليه السلام وهو يعمل في الارض وقد اغبار ، فقال : ما ألوم الناس ( 3 )
في أن يكنوك أباتراب ، فلقد رأيت عليا تمغر وجهه ( 4 ) وتغير لونه واشتد ذلك عليه ،
فقار النبي صلى الله عليه وآله : ألا ارضيك يا علي ؟ قال : نعم يا رسول الله فأخذ بيده فقال : أنت أخي
ووزيري وخليفتي بعدي في أهلي ، تقضي ديني وتبرئ ذمتي ، من أحبك في حياة مني
فقد قضي له بالجنة ، ومن أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالامن والايمان ، و
من أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالامن والايمان وآمنه يوم الفزع الاكبر ، ومن
مات وهو يبغضك ياعلي مات ميتة الجاهلية ، يحاسبه الله عزوجل بما عمل في الاسلام ( 5 ) .
3 ع : القطان ، عن السكري ، عن الحسين بن علي علي العبدي ، عن عبدالعزيز بن
مسلم ، عن يحيى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر
ثم قام بوجه كئيب ( 6 ) وقمنا معه حتى صار إلى منزل فاطمة عليها السلام ، فأبصر عليا نائما بين
يدي الباب على الدقعاء ، فجلس النبي صلى الله عليه وآله فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول : قم فداك
أبي وامي يا أبا تراب ، ثم أخذ بيده ودخلا منزل فاطمة ، فمكثنا [ فمكثا ] هنيئة ثم سمعنا
ضحكا عليا ، ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله بوجه مشرق ، فقلنا : يا رسول الله دخلت بوجه
كئيب وخرج بخلافه ، فقال : كيف لا أفرح وقد أصلحت بين اثنين : أحب أهل الارض
إلى أهل السماء ( 7 ) .
بيان : الدقعاء : التراب .
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : الزراعى .
( 2 ) في ( ك ) فأطلع عليه .
( 3 ) ليست في المصدر كلمة ( في ) .
( 4 ) أى احمر .
( 5 ) علل الشرائع : 63 : وفيه : يحاسبه الله عزوجل بها في الاسلام .
( 6 ) كئب كأبا : كان في غم وانكسار من حزن : فهو كئيب .
( 7 ) علل الشرائع : 63 .