[ 61 ]
الطبري وابن إسحاق وابن مردويه أنه قال عمار : خرجنا مع النبي في غزوة
العشيرة ( 1 ) فلما نزلنا منزلا نمنا ، فما نبهنا إلا كلام رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يا أبا تراب
لما رآه ساجدا معفرا ( 2 ) وجهه في التراب أتعلم من أشقى الناس ؟ أشقى الناس
اثنان : احيمر ثمود الذي عقر الناقة ، وأشقاها الذي يخضب هذه ووضع يده على لحيته .
وقال الحسن بن علي عليهما السلام وسئل عن ذلك فقال : إن الله يباهي بمن يصنع
كصنيعك الملائكة ، والبقاع تشهد له ، قال : فكان عليه السلام يعفر خديه ويطلب الغريب
من البقاع لتشهد له يوم القيامة ، فكان إذا رآه والتراب في وجهه يقول : يا أبا تراب افعل
كذا ويخاطبه بما يريد .
وحدثني أبوالعلاء الهمداني بالاسناد عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في
حديث أن عليا عليه السلام خرج مغضبا فتوسد ذراعه ( 3 ) فطلبه النبي صلى الله عليه وآله حتى وجده
فوكزه برجله فقال : قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب ، أغضبت علي حين آخيت
بين المهاجرين والانصار ولم اواخ بينك وبين أحد منهم ؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة
هارون من موسى ؟ الخبر .
وجاء في رواية : أنه كني عليه السلام بأبي تراب لان النبي صلى الله عليه وآله قال : يا علي أول
من ينفض ( 4 ) التراب من رأسه أنت ، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يقول : إنا كنا
نمدح عليا إذا قلنا له ( أبا تراب ) .
وسموه أصلع قريش من كثرة لبس الخوذ على الرأس .
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام :
أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه .
ابن البيع في اصول الحديث والخر كوشي في شرف النبي ، وشيرويه في الفردوس
واللفظ له بأسانيدهم أنه كان الحسن والحسين في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوانه
_________________________________________________________
( 1 ) غزوة العشيرة ويقال : العشير وذى العشيرة وهو موضع من بطن ينبع وسيأتى
في ص 64 ( ب ) .
( 2 ) عفر وجهه في التراب : مرغه ودسه فيه .
( 3 ) توسد ذراعه : نام عليه وجعله كالوسادة له .
( 4 ) نفض الثوب : حركه ليزول عنه الغبار .
[ 62 ]
( يا أبه : ويقول الحسن لابيه ( يا أبا الحسين ) والحسين يقول ( يا أبا الحسن ) فلما
توفي رسول الله صلى الله عليه وآله دعواه ( يا أبانا ) .
وفي رواية عن أميرالمؤمنين عليه السلام ، ما سماني
الحسن والحسين يا أبه حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله .
وقيل : أبوالحسن مشتق من اسم
الحسن .
النطنزي في الخصائص : قال داود بن سليمان : رأيت شيخا على بغلة قد احتوشته
الناس ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا شاه العرب ( 1 ) هذا علي بن أبي طالب عليه السلام ( 2 ) .
قال صاحب كتاب الانوار : إن له في كتاب الله ثلاثمأة اسم فأما في الاخبار فالله
أعلم بذلك ، ويسمونه أهل السماء ( شمساطيل ( 3 ) ) وفي الارض ( حمحائيل ( 4 ) ) وعلى
اللوح ( 5 ) ( قنسوم ) وعلى القلم ( منصوم ) وعلى العرش ( معين ( 6 ) ) وعند رضوان ( أمين )
وعند الحور العين ( أصب ) وفي صحف إبراهيم ( حزبيل ) وبالعبرانية ( بلقياطيس ) و
بالسريانية ( شروحيل ) وفي التوراة ( إيليا ) وفي الزبور ( إريا ) وفي الانجيل ( بريا )
وفي الصحف ( حجر العين ) وفي القرآن ( عليا ) وعندالنبي ( ناصرا ) وعندالعرب ( مليا )
وعند الهند ( كبكرا ) ويقال : لنكرا وعند الروم ( بطريس ) وعند الارمن ( فريق )
وقيل : اطفاروس وعند الصقلاب ( فيروق ) وعند الفرس ( خير ) وقيل : فيروز و
عند الترك ( ثبيرا وعنيرا ) وقيل : راج وعند الخزر ( برين ) وعند النبط ( كريا )
وعند الديلم ( بني ) وعند الزنج ( حنين ) وعند الحبشة ( بتريك ) وقالوا : كرقنا
وعندالفلاسفة ( يوشع ) وعند الكهنة ( بوئ ) وعند الجن ( حبين ) وعند الشياطين ( مدمر )
وعند المشركين ( الموت الاحمر ) وعندالمؤمنين ( السحابة البيضاء ) وعند والده ( حرب )
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : شاهانشاه العرب * أقول : فكأن الذين احتوشوا عنده من الاعاجم فاجابوه بلغتهم ( ب )
( 2 ) من اول ما رواه عن المناقب إلى هنا يوجد في المجلد الاول 582 586 .
وبعده في
المجلد الثانى 56 58 .
( 3 ) في المصدر : شمشاطيل خ ل .
( 4 ) في المصدر : حمجائيل خ ل .
( 5 ) في المصدر : وفى اللوح .
( 6 ) في المصدر : المعين .
[ 63 ]
وقيل : ظهير وعند أمه ( حيدرة ) وقيل : أسد وعند ظئره ( ميمون ) وعندالله
( علي ) .
وسأل المتوكل زيدبن حارثة البصري المجنون عن علي عليه السلام فقال : على حروف
الهجاء علي هو الآمر عن الله بالعدل والاحسان ، الباقر لعلوم الاديان ، التالي لسور
القرآن ، الثاقب ( 1 ) لحجاب الشيطان ، الجامع لاحكام القرآن ( 2 ) ، الحاكم بين الانس
والجان ، الخلي من كل زور وبهتان ، الدليل لمن طلب البيان ، الذاكر ربه في السرو
الاعلان ، الراهب ( 3 ) ربه في الليالي إذا اشتد الظلام ، الرائد الراجح بلانقصان ، الساتر
لعورات النسوان ، الشاكر لما أولى ( 4 ) الواحد المنان ، الصابر يوم الضرب والطعان ( 5 ) .
الضارب بحسامه ( 6 ) رؤوس الاقران .
الطالب بحق الله غير متوان ( 7 ) ولا خوان ، الظاهر
على أهل الكفر والطغيان ، العالي علمه على أهل الزمان ، الغالب بنصر الله للشجعان ،
الفالق ( 8 ) للرؤوس والابدان ، القوي الشديد الاركان ، الكامل الراجح بلا نقصان ،
اللازم لاوامر الرحمن ، المزوج بخير النسوان ، النامي ذكره في القرآن ، الولي لمن
والاه بالايمان ، الهادي إلى الحق لمن طلب البيان ، اليسر السهل لمن طلبه بالاحسان ( 9 ) .
13 يف : روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الحادي والعشرين
من المتفق عليه من مسند سهل بن سعد أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال : هذا فلان
أمير المدينة يذكر عليا عليه السلام عند المنبر ، قال : فيقول ماذا ؟ قال : يقول له أبا تراب ،
_________________________________________________________
( 1 ) ثقب الشئ : خرقه .
( 2 ) في المصدر الجامع أحكام القرآن .
( 3 ) * أقول : الراهب : ههنا بمعنى : الخائف ، من الرهبة لا من الرهبانية ( ب ) .
( 4 ) أولاه معروفا : صنعه إليه .
( 5 ) طعنه بالرمح : ضربه .
( 6 ) الحسام بضم الحاء السيف القاطع .
( 7 ) التوانى : الفتور والتقصير .
( 8 ) فلق الشئ : شقه .
( 9 ) مناقب آل أبى طالب 2 : 56 58 .
[ 64 ]
فضحك وقال : ما سماه به إلا النبي صلى الله عليه وآله وما كان له اسم أحب إليه منه ، فاستعظمت
الحديث وقلت : يا أبا عباس كيف كان ذلك ؟ قال : دخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام ثم
خرج فاضطجع في المسجد ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله على ابنته فاطمة عليها السلام وقبل رأسها و
نحرها وقال لها : أين ابن عمك ؟ قالت : في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وآله فوجد رداءه قد
سقط عن ظهره وخلط ( 1 ) التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول :
اجلس أبا تراب مرتين ( 2 ) .
14 مد : من مسند أحمد بن حنبل : روى عبدالله بن أحمد عن والده ، عن علي بن
بحر ، عن عيسى بن يونس ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي ، عن
محمد بن خيثم بن زيد ( 3 ) ، عن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي عليه السلام رفيقين في غزاة
ذي العشيرة ، فلما نزلها النبي صلى الله عليه وآله فأقام بها رأينا ناسا من بني مذحج ( 4 ) يعملون في
عين لهم في نخل ، فقال علي عليه السلام : يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر ( 5 ) كيف
يعملون ؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ، ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا
في صور النخل ( 6 ) ، ثم جمعنا ( 7 ) من التراب فنمنا ، فوالله ما أهبنا ( 8 ) إلا رسول الله صلى الله عليه وآله
يحركنا برجله ويبرينا ( 9 ) من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام :
( يا أبا تراب ) لما عليه ( 10 ) من التراب ، قال : ألا أحدثكما ( 11 ) بأشقى الناس رجلين ؟
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( د ) : خلص .
( 2 ) الطرائف : 20 .
( 3 ) في المصدر : محمد بن خيثم بن أبي يزيد .
( 4 ) كذا في المصدر ، وفى نسخ الكتاب ( بنى مدحج ) وهو مصحف .
( 5 ) في المصدر : أن تأتى هؤلاء وتنظر .
( 6 ) في المصدر : في صور من النخل .
والصور بفتح الصاد سيأتى معناه في البيان .
( 7 ) كذا في ( ك ) وفى غيره من نسخ الكتاب ( رفعنا ) وفى المصدر : دقعنا .
( 8 ) أهبه من نومه : أيقظه .
( 9 ) في المصدر و ( د ) : تتربنا .
( 10 ) في المصدر : لمايرى عليه .
( 11 ) في المصدر : ألا احدثكم .
[ 65 ]
قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أخو ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه
يعني قرنه حتى تبل منه هذه عني لحيثه .
ومن الجزء الاول من صحيح البخاري ( 1 ) عن قتبية بن سعيد ، عن عبدالعزيز بن
أبي حازم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد مثل مامر في رواية السيد عن الحميدي .
ومن صحيح البخاري ( 2 ) أيضا في الجزء الرابع من الاجزاء الثمانية ، عن عبدالله
بن مسلمة ، عن عبدالعزيز مثله .
ومن صحيح مسلم ( 3 ) في ثالث كراس من الجزء الرابع من أجزاء ستة ، عن قتيبة
ابن سعيد ، عن عبدالعزيز بن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : كان استعمل رجل على
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 65 سطر 9 إلى صفحه 73 سطر 9
المدينة ( 4 ) من آل مروان ، فدعا سهل بن سعد وأمره ( 5 ) أن يشتم عليا عليه السلام قال : فأبى
سهل فقال : أم ( 6 ) إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقل سهل : ما كان لعلي عليه السلام
اسم أحب إليه من أبي تراب وإن كان ليفرح إذا دعي بها ، فقال له : أخبرنا عن فضيلته
[ قصته ] لم سمي أبا تراب ؟ قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بيت فاطمة فلم يجد عليا في
البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : كان بيني وبينه شئ فغاضبني ( 7 ) فخرج ولم يقل ( 8 )
عندي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لانسان : انظر أين هو ؟ فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد
فجاءه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب ، فجعل رسول الله
يمسحه عنه ويقول : قم أباتراب ( 9 ) .
ولو أنصفت في حكمها أم مالك * إذا لرأت تلك المساوي محاسنا
_________________________________________________________
( 1 ) 1 : 59 .
( 2 ) 2 : 186 .
( 3 ) 7 : 123 و 124 .
( 4 ) في العمدة وصحيح مسلم : قال : استعمل على المدينة رجل اه .
( 5 ) في العمدة وصحيح مسلم : فأمره .
( 6 ) في العمدة : فقال : اذ أبيت وفى صحيح مسلم : فقال له : اما إذا بيت .
( 7 ) في العمدة : فغاضبنى عليه .
( 8 ) من قال يقيل قيلا وقيلولة : نام في منتصف النهار .
( 9 ) في صحيح مسلم .
قم أبا التراب قم أبا التراب .
[ 66 ]
ومن مناقب الفقيه أبي الحسن بن المغازلي روى الخبر الاول الذي من مسند ابن
حنبل ( 1 ) ، عن أحمد بن محمد بن عبدالوهاب ، يرفعه إلى عمار ، والثاني الذي رواه من البخاري
موافقا لرواية السيد عن الحميدي ، فإنه رواه عن يحيى بن أبي طالب عن محمد بن الصلت ،
والثالث الذي رواه من صحيح مسلم فإنه روى عن القاضي أبويوسف بن رباح يرفعه إلى
سهل بن سعد ( 2 ) .
أقول : روي ابن الاثير في جامع الاصول عن الصحيحين مثل مامر برواية
الحميدي في تسمية أبي تراب .
بيان : في القاموس : الصور : النخل الصغار أو المجتمع وأصل النخل ( 3 ) .
وقال :
الدقعاء : التراب ( 4 ) .
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : هو أبوالحسن علي بن أي طالب واسمه .
عبد مناف بن عبدالمطلب واسمه شيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي ، والغالب
عليه من الكنية أبوالحسن ، وكان ابنه الحسن عليه السلام يدعوه في حياة رسول الله صلى الله
عليه وآله أبا الحسين ، ويدعوه الحسين عليه السلام أبا الحسن ، ويدعو ان رسول الله أباهما ،
فلما توفي النبي صلى الله عليه وآله دعواه بأبيهما ، وكناه رسول الله صلى الله عليه وآله أبا تراب : وحده نائما ،
في تراب قد سقط عنه رداؤه وأصاب التراب جسده ، فجاء حتى جلس عند رأسه وأيقظه ،
وجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول له : اجلس إنما أنت أبوتراب ، فكانت من أحب
كناه صلوات الله عليه إليه ، وكان يفرح إذا دعي بها ، فدعت بنو امية خطباءها
يسبوه بها على المنابر ، وجعلوها نقيصة له ووصمة ( 5 ) عليه ، فكأنما كسوه بها الحلي والحلل
كما قال الحسن البصري .
_________________________________________________________
( 1 ) في العمدة : من مسند احمد بن حنبل .
( 2 ) العمدة : 12 14 .
( 3 ) القاموس المحيط 2 : 73 .
( 4 ) القاموس المحيط 3 : 21 .
( 5 ) الوصمة : العيب والعار .
[ 67 ]
وكان اسمه الاول الذي سمته به امه ( حيدرة ) باسم أبيها أسد بن هاشم ،
والحيدرة : الاسد ، فغير أبوه اسمه وسماه عليا : وقيل : إن حيدرة اسم كانت قريش
تسميه به ، والقول الاول أصح يدل عليه خبره يوم برز إليه مرحب وارتجز عليه فقال :
( أنا الذي سمتني امي مرحبا ) فأجابه : ( أنا الذي سمتني امي حيدرة ) وتزعم الشيعة
أنه خوطب في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بأميرالمؤمنين ، خاطبه بذلك جملة المهاجرين والانصار ،
ولم يثبت ذلك في أخبار المحدثين ( 1 ) ، إلا أنهم قد رووا ما يعطي هذا المعنى وإن لم يكن
اللفظ بعينه ، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله ( 2 ) : ( أنت يعسوب الدين والمال يعسوب الظلمة ) .
وفي رواية اخرى : ( هذا يعسوب المؤمنين وقائد الغر المحجلين ) .
واليعسوب ذكر النحل
وأميرها ، روى هاتين الروايتين أحمد بن حنبل في المسند وفي كتابه فضائل الصحابة ، ورواهما
أبونعيم الحافظ في حلية الاولياء ، ودعي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بوصي رسول الله صلى الله عليه وآله
لوصايته إليه بما أراده ، وأصحابنا لا ينكرون ذلك ولكن يقولون : إنما لم تكن وصيته
بالخلافة ( 3 ) بل بكثير من المتجد دات بعده أفضى بها إليه ( 4 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) سيأتى الروايات الواردة في ذلك الدالة على خطابه عليه السلام بأميرالمؤمنين في حياة
الرسول صلى الله عليه وآله .
( 2 ) في المصدر : قول رسول الله صلى الله عليه وآله .
( 3 ) في المصدر : وصية بالخلافة .
( 4 ) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 1 : 5 .
وليت شعرى ما المراد من المتجددات الحادثة
بعد النبي صلى الله عليه وآله ؟ فان كانت متعلقة بالدين ومتمملة بالدين ومتممة له فهذا خلاف نص القرآن كما هو
ظاهر ، وان كانت النظارة في أمور المسلمين ورعاية احكام الدين واجراؤها بينهم فهذا معنى
الخلافة ، لكن التعصب والعناد يمنعان عن إدراك الحق والاقرار به أعاذنا الله بحفظه .
[ 68 ]
أقول : قدمر بعض فضائلهما في باب أحوال عبدالمطلب وباب أحوال عبدالله
وآمنة .
1 لى : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن سهل ، عن ممد ن سنان ، عن عمرو
بن ثابت ، عن حبيب بن أبي ثابت رفعة قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على عمه أبي طالب وهو
مسجى ، فقال : يا عم كفلت يتيما وربيت صغيرا ونصرت كبيرا ، فجزاك الله عني خيرا ،
ثم أمر عليا بغسله ( 1 ) .
2 لى : العطار ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن
جعفر ، عن محمد بن عمر الجرجاني قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : أول جماعة كانت أن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي وأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب معه ، إذمر أبوطالب به وجعفر
معه ، قال : يا بني صل جناح ابن عمك ، فلما أحسه رسول الله صلى الله عليه وآله تقدمهما ، وانصرف
أبوطالب مسرورا وهو يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والكرب
والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب
لاتخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لامي من بينهم وأبي
قال : فكانت أول جماعة جمعت ذلك اليوم ( 2 )
أقول : روى السيد في الطرائف عن أبي هلال العسكري من كتبا الاوائل
مثله ( 3 ) .
_________________________________________________________
( 1 ) امالى الصدوق : 243 .
( 2 ) امالى الصدوق : 304 .
( 3 ) الطرائف : 87 .
[ 69 ]
بيان : ( صل جناح ابن عمك ) كأنه بالتخفيف أمرا من تل ، أي تمم جناحه ،
فإن أميرالمؤمنين عليه السلام كان أحد جناحيه ، وبه كان يتم الجناحان ، ويحتمل التشديد
أيضا فإن الجناح يكون بمعنى الجانب والكنف والناحية ، والاول أبلغ وأظهر .
3 ج : عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام كان ذات يوم جالسا
في الرحبة والناس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين أنت بالمكان الذي
أنزلك الله به وأبوك معذب في النار ؟ ! فقال له علي عليه السلام : مه ( 1 ) فض الله فاك ، والذي
بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الارض لشفعه الله فيهم ، أبي
معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار ؟ والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، إن نور أبي يوم
القيامة يطفئ أنوار الخلائق ( 2 ) إلا خمسة أنوار : نور محمد صلى الله عليه وآله ونوري ونور الحسن والحسين ( 3 )
ونور تسعة من ولد الحسين ، فإن نوره من نورنا الذي ( 4 ) خلقه الله تعالى قبل أن يخلق
آدم بألفي عام ( 5 ) .
ما : الحسين بن عبيدالله ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن همام ، عن علي بن
الحسين الهمدانى ، عن محمد البرقي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عنه عليه السلام
مثله ( 6 ) .
بيان : في رواية الشيخ بعد قوله : ( ونوري ) ( ونور فاطمة ) وعلى هذا فالخمسة
إما مبني إلى اتحاد نوري محمد وعلي صلوات الله عليهما ، أو اتحاد نوري الحسنين عليهما السلام
بقرينة عدم توسط النور في البين ، ويحتمل أن يكون قوله : ( ونور تسعة ) معطوفا على
_________________________________________________________
( 1 ) قال الجزرى في النهاية ( 4 : 116 ) : وقد تكرر في الحديث ذكر ( مه ) ، وهو اسم مبنى على
السكون بمعنى اسكت .
( 2 ) في المصدر : ليطفئ أنوار الخلائق كلهم .
( 3 ) في المصدر : ونور الحسن ونور الحسين .
( 4 ) ليست كلمة ( الذى ) في المصدر .
وفى الامالى : لان نوره اه .
( 5 ) الاحتجاج : 122 .
( 6 ) امالى الشيخ : 192 .
[ 70 ]
الخمسة ( 1 ) .
4 لى ، ابن مسرور ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن أبيه ،
عن خلف بن حماد ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبدالله
ابن عباس قال : أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم إلى النبي صلى الله عليه وآله باكيا وهو يقول :
( إنا لله وإنا إليه راجعون ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : مه ( 2 ) يا علي ؟ فقال علي : يا
رسول الله ماتت امي فاطمة بنت أسد ، قال : فبكى النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : رحم الله امك
يا علي ، أما إنها إن كانت لك اما فقد كانت لي اما ، خذ عمامتي هذه وخذثوبي ،
هذين فكفنها فيهما ومر السناء فليحسن غسلها ، ولا تخرجها حتى أجئ فإلي
أمرها .
قال : وأقبل النبي صلى الله عليه وآله بعد ساعة واخرجت فاطمة ام علي عليه السلام فصلى عليها
النبي صلى الله عليه وآله صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ، ثم كبر عليها أربعين تكبيرة
ثم دخل إلى القبر فتمدد فيه ، فلم يسمع له أنين ولا حركة ، ثم قال : يا علي ادخل يا
حسن ادخل ، فدخلا القبر ، فلما فرغ مما احتاج إليه قال له : يا علي اخرج يا حسن
اخرج ، فخرجا ثم زحف النبي صلى الله عليه وآله حتى صار عند رأسها ، ثم قال : يا فاطمة أنا محمد
سيد ولد آدم ولا فخر ، فإن أتاك منكر ونكير فسألاك من ربك ؟ فقولي : الله ربي ، ومحمد
نبيي ، والاسلام ديني ، والقرآن كتابي ، وابنئ امامي ووليي ، ثم قال : اللهم ثبت فاطمة
بالقول الثابت ، ثم خرج من قبرها وحثا عليها حثيات ( 3 ) ، ثم ضرب بيده اليمنى على
اليسرى فنفضهما ، ثم قال : والذي نفس محمد ببده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على
شمالي .
فقام إليه عمار بن ياسر فقال : فداك أبي وامي يا رسول الله صليت عليها صلاة
_________________________________________________________
( 1 ) فيما عندنا من نسخة الامالى كذا : نور محمد ونورى ونور فاطمة ونورى الحسن والحسين
ومن ولده من الائمة .
( 2 ) ليست في المصدر كلمة ( مه ) وهى ( ما ) الاستفهامية لحقتها هاء السكت .
( 3 ) حثا التراب : صبه .
والحشى : ما غرف باليد من التراب وغيره .