[171]
بيان : قوله : " تتمة الكلام السابق " أي هذه تتمة خبر أبي عبدالله عليه السلام السابق
وكان خبر أبي الجارود معترضا ، ويظهر ذلك بالرجوع إلى ما أوردناه سابقا من رواية
العياشي ( 1 ) .
158 - ير : محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ( 2 ) عن خالد بن حماد ، ومحمد
ابن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته ( 3 ) عن قول الله عزوجل :
" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ( 4 ) " قال : تفسيرها : ولا تجهر
بولاية علي ولا بما أكرمته به حتى نأمرك بذلك " ولا تخافت بها " لا تكتمها عليا
وأعلمه ما أكرمته به .
وأما قوله : " وابتغ بين ذلك سبيلا " فإنه يعني اطلب إلي
وسلني أن آذن لك أن تجهر بولاية علي ، وادع الناس إليها ، فأذن له يوم غدير
خم ( 5 ) .
159 - فس : " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ( 6 ) " يعني أمير المؤمنين عليه السلام
وأصحابه ( 7 ) .
بيان : إشارة إلى أنه عليه السلام في هذه الامة كسفينة نوح ، حيث ينجيهم من طوفان
الفتن .
160 - فس : أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قوله :
" الرحمان علم القرآن ( 8 ) " قال : الله علم القرآن ( 9 ) ، قلت : " خلق الانسان " قال : ذلك
___________________________________________________________
( 1 ) تحت رقم 136 .
( 2 ) في المصدر : عن النضر بن سويد .
( 3 ) : قال سألت .
( 4 ) سورة الاسراء : 110 ، وما بعدها ذيلها .
( 5 ) بصائر الدرجات : 22 .
( 6 ) سورة الحاقة : 11 .
( 7 ) تفسير القمى : 694 .
( 8 ) سورة الرحمان : 1 ، وما بعدها ذيلها :
( 9 ) في المصدر : الله علم محمدا القرآن .
[172]
أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : " علمه البيان " قال : علمه بيان كل شئ ( 1 ) يحتاج الناس إليه ،
قلت : " الشمس والقمر بحسبان " قال هما بعذاب الله ( 2 ) قلت : الشمس والقمر يعذبان ؟
قال : سألت عن شئ فأيقنه ( 3 ) ، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره ،
مطيعان له ، ضوؤهما من نورعرشه ، وحر هما ( 4 ) ، من نارجهنم ، فإذا كانت يوم القيامة
عاد إلى العرش نور هما وعاد إلى النار حر هما ( 5 ) ، فلا تكون شمس ولا قمر ، وإنما
عنا هما - لعنهما الله - أوليس قد روى الناس أن رسول الله قال : إن الشمس والقمر نوران
في النار ؟ قلت : بلى ، قال : أما سمعت قول الناس : فلان وفلان شمسا هذه الامة ونور هما ؟
فهما في النار والله ما عنى غير هما ، قلت : " والنجم والشجر يسجدان " قال : النجم رسول
الله صلى الله عليه وآله وقد سماه الله في غير موضع فقال : " والنجم إذا هوى ( 6 ) " وقال : " وعلامات
وبالنجم هم يهتدون ( 7 ) " فالعلامات الا وصياء والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله قلت : " يسجدان "
قال : يعبدان .
قوله تعالى : " والسماء رفعها ووضع الميزان " قال : السماء رسول الله صلى الله عليه وآله رفعه
الله إليه ، والميزان أميرالمؤمنين عليه السلام نصبه لخلقه ، قلت : " ألا تطغوا في الميزان " قال :
لا تعصوا الامام ، قلت : " وأقيمواالوزن بالقسط " قال : أقيموا ألامام العدل ، قلت :
" ولاتخسروا الميزان " قال : لاتبخسوا الامام حقه ولاتظلموه ( 8 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : الحسبان - بالضم - جمع الحساب ، والبلاء والعذاب
والشر ( 6 ) .
أقول : فسره المفسرون بالمعنى الاول ، أي يجريان بحساب مقدر معلوم
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : علمه تبيان كل شئ .
-بحار الانوار مجلد: 32 من ص 172 سطر 19 الى ص 180 سطر 18
( 2 ) : هما يعذبان .
( 3 ) : فأتقنه .
( 4 ) : وجرمهما .
( 5 ) : والى النار جرمهما .
( 6 ) سورة النجم : 1 .
( 7 ) النحل : 16 .
( 8 ) تفسيرالقمى : 658 .
( 9 ) القاموس المحيط 1 : 54 .
[173]
في بروجهما ومنازلهما .
ثم أقول : على تأويله عليه السلام المراد بالشجرالائمة عليهم السلام لحصول
ثمرات المعلوم منهم ووصولهاإلى الخلق ، وقد شبههم الله تعالى بالشجرة الطيبة في الآية
الاخرى ( 1 ) .
وروي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية مثله كما مر .
161 - فس : أحمد بن علي ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن
أسلم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصيرقال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله ( 2 ) " فبأي
آلاء ربكما تكذبان " قال : قال الله تعالى وتقدس : فبأي النعمتين تكفران بمحمد أم
بعلي ؟ - صلوات الله عليهما ( 3 ) - .
162 - فس : " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود ( 4 ) " قال : يكشف عن
الامور التي خفيت وماغصبوا آل محمد حقهم " ويدعون إلى السجود " قال : يكشف لاميرالمؤمنين
عليه السلام فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر - يعني قرونها - فلا يستطيعون أن يسجدوا
وهي عقوبة ، لانهم لم يطيعواالله ( 5 ) في الدنيا في أمره ، وهو قوله : " وقد كانوا يدعون إلى
السجود وهم سالمون " قال : إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون ( 6 ) " .
بيان : قال البيضاوي : " يوم يكشف عن ساق " يوم يشتد الامر ويصعب الخطب
وكشف الساق مثل في ذلك ، أي يكشف عن أصل الامر ( 7 ) وحقيقته بحيث يصير عيانا
مستعار من ساق الشجر وساق ا لانسان ، وتنكيره للتهويل أو للتعظيم .
انتهى ( 8 ) .
أقول : على تأويله عليه السلام لعل المراد بالسجود الخضوع والانقياد مجازا .
___________________________________________________________
( 1 ) حيث قال - عز من قائل - : " ألم تركيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " الاية .
ابراهيم : 24 .
( 2 ) في المصدر : عن قول الله تعالى .
( 3 ) تفسير القمى : 659 .
( 4 ) سورة القلم : 42 ، وما بعدها ذيلها .
( 5 ) في المصدر : لانهم لا يطيعون الله .
( 6 ) تفسير القمى : 693 .
( 7 ) في المصدر : أو يوم يكشف عن اصل الامر .
( 8 ) تفسير البيضاوى 2 : 234 .
[174]
163 - فس : " قتل الانسان ما أكفره ( 1 ) " قال : هو أمير المؤمنين عليه السلام قال :
" ماأكفره " أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلوه ، ثم قال : " من أي شئ خلقه من نطفة
خلقه فقدره ثم السبيل يسره " قال يسر له طريق الخير " ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره ،
قال : في الرجعة " كلا لما يقض ما أمره " أي لم يقض أمير المؤمنين عليه السلام ما قد أمره ،
وسيرجع حتى يقضي ما أمره .
أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي نصر ( 2 ) ، عن جميل بن دراج
عن أبي سلمة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله : " قتل الانسان ما أكفره "
قال : نعم نزلت في أميرالمؤمنين عليه السلام " ما أكفره " يعني بقتلكم إياه ، ثم نسب أمير المؤمنين
عليه السلام فنسب خلقه وما أكرمه الله به فقال : " من أي شئ خلقه " يقول : من طينة
الانبياء خلقه " فقدره " للخير " ثم السبيل يسره " يعني سبيل الهدى " ثم أماته " ميتة
الانبياء " ثم إذا شاء أنشره " قلت : ما قوله : " إذا شاء أنشره " ؟ قال : يمكث بعد قتله
في الرجعة فيقضي ما أمره " فلينظر الانسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا " إلى قوله :
" وقضبا " قال : القضب : القت ( 3 ) ، قوله : " وحدائق غلبا " أي بساتين ملتفة مجتمعة .
قوله : " وفاكهة وأبا " قال : الاب : الحشيش للبهائهم " متاعا لكم ولانعامكم فإذا جاءت
الصاخة " أي القيامة ( 4 ) .
قوله : " لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه " قال : شغل يشغل
به عن غيره .
ثم ذكر عزوجل الذين تولوا أميرالمؤمنين عليه السلام وتبرؤوا من أعدائه فقال : " وجوه
يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة " ثم ذكر أعداء آل محمد " ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها
قترة " فقر من الخيروالثواب ( 5 ) " اولئك هم الكفرة الفجرة ( 6 ) " .
___________________________________________________________
( 1 ) سورة عبس : 17 ، وما بعدها ذيلها .
( 2 ) في ( ك ) : عن ابن أبى نصر .
( 3 ) القت : حب برى يأكله أهل البادية بعد دقه وطبخه .
( 4 ) في المصدر : قال : أى يوم القيامة .
( 5 ) : أى فقراء من الخير والثواب .
( 6 ) تفسير القمى : 712 .
[175]
ايضاح : لعل القترة على تأويله عليه السلام مأخوذ من الاقتار بمعنى الافتقار ، وفسرها
المفسرون بالسواد والظلمة .
164 - فس : [ ذي قوة عند ذي العرش مكين ( 1 ) " يعني ذا منزلة عظيمة عند الله
مكين " مطاع ثم أمين ] حدثنا جعفر بن محمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي
ابن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبى بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " ذي قوة عند ذي
العرش مكين " قال : يعني جبرئيل ، قلت : قوله : " مطاع ثم أمين " قال : يعني رسول الله
هو المطاع عند ربه ، الامين يوم القيامة ، قلت : قوله : " وما صاحبكم بمجنون " قال : يعني
النبي صلى الله عليه وآله ما هو بمجنون في نصبه أمير المؤمنين صلوات الله عليه علما للناس ، قلت
قوله : " وما هو على الغيب بضنين " قال : وما هو تبارك وتعالى على نبيه بغيبه بضنين ،
قلت : " وما هو بقول شيطان رجيم " قال : يعني الكهنة الذين كانوا في قريش ، فنسب
كلامهم إلى الشياطين الذين كانوا معهم يتكلمون على ألسنتهم فقال : " وما هو بقول شيطان
رجيم " مثل اولئك ، قلت : قوله : " فأين تذهبون " قال : أين تذهبون في علي يعني ولايته
أين تفرون منها ؟ " إن هو إلا ذكر للعالمين " لمن أخذ الله ميثاقه على ولايته ، قلت :
" لمن شاء منكم أن يستقيم " قال : في طاعة علي والائمة من بعده ، قلت : قوله : " وما
تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " قال : لان المشية إليه تبارك وتعالى لا إلى
الناس ( 2 ) .
بيان : لا يبعد أن يكون قوله عليه السلام : " يعني جبرئيل " تفسيرا لذي قوة .
165 - فس : محمد بن القاسم ، عن الحسين بن جعفر ، عن عثمان بن عبيدالله ، عن
عبدالله بن عبيد الفارسي ، عن محمد بن علي ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " قد أفلح من
زكاها ( 3 ) " قال أمير المؤمنين عليه السلام : زكاه ربه " وقد خاب من دساها " قال : هو الاول
___________________________________________________________
( 1 ) سورة التكوير : 20 ، وما بعدها ذيلها .
( 2 ) تفسير القمى : 714 .
( 3 ) سورة الشمس : 9 ، وما بعدها ذيلها .
[176]
والثاني في بيعته إياه حيث مسح على كفه ( 1 ) .
بيان : قال فيروز آبادي : دساه تدسه : أغواه وأفسده ، انتهى ( 2 ) .
ولعل ما في الخبر مأخوذ من هذا المعنى .
وقال البيضاوي : أي نقصها وأخفاها
بالجهالة والفسوق ( 3 ) .
166 - فس : أحمد بن محمد الشيباني ، عن محمد بن أحمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد
ابن علي ، عن عثمان بن يوسف ، عن عبدالله بن كيسان ، عن أبي جعفر قال : نزل جبرئيل
على محمد صلى الله عليه وآله فقال : يا محمد اقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال " اقرأ باسم ربك الذي خلق ( 4 ) "
يعني خلق نورك الاقدم قبل الاشياء " خلق الانسان من علق " يعني خلقك من نطفة وشق
منك عليا " اقرء وربك الاكرم الذي علم بالقلم " يعني علم علي بن أبي طالب عليه السلام
" علم الانسان ما لم يعلم " يعني علم عليا من الكتابة لك ما لم يعلم قبل ذلك ( 5 ) .
167 - فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " وينزل
من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به
الاقدام ( 6 ) " قال : أما قوله : " وينزل من السماء ماء " فإن السماء في البطن رسول الله
والماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، جعل عليا من رسول الله صلى الله عليه وآله فذلك قوله : وينزل من
السماء ماء " وأما قوله " ليطهركم به " فذلك علي بن أبي طالب عليه السلام يطهر الله به
قلب من والاه ، وأما قوله .
" ويذهب عنكم رجز الشيطان " فإنه يعني من والى علي بن
أبي طالب أذهب الله عنه الرجس وقواه عليه ( 7 ) .
168 - شى : عن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، وزاد في آخره " وليربط على
قلوبكم ويثبت به الاقدام " بإنه يعني عليا ، من والى عليا يربط الله عليه قلبه فيثبت
___________________________________________________________
( 1 ) تفسير القمى : 727 ، وفيه : في بيعتهما اياه حيث مسحا على كفه .
( 2 ) القاموس المحيط 4 : 427 .
( 3 ) تفسير البيضاوى 2 : 262 .
( 4 ) سورة العلق : 1 ، وما بعدها ذيلها .
( 5 ) تفسير القمى : 730 و 731 .
( 6 ) سورة الانفال : 11 .
( 7 ) تفسير فرات : 50 .
[177]
على ولايته عليه السلام ( 1 ) .
169 - مد : بإسناده عن الثعلبي ، عن جابر الجعفي في قوله تعالى : " فاسألوا
أهل الذكر ( 2 ) " قال قال علي عليه السلام : نحن أهل الذكر ( 3 ) .
170 - قب : عبدالرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن عطاء ، عن ابن مسعود في قوله
" إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ( 4 ) " قال : زينة الارض
الرجال ، وزينة الرجال علي بن أبي طالب عليه السلام .
أبوالجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " اولئك يسارعون في الخيرات ( 5 ) " الآية
قال علي بن أبي طالب عليه السلام لم يسبقه أحد .
ابن عقدة وابن جرير بالاسناد عن الخدري ، وجابر الانصاري وجماعة من المفسرين
في قوله تعالى " ولتعرفنهم في لحن القول ( 6 ) " ببغضهم علي بن أبي طالب عليه السلام ( 7 ) .
171 - كشف : ابن مردويه قوله تعالى : " ولتعرفنهم في لحن القول " عن أبي
سعيد : لتعرفنهم في لحن القول ببغضهم علي بن أبي طالب عليه السلام ( 8 ) .
بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " ولتعرفنهم في لحن القول "
أي وتعرفهم الآن في فحوى كلامهم ومعناه ومقصده مغزاه ( 9 ) لان كلام إنسان
يدل على ما في ضميره ، وعن أبي سعيد الخدري قال : لحن القول بغضهم علي بن أبي
___________________________________________________________
( 1 ) تفسير العياشى مخطوط ، أوردها في البرهان 2 : 69 .
( 2 ) سورة النحل : 43 سورة الانبياء : 7 .
( 3 ) العمدة : 150 .
( 4 ) سورة الكهف : 7 .
( 5 ) المؤمنون : 61 .
( 6 ) سورة محمد : 30 .
( 7 ) مناقب آل أبى طالب 2 : 7 .
( 8 ) كشف الغمة : 94 .
( 9 ) يقال : عرفت ما يغزى من هذا الكلام أى ما يراد .
[178]
طالب عليه السلام ، قال : وكنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم علي بن أبي
طالب عليه السلام ، وروي مثل ذلك عن جابر بن عبدالله الانصاري ، وعن عبادة بن الصامت
قال : كنا نختبر أولادنا بحب علي بن أبي طالب عليه السلام فإذا رأينا أحدهم لا يحبه
علمنا أنه لغير رشدة وقال أنس : ما خفي منافق على أحد في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد هذه
الآية ، انتهى ( 1 ) .
وروى العلامة قدس الله روحه في كشف الحق عن الخدري أنه قال ، ببغضهم
عليا ( 2 ) .
أقول : من كان حبه من أركان الايمان وعلاماته لا يكون إلا نبيا أو إماما ، و
أيضا هذه فضليه عظيمة اختص بها من بين الصحابة ، فتفضيل غيره عليه تفضيل للمفضول
لا سيما مع اجتماع مع الفضائل التي لا تحصى كما مر وسيأتي .
أقول : وروى العلامة أيضا في كشف الحق برواية عن النبي صلى الله عليه وآله قال ، لو يعلم
الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله ، سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح
والجسد ، قال الله عزوجل : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و
أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ( 3 ) " قالت الملائكة : بلى ، فقال الله تعالى : أنا ربكم
ومحمد نبيكم ، وعلي أميركم ( 4 ) .
بيان : سيأتي الاخبار في ذلك مع شرحها في باب مفرد .
وروى العلامة أيضا في الكتاب المذكور من طريق الجمهور أن جماعة من العرب
اجتمعوا على وادي الرملة ليبيتوا النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة ( 5 ) فقال النبي صلى الله عليه وآله : من هؤلاء ؟
فقام جماعة من أهل الصفة فقالوا : نحن فول علينا من شئت ، فأقرع بينهم فخرجت القرعة
على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم ، فأمر أبابكر بأخذ اللواء والمضي إلى بني سليم وهم
___________________________________________________________
( 1 ) مجمع البيان 9 : 106 .
( 2 ) كشف الحق 1 : 90 .
( 3 ) سورة الاعراف .
172 .
( 4 ) كشف الحق 1 : 93 .
( 5 ) بيته ليلا : هجم عليه في الليل .
[179]
ببطن الوادي ( 1 ) ، فهزموه وقتلوا جمعا من المسلمين ، وانهزم أبوبكر ! فعقد لعمر وبعثه
فعزموه ! فساء النبي صلى الله عليه وآله فقال عمرو بن العاص : ابعثني يارسول الله ، فأنفذه فهزموه و
قتلوا جماعة من أصحابه ! وبقي النبي صلى الله عليه وآله أياما يدعو عليهم ، ثم طلب أميرالمؤمنين عليه السلام
وبعثه إليهم ودعاله ، وشيعه إلى مسجد الاحزاب ، وأنفذ معه جماعة منهم أبوبكر وعمر
وعمروبن العاص ، فسار الليل وكمن النهار ( 2 ) حتى استقبل الوادي من فمه ، فلم يشك
عمرو بن العاص أنه يأخذهم ، فقال لابي بكر : هذه أرض سباع وذئاب ( 3 ) ، وهي أشد
علينا من بني سليم ! والمصلحة أن نعلوا الوادي ، وأراد إفساد الحال ، وقال : قل ذلك
لاميرالمؤمنين ، فقال له أبوبكر ، فلم يلتفت إليه ، ثم قال لعمر ، فقال له فلم يجبه أمير
المؤمنين عليه السلام وكبس على القوم ( 4 ) الفجر فأخذهم ، فأنزل الله : " والعاديات ضبحا "
السورة ( 5 ) ، واستقبله النبي صلى الله عليه وآله فنزل أميرالمؤمنين عليه السلام وقال له النبي صلى الله عليه وآله لولا أن
أشفق ( 6 ) أن تقول فيك طوائف من امتي ماقالت النصاري في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمر
بملا منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، اركب فإن الله ورسوله عنك راضيان ( 7 ) .
أقول : قد مرت الاخبار الكثيرة في ذلك وبيانها في باب غزوة ذات السلاسل في
كتاب النبوة ولا يخفى اشتمال الخبر على أنواع الفضل الدالة على تقدمه على من قدم
عليه ، صلوات الله عليه .
172 - فس : " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي ( 8 ) " قال : العدل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدارسول الله ، و
___________________________________________________________
( 1 ) اسم موضع بين مكة والمدينة .
( 2 ) في المصدر : ومكن النهار .
( 3 ) : أرض ضباع وذئاب .
( 4 ) أى هجم عليهم فجاءة .
( 5 ) سورة العاديات : 1 .
( 6 ) أشفق عليه ومنه : حاذر وخاف .
( 7 ) كشف الحق 1 ، 94 - 95 .
( 8 ) سورة النحل : 90 .
[180]
الاحسان أميرالمؤمنين عليه السلام ، والفحشاء والمنكر والبغي فلان وفلان وفلان ( 1 ) .
173 - شى : عن عامر بن كثير ، عن موسى بن أبي الغدير ، عن عطاء الهمداني ،
عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله : " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى "
قال .
العدل شهادة أن لاإله إلا الله ، والاحسان ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام " وينهى عن
الفحشاء والمنكر " الفحشاء : الاول ، والمنكر : الثاني ، والبغي : الثالث : وفي رواية سعد
الاسكاف عنه عليه السلام قال : ياسعد إن الله يإمر بالعدل وهو محمد صلى الله عليه وآله فمن أطاعه فقد عدل ،
والاحسان علي عليه السلام فمن تولاه فقد أحسن ، والمحسن في الجنة ، وأما إيتاء ذي القربى
فمن قرابتنا ، أمرالله العباد بمودتنا وإيتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء ومن بغى علينا أهل البيت
ودعاإلى غيرنا ( 2 ) .
174 - كشف : أبوبكر بن مردويه قوله تعالى : " فاستوى على سوقه ( 3 ) " عن
الحسن قال : استوى الاسلام بسيف علي عليه السلام .
قوله تعالى : " وجنات من أعناب و
زرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ( 4 ) " عن جابر بن عبدالله أنه سمع
النبي صلى الله عليه وآله يقول : الناس من شجر شتى ، وأنا وأنت يا علي من شجرة واحدة ، ثم قرا
النبى صلى الله عليه وآله ( 5 ) .
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم بإسناده عن جابر مثله .
بيان : رواهما العلامة عن الحسن وجابر ( 6 ) وهما من بطون الآيتين ، ويدلان
على أن قوة الاسلام كان به عليه السلام وأنه والنبي صلى الله عليهما في نهاية الاختصاص و
الاشتراك في الفضائل ك " صنوان " ( 7 ) ، وكفى بهما فضلا له ودليلا على عدم جواز تقديم
-بحار الانوار مجلد: 32 من ص 180 سطر 19 الى ص 188 سطر 18
___________________________________________________________
( 1 ) تفسير القمى : 363 و 364 .
( 2 ) تفسير العياشى مخلوط ، أوردها في البرهان 2 : 381 و 382 :
( 3 ) سورة الفتح : 29 .
( 4 ) الرعد : 4 .
( 5 ) كشف الغمه : 93 .
( 6 ) راجع كشف الحق 1 : 95 ، وكشف اليقين : 122 .
( 7 ) كذا في النسخ ، والصحيح " كصنوين " ومعناه الاخ الشقيق والابن والعلم ، واذاخرج
نخلتان أوأكثر من أصل واحد فكل واحدة منها هى " صنو " والاثنتان " صنوان " .