[211]


عن عبدالرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن أبان بن أبى عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حس الهيئة والسمت ، معه كتاب ، حتى أتى أمير المؤمنين عليه السلام فسلم عليه ثم قال : إني من نسل أحد حواري عيسى بن مريم ، وكان أفضل حواريه الاثني عشر وأحبهم إليه وأبرهم عنده ( 1 ) ، وأن عيسى أوصى إليه ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته ، فلم يزل أهل هذا البيت على دينه ، ومتمسكين عليه ، لم يكفروا ولم يرتدوا ولم يغيروا ، وتلك الكتب عندي ، إملاء عيسى بن مريم وخط أبينا بيده ، فيها كل شئ يفعل الناس من بعده أو اسم ملك ملك منهم ، وأن الله يبعث رجلا من العرب من ولد إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها تهامة ، من قرية يقال لها مكة ، فقال لها اثني عشر اسما وذكر مبعثه ومولده مهاجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وما يعيش وما يلقى امته بعده إلى أن ينزل عيسى بن مريم من السماء ، وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله وأحب من خلق الله إليه ، والله ولي لمن والاهم وعدو لمن عاداهم ، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضل ، طاعتهم لله طاعة ومعصيتهم لله معصية : مكتوبة أسماؤهم وأنسابهم ونعوتهم وكم يعيش كل رجل منهم واحد بعد واحد ، وكم رجل منهم يستتر بدينه ويكتمه من قومه ، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس ، حتى ينزل عيسى بن مريم فيصلي عيسى خلفه ( 2 ) في الصف أولهم وخيرهم وأفضلهم ، وله مثل اجورهم واجور من أطاعهم واهتدى بهم ، رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه : محمد وعبدالله ويس والفتاح والخاتم والحاشر و العاقب والماحي والقائد ونبي الله وصفي الله وجنب الله ، وإنه يذكر إذا ذكر ، من أكرم خلق الله على الله وأحبهم إلى الله ، لم يخلق ملكا مكرما ولا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند الله ولا أحب إلى الله منه ، يقعده يوم القيامة على عرشه ، ويشفعه في كل

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وآثرهم عنده .
( 2 ) في المصدر هنا زيادة وهى : ويقول : انكم لائمة لا ينبعى لاحد أن يتقدمكم .
فيتقدم فيصلى بالناس وعيسى خلفه اه .

[212]


من يشفع فيه ، باسمه صرح القلم ( 1 ) في اللوح المحفوظ محمد رسول الله ، وبصاحب اللواء يوم الحشر الاكبر أخيه ووصيه ووزيره وخليفته في امته وأحب من خلق الله إليه بعده علي ابن عمه لامه وأبيه ، وولي كل مؤمن بعده ، ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد و ولده ، أولهم يسمى ابني هارون شبرا وشبيرا ، وتسعة من ولد أصغرهما ، واحد بعد واحد ، آخرهما الذي يصلي عيسى خلفه .
وذكر باقي الحديث بطوله ( 2 ) .
14 - يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى عبدالله بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لما فتحت خيبر ( 3 ) قالوا له : إن بها حبرا قد مضى له من العمر مائة سنة ، وعنده علم التوراة ، فاحضر بين يديه ، وقال له : اصدقني بصورة ذكري في التوراة ( 4 ) وإلا ضربت عنقك ، قال : فانهملت ( 5 ) عيناه بالدموع وقال له : إن صدقتك قتلتني قومي وإن كذبتك قتلتني ( 6 ) ، قال له : قل وأنت في أمان الله وأماني ، قال له الحبر : اريد الخلوة بك ، قال له : اريد أن تقول جهرا ( 7 ) .
قال : إن في سفر من أسفار التوراة اسمك و نعتك وأتباعك ، وأنك تخرج من جبل فاران ، وينادى بك باسمك ( 8 ) على كل منبر ، فرأيت في علامتك بين كتفيك خاتما تختم به النبوة ، أي لا نبي بعدك ، ومن ولدك أحد عشر سبطا ( 9 ) يخرجون من ابن عمك ، واسمه علي ، ويبلغ ملكك ( 10 ) المشرق والمغرب وتفتح خيبر وتقلع بابها ، ثم تعبر الجيش على الكف والزند ، فإن كان فيك هذه

___________________________________________________________
( 1 ) خرج القلم : خ ل وفى المصدر : في كل من شفع فيه ، باسمه جرى القلم .
( 2 ) الغيبة للنعمانى : 35 و 36 .
( 3 ) في الروضة : انه قال : لما فتحت خيبر .

-بحار الانوار مجلد: 32 من ص 212 سطر 19 الى ص 220 سطر 18 ( 4 ) : فقال له : اذكرنى بصورة اسمى في التوارة .
( 5 ) انهملت عينه : فاضت وسالت .
( 6 ) في الروضة : قتلتنى انت .
( 7 ) في الروضة : لست اريد الا أن تقول جهرا .
( 8 ) في الروضة : وينادونك باسمك .
( 9 ) : أحد عشر نقيبا .
( 10 ) : ويبلغ اسمك .

[213]


الصفات آمنت بك وأسلمت على يدك .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها الحبر أما الشامة ( 1 ) فهي لي وأما العلامة فهي لناصري علي بن أبي طالب عليه السلام قال : فالتفت إليه الحبر وإلى علي ( 2 ) وقال : أنت قاتل مرحب الاعظم ، قال علي عليه السلام : بل الاحقر ، أنا جدلته بقوة الله وحوله ، وأنا معبر الجيش على زندي وكفي ، فعند ذلك قال : مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك معجزه ، وأنه يخرج منك أحد عشر نقيبا ، فاكتب لي عهدا لقومي فإنهم كنقباء بني إسرائيل أبناء داود عليه السلام .
فكتب له بذلك عهدا ( 3 ) .
15 - فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى عبدالله بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : لما خلق الله إبراهيم الخليل عليه السلام كشف الله عن بصره ، فنظر إلى جانب العرش فرأى نورا ، فقال : إلهي وسيدي ما هذا النور ؟ قال : يا إبراهيم هذا محمد صفيي ، فقال : إلهي وسيدي أرى إلى جانبه نورا آخر ، فقال : يا إبراهيم هذا علي ناصر ديني ، فقال : إلهي وسيدي أرى إلى جانبهما نورا ثالثا ، قال : يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها وبعلها فطمت محبيها من النار ، قال : إلهي وسيدي أرى نورين يليان الثلاثة الانوار ، قال : يا إبراهيم هذان الحسن والحسين يليان أباهما وجدهما وامهما ، فقال : إلهي وسيدي أرى تسعة أنوار أحدقوا ( 4 ) بالخمسة الانوار ، قال : ياإبراهيم هؤلاء الائمة من ولدهم فقال : إلهي وسيدي فبمن يعرفون ؟ قال : ياإبراهيم أولهم علي بن الحسين ، ومحمد ( 5 ) ولد علي ، وجعفر ولد محمد ، وموسى ولد جعفر ، وعلي ولد موسى ، ومحمد ولد علي ، وعلي ولد محمد ، والحسن ولد علي ، ومحمد ولد الحسن القائم المهدي .
( 1 ) الشامة : الخال : والمراد هنا العلامة التى كانت بين كتفى النبى صلى الله عليه وآله .
( 2 ) في الروضة : فالتفت الحبر إلى على .
( 3 ) الروضة : 29 وفيه : فانهم كنقباء بنى اسرائيل ابناء يعقوب عليه السلام .
ولم نجد الرواية في الفضائل المطبوع .
( 4 ) أى أحاطوا .
( 5 ) قد ذكر في الروضة " ابن " مكان " ولد " في جميع المواضع .

[214]


قال : إلهي وسيدي أرى عدة أنوار حولهم لايحصي عدتهم إلا أنت ، قال : يا إبراهيم هؤ لاء شيعتهم ومحبوهم ، قال : إلهي وبما يعرفون شيعتهم ، ومحبيهم ( 1 ) ؟ قال : بصلاة الاحدى والخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمان الرحيم ، والقنوت قبل الركوع ، و سجدة الشكر ، والتختم باليمين ، قال إبراهيم : اللهم اجعلني من شيعتهم ومحبيهم ، قال : قد جعلتك ( 2 ) ، فأنزل الله فيه " وإن من شيعته لابراهيم إذاجاء ربه بقلب سليم ، قال المفضل بن عمر : إن أبا حنيفة لما أحس بالموت ( 3 ) روى هذا الخبر وسجد فقبض في سجدته ( 4 ) .
16 يف ، قب : من تفسير السدي قال : لما كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل عليه السلام فقال : انطلق بإسماعيل وامة حتى تنزله بيت التهامي يعني مكة فإني ناشر ذريته وجاعلهم ثقلا على من كفربي ، وجاعل منهم نبيا عظيما ، ومظهره على الاديان ، وجاعل من ذريته اثني عشر عظيما ، وجاعل ذريته عدد نجوم السماء ( 5 ) .
أقول : سمعت من جماعة من ثقاة أهل الكتاب أنه موجود في توراتهم الآن " و ليشمعيل شمعتيك هينه برختي اوتو وهيفريتي اوتو وهيبريتى ( 6 ) اوتو بماود ماود شنيم عاسار نسيئيم يوليدو نتيتو لكوى كدول " وسمعتهم يترجمونه هكذا : ومن إسماعيل أسمعتك أني باركت إياه وأوفرت إياه وأكثرت إياه في غاية الغاية اثني عشر رؤساء يولدون ، ووهبته قوما عظيما .
أقول : الذي يظهر من الاخبار أن " مادماد " اسم محمد صلى الله عليه وآله بالعبرانية ، أى

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدرين وبما يعرف شيعتهم ومحبوهم .
( 2 ) : قد جعلتك منهم .
( 3 ) : ان ابراهيم لما احس بالموت .
( 4 ) الروضة : 33 و 34 .
الفضائل .
166 و 167 .
( 5 ) الطرائف : 43 ، ولم نظفر بموضعه في المناقب ، وروى العلامة مثله في كشف الحق 1 : 108 .
( 6 ) في ( د ) : هيرتيبى .

[215]


أكثرت نسل إسماعيل بسبب محمد صلى الله عليه وآله فحر فوه لفظا ومعنى ، وعلى ماذكروه أيضا المراد بغاية الغاية هوالنبي صلى الله عليه وآله لانه في غاية الغاية من الكمال .
( * ) 17 ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عمران بن محسن بن محمد بن عمران ، عن إدريس بن زياد الحناط : عن الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع ، عن الفضل بن الربيع ، عن أبيه الربيع بن يونس حاجب المنصور وكان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد عليهما السلام قال : سألت جعفر بن محمد عليهما السلام على عهد مروان الحمار فقلت : ياسيدي أخبرني عن سجدة الشكر التي سجدها أميرالمؤمنين عليه السلام ما كان سببها ؟ فحدثني عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهه في أمر من أمره فحسن فيه بلاؤه وعظم فيه عناؤه ، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج لصلاة الظهر ، فصلى معه ، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فاعتنقه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سأله عن سفره ذلك وما صنع فيه ، فجعل علي عليه السلام يحدثه وأسارير ( 1 ) وجه رسول الله تلمع نوراوسرورا بما حدثه ، فلما أتى علي عليه السلام على حديثه قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا ابشرك ياأباالحسن ؟ قال : بلى فداك أبي وامي ، فكم من خير بشرت به ؟ ! قال ، إن جبرئيل هبط علي وقت الزوال ( 2 ) فقال لي : يامحمد هذاابن عمك علي وارد عليك ، وإن الله تعالى أبلى المسلمين به بلاء حسنا ، وإنه كان من صنيعه كذا وكذا ، فحدثني بما أنبأتني به .
ثم قال لي : يامحمد إنه نجا من ذرية آدم من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم ، ونجا شيث بأبيه آدم ، ونجا آدم بالله عزوجل ، ونجامن تولى سام بن نوح وصي نوح ونجا سام بأبيه نوح ، ونجا نوح بالله عزوجل ، ونجا من تولى إسماعيل أوقال : إسحاق وصي إبراهيم خليل الله ، ونجا إسماعيل بأبيه إبراهيم ، ونجاإبراهيم بالله عز وجل ، ونجا من تولى يوشع وصي موسى بيوشع ، ونجا يوشع بموسى ، ونجا موسى

___________________________________________________________
( * ) من هنا إلى آخر الباب يوجد في ( ك ) و ( د ) فقط .
( 1 ) السر بكسرالسين وضمها : الخط في الكف اوالجبهة .
( 2 ) في المصدر : هبط على في وقت الزوال .

[216]


بالله عزوجل ، ونجا من تولى شمعون وصي عيسى بشمعون ، ونجا شمعون بعيسى ، و نجا عيسى بالله ، ونجا يامحمد من تولى عليا وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك ، و نجا علي بك ، ونجوت أنت بالله ، يامحمد إن الله جعلك سيدالانبياء وجعل عليا سيد الاوصياء خيرهم ، وجعل الائمة من ذريتكما إلى أن يرث الله الارض ومن عليها ، فسجد علي عليه السلام وجعل يقلب وجهه على الارض شكرا ( 1 ) .
18 كتاب مقتضب الاثر لاحمد بن محمد بن عياش ، عن علي بن سنان الموصلي ، عن أحمد بن محمد الخليلى ، عن محمد بن صالح الهمداني ، عن سليمان بن أحمد ، عن الريان بن مسلم ، عن عبدالرحمان بن يزيد ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وآله قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : ليلة اسري إلى السماء قال العزيز جل ثناؤه : " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " قلت : " والمؤمنون " قال : صدقت يامحمد ، من خلفت لامتك ؟ قلت : خيرها ، قال : علي بن أبي طالب ؟ قلت نعم ، قال : يامحمد إنى اطلعت على الارض اطلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا اذكر في موضع إلاوذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم اطلعت فاخترت منها عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الاعلى وهو علي ، يامحمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة و الحسن والحسين من سنخ نوري ( 2 ) ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والارضين ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين .
يامحمد لوأن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع أويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له أويقربولايتكم ، يامحمد تحب أن تراهم ؟ قلت : نعم يارب ، فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفت فإذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمدبن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي عليهم السلام والمهدي في ضحضاح ( 3 ) من نور قياما

___________________________________________________________
( 1 ) امالى ابن الشيخ : 25 .
( 2 ) سنخ الشئ أصله .
( 3 ) اصل الضحضاح بمعنى الماء وكأنه استعير لكل ما يشمل الشئ ويغمسه من كل جهة كالنور والنار والظلمة .

[217]


يصلون وهو في وسطهم يعني المهدي كأنه كوكب دري ، فقال : يا محمد هؤلاء الحجج ، هو الثاثر ( 1 ) من عترك ، وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لاوليائي والمنتقم من أعدائي ( 2 ) .
19 وروى عن محمد بن أحمد بن عبيدالله الهاشمي قال : أخبرني به بسر من رأى سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة ، قال : حدثني عم أبي موسى بن عيسى ، عن الزبيربن بكار ، عن عتيق بن يعقوب ، عن عبدالله بن ربيعة رجل من أهل مكة قال : قال لي أبي : إني محدثك الحديث فاحفظه عني واكتمه علي مادمت حيا أويأذن الله فيه بما يشاء ، كنت مع من عمل ابن الزبير في الكعبة حدثني أن ابن الزبير أمر العمال أن يبلغوا في الارض ، قال : فبلغنا صخرا أمثال الابل ، فوجدت على تلك الصخور ( 3 ) كتابا موضوعا فتناولنه وسترت أمره ، فلما صرت إلى منزلي تأملته فرأيت كتابا لاأدري من أي شئ هو ، ولا أدري الذي كتب به ماهو ؟ إلاأنه ينطوي كماينطوي الكتب ، فقرأت فيه : باسم الاول لاشئ قبله ، لاتمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم .
ولاتعطوها غير مستحقها فتظلموها ، إن الله يصيب بنوره من يشاء ، والله يهدي من يشاء ، والله فعال لما يريد ، باسم الاول لانهاية له ، القائم على كل نفس بما كسبت ، كان عرشه على الماء ، ثم خلق الخلق بقدرته وصورهم بحكمته وميزهم بمشيئته كيف شاء ، وجعلهم شعوبا وقبائل و بيوتا ، لعلمه السابق فيهم ، ثم جعل من تلك القبائل قبيلة مكرمة سماها قريشا وهي أهل الامانة ( 4 ) .
ثم جعل من تلك القبيلة بيتا خصه الله بالنبأ والرفعة ، وهم ولد عبدالمطلب ، حفظة هذاالبيت وعماره وولاته وسكانه ، ثم اختار من ذلك البيت نبيا يقال له " محمد " ويدعى في السماء " أحمد " يبعثه الله تعالى في آخرالزمان نبيا ولر سالته مبلغا ، وللعباد إلى دينه داعيا ، منعوتا في الكتب ، تبشر به الانبياء ويرث علمه خير الاوصياء ، يبعثه الله وهو ابن

___________________________________________________________
( 1 ) الثاثر : الطالب بالدم .
( 2 ) مقتضب الاثر : 12 و 13 .
( 3 ) في المصدر و ( د ) : على بعض تلك الصخور .
( 4 ) وهى اهل الامامة .

[218]


أربعين عند ظهور الشرك وانقطاع الوحي وظهور الفتن ، ليظهر الله به دين الاسلام ويدحر به الشيطان ( 1 ) ويعبد به الرحمان ، قوله فصل وحكمه عدل ، يعطيه الله النبوة بمكة والسلطان بطيبة ، له مهاجرة من مكة إلى طيبة ، وبها موضع قبره ، يشهرسيفه ويقاتل من خالفه ، ويقيم الحدود فيمن اتبعه ، هو على الامة شهيد ، ولهم يوم القيامة شفيع يؤيده بنصره ويعضده بأخيه وابن عمه وصهره وزوج ابنته ووصيه في امته من بعده وحجة الله على خلقه ، ينصبه لهم علما عند اقتراب أجله ، هو باب الله ، فمن أتى الله من غير الباب ضل ، يقبضه الله وقد خلف في امته عمودا بعد أن يبين لهم ( 2 ) ، يقول بقوله فيهم ويبينه لهم ، هو القائم من بعده والامام والخليفة في امته ، فلايزال مبغضا ( 3 ) محسودا مخذولا ومن حقه ممنوعا ، لاحقاد في القلوب وضغائن في الصدور ، لعلو مرتبته عظم منزلته وعلمه وحلمه ، وهو وارث العلم ومفسره ، مسؤول غيرسائل ، عالم غير جاهل ، كريم غير لئيم ، كرار غير فرار ، لاتأخذه في الله لومة لائم ، يقبضه الله عزوجل شهيدا ، بالسيف مقتولا ، هو يتولى قبض روحه ، ويدفن في الموضع المعروف بالغري ، يجمع الله بينه وبين النبي .
ثم القائم من بعده ابنه الحسن سيد الشباب وزين الفتيان ، يقتل مسموما يدفن بأرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع .
ثم يكون بعده إمام عدل يضرب بالسيف ويقري الضيف ( 4 ) ، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الايام الزاكيات ، يقتله بنوالطوامث والبغيات ( 5 ) ، يدفن بكربلاء ، قبره للناس نور وضياء وعلم .
ثم يكون القائم من بعده ابنه علي سيد العابدين وسراج المؤمنين ، يموت موتا ،

___________________________________________________________
( 1 ) دحره : طرده وأبعده .
( 2 ) في المصدر : بعد أن يبينه لهم .
( 3 ) : فلا يزال مبغوضا .
( 4 ) قرى الضيف : أضافه .
( 5 ) أى أولاد الحيض والزناء .

[219]


يدفن في أرض طيبة في الموضع الممعروف بالبقيع .
ثم يكون الامام القائم بعده المحمود فعاله محمد ، باقر العلم ومعدنه وناشره ومفسره يموت موتا يدفن بالبقيع من أرض طيبة .
ثم يكون بعده الامام جعفر وهوالصادق بالحكمة ناطق ، مظهر كل معجزة ، وسراج الامة ، يموت موتا بأرض طيبة ، موضع قبره البقيع .
ثم الامام بعده المختلف في دفنه ، سمي المناجي ربه موسى بن جعفر ، يقتل بالسم في محبسه ، يدفن في الارض المعروفة بالزوراء .
ثم القائم بعده ابنه الامام علي الرضا المرتضى لدين الله ، إمام الحق ، يقتل بالسم في أرض العجم .
ثم القائم الامام بعده ( 1 ) ابنه محمد ، يموت موتا ، يدفن في الارض المعروفة بالزوراء .
ثم القائم بعده ابنه علي ، لله ناصر ويموت موتا ويدفن في المدينة المحدثة .
ثم القائم بعده الحسن وارث علم النبوة ومعدن الحكمة ، يستنار به من الظلم ( 2 ) يموت موتا ، يدفن في المدينة المحدثة .
ثم المنتظر بعده ، اسمه اسم النبي ، يأمر بالعدل ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه يكشف الله به الظلم ويجلو به الشك والعمى ، يرعى الذئب في أيامه مع الغنم ( 3 ) ، ويرضى عنه ساكن السماء والطير في الجو والحيتان في البحار ، ياله من عبدما أكرمه على الله ، طوبى لمن أطاعه وويل لمن عصاه ، طوبى لمن قاتل بين يديه فقتل أوقتل ، اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون ، واولئك هم المفلحون ، واولئك هم الفائزون ( 4 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ثم الامام بعده .
( 2 ) : يستضاء به من الظلم .
( 3 ) كناية عن زوال دولة الظلم ، فلا يبقى ظالم في الارض حتى يخاف منه المظلوم .
( 4 ) مقتضب الاثر : 14 - 17 .

[220]


20 - ومنه عن الحسن بن علي السلمي ، عن أحمد بن أيوب ، عن محمد ين يحيى الازدي ، عن سعيد بن عامر ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن عمربن سلمة ، قال : شهدت مشهدا ماشهدت مثله كان أعجب عندي ولا أوقع على قلبي منه ، قال : فقيل : يا أباجعفروماذاك ؟ قال : لما مات أبوبكرأقبل الناس يبايعون عمر بن الخطاب إذا أقبل يهودي قد أقرله بالمدينة يهودها أنه أعلمهم .
وكذلك كان أبوه من قبل فيهم ، فقال : ياعمر من أعلم هذه الامة بكتاب الله وسنة نبيه ؟ فأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : فأتاه اليهودي فقال : ياعلي أنت كما زعم عمر بن الخطاب ؟ فقال له : ومازعم ؟ قال : يزعم أنك أعلم هذه الامة بكتاب الله وسنة نبيه ، فقال له : يايهودي سل عما بدا لك تخبر إن شاء الله تعالى ، فقال : إني سائلك عن ثلاث وثلاث وواحدة ، فقال عليه السلام : ولم لاتقول سبعا ؟ فقال له : لا أقول سبعا ولكن أسألك عن ثلاث ، فإن أجبتني فيهن سألتك عما بعدهن وإلاعملت أنه ليس فيكم عالم ومضيت ، فقال له علي عليه السلام : فإني سائلك بإلهك الذي تعبده إن أجبتك في كل ما سألتني عنه لتدعن دينك ولتدخلن في ديني ؟ فقال له اليهودي : ماجئت إلاللاسلام ، فقال له علي عليه السلام سل عما شئت .
فقال له : أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض أي شئ هو ؟ وعن أول عين فاضت على وجه الارض أي عين هي ؟ وأول شجرة اهتزت ( 1 ) على وجه الارض أي شجرة هي ؟ فقال له علي عليه السلام : ياهاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة دم قطرت على وجه الارض حيث قتل ابن آدم أخاه ، وليس هوكما تقولون ، ولكن أقول : أول قطرة
-بحار الانوار مجلد: 32 من ص 220 سطر 19 الى ص 228 سطر 18 قطرت على وجه الارض حيث طمثت حواء ( 2 ) ، وذلك قبل أن تلد ابنها شيئا ، قال : صدقت قال له علي عليه السلام : أما أنتم فتقؤلون إن أول شجرة اهتزت على وجه الارض ( 3 ) الشجرة التي كانت منها سفينة نوح وهي الزيتونة وليس هو كما تقولون ، ولكنها النخلة التي

___________________________________________________________
( 1 ) اهتزالنبات : تحرك وطال .
( 2 ) أى حاضت .
( 3 ) في المصدر : اهتزت على الارض .