[ 81 ]
قوله : " أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم
من دون الله إن كنتم صادقين ( 1 ) " يعني قولهم : إن الله لم يأمره بولاية علي عليه السلام وإنما
يقول من عنده فيه ، فقال الله تعالى : " فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما انزل بعلم الله "
أي بولاية علي عليه السلام من عند الله ( 2 ) .
ايضاح : قوله " ما دعا عليا " أي لما كان علي عليه السلام كثير الانقياد والاطاعة له صلى الله عليه وآله
سأل الله تلك الامور ، أو أنه افترى له هذه الاشياء لكثرة انقياده من غير سؤال ووحي
أو أنه ما كان يحتاج إلى سؤال تلك الامور له ، لانه يطيعه في كل ما يأمره به ، فلو
أمره بالوصاية كان يفعلها ، والاوسط أظهر .
4 - فس : " إنما يبلوكم الله به " ( 3 ) يعني بعلي ابن أبي طالب يختبركم
" وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ( 4 ) " .
بيان : الضمير راجع إلى عهد الله المفسر بالولاية في الاخبار .
5 - فس : " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره ( 5 ) "
يعني أمير المؤمنين عليه السلام " وإذا لاتخذوك خليلا " أي صديقا لو أقمت غيره ( 6 )
6 - فس : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء
بالسيئة فكبت وجوهم في النار ( 7 ) " قال : الحسنة والله ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والسيئة
والله اتباع أعدائه ( 8 ) .
حدثنا محمد بن جعفر ، عن يحيى بن زكريا ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمان
___________________________________________________________
( 1 ) هود : 13 .
( 2 ) تفسير القمى : 299 و 300 وفيه : أى ولاية أمير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام
من عند الله .
( 3 ) النحل : 91 ، وما بعدها ذيلها .
( 4 ) تفسير القمى : 365 .
( 5 ) بنى اسرائيل : 73 .
( 6 ) تفسير القمى : 386 .
( 7 ) القصص : 89 و 90 .
( 8 ) في المصدر : والسيئة عدواته .
[ 82 ]
ابن كثير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها ( 1 ) " قال :
هي للمسلمين عامة ، والحسنة : الولاية ، فمن عمل من حسنة كتب الله تعالى له عشرا ،
فإن لم يكن ولاية دفع عنه ( 2 ) - بما عمل من حسنة - في الدنيا وماله في الآخرة من
خلاق ( 3 ) .
7 - فس : ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن ( 4 ) "
قال : الحق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والدليل على ذلك قوله تعالى : " قد جاءكم
الرسول بالحق من ربكم ( 5 ) " يعني ولاية ( 6 ) أمير المؤمنين عليه السلام " ويستبؤونك ( 7 ) "
يا محمد أهل مكة في علي " أحق هو " أي أمام ؟ " قل إي وربي إنه لحق " أي إمام ( 8 ) ،
ومثله كثير ، والدليل على أن الحق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين قوله الله عزوجل :
" ولو اتبع " رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام قريشا " لفسدت السماوات والارض
ومن فيهن " ففساد السماء إذا لم تمطر ، وفساد الارض إذا لم تنبت ، وفساد الناس في
ذلك ( 9 ) .
بيان : قوله : " والدليل على أن الحق " أي الخبر الذي ورد في تفسير هذه الآية
أيضا دليل على ذلك ، ويحتمل أن يكون قوله " ولو اتبع " تفسير الآية منفصلا عما قبله
والظاهر أن فيه تحريفا من النساخ .
___________________________________________________________
( 1 ) الانعام : 160 .
( 2 ) في المصدر : فان لم يكن له ولاية رفع عنه
( 3 ) تفسير القمى : 480 - 481 .
( 4 ) المؤمنون : 71 .
( 5 ) النساء : 170 .
( 6 ) في المصدر : يعنى بولاية .
( 7 ) يونس : 53 ، وما بعدها ذيلها .
( 8 ) في المصدر : أى لامام .
( 9 ) تفسير القمى : 447 - 448 .
[ 83 ]
8 - فس : " لقد جئناكم بالحق ( 1 ) " يعني بولاية أمير المؤمنين عليه السلام " ولكن أكثركم
للحق كارهون " والدليل ( 2 ) على أن الحق ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قوله : " وقل الحق من
ربكم ( 3 ) " يعني ولاية علي عليه السلام " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا
للظالمين " آل محمد حقهم ( 4 ) " نارا " ثم ذكر على أثر هذا ( 5 ) خبرهم ، وما تعاهدوا عليه
في الكعبة أن لا يردوا الامر في أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقام : " أم أبرموا أمرا فإنا
مبرمون ( 6 ) " إلى قوله : " لديهم يكتبون ( 7 ) " .
9 - فس : " شرع لكم من الدين ( 8 ) " مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وآله " ماوصى به نوحا
والذي أوحينا إليك " يا محمد " وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين " أي
تعلموا الدين يعني التوحيد ، وإقام الصلاة وإتياء الزكاة وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، والسنن
والاحكام التي في الكتب ، والاقرار بولاية أمير المؤمنين عليه السلام " ولا تتفرقوا فيه " أي لا
تختلفوا فيه " كبر على المشركين ما تدعوهم إليه " من ذكر هذه الشرائع ، ثم قال : الله
يجتبي إليه من يشاء " أي يختار " ويهدي إليه من ينيب " وهم الائمة الذين اجتباهم الله
واختارهم ( 9 ) ، قال : " وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " قال : لم يتفرقوا
بجهل ولكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم وعرفوه ، فحسد بعضهم بعضا وبغى بعضهم على
بعض لما رأوا من تفاضيل ( 10 ) أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الله ، فتفرقوا في المذاهب وأخذوا
___________________________________________________________
( 1 ) الزخرف : 78 : وما بعدها ذيلها .
( 2 ) في المصدر : يعنى لولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، والدليل .
ا ه .
( 3 ) الكهف : 29 ، وما بعدها ذيلها .
( 4 ) في المصدر : يعنى ظالمى آل محمد حقهم .
( 5 ) أى الاية الاولى .
( 6 ) الزخرف : 79 .
( 7 ) تفسير القمى .
614 .
( 8 ) الشورى : 13 ، وما بعدها ذيلها .
( 9 ) في المصدر : اختارهم واجتباهم .
( 10 ) : من تفاضل .
[ 84 ]
بالآراء والاهواء ، ثم قال عزوجل : " ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي
بينهم " قال : لولا أن الله قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الاول لقضى بينهم إذا
اختلفوا وأهلكهم ولم ينظرهم ، ولكن أخرهم إلى أجل مسمى المقدور " وإن الذين
اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب " كناية عن الذين نقضوا أمر رسول الله
صلى الله عليه وآله ، ثم قال : " فلذلك فادع واستقم " يعني لهذه الامور والدين الذي تقدم
ذكره وموالاة أمير المؤمنين عليه السلام فادع واستقم كما امرت .
قال : فحدثني أبي ، عن علي بن مهزيار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام
في قول الله : " أن أقيموا الدين " قال : الامام " ولا تتفرقوا فيه " كناية عن أمير المؤمنين
عليه السلام .
ثم قال : " كبر على المشركين ماتدعوهم إليه " من أمر ولاية علي عليه السلام " الله
يجتبي إليه من يشاء " كناية عن علي عليه السلام " ويهدي إليه من ينيب " ثم قال : " فلذلك
-بحار الانوار مجلد: 32 من ص 84 سطر 12 الى ص 92 سطر 12
فادع واستقم كما امرت " يعني إلى أمير المؤمنين عليه السلام ( 1 ) " ولا تتبع أهواءهم " فيه
" وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وامرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم " إلى قوله :
" وإليه المصير " .
ثم قال عزوجل : " والذين يحاجون في الله ( 2 ) " أي يحتجون على الله بعد ما
شاء الله أن يبعث عليهم الرسل فبعث الله إليهم الرسل والكتب ، فغيروا وبدلوا ، ثم
يحتجون يوم القيامة على الله ف " حجتهم داحضة " أي باطلة " عند ربهم وعليهم غضب و
لهم عذاب شديد " .
ثم قال : " الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان " قال : الميزان أمير المؤمنين
عليه السلام .
والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمان : " والسماء رفعها ووضع الميزان ( 3 ) " قال :
___________________________________________________________
( 1 ) في ( د ) يعنى إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام .
( 2 ) الشورى : 16 ، وما بعدها ذيلها .
( 3 ) الاية السابعة .
[ 85 ]
يعني الامام عليه السلام ( 1 )
بيان : قوله : " المقدور " تفسير للمسمى بالمقدر ، أو المعنى إلى أجل سمي وذكر
مقدره .
قوله : " كناية عن أمير المؤمنين عليه السلام " أي ضمير " فيه " راجع إليه أو إلى الدين الذي
هو المقصود منه ، والاحتمالان جاريان في ضمير " إليه " في الموضعين ، ويحتمل فيهما ثالث
وهو إرجاعه إلى الموصول في قوله : " ما تدعوهم " فقوله : " كناية عن علي " أي عن أمر
ولايته .
قوله : " يعني إلى أمير المؤمنين " إما بينا ل " ذلك " إن كان صلة للدعوة ، أو لمتعلق
الدعوة المقدر إن كان تعليلا ، أي لاجل ذلك التفرق أو الكتاب أو العلم الذي اوتيته
فادع إلى أمير المؤمنين عليه السلام .
ثم اعلم أن بعض المفسرين فسروا الميزان هنا بالشرع وبعضهم بالعدل وبعضهم
بالميزان المعهود ( 2 ) .
10 - فس : " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم
يحزنون ( 3 ) " قال : استقاموا على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ( 4 ) .
11 - فس : " أم يقولون تقوله ( 5 ) " يعني أمير المؤمنين عليه السلام " بل لا يؤمنون "
أنه لم يتقوله ولم يقمه برأيه .
ثم قال : " فليأتوا بحديث مثله " أي رجل مثله " من عند الله إن كانوا صادقين ( 6 ) "
بيان : تقوله : أي ما يقول في أمير المؤمنين عليه السلام ويقرأ من الآيات فيه اختلقه من
عند نفسه .
قوله : " أي رجل مثله " أي في رجل مثله ، الحاصل أنهم إن كانوا صادقين
فليختاروا رجلا يكون مثله في الكمال ، وليختلقوا فيه مثل تلك الآيات ، فإذا عجزوا عنهما
___________________________________________________________
( 1 ) تفسير القمى : 600 و 601 .
( 2 ) التفسير بالميزان المعهود لاوجه له ، واما الاولان فمرجعهما وحد في الحقيقة .
( 3 ) الاحقاف : 13 .
( 4 ) تفسير القمى : 592 .
( 5 ) الطور : 32 ، وما بعدها ذيلها .
( 6 ) تفسير القمى : 650 .
[ 86 ]
فليعلموا أنه الحق ، وما نزل فيه هو من عند الله .
12 - فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن عباس ، عن
أبي جعفر عليه السلام في قوله : " ما ضل صاحبكم وما غوى ( 1 ) " يقول : ما ضل في علي وما
غوى " وما ينطق عن الهوى " وما كان ما قال فيه إلا بالوحي الذي اوحي إليه ، ثم قال :
" علمه شديد القوى " ثم أذن له فوفد ( 2 ) إلى السماء فقال : " ذو مرة فاستوى وهو
بالافق الاعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى " كان بين لفظه وبين سماع محمد صلى الله عليه وآله
كما بين وتر القوس وعودها " فأوحى إلى عبده ما أوحى " فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك
الوحي فقال : أوحى إلي أن عليا سيد المؤمنين وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ،
وأول خليفة يستخلفه خاتم النبيين ، فدخل القوم في الكلام فقالوا : أمن الله أو من رسوله ؟
فقال الله جل ذكره لرسوله : قل لهم : " ما كذب الفؤاد ما رأى " ثم رده عليهم فقال :
" أفتمارونه على ما يرى " ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله قد امرت فيه بغير هذا ، امرت
أن أنصبه للناس فأقول لهم : هذا وليكم من بعدي ، وهو بمنزلة السفينة يوم الغرق ، من
دخل فيها نجا ، ومن خرج منها غرق ( 3 ) .
13 - فس : " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ( 4 ) " نزلت في
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وغصبوا أهل بيته حقهم وصدوا
عن أمير المؤمنين وولاية الائمة عليهم السلام " أضل أعمالهم " أي أبطل ما كان تقدم منهم مع
رسول الله صلى الله عليه وآله من الجهاد والنصرة ( 5 ) .
14 - فس : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، بإسناده عن إسحاق بن عمار قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام " والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ( 6 ) " في علي
___________________________________________________________
( 1 ) النجم : 2 ، وما بعدها ذيلها .
( 2 ) وفد إلى الامير أو عليه : قدم وورد رسولا .
( 3 ) تفسير القمى : 651 .
( 4 ) سورة محمد : 1 .
( 5 ) تفسير القمى : 624 .
( 6 ) سورة محمد : 2 ، وما بعدها ذيلها .
[ 87 ]
" هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم " كذا نزلت .
وقال علي بن
إبراهيم في قوله : " والذين آمنوا وعلموا الصالحات " نزلت في أبي ذر وسلمان وعمار
والمقداد ، لمن ينقضوا العهد " وآمنوا بما نزل على محمد " أي ثبتوا على الولاية التي أنزلها الله
" وهو الحق " يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه " من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح
بالهم " أي حالهم ، ثم ذكر أعمالهم فقال : " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل " وهم
الذين اتبعوا أعداء أمير المؤمنين عليه السلام ( 1 ) ، " وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من
ربهم " .
قال : وحدثني أبي عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام قال : في سورة محمد آية
فينا وآية في عدونا ، والدليل على ذلك قوله : " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم فإذا
لقيتم الذين كفرا فضرب الرقاب " إلى قوله : " لانتصر منهم " فهذا السيف الذي هو على
مشركي العجم ( 2 ) من الزنادقة ومن ليس معه الكتاب من عبدة النيران والكواكب ،
وقوله : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " فالمخاطبة للجماعة والمعنى لرسول الله صلى الله عليه وآله
والامام بعده ( 3 ) " والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم
ويدخلهم الجنة عرفها لهم " أي وعدها إياهم وداخرها لهم ( 4 ) " ليبلوا بعضكم ببعض "
أي يختبر ، ثم خاطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : " يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا
الله ينصركم ويثبت أقدامكم " ثم قال : " والذين كفروا فتسعا لهم وأضل أعمالهم ذلك
بأنهم كرهوا ما أنزل الله " في علي " فأحبط أعمالهم " حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا
عبدالكريم بن عبدالرحيم ، عن محمد بن علي ، عن محمد فضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر
عليه السلام قال : نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا : ذلك بأنهم كرهوا ما
أنزل الله في علي ، إلا أن كشط الاسم " فأحبط أعمالهم " .
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : اعداء آل محمد وأمير المؤمنين عليهما السلام .
( 2 ) : لموالى على على مشركى العجم .
( 3 ) : من بعده .
( 4 ) : وأذخرها لهم .
[ 88 ]
قال علي بن إبراهيم في قوله : " أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة
الذين من قبلهم ، أي أولم ينظروا في أخبار الامم الماضية ، وقوله : " دمر الله عليهم " أي
أهلكم وعذبهم ، ثم قال : " والكافرين " يعني الذين كفروا وكرهوا ما أنزل الله في علي
" أمثالهم " أي لهم مثل ما كان للامم الماضية من العذاب والهلاك ، ثم ذكر
المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام فقال : " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا
وأن الكافرين لا مولى لهم " ثم ذكر المؤمنين فقال : إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا
الصالحات " يعني بولاية علي عليه السلام " جنات تجري من تحتها الانهار والذين كفروا "
أعداؤه " يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام " يعني أكلا كثيرا " والنار مثوى لهم "
قال : " وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم "
قال : إن الذين أهلكناهم من الامم السالفة كانوا أشد قوة من قريتك يعني أهل مكة
الذين أخرجوك منها فلم يكن لهم ناصر " أفمن كان على بينة من ربه " يعني أمير المؤمنين
عليه السلام " كمن زين له سوء عمله " يعني الذين غصبوه " واتبعوا أهواءهم " ثم ضرب
لاوليائه وأعدائه مثلا ، فقال لاوليائه ، " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء
غير آسن " إلى قوله : لذة للشاربين " أي خمرة ( 1 ) ، إذا تناولها ولي الله وجد رائحة
المسك فيها " وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم " ثم
ضرب لاعدائه مثلا فقال : " كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " قال
ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار ، كما أن ليس عدو الله
كوليه ( 2 ) .
* [ بيان : " والذين قاتلوا " كذا قرأ أكثر القراء ، وقرأ حفص وجماعة " قتلوا "
" عرفها لهم " قيل : أي طيبها لهم أو بينها لهم ( 3 ) بحيث يعلم كل واحد منزله ، و
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : إلى قوله : " من خمر لذة للشاربين " ومعنى الخمر أى خمرة اه .
( 2 ) تفسير القمى : 625 - 627 .
* هذا البيان يوجد في ( ك ) وهامش ( د ) فقط .
( 3 ) في ( د ) : أو تلاها لهم .
[ 89 ]
يهتدي إليه كأنه كان ساكنه مذ خلق ، أو حددها لهم بحيث يكون لكل منهم جنة
مفروزة ( 1 ) " فتعسا لهم " أي عثورا وانحطاطا .
قوله : " إلا أنه كشط الاسم " أي ازيل
واذهب ، في القاموس : الكشط : رفعك شيئا عن شئ قد غشاه ( 2 ) .
وانكشط الروع ذهب
" يعني بولاية علي عليه السلام " أي آمنوا بها .
" يعني أكلا كثيرا " وقيل : غافلين عن العاقبة
" غير آسن " أي متغير طعمه وريحه ، " كمن هو خالد فيها " تقدير الكلام ( 3 ) : أمثل أهل
الجنة كمثل من هو خالد ؟ أو أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد ؟ .
15 - فس : " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ( 4 ) قال : نزلت في قريش ، كلما
هووا شيئا عبدوه " وأضله الله على علم " أي عذبه على علم منه فيما ارتكبوا من أمير المؤمنين
عليه السلام وجرى ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مما فعلوه بعده بأهوائهم وآرائهم ، وأزالوا
الخلافة والامامة عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد أخذ الميثاق عليهم مرتين لامير المؤمنين عليه السلام
وقوله : " واتخذ إلهه هواه " نزلت في قريش ، وجرت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه
الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام واتخذوا إماما بأهوائهم ، والدليل على ذلك قوله : " ومن
يقل منهم إني إله من دونه ( 5 ) " قال : من زعم أنه إمام وليس بإمام ( 6 ) .
16 - فس : قوله : " وأما القاسطون فكانوا الجهنم حطبا ( 7 ) " معاوية وأصحابه عليهم
لعائن الله " وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غذقا " الطريقة : الولاية لعلي عليه السلام " لنفتنهم
فيه " قتل الحسين عليه السلام " ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا وأن المساجد لله
فلا تدعوا مع الله أحدا " إن الامام من آل محمد عليهم السلام فلا تتخذوا من غيرهم إماما ( 8 )
___________________________________________________________
( 1 ) أفرز فلانا بشئ : أفرده وخصه به ولم يشرك معه فيه أحدا .
( 2 ) ج 2 ، 382 .
( 3 ) في ( د ) و ( ك ) قيل : تقدير الكلام فيها .
( 4 ) الجاثية : 23 ، وما بعدها ذيلها .
( 5 ) الانبياء : 22 .
( 6 ) تفسير القمى : 619 .
( 7 ) الجن : 15 ، وما بعدها ذيلها .
( 8 ) في المصدر : وليا .
[ 90 ]
" وأنه لما قام عبدالله يدعوه " يعني محمد صلى الله عليه وآله يدعوهم إلى الولاية ( 1 ) " كادوا " قريش " يكونون
عليه لبدا " يتعاوون عليه ، قال : " قل إنما أدعو ربي " قل : إنما أمر ربي ف " لا أملك
لكم ضرا ولا رشدا " إن توليتم عن ولايته " قل إني لن يجيرني من الله أحدا " إن كتمت
ما امرت به " ولن أجد من دونه ملتحدا " يعني مأوى " إلا بلاغا من الله " ابلغكم ما
أمرني الله به من ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام " ومن يعص الله ورسوله " في ولاية علي عليه السلام
" فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " .
قال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي أنت قسيم النار ، تقول : هذا لي وهذا لك ، قالوا : فمتى
يكون ما تعدنا يا محمد من أمر علي والنار ؟ فأنزل الله " حتى إذا رأوا ما يوعدون " يعني
الموت والقيامة " فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " يعني فلان وفلان وفلان و
معاوية وعمرو بن العاص وأصحاب الضغائن من قريش من أضعف ناصرا وأقل عددا ،
قالوا : فمتى يكون هذا يا محمد ؟ قال الله لمحمد صلى الله عليه وآله : " قل إن أدري أقريب ما توعدون
أم يجعل له ربي أمدا " قال : أجلا " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى
من رسول " يعني علي المرتضى من الرسول صلى الله عليه وآله وهو منه ، قال اللله : " فإنه يسلك من
بين يديه ومن خلفه رصدا " قال : في قلبه العلم ومن خلفه الرصد ، يعلمه ويزقه العلم
زقا ويعلمه الله إلهاما ، والرصد : التعليم من النبي صلى الله عليه وآله " ليعلم " البني أن قد أبلغ
رسالات ربه وأحاط علي بما لدى الرسول من العلم وأحصى كل شئ عددا ، ما كان و
ما يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة : من فتنة أو زلزلة أو خسف أو قذف
أو امة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي ، وكم من إمام جائر أو عادل يعرفه باسمه و
نسبه ، ومن يموت موتا أو يقتل قتلا ، وكم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله ،
وكم من إمام منصور لا ينفعه نصرة من نصره .
وعنه عن أبي جعفر عليه السلام في قوله ( 2 ) : " ومن يعرض " إلى آخره قال : حدثني
محمد بن أحمد المدائني ، قال : حدثني هارون بن مسلم ، عن الحسين بن علوان ، عن علي
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : إلى ولاية أمير المؤمنين .
( 2 ) كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدر : وعنه في قوله .