[121]
من أنت ؟ قال : فسكت ، فرجع الثاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله إني
رأيت رجلا في جانب الناس وهو يقول : لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها
إلا كافر ، فقال : يا فلان ذلك جبرئيل ، فإياك أن تكون ممن يحل العقدة فينكص ( 1 ) .
13 - ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : إن إبليس ( 2 )
رن أربع رنات : يوم لعن ، ويوم اهبط إلى الارض ، ويوم بعث النبي صلى الله عليه وآله ، ويوم
الغدير ( 3 ) .
14 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ،
واخذل من خذله ( 4 ) .
15 - ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب وابن يزيد معا ، عن
ابن أبي عمير ، وحدثنا أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، وحدثنا ابن
مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن أبي عمير ، وحدثنا ابن المتوكل ، عن
السعدآبادي عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن معروف
بن خربوذ ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن اسيد الغفاري قال : لما
رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ونحن معه أقبل حتى انتهى إلى الجحفة أمر
أصحابه بالنزول ، فنزل القوم منازلهم ، ثم نودي بالصلاة ، فصلى بأصحابه ركعتين ، ثم
أقبل بوجهه إليهم فقال لهم : إنه قد نبأني اللطيف الخبير أني ميت وأنكم ميتون ،
وكأني قد دعيت فأجبت ، وإني مسؤول عما ارسلت به إليكم ، وعما خلفت فيكم
من كتاب الله وحجته ، وإنكم مسؤولون فما أنتم قائلون لربكم ؟ قالوا : نقول : قد بلغت
ونصحت وجاهدت فجزاك الله عنا أفضل الجزاء ، ثم قال لهم : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله
___________________________________________________________
( 1 ) قرب الاسناد : 29 و 30 .
نكص عن الامر : احجم عنه .
نكص على عقبيه : رجع عما
كان عليه .
وفى المصدر : فنكص .
( 2 ) في المصدر : إن إبليس عدو الله ا ه .
( 3 ) قرب الاسناد : 7 .
( 3 ) عيون الاخبار : 211 .
[122]
وأني رسول الله إليكم وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث بعد الموت
حق ؟ فقالوا : نشهد بذلك ، قال : اللهم اشهد على ما يقولون ، ألا وإني اشهدكم أني
أشهد أن الله مولاي وأنا مولى كل مسلم ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهل تقرون
بذلك ( 1 ) وتشهدون لي به ؟ فقالوا : نعم نشهد لك بذلك ، فقال : ألا من كنت مولاه فإن
عليا مولاه ، وهو هذا ، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها مع يده حتى بدت آباطهما ( 2 )
ثم قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 3 ) ، ألا وإني فرطكم وأنتم واردون علي
الحوض غدا ( 4 ) ، وهو حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه أقداح من فضة عدد نجوم
السماء ألا وإني سائلكم غدا ماذا صنعتم فيما أشهدت الله به عليكم في يومكم هذا إذ وردتم
علي حوضي ؟ وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي ؟ فانظروا كيف خلفتموني ( 5 ) فيهما حين
تلقوني ؟ قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله ؟ قال : أما الثقل الاكبر فكتاب الله
عزوجل سبب ممدود من الله ومني في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ،
فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة ، وأما الثقل الاصغر فهو حليف القرآن ( 6 )
وهو علي بن أبي طالب وعترته - عليهم السلام - وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
قال معروف بن خربوذ : فعرضتت هذا الكلام على أبي جعفر عليه السلام فقال : صدق أبوالطفيل
هذا كلام وجدناه في كتاب علي عليه السلام وعرفناه ( 7 ) .
ايضاح : بصرى بالضم موضع بالشام ، وصنعاء بالمد قصبة باليمن .
16 - ن : الحسين بن أحمد البيهقي ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن سهل بن
قاسم النوشجاني ، قال : قال رجل للرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله إنه يروى عن عروة بن
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فهل تقرون لى بذلك .
( 2 ) جمع الابط : باطن الكتف .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : وانصر من نصره واخذل من خذله .
( 4 ) في المصدر و ( م ) : على الحوض حوضى غدا
( 5 ) : كيف تكونوا خلفتمونى .
( 6 ) الحليف : كل شئ لزم شيئا فلم يفارقه .
( 7 ) الخصال 1 : 34 و 35 .
وفيه : هذا الكلام وجدناه .
[123]
الزبير أنه قال : توفي النبي صلى الله عليه وآله ( 1 ) وهو في تقية ، فقال : أما بعد قول الله عزوجل :
" يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك
من الناس " فإنه أزال كل تقية بضمان الله عزوجل له ، وبين أمر الله تعالى ، ولكن
قريشا فعلت ما اشتهت بعده ، وأما قبل نزول هذه الآية فلعله ( 2 ) .
17 - مع : بالاسانيد إلى دارم ، عن نعيم بن سالم ، عن أنس قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم وهو آخذ بيد علي عليه السلام : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟
قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ،
وانصر من نصره ، واخذل من خذله ( 3 ) .
18 - ما : المفيد ، عن علي بن أحمد القلانسي ، عن عبدالله بن محمد ، عن عبدالرحمان
ابن صالح ، عن موسى بن عمران ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن زيد بن أرقم قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لاهل بيتي ، لعن الله
من ادعى إلى غير أبيه ، لعن من تولى إلى غير مواليه ، الولد لصاحب الفراش وللعاهر ( 4 )
الحجر ، وليس لوارث وصية ، ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، ألا من كذب علي متعمدا
فليتبوء مقعده من النار ، ألا وإني فرطلكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة
فلا تسودوا وجهي ، ألا الاستنقذن رجالا من النار ولستنقذن من يدي أقوام ، إن الله
مولاي وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة ، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ( 5 ) .
19 : ما : أبوعمور ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن علي بن
قادم ، عن إسرائيل ، عن عبدالله بن شريك ، عن سهم بن حصين الاسدي قال : قدمت إلى
مكة أنا وعبدالله بن علقمة وكان عبدالله بن علقمة سبابة لعلي صلوات الله عليه دهرا ، قال :
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : توفى رسول الله .
( 2 ) عيون الاخبار : 271 و 272 .
والمعنى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل نزول هذه
الاية لعله كان في تقية .
( 3 ) معانى الاخبار : 67 .
( 4 ) عهر إليها : أتاها للفجور وعمل المنكر فهو عاهر .
( 5 ) امالى الشيخ : 142 .
[124]
قلت له : هل لك في هذا - يعني أبا سعيد الخدري - تحدث به عهدا ( 1 ) ؟ قال : نعم ، فأتيناه
فقال : هل سمعت لعلي منقبة ؟ قال : نعم إذا حدثتك تسأل ( 2 ) عنها المهاجرين والانصار
وقريشا ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم غدير خم فأبلغ ثم قال : أيها الناس ألست أولى
بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا : بلى - قالها ثلاث مرات - ثم قال : ادن يا علي : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه حتى نظرت إلى بياض آباطهما ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه
- ثلاث مرات - ثم قال : فقال عبدالله بن علقمة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله :
قال أبوسعيد : نعم - وأشار إلى اذنيه وصدره - قال : سمعته اذناي ووعاه قلبي ، قال
عبدالله بن شريك : فقدم علينا عبدالله بن علقمة وسهم بن حصين فلما صلينا الهجير قام
عبدالله بن علقمة فقال : إني أتوب إلى الله وأستغفره من سب علي عليه السلام .
ثلاث
مرات ( 3 ) .
توضيح : قال الجزري : فيه " إنه كان يصلي الهجير حين تدحض الشمس "
أراد صلاة الهجير يعني الظهر ، فحذف المضاف ، والهجير والهاجرة : اشتداد الحر
نصف النهار .
20 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن الحسن بن جعفر بن مدرار ، عن عمه
طاهر ، عن معاوية بن ميسرة ، عن الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل ، عن حبيب الاسكاف ،
عن زيد بن أرقم قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت
مولاه فعلي مولاه ( 5 ) ، اللهم وال من واله وعاد من عاداه ( 6 ) .
21 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن الحسن بن علي بن عفان ، عن عبدالله ،
عن فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ذي مر وسعيد بن وهب ، وعن زيد بن
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : تحدث به عهدا .
( 2 ) : فاسأل .
( 3 ) امالى الشيخ : 155 .
( 4 ) النهاية 4 : 240 .
( 5 ) في المصدر : فهذا على مولاه .
( 6 ) امالى الشيخ : 159 .
[125]
نقيع قالوا : سمعنا عليا عليه السلام يقول في الرحبة : انشد الله من سمع النبي يقول يوم غدير
خم ما قال إلا قام ، فقام ثلاثة عشر فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ألست أولى بالمؤمنين
من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، فأخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا علي
مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر
من نصره ، واخذل من خذله ، قال أبوإسحاق حين فرغ من الحديث : يابا بكر من
أنسا أخر ( 1 ) .
22 - ما : بالاسنانيد عن الحسن ، عن عبيدالله بن موسى ( 2 ) ، عن هانئ بن أيوب
عن طلحة بن مصرف ، عن عميرة بن سعد أنه سمع عليا عليه السلام في الرحبة ينشد الناس
من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه ؟ فقام بضعة عشر فشهدوا ( 3 ) .
ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن الحسن مثله ( 4 ) .
بشا : أبوعلي ابن شيخ الطائفة ومحمد بن أحمد بن شهريار ، عن الشيخ أبي جعفر
الطوسي ، عن أبي عمرو ، عن ابن عقدة مثله ( 5 ) :
23 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن علي بن ثابت ،
عن منصور بن الاسود ( 6 ) ، عن مسلم الملائي ، عن أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول يوم غدير خم : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأخذ بيد علي عليه السلام وقال : من
___________________________________________________________
( 1 ) امالى الشيخ : 160 .
وروى في بشارة المصطفى ( ص 235 ) عن عبدالملك بن ابى سليمان
العرزمى ، عن عبدالرحيم ، عن زاذان مثله .
وأبوبكر كنية فطر بن خليفة راوية أبى إسحاق .
وقوله :
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 125 سطر 19 الى ص 133 سطر 18
" من أنسا أخر " كذا في النسخ ولعل المراد أن من أمر بترك ما أمره الرسول صلى الله عليه وآله
في على عليه السلام أخر من شأنه التقدم .
وفى المصدر " يا بابكر في أشيا اخر " فيكون المراد أنهم
صدقوا بهذا الامر واعترفوا به في ضمن أشياء اخر .
( 2 ) في المصدر : عن عبدالله بن موسى .
( 3 ) امالى الشيخ : 170 و 171 .
( 4 ) : 213 .
( 5 ) بشارة المصطفى : 156 .
( 6 ) في المصدر : عن منصور بن ابى الاسود .
[126]
كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 1 ) .
24 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد ، عن داود بن سليمان ،
عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم
وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ( 2 ) .
أقول : نورد ههنا ما ذكره السيد جمال الدين ابن طاوس في كتاب الاقبال في ذكر
عمل يوم الغدير من أخباره قال : اعلم أن نص النبي على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام يوم
الغدير بالامامة لا يحتاج ( 3 ) إلى كشف وبيان لاهل العلم والامانة والدراية ، وإنما
نذكر تنبيها على بعض من رواه ، ليقصد من شاء ويقف على معناه ، فمن ذلك ما صنفه
أبوسعد مسعود بن ناصر السجستاني المخالف لاهل البيت في عقيدته المتفق عند أهل المعرفة
به على صحة ما يرويه لاهل البيت وأمانته ، صنف كتابا سماه كتاب الدراية في حديث
الولاية ، وهو سبعة عشر جزءا ، روى فيه حديث نص النبي صلى الله عليه وآله بتلك المناقب والمراتب
على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام عن مائة وعشرين نفسا من الصحابة ، ومن ذلك ما رواه
محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير في كتاب صنفه وسماه كتاب " الرد على
الحرقوصية ( 4 ) " روى فيه حديث يوم الغدير وما نص النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام بالولاية
والمقام الكبير ، وروى ذلك من خمس وسبعين طريقا ، ومن ذلك ما رواه أبوالقاسم عبيدالله
ابن عبدالله الحسكاني في كتاب سماه " كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة " ومن
ذلك الذي لم يكن مثله في زمانه أبوالعباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ الذي زكاه
وشهد بعلمه الخطيب مصنف تاريخ بغداد ، فإنه صنف كتابا سماه " حديث الولاية "
وجدت هذه الكتاب بنسخة قد كتبت في زمن أبوالعباس بن عقدة مصنفه ، تاريخها سنة
ثلاثين وثلاث مائة ، صحيح النقل ، عليه خط الطوسي وجماعة من شيوخ الاسلام ، لا يخفى
___________________________________________________________
( 1 ) امالى الشيخ : 211 .
( 2 ) امالى الشيخ : 218 .
وأورده الحديث بعينه في بشارة المصطفى ( ص 125 ) بسند آخر
عن الرضا عن آبائه عليهم السلام .
( 3 ) في المصدر : ما يحتاج خ ل .
( 4 ) هم أتباع حرقوس بن زهير المعروف بذى الثدية .
[127]
صحة ما تضمنه على أهل الافهام ، وقد روى فيه نص النبي على مولانا علي عليه السلام بالولاية
من مائة وخمس طرق ، وإن عددت أسماء المضفين من المسلمين في هذا الباب طال ذلك
على من يقف على هذا الكتاب ، وجميع هذه التصانيف عندنا الآن إلا كتاب الطبري .
فصل : في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير من التعظيم والتبجيل ، اعلم
أن ما نذكر في هذا الفصل ما رواه أيضا مخالفوا الشيعة المعتمد عليهم في النقل ، فمن ذلك
ما رواه عنهم مصنف كتاب النشر والطي ( 1 ) وجعله حجة ظاهرة باتفاق العدو والولي
وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندان رستم بن علي لما حضره بالري فقال فيما رواه عن
رجالهم .
فصل : وعن أحمد بن محمد بن علي المهلب ، أخبرنا الشريف أبوالقاسم علي بن محمد
ابن علي بن القاسم الشعراني ، عن أبيه ، حدثنا سلمة بن الفضل الانصاري ، عن أبي
مريم ، عن قيس بن حيان ( 2 ) ، عن عطية السعدي قال : سألت حذيفة بن اليمان عن
إقامة النبي صلى الله عليه وآله عليا يوم الغدير غدير خم كيف كان ؟ فقال : إن الله تعالى أنزل على نبيه
- اقول أنا : لعله يعني بالمدينة - " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم
واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ( 3 ) " فقالوا : يا
رسول الله ما هذه الولاية التي أنتم بها أحق منا بأنفسنا ؟ فقال صلى الله عليه وآله : السمع الطاعة
فيما أحببتم وكرهتم ، فقلنا : سمعنا وأطعنا ، فأنزل الله تعالى " واذكروا نعمة الله عليكم
وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا ( 4 ) " فخرجنا إلى مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع ، فنزل جبرئيل فقال : يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول : انصب
عليا علما الناس ، فبكى النبي صلى الله عليه وآله حتى اخضلت لحيته ( 5 ) وقال : يا جبرئيل إن
قومي حديثو عهد بالجاهلية ، ضربتهم على الدين طوعا وكرها حتى انقادوا لي ، فكيف
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : مصنف كتاب الخالص المسمى بالنشر والطى .
( 2 ) : عن قيس بن حنان .
( 3 ) سورة الاحزاب : 6 .
( 4 ) سورة المائدة : 7 .
( 5 ) خضل واخضل : ابتل .
[128]
إذا حملت على رقابهم غيري ؟ فصعد جبرئيل ( 1 ) .
ثم قال صاحب كتاب " النشر والطي " عن حذيفة : وقد كان النبي صلى الله عليه وآله بعث
عليا إلى اليمن ، فوافى مكة ونحن مع الرسول صلى الله عليه وآله ثم توجه علي عليه السلام يوما نحو
الكعبة يصلي ، فلما ركع أتاه سائل فتصدق عليه بحلقة خاتمه ، فأنزل الله تعالى " إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ( 2 ) "
فبكر رسول الله صلى الله عليه وآله وقرأه علينا ، ثم قال : قوموا نطلب هذه الصفة التي وصف الله بها
فلما دخل رسول الله المسجد استقبله سائل فقال : من أين جئت ؟ فقال : من عند هذا المصلي ،
تصدق علي بهذه الحلقة وهو راكع ن فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى نحو علي فقال :
يا علي ما أحدثت اليوم من خير ؟ فأخبره بما كان منه إلى السائل ، فكبر ثالثة ، فنظر
المنافقون بعضهم إلى بعض وقالوا : إن أفئدتنا لا تقوي على ذلك أبدا مع الطاعة له ،
فنسأل رسول الله أن يبدله لنا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبروه بذلك ، فأنزل الله تعالى
قرآنا وهو " قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي ( 3 ) " الآية ، فقال جبرئيل : يا
رسول الله أتمه ، فقال حبيبي جبرئيل : قد سمعت ما تآمروا به ، فانصرف [ عن ] رسول الله
صلى الله عليه وآله الامين جبرئيل .
ثم قال صاحب " كتاب النشر والطي " من غير حديث حذيفة : فكان من قول رسول الله
صلى الله عليه وآله في حجة الوداع بمنى : يا أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين ، إن أخذتم
بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ألا فمن اعتصم
بهما فقد نجا ومن خالفهما فقد هلك ، ألا هل بلغت أيها الناس ؟ قالوا : نعم قال : اللهم
اشهد .
ثم قال صاحب كتاب " النشر والطي " : فلما كان في آخر يوم من أيام التشريق
أنزل الله عليه " إذا جاء نصر الله والفتح " إلى آخرها ، فقال صلى الله عليه وآله : نعيت إلى نفسي ، فجاء
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( م ) : قال فصعد جبرئيل .
( 2 ) سورة المائدة : 55 .
( 3 ) سورة يونس : 15 .
[129]
إلى مسجد الخيف فدخله ونادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ،
وذكر خطبته ، ثم قال فيها : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين : الثقل الاكبر
كتاب الله عزوجل طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسكوا به ، والثقل الاصغر
عترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى -
فتفضل هذه على هذه .
قال مصنف كتاب " النشر والطي " : فاجتمع قوم وقالوا : يريد محمد صلى الله عليه وآله أن
يجعل الامامة في أهل بيته ، فخرج منه أربعة ودخلوا إلى مكة ، ودخلوا الكعبة وكتبوا
فيما بينهم إن أمات الله محمد أو قتل لا يرد هذا الامر في أهل بيته ، فأنزل الله تعالى " أم
أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم
يكتبون ( 1 ) " .
أقول : فانظر هذا التدريج من النبي صلى الله عليه وآله والتلطف من الله تعالى في نصه على
مولانا علي صلوات الله عليه ، فأول أمره بالمدينة قال سبحانه : " واولوا الارحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين " فنص على أن الاقرب إلى النبي
صلى الله عليه وآله أولى به من المؤمنين والمهاجرين ، فعزل جل جلاله عن هذه الولاية المؤمنين
والمهاجرين وخص بها اولي الارحام من سيد المرسلين ، ثم انظر كيف نزل جبرئيل بعد
خروجه إلى مكة بالتعيين على علي عليه السلام ( 2 ) ؟ فلما راجع النبي صلى الله عليه وآله وأشفق على
قومه من حسدهم لعلي عليه السلام كيف عاد الله جل جلاله أنزل : " إنما وليكم الله ورسوله "
وكشف عن علي عليه السلام بذلك الوصف ثم انظر كيف مال النبي إلى التوطئة بذكر أهل
بيته بمنى ، ثم عاد ذكرهم في مسجد الخيف .
ثم ذكر صاحب كتاب " النشر والطي " توجههم إلى المدينة ومراجعة رسول الله
صلى الله عليه وآله مرة بعد مرة لله جل جلاله ، وما تكرر من الله تعالى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في ولاية
علي عليه السلام ، قال حذيفة : وأذن النبي صلى الله عليه وآله بالرحيل نحو المدينة فارتحلنا ، ثم قال
___________________________________________________________
( 1 ) سورة الزخرف : 79 - 80 .
( 2 ) في المصدر : في على خ ل .
[130]
صاحب كتاب " النشر والطي " : فنزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله بضجنان ( 1 ) في حجة
الوداع بإعلان علي ، ثم قال صحاب الكتاب : فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل الجحفة ،
فلما نزل القوم وأخذوا منازلهم فأتاه جبرئيل فأمره أن يقوم بعلي عليه السلام فقال : يا رب
إن قومي حديثو عهد بالجاهلية ، فمتى أفعل هذا يقولوا : فعل بابن عمه .
أقول : وزاد في الجحفة أبوسعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتاب الدراية
فقال بإسناده عن عدة طرق إلى عبدالله بن عباس قال : لما خرج النبي صلى الله عليه وآله في حجة
الوداع فنزل جحفة أتاه جبرئيل فأمره أن يقوم بعلي عليه السلام ، قال : ألستم تزعمون أني
أولى المؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله : فمن كنت مولاه فعلي
مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر
من نصره ، وأعن عن أعانة ، قال ابن عباس : وجبت والله ( 2 ) في أعناق الناس .
أقول : وسار النبي صلى الله عليه وآله من الجحفة ، قال مسعود السجستاني : في كتاب
الدراية بإسناده إلى عبدالله بن عباس أيضا قال : امر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبلغ ولاية
علي عليه السلام فأنزل الله تعالى " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل
فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ( 3 ) " .
يقول رضي الدين ركن الاسلام أبوالقاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد
الطاوس أمده الله بعناياته وأيده بكراماته : اعلم أن موسى نبي الله راجع الله تعالى في
إبلاغ رسالته وقال في مراجعته : " إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ( 4 ) " وإنما
كان قتل نفسا واحدة ، وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه كان قد قتل من قريش وغيره
من القبائل قتلى كل واحد منهم يحتمل مراجعة النبي صلى الله عليه وآله لله جل جلاله في تأخير
ولاية مولانا علي عليه السلام وترك إظهار عظيم فضله وشرف محله ، وكان النبي صلى الله عليه وآله
___________________________________________________________
( 1 ) قال في مراصد الاطلاع ( 2 : 865 ) : الضجن - بسكون الجيم - وادفى بلاد هذيل بتهامة ،
اسفله لكنانة ، على ليلة من مكة .
( 2 ) في المصدر : وجبت كذا والله .
( 3 ) سورة المائدة : 67 .
( 4 ) سورة القصص : 33 .