[131]
شفيقا على امته كما وصفه الله جل جلاله ، فأشفق عليهم من الامتحان بإظهار ولاية علي
عليه السلام في أوان ، ويحتمل أن يكون الله عزوجل أذن للنبي صلى الله عليه وآله في مراجعته ليظهر
لامته أنه ما آثر لمولانا علي عليه السلام وإنما الله جل جلاله آثره كما قال : " ما ينطق
عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ( 1 ) " .
قال صاحب كتاب النشر والطي في تمام حديثه ما هذا لفظه : فهبط جبرئيل عليه السلام
فقال : اقرء : " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " الآية ، وقد بلغنا غدير خم
في وقت لو طرح اللحم فيه على الارض لانشوى ، وانتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله فنادى :
الصلاة جامعة ، ولقد كان أمر علي عليه السلام أعظم عند الله مما يقدر ، فدعا المقداد وسلمان
وأبا ذر وعمار فأمرهم أن يعمدوا إلى أصل شجرتيت فيقموا ما تحتهما فكسحوه ( 2 ) ،
وأمرهم أن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كقامة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمر بثوب فطرح
عليه ، ثم صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر ينظر يمنة ويسرة ، وينتظر اجتماع الناس إليه ،
فلما اجتمعوا فقال :
الحمد لله الذي علا في توحده ودنا في تفرده - إلى أن قال - : أقر له على نفسي
بالعبودية ، وأشهد له بالربوبية ، واؤدي ما أوحى إلي حذار إن لم أفعل أن تحل
بي قارعة ( 3 ) ، أوحى إلي " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " الآية ،
معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزله الله تبارك وتعالى ، وأنا ابين لكم سبب هذه
الآية : إن جبرئيل هبط إلي مرارا أمرني عن السلام أن أقول في المشهد واعلم الابيض
والاسود أن علي بن أبي طالب أخي وخليفتي والامام بعدي ، أيها الناس علمي
- بالمنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم
وكثرة أذاهم لي مرة سموني اذنا لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه ، حتى أنزل الله
" ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن " - محيط ( 4 ) ولو شئت أن اسمي القائلين
___________________________________________________________
( 1 ) سورة النجم : 3 و 4 .
( 2 ) كسح البيت : كنسه .
( 3 ) القارعة : الداهية ، النكبة المهلكة .
( 4 ) خبر لقوله " علمى " والاية في سورة التوبة : 61 .
[132]
بأسمائهم لسميت ، واعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته ( 1 ) على
المهاجرين والانصار ، وعلى التابعين ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى العجمي والعربي
وعلى الحر والمملوك ، وعلى الكبير والصغير ، وعلى الابيض والاسود ، وعلى كل
موحد ، فهو ماض حكمه ، جائز قوله ، نافذ أمره ، ملعون من خالفه ، مرحوم من صدقه ،
معاشر الناس تدبروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ، ولا تتبعوا متشابهه ، فوالله لا
يوضح تفسير إلا الذي أنا آخذ بيده ورافعها بيدي ، ومعلمكم أن من كنت مولاه فهو
مولاه ، وهو علي .
معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي من صلبه هم الثقل
الاصغر ، والقرآن الثقل الاكبر ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ولا تحل إمرة
المؤمنين لاحد بعدي غيره .
ثم ضرب بيده إلى عضده ( 2 ) فرفعه على درجة دون مقامه ، متيامنا عن وجه رسول الله
صلى الله عليه وآله فرفعه بيده وقال : أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : الله ورسوله ،
فقال صلى الله عليه وآله : ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ،
وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، إنما أكمل الله لكم دينكم بولايته وإمامته ،
وما نزلت آية خاطب الله بها المؤمنين إلا بدأ به ، ولا شهد الله بالجنة في " هل أتى " إلا
له ، ولا أنزلها في غيره ، ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي ، لا يبغض
عليا إلا شقي ولا يوالي عليا إلا تقي ، وفي علي نزلت " والعصر " وتفسيرها : ورب
عصر القيامة " إن الانسان لفي خسر " أعداء آل محمد " إلا الذين آمنوا " بولايتهم " وعملوا
الصالحات " بمواساة إخوانهم " وتواصوا بالصبر " في غيبة غائبهم .
معاشر الناس " آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل " أنزل الله النور في ثم في
علي ثم النسل منه إلى المهدي الذي يأخذ بحق الله ، معاشر الناس إني رسول الله
قد خلت من قبلي الرسل ، ألا إن عليا الموصوف بالصبر والشكر ، ثم من بعده من ولده
من صلبه ، معاشر الناس قد ضل من قبلكم أكثر الاولين ، أنا صراط الله المستقيم الذي
أمركم أن تسلكوا إليه ، ثم علي من بعدي ، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : مفترض الطاعة خ ل .
( 2 ) : على عضده خ ل .
[133]
بالحق ، إني قد بينت لكم وفهمتكم ، هذا علي يفهمكم بعدي ، ألا وإن عند انقطاع
خطبتي أدعوكم إلى مصافحتي على بيعته ، وإلاقرار له بولايته ، ألا إني بايعت الله وعلي
بايع لي ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى
بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " .
معاشر الناس أنتم أكثر من أن تصافحوني بكف واحد ، قد أمرني الله أن آخذ من
ألستنكم الاقرار بما عقدتم الامرة لعلي بن أبي طالب ، ومن جاء من بعده من
الائمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن دريتي من صلبه ، فليبلغ الحاضر الغائب ، فقولوا
سامعين مطيعين راضين لما بلغت عن ربك : نبايعك على ذلك بقلوبنا وألسنتا وأيدينا ،
على ذلك نحيا ونموت ونبعث ، لا نغير ولانبدل ، ولا نشك ولا نرتاب ، أعطينا بذلك
الله وإياك وعليا والحسن والحسين والائمة الذين ذكرت على كل عهد وميثاق من
قلوبنا وألسنتنا ، لا نبتغي ( 1 ) بذلك بدلا ، ونحن نؤدي ذلك إلى كل من رأينا ، فبادر
الناس بنعم نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله آمنا به بقلوبنا ، وتداكوا ( 2 ) على
رسول الله وعلي بأيديهم إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد ، وباقي ذلك
اليوم إلى أن صليت العشاءان في وقت واحد ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كلما أتى فوج :
" الحمد لله الذي فضلنا على العالمين " .
فصل : وأما ما رواه مسعود بن ناصر السجستاني في صفة نص النبي صلى الله عليه وآله
على مولانا علي عليه السلام بالولاية فإنه مجلد أكثر من عشرين كراسا ، وأما الذي ذكره
محمد بن جرير صاحب التاريخ في ذلك فإنه مجلد ، وكذلك ما ذكره أبوالعباس بن عقدة
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 133 سطر 19 الى ص 141 سطر 18
وغيره من العلماء وأهل الروايات فإنها عدة مجلدات .
فصل : وأما ما جرى من إظهار بعض من حضر في يوم الغدير لكراهة نص النبي
صلى الله عليه وآله على مولانا علي عليه السلام فقد ذكر الثعلبي في تفسير أن الناس تنحوا عن النبي
صلى الله عليه وآله وأمر عليا فجمعهم ، فلما اجتمعوا قام وهو متوسد على يد علي بن أبي طالب
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ونحن لا نبتغى .
( 2 ) تداك عليه القوم : ازدحموا .
[134]
عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنه قد كرهت تخلفكم عني حتى
خيل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني ، ثم قال : لكن علي بن أبي طالب
أنزل الله مني بمنزلتي منه ، فرضي الله عنه كما أنا راض عنه ، فإنه لا يختار على قربي
ومحبتي شيئا ، ثم رفع يديه فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه ، قال : فابتدر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يبكون ويتضرعون ويقولون
يا رسول الله ما تنحينا عنك إلا كراهية أن نثقل عليك ، فنعوذ بالله من سخط رسوله ،
فرضي رسول الله عنهم عند ذلك .
أقول : روى السيد في الطرائف ( 1 ) وابن بطريق في العمدة ( 2 ) عن ابن المغازلي
بإسناده إلى جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بخم ، فتنحى الناس عنه ، فأمر
عليا فجمعهم ، إلى آخر الخبر .
ثم قال في الاقبال :
فصل : وقال مصنف كتاب " النشر والطي " : قال أبوسعيد الخدري : فلم ننصرف
حتى نزلت هذه الآية " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الاسلام دينا " ( 3 ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمد لله على كمال الدين وتمام النعمة
ورضى الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب ونزلت " اليوم يئس الذين كفروا من
دينكم " ( 4 ) الآية ، قال صاحب الكتاب : فقال الصادق عليه السلام : يئس الكفرة وطمع الظلمة .
قلت أنا : وقال مسلم في صحيحه بإسناده إلى طارق بن شهاب قال : قالت اليهود
لعمر : لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الآية " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " نعلم اليوم الذي انزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم
عيدا ، وروى نزول هذه يوم الغدير جماعة من المخالفين ذكرناهم في الطرائف ( 5 ) ، وقال
مصنف كتاب النشر والطي ما هذا لفظه :
___________________________________________________________
( 1 ) ص 34 .
( 2 ) ص 53 .
( 3 و 4 ) المائدة : 3 .
( 5 ) راجع ص 33 - 36 .
[135]
فصل وروي أن الله تعالى عرض عليا على الاعداء يوم الابتهال فرجعوا عن
العداوة ، وعرضه على الاولياء يوم الغدير فصاروا أعداء فشتان ما بينهما ؟ وروى أبو
سعيد السمان بإسناده أن إبليس أتى رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة شيخ حسن السمت فقال :
يا محمد ما أقل من يبايعك على ما تقول في ابن عمك علي ! ؟ فأنزل الله " ولقد صدق
عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين " ( 1 ) فاجتمع جماعة من المنافقين الذين
نكثوا عهده فقالوا : قد قال محمد بالامس في مسجد الخيف ما قال وقال ههنا ما قال ، فإن
رجع إلى المدينة يأخذ البيعة له ، والرأي أن نقتل محمدا قبل أن يدخل المدينة ، فلما
كان في تلك الليلة قعد له صلى الله عليه وآله أربعة عشر رجلا في العقبة ليقتلوه - وهي عقبة بين
الجحفة والابواء - فقعد سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقته ، فلما
أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله صلى وارتحل ، وتقدم أصحابه وكان على ناقة ناجية فلما صعد
العقبة ناداه جبرئيل : يا محمد إن فلانا وفلانا ، وسماهم كلهم وذكر صاحب الكتاب
أسماء القوم المشار اليهم ثم قال : قال جبرئيل : يا محمد هؤلاء قد قعدوا لك في العقبة
ليغتالوك ( 2 ) ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى من خلفه فقال : من هذا خلفي ؟ فقال حذيفة
ابن اليمان : أنا حذيفة يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله : سمعت ما سمعناه ؟ قال : نعم ، قال :
اكتم ، ثم دنا منهم فناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فلما سمعوا نداء رسول الله صلى الله عليه وآله
مروا ودخلوا في غمار الناس وتركوا رواحلهم وقد كانوا عقلوها داخل العقبة ، ولحق
الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وانتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رواحلهم فعرفها ، فلما نزل قال
ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتل لا يرد ( 3 ) هذا الامر إلى أهل
بيته ثم هموا بما هموا به ؟ فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحلفون أنهم لم يهموا بشئ
من ذلك ! فأنزل الله تبارك وتعالى " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا
بعد إسلامهم وهموا بمالم ينالوا " ( 4 ) الآية .
___________________________________________________________
( 1 ) سورة سبأ : 20 .
( 2 ) ليقتلوك خ ل .
( 3 ) في المصدر : لا نرد .
( 4 ) سورة التوبة : 74 .
[136]
فصل : وبلغ أمر الحسد لمونا علي عليه السلام على ذلك المقام والانعام إلى بعضهم
الهلاك والاصطلام ( 1 ) ! فروى الحاكم عبيدالله بن عبدالله الحسكاني في كتاب " دعاء
الهداة إلى أداء حق الموالاة " وهو من أعيان رجال الجمهور فقال : قرأت على أبي بكر
محمد بن محمد الصيدلاني فأقر به ، حدثكم أبومحمد عبدالله بن أحمد بن جعفر الشيباني ،
حدثنا عبدالرحمان بن الحسين الاسدي ، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، حدثنا
الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان بن سعيد ، حدثنا منصور بن ربعي ، عن حذيفة بن
اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، قام
النعمان بن المنذر الفهري فقال : هذا شئ قلته من عندك أو شئ أمرك به ربك ؟ قال :
لا بل أمرني به ربي ، فقال : اللهم أنزل علينا حجارة من السماء ، فما بلغ رحله حتى
جاءه حجر فأدماه ( 2 ) ، فخر ميتا ، فأنزل الله تعالى " سأل سائل بعذاب واقع " ( 3 ) .
أقول : وروى هذا الحديث الثعلبي في تفسير للقرآن بأفضل وأكمل من هذه
الرواية ، وكذلك رواه صاحب كتاب " النشر والطي " قال : لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله
بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي عليه السلام وقال : من كنت مولاه فعلي
مولاه ، فشاع ذلك في كل بلد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعان الفهري فأتى رسول الله
صلى الله عليه وآله على ناقة له حتى أتى الابطح ، فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها ، ثم أتى النبي
وهو في ملاء من أصحابه قال : يا محم أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك
رسول الله فقبلناه ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه ، وأمرتنا بالحج فقبلناه ، ثم لم ترض
بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ،
أهذا شئ من عندك أم من الله ؟ فقال : والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله ، فولى
الحارث يريد راحلته وهو يقول : الله إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من
السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج
___________________________________________________________
( 1 ) اصطلمه : استأصله .
( 2 ) ادمى الرجل : أسال دمه .
( 3 ) سورة المعارج : 1 .
( 4 ) في المصدر : بضبعى ابن عمك .
[137]
من دبره فقتله ( 1 ) .
بيان : ناقة ناجية ونجية : سريعة .
25 - ك : محمد بن إبراهيم ، عن العباس بن الفضل ، عن أبي ذرعة ( 2 ) ، عن كثير
بن يحيى بن أبي مالك ، عن أبي عوانة ، عن الاعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عمرو بن واثلة ،
عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع نزل بغدير خم ، ثم
بدوحات فقم ما تحتهن ( 3 ) ، ثم قال : كأني قد دعيت فأجببت ، إني تارك فيكم
الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي ( 4 ) ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ،
فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله مولاي وأنا مولى كل
مؤمن ( 5 ) ، أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : من كنت وليه فهذا وليه ،
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : قلت لزيد بن أرقم : أنت سمعته من رسول
الله ؟ قال : ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه باذنه ( 6 ) .
ك : محمد بن عمر الحافظ ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أحمد بن معلا ، عن يحيى بن
حماد ، عن أبي عوانة مثله ( 7 ) .
26 - شف : من كتاب محمد بن أبي الثلج بإسناده قال : قال أبوعبدالله جعفر الصادق
عليه السلام ، أنزل الله عزوجل على نبيه صلى الله عليه وآله بكراع الغميم " يا أيها الرسول بلغ ما انزل
إليك من ربك " في علي " وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "
فذكر قيام رسول الله بالولاية بغدير خم ، قال : ونزل جبرئيل بقول الله عزوجل " اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " بعلي أمير المؤمنين -
___________________________________________________________
( 1 ) اقبال الاعمال : 453 و 459 .
( 2 ) في المصدر : عن أبى نهرعة .
( 3 ) : فقممن ما تحتهن .
( 4 ) في المصدر : وعترتى أهل بيتى .
( 5 ) : كل مؤمن ومؤمنة .
( 6 ) كمال الدين : 136 .
وفيه : الارآه بعينيه وسمعه باذنيه .
( 7 ) : 138 .
[138]
في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين والانصار دينكم ، وأتم عليكم نعمته ، ورضي
لكم الاسلام دينا ، فاسمعوا له وأطيعوا تفوزوا وتغنموا ( 1 ) .
27 - شى : عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : آخر فريضة أنزلها الله الولاية
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فلم ينزل
من الفرائض شيئا بعدها حتى قبض الله رسوله ( 2 ) .
28 - شى : عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
لما نزل رسول الله عرفات يوم الجمعة أتاه جبرئيل فقال له يا محمد : إن الله يقرؤك السلام
ويقول لك : قلا لامتك " اليوم أكملت لكم دينكم " بولاية علي بن أبي طالب " وأتممت
عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " ولست انزل عليكم بعد هذا ، قد أنزلت عليكم
الصلاة والزكاة والصوم والحج وهي الخامسة ، ولست أقبل هذه الاربعة إلا بها ( 3 ) .
29 - شى : عن ابن اذينة قال سمعت زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : إن الفريضة كانت
تنزل ثم تنزل الفريضة الاخرى ، فكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله تعالى " اليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فقال أبوجعفر
عليه السلام : يقول الله لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة ( 4 ) .
شى : عن هاشم بن سالم ، عن أبي عبدالله قال : تمام النعمة دخول الجنة ( 5 ) .
30 - شى : عن صفوان الجمال قال : قال أبوعبدالله : لما نزلت هذه الآية بالولاية أمر
رسول الله صلى الله عليه وآله بالدوحات دوحات غدير خم فقممن ، ثم نودي : الصلاة جامعة ، ثم
قال : أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال ، فمن كنت مولاه
فعلي مولاه ، رب وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم أمر الناس بيعته ، وبايعه الناس
لا يجئ أحد إلا بايعه لا يتكلم ، حتى جاء أبوبكر فقال : يابا بكر بايع عليا بالولاية ،
فقال : من الله أو من رسوله ؟ فقال : من الله ومن رسوله ، جاء عمر فقال : بايع عليا
بالولاية ، فقال : من الله أو من رسوله ؟ فقال : من الله ورسوله ، ثم ثنى عطفيه فالتفت
___________________________________________________________
( 1 ) اليقين : 46 .
( 2 - 5 ) مخطوط ، وأوردهما في البرهان 1 : 444 .
[139]
فقال لابي بكر : لشد ما يرفع بضبعي ابن عمه ؟ ثم خرج هاربا من المعسكر ، فما لبث
أن أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله إني خرجت من العسكر لحاجة ، فرأيت رجلا
عليه ثياب لم أر أحسن منه ، والرجل من أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، فقال :
لقد عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عقدا لا يحله إلا كافر ، فقال : يا عمر أتدري من ذاك ؟
قال : لا ، قال : ذاك جبرئيل فاحذر أن تكون أول من تحله فتكفر ، ثم قال أبوعبدالله
عليه السلام : لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل يشهدون لعلي بن أبي طالب عليه السلام فما قدر
على أخذ حقه ، وإن أحدكم يكون له المال وله شاهدان فيأخذ حقه " فإن حزب الله
هم الغالبون " في علي عليه السلام ( 1 ) .
31 - شى : عن أبي صالح عن ابن عباس وجابر بن عبدالله قالا : أمر الل محمد أن
ينصب عليا للناس ليخبرهم بولايته ، فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقولوا : جاء بابن
عمه ، وأن يطغوا في ذلك عليه ، فأوحى الله إليه " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك
وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فقام رسول الله صلى الله عليه وآله بولايته
يوم غدير خم ( 2 ) .
32 - شى : عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما نزل
جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب " يا أيها
الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " إلى آخر الآية قال : فمكث النبي صلى الله عليه وآله ثلاثا
حتى أتى الجحفة ، فلم يأخذ بيده فرقا من الناس ( 3 ) ، فلما نزل الحجة يوم الغدير
في مكان يقال له مهيعة ( 4 ) فنادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وآله :
من أولى بكم من أنفسكم ؟ قال : فجهروا فقالوا : الله ورسوله ، ثم قال لهم الثانية فقالوا :
الله ورسوله ، ثم قال لهم الثالثة فقالوا : الله ورسوله ، فأخذ بيد علي عليه السلام فقال ، من كنت
مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ،
___________________________________________________________
( 1 و 2 ) مخطوط .
( 3 ) الفرق - بفتح الفاء والراء - : الفزع .
( 4 ) قال في المراصد ( 3 : 1340 ) : مهيعة بالفتح ثم السكون وياء مفتوحة وعين مهملة ،
وهى الجحفة .
وقيل : قريب منها .
[140]
فإنه مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي ( 1 ) .
33 - شى : عن عمر بن يزيد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام ابتداء منه : العجب يا
باحفص لما لقي علي بن أبي طالب ! ، إنه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ
حقه والرجل يأخذ حقه بشاهدين ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج من المدينة حاجا وتبعه
خمسة آلاف ، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة ، فلما انتهى إلى الجحفة
نزل جبرئيل بولاية علي عليه السلام وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول الله من القيام بها لمكان
الناس ، فقال : " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته
والله يعصمك من الناس " مما كرهت بمنى ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فقمت السمرات ( 2 )
فقال رجل من الناس : أما والله ليأتينكم بداهية ، فقلت لعمر ( 3 ) : من الرجل ؟ فقال :
الحبشي ( 4 ) .
بيان : الحبشي هو عمر لانتسابه إلى الصهاكة الحبشية .
34 - شى : عن زياد بن المنذر قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام وهو
يحدث الناس ، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الاعشى ، كان يروي عن
الحسن البصري ، فقال : ياابن رسول الله جعلت فداك إن الحسن البصري يحدثنا
حدثنا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل " يا أيها الرسول بلغ
ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " تفسيرها : أتخشى الناس فالله
يعصمك من الناس ! فقال أبوجعفر عليه السلام : ماله لاقضى الله دينه - يعني صلاته - أما أن
لوشاء أن يخبر به خبر به ، إن جبرئيل هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إن ربك تبارك
وتعالى يأمرك أن تدل امتك على صلاتهم ، فدله على الصلاة واحتج بها عليه ، فدل
رسول الله صلى الله عليه وآله امته عليها واحتج بها عليهم ، ثم أتاه فقال : إن الله تبارك وتعالى يأمرك
أن تدل امتك من زكاتهم على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم ، فدله على الزكاة واحتج
بها عليها ، فدل رسول الله امته على الزكاة واحتج بها عليهم ، ثم أتاه جبرئيل فقال :
___________________________________________________________
( 1 و 4 ) مخطوط .
( 2 ) السمر - بفتح السين وضم الميم - اسم شجر .
( 3 ) أى عمر بن يزيد راوى الحديث .