[211]

معاشر الناس " اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " .
معاشر الناس " آمنوا بالله ورسوله والنور الذي انزل معه من قبل أن نطمس ( 1 ) وجوها فنردها على أدبارها " .
معاشر الناس النور من الله عزوجل في مسلوك ثم في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا ، لان الله عزوجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين والغاصبين من جميع العالمين .
معاشر الناس انذركم أني رسول الله قد خلت ( 2 ) من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ، ألا وإن عليا هو الموصوف بالصبر والشكر ، ثم من بعده ولدي من صلبه .
معاشر الناس لا تمنوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم فيصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد .
معاشر الناس سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون معاشر الناس إن الله وأنا بريئان منهم .
معاشر الناس إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم ( 3 ) " في الدرك الاسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين " ، ألا إنهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته قال : فذهب ( 4 ) على الناس إلا شر ذمة منهم أمر الصحيفة .
معاشر الناس إنى أدعها إمامة ووراثة ( 5 ) في عقبي إلى يوم القيامة ، وقد بلغت ما امرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب ، وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد ولد أو لم يولد ، فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة ، وسيجعلونها ملكا

___________________________________________________________
( 1 ) طمس الشئ : محاه وأهلكه .
( 2 ) في المصدر : أنذرتكم انى رسول قد خلت اه .
( 3 ) : وأتباعهم وأشياعهم .
( 4 ) أى خفى .
( 5 ) في المصدر : امامة وراثة .

[212]

واغتصابا ، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين ، وعندها سنفرغ لكم أيها الثقلان ( 1 ) فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ( 2 ) .
معاشر الناس إن الله عزوجل لم يكن يذركم " على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب " .
معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى ، وهذا ( 3 ) إمامكم ووليكم ، وهو مواعيد الله والله يصدق وعده ( 4 ) .
معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الاولين ، والله قد أهلك الاولين وهو مهلك الآخرين ( 5 ) .
معاشر الناس إن الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت عليا ونهيته ، فعلم الامر والنهي من ربه عزوجل ، فاسمعوا لامره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا ، وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله .
معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه ، ثم علي من بعدي ، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق ( 6 ) وبه يعدلون .
ثم قرأ صلى الله عليه وآله : " الحمد لله رب العالمين " إلى آخرها ، وقال : في نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت ، اولئك " أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ، ألا إن حزب الله هم المفلحون الغالبون ( 7 ) ، ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق العادون ( 8 ) وإخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ، ألا إن أولياءهم

___________________________________________________________
( 1 ) أى سنقصد لحسابكم ايها الجن والانس .
( 2 ) الشواظ : لهب لا دخان فيه .
والنحاس : الصفر المذاب أو هو بمعنى الشواظ .
( 3 ) في المصدر : وهذا على اه .
( 4 ) في المصدر : يصدق ما وعده .
( 5 ) في المصدر بعد ذلك : قال الله تعالى : " الم نهلك الاولين * ثم نتبعهم الاخرين * كذلك نفعل بالمجرمين * ويل يومئذ للمكذبين " .
والايات في سورة المرسلات : 16 - 19 .
( 6 ) في المصدر : إلى الحق .
( 7 ) في المصدر و ( م ) : هم الغالبون .
( 8 ) في المصدر : هم اهل الشقاق والنفاق والحادون وهم العادون .

[213]

هم المؤمنون الذين ( 1 ) ذكرهم الله في كتابه فقال عزوجل : " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ( 2 ) " إلى آخر الآية ، ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عزوجل فقال : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون ( 3 ) " ألا إن أولياءهم الذين ( 4 ) يدخلون الجنة آمنين ، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين ، ألا إن أولياءهم الذين قال الله عزوجل : " يدخلون الجنة بغير حساب ( 5 ) " ألا إن أعداءهم الذين يصلون ( 6 ) سعيرا ، ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت امة لعنت اختها ، ألا إن أعداءهم الذين قال الله عزوجل : " كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير " إلى قوله : " فسحقا لاصحاب السعير ( 7 ) ألا إن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير .
معاشر الناس شتان ما بين السعير والجنة ، فعدونا ( 8 ) من ذمه الله ولعنه ، وولينا من مدحه الله وأحبه .
معاشر الناس ألا وإني منذر وعلي هاد .
معاشر الناس إني نبي وعلي وصيي ، ألا إن خاتم الائمة منا القائم المهدي ، ألا إنه الظاهر على الدين ، ألا إنه المنتقم من الظالمين ، ألا إنه فاتح الحصون وهادمها ، ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك ، ألا إنه المدرك بكل ثار لاولياء الله عزوجل ، ألا أنه الناصر لدين الله ، ألا إنه الغراف ( 9 ) من بحر عميق ، ألا إنه قسيم ( 10 ) كل ذي

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ألا إن اولياءهم الذين اه .

-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 213 سطر 19 الى ص 221 سطر 18 ( 2 ) سورة المجادلة : 22 .
( 3 ) سورة الانعام : 82 .
( 4 ) في المصدر : الذين وصفهم الله عزوجل فقال : الذين اه .
( 5 ) اصل الاية " فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب " سورة المؤمن : 40 .
( 6 ) صلى فلانا النار : أدخله إياها وأثواه فيها .
( 7 ) سورة الملك : 8 - 11 .
( 8 ) في المصدر : عدونا .
( 9 ) غرف الماء بيده : أخذه بها .
( 10 ) في المصدر : بسم .

[214]

فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله ، ألا إنه خيرة الله ومختاره ، ألا إن وارث كل علم والمحيط به ، إلا إنه المخبر عن ربه عزوجل والمنبه بأمر إيمانه ، ألا إنه الرشيد السديد ، ألا إنه المفوض إليه ، ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه ، ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده ، ولا حق إلا معه ، ولا نور إلا عنده ، ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه ، ألا وإنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته .
معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم ، وهذا علي يفهمكم بعدي ، ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقته بعدي ، ألا إني قد بايعت الله وعلي قد بايعني ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عزوجل " ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ( 1 ) " الآية ، معاشر الناس " إن الحج والعمرة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر ( 2 ) الآية .
معاشر الناس حجوا البيت فما ورده أهل بيت إلا استغنوا ، ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا .
معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فإذا انقضت حجه استونف عليه عمله .
معاشر الناس الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة " والله لا يضيع أجر المحسنين " .
معاشر الناس حجوا البيت بكمال الدين والتفقه ، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع ( 3 ) .
معاشر الناس أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله عزوجل ، لئن طال عليكم الامد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم وبين لكم ( 4 ) ، الذي نصبه الله عزوجل بعدي ، ومن خلقه الله مني وأنا منه ، يخبركم بما تسألون عنه ، ويبين لكم ما لا تعلمون ، ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن احصيهما واعرفهما فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام

___________________________________________________________
( 1 ) سورة الفتح : 10 .
( 2 ) سورة البقرة : 158 .
والصحيح " ان الصفا والمروة من شعائر الله " .
( 3 ) أقلع عن كذا : كف عنه وتركه .
( 4 ) في المصدر : ومبين لكم .

[215]

واحد ، فامرت أن آخذ البيعة عليكم ( 1 ) والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عزوجل في علي أمير المؤمنين والائمة من بعده ، الذينهم مني ومنه أئمة قائمهم فيهم المهدي إلى يوم القيامة ، الذي يقضي بالحق .
معاشر الناس وكل حلال دللتكم عليه وكل حرام ( 2 ) نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم ابدل ، ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه ، ألا وإني اجدد القول ، ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وائمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، ألا وإن رأس الامر بالعروف ( 3 ) أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره ، تأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته ، فإنه أمر من الله عزوجل ومني ، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم .
معاشر الناس القرآن يعرفكم أن الائمة من بعده ولده ، وعرفتكم أنهم مني ومنه ( 4 ) حيث يقول الله عزوجل : " كلمة باقية في عقبه ( 5 ) " وقلت : لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما .
معاشر الناس التقوى التقوى ، واحذروا الساعة كما قال الله عزوجل : " إن زلزلة الساعة شئ عظيم ( 6 ) " اذكروا والممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب ، ومن جاء بالحسنة اثيب ( 7 ) ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب .
معاشر الناس إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحد في وقت واحد ، وأمرني الله عزوجل أن آخذ من ألسنتكم الاقرار بما عقدت لعلي من إمرة المؤمنين ، ومن جاء بعده من الائمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه ، فقولوا بأجمعكم إنا

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : منكم .
( 2 ) : أو حرام .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : والنهى عن المنكر .
( 4 ) في المصدر : وعرفتكم أنه منى وأنا منه .
( 5 ) سورة الزخرف : 28 .
( 6 ) سورة الحج : 1 .
( 7 ) في المصدر : اثيب عليها .

[216]

سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه من الائمة ، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا ، على ذلك نحيا ونموت ونبعث ، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب ، ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ( 1 ) وعليا أمير المؤمنين وولده الائمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين الذين قد عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي ، فقد أديت ذلك إليكم فإنهما سيدا شباب أهل الجنة ، وإنهما الامامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله ، فقولوا : أطعنا الله ( 2 ) بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والائمة الذين ذكرت ، عهدا ( 3 ) وميثاقا مأخوذا لامير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا - من أدركهما بيده وأقر بهما بلسانه ( 4 ) - لا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا [ نحن نؤدي ذلك عنك الداني والقاصي من أولادنا وأهالينا ] أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا ، وأنت علينا به شهيد ، وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده ، والله أكبر من كل شهيد .
معاشر الناس ما تقولون ؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس " فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ( 5 ) " ومن بايع فإنما يبايع الله " يد الله فوق أيديهم ( 6 ) " .
معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - والحسن والحسين والائمة - عليهم السلام - كلمة طيبة باقية ، يهلك الله من غدر ، ويرحم ( 7 ) من وفا " فمن نكث فإنما ينكث ( 8 ) " الآية .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : نطيع الله ونطيعك اه .
( 2 ) : أعطانا الله .
( 3 ) أى عهدنا عهدا .
( 4 ) الظاهر أن هذه الجملة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ، بلى هى توضيح وبيان من الراوى ، أى من أدرك من الجماعة رسول الله وامير المؤمنين صلوات الله عليهما فبايعهما وصافقهما بيده .
( 5 ) سورة الزمر : 41 .
( 6 و 8 ) سورة الفتح : 10 .
( 7 ) في المصدر : ويرحم الله .

[217]

معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم ، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين ، وقولوا : " سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( 1 ) " وقولوا : " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ( 2 ) " .
معاشر الناس إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عزوجل ، وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن احصيها في مقام واحد ، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه .
معاشر الناس من يطع الله ورسوله وعليا والائمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما .
معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بامرة المؤمنين ، اولئك الفائزون في جنات النعيم .
معاشر الناس قولوا ما يرضى الله عنكم ( 3 ) من القول ، فإن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فلن تضروا الله شيئا ، اللهم اغفر للمؤمنين واعطب على الكافرين ( 4 ) والحمد لله رب العالمين .
فنادته القوم : نعم سمعنا وأطعنا أمر الله ( 5 ) وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا ، وتداكوا ( 6 ) على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي عليه السلام وصافقوا بأيديهم ، فكان أول من صافق رسول الله صلى الله عليه وآله الاول والثاني والثالث والرابع والخامس - عليهم ما عليهم - وباقي المهاجرين والانصار ، وباقي الناس عن آخرهم على قدر منازلهم ( 7 ) ، إلى أن صليت الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد ، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول كلما بايع قوم : الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين ، وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها ( 8 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) سورة البقرة : 285 .
( 2 ) سورة الاعراف : 43 .
( 3 ) في المصدر : ما يرضى الله به عنكم .
( 4 ) عطب عليه : غضب اشد الغضب .
وفى المصدر : واغضب على الكافرين .
( 5 ) في المصدر : على امر الله .
( 6 ) اى ازدحموا .
( 7 ) في المصدر : على طبقاتهم وقدر منازلهم .
( 8 ) الاحتجاج للطبرسى : 33 - 41 .

[218]

شف : أحمد بن محمد الطبري من علماء المخالفين رواه في كتابه عن محمد بن أبي بكر ابن عبدالرحمان ، عن الحسن بن علي أبي محمد الدينوري ، عن محمد بن موسى الهمداني إلى آخر الخبر ( 1 ) .
بيان : أقول روى أكثر هذه الخطبة مما يتعلق بالنص والفضائل مؤلف كتاب الصراط المستقيم عن محمد بن جرير الطبري في كتاب الولاية بإسناده إلى زيد بن أرقم ، وروى جميعا الشيخ علي بن يوسف بن المطهر رحمه الله عن زيد بن أرقم .
قوله صلى الله عليه وآله : " عظم في أركانه " أي بسبب صفاته التي لجلاله بمنزلة الاركان ، أو في العرش والكرسي والسماوات والارضين التي هي أركان مخلوقاته ، أو بسبب عزه ومنعته ، أو جنوده التي تتبع قدرته الذاتية .
قال الفيروز آبادي : الركن بالضم الجانب الاقوى والامر العظيم وما يقوى به من ملك وجند وغيره والعز والمنعة ( 2 ) .
قوله صلى الله عليه وآله : " وهو في مكانه " أي في منزلته ورفعته أي ليس علمه بالاشياء على وجه ينافي عظمته وتقدسه بأن يدنو منها أو يتمزج بها أو ترتسم صورها فيه .
قوله صلى الله عليه وآله : " ومفلك الافلاك " أي خالقها ، إذ قبل وجودها لا يصدق عليها أنها فلك ، أو محركها أو مديرها .
قوله صلى الله عليه وآله : " وهو السلام " أي السالم من النقائص والآفات المسلم غيره منها لا غيره ( 3 ) ، فلا تكرار ، ويحتمل التأكيد ، والادغال جمع الدغل - بالتحريك - وهو دخول ما يفسد ، والموضع يخاف فيه الاغتيال .
والختل - بالتحريك - الخديعة .
قوله : " قل اذن على الذين يزعمون " يمكن أن يكون في مصحفهم عليهم السلام هكذا ، ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى ، إذ كونه اذن خير إنما يكون بأن يستمع إلى الاخبار وهم لا يظنون به إلا خيرا ، ويحتمل أن يكون تفسيرا لقوله : " يؤمن للمؤمنين " أي يؤمن للمؤمنين بأنه كذلك ، وفي رواية السيد هذه الزيادة بين الآية ( 4 ) وهو الاظهر .
قال الطبرسي : " هو اذن " معناه أنه يستمع إلى ما يقال له ويصغي إليه ويقبله

___________________________________________________________
( 1 ) اليقين : 113 - 115 .
وبينهما اختلافات كثيرة اشرنا إلى بعضها .
( 2 ) القاموس المحيط 4 : 229 .
( 3 ) اى هو المسلم غيره من النقائص والافات لا غيره .
( 4 ) وفى المطبوع من " اليقين " ليست هذه الزيادة اصلا .

[219]

" قل " يامحمد " اذن خير لكم " أي هو اذن خير يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحي وقيل : معناه : هو يسمع الخير ويعمل به " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " معناه أنه لا يضره كونه اذنا فإنه اذن خير فلا يقبل إلا الخبر الصادق من الله ويصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه ، ويقبل منهم دون المنافقين ، انتهى ( 1 ) .
قوله صلى الله عليه وآله : " في هذا المشهد " أي في هذا المكان أو في مثل هذا المجمع ، إذ تفرق كثير من الناس بعده ولم يجتمعوا له بعد ذلك .
ويقال : شاله أي رفعه .
قوله صلى الله عليه وآله : " هو مواعيد الله " أي محمد مواعيد الله ما يكون في الرجعة والقيامة وغيرهما .
قوله صلى الله عليه وآله : " ولهم عمت " أي شملت جميع أهل البيت وهي مخصوصة بهم ( 2 ) لا يشركهم فيها غيرهم .
87 - ج : روي عن الصادق عليه السلام أنه ( 3 ) لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الخطبة رئي في الناس رجل جميل بهي طيب الريح فقال : تالله ما رأيت كاليوم قط ( 4 ) ما أشد ما يؤكد لابن عمه ! وإنه لعقد ( 5 ) له عقدا لا يحله إلا كافرا بالله العظيم وبرسوله الكريم ، ويل طويل لمن حل عقده ، قال : فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته ، ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال : أما سمعت ما قال هذا الرجل كذا وكذا ( 6 ) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عمر أتدري من ذلك الرجل ؟ قال : لا ، قال : ذلك الروح الامين جبرئيل ، فإياك أن تحله ، فإنك إن فعلت فالله ورسوله وملائكته والمؤمنون منك برآء ( 7 ) : 88 - كشف : من مناقب الخوارزمي وقد أورده أحمد في مسنده عن ابن عباس

___________________________________________________________
( 1 ) مجمع البيان 5 : 44 و 45 .
( 2 ) وهذا توضيح لقوله " واياهم خصت " .
( 3 ) في المصدر : انه قال .
( 4 ) في المصدر : ما رايت محمدا كاليوم قط .
( 5 ) : وانه يعقد .
( 6 ) : اما سمعت ما قال هذا الرجل ؟ قال كذا وكذا .
( 7 ) الاحتجاج للطبرسى : 41 .

[220]

عن بريدة الاسلمي قال : قد غزوت ( 1 ) مع علي إلى اليمن ، فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرت عليا فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله تغير ، فقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه .
ونقلت من مسند أحمد بن حنبل عن بريدة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في سرية قال : فلما قدمنا قال : كيف رأيتم صحابة صاحبكم ؟ قال : فإما شكوته أو شكاه غيري ، قال : فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا ( 2 ) ، قال : فإذا النبي قد احمر وجهه وهو يقول : من كنت وليه فعلي وليه .
وبالاسناد عن بريدة من المسند المذكور قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن وليد ، فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده ، قال : فلقينا بني زبيد من أهل اليمن فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على المشركين ، فقلنا المقاتلة وسبينا الذرية ، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره بذلك ، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وآله دفعت الكتاب فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : يا رسول الله هذا مكان العائذ بك ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن اطيعه ( 3 ) ففعلت ما ارسلت به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي .
ومن صحيح الترمذي عن عمران بن حصين ( 4 ) قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمشى في السرية وأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله فقالوا : إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي ،

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( م ) قال : غزوت .
( 2 ) المكباب : الكثير النظر إلى الارض .
( 3 ) في المصدر : وأمرتنى بطاعته .
( 4 ) كذا في المصدر ، وفى نسخ الكتاب : محمد بن حصين ، لكنه سهو ، راجع اسد الغابة 4 : 137 و 138 .