[ 21 ]

وجورا ، وأنه يكون عند ظهوره شابا قويا في صورة أبناء ( 1 ) نيف وثلاثين سنة ، وأثبتوا ذلك في معجزاته ، وجعلوه في جملة دلائله ( 2 ) وآياته .
وقالت فرقة ممن دانت بإمامة الحسن : إنه حي لم يمت ، وإنما غاب وهو القائم المنتظر .
وقالت فرقة اخرى : إن أبا محمد مات وعاش بعد موته ، وهو القائم المهدي ،
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 21 سطر 6 الى ص 29 سطر 6 واعتلوا في ذلك بخبر رووه أن القائم إنما سمي بذلك لانه يقوم بعد الموت .
وقالت فرقة اخرى : إن أبا محمد توفي ( 3 ) لا محالة ، وأن الامامة من بعده أخوه جعفر بن علي ، واعتلوا في ذلك بالرواية عن أبي عبدالله عليه السلام " إن الامام هو الذي لا يوجد منه ملجأ إلا إليه " قالوا : فلما لم نر للحسن ولدا ظاهرا التجأنا إلى القول بامامة جعفر أخيه ! ورجعت فرقة ممن كانت تقول بإمامة الحسن عن إمامته عند وفاته ، وقالوا : لم يكن إماما وكان مدعيا مبطلا ! وأنكروا إمامة أخيه محمد ، وقالوا : الامام جعفر بن علي بنص أبيه عليه ، قالوا : وإنما قلنا بذلك لان محمد مات في حياة أبيه والامام لا يموت في حياة أبيه ، وأما الحسن فلم يكن له عقب ، والامام لا يخرج من الدنيا حتى يكون له عقب .
وقالت فرقة اخرى : إن الامام محمد بن علي أخو الحسن بن علي ، ورجعوا عن إمامة الحسن وادعوا حياة محمد بعد أن كانوا ينكرون ذلك ! وقالت فرقة اخرى : إن الامام بعد الحسن ابنه المنتظر وأنه علي بن الحسن ، وليس كما يقول القطعية أنه محمد بن الحسن ، وقالوا بعد ذلك بمقال القطعية ( 4 ) في الغيبة والانتظار حرفا بحرف ( 5 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : في صورة ابن اه .
( 2 ) : من جملة دلائله .
( 3 ) : قد توفى .
( 4 ) : بمقالة القطعية .
( 5 ) حرفا فحرفا .

[ 22 ]

وقالت فرقة اخرى : إن القائم ابن الحسن ولد بعد أبيه ( 1 ) بثمانية أشهر ، وهو المنتظر ، وأكذبوا من زعم أنه ولد في حياة أبيه .
وقالت فرقة الاخرى : إن أبا محمد مات عن غير ولد ظاهر ولكن عن حبل من بعض جواريه ، والقائم من بعد الحسن محمول به وما ولدته امه بعد ، وأنه يجوز أنها تبقى مائة سنة حاملا ! فإذا ولدته ظهرت ولادته .
وقالت فرقة اخرى : إن الامامة قد بطلت بعد الحسن وارتفعت الائمة ، وليس في أرض ( 2 ) حجة من آل محمد صلى الله عليه وآله ! وإنما الحجة الاخبار الواردة عن الائمة المتقدمين عليهم السلام ، وزعموا أن ذلك سائغ ( 3 ) إذا غضب الله على العباد فجعله عقوبة لهم .
وقالت فرقة اخرى : إن محمد بن علي أخا الحسن بن علي كان الامام في الحقيقة مع أبيه علي ، وأنه لما حضرته الوفاة وصى إلى غلام له يقال له نفيس ، وكان ثقة أمينا ، ودفع إليه الكتب والسلاح ، ووصاه أن يسلمه إلى أخيه جعفر ، فسلمه إليه ، وكانت الامامة في جعفر بعد محمد على هذا الترتيب .
وقالت فرقة اخرى : قد علمنا أن الحسن كان إماما ، فلما قبض التبس الامر علينا ، فلا ندري أجعفر كان الامام من بعده أم غيره ، والذي يجب علينا أن نقطع أنه ( 4 ) لابد من إمام ولا نقدم على القول بإمامة أحد بعينه حتى تبين لنا ذلك .
وقالت فرقة اخرى : إن الامام ( 5 ) بعد الحسن ابنه محمد وهو المنتظر ، غير أنه قد مات وسيحيا ، يقوم بالسيف فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
وقالت الفرقة الرابعة عشر منهم : إن أبا محمد كان الامام بعد أبيه ، وإنه لما حضرته الوفاة نص على أخيه جعفر بن علي بن محدم بن علي ، وكان الامام من بعده بالنص عليه والوارثة له ، وزعموا أن الذي دعاهم إلى ذلك ما يجب في العقول من

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ان القائم محمد بن الحسن ولد بعد موت أبى اه .
( 2 ) كذا في النسخ : وفى المصدر : وليس في الارض .
( 3 ) اى جائز .
وفى المصدر : شانع .
( 4 ) في المصدر : أن نقطع على أنه .
( 5 ) : بل الامام .

[ 23 ]

وجوب الامام ( 1 ) مع فقدهم لولد الحسن وبطلان دعوى من ادعى وجوده فيما زعموا من الامامية .
قال الشيخ أدام الله عزه : وليس من هؤلاء الفرق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذا وهو من سنة ( 2 ) ثلاث وسبعين وثلاث مائة إلا الامامية إلاثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن ، المسمى باسم رسول الله صلى الله عليه وآله ، القاطعة على حياته وبقائه إلى وقت قيامه بالسيف حسب ما شرحناه فيما تقدم عنهم ، وهم أكثر فرق الشيعة عددا وعلما ، ومتكلمون نظار وصالحون عباد متفقهة ( 3 ) وأصحاب حديث وادباء وشعراءوهم وجه الامامية ورؤساء جماعتهم والمعتمد عليهم في الديانة ، ومن سواهم منقرضون لا يعلم أحد من الاربع عشر ( 4 ) فرقة التي قدمنا ذكرها ظاهرا بمقاله ولا موجودا على هذا الوصف من ديانته ، وإنما الحاصل منهم خبر عمن سلف ( 5 ) ، وأراجيف بوجود قوم منهم لا يثبت ( 6 ) .
وأما الفرقة القائلة بحياة أبي محمد عليه السلام فإنه يقال لها : ما الفصل بينك وبين الواقفة والناووسية ؟ فلا يجدون فصلا .
وأما الفرقة التي زعمت ( 7 ) أن أبا محمد عاش من بعد موته وهو المنتظر فإنه يقال لها : إذا جاز أن تخلو الدنيا من إمام حي يوما فلم لا جاز أن يخلو منه سنة ؟ وما الفرق بين ذلك وبين أن تخلو أبدا من إمام ؟ وهذا خروج عن مذهب الامامية ، وقول بمذهب الخوارج والمعتزلة ، ومن صار إليه من الشيعة كلم كلام الناصبة ودل على وجوب الامامة ( 8 ) .
ثم يقال لهم : ما أنكرتم أن يكون الحسن عليه السلام ميتا لا محالة ولم يعش بعد وسيعيش ، وهذا نقض مذاهبهم ، فأما ما اعتلوا به من أن القائم إنما سمي بذلك

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ما يجب في العقل من وجوب الامامة .
( 2 ) : وهو سنة اه .
( 3 ) : ومتكلمون ونظار وصالحون وعباد ومتفقهة اه .
( 4 ) : من جملة الاربع عشر اه .
( 5 ) : حكاية عمن سلف .
( 6 ) : لا يثبت .
والاراجيف : الاخبار المختلفة الكاذبة السيئة .
( 7 ) : واما الفرقة الاخرى التى زعمت .
( 8 ) في ( ت ) كلم كلام الناصبة ودل على عدم وجوب الامامة .

[ 24 ]

لانه يقوم بعد الموت فإنه يحتمل أن يكون اريد به ( 1 ) بعد موت ذكره ، دون أن يكون المراد به موته في الحقيقة بعد الحياة منه ، على أنهم لا يجدون بهذا الاعتلال بينهم وبين الكيسانية فرقا ، مع أن الرواية قد جاءت بأن القائم إنما سمي بذلك لانه يقوم بدين قد اندرس ، ويظهر بحق كان مخفيا ، ويقوم بالحق من غير تقية تعتريه في شي ء منه ، وهذا يسقط ما ادعوه .
وأما الفرقة التي زعمت أن جعفر بن علي هو الامام بعد أخيه الحسن عليه السلام فإنهم صاروا إلى ذلك من طريق الظن والتوهم ، ولم يوردوا خبرا ولا أثرا يجب النظر فيه ، ولا فصل بين هؤلاء القوم وبين من ادعى الامامة بعد الحسن عليه السلام لبعض الطالبيين ، واعتمد على الدعوى والتعرية من البرهان ( 2 ) ، فأما ما اعتلوا به من الحديث عن أبي عبدالله عليه السلام أن الامام هو الذي لا يوجد منه ملجأ إلا إليه فإنه يقال لهم فيه : ولم زعمتم أنه لا ملجأ إلا إلى جعفر ؟ ولم أنكرتم ( 3 ) أن يكون الملجأ هو ابن الحسن الذي نقل جمهور الامامية النص عليه ؟ فإن قالوا : لا يجب ذلك إلا إذا قامت الدلالة على وجوده مع أنه لا يجب أن نثبت وجود من لم نشاهده قلنا لهم : ولم لا يجب ذلك إذا قامت الدلالة على وجوده ؟ مع أنه لا يجب أن يثبت الامامة ( 4 ) لمن لا نص عليه ولا دليل على إمامته ، على أن هذه العلة يمكن ان يعتل بها كل من يدعي الامامة لرجل من آل أبي طالب بعد الحسن عليه السلام ويقول : إنما قلت ذلك لانني لم أجد ملجأ إلا اليه .
وأما الفرقة الراجعة عن إمامة الحسن والمنكرة لامامة أخيه محمد فإنها تحج ( 5 ) بدليل إمامة الحسن من النص والتواتر عن أبيه ، ويطالب بالدلالة على إمامة علي بن محمد عليهما السلام فكل شئ اعتمدوه في ذلك فهو العمدة عليهم فيما أبوه من إمامة الحسن عليه السلام ،

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : أن يكون المراد به .
( 2 ) : واعتمد على الدعوى المتعرية عن برهان .
( 3 ) : وما انكرتم .
( 4 ) : لا يجب علينا أن نثبت الامامة اه .
( 5 ) : فانها تحتج عليها اه .

[ 25 ]

فأما إنكارهم لامامة محمد بن علي أخي الحسن فقد أصابوا في ذلك ونحن موافقوهم في صحة ، وأما اعتلالهم بصوابهم في الرجوع عن إمامة الحسن عليه السلام وأنه ممن مضى ولا عقب له فهو اعتماد على التوهم ، لان الحسن قد أعقب المنتظر ، والادلة على إمامته أكثر من أن تحصى ، وليس إذا لم نشاهد الامام بطلت إمامته ، ولا إذا لم يدرك وجوده حسا واضطرارا ولم يظهر للخاصة والعامة كان ذلك دليلا على عدمه .
وأما الفرقة الاخرى الراجعة عن إمامة الحسن عليه السلام إلى إمامة أخيه محمد فهي كالتي قبلها ، والكلام عليها نحو ما سلف ، مع أنهم أشد بهتا ( 1 ) ومكابرة ، لانهم أنكروا إمامة من كان حيا بعد أبيه ، وظهرت عنه العلوم ما يدل على فضله على الكل ، وادعوا إمامة رجل مات في حياة أبيه ولم يظهر منه علم ولا من أبيه نص عليه ، بعد أن كانوا يعترفون بموته ! وهؤلاء سقاط جدا .
وأما الفرقة التي اعترفت بولد الحسن عليه السلام وأقرت بأنه المنتظر إلا أنها زعمت أنه علي وليس بمحمد فالخلاف بيننا وبين هؤلاء في الاسم المعنى ، والكلام لهم خاصة ، فيجب أن يطالبوا بالاثر في الاسم ، فإنهم لا يجدونه ، والاخبار منتشرة في أهل الامامة وغيرهم أن اسم القائم عليه السلام اسم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولم يكن في أسماء رسول الله علي ، ولو ادعوا ( 2 ) أنه أحمد لكان أقرب إلى الحق ، وهذا القدر كاف فيما يحتج به على هؤلاء .
وأما الفرقة التي زعمت أن القائم ابن الحسن عليه السلام وأنه ولد بعد أبيه بثمانية أشهر وأنكروا أن يكون ولد في حياة أبيه فإنه يحتج عليهم بوجوب الامامة من جهة العقول ، وكل شئ يلزم المعتزلة وأصناف الناصبة يلزم هذه الفرقة مما ذهبوا إليه ( 3 ) من جواز خلو العالم من وجود إمام حي كامل ثمانية أشهر ، لانه لا فرق بين الثمانية والثمانين ( 4 ) ، على أنه يقال لهم : لم زعمتم ذلك ؟ أبالعقل قلتموه أم بالسمع ؟ فإن

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : اشد بهتانا .
( 2 ) : ولو ادعى .
( 3 ) : فيما ذهبوا إليه .
( 4 ) : بين ثمانية اشهر وثمانين .

[ 26 ]

ادعوا العقل أحالوا في القول ( 1 ) ، لان العقل لا مدخل له في ذلك ، وإن ادعوا السمع طولبوا بالاثر فيه ولن يجدوه ، وإنما صاروا إلى هذا القول من جهة الظن والترجم بالغيب ( 2 ) ، والظن لا يعتمد عليه في الدين .
وأما الفرقة الاخرى التي زعمت أن الحسن عليه السلام توفي عن حمل القائم وإنه لم يولد بعد فهي مشاركة للفرقة المتقدمة لها في إنكار الولادة ، وما دخل على تلك داخل على هذه ، ويلزمها من التجاهل ما يلزم لقولها : إن حملا يكون مائة سنة ، إذا كان هذا مما لم تجربه عادة ولا جاء به أثر من أحد ( 3 ) من سائر الامم ولم يكن له نظير ، وهو وإن كان مقدورا لله عزوجل فليس يجوز ( 4 ) أن يثبت إلا بعد الدليل الموجب لثبوته ، ومن اعترف به من حيث الجواز فأوجبه يلزمه إيجاب وجود كل مقدور ، حتى لا يأمن لعل المياه قد استحالت ذهبا وفضة ! وكذلك الاشجار ، ولعل كل كافر من العالم ( 5 ) إذا نام مسخه الله عزوجل قردا وكلبا وخنزيرا ( 6 ) من حيث لا يشعر به ! ثم يعيده ( 7 ) إلى الانسانية ، ولعل بالبلاد القصوى فيما لا نعرف ( 8 ) خبره نساء يحبلن يوما ويضعن من غده ( 9 ) ! وهذا كله جهل وضلال فتحه على نفسه من اعترف بخرق العادة من غير حجة ، واعتمد على جواز ذلك في المقدور ( 10 ) .
وأما الفرقة التي زعمت أن الامامة قد بطلت بعد الحسن عليه السلام فإن وجوب الامامة بالعقل يفسد قولها ، وقول الله عزوجل : " يوم ندعو كل اناس بإمامهم ( 11 ) "

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : أحالوا في العقول .
( 2 ) : والرجم بالغيب .
( 3 ) : في أحد .
( 4 ) : فليس يجب .
( 5 ) : في العالم .
( 6 ) : أو كلبا أو خنزيرا .
( 7 ) : من حيث لم يشعر به ، ثم يعود اه .
( 8 ) : مما لا نعرف .
( 9 ) : في غده .
( 10 ) : في القدرة .
( 11 ) سورة بنى اسرائيل : 71 .

[ 27 ]

وقول النبي صلى الله عليه وآله : " من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " وقول أمير المؤمنين عليه السلام : " اللهم إنك لا تخلي الارض من حجة لك على خلقك إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا كيلا تبطل حججك وبيناتك ( 1 ) " وقول النبي صلى الله عليه وآله أيضا : " في كل خلف من امتي عدل من أهل بيتي ، ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين " وأما تعلقهم بقول الصادق عليه السلام : " إن الله لا يخلي الارض من حجة إلا أن يغضب على أهل الدنيا " فالمعنى في ذلك أنه لا يخليها من حجة ظاهرة ، بدلالة ما قدمناه .
وأما الفرقة التي زعمت أن محمد بن علي ( 2 ) كان إماما مع أبيه وأنه وصى إلى غلام له يقال له : نفيس وأعطاه السلاح والكتب وأمره أن يدفعه ( 3 ) إلى جعفر فإن الذي قدمناه على الاسماعيلية من الدليل على بطلان إمامة إسماعيل بوفاته في حياة أبيه يكسر قول هذه الفرقة ، ويزيده بيانا ( 4 ) أن وصي الامام لا يكون إلا إماما ، ونفيس غلام محمد لم يكن إماما ، ويبطل إمامة جعفر عدم الدلالة على إمامة محمد ، ودليل بطلان إمامته أيضا ما ذكرناه من وفاته في حياة أبيه .
وأما الفرقة التي أقرت بإمامة الحسن ووقفت بعده واعتقدت أنه لابد من إمام ولم يعنوا ( 5 ) على أحد فالحجة عليهم النقل الصادق بإمامة المنتظر والنص من أبيه عليه ، وليس هذا موضعه فنذكره على النظام ( 6 ) .
وأما الفرقة التي أقرت بالمنتظر وأنه ابن الحسن وزعمت أن قد مات وسيحيا ويقوم بالسيف فإن الحجة عليها ما يجب من وجود الامام وحياته وكماله ، وكونه

___________________________________________________________
( 1 ) يوجد ما يضاهيه فيما قاله أمير المؤمنين عليه السلام لكميل بن زياد في كلام له أوله " يا كميل ان هذه القلوب أوعية " راجع نهج البلاغة ( عبده 2 : 180 ط مصر ) .
والمغمور : المجهول الخامل الذكر .
( 2 ) يعنى محمد بن على بن محمد بن على بن موسى .
( 3 ) في المصدر : أن يدفعها .
( 4 ) : ونزيده بيانا .
( 5 ) كذا في ( ك ) ، وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : ولم يعينوا .
( 6 ) وفى ( ك ) على الظالم .

[ 28 ]

حيث ( 1 ) يسمع الاختلاق ويحفظ الشرع ، وبدلالة أنه لا فرق بين موته وعدمه .
وأما الفرقة التي اعترفت بأن أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام كان الامام بعد أبيه وادعت أنه لما حضرته الوفاة نص على أخيه جعفر بن علي واعتلوا في ذلك بأن زعموا أن دعوى من ادعى النص على ابن الحسن عليه السلام باطلة والعقل يوجب الامامة فلذلك اضطروا إلى القول بإمامة جعفر فإنه يقال لم زعمتم أن نقل الامامية النص من الحسن على ابنه باطل ؟ وما أنكرتم أن يكون حقا ؟ لقيام الدلالة على وجوب الامامة وثقة الناقلين وعلامة صدقهم بصفات الغيبة ، والخبر فيها عما يكون قبل كونه ، ويكون النقلة لذلك خاصة اصحاب الحسن والسفراء بينه وبين شيعته ، ولفساد إمامة جعفر لما كان عليه من الظاهر ( 2 ) مما يضار صفات الامامة من نقصان العلم وقلة المعرفة وارتكاب القبائح والاستخفاف بحقوق الله عزوجل في مخلفات أخيه ( 3 ) ، مع عدم النص عليه لفقد أحد من الخلق روى ذلك أو يأثره عن أحد من آبائه أو من أخيه خاصة ، فإذا كان الامر على ما ذكرناه فقد سقط ما تعلق به هذا الفريق أيضا ، على أنه لافصل بين هؤلاء القوم وبين من ادعى إمامة بعض الطالبيين واعتل بعلتهم في وجوب الامامة وفساد قول الامامية وزعمهم فيما يدعونه من النص على ابن الحسن عليه السلام وإذا كان لا فصل بين القولين وأحدهما باطلا بلا خلاف فالآخر في البطلان والفساد مثله .
فهذه - وفقكم الله - جملة كافية فيما قصدناه ونحن نشرح هذه الابواب والقول فيها على الاستقصاء والبيان في كتاب نفرده بعد ، والله ولي التوفيق وإياه نستهدي إلى سبيل الرشاد ( 4 ) .
بيان : الغيل بالكسر ويفتح : الشجر الكثير الملتف .
والعجرفة : جفوة في الكلام وقال الجوهري : فطحه فطحا : جعله عريضا ، ويقال : رأس مفطح أي عريش ، ورجل أفطح بين الفطح أي عريض الرأس ( 5 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : بحيث .
( 2 ) : في الظاهر .
( 3 ) كذا في ( ك ) و ( ت ) ، وفى غيره في النسخ وكذا المصدر : في مخلفى أخيه .
( 4 ) الفصول المختارة 2 : 81 - 104 .
( 5 ) صحاح اللغة ج : 1 ص : 392 .

[ 29 ]

[ ومحمد بن بشير كان من أصحاب الكاظم عليه السلام ثم غلا وادعى الالوهية له عليه السلام والنبوة لنفسه من قبله ! ولما توفي موسى عليه السلام قال بالوقف عليه وقال : إنه قائم بينهم موجود كما كان ، غير أنهم محجوبون عنه وعن إدراكه ، وإنه هو القائم المهدي ، وإنه في وقت غيبته استخلف على الامة محمد بن بشير وجعله وصيه ، وأعطاه خاتمه ، وأعلمه جميع ما تحتاج إليه رعيته من أمر دينهم ودنياهم ، وكان صاحب شعبدة ومخاريق ، وكانت عنده صورة قد عملها وأقامها شخصا كأنه صورة أبي الحسن عليه السلام من ثياب الحرير ، قد
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 29 سطر 7 الى ص 37 سطر 7 طلاها بالادوية ( 1 ) وعالجها بحيل عملها فيها حتى صارت شبيهة بصورة إنسان ، فيريها الناس ويريهم من طريق الشعبدة أنه يكلمه ويناجيه ، وكانت عنده أشياء عجيبة من صنوف الشعبدة ، فهلك بها جماعة حتى رفع خبره إلى بعض الخلفاء ، وتقرب إليه بمثل ذلك ، ثم قتل .
وتبرأ الله موسى عليه السلام ولعنه ودعا عليه وقال : أذاقه الله حر الحديد وقتله أخبث ما يكون من قتله ، فاستجيب دعاؤه عليه السلام وسيأتي أحواله في المجلد الحاديعشر .
والحسن بن موسى هو الخشاب النوبختي من أعاظم متكلمي الامامية ، وعد النجاشي ( 2 ) وغيره من كتبه كتاب فرق الشيعة وكتاب الرد على فرق الشيعة ما خلا الامامية ، وكتاب الرد على المنجمين ، وحجج طبيعية مستخرجة من كتب أرسطاطاليس في الرد على من زعم أن الفلك حي ناطق .
] اقول : إنما أوردنا هذه الجملة من كلام الشيخ ليطلع الناظر في كتابنا على المذاهب النادرة في الامامة ، وأما الزيدية فمذاهبهم مشهورة ، والدلائل على إبطالها في الكتب مسطورة ، وما أوردنا من الاخبار في النصوص كاف في أبطالها ، وجملة القول في مذاههم أنهم ثلاث فرق : الجاروديه وهم أصحاب أبي الجاورد زياد بن المنذر ، قالوا بالنص من النبي صلى الله عليه وآله في الامامة على أمير المؤمنين عليه السلام وصفا لا تسميه ، والصحابة كفروا بمخالفته وتركهم

___________________________________________________________
( 1 ) أى لطخه بها .
( 2 ) راجع رجاله ص 31 .

[ 30 ]

الاقتداء به بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والامامة بعد الحسن والحسين عليهما السلام سوي في أولادهما .
فمن خرج منهم بالسيف وهو عالم شجاع فهو إمام ، واختلفوا في الامام المنتظر أهو محمد بن عبدالله بن الحسن الذي قتل في المدينة أيام المنصور فذهب طائفة منهم إلى ذلك ، وزعموا أنه لم يقتل ، أو هو محمد بن القاسم بن علي بن الحسين عليه السلام صاحب طالقان الذي حبسه المعتصم حتى مات ، فذهب طائفة اخرى إليه وأنكروا موته ، أو هو يحي بن عمر صاحب الكوفة من أحفاد زيد بن علي ، دعا الناس إلى نفسه واجتمع عليه خلق كثير ، وقتل في أيام المستعين بالله ، فذهب إليه طائفة ثالثة وأنكروا قتله .
والفرقة الثانية السليمانية من أتباع سليمان بن حريز قالوا : الامامة شورى فيما بين الخلق ، وإنما ينعقد برجلين من خيار المسلمين ، وتصح إمامة المفضول مع وجود الافضل ، وأبوبكر وعمر إمامان وإن أخطأت الامة في البيعة لهما مع وجود علي عليه السلام ! لكنه خطأ لم ينته إلى درجة الفسق ! وكفروا عثمان وطلحة وعائشة .
والفرقة الثالثة البترية وهم وافقوا السليمانية إلا أنهم توقفوا في عثمان ، هذا ما ذكر شارح المواقف في تحرير مذاهبهم .
ورأيت في شريح الاصول للناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين عليه السلام : اعلم أن أول الائمة بعد النبي صلى الله عليه وآله عندنا علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم ابنه الحسن عليه السلام ، ثم أخوه الحسين عليه السلام ، ثم علي الحسين عليه السلام ، ثم ابنه زيد بن علي ، ثم محمد بن عبدالله بن الحسن ، ثم أخوه إبراهيم ، ثم الحسين بن علي صاحب الفخ ، ثم يحيى بن عبدالله بن الحسن ، ثم محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ، ثم القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين ، ثم الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ، ثم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن ، ثم محمد بن محمد بن يحيى بن الحسين ، ثم أحمد بن يحيى بن الحسين ، ثم محمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبدالرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن ، ثم ابنه الحسن ، ثم أخوه علي بن محمد ، ثم أحمد بن الحسين بن هارون من أولاد زيد بن الحسن ، ثم أخوه يحيى ، ثم سائر أهل البيت الذين دعوا إلى الحق .