[251]

تفسيره ، وروى أيضا أحمد بن حنبل عن زيد بن أرقم أنه قال : أول من صلى مع النبي ( 1 ) صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب .
ورواه أيضا الثعلبي وابن المغازلي ، وروى أيضا أحمد بن حنبل في مسنده أن عليا صلى مع رسول الله ( 2 ) سبع سنين قبل أن يصلي معه أحد ، وروى ابن المغازلي عن أبي أيوب الانصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين ، وذلك أنه لم يصل معي أحد غيره .
ورواه أيضا ابن المغازلي في المناقب عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : صلت الملائكة علي وعلى علي سبعا وذلك أنه لم يرفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا مني ومنه .
وروى الثعلبي في تفسيره أن أول ذكر آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وصدقه علي بن أبي طالب عليه السلام قال الثعلبي : وهو قول ابن عباس وجابر وزيد بن أرقم ومحمد بن المنكدر و ربيعة الراي وأبي حيان والمزني .
وروى الثعلبي في تفسيره أن أبا طالب قال لعلي : أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟ قال : يا أبة آمنت بالله ورسوله ، وصدقته فيما جاء به ، وصليت معه لله تعالى ، فقال له : أما إن محمدا لا يدعو إلا إلى خير فالزمه .
وروى ابن المغازلي في قوله : ( والسابقون الاولون ( 3 ) ) عن ابن عباس قال : سبق يوشع بن نون إلى موسى وصاحب ياسين إلى عيسى وعلي بن أبي طالب أميرالمؤمنين إلى محمد صلى الله عليه وآله ( 4 ) .
46 يف : الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ( و أنذر عشيرتك الاقربين ( 5 ) ) يرفع الحديث إلى البراء بن عازب قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) جمع رسول الله بني عبدالمطلب ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ،

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : مع رسول الله .
( 2 ) في المصدر : مع النبى .
( 3 ) سورة التوبة : 100 .
( 4 ) الطرائف : 6 وفيه : وسبق على بن أبى طالب .
( 5 ) سورة الشعراء : 214 .

[252]

فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدخل ( 1 ) شاة فأدمها ( 2 ) ، ثم قال : ادنوا بسم الله ، فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب ( 3 ) من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم اشربوا بسم الله ، فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبولهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ! فسكت النبي صلى الله عليه وآله فلم يتكلم ، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا بني عبدالمطلب إني أنا النذير إليكم من الله عزوجل ، و البشير بما لم يجئ أحد به ، جئتكم بالدنيا والآخرة ، فأسلموا وأطيعوا تهتدوا ، ومن يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليي ووارثي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني فسكت القوم ، وأعاد ذلك ثلاثا وفي الكل يسكت القوم ويقول علي عليه السلام : أنا ، فقال : أنت ، فقام القوم وهم يقولون لابي طالب : أطع ابنك فقد امر عليك ( 4 ) .
47 يف : روى أحمد بن حنبل في مسنده يرفع الحديث قال : لما نزلت هذه الآية ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) جمع النبي صلى الله عليه وآله من أهل بيته ( 5 ) ، فاجتمعوا ثلاثين فأكلوا وشربوا ثلاثا ثم قال لهم : من يضمن على ديني ( 6 ) ومواعيدي ويكون معي في الجنة و يكون خليفتي ( 7 ) ؟ فقال رجل لم يسمه شريك : يا رسول الله كنت ( 8 ) تجد من يقوم بهذا ؟ ! ثم قال الآخر : يعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي عليه السلام أنا ، فقال : أنت .
و رواه أيضا أحمد بن حنبل من طريق آخر وابن المغازلي ( 9 ) .
48 يف : ابن مردويه بإسناده إلى عبدالله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال : دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا : من أحب أحابك إليك ، فإن كان أمر كنا معه

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في النسخ والمصدر : والظاهر أن يذحل .
( 2 ) في المصدر : يأدمها .
( 3 ) وهو القدح الضخم الغليظ .
( 4 ) الطرائف : 7 .
( 5 ) في المصدر : جمع النبى أهل بيته .
( 6 ) في المصدر : من يضمن عنى دينى .
( 7 ) في المصدر : تقديم وتأخير بين الجملتين .
( 8 ) في المصدر : أنت كنت .
( 9 ) الطائف : 7 .

[253]

وإن كان نائبة ( 1 ) كنا من دونه ، فقال : هذا علي أقدمكم سلما وإسلاما ( 2 ) 49 يف : الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ( والسابقون السابقون اولئك المقربون ( 3 ) ) عن عبادبن عبدالله قال : سمعت عليا يقول : أنا عبدالله وأخو رسول الله ، و أنا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر ، صليت قبل الناس بسبع سنين ( 4 ) .
تتميم : أقول لا يخفى على من شم رائحة الانسانية وترقى عن دركات البهيمية والعصبية أن سبق إسلامه صلوات الله عليه مع ورود تلك الاخبار المتواترة من طرق الخاصة والعامة من أوضح الواضحات ، والشاك فيه كالمنكر لاجلى البديهيات ، وأن من تمسك بأن إيمانه كان في الطفولية ولم يكن معتبرا فقد نسب الجهل إلى سيد المرسلين ، حيث كلفه ذلك ومدحه به في كل موطن ، وبه أظهر فضله على العالمين ، وإلى أشرف الوصيين ( 5 ) حيث تمدح وافتخر واحتج به في مجامع المسلمين ، وإلى الصحابة والتابعين حيث لم ينكروا عليه ذلك مع كون أكثرهم من المنافقين والمعاندين .
ثم اعلم أنا قد تركنا كثيرا من الروايات وما يمكن ذكره من التأييدات في هذا المطلب حذرا من التكرار والاسهاب ( 6 ) والاطالة والاطناب ، فقد روى ابن بطريق في كتاب العمدة ( 7 ) .
في سبق إسلامه وصلاته من مسند أحمد بن حنبل ثلاثة عشر حديثا ومن تفسير الثعلبي أربعة ومن مناقب ابن المغازلي سبعة ، وروى في المستدرك أيضا أخبارا كثيرة في ذلك ، ورواه صاحب الصراط المستقيم بأسانيد من طرقهم ، والعلامة في كشف الحق ( 8 ) وكشف اليقين ( 9 ) وغيرهما بأسانيد من كتبهم ، وقد تركنا إيرادها مع كثير مما أورده المفيد في الارشاد ( 10 ) ، والنيسابوري في

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وان كانت نائبة .

-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 253 سطر 19 الى ص 261 سطر 18 ( 2 ) الطرائف : 7 .
( 3 ) سورة الواقعة : 10 و 11 .
( 4 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 5 ) أى فقد نسب الجهل إلى أشرف الوصيين .
( 6 ) أسهب الكلام : أطال .
( 7 ) ص 30 33 .
( 8 ) ص 101 و 102 و 110 .
( 9 ) ص 8 12 و 63 .
( 10 ) ص 13 و 14 .

[254]

روضة الواعظين ( 1 ) ، والطبرسي في إعلام الورى ( 2 ) ، وابن الصباغ في الفصول المهمة ( 3 ) وغيرها من الاصول والكتب التي عندنا ، وإنما نورد لتأييد هذا المقصد الاقصى والمطلب الاسنى مع وضوحه وظهوره كشمس الضحى حسما ( 4 ) لشبه المباهتين ما أورد عبدالحميد ابن أبي الحديد من مشاهير المخالفين والشيخ المفيد من أفاخم علمائنا الامامية رضوان الله عليهم أجمعين ، فأما ابن أبي الحديد فقد قال في شرح نهج البلاغة : اختلف في سن علي عليه السلام حين أظهر النبي صلى الله عليه وآله الدعوة : إذ تكامل له صلى الله عليه وآله أربعون سنة ، فالاشهر في الروايات أنه كان ابن عشر ، وكثير من أصحابنا المتكلمين يقولون : إنه كان ابن ثلاث عشرة سنة ، ذكر ذلك شيخنا أبوالقاسم البلخي وغيره من شيوخنا ، والاولون يقولون : إنه قتل وهو ابن ثلاث وستين ( 5 ) ، وهؤلاء يقولون : ابن ست وستين ، والروايات في ذلك مختلفة ، ومن الناس من يزعم أن سنه كان دون العشر ، والاكثر الاظهر خلاف ذلك ، وذكر أحمد بن يحيى البلاذري وعلي بن الحسين الاصفهاني أن قريشا أصابتها أزمة وقحط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمية حمزة والعباس : ألا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المحل ( 6 ) فجاؤوا إليه وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم ، فقال : دعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم ، وكان شديد الحب لعقيل ، فأخذ العباس طالبا وأخذ حمزة جعفرا وأخذ محمد صلى الله عليه وآله عليا ، وقال لهم : قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليا ، قالوا : وكان علي في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله منذ كان عمره ست سنين ، وكان ما يسدي إليه ( 7 ) من شفقته وإحسانه وبره وحسن تربيته كالمكافاة والمعاوضة لصنيع أبي طالب به

___________________________________________________________
( 1 ) ص 72 76 .
( 2 ) ص 185 و 186 .
( 3 ) ص 108 .
( 4 ) حس الشئ : قطعه مستأصلا إياه .
( 5 ) في المصدر : ثلاث وستين سنة .
( 6 ) المحل بالفتح فالسكون الشدة .
الجدب .
انقطاع المطر ويبس الارض .
( 7 ) أسدى إليه : أحسن .

[255]

حيث مات عبدالمطلب وجعله في حجره ، وهذا يطابق أقواله ( 1 ) عليه السلام : ( لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الامة سبع سنين ) وقوله : ( كنت أسمع الصوت وأبصر الضوء سنين سبعا ) ورسول الله صلى الله عليه وآله حينئذ صامت ما اذن له في الانذار والتبليغ ، وذلك لانه إذا كان عمره يوم إظهار الدعوة ثلاث عشرة سنة وتسليمه إلى رسول الله من أبيه وهو ابن ست فقد صح أنه كان يعبد الله قل الناس بأجمعهم سبع سنين ، وابن ست تصح منه العبادة إذا كان ذا تمييز ، على أن عبادة مثله هي التعظيم والاجلال وخشوع القلب واستخذاء الجوارح ( 2 ) إذا شاهد شيئا من جلال الله سبحانه وآياته الباهرة ، ومثل هذا موجود في الصبيان ( 3 ) .
وقال في شرح قوله صلوات الله عليه : ( إني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الايمان والهجرة ) فإن قيل : كيف قال : وسبقت إلى الايمان وقد قال من الناس : إن أبابكر سبق ؟ وقد قال قوم : إن زيد بن حارثة سبقه ؟ والجواب أن أكثر أهل الحديث وأكثر المحققين من أهل السيرة رووا أنه عليه السلام أول من أسلم ، ونحن نذكر كلام أبي عمر يوسف بن عبدالبر ( 4 ) في كتابه المعروف بالاستيعاب ، قال أبوعمر في ترجمة علي عليه السلام : المروي عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم : أن عليا عليه السلام أول من أسلم ، وفضله هؤلاء على غيره ، قال أبوعمر : وقال ابن إسحاق : أول من آمن بالله وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب ، وهو قول ابن شهاب ، إلا أنه قال : من الرجال بعد خديجة .
وقال أبوعمر : حدثنا أحمد بن محمد ، قال : أخبرنا ( 5 ) أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : أخبرنا علي بن عبدالله الدهقان ، قال : أخبرنا محمد بن صالح ، عن السماك بن الحرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : قوله عليه السلام .
( 2 ) استخذأ له : خضع وانقاد .
( 3 ) شرح النهج 1 : 6 و 7 .
( 4 ) في المصدر : يوسف بن عبدالبر المحدث .
( 5 ) في المصدر : حدثنا وكذا فيما يأتي .

[256]

قال : لعلي عليه السلام أربع خصال ليست لاحد غيره : هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو الذي كان لواه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم فرعنه ( 1 ) ، وهو الذي غسله وأدخله قبره .
قال أبوعمر : وروي عن سلمان الفارسي أنه قال : أول هذه الامة ورودا على نبيها الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب .
وقد روي هذا الحديث مرفوعا عن سلمان إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : أول هذه الامة ورودا علي الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب قال أبوعمر : ورفعه أولى لان مثله لا يدرك بالرأي ، قال أبوعمر : فأما إسناده المرفوع فإن أحمد بن قاسم حدثنا ، قال : حدثنا قاسم ابن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي اسامة ، قال : حدثنا يحيى بن هاشم ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن جيش بن المعتمر ، عن عليم الكندي ، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب .
قال أبوعمر : وروى أبوداود الطيالسي قال : حدثنا ابن عوانة ( 2 ) ، عن أبي بلخ ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس أنه قال : أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وآله بعد خديجة علي بن أبي طالب .
قال أبوعمر : وحدثنا ابن عوانة ( 3 ) ، عن أبي بلخ ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة .
قال أبوعمر : هذا إسناد ( 4 ) لا مطعن فيه لاحد ، لصحته وثقة نقلته .
وقد عورض ما ذكرنا في هذا الباب بما روي في أبي بكر عن ابن عباس ، والصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه ، كذا قال مجاهد وغيره ، قالوا ومنعه قومه ،

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : يوم فرعنه غيره .
( 2 ) الصحيح كما في المصدر : ( أبوعوانة ) وهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد النيسابورى .
( 3 ) في المصدر : قال أبوعمر : وحدثنا عبدالوارث بن سفيان ، قال : حدثنا أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير بن حرب ، قال : حدثنا الحسن بن جمال ، قال : حدثنا أبوعوانة اه .
( 4 ) في المصدر : هذا الاسناد .

[257]

قال أبوعمر : اتفق ابن شهاب وعبدالله بن محمد بن عقيل وقتادة وابن إسحاق على أن أول من آمن ( 1 ) من الرجال علي ، وعلى أن خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدقه فيما جاء به ، ثم علي بعدها ، وروى علي بن نافع ( 2 ) مثل ذلك .
قال أبوعمر : وحدثنا عبدالوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا عبدالسلام بن صالح ، قال : حدثنا عبدالعزيز بن محمد الدراوردي ، قال : حدثنا عمر [ و ] مولى عفرة ، قال : سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم علي أم أبوبكر ؟ فقال : سبحان الله ! علي أولهما إسلاما ، وإنما شبه على الناس لان عليا أخفى إسلامه من أبي طالب ، وأسلم ابوبكر فأظهر إسلامه .
قال أبوعمر : ولا شك عندنا أن عليا أولهما إسلاما ، ذكر عبدالرزاق في جامعه عن معمر عن قتادة عن الحسين وغيره قالوا : أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب عليه السلام .
وروى معمر عن عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال : أول من أسلم علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال أبوعمر : وروى ابن فضيل عن حبة العرني ( 3 ) قال : سمعت عليا يقول : لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الامة خمس سنين .
قال أبوعمر : وروي عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله .
قال أبوعمر : وقد روى سالم بن أبي الجعد قال : قلت لابن الحنفية : أبوبكر كان أولهما إسلاما ؟ قال : لا .
قال أبوعمر :

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : أول من أسلم .
( 2 ) كذا في ( ك ) وهو سهو ، والصحيح كما في المصدر ( وروى عن أبى رافع ) أو كما في ( د ) ( وروى على بن أبى رافع ) وأبورافع كنية ابراهيم مولى العباس عم النبى ، فوهبه للنبى وأعتقه النبى لما بشر باسلام العباس ، وروى عن النبى انه قال ( ان لكل نبى أمينا وان امينى أبورافع ) شهد مع النبى مشاهده ولزم أميرالمؤمنين بعده ، وكان من خيار الشيعة ، وكان ابناه عبيدالله وعلى كابنى أميرالمؤمنين عليه السلام ، وله كتاب السنن والاحكام والقضايا ، وهو أول من جمع الحديث ورتبه بالابواب .
( 3 ) في المصدر : ورى ابن فضيل عن الاجلح عن حبة العرنى .

[258]

وروى الملائي ( 1 ) عن أنس بن مالك قال : بعث النبي صلى الله عليه وآله ( 2 ) يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء ، قال أبوعمر : وقال زيد بن أرقم : أول من آمن بالله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام قال : وقد روي حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكرها النسائي وأسلم ابن موسى وعبيرهما ، منها ما حدثنا به عبدالوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمرو بن مرة ، قال : سمعت أبا حمزة الانصاري ، قال .
سمعت زيد بن أرقم يقول : أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام .
قال أبوعمر : وحدثنا أبي ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا ابن إسحاق ، قال : حدثنا يحيى بن الاشعث ، عن إسماعيل بن إياس ، عن عفيف ، عن أبيه ، عن جده قال : قدمت الحج ( 3 ) فأتيت العباس بن عبدالمطلب لابتاع منه بعض التجارة ، وكان امرءا تاجرا ، فو الله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خبأ قريب منه ، فنظر إلى الشمس ، فلما رآها قد مالت قام يصلي ، ثم خرجت امرأة من ذلك الخبأ الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي ، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخبأ فقام معه ( 4 ) ، فقلت للعباس : من هذا ؟ قال : محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب ابن أخي ، قلت : من هذا المرأة ؟ قال : امرأته خديجة بنت خويلد ، قلت : من الفتى ؟ قال : علي بن أبي طالب ابن عمه ، قلت : ما هذا الذي يصنع ؟ قال : يصلي ويزعم ( 5 ) أنه نبي ، ولم يتبعه إلا امرأته وابن عمه هذا ، ويزعم ( 6 ) أنه سيفتح على امته كنوز كسرى وقيصر ، قال : فكان عفيف الكندي يقول وقل أسلم ( 7 ) وحسن إسلامه : لو كان الله رزقني الاسلام يومئذ فكنت أكون ثانيا

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : مسلم الملائى .
( 2 ) في المصدر و ( د ) : استنبئ النبى .
( 3 ) في المصدر : قال : كنت امرءا تاجرا فقدمت الحج اه .
( 4 ) في المصدر : فقام معه يصلى .
( 5 ) في المصدر : وهو يزعم .
( 6 ) في المصدر : ولم يتبعه على أمره الا امرأته وابن عمه هذا الغلام ، وهو يزعم .
( 7 ) في المصدر : وقد أسلم بعد ذلك .

[259]

مع علي عليه السلام قال أبوعمر : وقد ذكرنا هذا الحديث من طرق في باب عفيف الكندي من هذا الكتاب قال أبوعمر : ولقد قال علي : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة .
فهذه الاخبار والروايات كلها ذكرها أبوعمر يوسف بن عبدالبر في الكتاب المذكور ( 1 ) ، وهي كما تراها تكاد تكون إجماعا ، قال أبوعمر : وإنما الاختلاف في كمية سنه يوم أسلم ، ذكر الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة ، قال : حدثنا عبدالله ابن صالح ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن أبي الاسود محمد بن عبدالرحمان أنه بلغه أن عليا والزبير أسلما وهما ابنا ثماني سنين .
كذا يقول أبوالاسود بن عروة ، وذكر أيضا ابن أبي خيثمة عن قتيبة بن سعيد ، عن الليث بن سعد ، عن أبي الاسود وذكره عمر بن شبة عن الخزاعي ، عن ابن وهب ، عن الليث ، عن أبي الاسود ، قال الليث : وهاجرا وهما ابنا ثمان عشرة سنة قال أبوعمر : وروى الحسن بن علي الحلواني ، قال : أخبرنا عبدالرزاق قال : حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن قال : أسلم ( 2 ) وهو ابن خمس عشرة سنة .
قال أبوعمر : وأخبرنا أبوالقاسم خلف بن قاسم بن سهل ، قال : حدثنا أبوالحسن علي بن محمد وإسماعيل الطوسي ، قالا : أخبرنا أبوالعباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج ، قال : حدثنا محمد بن مسعود ، قال : أخبرنا عبدالرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن قال : أسلم علي وهو أول من أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة .
قال أبوعمر : وقال ابن إسحاق : هو أول ذكر أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وقيل : ابن خمس عشرة سنة ، وقيل : ابن ست عشرة سنة ، وقيل : ابن عشر ، وقيل ابن ثمان .
قال أبوعمر : وذكر عمر بن شبة ، عن المدائني ، عن ابن جعدبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة .
قال : وأخبرنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، قال : حدثني جدي إسحاق بن يحيى بن طلحة قال : كان

___________________________________________________________
( 1 ) راجع الاستيعاب 3 : 27 33 .
( 2 ) في المصدر : اسلم على

[260]

علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وسعد بن أبي وقاص أعذارا واحدا ( 1 ) ، قال : وأخبرنا عبدالله بن محمد بن عبدالمؤمن ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : حدثناعبدالله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى أبوعمرو ، قال : حدثنا حبان ، عن معروف ، عن أبي معشر قال : كان علي وطلحة والزبير في سن واحد .
قال : وروى عبدالرزاق عن الحسن وغيره أن أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب وهو ابن خمس عشرة سنة ( 2 ) قال أبوعمر : وروى أبوزيد عمر بن شبة قال : حدثنا شريح بن نعمان قال : حدثنا الفرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر قال : أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة .
قال أبوعمر : هذا أصح ما قيل في ذلك ، والله أعلم ، انتهى كلام أبي عمر .
وفي كتاب الاستيعاب : واعلم أن شيوخنا المتكلمين لا يكادون يختلفون في أن أول الناس إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام إلا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصريين ، فأما الذي تقررت المقالة عليه الآن فهو القول بأنه أسبق الناس إلى الايمان ، لا نكاد نجد اليوم ( 3 ) في تصانيفهم وعند متكلميهم والمحققين منهم خلافا في ذلك ، واعلم أن أميرالمؤمنين عليه السلام ما زال يدعي ذلك لنفسه ويفتخر به ويجعله حجة في أفضليته ويصرح بذلك وقد قال غير مرة : أنا الصديق الاكبر والفاروق الاول ، أسلمت قبل إسلام أبي بكر وصليت قبل صلاته .
وروى عنه هذا الكلام بعينه أبومحمد بن قتيبة في كتاب المعارف ، وهو غير متهم في أمره ، ومن الشعر المروي عنه في هذا المعنى الابيات التي أولها : محمد النبي أخي وصنوي ( 4 ) * وحمزة سيد الشهداء عمي ومن جملتها : سبقتكم إلى الاسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمي والاخبار الواردة في هذا الباب كثيرة جدا لا يتسع هذا الكتاب لذكرها فلتطلب

___________________________________________________________
( 1 ) كذا في النسخ ، وفي المصدر : اعمارا واحدا .
وفي الاستيعاب : عدادا واحدا ( 2 ) في المصدر وفي الاستيعاب بعد ذلك : او ست عشرة سنة .
( 3 ) في المصدر : لا تكاد تجد اليوم .
( 4 ) في المصدر : وصهرى .