[261]

من مظانها ، ومن تأمل كتب السير والتواريخ عرف من ذلك ما قلناه ، فأما الذاهبون إلى أن أبابكر أقدمهما إسلاما فنفر قليلون ، ونحن نذكر ما أورده ابن عبدالبر في كتاب الاستيعاب في ترجمة أبي بكر ، قال أبوعمر : حدثني خالد بن قاسم ، قال : حدثنا أحمد بن محبوب ، قال : حدثنا محمد بن عبدوس ، قال : حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا شيخ لنا ، قال : أخبرنا مجالد ، عن الشعبي قال : سألت ابن عباس أو سئل أي الناس كان أسبق إسلاما ؟ فقال : أما سمعت قول حسان بن ثابت : إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ( 1 ) * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها * بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لحسان : هل قلت في أبي بكر ( 2 ) ؟ قال : نعم وأنشده هذه الابيات ، وفيها بيت رابع وهو : وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ( 3 ) * طاف العدو به إذ صعدوا الجبلا فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : أحسنت يا حسان ، وقد روي منها خامس ( 4 ) : وكان حزب رسول الله قد علموا ( 5 ) * من البرية لم يعدل به رجلا قال أبوعمر : وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي قال : أول من أسلم أبوبكر قال : وروى الحريري عن أبي نضرة قال : قال أبوبكر لعلي : أنا أسلمت قبلك في حديث ذكره فلم ينكره عليه ، قال أبوعمر : وقال فيه أبومحجن الثقفي : وسميت صديقا وكنت مهاجرا * سواك يسمى باسمه غير منكر
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 261 سطر 19 الى ص 269 سطر 18 سبقت إلى الاسلام والله شاهد * وكنت جليسا بالعريش المسهر ( 6 )

___________________________________________________________
( 1 ) الشجو : الهم .
الحزن .
الحاجة .
( 2 ) في المصدر : هل قلت في أبى بكر شيئا ؟ .
( 3 ) جبل منيف : مرتفع مشرف .
( 4 ) في المصدر : وقد روى فيها بيت خامس .
( 5 ) في المصدر : ( وكان حب رسول الله ) والحب بكسر الحاء المحب .
المحبوب .
( 6 ) في المصدر : بالعريش المشهر .

[262]

وبالغار إذ سميت بالغار صاحبا ( 1 ) * وكنت رفيقا للنبي المطهر قال أبوعمر : وروينا من وجوده عن أبي امامة الباهلي قال : حدثني عمرو بن عنبسة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو نازل بعكاظ ( 2 ) فقلت يا رسول الله : من اتبعك على هذا الامر ؟ فقال : حر وعبد : أبوبكر وبلال ، فأسلمت ( 3 ) عند ذلك ، وذكر الحديث .
هذا مجموع ما ذكره أبوعمر بن عبدالبر في هذا الباب في ترجمة أبي بكر ، ومعلوم أنه لا نسبة لهذه الروايات إلى الروايات التي ذكرها في ترجمة علي الدالة على سبقه ، ولا ريب أن الصحيح ما ذكره أبوعمر ، وأن عليا كان هو السابق ، وأن أبابكر أظهر إسلامه ( 4 ) فظن أن السبق له .
وأما زيد بن حارثة فإن أبا عمر بن عبدالبر ذكر في كتاب الاستيعاب أيضا في ترجمة زيد بن حارثة قال : ذكر معمر في جامعه عن الزهري أنه قال : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة ، قال عبدالرزاق : وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري ، ولم يذكر صاحب الاستيعاب ما يدل على سبق زيد إلا هذه الرواية واستغربها ، فدل مجموع ما ذكرنا على أن عليا أول الناس إسلاما ، وأن المخالف في ذلك اشذ والشاذ لا يعتد به ، انتهى كلامه ( 5 ) .
وأما الشيخ المفيد قدس الله روحه فقد قال في كتاب الفصول : اجتمعت الامة ( 6 ) على أن أميرالمؤمنين عليه السلام أول ذكر أجاب رسول الله صلى الله عليه وآله ( 7 ) ، ولم يختلف في ذلك أحد من أهل العلم ، إلا أن العثمانية طعنت في إيمان أميرالمؤمنين عليه السلام بصغر سنه ( 8 )

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وبالغار إذ سميت خلا وصاحبا .
( 2 ) عكاظ : نخل في واد بينه وبين الطائف ليلة ، وبينه وبين مكة ثلاث ليال .
( 3 ) في المصدر : قال : فأسلمت .
( 4 ) في المصدر : وأن ابابكر هو أول من أظهر اسلامه .
( 5 ) شرح النهج 1 : 492 496 .
( 6 ) في المصدر : أجمعت الامة .
( 7 ) في المصدر : أول من اجاب رسول الله من الرجال .
( 8 ) في المصدر : لصغر سنه .

[263]

في حال الاجابة ، وقالوا : إنه لم يك في تلك الحال بالغا فيقع إيمانه على وجه المعرفة ، وإن إيمان أبي بكر حصل منه مع الكمال ! فكان على اليقين والمعرفة ! والاقرار من جهة التقليد والتلقين غير مساو للاقرار بالمعلوم المعروف بالدلالة .
فلم يحصل خلاف من القوم في تقدم الاقرار من أميرالمؤمنين عليه السلام للجماعة والاجابة منه للرسول عليه وآله السلام ، وإنما خالفوا فيما ذكرناه ، وأنا ابين عن غلطهم فيما ذهبوا إليه من توهين إفرار أميرالمؤمنين عليه السلام وحملهم إياه على وجه التلقين دون المعرفة واليقين بعد أن أذكر خلافا حدث بعد الاجماع من بعض المتكلمين والناصبة من أصحاب الحديث .
وذلك أن ههنا طائفة تنسب إلى العثمانية تزعم أن أبابكر سبق أميرالمؤمنين عليه السلام إلى الاقرار ، وتعتل في ذلك بأحاديث مولدة ضعاف ، منها أنهم رووا عن أبي نضرة ( 1 ) قال : أبطأ علي عليه السلام والزبير عن بيعة أبي بكر ، قال : فلقي أبوبكر عليا فقال له : أبطأت عن بيعتي وأنا أسلمت قبلك ؟ ولقي الزبير فقال : أبطأت عن بيعتي وأنا أسلمت قبلك ؟ .
ومنها حديث أبي امامة عن عمر بن عنبسة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله أول ما بعث وهو بمكة وهو حينئذ مستخف ، فقلت : من أنت ؟ فقال : أنا نبي ، قلت : وما النبي ؟ قال : رسول الله : قلت : الله أرسلك ؟ قال : نعم ، قلت له : بما أرسلك ( 2 ) قال : بأن نعبد الله عز وجل ونكسر الاصنام ونوصل الارحام ، قلت : نعم ما أرسلك به ، من تبعك ( 3 ) على هذا الامر ؟ قال : حر وعبد ( 4 ) يعني أبابكر وبلالا وكان عمر يقول : لقد رأيتني وأنا رابع الاسلام ، قال : فأسلمت وقلت : ابايعك يا رسول الله ومنها حديث الشعبي قال : سألت ابن عباس عن أول من أسلم ، فقال : أبوبكر ، ثم قال : أما سمعت قول حسان : إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة * فاذكر أخاك أبابكر بما فعلا

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر عن ابى نضيرة .
وكذا فيما يأتى .
( 2 ) في المصدر : بماذا أرسلك .
( 3 ) في المصدر : فمن تبعك .
( 4 ) في المصدر : قال : تبعنى حر وعبد .

[264]

خير البرية أعطاها وأعدلها ( 1 ) * بعد النبي وأوفاها بما حملا الثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا ومنها حديث رووه عن منصور عن مجاهد قال : إن أول من أظهر الاسلام سبعة : رسول الله وأبوبكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية .
ومنها حديث رووه عن عمرو بن مرة قال : ذكرت لابراهيم النخعى حديثا فأنكره وقال : أبوبكر أول من أسلم .
قال الشيخ أدام الله عزه : فيقال لهم : أما الحديث الاول فإنه رواه أبونضرة ، و هذا أبونضرة مشهور بعداوة أميرالمؤمنين عليه السلام وقد ضمنه ما ينقض أصلا لهم في الامامة ، ولو ثبت لكان أرجح من تقدم إسلام أبي بكر وهو أن أميرالمؤمنين عليه السلام والزبير أبطئا عن بيعة أبي بكر ، وإذا ثبت أنهما أبطئا عن بيعته وتأخرا ، نقض ذلك قولهم إن الامة اجتمعت عليه ولم يكن من أميرالمؤمنين عليه السلام كراهية لامره ، فإذا ثبت أن أميرالمؤمنين عليه السلام قد كان متأخرا عن بيعته على وجه الكراهة لها بدلالة ما رووه من قول أبي بكر له : ( أبطأت عن بيعتي وأنا أسلمت قبلك ) على وجه الحجة عليه في كونه أولى بالامامة منه ثبت بطلان إمامة أبي بكر ، لان أميرالمؤمنين لا يجوز أن يكره الحق ولا أن يتأخر عن الهدى ، وقد أجمعت الامة على أنه لم يوقع خطأ بعد الرسول يعثر عليه طول مدة أبي بكر وعمر وعثمان ، وإنما ادعت الحوارج الخطأ منه في آخر أيامه عليه السلام بالتحكيم ، وذهبت عن وجه الحق في ذلك ، فإذا لم يجز من أميرالمؤمنين عليه السلام التأخر عن الهدى والكراهة للحق والجهل بموضع الافضل بطل هذا الحديث ، ومازلنا نجتهد في إثبات الخلاف لامره والناصبة تحيد ( 2 ) عن قبول ذلك وتدفعه أشد دفع حتى صاروا يسلمونه طوعا واختيارا ! وينظمونه في احتجاجهم لفضل صاحبهم ! وهكذا يفعل الله تعالى بأهل الباطل يخيبهم ويسلبهم التوفيق حتى يدخلوا فيما يكرهون من حيث لا يشعرون .
على أن بإزاء هذا الحديث عن أبي بكر حديثا ( 3 ) ينقضه من طريق أوضح من

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : أتقاها وأعلمها .
( 2 ) حاد عنه : مال عنه وعدل .
( 3 ) في المصدر : حديثا عنه .

[265]

طريق أبي نضرة ، وهو ما رواه علي بن مسلم الطوسي ، عن زافر بن سليمان ، عن الصلت بن بهرام ، عن الشعبي قال : مر علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه أصحابه على أبي بكر ، فسلم ومضى ، فقال أبوبكر : من سره أن ينظر إلى أول الناس في الاسلام سبقا وأقرب الناس من نبينا رحما وأعظمهم دلالة عليه وأفضلهم فداء عنه بنفسه فلينظر إلى علي بن أبي طالب وهذا يبطل ما ادعوه على أبي بكر وأضافه أبونضرة إليه .
وأما حديث عمر بن عنبسة فإنه من طريق أبي امامة ، ولا خلاف أن أبا امامة كان من المنحرفين عن أميرالمؤمنين والمتحيرين عنه ( 1 ) ، وأنه كان في حيز معاوية ( 2 ) ، ثم فيه عن عمر ( 3 ) بأنه شهد لنفسه أنه كان رابع الاسلام ، وشهادة المرء لنفسه غير مقبلوة إلا أن يكون معصوما أو يدل دليل على صدقة ، وإذا لم يثبت شهادته لنفسه بطل الحديث بأسره ، مع أن الرواية قد اختلفت عن عمر من طريق أبي امامة ، فروي عنه في حديث آخر أنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وآله بماء يقال له عكاظ ، فقلت : له : يا رسول الله من تابعك ( 4 ) على هذا الامر ؟ فقال : من بين حر وعبد ، فاقيمت الصلاة فصليت خلفه أنا وأبوبكر و بلال وأنا يومئذ رابع الاسلام ، فاختلف اللفظ والمعنى في هذين الحديثين والواسطة واحد فتارة يذكر مكة وتارة يذكر عكاظا ! وتارة يذكر أنه وجده مستخفيا بمكة وتارة يذكر أنه كان ظاهرا يقيم الصلاة ويصلي بالناس معه ! ( 5 ) والحديث واحد من طريق واحد ، وهذا أدل دليل على فساده .
وأما حديث الشعبي فقد قابله الحديث عنه من طريق الصلت بن بهرام المتضمن لضده ، وفي ذلك إسقاطه ، مع أنه قد عزاه إلى ابن عباس ، والمشهور عن ابن عباس ضد ذلك وخلافه ، ألا ترى إلى ما رواه أبوصالح عن عكرمة عن ابن عباس وهذان أصدق على ابن عباس من الشعبي لان أبا صالح معروف بعكرمة وعكرمة معروف بابن عباس قال : قال رسول

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : والمتجبرين عليه .
( 2 ) في المصدر : في جيش معاوية .
( 3 ) أى روى فيه عن عمر .
( 4 ) في المصدر : من بايعك .
( 5 ) في المصدر : ويصلى الناس معه .

[266]

الله صلى الله عليه وآله : صلت الملائكة علي وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين ، قالوا : ولم ذاك يا رسول الله ؟ قال : لم يكن معي من الرجال غيره .
ومن طريق عمر بن ميمون عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( 1 ) : أول من أسلم من الناس بعد خديجة بنت خويلد علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وأما قول حسان فإنه ليس بحجة ، من قبل أن حسانا كان شاعرا وقصد الدولة والسلطان ، وقد كان فيه ( 2 ) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله انحراف شديد عن أميرالمؤمنين عليه السلام وكان عثمانيا ، وحرض الناس على علي بن أبي طالب عليه السلام وكان يدعو إلى نصرة معاوية ، وذلك مشهور عنه في نظمه ، ألا ترى إلى قوله : ياليت شعري وليت الطير تخبرني * ما كان بين علي وابن عفانا ضجوا بأشمط عنوان السجودبه ( 3 ) * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا ليسمعن وشيكا في ديارهم ( 4 ) * الله أكبر يا ثارات عثمانا فإن جعلت الناصبة شعر حسان حجة في تقديم إيمان أبي بكر ، فلتجعله حجة في قتل أميرالمؤمنين عثمان والقطع على أنه أحض الناس بقتله وأن ثاراته يجب أن يطلب منه ! فإن قالوا : إن حسان غلط في ذلك قلنالهم : كذلك غلط في قوله في أبي بكر ، وإن قالوا : لا يجوز غلطه في باب أبي بكر لانه شهد به بحضرة الصحابة فلم يردوا عليه قيل لهم : ليس عدم إظهارهم الرد عليه دليلا على رضاهم به ، لان الجمهور كانا شيعة أبي بكر ، وكان المخالفون له في تقية من الجهر بالنكير عليه في ذلك ، مخافة الفرقة والفتنة ، مع أن قول حسان يحتمل أن يكون أبوبكر من المتقدمين في الاسلام والاولين دون أن يكون أول الاولين ، ولسناندفع أن أبابكر ممن يعد في المظهرين للاسلام أولا وإنما ننكر أن يكون أول الاولين ، فلما احتمل قول حسان ما وصفناه لم ينكر المسلمون

___________________________________________________________
( 1 ) ليست جملة ( قال رسول الله ) في المصدر .
( 2 ) في المصدر : وقد كان منه .
( 3 ) الاشمط : من خالط بباض رأسه سواد .
( 4 ) الوشيك : السريع .

[267]

عليه ذلك ، مع أن حسان أيضا قد حرض على أميرالمؤمنين ظاهرا ودعا إلى مطالبته بثارات عثمان جهرا فلم ينكر عليه في الحال ( 1 ) ، فيجب أن يكون مصيبا في ذلك ، فإن قالوا : هذا شئ قاله في مكان دون مكان فلما ظهر عنه أنكره جماعة من الصحابة ، قيل لهم : فإن قنعتم بذلك واقترحتم في الدعوى فاقنعوا منا بمثله فيما اعتقدتموه من شعره في أبي بكر ، وهذا ما لا فضل فيه ( 2 ) ، على أن حسان بن ثابت قد شهد في شعره بإمامة أميرالمؤمنين نصا ، وذكر ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وآله فجزاه خيرا في قوله : يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا في أبيات سأذكرها في موضعها إن شاء الله ، وشهد أيضا لاميرالمؤمنين عليه السلام بسبق قريش إلى الايمان حيث يقول : جزى الله خيرا والجزاء بكفه * أبا حسن عنا ومن كأبي حسن ؟ سبقت قريشا بالذي أنت أهله * فصدرك مشروح وقلبك ممتحن فشهد بتقديم إيمان أميرالمؤمنين عليه السلام الجماعة ، وهذا مقابل لما تقدم ومسقط له ، فإن زعموا أن هذا محتمل قيل لهم : أما في تفضيله إياه على الكل فليس بمحتمل ، وأما في تقدم الاسلام فإن الظاهر منه يوجبه ، وإن احتمل ( 3 ) فكذلك ما ذكرتموه عنه أيضا محتمل .
وأما روايتهم عن مجاهد فإنها مقصورة على مذهبه ورأيه ومقاله ، وبإزاء مجاهد عالم من التابعين ينكرون عليه ( 4 ) ويذهبون إلى خلافه في ذلك ، وأن أميرالمؤمنين أول الناس إيمانا ، وهذا القدر كاف في إبطال قول مجاهد ، على أن الثابت عن مجاهد خلاف ما دعاه هؤلاء القوم وأضافوه إليه ، وضده ونقيضه ، روى ذلك منهم من لا يتهم عليه : سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأثره عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فلم ينكر عليه في الحال منكر .
( 2 ) في المصدر : وهذا مالا فصل فيه .
( 3 ) أى وإن احتمل عدم تقدم إسلامه عليه السلام .
( 4 ) في المصدر : ينكرون مقاله .

[268]

السباق أربعة : سبق يوشع بن نون إلى موسى بن عمران ، وصاحب يس إلى عيسى بن مريم وسبق علي بن أبي طالب إلى رسول الله ونسي الناقل عن سفيان الآخر ، وقد ذكرت في حديث غير هذا أنه مؤمن آل فرعون ، وهذا يسقط تعلقهم بما ادعوه على مجاهد .
وأما حديث عمرو بن مرة عن إبراهيم فهو أيضا نظير قول مجاهد ، وإنما أخبر عمرو عن مذهب إبراهيم ، والغلط جائز على إبراهيم ومن فوقه ، وبإزاء إبراهيم من هوفوقه وأجل قدرا منه يدفع قوله ويكذبه في دعواه كأبي جعفر الباقر وأبي عبدالله الصادق عليهما السلام ومن غير أهل البيت قتادة والحسن وغيرهما ممن لا يحصى كثرة ، وفي هذا أيضا غنى عن غيره .
قال الشيخ أدام الله عزه : فهذا جملة ما اعتمد القوم فيما ادعوه من خلافنا في تقديم إيمان أميرالمؤمنين عليه السلام وتعلقوا به ، وقد بينت عوارها ( 1 ) وأوضحت حالها ، وأنا ذاكر طرفا من أسماء من روى أن أميرالمؤمنين عليه السلام كان أسبق الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله [ و أولهم ] من الذكور إجابة له وإيمانا به ، فمن ذلك الرواية عن أميرالمؤمنين نفسه من طريق سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : اللهم لا أعرف عبدا لك عبدك من هذه الامة قبلي غير نبيها عليه وآله السلام قال ذلك ثلاث مرات ثم قال : لقد صليت قبل أن يصلي أحد سبعا .
ومن طريق المنهال عن عباية الاسدي عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : لقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين .
ومن طريق جابر عن عبدالله بن يحيى الحضرمي عن علي عليه السلام قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث سنين ولم يصل أحد غيري .
ومن طريق نوح بن قيس الطاحي عن سليمان أبي فاطمة عن معاذة العدوية قالت سمعت عليا عليه السلام يخطب على منبر البصرة فسمعته يقول : أنا الصديق الاكبر آمنت قبل أن يؤمن أبوبكر وأسلمت قبل أن يسلم .

___________________________________________________________
( 1 ) العوار مثلثة : العيب .

[269]

وطريق عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : صليت قبل الناس بسبع سنين .
ومن طريق نوح بن دراج عن خالد الخفاف قال : أدركت الناس وهم يقولون : وقع بين علي وعثمان كلام ، فقال عثمان : والله أبوبكر ( 1 ) وعمر خير منك ! فقال : كذبت والله لاناخير منك ومنهما ، عبدت الله قبلهما وعبدت الله بعدهما .
ومن طريق الحارث الاعور قال : سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول : اللهم إني لا أعترف لعبد من عبادك عبدك قبلي .
وقال عليه السلام قبل ليلة الهرير بيوم وهو يحرض الناس على أهل الشام أنا أول ذكر صلى مع رسول الله صلى الله عليه و آله ، ولقد رأيتني أضرب بسيفي قدامه وهو يقول : ( لا سيف إلا ذو الفقار ولافتى إلا علي حياتك حياتي وموتك موتي ) .
وقال عليه السلام : وقد بلغه أن قوما ( 2 ) يطعنون عليه في الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد كلام خطبه : بلغني أنكم تقولون : إن عليا يكذب ! فعلى من أكذب ؟ أعلى الله فأنا أول من آمن به وعبده ووحده ، أم على رسول الله فأنا أول من آمن به وصدقه ونصره ؟ وقال عليه السلام لما بلغه افتخار معاوية عند أهل الشام ( 3 ) شعره المشهور الذي يقول فيه : سبقتكم إلى الاسلام طرا * صغيرا ما بلغت أوان حلمي وأنا أذكر الشعر بأسره في موضع غير هذا عند الحاجة إليه إن شاء الله .
ومن ذلك ما رواه أبوأيوب خالد بن زيد الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ( 4 ) من
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 269 سطر 19 الى ص 277 سطر 18 طريق عبدالرحمان بن معمر عن أبيه ، عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلت الملائكة علي وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين ، وذلك أنه لم يصل معي رجل غيره .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : والله إن أبابكر .
( 2 ) في المصدر : أن قوما من أعدائه اه .
( 3 ) في المصدر : افتخار معاوية عليه عند أهل الشام .
( 4 ) في المصدر : صاحب منزل رسول الله .

[270]

ومن ذلك ما رواه سلمان الفارسي رحمة الله عليه من طريق عليم الكندي عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب .
ومن ذلك ما رواه أبوذر الغفاري رحمة الله عليه من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن أبي ذر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أنت أول من آمن بي في حديث طويل .
وروى أبوسخيلة عن أبي ذر أيضا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخذ بيد علي عليه السلام يقول : أنت أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة .
وقد رواه ابن أبي رافع عن أبيه أيضا عن أبي ذر قال : أتيته اودعه فقال : إنهما ستكون فتنة فعليك بالشيخ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وتسليمه ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أنت أول من آمن بي .
ومن ذلك ما رواه حذيفة [ بن ] اليمان رحمة الله عليه من طريق قيس بن مسلم عن ربعي بن خراش قال : سألت حذيفة بن اليمان عن علي بن أبي طالب ( 1 ) صلوات الله عليه فقال : ذاك أقدس الناس سلما وأرجح الناس حلما ( 2 ) .
ومن ذلك ما رواه جابر بن عبدالله الانصاري رحمة الله عليه من طريق شريك عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلثاء .
ومن ذلك ما رواه زيد بن أرقم من طريق عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الانصار قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : أول من صلى مع النبي علي بن أبي طالب عليه السلام .
ومن ذلك ما رواه زيد بن أرقم من طريق عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الانصار قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : أول من صلى مع النبي علي بن أبي طالب عليه السلام .
ومن ذلك ما رواه زيد بن صوحان العبدي من طريق عبدالله بن هشام عن أبيه عن طريف بن عيسى الغنوي أن زيد بن صوحان خطب في مسجد الكوفة فقال : سيروا إلى أميرالمؤمنين وسيد المسلمين وأول المؤمنين إيمانا .
ومن ذلك ماروته ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله من طريق مساور الحميري عن امه * هامش ) * ( 1 ) في المصدر : سألت حذيفة بن اليمان : ما تقول في على بن أبى طالب ؟ .
( 2 ) في المصدر : وارجح الناس علما .