[271]
قالت : قالت ام سلمة : والله لقد أسلم علي بن أبي طالب عليه السلام أول الناس وما كان كافرا
في حديث طويل .
ومن ذلك ما رواه عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب رحمة الله عليه من طريق أبي صالح
عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : صلت الملائكة علي وعلى علي بن
أبي طالب سبع سنين ، قالوا : ولم ذاك يا رسول الله ؟ قال : لم يكن معي من الرجال غيره ،
ومن طريق عمرو بن ميمون عنه ما تقدم ذكره ، وروى مجاهد عنه أيضا مثل ذلك ، وقد سلف
لنا فيما مضى .
ومن ذلك ما رواه قثم بن العباس بن عبدالمطلب من طريق قيس بن أبي حازم عن
أبي إسحاق قال : دخلت على قثم بن العباس فسألته عن علي عليه السلام فقال كان أولنا برسول
الله صلى الله عليه وآله لحوقا وأشدنا به لصوقا .
ومن ذلك ما رواه مالك الاشتر رحمة الله عليه من طريق الفضل بن أدهم المدني قال :
سمعت مالك بن الحارث الاشتر في خطبة خطبها بصفين : معنا ابن عم نبينا وسيف من
سيوف الله علي بن أبي طالب عليه السلام صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا ولم يسبقه بالصلاة
ذكر ، وجاهد حتى صار شيخنا كبيرا .
ومن ذلك ما رواه سعيد بن قيس من طريق مالك بن قدامة الارحبي أن سعيد بن
قيس خطب الناس بصفين فقال : معنا ابن عم نبينا ، صدق وصلى صغيرا ، وجاهد مع
نبيكم كبيرا .
ومن ذلك ما رواه عمر بن الحمق الخزاعي من طريق عبدالله بن شريك العامري
قال : قام عمرو بن الحق بصفين فقال : يا أميرالمؤمنين أنت ابن عم نبينا وأول المسلمين ( 1 )
إيمانا بالله عزوجل .
ومن ذلك ما رواه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص يوم صفين ( 2 ) : نجاهد في طاعة الله
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : واول المؤمنين .
( 2 ) في المصدر : ومن ذلك ما رواه هاشم بن عتبة بن أبى وقاص من طريق جندب بن عبدالله
الازدى قال : قال هاشم بن عتبة بن أبى وقاص يوم صفين .
[272]
مع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأول من آمن بالله ، وأفقه الناس في دين الله ( 1 ) .
ومن ذلك ما رواه محمد بن كعب من طريق عمر مولى عفرة عن محمد بن كعب قال : أول
من أسلم علي بن أبي طالب عليه السلام .
ومن ذلك ما رواه مالك بن حويرث من طريق مالك بن الحسن بن مالك قال : أخبرني
أبي عن جدي مالك بن حويرث قال : أول من أسلم من الرجال علي بن أبي طالب عليه السلام
ومن ذلك ما رواه أبوبكر عتيق بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وأنس بن مالك و
عمرو بن العاص وأبوموسى الاشعري ، والذي رواه أبوبكر من طريق زافر بن سليمان
عن الصلت بن بهرام عن الشعبي قال مر علي بن أبي طالب عليه السلام على أبي بكر ومعه
أصحابه ، فسلم عليهم ومضى ، فقال أبوبكر : من سره أن ينظر إلى أول الناس في الاسلام
سبقا و أقرب الناس برسول الله صلى الله عليه وآله قرابة فلينظر إلى علي بن أبي طالب ، الحديث ، و
قدمناه فيما مضى .
وأما عمر فإن أبا حازم مولى ابن عباس قال : سمعت عبدالله بن عباس يقول :
قال عمر بن الخطاب : كفوا عن علي بن أبي طالب فإني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله
فيه خصالا : قال : إنك أول المؤمنين بعدي إيمانا ، وساق الحديث .
وأما عمرو بن العاص فإن تميم بن جديم الناحي قال : أنا مع أميرالمؤمنين عليه السلام
بصفين إذ خرج عليه ( 2 ) عمرو بن العاص فأراد أن يكلمه ، فقال عمرو : تكلم فإنك أول
من أسلم فاهتدى ، ووحد فصلى .
ومن ذلك ما رواه أبوموسى الاشعري من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه
سلمة عن أبي جعفر عليه السلام عن ابن عباس قال : قال أبوموسى الاشعري : علي أول من
أسلم .
ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك من طريق عباد بن عبدالصمد قال : سمعت أنس بن
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر بعد ذلك : ومن ذلك ما رواه أبومخلد من طريق أبى عوانة عن عمران عن أبى
مخلد قال : أول من أسلم وصلى على بن أبى طالب .
( 2 ) في المصدر و ( د ) : اذ خرج إليه .
[273]
مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد صلت الملائكة علي وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين
وذلك أنه لم يرفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله إلا مني ومن
علي صلوات الله عليه .
ومن ذلك ما روي عن الحسن بن أبي الحسن البصري من طريق قتادة بن دعامة
السدوسي قال : سمعت الحسن يقول : إن عليا عليه السلام صلى مع النبي صلى الله عليه وآله أول الناس ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين .
ومن ذلك ما روي عن قتادة من طريق سعيد بن أبي عروبة قال : سمعت قتادة يقول
أول من صلى من الرجال علي بن أبي طالب عليه السلام .
ومن ذلك ما روي عن أبي إسحاق ( 1 ) من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق
قال : كان أول ذكر آمن وصدق علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين ، ثم أسلم
بعده زيد بن حارثة .
ومن ذلك ما روي عن الحسن بن زيد من طريق إسماعيل بن عبدالله بن أبي يونس ( 2 )
قال أخبرني أبي عن الحسن بن زيد أن عليا كان أول ذكر أسلم .
فأما الرواية عن آل أبي طالب في ذلك فإنها أكثر من أن تحصى ، وقد أجمع
بنوهاشم وخاصة آل علي عليه السلام لا تنازع بينهم على أن أول من أجاب رسول الله صلى الله عليه وآله
من الذكور علي بن أبي طالب عليه السلام ونحن أغنياء بشهرة ذلك عن ذكر طرقه ووجوهه ،
فأما الاشعار التي تؤثر عن الصحابة في الشهادة له عليه السلام بتقدم الايمان وأنه أسبق
الخلق إليه ( 3 ) فقدوردت عن جماعة منهم وظهرت عنهم على وجه يوجب العلم ويزيل الارتياب ،
ولم يختلف فيها من أهل العلم بالنقل والآثار اثنان ، فمن ذلك قول خزيمة بن ثابت ذي
الشهادتين رحمة الله عليه :
إذ نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبوحسن مما يخاف من الفتن ( 4 )
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( د ) : عن ابن إسحاق .
( 2 ) في المصدر و ( د ) : عبدالله بن أبى اويس .
( 3 ) في المصدر : وأنه اسبق إليه .
( 4 ) في المصدر : مما نخاف من الفتن .
[274]
وجدناه أولى الناس بالناس إنه * أطب قريش بالكتاب وبالسنن ( 1 )
وإن قريشا لا يشق غباره * إذاما جرى يوما على الضمر البدن ( 2 )
ففيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم مثل الذي فيه من حسن
ووضى رسول الله من دون أهله * وفارسه قد كان في سالف الزمن
وأول من صلى من الناس كلهم * سوى خيرة النسوان والله ذو منن ( 3 )
وصاحب كبش القوم في كل وقعة ( 4 ) * يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن
فذاك الذي يثني الخناصر باسمه * إمامهم حتى اغيب في الكفن
ومنه قول كعب بن زهير :
صهر النبي وخير الناس كلهم * فكل من رامه بالفخر مفخور
صلى الصلاة مع الامي أولهم * قبل العباد ورب الناس مكفور
ومنه قول حسان بن ثابت : ( جزى الله خيرا والجزاء بكفه ) وقدمنا البيتين فيما
سلف ومنه قول ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب حيث يقول عند بيعة أبي بكر ( 5 ) .
ما كنت أحسب هذا الامر منتقلا ( 6 ) * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
أليس أول من صلى لقبلتهم * وأعلم الناس بالآثار والسنن ؟
وآخر الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن
ما ذا الذي ردكم عنه فنعلمه ؟ * ها إن بيعتكم من أول الفتن
___________________________________________________________
( 1 ) الطب بفتح الطاء الحاذق الماهر بعمله .
( 2 ) شق الفرس : مال في جريه إلى جانب .
الضمر بفتح الضاد وسكون الميم الضامر
الهضيم البطن ، اللطيف الجسم .
أى اذا ركب الفرس وجرى عليه لا يصل أحد من قريش
إلى غباره .
( 3 ) المراد من خيرة النسوان خديجة سلام الله عليها .
( 4 ) الكبش : سيد القوم .
( 5 ) في المصدر : عند بيعة الناس لابى بكر .
( 6 ) في المصدر : ما كنت أحسب أن الامر منتقل .
[275]
وفي هذا الشعر قطع من قائله على إبطال إمامة أبي بكر وإثبات الامامة لاميرالمؤمنين
ومنه قول الفضل بن عتبة بن أبي لهب فيما رد به على الوليد بن عقبة في مديحه لعثمان
ومرثيته له وتحريضه على أميرالمؤمنين في قصيدته التي يقول في أولها .
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجوبي الذي جاء من مصر ( 1 )
فقال الفضل :
ألا إن خير الناس بعد محمد * مهيمنه التاليه في العرف والنكر
وخيرته في خيبر ورسوله * بنبذ عهود الشرك فوق أبي بكر ( 2 )
وأول من صلى وصنو نبيه * وأول من أردى الغواة لدى بدر
فذاك علي الخير من ذا يفوقه ؟ * أبوحسن خلف القرابة والضهر ( 3 )
وفي هذا الشعر دليل على تقدم إيمان أميرالمؤمنين عليه السلام وعلى أنه كان الامير
في سنة تسع على الجماعة وكان في جملة رعيته ( 4 ) أبوبكر على خلاف ما ادعاه الناصبة
من قولهم : إن أبابكر كان الامير على الجماعة وإن أميرالمؤمنين عليه السلام كان تابعا له .
ومنه قول مالك بن عبادة الغافقي حليف حمزة بن عبدالمطلب : رأيت عليا لا يلبث قرنه * إذا ما دعاه حاسرا أو مسربلا
___________________________________________________________
( 1 ) قال في لسان العرب في ( جوب ) : وتجوب قبيلة من حمير حلفاء لمراد ، منهم ابن ملجم
لعنه الله ، قال الكميت :
الا ان خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجوبى الذى جاء من مصدر
هذا قول الجوهرى ، قال ابن برى : البيت لوليد بن عقبة وليس للكميت كما ذكر ، وصواب
إنشائه ( قتيل التجيبى الذى جاء من مصر ) وإنما غلطه في ذلك أنه ظن أن الثلاثة أبوبكر
وعمر وعثمان فظن انه في على عليه السلام فقال ( التجوبى ) بالواو ، وإنما الثلاثة سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وآله وأبوبكر وعمر ، لان الوليد رثا بهذا الشعر عثمان بن عفان وقال في ( جيب ) :
وتجيب بطن من كندة وهو تجيب بن كندة بن ثور .
انتهى .
وقال الفيروزآبادى في ( جوب ) وتجوب
قبيلة من حمير ، وتجيب بن كندة بطن .
( 2 ) إشارة إلى بعث أميرالمؤمنين بسورة براءة وعزل أبى بكر .
( 3 ) في المصدر : حلف القرابة والصهر .
( 4 ) في المصدر : وكان من جملة رعيته .
[276]
فهذا وفي الاسلام أول مسلم * وأول من صلى وصام وهللا
ومنه قول عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب :
وكان ولي الامر بعد محمد * علي وفي كل المواطن صاحبه
وصي رسول الله حقا وجاره * وأول من صلى ومن لان جانبه
وفي هذا الشعر أيضا دليل على اعتقاد هذا الرجل في أميرالمؤمنين صلوات الله عليه أنه
كان الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله بلافصل .
ومنه قول النجاشي بن الحارث بن كعب :
فقل للمفضل من وائل * ومن جعل الغث يوما سمينا
جعلت ابن هند وأشياعه * نظير علي ، أما تستجيبا
إلى أول الناس بعد الرسول * أجاب الرسول من العالمينا
ومنه قول جرير بن عبدالله البجلي :
فصلى الاله على أحمد * رسول المليك تمام النعم
وصلى على الطهر من بعده * خليفتنا القائم المدعم
عليا عنيت وصي النبي * يجالد عنه غواة الامم
له الفضل والسبق والمكرما * ت وبيت النبوة لا المهتضم
وفي هذا الشعر أيضا تصريح من قائله بإمامة أميرالمؤمنين عليه السلام بعد الرسول وأنه
كان الخليفة دون من تقدم
ومنه قول عبدالله بن الحكيم التميمي ( 1 ) :
دعانا الزبير إلى بيعة * وطلحة من بعد ما أنقلا ( 2 )
فقلنا صفقنا بأيماننا * فإن شئتما فخذا الاشملا ( 3 )
نكثتم عليا على بيعة * وإسلامه فيكم أولا
ومنه قول عبدالله بن جبل ( 4 ) حليف بني جمح :
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر بعد ذلك : حيث يقول .
( 2 ) في المصدر : من بعدما أثقلا .
( 3 ) صفق يده بالبيعة : ضرب يده على يده ، وذلك علامة وجوب البيعة .
( 4 ) في المصدر : عبدالرحمان حنبل .
[277]
لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة * على الدين معروف العفاف موفقا
عفيفا عن الفحشاء أبيض ماجدا * صدوقا وللجبار قدما مصدقا
أبا حسن فارضوا به وتبايعوا * فليس كمن فيه لدى العيب منطقا ( 1 )
علي وصي المصطفى ووزيره * وأول من صلى لذي العرش واتقى
ومنه قول أبي الاسود الدئلي :
وإن عليا لكم مفخر * يشبه بالاسد الاسود
أما إنه ثاني العابدين * بمكة والله لم يعبد
ومنه قول زفر بن زيد بن حذيفة الاسدي :
فحوطوا عليا واحفظوه فإنه * وصي وفي الاسلام أول أول
ومنه قول قيس بن سعد بن عبادة بصفين :
هذا علي وابن عم المصطفى * أول من أجابه ممن دعا
هذا الامام لا نبالي من غوى ومنه قول هاشم بن عتبة بن أبي وقاص بصفين :
أشلهم بذي الكعوب شلا * مع ابن عم أحمد تجلى
أول منه صدقه وصلى
قال الشيخ أدام الله عزه : فأما قول الناصبة : إن إيمان أميرالمؤمنين صلوات الله عليه
لم يقع على وجه المعرفة وإنما كان على وجه التقليد والتلقين وما كان بهذه المنزلة لم يستحق
صاحبه المدحة ولم يجب له به الثواب وادعاؤهم أن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه كان في
تلك الحال ابن سبع سنين ومن كان هذه سنه لم يكن كامل العقل ولا مكلفا فإنه يقال لهم :
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 277 سطر 19 الى ص 285 سطر 18
إنكم قد جهلتم في ادعائكم أنه كان وقت مبعث النبي صلى الله عليه وآله ابن سبع سنين ، وقلتم قولا
لا برهان عليه يخاف المشهور ويضاد المعروف ، وذلك أن جمهور الروايات جاءت بأنه
عليه السلام قبض وله خمس وستون سنة ، وجاء في بعضها أن سنه كانت عند وفاته ثلاثا
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فليس كمن فيه لذى العيب منطقا .
[278]
وستين سنة ( * ) ، فأما سوى هاتين الروايتين فشاذ مطروح قد يعرف في صحيح النقل ولا يقبله
أحد من أهل الرواية والعقل ، وقد علمنا أن أميرالمؤمنين عليه السلام صحب رسول الله صلى الله عليه وآله
ثلاثا وعشرين سنة ، منها ثلاث عشرة قبل الهجرة وعشر بعدها ، وعاش بعده ثلاثين سنة ،
وكانت وفاته في سنة أربعين من الهجرة ، فإذا حكمنا في سنة على خمس وستين بما تواترت
به الاخبار كانت سنه عند مبعث النبي صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة سنة ، وإن حكمنا على ثلاث
وستين كانت سنه عند المبعث عشر سنين ، وكيف يخرج من هذا الحساب أن يكون سنه
عند المبعث سبع سنين ؟ اللهم إلا أن يقول قائل : إن سنه كانت عند وفاته ستين سنة ،
فيصح ذلك له ، إلا أنه يكون دافعا للمتواتر من الاخبار منكرا للمشهور من الآثار
معتمدا على الشاذ من الروايات ، ومن صار إلى ذلك كان الاولى في مناظرته البيان له عن
وجه الكلام في الاخبار والتوقيف على طرق الفاسد من الصحيح فيها دون المجازفة في المقالة
وكيف يمكن عاقلا سمع الاخبار أو نظر في شئ من الآثار أن يدعي أن أميرالمؤمنين
صلوات الله عليه توفي وله ستون سنة مع قوله الشائع عنه الذائع ( 1 ) في الخاص والعام
عند ما بلغه من إرجاف ( 2 ) أعدائه به في التدبير والرأي :
( بلغني أن قوما يقولون : إن علي بن أبي طالب شجاع لكن لا بصيرة له بالحرب !
___________________________________________________________
( 1 ) ذاع الخبر : انتشر .
( 2 ) أرجف : خاض في الاخبار السيئة والفتن قصد أن يهيج الناس .
* أقول : والحق أنه قبض عليه السلام بعد ما دخل في السنة الرابعة والستين كما ان النبى
صلوات الله عليه قبض وقد دخل في السنة السادسة والستين ولذلك يقول عن نفسه عليه السلام ( أنا
أصغر من ربى بسنتين ) يعنى عن استاذه ومعلمه محمد صلوات الله عليه .
وذلك لان النبى صلى الله عليه وآله ساق في حجة الوداع مائة بدنة : 66 عن شخصه و 34
عمن هو بمنزلة نفسه على عليه السلام عدد سنين عمرهما فقد كان النبى عامئذ قد طعن في السادسة
والستين وعلى في الرابعة والثلاثين فاذا كان ولادته عليه السلام في سابع شعبان على ما رواه صفوان
عن الصادق عليه السلام ( كما بيناه في ج 35 ص 39 42 ) فقد كان عمره عليه السلام سابع
ذى الحجة عام حجة الوداع 10 من الهجرة 33 سنة و 4 أشهر وبقى بعد ذلك إلى 21 رمضان عام
40 من الهجرة 29 سنة و 10 أشهر و 16 يوما فهذا 63 سنة وشهران و 16 يوما كاملا ( ب ) .
[279]
لله أبوهم وهل فيهم أحد أبصر بها مني ؟ لقد قمت فيها ( 1 ) وما بلغت العشرين ، وها أناذا
قد ذرفت على الستين ( 2 ) ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع ( 3 ) ) ،
فخبر عليه السلام بأنه قد نيف على الستين ( 4 ) في وقت عاش بعده دهرا طويلا ، وذلك
في أيام صفين ، وهذا يكذب قول من زعم أنه صلوات الله وسلامه عليه توفي وله ستون سنة ،
مع أن الروايات قد جاءت مستفيضة ظاهرة بأن سنه عليه السلام كانت عند وفاته بضعا وستين
سنة ، وفي مجيئها بذلك على الانتشار دليل على بطلان مقال من أنكر ذلك ، فممن روى
ما ذكرناه علي بن عمرو بن أبي سبرة عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال : سمعت محمد بن الحنفية
يقول في سنة الجحاف ( 5 ) حين دخلت سنة إحدى وثمانين : هذه لي خمس وستون سنة
وقد جاوزت سن أبي ، قلت : وكم كان سنة يوم قتل ؟ قال : ثلاثا وستين سنة .
ومنهم أبوالقاسم نعيم قال : حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال : توفي علي عليه السلام
وهو ابن ثلاث وستين سنة .
ومنهم يحيى بن أبي كثير عن سلمة قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول :
وقد سئل عن سن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه يوم قبض قال : كان قد نيف على
الستين .
ومنهم ابن عائشة من طريق أحمد بن زكريا قال : سمعته يقول : بعث رسول صلى الله عليه وآله
وعلي صلوات الله عليه ابن عشر سنين ، وقتل علي وله ثلاث وستون سنة ( 6 ) .
ومنهم الوليد بن هاشم الفخدمي من طريق أبي عبدالله الكواسجي قال : أخبرنا
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : لقد قمت بها .
( 2 ) أى زدت على الستين .
( 3 ) وهذا آخر قطعة من الخطبة التى أنشدها عليه السلام في الحث على الجهاد ، راجع نهج
البلاغة ( عبده ط مصر 75 28 ) وفيه : لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها
مقاما منى ؟ لقد نهضت فيها اه .
( 4 ) نيف على كذا : زاد .
( 5 ) بتقديم المعجمة ، أى سنة جرى فيها السيل في المدينة : السيل الجحاف : الذى يجرف كل
شئ ويذهب به ، ومنه سميت الجحفة جحفة ، ( راجع المراصد 1 : 315 )
( 6 ) في المصدر : وقتل وهو ابن ثلاث وستون سنة .
[280]
الوليد بأسانيد مختلفة أن عليا صلوات الله عليه قتل بالكوفة يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة
خلت من شهر رمضان سنة أربعين ، وهو ابن خمس وستين سنة .
فأما من روى أن سنه عليه السلام كانت عند البعثة أكثر من عشر سنى فغير واحد : منهم
عبدالله بن مسعود من طريق عثمان بن المغيرة عن وهب عنه قال : إن أول شئ علمته من
أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أني قدمت مكة ( 1 ) ، فأرشدونا إلى العباس بن عبدالمطلب ، فانتهينا
إليه وهو جالس إلى زمزم ، فبينا نحن جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا ، عليه ثوبان
أبيضان ، على يمينه غلام مراهق أو محتلم ، تتبعه امرأة قد سترت محاسنها ، حتى قصدوا
الحجر ، فاستلمه والغلام والمرأة ، ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثم
استقبل الكعبة وقام فرفع يديه وكبر ، وقام الغلام على يمينه وكبر ، وقامت المرأة
خلفهما فرفعت يديها فكبرت ، فأطال القنوت ( 2 ) ، ثم ركع فركع الغلام والمرأة معه ،
ثم رفع رأسه فأطال القنوت ثم سجد ، ويصنعان ما صنع ( 3 ) ، فلما رأينا شيئا ننكره لا
نعرف بمكة ( 4 ) أقبلنا على العباس فقلنا : يا أبا الفضل إن هذا الدين ما كنا نعرفه ،
قال : أجل والله ما تعرفون هذا ، قلنا : ما نعرف ( 5 ) ، قال : هذا ابن أخي محمد بن عبدالله
وهذا علي بن أبي طالب وهذه المرأة خديجة بنت خويلد ، والله ما على وجه الارض أحد
يعبد الله بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة .
وروى قتادة عن الحسن وغيره قال : كان أول من آمن علي بن ابي طالب عليه السلام وهو
ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة .
وروى شداد بن أوس قال : سألت خباب بن الارت عن إسلام علي بن أبي طالب
عليه السلام قال : أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، ولقد رأيته يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وهو
يومئذ بالغ مستحكم البلوغ .
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : اننا قدمنا مكة .
( 2 ) في المصدر : فأطال الرجل القنوت .
( 3 ) في المصدر : وهما يصنعان ما يصنع .
( 4 ) في المصدر : ولا نعرفه بمكة .
( 5 ) في المصدر و ( د ) ما نعرفه .