[ 61 ]
الجب الآخر ، ثم جعل يناديهم مرة بعد مرة : ما تقولون ؟ فيجيبون : فاقض ( 1 ) ما
أنت قاض ، حتى ماتوا .
قال : ثم انصرف فسار بفعله الركبان ( 2 ) وتحدث به الناس ، فبينما هو ذات
يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب ، قد أقر له من في يثرب من اليهود أنه
أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل ، قال : وقدم على أميرالمؤمنين عليه السلام في عدة من أهل
بيته ، فلما انتهوا إلى المسجد الاعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد
وأرسلوا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام : إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة فهل
تخرج إلينا أم ندخل إليك ؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون ( 3 )
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 61 سطر 9 الى ص 69 سطر 9
باليمين ، فما حاجتكم ؟ ( 4 ) فقال له عظيمهم : يا ابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت
في دين محمد ؟ فقال له : وأية بدعة ؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت
إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن محمدا رسوله فقتلتهم بالدخان ، فقال له
أميرالمؤمنين عليه السلام : فنشدتك بالتسع الآيات التي انزلت على موسى عليه السلام بطور سيناء
وبحق الكنائس الخمس القدس وبحق السمت ( 5 ) الديان هل تعلم أن يوشع بن نون
أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لاإله إلا الله ولم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم
بمثل هذه القتلة ؟ فقال له اليهودي : نعم أشهد أنك ناموس موسى ( 6 ) ، قال ، ثم أخرج
من قبائه كتابا فدفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ففضه ونظر فيه وبكى ، فقال له اليهودي :
ما يبكيك يا ابن أبي طالب ؟ إنما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل
عربي فهل تدري ما هو ؟ فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : نعم هذا اسمي مثبت ، فقال له اليهودي
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : اقض .
( 2 ) أى حمل الركبان والقوافل هذاالخبر إلى اطراف الارض .
( 3 ) يتسابقون خ ل .
أى يبتدرن بأيمانهم البيعة أو يستأنفون الاسلام لليمين التى اقسم بها عليهم
والاول أظهر .
( 4 ) أى قال : فما حاجتكم ؟
( 5 ) قد سبق معناه ولا يناسب المقام ، والظاهر أنه كان في لغتهم بمعنى الصمد .
( 6 ) أى صاحب سره المطلع على باطن أمره وعلومه وأسراره .
[ 62 ]
فأرني اسمك في هذاالكتاب وأخبرني ما اسمك بالسريانية ، قال : فأراه أميرالمؤمنين
اسمه في الصحيفة وقال : اسمى إليا ، فقال اليهودي : أشهدأن لاإله إلاالله وأشهد أن محمدا
رسول الله وأشهد أنك وصي محمد وأشهد أنك أولى الناس بالناس بعد محمد صلى الله عليه واله ( 1 ) ، و
بايعوا أميرالمؤمنين عليه السلام ودخل المسجد فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : الحمدلله الذي لم أكن
عنده منسيا ، الحمدلله الذي أثبتني عنده في صحيفة الابرار ( 2 ) .
1 قب : نزلت فيه بالاجماع ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و
يطهركم تطهيرا ( 3 ) ) .
الفردوس قال علي عليه السلام : قال النبي صلى الله عليه واله : إنا [ أول ] أهل بيت قد أذهب
الله عنا الفواحش ماظهر منها وما بطن .
وقال النبي صلى الله عليه واله في قوله تعالى : ( واجنبني وبني أن نعبد الاصنام ( 4 ) ) :
فانتهت الدعوة إلي وإلى علي
وفي خبر ( أنا دعوة إبراهيم ) وإنما عنى بذلك الطاهرين لقوله : نقلت من أصلاب
الطاهرين إلى أرحام الطاهرات لم يمسسني سفاح الجاهلية ( 5 ) ، وأهل الجاهلية كانوا
يسافحون وأنسابهم غير صحيحة وامورهم مشهورة عند أهل المعرفة .
يزيد بن هارون ، عن جريربن عثمان ، عن عوف بن مالك قال : جاء رجل إلى
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : من بعد محمدصلى الله عليه وآله .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء الرابع من الكافى ) : 181 183 .
( 3 ) سورة الاحزاب : 33 .
( 4 ) سورة إبراهيم : 35 .
( 5 ) السفاح : الزنى .
[ 63 ]
عمر بن الخطاب فقال له : إن على نذرا أن اعتق نسمة ( 1 ) من ولدإسماعيل ، فقال :
والله ما أصبحت أثق إلا ماكان من حسن وحسين وبني عبدالمطلب ( 2 ) ، فإنهم من شجرة
رسول الله صلى الله عليه واله ، وسمعته يقول : هم بنو أبي .
واجتمع أهل البيت بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة بأنه معصوم واجتمع الناس أنه
لم يشرك قط ، وأنه بايع النبي صلى الله عليه واله في صغره ، وترك أبويه .
تاريخ الخطيب أنه قال جابر : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي
طرفة عين : مؤمن آل يس وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون .
تفسير وكيع حدثنا سفيان بن مرة الهمداني عن عبدخير قال : سألت علي بن
أبي طالب عليه السلام عن قوله تعالى : ( ياأيهاالذين آمنوا اتقوالله حق تقاته ( 3 ) قال :
والله ما عمل بهذاغير أهل بيت رسول الله ، نحن ذكرنا الله فال ننساه ، ونحن شكرناه فلا
نكفره ، ونحن أطعناه فلا نعصيه ، فلما نزلت هذه الآية قالت الصحابة : لانطيق ذلك ،
فأنزل الله ( فاتقوالله ما استطعتم ( 4 ) ) قال وكيع : يعني ماأطقتم ثم قال : ( واسمعوا )
ما تؤمرون به ( وأطيعوا ) يعني أطيعوالله ورسوله وأهل بيته فيما يأمرونكم به .
ووجدنا العامة إذا ذكروا عليا في كتبهم أو أجروا ذكره على ألسنتهم قالوا :
( كرم الله وجهه ) يعنون بذلك عن عبادة الاصنام .
وروي أنه اعترف عنده رجل محصن أنه قد زنى مرة بعد مرة ، وهو يتجاهل
حتى اعترف الرابعة ، فأمر بحبسه ، ثم نادى في الناس ، ثم أخرجه بالغلس ( 5 ) ، ثم
حفرله حفيرة ووضعه فيها ، ثم نادى : أيها الناس إن هذه حقوق الله لايطلبها من كان
عليه مثله ، فانصرفوا ما خلا علي بن أبي طالب وابنيه ! فرجمه ثم صلى عليه .
وفي التهذيب :
___________________________________________________________
( 1 ) النسمة : المملوك ذكرا كان أو انثى .
( 2 ) في المصدرو ( م ) : وعبدالمطلب .
( 3 ) سورة آل عمران : 102 .
( 4 ) سورة التغابن : 16 .
( 5 ) الغس : ظلمة آخر الليل .
[ 64 ]
إن محمد بن الحنفية كان ممن رجع ( 1 ) .
وعلي بن أبي طالب عليه السلام كان ممن وصفه الله تعالى في قوله : ( واجنبني وبني
أن نعبد الاصنام ( 2 ) ) ثم قال : ( ومن ذريتنا امة مسلمة لك ( 3 ) ) فنظرنا في أمر
الظالم فإذا الامة قد فسروه أنه عابد الاصنام وأن من عبدها فقد لزمه الذل ، وقد
نفى الله أن يكون الظالم خليفة بقوله : ( لاينال عهدي الظالمين ( 4 ) ) ثم إنه لم يشرب
الخمر قط ولم يأكل ماذبح على النصب وغير ذلك من الفسوق ، وقريش ملوثون بها و
كذلك يقول القصاص : أبوفلان فلان ! ، والطاهر علي .
تفسيرالقطان عن عمرو بن حمران ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن البصري قال :
اجتمع عثمان بن مظعون وأبوطلحة وأبوعبيدة ومعاذبن جبل وسهيل بن بيضا وأبودجانة في
منزل سعد بن أبي وقاص فأكلوا شيئا ، ثم قدم إليهم شيئا من الفضيخ ( 5 ) ، فقام علي
وخرج من بينهم ، فقال عثمان في ذلك ، فقال علي : لعن اله الخمر والله لا أشرب شيئا
يذهب بعقلي ويضحك بي من رآني وازوج كريمتي من لا اريد ! وخرج من بينهم فأتى
المسجد ، وهبط جبرئيل بهذه الآية ( ياأيها الذين آمنوا ) يعني هؤلاء الذين اجتمعوا
في منزل سعد ( إنما الخمر والميسر ( 6 ) ) الآية ، فقال علي : تبالها ، والله يا رسول الله
لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا ، قال الحسن : والله الذي لاإله إلا هو ما شربها
قبل تحريمها ولا ساعة قط .
ثم إنه عليه السلام لم يأت بفاحشة قط ، ونزلت فيه ( قدأفلح المؤمنون ( 7 ) )
الآيات .
في التاريخ من ثلاثة طرق عن عمار بن ياسر وذكره جماعة بطرق كثيرة عن بريدة
___________________________________________________________
( 1 ) راجع التهذيب 2 : 391 .
( 2 ) سورة ابراهيم : 35 .
( 3 ) سورة البقرة : 128 .
( 4 ) سورة البقرة : 124 .
( 5 ) الفضيخ : عصير العنب .
شراب يتخذ من التمر .
( 6 ) سورة المائدة : 90 .
( 7 ) سورة المؤمنون : 1 .
[ 65 ]
الاسلمي في حديثه أنه قال النبي صلى الله عليه واله : قال لي جبرئيل : يا محمد إن حفظة علي بن
أبي طالب تفتخر على الملائكة أنها لم تكتب على علي خطيئة منذ صحبته ( 1 ) .
2 فس : أبي ، عن النضر ، عن محمد بن قيس ، عن أبي سيار ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه واله يوما واضعا يده على كتف العباس ، فاستقبله أميرالمؤمنين عليه السلام
فعانقه رسول الله صلى الله عليه واله وقبل بين عينيه ، ثم سلم العباس على علي فرد عليه ردا خفيفا ،
فغضب العباس فقال : يا رسول الله لا يدع علي زهوه ( 2 ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : يا عباس
لاتقل ذلك في علي فإني لقيت جبرئيل آنفا فقال لي : لقيني الملكان الموكلان بعلي
الساعة فقالا : ما كتبنا عليه ذنبا منذ يوم ولد إلى هذا اليوم ( 3 ) .
3 ع : عبدالواحد بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن الفضل ، عن منصوربن
عبدالله ، عن محمد بن عبدالله ، عن الحسن بن مهزيار ، عن أحمد بن إبراهيم العوفي ، عن أحمد
بن الحكم البراجمي ، عن شريك بن عبدالله ، عن أبي وقاص العامري ، عن محمد بن عمار بن
ياسر ، عن أبيه قال .
سمعت النبي صلى الله عليه واله يقول : إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران
على جميع الحفظة ، لكينونتهما مع علي ، وذلك انهما لم يصعدا إلى الله عزوجل بشئ
منه يسخط الله تبارك وتعالى ( 4 ) .
يف : ابن المغازلي عن عدة طرق بأسانيدها عن النبي صلى الله عليه واله مثله ( 5 ) .
[ 4 كنزالكراجكى : عن اسيد بن إبراهيم السلمي ، عن عمر بن علي العتكي ،
عن سعيد بن محمد الحضرمي ، عن الحسن بن محمد بن عبدالرحمان ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الحسن بن علي ، عن امه فاطمة ، عن أبيها صلوات الله عليهم قال : أخبرني جبرئيل عن
كاتبي علي أنهما لم يكتبا على علي ذنبا مذصحباه ( 6 ) .
]
___________________________________________________________
( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 360 362 .
( 2 ) الزهو : الكبر .
( 3 ) تفسير القمى : 341 .
( 4 ) علل الشرائع : 14 .
( 5 ) الطرائف 20 .
( 6 ) كنزالكراجكى : 162 ، وقد وقع الخلط في سند الرواية والموجود في المصدر روايتان
[ 66 ]
5 ل : عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن الفضل ، عن منصور بن عبدالله
الاصبهاني : عن علي بن عبدالله ، عن محمد بن هارون بن حميد ، عن محمد بن المغيرة الشهرزوري
عن يحيى بن الحسين المدائني ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال
قال : رسول الله صلى الله عليه واله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين : مؤمن آل ياسين وعلي بن
أبي طالب وآسية المرأة فرعون ( 1 ) .
6 م : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن النطفة تثبت في الرحم ( 2 ) أربعين يوما ، نطفة ، ثم
تصير علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ثم بعده عظما ( 3 ) ، ثم يكسى لحما ،
ثم يلبس الله فوقه جلدا ، ثم ينبت عليه شعرا ، ثم يبعث الله عزوجل إليه ملك الارحام
ويقال له : اكتب أجله وعمله ورزقه وشقيا يكون أو سعيدا ، فيقول الملك : يارب أنى لي
بعلم ذلك ؟ فقال ( 4 ) : استمل ذلك من قراء اللوح المحفوظ ، فيستمليه منهم ، قال رسول
الله صلى الله عليه واله : وإن من كتب أجله وعمله ورزقه وسعادة خاتمته علي بن أبي طالب ( 5 ) كتبوا
[ كتب ] من عمله أنه لا يعمل ذنبا أبدا إلى أن يموت ، قال : وذلك قول رسول الله
صلى الله عليه وآله يوم شكاه بريدة ( 6 ) ، وذاك أن رسول الله صلى الله عليه واله بعث جيشا ذات يوم لغزاة
أمر عليهم عليا صلوات الله عليه ، وما بعث جيشا قط فيهم علي إلا جعله أميرهم ، فلما
___________________________________________________________
احداهما ما نقله المصنف عن العلل بعينه ، وسندها هكذا : السلمى ، عن العتكى ، عن سعيدبن محمد
الحضرمى ، عن الحسن بن محمدبن عبدالرحمن ، عن احمدبن ابراهيم العوفي ، عن البراجمى ، عن
شريك بن عبدالله ، عن أبى الوفاء ( عن ابى وقاص ظ ) عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه عمار .
والاخرى ماأوردها في المتن ، وسندها هكذا : اسد بن ابراهيم السلمى .
عن عمربن على العتكى ، عن
أحمد بن محمد بن صفوة ، عن الحسن بن على بن محمد العلوى ، عن النوفلى ، عن عمه عن أبيه عن جده ،
عن الحسن بن على ، عن فاطمة ، عن أبيها صلوات الله عليهم .
( 1 ) الخصال 1 : 82 .
( 2 ) في المصدر : في قرار الرحم .
( 3 ) في المصدر : ثم تجعل بعده عظما .
( 4 ) في المصدر : فيقال له .
( 5 ) في المصدر : على حب على بن أبى طالب .
( 6 ) في المصدر : يوم شكاة بريدة عليا .
[ 67 ]
غنموا رغب علي في أن يشتري من جملة الغنائم جارية فجعل ( 1 ) ثمنها في جملة الغنائم ،
فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الاسلمي وزايداه ، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر
إليها ( 2 ) إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها ، فأخذها بذلك فلما رجعا ( 3 ) إلى رسول
الله صلى الله عليه واله تواطئا على أن يقول ذلك بريدة لرسول الله صلى الله عليه واله : فوقف بريده قدام رسول الله ( 4 )
فقال : يا رسول الله ألم ترإلى ابن أبي طالب ( 5 ) أخذ جارية من المغنم دون المسلمين ؟ فأعرض عنه
رسول الله صلى الله عليه واله ، ثم جاء عن يمينه فقالها فأعرض عنه رسول الله فجاء عن يساره فقالها
فأعرض عنه رسول الله ، وجاء من خلفه فقالها فأعرض عنه ، ثم عاد إلى بين يديه فقالها فغضب
رسول الله غضبا لم يرقبله ولا بعده غضب مثله ، وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت
فرائصه وقال : يا بريدة مالك آذيت رسول الله منذ اليوم ؟ إني سمعت الله ( 6 ) عزوجل
يقول : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدلهم عذابا مهينا *
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبيبا ( 7 ) )
قال بريدة : يا رسول الله ما علمتني ( 8 ) قصدتك بأذي ، قال رسول الله صلى الله عليه واله : أو تظن يا
بريدة أنه لايؤذيني إلا من قصد ذات نفسي ؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه وأن من
آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم
عذابه في نار جهنم ؟
يا بريدة أنت أعلم أم الله ؟ أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ ؟ أنت أعلم أم ملك الارحام
قال بريدة ؟ بل الله أعلم وقراء اللوح المحفوظ أعلم وملك الارحام أعلم ، قال رسول الله صلى الله عليه واله
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فيجعل .
( 2 ) في المصدر : نظر اليهما .
( 3 ) في المصدر : فلما رجعوا .
( 4 ) في المصدر : أمام رسول الله .
( 5 ) في المصدر : أن ابن ابى طالب .
( 6 ) في المصدر : أما سمعت الله .
( 7 ) سورة الاحزاب : 57 و 58 .
( 8 ) ماعلمت أننى .
[ 68 ]
فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب ؟ قال : بل حفظة علي بن أبي طالب ، قال
رسول الله صلى الله عليه واله : فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرئيل
أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذولد ، وهذاملك الارحام حدثني
أنهم كتبوا قبل أن يولد حين استحكم في بطن امه أنه لايكون منه خطيئة أبدا ،
وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة اسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ
( علي المعصوم من كل خطأ وزلة ) فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب
العالمين والملائكة المقربون ؟ يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه
أميرالمؤمنين وسيد الوصيين وسيد الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم
الجنة والنار يقول ( 1 ) : هذالي وهذا لك .
ثم قال : يا بريدة أترى لعلي ( 2 ) من الحق عليكم معاشر المسلمين ألا تكايدوه ولا
تعاندوه ولا تزايدوه ؟ هيهات إن قدر علي عندالله أعظم من قدره عندكم ، أولا اخبركم
قالوا بلى يا رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه واله : فإن الله يبعث يوم القيامة أقواما يمتلئ من
جهة السيئات موازينهم فيقال لهم : هذه السيئات فأين الحسنات ؟ وإلا فقد عصيتم ؟
فيقولون : يا ربنا ما نعرف لنا حسنات ، فإذا النداء من قبل الله عزوجل ( لئن لم تعرفوا
لانفسكم عبادي حسنات فإني أعرفها لكم واوفرها عليكم ) ثم يأتي برقعة صغيرة
يطرحها ( 3 ) في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء إلى الارض ( 4 ) ،
فيقال لاحدهم : خذ بيد أبيك وامك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدامك
ومعارفيك ( 5 ) فأدخلهم الجنة ، فيقول أهل المحشر : يارب ( 6 ) أما الذنوب فقد عرفناها
فماذا كانت حسناتهم ؟ فيقول الله عزوجل : يا عبادي مشى أحدهم ببقية دين لاخيه إلى
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : يقول يوم القيامة للنار .
( 2 ) في المصدر : اترى ليس لعلى اه .
( 3 ) في المصدر : ثم تأتى الريح برقعة صغيرة بطرحها اه .
( 4 ) في المصدر : والارض .
( 5 ) في المصدر : وأخدانك ومعارفك .
والخدن : الحبيب والصاحب .
( 6 ) في المصدر : ياربنا .
[ 69 ]
أخيه ( 1 ) فقال : خذها فإني احبك بحبك علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له الآخر :
قدتركتها لك بحبك لعلي ولك من مالي ما شئت ، فشكر الله تعالى ذلك لهما فحط
به خطاياهما وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما وأوجب لهما ولوالديهما
الجنة ( 2 ) .
ثم قال : يا بريدة إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف ( 3 )
الذي يرمى عندالجمرات ، فإياك أن تكون منهم ، فذلك قوله تبارك وتعالى : ( اعبدوا
ربكم الذي خلقكم ( 4 ) ) اعبدوه بتعظيم محمد وعلي بن أبي طالب الذي خلقكم نسما وسواكم
من بعد ذلك وصوركم فأحسن صوركم ثم قال عزوجل : ( والذين من قبلكم ) قال :
وخلق الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس ( لعلكم تتقون ( 5 ) .
)
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 69 سطر 10 الى ص 77 سطر 10
7 يب : محمد بن علي بن محبوب ، عن اليقطيني ، عن الحسن بن علي ، عن إبراهيم
ابن عبدالحميد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن أميرالمؤمنين عليه السلام كان إذا أراد
قضاء الحاجة وقف على باب المذهب ثم التفت يمينا وشمالا إلى ملكيه فيقول : أميطا
عني ( 6 ) فلكما الله علي أن لااحدث حدثا حتى أخرج إليكما ( 7 ) .
أقول : قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : نص أبومحمد بن
متويه في كتاب الكفاية على أن عليا عليه السلام معصوم وإن لم يكن واجب العصمة ولا
العصمة شرط في الامامة ، لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه
ومغيبه ، وأن ذلك أمر اختص هو به دون غيره من الصحابة ، والفرق ظاهر بين قولنا :
___________________________________________________________
( 1 ) متعلق بقوله مشى .
( 2 ) في المصدر : ولوالديهما ولذريتهما الجنة .
( 3 ) خذف بالحصاة ونحوها : رمى بها من بين سبابتيه .
( 4 ) سورة البقرة : 21 وما بعدها ذيلها .
( 5 ) تفسير الامام : 52 55
( 6 ) أى تنحى عنى .
( 7 ) التهذيب 1 : 100 .
[ 70 ]
( زيد معصوم ) وقولنا ( 1 ) : ( زيد واجب العصمة لانه إمام ومن شرط الامام أن
يكون معصوما ) فالاعتبار الاول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الامامية ( 2 ) .
أقول : قد مر أكثر أخبار الباب مع سائر القول في ذلك مما يناسب الكتاب
في باب وجوب عصمة الامام ، وقد مضى وسيأتي ما يدل على ذلك في أخبار كثيرة لايمكن
جمعها في باب واحد ، ومن أراد الدلائل العقلية على ذلك فليرجع إلى الكتب الكلامية
لا سيماالشافي .
1 قب : ولاه رسول الله صلى الله عليه واله في أداء سورة براءة وعزل به أبابكر باجماع المفسرين
ونقلة الاخبار ( 3 ) .
أقول : قد مضى شرحه مستوفى ، ثم قال ابن شهر آشوب : ( 4 )
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وبين قولنا .
( 2 ) شرح النهج 2 : 212 .
وأنت اذا تأملت في كلامه ترى عجبا ، حيث يقول باختصاص
أميرالمؤمنين عليه السلام بالعصمة ويرجح غيره عليه ، وهل هذا الا الزيغ والخسران ؟ أعاذنا الله
الملك المنان .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب 1 .
326 .
( 4 ) في ( ك ) بعد هذا ( أحمد بن حنبل وابن بطة ومحمد بن اسحاق وأبويعلى الموصلى
والاعمش وسماك بن حرب في كتبهم ) لكنه غير صحيح ، وهؤلاء المذكورون قد أوردوا حديث
البراءة في كتبهم ، وقوله ( وأجمع أهل السير ) أول الكلام لا أنه معطوف ، راجع المصدر .