[181]
23 قب : في حديث طويل عن علي بن محمد الصوفي أنه لقي إبليس وسأله فقال له :
من أنت ؟ فقال : أنا من ولد آدم ، فقال : لا إله إلا الله ، أنت من قوم يزعمون أنهم يحبون
الله ويعصونه ويبغضون إبليس ويطيعونه ! فقال : من أنت ؟ فقال : أنا صاحب الميسم ( 1 ) ،
والاسم الكبير ، والطبل العظيم ، وأنا قاتل هابيل ، وأنا الراكب مع نوح في الفلك
أنا عاقر ناقة صالح ، أنا صاحب نار إبراهيم ، أنا مدبر قتل يحيى ، أنا ممكن قوم
فرعون من النيل ، أنا مخيل السحر وقائده إلى موسى ، أنا صانع العجل لبني
إسرائيل ، أنا صاحب منشار زكريا ، أنا السائر مع أبرهة إلى الكعبة بالفيل ،
أنا المجمع لقتال محمد صلى الله عليه وآله يوم أحد وحنين ، أنا ملقي الحسد يوم السقيفة في قلوب
المنافقين ، أنا صاحب الهودج يوم البصرة والبعير ، أنا الواقف بين عسكر صفين ( 2 ) ،
أنا الشامت يوم كربلاء بالمؤمنين ، أنا إمام المنافقين ، أنا مهلك الاولين ، أنا مضل
الآخرين ، أنا شيخ الناكثين ، أنا ركن القاسطين ، أنا ظل المارقين ، أنا أبومرة
مخلوق من نار لامن طين ، أنا الذي غضب الله عليه رب العالمين ( 3 ) ! فقال الصوفي :
بحق الله عليك إلا دللتني على عمل أتقرب به إلى الله وأستعين به على نوائب دهري ،
فقال : اقنع من دنياك بالعفاف والكفاف ، واستعن على الآخرة بحب علي بن أبي طالب
عليه السلام وبغض أعدائه ، فإني عبدت الله في سبع سماواته وعصيته في سبع أرضيه
فلا وجدت ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا إلا وهو يتقرب بحبه ، قال : ثم غاب عن
بصري ، فأتيت أبا جعفر عليه السلام فأخبرته بخبره فقال عليه السلام : آمن الملعون بلسانه
وكفر بقلبه .
-بحار الانوار مجلد: 35 من ص 181 سطر 19 الى ص 189 سطر 18
مناقب أبي إسحاق الطبري وإبانة الفلكي قال أبوحمزة الثمالي : كان رجل
من بني تميم يقال له خيثمة ، فلما حكموا الحكمين خرج هاربا نحو الجزيرة ،
فمر بواد مخيف يقال له : " ميافارقين " فهتف به من الوادي :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الميسم : الحديدة او الالة التي يوسم بها .
( 2 ) في المصدر : أنا صاحب المواقف في عسكر صفين .
( 3 ) " : غضب عليه رب العالمين .
[182]
يا أيها الساري باميا فارق ( 1 ) * مخالفا للحق دين الصادق
تابعت دينا ليس دين الخالق * بل دين كل أحمق منافق
فقال خيثمة :
لما رأيت القوم في الخصوم * فارقت دين أحمق لئيم
حتى يعود الدين في الصميم .
فقال :
اسمع لقولي ثم ترشد ( 2 ) * إن عليا كالحسام الاصيد
منهاجه دين النبي المهتدي * فارجع إلى دين وصي أحمد
فخالف المراق فيه واشهد ( 3 ) .
فرجع إلى علي عليه السلام ولم يزل معه حتى قتل .
وفي بعض كتب الاخبار عن بعض صالحات الجن ممن كانت تدخل على أهل
البيت عليهم السلام أنها قالت : رأيت إبليس على صخرة جزيرة ماثلا وهو يقول :
شفيعي إلى الله أهل العباء * وإن لم يكونوا شفيعي فمن ؟
شفيعي النبي شفيعي الوصي * شفيعي الحسين شفيعي الحسن
شفيعي التي أحصنت فرجها * فصلى عليهم إله المنن
وهذه من عجائبه عليه السلام لان الخلائق يخافون من إبليس وجنوده ويتعوذون
منه وهم يخافون من علي بن أبي طالب عليه السلام ويحبونه ويتوسلون به ، لعلو شأنه
وسمو مكانه ( 4 ) .
المعجزات والروضة ودلائل ابن عقدة أبوإسحاق السبيعي والحارث الاعور :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح " بميافارق " .
( 2 ) كذا في ( ك ) .
وفي ( م ) و ( د ) : اسمع لقولي ثم عه ترشد .
وفي المصدر : ثم رعه .
وعلى أي فلا يخلو من تحريف راجع ص 167 .
( 3 ) المراق جمع المارق : الخارج من الدين .
( 4 ) مناقب آل ابي طالب 1 : 413 و 414 .
[183]
رأينا شيخا باكيا وهو يقول : أشرفت على المائة وما رأيت العدل إلا ساعة ، فسئل
عن ذلك فقال : أنا هجر الحميري وكنت يهوديا أبتاع الطعام ، قدمت يوما نحو
الكوفة ، فلما صرت بالقبة بالمسجد فقدت حميري ( 1 ) ، فدخلت الكوفة على الاشتر ( 2 )
فوجهني إلى أمير المؤمنين عليه السلام فلما رآني قال : ياأخا اليهود إن عندنا علم البلايا
والمنايا ما كان أو يكون ، أخبرك أم تخبرني بماذا جئت ؟ فقلت : بل تخبرني فقال
اختلست الجن مالك في القبة ، فما تشاء ؟ قلت : إن تفضلت علي آمنت بك ،
فانطلق معي حتى إذا أتى القبة صلى ( 3 ) ركعتين ودعا بدعاء وقرأ : " يرسل عليكما
شواظ من نار * ونحاس فلا تنتصران ( 4 ) " الآية ، ثم قال : يا عبيد الله ما هذا العبث ؟
والله ما على هذا بايعتموني وعاهدتموني يا معشر الجن ، فرأيت مالي يخرج من
القبة ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا ولي
الله ، ثم إني لما قدمت الآن وجدته مقتولا .
قال ابن عقدة : إن اليهود ( 5 ) من سورات المدينة ( 6 ) .
كتاب هواتف الجن : محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عبدالله بن الحارث ، عن
أبيه قال : حدثني سلمان الفارسي في خبر : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم مطير و
نحن ملتفتون نحوه فهتف هاتف : السلام عليك يارسول الله ، فرد عليه السلام وقال
من أنت ؟ قال : عرفطة بن شمراخ أحد بني نجاح ، قال : اظهر لنا رحمك الله في صورتك
قال سلمان : فظهر لنا شيخ أذب أشعر قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه ،
وعيناه مشقوقتان طولا ، وفمه في صدره ، فيه أنياب بادية طوال ، وأظفاره كمخالب
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فقدت حمري .
( 2 ) " : إلى الاشتر .
( 3 ) " : وصلى .
( 4 ) سورة الرحمن : 35 .
( 5 ) في المصدر و ( م ) و ( د ) : إن اليهودي .
( 6 ) مناقب آل ابي طالب 1 : 452 .
[184]
السباع ، فقال الشيخ : يانبي الله ابعث معي من يدعو قومي إلى الاسلام وأنا أرده إليك
سالما ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أيكم يقوم معه فيبلغ الجن عني وله الجنة ؟ فلم يقم
أحد ، فقال ثانية وثالثة فقال علي عليه السلام : أنا يارسول الله ، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى
الشيخ فقال : وافني إلى الحرة في هذه الليلة أبعث معك رجلا يفصل حكمي و
ينطق بلساني ويبلغ الجن عني ، قال : فغاب الشيخ ثم أتى في الليل وهو على بعير
كالشاة ومعه بعير آخر كارتفاع الفرس ، فحمل النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام عليه وحملني خلفه
وعصب عيني ، وقال : لاتفتح عينيك حتى تسمع عليا يؤذن ، ولايروعك ماتسمع ( 1 )
وإنك آمن ، فثار البعير ( 2 ) فدفع سائرا يدف كدفيف النعام وعلي يتلو القرآن ، فسرنا
ليلتنا حتى إذا طلع الفجر أذن علي عليه السلام وأناخ البعير وقال : انزل يا سلمان ،
فحللت عيني ونزلت ، فإذا أرض قوراء ، فأقام الصلاة وصلى بنا ولم أزل أسمع
الحس ، حتى إذا سلم علي عليه السلام التفت فإذا خلق عظيم ، وأقام علي يسبح ربه
حتى طلعت الشمس ، ثم قام خطيبا فخطبهم ، فاعترضته مردة منهم ، فأقبل علي
عليه السلام فقال : أبالحق تكذبون وعن القرآن تصدفون وبآيات الله تجحدون ؟
ثم رفع طرفه إلى السماء فقال : اللهم بالكلمة العظمى والاسماء الحسنى والعزائم
الكبرى والحي القيوم ومحيي الموتى ومميت الاحياء ورب الارض والسماء ياحرسة
الجن ورصدة الشياطين وخدام الله الشرهاليين ( 3 ) وذوي الارواح الطاهرة ( 4 ) اهبطوا
بالجمرة التي لاتطفأ والشهاب الثاقب والشواظ المحرق والنحاس القاتل بكهيعص
والطواسين والحواميم ويس ون والقلم وما يسطرون والذاريات والنجم إذا هوى
والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والاقسام ( 5 ) العظام ومواقع
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ولايروعك ماترى .
( 2 ) " : فسار البعير .
( 3 ) كذا في النسخ والمصدر ، ولم نفهم المراد .
( 4 ) في المصدر : وذوي الارحام الطاهرة .
( 5 ) جمع القسم : اليمين .
وفي المصدر " الاقتام " ولا معنى له .
[185]
النجوم لما أسرعتم الانحدار إلى المردة المتولعين المتكبرين الجاحدين آثار رب
العالمين ، قال سلمان : فأحسست بالارض من تحتي ترتعد وسمعت في الهواء دويا
شديدا ، ثم نزلت نار من السماء صعق كل من رآها من الجن ، وخرت على
وجوهها مغشيا عليها ، وسقطت أنا على وجهي ، فلما أفقت إذا دخان يفور من الارض
فصاح بهم علي عليه السلام ارفعوا رؤوسكم فقد أهلك الله الظالمين ، ثم عاد إلى خطبته
فقال : يامعشر الجن والشياطين والغيلان وبني شمراخ وآل نجاح وسكان الآجام
والرمال والقفار وجميع شياطين البلدان اعلموا أن الارض قد ملئت عدلا كما كانت
مملوءة جورا ، هذا هو الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ، فأنى تصرفون ؟ فقالوا
آمنا بالله وبرسوله ورسول رسوله ، فلما دخلنا المدينة قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام
ماذا صنعت ؟ قال : أجابوا وأذعنوا وقص عليه خبرهم ، فقال صلى الله عليه وآله : لايزالون
كذلك هائبين إلى يوم القيامة ( 1 ) .
وأخذ البيعة على الجن بوادي العقيق بأن لا يظهروا في رحالاتنا وجواد
المسلمين ( 2 ) .
وقضى منه ومن رسول الله صلى الله عليه وآله ( 3 ) فشكت الجن مأكلهم ، فقال :
أو ليس قد أبحت لكم النثيل ( 4 ) والعظام قالوا : يا أمير المؤمنين على أن لا يستجمر
بها ، فقال : لكم ذلك ، فقالوا : يا أمير المؤمنين فإن الشمس تضر بأطفالنا فأمر
أمير المؤمنين عليه السلام الشمس أن ترجع فرجعت ، وأخذ عليها العهد أن لا تضر بأولاد
المؤمنين من الجن والانس ( 5 ) .
توضيح : الاذب : الطويل ، وقال الجزري : فيه " إنه دفع من عرفات "
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 454 .
( 2 ) في المصدر " في رحالتنا " والرحال جمع الرحل : المنزل والمأوى وجواد جمع
الجادة : الطريق .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك " وضلت مائة ناقة حمراء تنظر في سواد وترعى في سواد " ولاتخلو
العبارة عن تحريف وتصحيف .
( 4 ) النثيل : الروث .
( 5 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 456 .
[186]
أي ابتدأ السير ، ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير ( 1 ) .
وقال :
فيه : " إن في الجنة لنجائب تدف بركبانها " أي تسير بهم سيرا لينا ( 2 ) .
انتهى .
وفي بعض النسخ : " يزف كزفيف النعام " أي يسرع .
والقوراء : الواسعة .
24 فض ، يل : عن علي عليه السلام قال : دعاني رسول الله ذات ليلة من الليالي
وهي ليلة مدلهمة سوداء فقال لي : خذ سيفك ومر في جبل أبي قبيس ، فكل من
رأيته على رأسه فاضربه بهذا السيف ، فقصدت الجبل ، فلما علوته وجدت عليه رجلا
أسود هائل المنظر كأن عينيه جمرتان ، فهالني منظره ، فقال لي : يا علي ، فدنوت
إليه وضربته بالسيف فقطعته نصفين ، فسمعت الضجيج من بيوت مكة بأجمعها ، ثم
أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمنزل خديجة رضي الله عنها ، فأخبرته بالخبر فقال :
أتدري من قتلت ياعلي ؟ قلت : الله ورسوله أعمل ، فقال : قتلت اللات والعزى والله
لاعادت عبدت بعدها أبدا ( 3 ) .
25 فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنه قال : صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وآله الغداة واستند إلى محرابه والناس حوله ، منهم المقداد وحذيفة و
أبوذر وسلمان ، وإذا بأصوات عالية قد ملات المسامع ، فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله :
يا حذيفة انظر ما الخبر ؟ قال فخرجت وإذا هم أربعون رجلا على رواحلهم بأيديهم
الرماح الخطية على رؤوس الرماح أسنة من العقيق الاحمر ، وعلى كل واحد ضربة
من اللؤلؤ ، وعلى رؤوسهم قلانس مرصوعة بالدر والجواهر ، يقدمهم غلام لا نبات
بعارضيه كأنه فلقة قمر ، وهم ينادون : الحذار الحذار البدار البدار إلى محمد المختار
المبعوث في الارض ، قال حذيفة : فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله بذلك ، قال : ياحذيفة انطلق
إلى حجرة كاشف الكروب وعبد علام الغيوب والليث الهصور ( 4 ) واللسان الشكور و
الهزبر الغيور والبطل الجسور والعالم الصبور الذي حوى اسمه التوراة والانجيل
*
_________________________________________________________
) * ( 1 و 2 ) النهاية 2 : 26 .
( 3 ) الروضة : 3 .
الفضائل : 101 .
( 4 ) الهصور : الاسد لانه يهصر فريسته أي يكسرها .
[187]
والزبور ، انطلق إلى حجرة ابنتي فاطمة وائتني ببعلها علي بن أبي طالب .
قال : فمضيت وإذا به قد تلقاني ، قال لي : ياحذيفة جئت لتخبرني عن قوم
أنا عالم بهم منذ خلقوا ومنذ ولدوا وفي أي شئ جاؤوا ، فقال حذيفة : فقلت زادك الله
علما وفهما يا مولاي ، ثم أقبل عليه السلام إلى المسجد والقوم حافون بالنبي صلى الله عليه وآله فلما
رأوه نهضوا قياما على أقدامهم ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله : كونوا على مجالسكم ،
فقعدوا ، فلما استقر بهم المجلس قام الغلام الامرد قائما دون أصحابه وقال : أيها
الناس أيكم الراهب إذا انسدل الليل الظلام ؟ أيكم مكسر الاصنام ؟ أيكم
ساتر عورات النسوان ؟ أيكم الشاكر لما أولاه المنان ، أيكم الضارب يوم الضرب
والطعان ؟ أيكم مكسر رؤوس الفرسان ؟ أيكم محمد معدن الايمان ؟ أيكم وصيه
الذي ينصر به دينه على سائر الاديان ؟ أيكم علي بن أبي طالب ؟ فعند ذلك قال
النبي صلى الله عليه وآله : ياعلي أجب الغلام الذي هو في وصفه غلام وقم لحاجته ، فعند ذلك قال
علي عليه السلام : ادن مني ياغلام ، إني أعطيك سؤلك والمرام ، وأشفي عليك الاسقام
بعون رب الانام ، فانطلق بحاجتك ( 1 ) فأنا أبلغك أمنيتك ، لتعلم المسلمون أني
سفينة النجاة ، وعصا موسى ، والكلمة الكبرى ، والنبأ العظيم ، وصراطه المستقيم
فقال الغلام : إن معي أخي وكان مولعا بالصيد ، فخرج في بعض أيامه متصيدا
فعارضته بقرات وحش عثر ( 2 ) ، فرمى إحداهن فقتلها ، ففلج ( 3 ) نصفه في الوقت و
الحال ، وقل كلامه حتى لايكلمنا إلا إيماء ، وقد بلغنا أن صاحبكم يدفع عنه
مايجده ، فإن شفى صاحبكم علته آمنا به ، فنحن بني النجدة والبأس والقوة و
المراس ( 4 ) ، ولنا الذهب والفضة والخيل والابل والمضارب العالية ، ونحن سبعون
ألفا بخيول جياد ، وسواعد شداد ، ونحن بقايا قوم عاد .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدرين و ( د ) فانطق بحاجتك .
( 2 ) كذا في النسخ .
وفي المصدرين : بقرات وحش عشر .
( 3 ) فلج الرجل : أصابه الفالج وهو داء يحدث في احد شقي البدن فيبطل إحساسه وحركته .
( 4 ) المراس بكسر الميم الشدة والقوة .
[188]
فعند ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام : أين أخوك عجاج بن الحلاحل بن أبي
الغضب بن سعد بن المقنع بن عملاق بن ذهب بن سعد العادي ؟ فلما سمع الغلام
نسبه قال : ها هو في هودج سيأتي مع جماعة منا ، يا مولاي فإن شفيت علته رجعنا
عن عبادة الاوثان واتبعنا ابن عمك صاحب البردة والقضيب والغمام ، قال : فبينما هم
في الكلام إذا قد أقبلت عجوز فوق جمل عليه محمل قد أبركته بباب المصطفى ،
قال الغلام : جاء أخي يا فتى ، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام ودنا من المحمل وإذا فيه
غلام له وجه صبيح ، ففتح عينيه فنظر إلى وجه علي عليه السلام فبكى وقال بلسان ضعيف
وقلب حزين : إليكم المشتكى والملتجى يا أهل بيت النبوة ، فقال له علي عليه السلام :
لا بأس عليك بعد اليوم ، ثم نادى : أيها الناس اخرجوا هذه الليلة إلى البقيع
سترون من علي عجبا ، قال حذيفة بن اليمان : فاجتمع الناس من العصر بالبقيع
إلى أن هدأ الليل ، ثم خرج إليهم أمير المؤمنين عليه السلام ومعه ذو الفقار ، فقال : اتبعوني
حتى أريكم عجبا ، فتبعوه فإذا هو بنارين متفرقة نار كثيرة ونار قليلة ، فدخل في
النار القليلة فأقبلها على النار الكثيرة ، قال حذيفة : فسمعت زمجرة كزمجرة
الرعد وقد قلب النار بعضها في بعض ، ثم دخل فيها ونحن بالبعد منه ، وقد تداخلنا
الرعب من كثرة الزمجرة ، ونحن ننتظر ما يصنع بالنار ، فلم يزل كذلك إلى أن
اسفر الصباح ، ثم خمدت النار ، فطلع منها وقد كنا آيسنا منه ، فوصل إلينا و
بيده رأس فيه ذروة ، له أحد عشر إصبعا ، وله عين واحدة في جبهته ، وهو ماسك بشعره
وله شعر كالدب ، فقلنا له : أعان الله عليك ، ثم أتى به إلى المحفل الذي فيه الغلام
وقال : قم بإذن الله ياغلام فما بقي عليك بأس ، فنهض الغلام ويداه صحيحتان و
رجلاه سليمتان ، فانكب على رجل الامام يقبلها وهو يقول : مد يدك فأنا أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي ولي الله وناصر دينه ، ثم أسلم القوم
الذين كانوا معه .
قال : وبقي الناس متحيرين قد بهتوا لما رأوا الرأس وخلقته ، فالتفت إليهم
علي عليه السلام وقال : أيها الناس هذا رأس عمرو بن الاخيل بن لاقيس بن إبليس اللعين
[189]
كان في اثني عشر ألف فيلق من الجن ، وهو الذي فعل بالغلام ماشاهدتموه ، فضربتهم
بسيفي هذا وقاتلتهم بقلبي هذا فماتوا كلهم بالاسم الاعظم الذي كان على عصا موسى
الذي ضرب بها البحر فانفلق اثنا عشر فرقا ، فاعتصموا بطاعة الله وطاعة رسوله
ترشدوا ( 1 ) .
بيان : الخط : موضع باليمامة تنسب إليه الرماح الخطية .
والزمجرة :
الصياح والصخب .
والفيلق كصيقل : الجيش والرجل العظيم .
26 ارشاد القلوب : بالاسناد إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي
قال دخلت المسجد الاعظم بالكوفة فاذا أنا بشيخ أبيض الرأس واللحية لا أعرفه ، مستندا
إلى أسطوانة وهو يبكي .
ودموعه تسيل على خديه ، فقلت : ياشيخ ما يبكيك ؟ فقال
لي : أتى علي ( 2 ) نيف ومائة سنة لم أر فيها عدلا ولا حقا ولا علما ظاهرا إلا ساعتين
من ليل وساعتين من نهار ، وأنا أبكي لذلك ، فقلت : وما تلك الساعة والليلة و
اليوم الذي رأيت فيه العدل ؟ قال : إني رجل من اليهود وكان لي ضيعة بناحية
سوراء ( 3 ) ، وكان لنا جار في الضيعة من أهل الكوفة يقال له الحارث الاعور الهمداني
وكان رجلا مصاب العين ، وكان لي صديقا وخليطا ، وإني دخلت الكوفة يوما من
الايام ومعي طعام على أحمرة لي أريد بيعها ( 4 ) بالكوفة ، فبينما أنا أسوق الاحمرة
وقد صرت في مسبخة الكوفة ( 5 ) وذلك بعد عشاء الآخرة ، فافتقدت حميري ، فكأن
الارض ابتلعتها أو السماء تناولتها ، وكأن الجن اختطفتها ، وطلبتها يمينا وشمالا
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الروضة : 35 و 36 .
الفضائل : 168 170 .
وبينهما وبين الكتاب اختلافات جزئية
-بحار الانوار مجلد: 35 من ص 189 سطر 19 الى ص 197 سطر 18
كثيرة لم نشر إليها لعدم الجدوى .
( 2 ) في المصدر : فقال : انه أتت علي اه .
( 3 ) بضم السين ممدودا اسم موضع إلى جنب بغداد وقيل : بغداد نفسها .
ومقصورا موضع من
ارض بابل ، ومدينة تحت الحلة ، وكورة قريبة من الفرات ( مراصد الاطلاع 2 : 753 و 754 ) .
( 4 ) في المصدر : اريد بيعه .
( 5 ) في المصدر : في سبخة الكوفة .
والسبخة : ارض ذات نزوملح .
وفي ( د ) في مسجد الكوفة .
[190]
فلم أجدها ، فأتيت منزل الحارث الهمداني من ساعتي أشكو إليه ما أصابني ، وأخبرته
بالخبر ، فقال : انطلق بنا إلى أمير المؤمنين عليه السلام حتى نخبره ، فانطلقنا إليه
فأخبره الخبر ( 1 ) ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام للحارث : انصرف إلى منزلك وخلني
واليهودي فأنا ضامن لحميره وطعامه حتى أردها له ( 2 ) ، فمضى الحارث إلى منزله
وأخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيدي حتى أتينا الموضع الذي افتقدت حميري وطعامي ،
فحول وجهه عني وحرك شفتيه ولسانه بكلام لم أفهمه ، ثم رفع رأسه فسمعته يقول :
والله ما على هذا بايعتموني يامعشر الجن ( 3 ) ، وايم الله لئن لم تردوا على اليهودي
حميره وطعامه لانقضن عهدكم ولاجاهدنكم في الله حق جهاده ، قال : فوالله مافرغ
أمير المؤمنين عليه السلام من كلامه حتى رأيت حميري وطعامي بين يدي ( 4 ) ، ثم قال
أمير المؤمنين عليه السلام : اختر يا يهودي إحدى خصلتين : إما أن تسوق حميرك وأحثها
عليك أو أسوقها أنا وتحثها علي أنت ، قال : قلت : بل أسوقها وأنا أقوى على حثها
وتقدم أنت ياأمير المؤمنين عليه السلام أمامها إلى الرحبة ( 5 ) ، فقال : يا يهودي إن عليك
بقية من الليل فاحفظ حميرك حتى تصبح وحط أنت عنها أو أحط أنا عنها وتحفظ
أنت ( 6 ) ، فقلت : يا أمير المؤمنين أنا قوي ( 7 ) على حطها وأنت على حفظها حتى
يطلع الفجر ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : خلني وإياها ونم أنت حتى يطلع الفجر
فلما طلع الفجر انتبهت ، فقال : قم قد طلع الفجر فاحفظ حميرك وليس عليك بأس
ولا تغفل عنها حتى أعود إليك إن شاء الله تعالى .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فاخبرناه الخبر .
( 2 ) في المصدر : حتى أردها عليه .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : وعاهدتموني .
( 4 ) في المصدر : بين يديه .
( 5 ) في المصدر : واتبعته بالحمير حتى انتهى بها إلى الرحبه .
( 6 ) في المصدر بعد ذلك : حتى تصبح .
( 7 ) في المصدر و ( د ) : أنا اقوى .