[161]
وأرسل إليه أهل البصرة كليبا الجرمي بعد يوم الجمل ليزيل الشبهة عنهم
في أمره ، فذكر له علم أنه على الحق ، ثم قال له : بايع ، فقال : إني رسول
القوم فلا احدث حدثا حتى أرجع إليهم ، فقال : أرأيت لو أن الذين ورءاك بعثوك
رائدا ( 1 ) تبتغي لهم مساقط الغيث فرجعت إليهم فأخبرتهم عن الكلاء والماء ( 2 ) قال :
فامدد إذا يدك قال كليب : فو الله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة علي فبايعته .
وقوله عليه السلام : أول معرفة الله توحيده ، وأصل توحيده نفي الصفات عنه إلى
آخر الخبر ، وما أطنب المتكلمون في الاصول إنما هو زيادة لتلك الجمل وشرح
لتلك الاصول ، فالامامية يرجعون إلى الصادق عليه السلام وهو إلى آبائه ، والمعتزلة
والزيدية يرويه لهم القاضي عبدالجبار بن أحمد ، عن أبي عبدالله الحسين البصري
وأبي إسحاق ( 3 ) عباس ، عن أبي هاشم الجبائي ، عن أبيه أبي علي ، عن أبي يعقوب
الشحام ، عن أبي الهذيل العلاف ، عن أبي عثمان الطويل ، عن واصل بن عطاء ، عن
أبي هاشم عبدالله بن محمد بن علي ، عن أبيه محمد بن الحنفية ، عنه عليه السلام .
الوراق القمي :
علي لهذا الناس قد بين الذي * هم اختلفوا فيه ولم يتوجم ( 4 )
علي أعاش الدين وفاه حقه * ولولاه ما افضي إلى عشر درهم
ومنهم النحاة ، وهو واضع النحو ، لانهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن
عيسى بن عمرو الثقفي ، عن عبدالله بن إسحاق الحضرمي ، عن أبي عمرو بن العلاء
عن ميمون الاقرن ، عن عنبسة الفيل ، عن أبي الاسود الدئلي عنه عليه السلام والسبب في
ذلك أن قريشا كانوا يزوجون بالانباط ، فوقع فيما بينهم أولاد ففسد لسانهم ، حتى
أن بنتا لخويلد الاسدي كانت متزوجة في الانباط ( 5 ) ، فقالت : ( إن أبوي مات
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الرائد : الرسول الذى يرسله القوم لينظر لهم مكانا ينزلون فيه .
( 2 ) ههنا سقط وهو على ما في النهج : فخالفوا إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا ؟
قال : كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلا والماء فقال عليه السلام فامدد اه .
( 3 ) في المصدر : أبواسحاق ظ .
( 4 ) وجم : سكت وعجز عن التكلم من شدة الغيظ أو الخوف .
( 5 ) في المصدر : بالانباط .
[162]
وترك علي مال كثير ( 1 ) ) فلما رأوافساد لسانها أسس النحو .
وروي أن أعرابيا سمع من سوقي يقرأ : ( أن الله برئ من المشركين و
رسوله ( 2 ) ) فشج رأسه ، فخاصمه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، فقال له في ذلك ، فقال
إنه كفر بالله في قراءته ، فقال عليه السلام : إنه لم يتعمد بذلك .
وروي أن أبا الاسود كان في بصره سوءوله بنية تقوده إلى علي عليه السلام ، فقالت
يا أبتاه ما أشد حر الرمضاء تريد التعجب فنهاها عن مقالها ، فأخبر أميرالمؤمنين
عليه السلام بذلك فأسس .
وروي أن أبا الاسود كان يمشي خلف جنازة ، فقال له رجل : من المتوفي ( 3 )
فقال : الله ، ثم إنه أخبر عليا عليه السلام بذلك فأسس .
فعلى أي وجه كان دفعه ( 4 ) إلى أبي الاسود ، وقال : ما أحسن هذا النحواحش ( 5 )
له بالمسائل .
فسمي نحوا قال ابن سلام : كانت الرقعة : ( الكلام ثلاثة أشياء : اسم
وفعل وحرف جاء لمعنى ، فالاسم ما أنبأ عن المسمى ، والفعل ما أنبأ عن حركة
المسمى ، والحرف ما أوجد معنى في غيره .
وكتب ( علي بن أبوطالب ) فعجزوا
عن ذلك فقالوا : أبوطالب اسمه [ لا ] كنيته ، وقالوا : هذا تركيب مثل حضر موت ،
وقال الزمخشري ، في الفائق : ترك في حال الجر على لفظه في حال الرفع ، لانه
اشتهر بذلك وعرف ، فجرى مجرى المثل الذي لا يغير
ومنهم الخطباء وهو أخطبهم ، ألا ترى إلى خطبه مثل التوحيد والشقشقية و
الهداية والملاحم واللؤلؤة والغراء والقاصعة والافتخار والاشباح والدرة اليتيمة
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مكان أن تقول ( إن أباى مات وترك على مالا كثيرا ) .
( 2 ) مجرورا .
( 3 ) الظاهر أن السائل أراد معرفة الميت بسؤاله لكنه أخطأ وسأل ( من المتوفى ) على
صيغة الفاعل .
( 4 ) في المصدر كان وقعه .
وفي ( د ) : كتب رقعة دفعه .
( 5 ) حش الكتاب : علق عليه حواشى .
[163]
والاقاليم والوسيلة والطالوتية والقصبية والنخيلية والسلمانية والطناطقة والدامغة
والفاضحة ، بل إلى نهج البلاغة عن الشريف الرضي ، وكتاب خطب أميرالمؤمنين
عن إسماعيل بن مهران السكوني عن زيد بن وهب أيضا ( 1 ) ، قال الرضي : كان
أميرالمؤمنين عليه السلام شرح الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه ظهر
مكنونها ، وعنه اخذت قوانينها .
الجاحظ في كتاب الغرة : كتب علي إلى معاوية : غرك عزك ، فصار قصار
ذلك ذلك ، فاخش فاحش فعلك فعلك تهدا بهذا .
وقال عليه السلام : من آمن أمن .
وروى الكلبي عن أبي صالح وأبوجعفر بن بابويه بإسناده عن الضا عن
آبائه عليهم السلام أنه اجتمعت الصحابة فتذاكروا أن الالف أكثر دخولا في الكلام
فارتجل عليه السلام الخطبة المونقة التي أولها ( حمدت من عظمت منته ، وسبغت نعمته
وسبقت رحمته ، وتمت كلمته ، ونفذت مشيته ، بلغت قضية ) إلى آخرها ، ثم
ارتجل [ إلى ] خطبة اخرى من غير النقط التي أولها ( الحمد لله أهل الحمد ومأواه
وله أوكد الحمد وأحلاه ، وأسرع الحمد وأسراه ، وأطهر الحمد وأسماه ، وأكرم
الحمد وأولاه ) إلى آخرها ، وقد أوردتهما في المخزون المكنون .
ومن كلامه
( تخففوا تلحقوا ، فإنما ينتظر بأولكم آخركم ) وقوله : ( ومن يقبض يده عن
عشيرته فإنما يقبض عنهم بيد واجدة ويقبض منهم عنه أيد كثيرة ، ومن تلن حاشيته
يستدم من قومه المودة ) وقوله : ( من جهل شيئا عاداه ) مثله ( بل كذبوا بما
لم يحيطوا بعلمه ( 2 ) ) وقوله : ( المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر ) مثله ( و
لتعرفنهم في لحن القول ( 3 ) ) وقوله : ( قيمة كل امرئ ما يحسن ) مثله ( إن الله
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : بعد ذلك : ومنهم الفصحاء والبلغاء وهو أوفرهم حظا اه .
( 2 ) سورة يونس : 39 .
( 3 ) سورة محمد صلى الله عليه وآله : 30 .
[164]
اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ( 1 ) ) وقوله : ( القتل يقل القتل ) مثله
( ولكم في القصاص حياة ( 2 ) ) .
ومنهم الشعراء وهو أشعرهم ، الجاحظ في كتاب البيان والتبيين وفي كتاب
فضائل بني هاشم أيضا ، والبلاذري في أنساب الاشراف أن عليا أشعر الصحابة و
أفصحهم وأخطبهم وأكتبهم .
تاريخ البلاذري : كان أبوبكر يقول الشعر ، وعمر
يقول الشعر ، وعثمان يقول الشعر ، وكان علي أشعر الثلاثة .
ومنهم العروضيون ، ومن داره خرجت العروض ، روي أن الخليل بن أحمد
أخذ رسم العروض عن رجل من أصحاب محمد بن علي الباقر أو علي بن الحسين عليهما السلام
فوضع لذلك اصولا .
ومنهم أصحاب العربية ، وهو أحكمهم ، ابن الحريري البصري في درة
الغواص وابن فياض في شرح الاخبار : أن الصحابة قد اختلفوا في ( الموؤدة )
فقال لهم علي عليه السلام : إنها لا تكون موؤدة حتى يأتي عليها التارات السبع ، ( 3 ) فقال
له عمر : صدقت أطال الله بقاك ، أراد بذلك المبينة في قوله : ( ولقد خلقنا الانسان
من سلالة ( 4 ) ) الآية ، فأشار أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقدوئد .
ومنهم الوعاظ وليس لاحد من الامثال والعبر والمواعظ والزواجر ما له
نحو قوله : ( من زرع العدوان حصد الخسران ، من ذكر المنية نسي الامنية ، من
قعد به العقل قام به الجهل ، يا أهل الغرور ما ألهجكم ( 5 ) بدار خيرها زهيد ، و
شرها عتيد ، ونعيمها مسلوب ، وعزيزها منكوب ، ومسالمها محروب ، و
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة البقرة : 247 .
( 2 ) سورة البقرة : 179 .
( 3 ) كذا في النسخ ، وفي المصدر : الثارات السبع .
( 4 ) سورة المؤمنون : 12 .
( 5 ) لهج بالشئ : اغرى به .
[165]
مالكها مملوك ، وتراثها متروك ؟ ) وصنف عبدالواحد الآمدي غرر الحكم من
كلامه عليه السلام .
ومنهم الفلاسفة وهو أرجحهم ، قال عليه السلام : أنا النقطة أنا الخط أنا الخط
أنا النقطة ، أنا النقطة والخط ، فقال جماعة : إن القدرة هي الاصل ، والجسم
حجابه ، والصورة حجاب الجسم ، لان النقطة هي الاصل ، والخط حجابه ومقامه
والحجاب غير الجسد الناسوتي .
وسئل عليه السلام عن العالم العلوي فقال : صور عارية من المواد ، عالية عن القوة
والاستعداد ، تجلى لها فأشرقت ، وطالعها فتلالات ، والقي في هويتها مثاله فأظهر
عنها أفعاله ، وخلق الانسان ذا نفس ناطقة .
إن زكاها بالعلم فقد شابهت جواهر
أوائل عللها ، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد .
أبوعلي سينا ( 1 ) : لم يكن شجاعا فيلسوفا قط إلا علي عليه السلام .
الشريف الرضي : من سمع كلامه لا يشك أنه كلام من قبع في كسر بيت ( 2 )
أو انقطع في سفح جبل ، لا يسمع إلا حسه ، ولا يرى إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن
بأنه كلام من ينغمس ( 3 ) في الحرب مصلتا سيفه ، فيقط الرقاب ويجدل الابطال
ويعود به ينطف ( 4 ) دما ويقطر مهجا ، وهو مع ذلك زاهد الزهاد وبدل الابدال
وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه التي جمع بها بين الاضداد .
ومنهم المهندسون وهو أعلمهم ، حفص بن غالب مرفوعا قال : بينا رجلان
جالسان في زمن عمر إذ مر بهما عبد مقيد ، فقال أحدهما : إن لم يكن في قيده كذا
وكذا فامرأته طالق ثلاثا ، وحلف الآخر بخلاف مقاله ، فسئل مولى العبد أن يحل
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : أبوعلى بن سينا .
( 2 ) بكسر الكاف ، راجع البيان الاتى .
( 3 ) في المصدر : يتغمس .
( 4 ) قط القلم ونحوه : قطع رأسه عرضا .
جدل الرجل : رماه بالارض .
نطف الماء او الدم :
سال قليلا قليلا .
[166]
قيد حتى يعرف وزنه ، فأبى فارتفعا إلى عمر فقال لهما : اعتزلا نساءكما ، وبعث
إلى علي عليه السلام وسأله عن ذلك ، فدعا بإجانة ( 1 ) فأمر الغلام أن يجعل رجله فيها
ثم أمر أن يصب الماء حتى غمر القيد والرجل ثم علم في الاجانة علامة وأمره
أن يرفع قيده عن ساقه ( 2 ) ، فنزل الماء عن العلامة ، فدعا بالحديد فوضعه في الاجانة
حتى تراجع الماء إلى موضعه ، ثم أمر أن يوزن الماء ( 3 ) ، فوزن فكان وزنه بمثل
وزن القيد ، واخرج القيد فوزن فكان مثل ذلك ، فعجب عمر .
التهذيب : قال رجل لاميرالمؤمنين عليه السلام : إني حلفت أن أزن الفيل .
فقال :
لم تحلفون بما لا تطيقون ؟ فقال : قد ابتليت ، فأمر عليه السلام بقرقور ( 4 ) فيه قصب
فاخرج منه قصب كثير ، ثم علم صبغ الماء بقدر ما عرف صيغ الماء قبل أن يخرج
القصب ، ثم صير الفيل فيه حتى رجع إلى مقداره الذي كان انتهى إليه صبغ الماء
أولا ، ثم أمر بوزن القصب الذي اخرج ، فلما وزن قال : هذا وزن الفيل .
( 5 )
ويقال : وضع كلكا وعمل الجداف ( 6 ) وأجرى على الفرات أيام صفين .
ومنهم المنجمون وهو أكيسهم ، سعيد بن جبير أنه استقبل أميرالمؤمنين عليه السلام
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الاجانة : اناء تغسل فيه الثياب .
( 2 ) في المصدر : من رجله .
( 3 ) كذا في النسخ ، ولكن الصحيح كما في المصدر : ثم أمر أن يوزن الحديد .
( 4 ) القرقور بالضم : السفينة الطويلة .
( 5 ) الظاهر وقع الاشتباه من الراوى في نقل الرواية ، اذ لابد أن يكون وضع الفيل في
السفينة متقدما على وضع القصب أو نحوه ، كما روى في الفقيه في باب الحيل في الاحكام ص 319
عن نضر بن سويد رفعه أن رجلا حلف أن يزن فيلا ، فقال النبى صلى الله عليه وآله : يدخل الفيل
سفينة ثم ينظر إلى موضع يبلغ الماء من السفينة فيعلم عليه ، ثم يخرج الفيل ويلقى في السفينة
حديدا أو صفرا أو ماشاء ، فاذا بلغ الموضع الذى علم عليه أخرجه ووزنه .
( 6 ) الكلك بالفتحتين : مركب يركب في أنهر العراق .
والمجداف : خشبة طويلة مبسوطة
أحد الطرفين تسير بها القوارب .
[167]
دهقان وفي رواية قيس بن سعد أنه مرخان بن شاسوا استقبله من المدائن إلى
جسر بوزان ، فقال له : يا أميرالمؤمنين تناحست النجوم الطالعات وتناحست السعود
بالنحوس ، فإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء ، ويومك هذا يوم
صعب قد اقترن فيه كوكبان ، وانكفأ فيه الميزان ، وانقدح من برجك النيران
و ليس الحرب لك بمكان ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : أيها الدهقان المنبئ بالآثار
المخوف من الاقدار ما كان البارحة صاحب الميزان ؟ وفي أي برج كان صاحب
السرطان ؟ وكم الطالع من الاسد والساعات في الحركات ؟ وكم بين السراري و
الزراري ؟ قال : سأنظر في الاسطلاب ( 1 ) فتبسم أميرالمؤمنين عليه السلام وقال له : ويلك
يا دهقان أنت مسير الثابتات ؟ أم كيف تقضي على الجاريات ؟ وأين ساعات الاسد
من المطالع ؟ وما الزهرة من التوابع والجوامع ؟ وما دور السراري المحركات ؟
وكم قدر شعاع المنيرات ؟ وكم التحصيل بالغدوات ؟ فقال : لا علم لي بذلك يا
أميرالمؤمنين ، فقال له : يا دهقان هل نتج علمك أن انتقل بيت ملك الصين ، واحترقت
دور بالزنج ، وخمد بيت نار فارس ، وانهدمت منارة الهند ، وغرقت سر انديب ، و
انقض حصن الاندلس ، ونتج بترك الروم بالرومية ، وفي رواية : البارحة وقع
بيت بالصين ، وانفرج برج ما جين ، وسقط سور سرانديب ، وانهزم بطريق الروم
بأرمينية ، وفقد ديان اليهود نايله ( 2 ) وهاج النمل بوادي النمل ، وهلك ملك
إفريقية ، أكنت عالما بهذا ؟ قال : لا يا أميرالمؤمنين ، وفي رواية : أظنك حكمت
باختلاف المشتري وزحل ، إنما أنارا لك في الشفق ، ولاح لك شعاع المريخ في
-بحار الانوار مجلد: 36 من ص 167 سطر 19 الى ص 175 سطر 18
السحر ، واتصل جرمه بجرم القمر ، ثم قال : البارحة سعد سبعون ألف عالم ، و
ولد في كل عالم سبعون ألفا ، والليلة يموت مثلهم ، ( 3 ) وأو مأبيده إلى سعد بن
مسعدة الخارجي ( 4 ) وكان جاسوسا للخوارج في عسكره ، فظن الملعون أنه يقول
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في ( ك ) .
وفي غيره من النسخ والمصدر ( الاصطلاب ) والصحيح : الاسطرلاب .
( 2 ) في المصدر : بايلة .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : وهذا منهم اه .
( 4 ) في المصدر : سعد بن مسعدة الحارثى .
[168]
خذوه ، فأخذ بنفسه فمات ، فخر الدهقان ساجدا ، فلما أفاق قال أميرالمؤمنين عليه السلام
ألم أروك من عين التوفيق ؟ فقال : بلى ، فقال : أنا وصاحبي لاشرقيون ولا غربيون
نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك ، أما قولك ( انقدح من برجك النيران وظهر منه
السرطان ( 1 ) ) فكان الواجب أن تحكم به لي لاعلي ، أما نوره وضياؤه فعندي ، و
أما حريقه ولهبه فذهب عني ، وهذه مسأله عقيمة ( 2 ) احسبها إن كنت حاسبا ، فقال
الدهقان : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله ، وأنك علي ولي الله .
ومنهم الحساب ، وهو أوفرهم نصيبا ، ابن أبي ليلى : إن رجلين تغذيا ( 3 ) في
سفر ومع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة ، وساق الحديث إلى آخر ما سيأتي
في باب قضاياه عليه السلام .
ومنهم أصحاب الكيميا .
وهو أكثرهم حظا ، سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن
الصنعة ، فقال : هي اخت النبوة وعصمة المروة ، والناس يتكلمون فيها بالظاهر
وإني لاعلم ظاهرها وباطنها ، هي والله ما هي إلاماء جامد ، وهواء راكد ، ونار جائلة
وأرض سائلة .
وسئل عليه السلام في أثناء خطبته : هل الكيميا تكون ؟ فقال : الكيميا كان وهو
كائن وسيكون ، فقيل : من أي شئ هو ؟ فقال : إنه من الزيبق الرجراج ، و
الاسرب والزاج ، والحديد المزعفر ، وزنجار النحاس الاخضر الحبور الاتوقف على
عابرهن ، فقيل : فهمنا لا يبلغ إلى ذلك ، فقال : اجعلوا البعض أرضا ، واجعلوا
البعض ماء ، وأفلجوا الارض بالماء وقد تم ، فقيل : زدنا يا أميرالمؤمنين ، فقال : لا
زيادة عليه فإن الحكماء القدماء ما زادوا عليه كيما يتلاعب به الناس .
ومنهم الاطباء وهو أكثرهم فطنة ، أبوعبدالله عليه السلام : كان ( 4 ) أميرالمؤمنين
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الظاهر زيادة الجملة الاخيرة ، ولم تكن في قول الدهقان ايضا ، وقد خط عليها في
المصدر .
( 2 ) في المصدر : عميقة .
( 3 ) في المصدر و ( د ) : تغديا .
( 4 ) في المصدر : قال كان أميرالمؤمنين .
[169]
عليه السلام يقول : إذا كان الغلام ملتاث الازرة صغير الذكر ساكن النظر فهو ممن
يرجى خيره ويؤمن شره ، وإذا كان الغلام شديد الازرة كبير الذكر حاد النظر فهو
ممن لا يرجى خيره ولا يؤمن شره .
وعنه عليه السلام أنه قال : يعيش الولد لستة أشهر ولسبعة ولتسعة ، ولا يعيش
لثمانية أشهر .
وعنه عليه السلام لبن الجارية وبولها يخرج من مثانة امها ، ولبن الغلام يخرج من
العضدين والمنكبين .
وعنه عليه السلام يشب الصبي كل سنة أربع أصابع بأصابع نفسه .
وسأل رجل أميرالمؤمنين عليه السلام عن الولد ما باله تارة يشبه أباه وامه وتارة
يشبه خاله وعمه ؟ وقال للحسن عليه السلام أجبه ، فقال عليه السلام : أما الولد فإن الرجل
إذا أتى أهله بنفس ساكنة وجوارح غير مضطربة اعتلجت النطفتان كاعتلاج المتنازعين
فإن علت نطفة الرجل نطفة المرأة جاء الولد يشبه أباه ، وإن علت نطفة المرأة نطفة
الرجل أشبه امه ، وإذا أتاها بنفس مزعجة وجوارح مضطربة غير ساكنة اضطربت
النطفتان فسقطتا عن يمنة الرحم ويسرته فإن سقطت عن يمنة الرحم سقط على
عروق الاعمام والعمات فيشبه أعمامه و عماته ، وإن سقطت عن يسرة الرحم سقطت
على عروق الاخوال والخالات فشبه أخواله وخالاته ، فقام الرجل وهو يقول :
الله أعلم حيث يجعل رسالته ، ( 1 ) وروي أنه كان الخضر عليه السلام .
وسئل النبي صلى الله عليه وآله : ( 2 ) كيف تؤنث المرأة وكيف يذكر الرجل ؟ قال :
يلتقي الماءان ، فإذا علاماء المرأة ماء الرجل انثت ، وإن علاماء الرجل ماء
المرأة اذكرت .
ومنهم من تكلم في علم المعاملة على طريق الصوفية ، وهم يعترفون أنه الاصل
في علومهم ولا يوجد لغيره إلا اليسير ، حتى قالت ( 3 ) مشائخهم ، لو تفرغ إلى
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : و ( د ) : رسالاته .
( 2 ) هذه الرواية نبوية ولا تناسب الباب .
( 3 ) في المصدر : قال .
[170]
إظهار ما علم من علومنا لا غنا ( 1 ) في هذا الباب ، ومن فرط حكمته ما روي عن
اسامة بن زيد وأبي رافع في خبر أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله فقال :
يا محمد ألا ابشرك بخبيئة لذريتك ؟ فحدثه بشأن التورأة ، وقد وجدها رهط من
أهل اليمن بين حجرين أسودين وسماهم له ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله
قال لهم : كما أنتم حتى اخبركم بأسمائكم وأسماء آبائكم ، وأنكم ( 2 ) وجدتم
التوراة وقد جئتم بها معكم ، فدفعوها له وأسلموا ، فوضعها النبي صلى الله عليه وآله عند رأسه
ثم دعا الله باسمه فأصبحت عربية ، ففتحها ونظر فيها ، ثم دفعها إلى علي بن أبي
طالب عليه السلام وقال : هذا ذكرت لك ولذريتك من بعدي .
أميرالمؤمنين عليه السلام في قوله : ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا
لم نقصصهم عليك ( 3 ) ) بعث الله نبيا أسود لم يقص علينا قصته .
ومن وفور علمه أنه عبر منطق الطير و الوحوش والداب ، زرارة عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : علمنا منطق الطير كما علمه سليمان
بن داود ، كل دابة في بر أوبحر .
ابن عباس قال : قال علي عليه السلام : نقيق الديك : ( 4 ) اذكروا الله يا غافلين ،
وصهيل الفرس : اللهم انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين ، ونهيق الحمار
أن يلعن العشارين وينهق في عين الشيطان ، ونقيق الضفدع : سبحان ربي المعبود
المسبح في لجج البحار ، وأنين القبرة : اللهم العن مبغضي آل محمد .
وروي عن سعد بن طريف ( 5 ) عن الصادق عليه السلام وروى أبوأمامة الباهلي
كلاهما عن النبي صلى الله عليه وآله في خبر طويل واللفظ لابي أمامة أن الناس دخلوا على
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) لاغ الشئ : راوده لينتزعه .
وفي المصدر : لا غنى .
( 2 ) في المصدر : وأنتم .
( 3 ) سورة النساء : 164 .
( 4 ) نق الديك أو الضفدع : صات .
( 5 ) في ( ك ) و ( ت ) : سعد بن ظريف .
وهو سهو .