[181]

قال : إذا نضرب الذي فيه عيناك ، فقال : الحمد لله الذي جعل في هذه الامة من إذا اعوججنا أقام أودنا .
وهكذا رواه أبو المؤيد الخوارزمي ، وهو عجيب ، وفيه خب يظهر لمن تأمله .
وقال محمد بن طلحة : نقل الحسن بن مسعود البغوي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خصص جماعة من الصحابة كل واحد بفضيلة خصص ( 1 ) عليا بعلم القضاء ، فقال : وأقضاهم علي .
( 2 ) توضيح : قال الفيروزآبادي : صغى يصغو صغوا : مال ، وصغاه معك أي ميله ، وأصغى : استمع .
( 3 ) وقال الجزري : فيه : ( فقامت امرأة من سطة النساء ) أي من أوساطهن حسبا ونسبا ، وأصل الكلمة الواو ، والهاء عوض من الواو كعدة وزنة .
( 4 ) وقال : فيه ( إنه كان من أوسط قومه ) أي من أشرفهم وأحسبهم .
( 5 ) قوله : ( إلى ما تذكرون ) على بناء المجهول من باب التفعيل ، وكان غرضه أن يذكرهم ماكانوا عليه من عبادة الاصنام ، ويصرفهم عن التوحيد إليها ، وهذا هو الخبء الذي أشار إليه علي بن عيسى ، والخبء : الشئ المخفي المستور .
قوله : ( فأرموا ) بالراء المهملة والميم المشددة من باب الافعال ، أو بالزاي المعجمة والميم المخففة قال الجزري : فيه ( إنه قال : أيكم المتكلم ؟ فأزم القوم ) أي أمسكوا عن الكلام ( 6 ) وقال في رمم : فأرم القوم أي سكتوا ولم يجيبوا .
( 7 ) 62 كنز : محمد بن العباس ، عن علي بن سليمان الرازي ، عن الطيالسي عن ابن عميرة ، عن حكم بن أيمن قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : والله لقد اوتي *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في ( ك ) : حص .
( 2 ) كشف الغمة : 33 35 .
( 3 ) القاموس 4 : 352 .
( 4 ) النهاية 2 : 161 .
وفيه : والهاء فيها عوض .
( 5 ) النهاية 4 : 210 .
( 6 ) النهاية 1 : 30 .
( 7 ) النهاية 2 : 105 .

[182]

علي عليه السلام صبيا كما اوتي يحيى بن زكريا الحكم صبيا ( 1 ) .
63 كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه قال : اجتمعت اليهود على رأس الجالوت فقالوا له : إن هذا الرجل عالم يعنون أميرالمؤمنين عليه السلام فانطلق بنا إليه نسأله ، فأتوه ، فقيل لهم : هو في القصر ، فانتظروه حتى خرج ، فقال له رأس الجالوت : جئناك نسألك ، قال : سل يا يهودي عما بذلك ، فقال : أسألك عن ربك متى كان ؟ فقال : كان بلا كينونة ( 2 ) كان بلا كيف ، كان لم يزل بلاكم وبلا كيف ، كان ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى ، انقطعت عنه الغاية ، وهو غاية كل غاية ، فقال رأس الجالوت : امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه .
( 3 ) 64 كا : محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر ، ( 4 ) عن السياري ، عن محمد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال : و الذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز أو حرق ( 5 ) أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام إليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق والغرق ، فقال : اقرأ هذه الآيات : ( الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ( 6 ) ) وما قدروا الله حق قدره ) إلى قوله : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ( 7 ) ) فمن قرأها فقد أمن [ من ] الحرق والغرق ، قال : فقرأها *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) كنز جامع الفوائد مخطوط .
وأورده البحرانى في البرهان 3 : 6 .
( 2 ) في المصدر : بلاكينونية .
( 3 ) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : 89 .
( 4 ) في المصدر : عن عبدالرحمن بن جعفر .
( 5 ) في المصدر : ما من شئ تطلبونه من حرز من حرق .
( 6 ) الاية في سورة الاعراف : 196 كذلك ( إن وليى الله الذى اه ) .
( 7 ) سورة الزمر : 67 .

[183]

رجل ، فاضطرمت النار في بيوت جيرانه ، وبيته وسطها ، فلم يصبه شئ ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن دابتي استصعبت علي وأنا منها على وجل ، فقال : اقرأ في اذنها اليمنى ( وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون ( 1 ) ) فقرأها فذلت له دابته ، وقام إليه رجل آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن أرضي أرض مسبعة ، وإن السباع تغشى منزلي ولاتجوز حتى تأخذ فريستها ، فقال : اقرأ ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ( 2 ) ) فقرأهما الرجل فاجتنبته السباع ، ثم قام إليه رجل آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن في بطني ماء أصفر ( 3 ) فهل من شفاء ؟ فقال : نعم بلا درهم ولا دينار ولكن اكتب على بطلنك آية الكرسي وتغلسها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن الله عزوجل ، ففعل الرجل فبرئ بإذن الله تعالى ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن الضالة ، فقال : اقرأ ( يس ) في ركعتين وقل : يا هادي الضالة رد علي ضالتي ، ففعل فرد الله عزوجل عليه ضالته .
ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن الآبق ، فقال : اقرأ ( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج ) إلى قوله : ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ( 4 ) ) فقالها الرجل فرجع إليه الآبق ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن السرق فإنه لا يزال قد يسرق لي الشئ بعد الشئ ليلا ، فقال : ( 5 ) اقرأ إذا أويت إلى فراشك : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما
-بحار الانوار مجلد: 36 من ص 183 سطر 19 الى ص 191 سطر 18 تدعو ) إلى قوله : ( وكبره تكبيرا ( 6 ) ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة آل عمران : 83 .
( 2 ) سورة التوبة : 128 و 129 .
( 3 ) هو الصفراء التى تدفع من المثانة ممزوجة بالبول .
( 4 ) سورة النور : 40 .
( 5 ) في المصدر : فقال له .
( 6 ) سورة بنى اسرائيل : 110 و 111 .

[184]

ثم قال أميرالمؤمنين عليه السلام : من باب بأرض قفر فقرأ هذه الآية ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش ) إلى قوله : ( تبارك الله رب العالمين ( 1 ) ) حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين ، قال : فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب ، فبات فيها فلم يقرأ ( 2 ) هذه الآية ، فتغشاه الشيطان فإذا هو أخذ بخطمه ( 3 ) ، فقال له صاحبه : أنظره ، واستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه : أرغم الله أنفك أحسره الآن حتى يصبح ، فلما أصبح رجع إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فأخبره ، وقال له : رأيت في كلامك الشفاء والصدق ، ومضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان منجرا في الارض .
( 4 ) 65 لى : ابن موسى ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن عطية ابن إسماعيل ، عن أبي عمارة محمد بن أحمد ، عن العباس بن يزيد وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن ضرار بن صرد ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : علي يبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي ( 5 ) .
66 لى : ابن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة ، عن الثقفي ، عن إسماعيل بن بشار ، عن عبدالله بن بلج المصري ، عن إبراهيم بن أبي إسحاق المدني ، ( 6 ) عن محمد بن المنكدر قال : سمعت أبا أمامة يقول : كان علي عليه السلام إذا قال شيئا لم نشك فيه ، وذلك أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الاعراف : 54 .
( 2 ) في المصدر : ولم يقرأ .
( 3 ) الخطم : انف الانسان .
منقار الطائر .
ومن الدابة : مقدم انفها وفمها .
( 4 ) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : 624 626 .
وفي المصدر ( مجتمعا ) وفي ( م ) و ( د ) : منجزا .
( 5 ) أمالى الصدوق : 294 .
( 6 ) في ( ك ) و ( ت ) : ابى يحيى المدنى .
والصحيح : ابى اسحاق المدائنى .
راجع جامع الرواه 1 : 17 و 18 .

[185]

خازن سري بعدي علي ( 1 ) .
67 لى : أحمد بن محمد الدينوري ، عن عبدالله بن محمد بن زياد ، عن أحمد بن منصور ، عن النضربن شميل ، عن عوف بن أبي جميلة ، عن عبدالله بن عمرو بن هند قال : قال علي عليه السلام : كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاني وإذا سكت ابتدأني ( 2 ) 68 ير : محمد بن عبدالجبار ، عن عبدالله الحجال ، ( 3 ) عن أبي عبدالله المكي الحذاء ، عن سوادة بن علي ، عن بعض رجاله قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام للحارث الاعور وهو عنده : هل ترى ما أرى ؟ فقال : كيف أرى ما ترى وقد نور الله لك و أعطاك ما لم يعط أحدا ؟ قال : هذا فلان الاول على ترعة من ترع النار ، يقول : يا أبا الحسن استغفرلي ، لا غفر الله له ، قال : فمكث هنيئة ثم قال : يا حارث هل ترى ما أرى ؟ فقال : وكيف أرى ما ترى وقد نور الله لك وأعطاك ما لم يعط أحدا ؟ قال : هذا فلان الثاني على ترعة من ترع النار يقول : يا أبا الحسن استغفرلي ، لا غفر الله له .
( 4 ) بيان : الترعة بالضم : الباب 69 ير : محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن الحسين بن موسى ، عن الحسين بن زياد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أهدي إلي رسول الله صلى الله عليه وآله دانجوج ( 5 ) فيه حب مختلط ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يلقي إلى علي عليه السلام حبة وحبة ويسأله : أي شئ هذا ؟ ويخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما إن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) أمالى الصدوق : 327 .
( 2 ) أمالى الصدوق : 147 .
( 3 ) في المصدر و ( م ) : عبدالله بن الحجال .
( 4 ) بصائر الدرجات : 124 .
( 5 ) لم نظفر في كتب اللغة على هذه الكلمة ، والظاهر أنه معرب .
قال في البرهان القاطع ( ص 472 ) : دانجه غله ايست كه بعربى عدس كويند .

[186]

جبرئيل أخبرني أن الله علمك اسم كل شئ كما علم آدم الاسماء كلها ( 1 ) .
70 ير : أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن الحسين بن موسى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حب وطير مشوي من اليمن ، فوضعه بين يديه فقال : يا علي ماهذه وما هذه ؟ فأخذ علي عليه السلام يجيبه عن شئ شئ ، فقال : إن جبرئيل أخبرني أن الله علمك الاسماء كلها كما علم آدم عليه السلام ( 2 ) .
71 البرسي في مشارق الانوار : روى الحسن البصري أن الخضرلما التقى موسى فكان بينهما ( 3 ) ما كان جاء عصفور فأخذ قطرة من البحر فوضعها على يد موسى ، فقال للخضر : ما هذا ؟ فقال : يقول : ما علمنا ( 4 ) وعلم سائر الاولين و الآخرين في علم وصي النبي الامي إلا كهذه القطرة في هذه البحر .
وروى ابن عباس عنه أنه شرح له في ليلة واحدة من حين أقبل ظلامها حتى أسفر صباحها ( 5 ) في شرح الباء من ( بسم الله ) ولم يتقدم إلى السين وقال : لوشئت لاوقرت أربعين بعيرا من شرح ( بسم الله ) ( 6 ) .
72 أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس عن أبان عنه قال : جلست إلى علي عليه السلام بالكوفة في المسجد والناس حوله فقال : سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن كتاب الله ، فو الله ما نزلت آية من كتاب الله إلا وقد قرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله و علمني تأويلها ، قال ( 7 ) ابن الكواء : فما كان ينزل عليه وأنت غائب ؟ فقال : بل *

_________________________________________________________
) * ( 1 و 2 ) لم نجد الروايتين في البصائر المطبوع .
( 3 ) في المصدر : وكان منها .
( 4 ) في المصدر : ما علمكما .
( 5 ) في المصدر بعد ذلك : وطفا مصباحها .
( 6 ) مشارق الانوار : 96 .
( 7 ) في المصدر : فقال .

[187]

يحفظ ( 1 ) ماغبت عنه ، فإذا قدمت عليه قال لي : يا علي أنزل الله بعدك كذا وكذا فيقرؤنيه ، وتأويله كذا وكذا فيعلمنيه .
قال : أبان : قال سليم : قلت لابن عباس : أخبرني بأعظم ما سمعتم من علي عليه السلام ما هو ؟ قال سليم : فأتاني بشئ قد كنت سمعته أنا من علي عليه السلام ، قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وفي يده كتاب ، فقال : يا علي دونك هذا الكتاب ، قلت : يا نبي الله ما هذا الكتاب ؟ قال : كتاب كتبه الله فيه تسمية أهل السعادة و الشقاوة من امتي إلى يوم القيامة ، أمرني ربي أن أدفعه إليك ( 2 ) .
* [ وأقول : قال السيد الداماد قدس سره في بعض مؤلفاته : رأيت في كتاب قنيس الانوار ( 3 ) في الاوفاق الحرفية والعددية : كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول بالحروف والعدد ، وكان أحسب الناس ، ثم نقل من كتب الرواية أن يهوديا أتاه عليه السلام فقال : يا علي أعلمني أي عدد يتصحح منه الكسور التسعة جميعا من غير كسر ، وكذلك من كل من كسوره التسعة إلا من أربعة ، فيكون له كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر ، ولكل من كسوره التسعة كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر إلا الثمن لربعه والربع لثمنه والسبع لسبعه والتسع لتسعه قال عليه السلام : إن أعلمتك تسلم ؟ قال : نعم ، فقال عليه السلام : اضرب اسبوعك في شهرك ثم ما حصل لك في أيام سنتك تظفر بمطلوبك ، فضرب اليهودي سبعة في ثلاثين فكان المرتقى ( 210 ) فضرب ذلك في ثلاثمائة وستين فكان الحاصل ( 7560 ) ( 4 ) فوجد بغيته فأسلم .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : بلى يحفظ .
( 2 ) كتاب سليم بن قيس 138 و 139 .
( * ) من مختصات نسخة ( ك ) فقط ، ولا يوجد في غيرها .
( 3 ) كذا .
والظاهر : قبس الانوار .
( 4 ) فتسعه ( 8400 ) وثمنه ( 9450 ) وسبعه ( 10800 ) وسدسه ( 12600 ) وخمسه ( 15120 ) وربعه ( 18900 ) وثلثه ( 25200 ) ونصفه ( 37800 ) وكل هذه تنقسم إلى الكسور التسعة من غير كسر إلا التسع وهو ( 8400 ) إلى التسع ، وإلا السبع وهو ( 10800 ) إلى السبع : وإ .
لا الثمن وهو ( 9450 ) إلى الربع ، وإلا الربع وهو ( 18900 ) إلى الثمن .

[188]

وفي كتب أصحاب الرواية أنه قالت اليهود لما سمعت قوله سبحانه في شأن أصحاب الكهف ( ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ( 1 ) ) : ما نعرف التسع ، ذكرها رهط من المفسرين كالزجاج وغيره أن جماعة من أحبار اليهود أتت المدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت : ما في القرآن يخالف ما في التوراة ، إذ ليس في التوارة إلا ثلاثمائة سنين ، فأشكل الامر على الصحابة فبهتوا ، فرفع إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : لا مخالفة ، إذالمعبر عند اليهود السنة الشمسية وعند العرب السنة القمرية ، والتوراة نزلت عن لسان اليهود والقرآن العظيم عن لسان العرب ، والثلاثمائة من السنين الشمسية ثلاثمائة وتسع من السنين القمرية .
وأورده الذي تفلسف في المتأخرين من خفر فارس ( 2 ) وكاديتأله في آخر شرحه لملخص الجغميني في علم الهيئة ؟ فقال : قالت اليهود : ما نعرف تسع سنين حين سمعوا ( وازدادواتسعا ) وقالوا : لا يوافق التوراة ووقع الاشكال على الصحابة فحله على النهج المذكور الامام بالحق أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .
ثم قال قدس سره : تنبيه : التحقيقق على ما حققناه في علم الهيئة أن السنة القمرية الواسطية ناقصة عن السنة الشمسية الحقيقية بعشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة بالتقريب ، إذالتفاوت بين السنتين على التحقيق عشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة وخمس ساعة على قول من يقول بأن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة و ستون يوما ، وربع يوم .
وعشرة أيام وإحدى وعشرون ساعة وثلاثة أخماس خمس ساعة على رأي بطلميوس المقرر أن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون بوما ، وخمس ساعات وخمس وخمسون دقيقه واثنتا عشرة ثانية .
وعشرة أيام وإحدى وعشرون ساعة إلا دقيقة وثلاثة أخماس دقيقة من دقائق الساعات على ما ذهب إليه التباني من المتأخرين ، الذاهب إلى أن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وخمس ساعات وست وأربعون دقيقة وعشرون ثانية ، وذلك مستبين لمن هو ذو دربة ( 3 ) *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الكهف : 25 .
* ( 2 ) درب الرجل : كان عاقلا وحاذقا بصناعته .
( 3 ) هو شمس الدين محمد بن احمد الخفرى الحكيم الفاضل من تلامذة صدر الحكماء المير صدر الدين محمد الدشتكى وله تآليف راجع الكنى والالقاب ج 2 : 198 .

[189]

في الحساب فإذن مابه المفاوتة بين كل مائة شمسية ومائة سنة قمرية ثلاث سنين قمرية على التقريب ، وإنما المفاضلة بين ما بالتحقيق وما بالتقريب بعد جمع الكسور و ضم الكبيسة بما هو بالقرب من عشرين يوما ، فمائة سنة شمسية ليست على التحقيق إلا مائة سنة وثلاث سنين قمرية وقريبا من عشرين يوما ، فإذن الثلاثمائة الشمسيات تزداد على الثلاثمائة القمريات تسعا وقريبا من شهرين ، والشهور ولا سيما اليسيرة منها لا تراعى عندما تحب السنون الكاملات ، فما أورده الفاضل المفسر الاعرج النيسابوري في تفسيره أن ذلك شئ تقريبي مما لارادة له في أثمار التشك أصلا انتهى .
وأقول : قد حققنا ذلك في مقام آخر فلا نعيده هنا ] .
73 فر : فرات معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : ( وتعيها اذن واعية ( 1 ) ) قال : هي والله اذن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما زلت أسأل الله أن يجعلها اذنك يا علي .
وقال أبوجعفر عليه السلام : الاذن الواعية علي وهو حجة الله على خلقه ، من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله .
وكان بريدة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : إن الله أمرني أن ادنيك ولا اقصيك وأن اعلمك وأن تعيه ، وحق على الله أن تعيه ، قال : ونزلت ( وتعيها اذن واعية ) ( 2 ) .
74 يف : روى مسلم في صحيحه في أول كراس من جزء منه في النسخة المنقول فيها في تأويل ( غافر الذنب ( 3 ) ) أعني ( حم تنزيل الكتاب ) عن ابن عباس قال : كان أميرالمؤمنين عليه السلام يعرف بها الفتن ، قال : وأراه زاد في الحديث : وكل جماعة كانت في الارض أو تكون في الارض ومن كل قرية كانت أو تكون في الارض .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الحاقة : 12 .
( 2 ) تفسير فرات : 189 .
( 3 ) في المصدر : في تأويل ( غافر ) .

[190]

وروي أن عليا عليه السلام قال على المنبر : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت ، بحضيض جبل أو سهل أرض ، وسلوني عن الفتن فمامن فتنة إلا وقد علمت كونها ( 1 ) ومن يقتل فيها .
قال : وقد روى عنه نحو هذا كثير ، ورواه مسلم في صحيحه في الجزء الخامس منه ، وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن سعيد قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يقول : ( سلوني ) إلا علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله ، وروى ابن المغازلي بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتاني جبرئيل عليه السلام بدرنوك ( 2 ) من الجنة فجلست عليه ، فلما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني ، فما علمني شيئا إلا وعلمت عليا فهو باب علم مدينتي ، ثم دعاه إليه فقال : يا علي سلمك سلمي وحربك حربي ، وأنت العلم بيني وبين امتي بعدي ( 3 ) .
أقول : روى ابن عبدالبر في كتاب الاستيعاب عن جماعة من الرواة والمحدثين قالوا : لم يقل أحد من الصحابة ( سلوني ) إلا علي بن أبي طالب عليه السلام ( 4 ) .
وقال ابن أبي الحديد : روى شيخنا أبوجعفر الاسكافي في كتاب نقض العثمانية عن علي بن الجعد عن ابن شبرمة قال : ليس لاحد من الناس أن يقول على المنبر ( سلوني ) إلا علي بن أبي طالب عليه السلام ( 5 ) .
75 نهج : والله لو شئت أن اخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه و جميع شأنه لفعت ، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وآله ، ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه ( 6 ) ، والذي بعثه بالحق ، واصطفاه على الخلق ، ما *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : كبشها .
( 2 ) الدرنوك : نوع من البسط له خمل .
( 3 ) الطرائف : 18 و 19 .
( 4 ) الاستيعاب 3 : 40 .
وقد نقله ابن أبى الحديد في شرح النهج 2 : 277 و 3 : 320 .
( 5 ) شرح النهج 2 : 277 .
( 6 ) أى انى موصله إلى أهل اليقين ممن لا تخشى عليهم الفتنة .