[281]

عوضه زبرا ( 1 ) من الحديد إلى أن صعد الماء إلى موضع كان فيه القيد ، ثم قال : أخرجوا هذا الحديد وزنوه فإنه وزن القيد ، قال : فلما فعلوا ذلك وانفصلوا وحلت نساؤهم عليهم خرجوا وهم يقولون : نشهد أنك عيبة علم النبوة وباب مدينة علمه ، فعلى من جحد حقك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ( 2 ) .
يه : في رواية عمرو بن شمر عن جعفر بن غالب الاسدي رفع الحديث وذكر مثله مع تغيير ونقص ( 3 ) .
44 فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى الاصبغ بن نباتة أنه قال : كنت جالسا عند أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقضي بين الناس إذجاءه جماعة معهم أسود مشدود الاكتاف .
فقالوا : هذا سارق يا أميرالمؤمنين ، فقال : يا أسود سرقت ؟ قال : نعم يا أميرالمؤمنين ، قال له : ثكلتك امك إن قلتها ثانية قطعت يدك قال : نعم يا مولاي ، قال : ويلك انظر ماذا تقول سرقت ؟ قال : نعم يا مولاي ، فعند ذلك قال عليه السلام : اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع ، قال : فقطع يمينه ، فأخذها بشماله وهي تقطر دما ، فاستقبله رجل يقال له ابن الكواء فقال : يا أسود من قطع يمينك ؟ قال : قطع يميني سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين وأولى الناس بالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إمام الهدى ، وزوج فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى ، أبوالحسن المجتبى وأبوالحسين المرتضى ، السابق إلى جنات النعيم مصادم الابطال ، المنتقم من الجهال ، معطي الزكاة ، منيع الصيانة من هاشم القمقام ابن عم الرسول ، الهادي إلى الرشاد ، والناطق بالسداد ، شجاع مكي ، جحجاح ( 4 ) *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) جمع الزبرة : القطعة الضخمة من الحديد .
( 2 ) الروضة : 40 .
ولم نجده في الفضائل .
( 3 ) من لا يحضره الفقيه : 319 .
وقال بعد تمام الرواية : قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله انما هدى أميرالمؤمنين عليه السلام إلى معرفة ذلك ليخلص به الناس من احكام من يجيز الطلاق باليمين .
( 4 ) بمهملة بين معجمتين .

[282]

وفي ، بطين أنزع ، أمين من آل حم ويس وطه والميامين ، محلي الحرمين ( 1 ) و مصلي القبلتين ، خاتم الاوصياء ، ووصي صفوة الانبياء ، القسورة الهمام والبطل الضرغام ، المؤيد بجبرائيل الامين ، والمنصور بمكائيل المبين ، وصي رسول رب العالمين المطفئ نيران الموقدين ، وخير من نشأ من قريش أجمعين ، المحفوف بجند من السماء علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين على رغم أنف الراغبين ( 2 ) ومولى الناس أجمعين ، فعند ذلك قال له ابن الكواء : ويلك يا أسود قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كله ؟ قال : ومالي لا اثني عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي ؟ والله ما قطعني إلا بحق أوجبه الله علي .
قال : فدخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام فقلت سيدي رأيت عجبا ، قال : وما رأيت ؟ قال : صادفت أسودا قطعت يمينه وأخذها بشماله وهي تقطر دما ، فقلت له : يا أسود من قطع يمينك ؟ قال : سيد المؤمنين وأعدت عليه ( 3 ) فقلت له : ويحك قطع يمينك وأنت تثنى عليه هذا الثناء كله ؟ فقال : ومالي لا اثني عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي ، والله ما قطعني إلا بحق أوجبه الله علي ، قال : فالتفت أميرالمؤمنين عليه السلام إلى ولده الحسن وقال : قم هات عمك الاسود ، قال : فخرج الحسن عليه السلام في طلبه فوجده في موضع يقال له كندة ، وأتى به إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال له : يا أسود قطعت يمينك وأنت تثني علي ؟ فقال : يا أميرالمؤمنين ومالي لا اثني عليك وقد خالط حبك دمي ولحمي ؟ والله ما قطعت إلا بحق كان علي مما ينجي من عقاب الآخرة ، فقال عليه السلام : هات يدك ، فناوله فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه ، ثم غطاها بردائه ، فقام وصلى عليه السلام ودعا بدعاء سمعناه يقول في آخر دعائه : آمين ، ثم شال ( 4 ) الرداء وقال : اضبطي أيتها *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدرين و ( ت ) : محل الحرمين .
( 2 ) في المصدر : الراغمين .
( 3 ) أى أعدت على أميرالمؤمنين عليه السلام قول الاسود كله .
( 4 ) أى رفع .

[283]

العروق كما كنت واتصلي ، فقام الاسود وهو يقول : آمنت بالله وبمحمد رسوله وبعلي الذي رد اليد القطعاء بعد تخليتها من الزند ، ثم انكب على قدميه وقال : بأبي أنت وأمي يا وارث علم النبوة ( 1 ) .
بيان : القمقام : السيد ، وكذا الجحجاح .
والقسورة : الاسد .
والهمام بالضم : الملك العظيم الهمة .
والضرغام بالكسر : الاسد .
45 من كتاب صفوة الاخبار ( 2 ) قال : ابن كواء اليشكري إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن بصير بالليل وعن بصير بالنهار ، وعن بصير بالنهار أعمى بالليل ، وعن بصير بالليل أعمى بالنهار ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك ، أما بصير بالليل بصير بالنهار فهذا رجل آمن بالرسل الذين مضوا ، وأدرك النبي صلى الله عليه وآله فآمن به ، فأبصر في ليله و نهاره ، وأما أعمى بالليل بصير بالنهار فرجل جحد الانبياء الذين مضوا والكتب وأدرك النبي صلى الله عليه وآله فآمن به ، فعمي بالليل وأبصر بالنهار ، وأما أعمى بالنهار بصير بالليل فرجل آمن بالانبياء والكتب وجحد النبي صلى الله عليه وآله ، فأبصر بالليل وعمي بالنهار .
فقال عبدالله بن الكواء : يا أميرالمؤمنين إن في كتاب الله آية قد أفسدت قلبي وشككتني في ديني ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : ثكلتك أمك وعدمتك قومك ماهي ؟ قال : قول الله عزوجل لمحمد صلى الله عليه وآله في سورة النور : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ( 3 ) ) ما هذا الطير وما هذه الصلاة والتسبيح ؟ فقال : ويحك إن الله خلق الملائكة في صور شتى ، ألا وإن لله ملكا في صورة ديك أنج ( 4 ) أشعث *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) الروضة : 42 .
الفضائل : 181 و 182 : ولم نشر إلى الاختلافات الجزئية الكثيرة فيهما لعدم الجدوى .
( 2 ) لم نظفر بنسخته ولا نعرف مؤلفه ، وقال العلامة المؤلف قدس سره في الفصل الاول من مقدمة الكتاب ( 1 : 21 ) : وكتاب صفوة الاخبار لبعص العلماء الاخيار .
( 3 ) سوره النور : 41 .
( 4 ) يأتى توضيحه في البيان .

[284]

براثنه ( 1 ) في الارضين السابعة السفلى وعرفه ( 2 ) تحت عرش الرحمن ، له جناح في المشرق وجناح في المغرب ، فالذي في المشرق من نار والذي في المغرب من ثلج ، فإذا حضر وقت الصلاة : قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش ثم صفق بجناحيه كما تضفق الديكة في منازلكم بنحو من قوله ، وهو قوله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) من الديكة في الارض .
فقال ابن الكواء : فما قوله تعالى : ( بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ( 3 ) ) ؟ قال : هو عمامة موسى وعصاه ، ورضراض ( 4 ) الالواح ، وإبريق من زمرد ، وطشت من ذهب ، قال : فمن ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ( 5 ) ) ؟ قال : هم الافجران من قريش بنو امية وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر ، وأما بنو امية فمتعوا حتى حين .
قال : فما ( الاخسرين أعمالا ) إلى قوله تعالى : ( صنعا ( 6 ) ) ؟ قال : أهل حروراء قال : أخبرني عن ذى القرنين أنبي هو أم ملك ؟ قال : لا نبي ولا ملك ، كان عبدالله صالحا أحب الله فأحبه ، ونصح لله فنصح الله له ، أرسله الله إلى قوم فضرب على قرنه الايمن ، فغاب عنهم ما شاء الله ، ثم ظهر فضربوه على قرنه الايسر فغاب عنهم ، ثم رد الثالثة فمكنه الله في الارض وفيكم مثله يعني نفسه .
وقال الاصبغ بن نباتة : أتى ابن الكواء إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : خبرني عن الله عزوجل هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى عليه السلام ؟ فقال علي عليه السلام : *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) البرثن من السباع والطير بمنزلة الاصبع من الانسان .
( 2 ) بالضم فالسكون ، لحمة مستطيله في أعلى رأس الديك .
( 3 ) سورة البقرة 248 .
( 4 ) الرضراض : ما صغر ودق من الحصى .
( 5 ) سورة إبراهيم : 28 .
( 6 ) سورة الكهف : 104 .

[285]

قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم وردوا عليه الجواب ، فثقل ذلك على ابن الكواء ولم يعرفه ، فقال : كيف ذلك يا أميرالمؤمنين ؟ قال : أوماتقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه فيكم : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ( 1 ) ) فقد أسمعهم كلامه وردوا الجواب عليه كما تسمع في قوله تعالى : ( قالوا بلى ) وقال لهم : ( إني أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم ) فأقروا له بالطاعة والربوبية ، وبين الانبياء والرسل والاوصياء وأمر الخلق بطاعتهم ، فأقروا بذلك في الميثاق ، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك ( شهدنا ) عليكم يا بني آدم ( أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا ) الدين وهذا الامر والنهي ( غافلين ) .
وقضى أميرالمؤمنين عليه السلام في الخنثى وهي التي يكون لها ما للرجال وما للنساء إن بالت من الفرج فلها ميراث النساء ، وإن بالت من الذكر فله ميراث الذكر ، وإن بالت من كليهما عد أضلاعه ، فإن زادت واحدة على أضلع الرجل فهي امرأة ، وإن نقصت فهي رجل .
وقضى أيضا في الخنثى فقال : يال للخنثى ، الزق بطلنك بالحائط وبل : فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن انتكص كما ينتكص ( 2 ) البعير فهو امرأة .
وقضى أميرالمؤمنين عليه السلام في رجل ادعت امرأته أنه عنين ، فأنكر الزوج ذلك فأمر النساء ، أن يحشو فرج الامرأة بالخلوق ( 3 ) ولم يعلم زوجها بذلك ، ثم قال لزوجها : ائتها فان تلطخ الذكر بالخلوق فليس بعنين .
وقال : جاء رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وقال : إن هذا مملوكي تزوج بغير إذني ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : فرق بينهما أنت ، فالتفت الرجل إلى مملوكه *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الاعراف : 172 .
( 2 ) انتكص : رجع على عقبية .
( 3 ) الخلوق : ضرب من الطيب اعظم اجزائه الزعفران .

[286]

وقال : يا خبيث طلق امرأتك ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام للعبد : إن شئت فطلق وإن شئت فأمسك .
قال : كان قول المالك للعبد ( طلق امرأتك ) رضاه بالتزويج ، فصار الطلاق عند ذلك للعبد .
روى أبو المليح الهذلي عن أبيه قال : كنا جلوسا عند عمر بن الخطاب إذ دخل علينا رجل من أهل الروم ، قال له : أنت من العرب ؟ قال : نعم ، قال : أما إني أسألك عن ثلاثة أشياء ، فإن خرجت إلى منها آمنت بك وصدقت نبيك محمدا قال : سل عما بدالك يا كافر ، قال أخبرني عما لا يعلمه الله ، وعما ليس لله وعما ليس عندالله ، قال عمر : ما أتيت يا كافر إلا كفرا ، إذ دخل علينا أخو رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لعمر : أراك مغتما ، فقال : وكيف لا أغتم يا ابن عم رسول الله وهذا الكافر يسألني عما لا يعلمه الله وعما ليس لله وعما ليس عند الله ، فهل لك في هذا شئ يا أباالحسن ؟ قال : نعم ، قال : فرج الله عنك وإلا [ و ] قد تصدع قلبي ، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أحب أن يدخل المدينة فليقرع الباب ، فقال : أما مالا يعلمه الله فلا يعلم الله أن له شريكا ولا وزيرا ولا صاحبة ولا ولدا وشرحه في القرآن ( قل أتنبؤن الله بما لا يعلم ( 1 ) ) وأما ما ليس عند الله فليس عنده ظلم للعباد ، وأما ما ليس لله فليس له ضد ولاند ولا شبه ولا مثل .
قال : فوثب عمر وقبل ما بين عيني علي عليه السلام ثم قال : يا أبا الحسن منكم أخذنا العلم ، وإليكم يعود ، ولو لا علي لهلك عمر ، فما برح النصراني حتى أسلم و حسن إسلامه .
وقضى بالبصرة لقوم حدادين اشتروا باب حديد من قوم ، فقال أصحاب الباب : كذا وكذا منا ، فصدقوهم وابتاعوه ، فلما حملوا الباب على أعناقهم قالوا للمشتري : ما فيه ما ذكروه من الوزن ، فسألوهم الحطيطة ( 2 ) فأبوا ، فارتجعوا عليهم ، فصاروا *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة يونس : 18 .
( 2 ) الحطيطة : اسم لما يحط من الثمن .

[287]

إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : أدلكم ، احملوه إلى الماء ، فحمل فطرح في زورق صغير وعلم على الموضع الذي بلغه الماء ، ثم قال : أرجعوا مكانه تمرا موزونا ، فما زالوا يطرحون شيئا بعد شئ موزونا حتى بلغ الغاية ، قال : كم طرحتم ؟ قالوا : كذا وكذا منا ورطلا ، قال عليه السلام : وزنه هذا .
وقضى في رجل كندي : أمر بقطع يده ، وذلك أنه سرق ، وكان الرجل من أحسن الناس وجها وأنظفهم ثوبا ، فقال علي عليه السلام : ما أرى من حسن وجهك ونظافة ثوبك ومكانك من العرب تفعل مثل هذا الفعل فنكس الكندي ثم قال : الله الله في أمري يا أميرالمؤمنين ، فلا والله ما سرقت شيئا قط غير هذه الدفعة ، فقال له ويحك قد عسى أن الله العلي الكريم لا يؤاخذك بذنب واحد أذنبته إن شاء ، فبكى الكندي فأطرق أميرالمؤمنين عليه السلام ملياثم رفع رأسه وقال : ما أجد يسعني إلا قطعك ، فاقطعوه فبكى الكندي وتعلق بثوبه وقال : الله الله في عيالي ، فإنك إن قطعت يدي هلكت وهلك عيالي ، وإني أعول ثلاثة عشر عيالا مالهم غيري ، فأطرق مليا ينكت الارض بيده ، ثم قال : ما أجد يسعني إلا قطعك ، أخرجوه فاقطعوا يده ، فلما وقعت يده المقطوعة بين يدي أميرالمؤمنين عليه السلام قال الكندي ، والله لقد سرقت تسعة وتسعين مرة ، وإن هذه تمام المائة ، كل ذلك يستر الله علي ، قال : فقال الناس له : فما كان لك في طول هذه المدة زاجر ؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : لقد فرج عني ، قد كنت مغموما بمقالتك الاولة ، وأن الله حليم كريم لا يعجل عليك إن شاء في أول ذنب ، فوثب الناس إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقالوا : وفقك الله ، فما أبقاك لنا فنحن بخير ونعمة ، بيان : قوله : ( في صورة ديك أنج ) لعله من النج بمعنى الاسراع وهو بعيد وفي بعض النسخ بالباء الموحدة والحاء المهملة من البحوحة ، وهي غلظة الصوت ، و في بعض ما أوردنا من الروايات في ذلك في كتاب السماء والعالم ( أملح ) وهو الذي بياضه أكثر من سواده ، وقيل : هو النقي البياض .
64 كا : علي بن محمد ، عن عبدالله بن إسحاق ، عن الحسن بن علي بن سليمان

[288]

عن محمد بن عمران ، عن أبي عبدالله قال : اتي أميرالمؤمنين عليه السلام وهو جالس في المسجد بالكوفة بقوم وهم يأكلون ( 1 ) بالنهار في شهر رمضان ، فقال لهم أميرالمؤمنين عليه السلام : أكلتم وأنتم مفطرون ؟ قالوا : نعم ، قال : أيهود أنتم ؟ قالوا : لا .
قال : فنصارى ؟ قالوا : لا ، قال : فعلى شئ ( 2 ) من هذه الاديان مخالفين للاسلام ؟ قالوا : بل مسلمون قال : فسفر أنتم ؟ قالوا : لا ، قال : فيكم علة استوجبتم الافطار ولا نشعربها فإنكم أبصر بأنفسكم لان الله عزوجل يقول : ( بل الانسان على نفسه بصيرة ( 3 ) ) ؟ قالوا : بل أصحابنا ما بنا علة ، قال : فضحك أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال : تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله ولا نعرف محمدا ! قال : فإنه رسول الله ، قالوا : لا نعرفه بذلك ، إنما هو أعرابي دعا إلى نفسه ! فقال : إن أقررتم وإلا قتلتكم ، ( 4 ) قالوا : وإن فعلت ، فوكل بهم شرطة الخميس وخرج بهم إلى الظهر ظهر الكوفة ، وأمر أن يحفر حفيرتان حفر أحدهما إلى جنب الاخرى ، ثم خرق فيما بينهما كوة ضخمة شبه الخوخة ، وقال لهم : إني واضعكم في أحد هذين القليبين واوقد في الاخرى النار فأقتلكم بالدخان ، قالوا : وإن فعلت فإنما تقضي هذه الحياة الدنيا ، فوضعهم في إحدى الجبين وضعا رفيقا ثم أمر بالنار فاوقدت في الجب الآخر ، ثم جعل يناديهم مرة بعد مرة : ما تقولون ؟ فيجيبونه اقض ما أنت قاض ، حتى ماتوا ، قال : ثم انصرف فسار بفعله الركبان ( 5 ) و تحدث به الناس ، فبينما هو ذات يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب قد أقرله من في يثرب من اليهود أنه أعلمهم ، وكذلك كانت آباؤه .
من قبل ، قال :
-بحار الانوار مجلد: 36 من ص 288 سطر 19 الى ص 296 سطر 18 وقدم على أميرالمؤمنين عليه السلام في عدة من أهل بيته ، فلما انتهوا إلى المسجد الاعظم *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : وجدوهم يأكلون .
( 2 ) في المصدر : فعلى أى شئ .
( 3 ) سورة القيامة : 14 .
( 4 ) في المصدر : والا لاقتلنكم .
( 5 ) أى حمل الركبان والقوافل هذا الخبر إلى اطراف الارض .

[289]

بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ، ولنا إليك حاجة ، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك ؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون باليمين ، ( 1 ) فما حاجتكم ؟ فقال له عظيمهم : يا ابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد صلى الله عليه وآله ؟ فقال له : وأية بدعة ؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن محمدا رسول الله ( 2 ) فقتلتهم بالدخان ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : فنشدتك بالتسع آيات ( 3 ) التي انزلت على موسى بطور سيناء وبحق الكنائس الخمس القدس وبحق الصمد ( 4 ) الديان هل تعلم أن يوشع بن نون اتي بقوم بعد وفاه موسى عليه السلام شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة ؟ فقال له اليهودي : نعم أشهد أنك ناموس موسى ، ( 5 ) قال : ثم أخرج من [ تحت ] قبائه كتابا فدفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ففضه ونظر فيه وبكى ، فقال له اليهودي : ما يبكيك يا ابن أبي طالب إذا نظرت ( 6 ) في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل عربي ؟ فهل تدري ما هو ؟ فقال له أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : نعم هذا اسمي مثبت ، فقال له اليهودي : فأرني اسمك في هذا الكتاب ، وأخبرني ما اسمك بالسريانية ، قال : فأراه أميرالمؤمنين عليه السلام اسمه في الصحيفة وقال : اسمي ( إليا ) فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأشهد أنك وصي محمد ، وأشهد أنك أولى الناس بالناس من *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) أى يبتدون بأيمانهم البيعة ، أويستأنفون الاسلام لليمين التى اقسم بها عليهم .
( 2 ) في المصدر : رسوله .
( 3 ) في المصدر : بالتسع الايات .
( 4 ) في المصدر : ( السمت ) ولعله كان في لغتهم بمعنى الصمد ، كما استظهر المصنف في مرآة العقول .
( 5 ) أى صاحب سره المطلع على باطن أمره وعلومه وأسراره .
( 6 ) في المصدر : انما نظرت .

[290]

بعد محمد صلى الله عليه وآله ، وبايعوا أميرالمؤمنين عليه السلام ودخلوا المسجد ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا ، الحمد لله الذي أثبتني عنده في صحيفة الابرار .
( 1 ) 65 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن عمران بن ميثم أو صالح بن ميثم ، عن أبيه قال : أتت امرأة مجح أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ، فقالت : يا أميرالمؤمنين إني زنيت فطهرني طهرك الله ، فإن عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع ، فقال لها : مما أطهرك ؟ فقالت : إني زنيت ، فقال لها : ذات بعل ( 2 ) أنت أم غير ذلك ؟ قالت : بل ذات بعل ، فقال لها : أفحاضرا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم غائبا كان عنك ؟ فقالت : بل حاضرا ، فقال لها : انطلقي فضعي ما في بطنك ثم ائتني اطهرك ، فلما ولت عنه المرأه فصارت حيث لا تسمع كلامه قال : اللهم إنها شهادة ، فلم يلبث أن أتته فقالت : قد وضعت فطهرني قال : فتجاهل عليها ، فقال : اطهرك يا أمة الله مماذا ؟ فقالت : إني زنيت فطهرني ، فقال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ قالت : نعم ، قال : فكان زوجك حاضرا أم غائبا قالت : بل حاضرا ، قال : فانطلقي فارضعيه ( 3 ) حولين كاملين كما أمرك الله ، قال : فانصرفت المرأة ، فلما صارت منه حيث ( 4 ) لا تسمع كلامه قال : اللهم إنها ( 5 ) شهادتان ، قال : فلما مضى حولان أتت المرأة فقالت : قد أرضعته حولين فطهرني يا أميرالمؤمنين ، فتجاهل عليها وقال : اطهرك مماذا ، قالت : إني زنيت فطهرني فقال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ فقالت : نعم ، قال : وبعلك غائب إذ فعلت ما فعلت أو حاضر ؟ قالت : بل حاضر ، قال : انطلقي فاكفليه حتى يعقل أن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) فروع الكافى ( الجزء الرابع من الطبعة الحديثة ) : 181 183 .
( 2 ) في المصدر : أو ذات بعل .
( 3 ) في المصدر : وارضعيه .
( 4 ) في المصدر : من حيث .
( 5 ) في المصدر : انهما .