[311]

قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت .
وإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك ، وأكثر ( 1 ) الناس في ذلك ، وقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا من حيلة ؟ فقال : ما عندي في ذلك من شئ ، فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه ، فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب وقال للصبيان : خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، ثم دعا بأحدهما فقال له : قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك ، بم تشهد ؟ والوزير قائم يسمع و ينظر ( 2 ) فقال : أشهد أنها بغت ، قال متى ؟ قال : يوم كذا وكذا [ قال : مع من ؟ قال : مع فلان ابن فلان ، قال : وأين ؟ قال : موضع كذا وكذا ] قال : ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر ، فردوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر ، فقال له : بم تشهد ؟ قال : أشهد أنها بغت ، قال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا ، قال : مع من ؟ قال : من فلان ابن فلان ، قال : وأين ؟ قال : موضع كذا وكذا ، فخالف صاحبه ، ( 3 ) فقال دانيال : الله أكبر شهدا بزور ، يا فلان ناد في الناس إنما شهدا ( 4 ) على فلانة بزور ، فاحضروا قتلهما ، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان ، فنادى الملك في الناس وأمر بتقلهما .
( 5 ) قب : مرسلا مثله .
( 6 ) 84 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الكافى : فأكثر الناس .
( 2 ) في الكافى : ينظر ويسمع .
( 3 ) في الكافى : فخالف أحدهما صاحبه .
( 4 ) في الكافى : انهما شهدا .
( 5 ) التهذيب 2 : 93 و 94 ، فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 425 427 .
( 6 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 501 و 502 .

[312]

ابن أبي البلاد ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كانت في زمن أميرالمؤمنين عليه السلام امرأه صدق يقال لها : ام قيان ، فأتاها رجل من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام فسلم عليها قال ، فرآها مهتمة فقال : مالي أراك مهتمة ؟ فقالت : مولاة لي دفنتها فنبذتها الارض مرتين ، فدخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام فأخبرته ، فقال : إن الارض لتقبل اليهودي والنصراني فمالها أن لا تكون تعذب بعذاب الله ؟ ثم قال : أما إنه لو اخذ ( 1 ) تربة من قبر رجل مسلم فالقي على قبرها لقرت ، قال : فأتيت ام قيان فأخبرتها ، فأخذوا تربة من قبر رجل مسلم فالقي على قبرها فقرت فسألت عنها ما كانت حالها ؟ فقالوا كانت شديدة الحب للرجال ولا تزال قد ولدت فألقت ولدها في التنور .
( 2 ) 85 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي عن جعفر بن يحيى ، عن عبدالله بن عبدالرحمن ، عن الحسين بن زيد ، عن أبي عبدالله عن أبيه عليهما السلام قال : اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر ، فشهد عليه رجلان أحدهما خصي وهو عمرو التميمي ، والآخر المعلى بن جارود ، فشهد أحدهما أنه رآه يشرب ، وشهد الآخر أنه رآه يقئ الخمر ، فأرسل عمر إلى اناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم أميرالمؤمنين عليه السلام فقال لاميرالمؤمنين : ما تقول يا أبا الحسن فإنك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( 3 ) أنت أعلم هذه الامة وأقضاها بالحق ؟ فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما ، قال : ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها ، فقال : هل تجوز شهادة الخصي ؟ فقال : وما ذهاب لحيته إلا كذهاب بعض أعضائه ( 4 ) .

-بحار الانوار مجلد: 36 من ص 312 سطر 19 الى ص 320 سطر 18 86 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الكافى : لو اخذت .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 370 .
( 3 ) في المصدر : قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله .
( 4 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 401 .

[313]

صالح الثوري ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه أمر قنبرا أن يضرب رجلا حدا ، فغلط قنبر فزاد ( 1 ) ثلاثة أسواط ، فأقاده علي عليه السلام من قنبر ثلاثة أسواط ( 2 ) .
87 كا : محمد بن يحيى ( 3 ) ، عن بعض أصحابه ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن يحيى الثوري ، عن هيثم بن بشير ، عن أبي روح ( 4 ) أن امرأة تشبهت بأمة لرجل ، وكان ذلك ليلا فواقعها وهو يرى أنها جاريته ، فرفع إلى عمر فأرسل إلى علي عليه السلام فقال : اضرب الرجل حدا في السر واضرب المرأة حدا في العلانية ( 5 ) .
بيان : لعله إنما أمر بحد الرجل لانه علم أنه عرفها ولم يظهر ذلك و أخفاه ، فلذا أمر بعده سرا .
88 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : قال : إن رجلا قال لرجل على عهد أميرالمؤمنين عليه السلام : إني احتلمت بامك ، فرفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال : إن هذا افترى علي ( 6 ) ، فقال له : وما قال لك ؟ قال : زعم أنه احتلم بامي ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : في العدل إن شئت أقمته لك في الشمس فاجلد ظله ، فان الحلم مثل الظل ، ولكنا ( 7 ) سنضربه حتى لا يعود يؤذي المسلمين ، وفي رواية اخرى قال : ضربه ضربا وجيعا ( 8 ) .
قب : مرسلا مثله ، وفيه أنه كان في زمن أبي بكر فتحير فحكم عليه السلام بذلك ( 9 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فغلظ قنبر فزاده .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 260 .
( 3 ) في المصدر : محمد بن أحمد .
( 4 ) في المصدر و ( م ) عن هيثم بن بشير عن أبى بشير عن أبى روح ( 5 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 262 .
( 6 ) في المصدر : افترى على امى .
( 7 ) في المصدر : ولكن .
( 8 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 263 .
( 9 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 489 .

[314]

89 كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن مرداس ، عن سعدان ابن مسلم ، عن بعض أصحابنا ، عن الحارث بن حصيرة قال : مررت بحبشي وهو يستقي ( 1 ) بالمدينة وإذا هو أقطع فقلت له : من قطعك ؟ فقال : قطعني خير الناس ، إنا اخذنا في سرقة ونحن ثمانية نفر ، فذهب بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقررنا بالسرقة ، فقال لنا : تعرفون أنها حرام ؟ قلنا : نعم ، فأمر بنا فقطعت أصابعنا من الراحة وخليت الابهام ، ثم أمربنا فحبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن والعسل حتى برأت أيدينا ، فأخرجنا ( 2 ) وكسانا فأحسن كسوتنا ، ثم قال لنا : إن تتوبوا وتصلحوا فهو خير لكم ، يلحقكم الله بأيديكم في الجنة ، وإن لا تفعلوا يلحقكم الله بأيديكم في النار ( 3 ) .
90 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد ابن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في رجل جاء به رجلان وقالا : إن هذا سرق درعا ، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة ، وجعل يقول : والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله ما قطع يدي أبدا ، قال : ولم ؟ قال : يخبره ربه أني برئ فيبرؤني ببراءتي ، فلما رأى مناشدته إياه دعا الشاهدين وقال : اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما ، وناشدهما ثم قال : ليقطع أحدكما يده ويمسك الآخر يده ، فلما تقدما إلى المصطبة ( 4 ) ليقطع يده ضرب الناس حتى اختلطوا ، فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس ( 5 ) حتى اختلطا بالناس ، فجاء الذي شهدا عليه فقال : يا أميرالمؤمنين شهد علي الرجلان ظلما ، فلما ضرب الناس واختلطوا *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : وهو يستقى .
( 2 ) في المصدر : ثم أمر بنا فاخرجنا .
( 3 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 264 .
( 4 ) المصطبة : مكان ممهد قليل الارتفاع عن الارض يجلس عليه .
( 5 ) أى في جمعهم المتكاثف .

[315]

أرسلاني وفرا ، ولو كانا صادقين لم يرسلاني ، فقال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : من يدلني على هذين أنكلهما ( 19 .
قب : مرسلا مثله ( 2 ) .
91 كا : علي ، عن أبيه قال : أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : اتي أميرالمؤمنين عليه السلام برجل وجد في خربة وبيده سكين ملطخة ( 3 ) بالدم ، وإذا رجل مذبوح يتشحط في دمه ( 4 ) ، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : ما تقول ؟ قال : يا أميرالمؤمنين أنا قتلته ، قال اذهبوا به فأقيدوه ( 5 ) به ، فلما ذهبوا به ليقتلوه به أقبل رجل مسرع ( 6 ) فقال : لا تعجلوا وردوه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، فردوه فقال : والله ياأميرالمؤمنين ماهذا صاحبه أناقتلته ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام للاول ما حملك على إقرارك على نفسك ( 7 ) ؟ فقال : يا أميرالمؤمنين وما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين ملطخة ( 8 ) بالدم و الرجل يتشحط في دمه وأنا قائم عليه ، وخفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة وأخذني البول ، فدخلت الخربة فرأيت الرجل يتشحط في دمه ، فقمت متعجبا ، فدخل علي هؤلاء فأخذوني ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن وقولوا له ( 9 ) : ما الحكم فيهما ، قال : فذهبوا إلى الحسن وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليه السلام : قولوا لاميرالمؤمنين : إن هذا إن كان ذبح ذلك ( 10 ) فقد أحيا هذا ، وقد قال الله عزوجل : ( ومن أحياها *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 264 .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 509 .
( 3 ) في المصدر : ملطخ .
( 4 ) تشحط بالدم : تضرج به .
اضطرب فيه .
( 5 ) في المصدر : فاقتلوه به .
( 6 ) في المصدر : مسرعا .
( 7 ) في المصدر : على نفسك ولم تفعل .
( 8 ) في المصدر : ملطخ .
( 9 ) في المصدر : وقصوا عليه قصتهما وقولوا له .
( 10 ) في المصدر : ذاك .

[316]

فكأنما أحيا الناس جميعا ( 1 ) ) يخلى عنهما ويخرج دية المذبوح من بيت المال ( 2 ) .
92 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبيدالله الحلبي ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن ، فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومر بعدد ( 3 ) ، فمر برجل فنفحه برجله ( 4 ) فقتله ، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه ورفعوه إلى علي عليه السلام ، فأقام صاحب الفرس البينة ( 5 ) أن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل ، فأبطل علي عليه السلام دم صاحبهم ، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن عليا ليس بظلام ولم يخلق للظلم ، إن الولاية لعلي من بعدي والحكم حكمه والقول قوله ، ولا يرد ولايته وقوله وحكمه إلا كافر ، ولا يرضنى ولايته وقوله وحكمه إلا مؤمن ، فلما سمع اليمانيون قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي قالوا : يا رسول الله رضينا بحكم علي وقوله فقال رسول الله : هو توبتكم مما قلتم ( 6 ) .
93 يه : في رواية نضر بن سويد يرفعه أن رجلا حلف أن يزن فيلا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : يدخل الفيل سفينة ثم ينظر إلى موضع مبلغ الماء ( 7 ) من السفينة فيعلم عليه ثم يخرج الفيل ويلقمي في السفينة حديدا أو صفرا أو ماشاء ، فإذا بلغ الموضع الذي علم عليه أخرجه ووزنه ( 8 ) .
94 كا : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن علي الكاتب ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن عبدالله بن أبي شيبة ، عن حريز ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) المائدة : 35 .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 289 و 290 .
( 3 ) في المصدر و ( م ) : ومر يعدو .
( 4 ) نفحت الدابة الرجل : ضربته بحد حافرها .
( 5 ) في المصدر : البينة عند على عليه السلام .
( 6 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 352 و 353 .
( 7 ) في المصدر : يبلغ الماء .
( 8 ) من لا يحضره الفقيه : 319 .

[317]

قال : استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها : لا تدفعيها إلى واحد منا حتى نجتمع عندك ، ثم انطلقا فغابا ، فجاء أحدهما إليها فقال : اعطيني وديعتي فان صاجي قد مات ، فأبت حتى كثر اختلافه ، ثم أعطته ، ثم جاء الآخر فقال : هاتي وديعتي ، فقالت : أخذها صاحبك وذكر أنك قدمت ، فارتفعا إلى عمر ، فقال لها عمر : ما أراك إلا وقد ضمنت ، فقالت المرأة : اجعل عليا بيني وبينه ، فقال عمر : اقض بينهما ، فقال علي عليه السلام : هذه الوديعة عندي ( 1 ) وقد أمرتماها أن لا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعا عندها ، فائتني بصاحبك ، فلم يضمنها ( 2 ) ، وقال عليه السلام : إنما أرادا أن يذهبا بمال المرأة .
( 3 ) .
95 يه : روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان لرجل على عهد علي عليه السلام جاريتان ، فولدتا جميعا في ليلة واحدة إحداهما ابنا والاخرى بنتا ، فعمدت صاحبة الابنة فوضعت ابنتها في المهد الذي فيه الابن ، وأخذت ام الابنة ابنها ، فقالت صاحبة الابنة : الابن ابني ، وقالت صاحبة الابن : الابن ابني فتحاكمتا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، فأمر أن يوزن لبنهما ، وقال : أيتها كان أثقل لبنا فالابن لها ( 4 ) .
أقول : كتبت الاخبار لا سيما اصولنا الاربعة مشحونة بقضاياه صلوات الله عليه وغرائب أحكامه ، فلانطيل الكلام بإيرادها هناك ، وسيأتي كثير منها في أبواب الفروع والاحكام ، وفيما أوردناه كفاية لمن له أدنى فطرة لتفضيله عليه السلام على من تقدم عليه من الجهال الذين كانوا لا يعرفون الحلال من الحرام ولا الشرك من الاسلام .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) قال في مرآة العقول : لعل المراد عندى علمها ، أو افرضوا انها عندى فلا يجوز دفعه إلامع حضوركما : وانما ورى عليه للمصلحة ، ويدل على جواز التورية لامثال تلك المصالح .
( 2 ) أى لم يحكم على عليه السلام بضمان المرأة .
( 3 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 428 و 429 .
( 4 ) من لا يحضره الفقيه : 320 .
وفيه : أيتهما كانت اثقل لبنا .

[318]


باب 98 : زهده وتقواه وورعه عليه السلام  

1 سن : أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن علي بن هارون ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن أبي أيوب الانصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله زينك بزينة لم تزين العباد ( 1 ) بشئ أحب إلى الله منها ، ولا أبلغ عنده منها ، الزهد في الدنيا وإن الله قد أعطاك ذلك ، جعل الدنيا لا تنال منك شيئا وجعل لك من ذلك سيماء تعرف بها ( 2 ) .
2 يج : من أعلامه عليه السلام قوله : واعلم أن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ( 3 ) يسد فورة جوعه بقرصيه ، لا يطعم الفلذة في حوله إلا في ستة اضحية ( 4 ) ولن تقدروا على ذلك ، فأعينوني بورع واجتهاد ، وكأني بقائلكم يقول : إذا كان قوت ابن أبي طالب هذا قعد به الضعف عن مبارزة الاقران ومنازعة الشجعان ! والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ولا بحركة غذائية ولكني أيدت بقوة ملكية ونفس بنور بارئها مضيئة ( 5 ) .
ومنها أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر إذا فكر فيه المفكر ولم يدر أنه كلام علي عليه السلام لا يشك أنه كلام من لا شغل له بغير العبادة *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : لم يزين العباد .
( 2 ) المحاسن : 291 .
( 3 ) الطمر : الثوب الخلق .
( 4 ) في ( م ) : الافى سنة اضحيته .
( 5 ) مأخود من رسالته عليه السلام إلى عثمان بن حنيف وهو عامله على البصرة .
راجع النهج ( عبده ط مصر ) 2 : 72 .

[319]

ولاحظ له في غير الزهادة ، وهذه من مناقبه العجيبة التي جمع بها بين الاضداد ( 1 ) .
بيان : الفلذة بالكسر : القطعة من الكبد واللحم .
3 قب : المعروفون من الصحابة بالورع : علي وأبوبكر وعمر وابن مسعود وأبوذر وسلمان وعمار والمقداد وعثمان بن مظعون وابن عمار ، ومعلوم أن أبابكر توفي وعليه لبيت مال المسلمين نيف وأربعون ألف درهم ، وعمر مات وعليه نيف و ثمانون ألف درهم ، وعثمان مات وعليه ما لايحصى كثرة ، وعلي صلوات الله عليه مات وما ترك إلا سبعمائة درهم فضلا عن عطائه أعدها لخادم ، وقد ثبت من زهده أنه لم يحفل بالدنيا ( 2 ) ولا بالرئاسة فيها دون أن انعكف على غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وتجهيزه ، وقول اولئك : منا أمير ومنكم أمير إلى أن تقمصها أبوبكر ، و قال الله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( 3 ) ) .
وقد قال تعالى : ( للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا ( 4 ) ) الآية ، واجتمعت الامة على أنه من فقراء المهاجرين ، وأجمعوا على أن أبابكر كان غنيا .
وكان عليه السلام جلي الصفحة ، نقي الصحيفة ، ناصح الجيب ، ( 5 ) نقي الذيل عذب المشرب ، عفيف المطلب ، لم يتدنس بحطام ، ولم يتلبس بآثام ، وقد شهد النبي صلى الله عليه وآله بزهده بقوله صلى الله عليه وآله : علي لا يرزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منه .
أمالي الطوسي في حديث عمار : يا علي إن الله قد زينك بزينة لم تزين العباد ( 6 ) بزينة أحب إلى الله منها ، زينك بالزهد في الدنيا وجعلك لا ترزأ منها شيئا ولا ترزأ منك شيئا ، ووهب لك ( 7 ) حب المساكين ، فجعلك ترضى بهم أتباعا و *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) لم نجده في الخرائج المطبوع .
( 2 ) يقال : ما حفله وما حفل به أى لم يبال به ولم يهتم له .
( 3 ) سورة الحجرات : 13 .
( 4 ) سورة الحشر : 8 .
( 5 ) الصفحة : الصدر .
الصحيفة : الوجه .
والناصح : الخالص .
( 6 ) في المصدر : لم يزين العباد .
( 7 ) في المصدر : ووهبك .

[320]

يرضون بك إماما .
( 1 ) بيان : قال الجزري : فيه ( مارزأنا ( 2 ) من مالك شيئا ) أي ما نقصنا منه شيئا ولا أخذنا .
( 3 ) 4 قب : اللؤلؤيان : ( 4 ) قال عمر بن عبدالعزيز : ما علمنا أحدا كان في هذه الامة أزهد من علي بن أبي طالب عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله .
قوت القلوب : قال ابن عيينة : أزهدالصحابة علي بن أبي طالب عليه السلام .
سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا ( 5 ) ) هو علقمة بن الحارث بن عبدالدار ( وأما من خالف مقام ربه ( 6 ) ) علي بن أبي طالب عليه السلام خاف فانتهى عن المعصية ونهى عن الهوى نفسه ( فإن الجنة هي المأوى ) خاصالعلي عليه السلام ومن كان على منهاجه هكذا عاما .
قتادة ، عن الحسن ، عن ابن عباس في قوله : ( إن للمتقين مفازا ( 7 ) ) هو علي بن أبي طالب عليه السلام سيدمن اتقى عن ارتكاب الفواحش ، ثم ساق التفسير إلى قوله : ( جزاء من ربك ( 8 ) ) لاهل بيتك خاصا لهم وللمتقين عاما .
تفسير أبي يوسف : يعقوب بن سفيان ، عن مجاهد وابن عباس ( إن المتقين في ظلال وعيون ( 9 ) ) من اتقى الذنوب علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 302 و 303 .
( 2 ) بتقديم المهملة على المعجمة .
( 3 ) النهاية 2 : 78 .

-بحار الانوار مجلد: 36 من ص 320 سطر 19 الى ص 328 سطر 18 ( 4 ) كذا في النسخ .
وفى المصدر ، اللؤلؤيات .
( 5 ) سورة النازعات : 37 و 38 .
( 6 ) سورة النازعات : 40 .
( 7 ) سورة النبأ : 31 .
( 8 ) سورة النبأ : 36 .
( 9 ) سورة المرسلات : 41 .