[111]
عليه السلام فقال : ( 1 ) أيها الناس أتأمروني أن أطلب العدل بالجور فيمن وليت
عليه ؟ والله لا يكون ( 2 ) ما سمر السمير وما رأيت في السماء نجما ، والله لو كان مالي
دونهم لسويت بينهم كيف وإنما هو مالهم ، ثم قال : أيها الناس ليس لواضع المعروف
في غير أهله إلا محمدة اللئام وثناء الجهال ، فإن زلت بصاحبه النعل فشر خدين و
شر خليل ( 3 ) .
21 - قب : حمزة بن عطاء ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " هل يستوي هو
ومن يأمر بالعدل ( 4 ) " قال : هو علي بن أبي طالب عليه السلام يأمر بالعدل " وهو على
صراط مستقيم " وروى نحوا منه أبوالمضا عن الرضا عليه السلام .
فضائل أحمد قال علي عليه السلام : أحاج الناس يوم القيامة بتسع : بإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والعدل في الرعية ، و
القسم بالسوية ، والجهاد في سبيل الله ، وإقامة الحدود وأشباهه .
الفائق إنه بعث العباس بن عبدالمطلب وربيعة بن الحارث ابنيهما الفضل
ابن العباس وعبدالمطلب بن ربيعة يسألانه أن يستعملهما على الصدقات ، فقال علي :
والله لا نستعمل منكم أحدا على الصدقة ، فقال ربيعة : هذا أمرك ، نلت صهر رسول
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 111 سطر 15 الى ص 119 سطر 15
الله صلى الله عليه وآله فلم نحسدك عليه ، فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال : أنا أبوالحسن
القرم ، والله لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتمابه ، قال صلى الله عليه وآله :
إن هذه الصدقة أوساخ الناس ، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ، قال الزمخشري
الحور : الخيبة ( 5 ) .
بيان : قال في النهاية : في حديث علي عليه السلام : " أنا أبوالحسن القرم " أي المقدم
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ثم قال .
( 2 ) : لا يكون ذلك اه .
( 3 ) مستطرفات السرائر ما رواه أبان بن تغلب .
( 4 ) سورة النحل : 76 .
( 5 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 312 .
( * )
[112]
في الرأي ، والقرم : فحل الابل ، أي أنا فيهم بمنزلة الفحل في الابل .
قال الخطابي :
وأكثر الروايات " القوم " بالواو ، ولا معنى له ، وإنما وهو بالراء أي المقدم في
المعرفة وتجارب الامور ( 1 ) .
قوله عليه السلام : ( لا أريم ) أي لا أبرح ولا أزول عن
مكاني .
وقال أيضا في النهاية : في حديث علي عليه السلام " حتى يرجع إليكما ابناكما
بحور ما بعثتمابه " أي بجواب ذلك ، يقال : كلمته فمارد إلي حورا أي جوابا ،
وقيل : أراد به الخيبة ( 2 ) .
22 - قب : نزل بالحسن بن علي عليهما السلام ضيف ، فاستقرض من قنبر رطلا من
العسل الذي جاء [ به ] من اليمن ، فلما قعد علي عليه السلام ليقسمها قال : يا قنبر قد
حدث في هذا الزق حدث ، قال : صدق فوك ، وأخبره الخبر ، فهم بضرب الحسن
عليه السلام فقال : ما حملك على أن أخذت منه قبل القسمة ؟ قال : إن لنافيه حقا ، فإذا
أعطيتناه رددناه ، قال : فداك أبوك وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك
قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم ، لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل ثنيتك
لاوجعتك ( 3 ) ضربا ، ثم دفع إلى قنبر درهما وقال : اشتربه أجود عسل يقدر عليه ( 4 )
قال الراوي : فكأني أنظر إلى يدي علي عليه السلام على فم الزق وقنبر يقلب العسل فيه
ثم شده ويقول : اللهم اغفرها للحسن فإنه لا يعرف ( 5 ) .
بيان : هذا الخبر إنما رواه من طرق المخالفين ونحن لا نصححه ، وعلى
تقدير صحته يحتمل أن يكون أخذه عليه السلام قبل القسمة مع كون حقه فيها
مكروها .
23 - قب : فضائل أحمد : أم كلثوم : ياباصالح لو رأيت أمير المؤمنين عليه السلام
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) النهاية 3 : 246 .
( 2 ) 1 : 269 .
( 3 ) في المصدر : لاوجعنك .
( 4 ) : تقدر عليه .
( 5 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 312 .
( * )
[113]
وأتي بأترج ، فذهب الحسن أو الحسين يتناول أترجة ، فنزعها من يده ثم أمر
به فقسم بين الناس .
إن رجلا من خثعم رأي الحسن والحسين عليهما السلام يأكلان خبزا وبقلا وخلا
فقلت لهما ( 1 ) : أتأكلان من هذا وفي الرحبة ما فيها ؟ فقالا : ماأغفلك عن أمير المؤمنين
عليه السلام !
عن زاذان إن قنبرا قدم إلى أميرالمؤمنين عليه السلام جامات من ذهب وفضة في
الرحبة وقال : إنك لا تترك شيئا إلا قسمته ، فخبأت لك هذا ، فسل سيفه وقال :
ويحك لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا ، ثم استعرضها بسيفه فضربها حتى انتثرت
من بين إناء مقطوع بضعة وثلاثين ، وقال : علي بالعرفاء ، فجاؤوا ، فقال : هذا
بالحصص وهو يقول :
هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه
جمل أنساب الاشراف أنه أعطته الخادمة في بعض الليالي قطيفة ، فأنكر
دفأها ( 2 ) فقال : ماهذه ؟ قالت الخادمة : هذه من قطف الصدقة ، قال : أصرد تمونا ( 3 )
بقية ليلتنا .
وقدم عليه عقيل فقال للحسن : اكس عمك ، فكساه قميصا من قمصه ورداء
من أرديته ، فلما حضر العشاء فإذا هو خبز وملح ، فقال عقيل : ليس إلا ما أرى ؟
فقال : أوليس هذا من نعمة الله وله الحمد كثيرا ، فقال : أعطني ما أقضي به ديني
وعجل سراحي حتى أرحل عنك ، قال : فكم دينك يا أبا يزيد ؟ قال : مائة ألف
درهم ، قال : لا والله ما هي عندي ولا أملكها ، ولكن اصبر حتى يخرج عطائي فاواسيكه
ولولا أنه لابد للعيال من شئ لاعطيتك كله ، فقال عقيل : بيت المال في يدك
وأنت تسوفني إلى عطائك ؟ وكم عطاؤك ؟ وما عساه يكون ولو أعطيتنيه كله ؟
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في النسخ وفي المصدر : فقال لهما .
( 2 ) الدفء : نقيض حدة البرد .
( 3 ) صرد الرجل : كان قويا على احتمال البرد .
[114]
فقال : ما أنا وأنت فيه إلابمنزلة رجل من المسلمين ، وكانا يتكلمان فوق قصر الامارة
مشرفين على صناديق أهل السوق فقال له علي : إن أبيت يا با يزيد ما أقول فانزل
إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه ، فقال : وما في هذه الصناديق ؟
قال : فيها أموال التجار ، قال : أتأمرني أن أكسر صناديق قدم قد توكلوا على الله
وجعلوا فيها أموالهم ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين
فاعطيك أموالهم وقد توكلوا على الله وأقفلوا عليها ؟ وإن شئت أخذت سيفك
وأخذت سيفي وخرجنا جميعا إلى الحيرة ، فإن بها تجارا مياسير ، فدخلنا على
بعضهم فأخذنا ماله ، فقال : أوسارقا جئت ؟ قال : تسرق من واحد خير من أن تسرق
عن المسلمين جميعا ، قال له : أفتأذن لي أن أخرج إلى معاوية ؟ فقال له : قد أذنت
لك ، قال : فأعني على سفري هذا ، فقال : يا حسن أعط عمك أربعمائة درهم ، فخرج
عقيل وهو يقول :
سيغنيني الذي أغناك عني * ويقضي ديننا رب قريب
وذكر عمرو بن علاء ( 1 ) أن عقيلا لما سأل عطاءه من بيت المال قال له
أميرالمؤمنين عيه السلام : تقيم إلى يوم الجمعة ، فأقام فلما صلى أمير المؤمنين الجمعة
قال لعقيل : ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين ؟ قال : بئس الرجل ذاك ، قال : فأنت
تأمرني أن أخوان هؤلاء وأعطيك .
ومن خطبة له عليه السلام : ولقد رأيت عقيلا وقد أملق ( 2 ) حتى استماحني من
بركم صاعا .
وعاودني في عشر وسق من شعيركم يقضمه ( 3 ) جياعه ، وكاد يطوي
ثالث أيامه خامصا ما استطاعه ، ولقد رأيت أطفاله شعث الالوان من ضرهم كأنما
اشمأزت وجوههم من قرهم ( 4 ) .
فلما عاودني في قوله وكر ره أصغيت إليه سمعي .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : عمرو بن عاد .
( 2 ) أملق : انفق ماله حتى افتقر .
أملق الدهر ماله : أذهبه وأخرجه من يده .
( 3 ) قضمه : كسرء بأطراف أسنانه فأكله .
( 4 ) القر - بضم القاف - البرد .
( * )
[115]
فغره وظنني اوتغ ديني ( 1 ) وأتبع ما أسره أحميت له حديدة لينزجر إذلا يستطيع
مسها ولا يصبر ، ثم أدنيتها من جسمه ، فضج من ألمه ضجيج دنف يئن من سقمه
وكاد يسبني سفها من كظمه ولحرقه في لظى ادني له من عدمه ، فقلت له : ثكلتك
الثواكل يا عقيل أتئن من أذى ولا أئن من لظى ( 2 ) ؟
وعن أم عثمان أم ولد علي قالت : جئت عليا وبين يديه قرنفل مكتوب ( 3 )
في الرحبة ، فقلت : يا أمير المؤمنين هب لابنتي من هذا القرنفل قلادة ، فقال : هاك
ذا .
ونفذ بيده إلي درهما - فإنما هذا للمسلمين أولا ، فاصبري حتى يأتينا حظنا
منه ، فنهب لابنتك قلادة .
وسأله عبدالله بن زمعة مالا فقال : إن هذا المال ليس لي ولا لك ، وإنما
هو فئ للمسلمين وجلب أسيافهم ، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم ، و
إلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم .
وجاء إليه عاصم بن ميثم وهو يقسم مالا ، فقال : يا أمير المؤمنين إني شيخ
كبير مثقل ، قال : والله ما هو بكد يدي ولا بتراثي عن والدي ، ولكنها أمانة أو عيتها
ثم قال : رحم الله من أعان شيخا كبيرا مثقلا .
تاريخ الطبري وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام عن ابن مردويه أنه لما أقبل من
اليمن يعجل ( 4 ) إلى النبي صلى الله عليه وآله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه
فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي عليه السلام
فلما دنا جيشه خرج علي عليه السلام ليتلقاهم فإذا هم عليهم الحلل ! فقال : ويلك ما
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) أوتغ دينه : أفسده .
( 2 ) الخطبة في نهج البلاغة مع اختلافات ، راجع ج 1 : 479 و 480 .
( 3 ) القرنفل : ثمر شجرة كاليا سمين .
نبات بستانى طيب الرائحة .
واكتتب القربة ونحوها :
خرزها بسيرين .
والظاهر أن نساء العرب كانت تتزين به .
وفي ( ك ) " مكتوب " ويأتي
معناه في البيان .
( 4 ) في المصدر : تعجل .
( * )
[116]
هذا ؟ قال : كسوتهم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس ، قال : ويلك من قبل أن
تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : فانتزع الحلل من الناس وردها في البز ( 1 ) وأظهر
الجيش شكاية لما صنع بهم .
ثم روي عن الخدري أنه قال : شكا الناس عليا ، فقام
رسول الله خطيبا فقال : [ يا ] أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لخشن في ذات
الله .
وسمعت مذاكرة أنه دخل عليه عمرو بن العاص ليلة وهو في بيت المال فطفئ
السراج وجلس في ضوء القمر ، ولم يستحل أن يجلس في الضوء بغير استحقاق ( 2 ) .
ومن كلام له فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان : والله لو وجدته قد
تزوج به النساء وملك به الاماء لرددته ، فإن في العدل سعة ، ومن ضاق عليه
العدل فالجور عليه أضيق .
ومن كلام له لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان : دعوني والتمسوا
غيري ، فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان ، لا يقوم لها القلوب ولا يثبت عليه
العقول ، وإن الآفات قد أغامت ( 3 ) والمحجة قد تنكرت ، واعلموا أني إن
أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب .
وفي رواية عن أبي الهيثم بن التيهان وعبدالله بن أبي رافع أن طلحة والزبير
جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر ، قال : فما كان
يعطيكما رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فسكتا ، قال : أليس كان رسول الله يقسم بالسوية بين
المسلمين ؟ قالا : نعم ، قال : فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بالاتباع عندكم أم سنة عمر ؟ قالا :
سنة رسول الله صلى الله عليه وآله يا أمير المؤمنين لنا سابقة وعناء وقرابة ، قال : سابقتكما أسبق
أم سابقتي ؟ قالا : سابقتك ، قال : فقرابتكما أم قرابتي قالا : قرابتك ، قال :
فعناؤكما أعظم من عنائي ؟ قالا : عناؤك ، قال : فوالله ما أنا وأجيري هذا إلا بمنزلة
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) البز : الثياب من الكتان او القطن .
( 2 ) في المصدر : من غير استحقاق .
( 3 ) أى أحاطت من كل جهة كالغيم .
( * )
[117]
واحدة - وأومأ بيده إلى الاجير - .
كتاب ابن الحاشر بإسناده إلى مالك بن أوس بن الحدثان في خبر طويل أنه
قام سهل بن حنيف فأخذ بيد عبده فقال : يا أمير المؤمنين قد أعتقت هذا الغلام
فأعطاه ثلاثة دنانير مثل ما أعطى سهل بن حنيف .
وسأله بعض مواليه مالا فقال : يخرج عطائي فأقاسمكه ، فقال : لا أكتفي
وخرج إلى معاوية فوصله ، فكتب إلى أمير المؤمنين يخبره بما أصاب من المال ، فكتب
إليه أمير المؤمنين عليه السلام : أما بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك ، و
هو سائر إلى أهل من بعدك ، فإنما لك ما مهدت لنفسك ، فآثر نفسك على أحوج
ولدك ، فإنما أنت جامع لاحد رجلين : إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت
وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له ، وليس من هذين أحد بأهل أن
تؤثره على نفسك ، ولا تبرد له على ظهرك ، فارج لمن مضى رحمة الله ، وثق لمن بقي
برزق الله ( 1 ) .
بيان : [ قال الفيروز آبادي : أحين القوم : حان لهم ما حاولوه ( 2 ) .
وقال :
الكثب : الجمع والصب ( 3 ) .
وقال : أغامت السماء : ظهر فيها الغيم ( 4 ) ] وقال :
برد حقي : وجب ولزم .
24 - قب : حكيم بن أوس كان علي عليه السلام يبعث إلينا بزقاق العسل فيقسم
فينا ، ثم يأمر أن يلعقوه ، وأتي إليه بأحمال فاكهة ، فأمر ببيعها وأن يطرح ثمنها
في بيت المال .
سعيد بن المسيب : رأيت عليا بنى للضوال مربدا ، فكان يعلفها علفا لا يسمنها
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 312 - 315 .
( 2 ) القاموس 4 : 218 .
( 3 ) 1 : 121
( 4 ) 4 : 158 .
( * )
[118]
ولا يهزلها من بيت المال ، فمن أقام عليها بينة أخذه وإلا أقرها على حالها ( 1 ) .
بيان : المربد كمنبر : الموضع الذي يحبس فيه الابل والغنم .
25 - قب : عاصم بن ميثم أنه أهدي إلى علي عليه السلام سلال خبيص له خاصة
فدعا بسفرة فنثره عليه ، ثم جلسوا حلقتين يأكلون .
أبوحريز إن المجوس أهدوا إليه يوم النيروز جامات من فضة فيها سكر
فقسم السكر بين أصحابه وحسبها من جزيتهم ، وبعث إليه دهقان بثوب منسوخ
بالذهب ، فابتاعه منه عمرو بن حريث بأربعة آلاف درهم إلى العطاء .
الحلية وفضائل أحمد : عاصم بن كليب عن أبيه أنه قال : أتي علي بمال من
إصفهان ، وكان أهل الكوفة أسباعا ، فقسمه سبعة أسباع ، فوجد فيه رغيفا فكسره
بسبعة كسر ، ثم جعل على كل جزء كسرة ، ثم دعا امراء الاسباع فأقرع بينهم .
فضائل أحمد إنه رأى حبلا في بيت المال فقال : أعطوه الناس ، فأخذه بعضهم .
مجالس ابن مهدي إنه تخاير غلامان في خطيهما إلى الحسن ، فقال : انظر
[ ماذا ] تقول فإنه حكم ، وكان عليه السلام قوالا للحق ، قواما بالقسط ، إذا رضي لم
يقل غير الصدق ، وإن سخط لم يتجاوز جانب الحق ( 2 ) .
16 - شى : عن ابن نباتة قال : بينما علي عليه السلام يخطب يوم جمعة على المنبر
فجاء الاشعث بن قيس يتخطى رقاب الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين [ حالت ] الخملاء
بيني وبين وجهك ، قال : فقال علي عليه السلام : مالي وما للضياطرة ؟ أطرد قوما
غدوا أول النهار يطلبون رزق الله ، وآخر النهار ذكروا الله ، أفأطردهم فأكون
كالظالمين ( 3 ) .
بيان : قال الجزري : في حديث علي عليه السلام : " من يعذرني من هؤلاء الضياطرة "
هم الضخام الذين لاغناء عندهم الواحد : ضيطار ، والياء زائدة ( 4 ) .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 315 .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 315 و 316 .
( 3 ) تفسير العياشي 1 : 360 وفي ( خ ) و ( م ) : فأكون من الظالمين .
( 4 ) النهاية 3 : 19 .
( * )
[119]
27 - كشف : عن الحافظ عبدالعزيز ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قال الحسين عليه السلام : جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام يسعى بقوم ، فأمرني
أن دعوت له قنبرا ، فقال له علي عليه السلام اخرج إلى هذا الساعي فقل له : قد أسمعتنا
ماكره الله تعالى فانصرف في غير حفظ الله تعالى .
ومن كتاب ابن طلحة روي أن سودة بنت عمارة الهمدانية دخلت على معاوية
بعد موت علي ، فجعل يؤنبها ( 1 ) على تحريضها عليه أيام صفين ، وآل أمره إلى
أن قال : ما حاجتك ؟ قالت : إن الله مسائلك عن أمرنا وما افترض عليك من حقنا
ولا يزال يتقدم ( 2 ) علينا من قبلك من يسمو بمكانك ويبطش بقو : سلطانك ، فيحصدنا
حصيد السنبل ويدوسنا دوس الحرمل ، يسومنا الخسف ( 3 ) ويذيقنا الحتف ، هذا
بشر بن أرطاة قدم علينا فقتل رجالنا ، وأخذ أموالنا ، ولولا الطاعة لكان فينا عز و
منعة ، فإن عزلته عنا شكرناك وإلا كفرناك ، فقال معاوية : إياي تهد دين بقومك
يا سودة ؟ لقد هممت أن أحملك على قتب أشوس فأردك إليه فينفذ فيك حكمه
فأطرقت سودة ساعة ثم قالت :
صلى الاله على روح تضمنها * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا -
قد حالف الحق لا يبغى به بدلا * فصار بالحق والايمان مقرونا
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 119 سطر 16 الى ص 127 سطر 16
فقال معاوية : من هذا يا سودة ؟ قالت : هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
والله لقد جئته في رجل كان قد ولاه صدقاتنا فجار علينا ، فصادفته قائما يصلي ،
فلما رآني انفتل من صلاته ثم أقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف ، وقال : ألك
حاجة ؟ قلت : نعم ، فأخبرته الخبر ، فبكى ثم قال : اللهم أنت الشاهد علي و
عليهم ، وأني لم آمرهم بظلم خلقك ( 4 ) ، ثم أخرج قطعة جلد فكتب فيها :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) أنبه : عنفه ولامه .
( 2 ) في المصدر و ( خ ) : يقدم .
( 3 ) الحرمل : نبات كالسمسم .
وسامه خسفا : أذله .
( 4 ) في المصدر بعد ذلك : ولا بترك حقك - ( * )
[120]
" بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان
ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن
كنتم مؤمنين ، فإذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملنا حتى يقدم عليك
من يقبضه منك ، والسلام " .
ثم دفع الرقعة إلي ، فوالله ما ختمها بطين ولا خزنها ، ( 1 ) فجئت بالرقعة إلى
صاحبه ( 2 ) فانصرف عنا معزولا ، فقال معاوية : اكتبو لها كما تريد ، واصرفوها
إلى بلدها غير شاكية ( 3 ) .
بيان : قوله : ( أشوس ) الشوس : النظر بمؤخر العين تكبرا وغيظا ، وهو
لا يناسب المقام ، ولعله تصحيف " أشرس " يقال : رجل أشرس أي عسر شديد الخلاف ،
والشرس بالكسر ما صغر من الشوك .
قولها : ( قد حالف الحق ) أي صار حليفه وحلف
أن لا يفارقه .
28 - إرشاد القلوب : دخل ضرار بن ضمرة الليثي على معاوية ، فقال له :
صف لي عليا ، فقال : أو تعفيني ( 4 ) من ذلك ، فقال : لا أعفيك ، فقال : كان والله
بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ،
وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل
ووحشته ، كان والله غريز العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفيه ، ( 5 ) ويخاطب نفسه ،
ويناجي ربه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله فينا كأحدنا
يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه وكان ( 6 ) مع دنوه منا وقربنا منه لا نكلمه
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ولا خزمها
( 2 ) في ( ك ) إلى صاحبها .
( 3 ) كشف الغمة : 50 .
( 4 ) في المصدر : أولا تعفينى .
( 5 ) : يقلب كفه
( 6 ) : وكنا .
( * )