[ 11 ]

قسمك فإنه بأعلى الوادي ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها : إنما جئت يا أم هانئ تشكين عليا فإنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله ، شكر الله لعلي سعيه ، وأجرت من أجارت أم هانئ لمكانها من علي بن أبي طالب عليه السلام ( 1 ) .

باب 101 : عبادته وخوفه عليه السلام  

1 - لى : عبدالله بن النضر التميمي ، عن جعفر بن محمد المكي ، عن عبدالله ابن إسحاق المدائني ، عن محمد بن زياد ، عن مغيرة ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال : كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان ، فقال أبوالدرداء : يا قوم ألا اخبركم بأقل القوم مالا وأكثرهم ورعا وأشدهم اجتهادا في العبادة ؟ قالوا : من ؟ قال : أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، قال : فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه ثم انتدب له رجل من الانصار فقال له : يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها ، فقال أبوالدرداء : يا قوم إني قائل ما رأيت وليقل كل قوم منكم مارأوا ، شهدت علي بن أبي طالب بشويحطات النجار ، وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه واستتر بمغيلات النخل ، فافتقدته وبعد على مكانه ، فقلت : لحق بمنزله ، فاذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول : " إلهي كم من موقبة حلمت عن مقابلتها بنقمتك ( 2 ) ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك ، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك ، ولا أنا براج غير رضوانك " فشغلني الصوت واقتفيت الاثر ، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 638 .
( 2 ) في المصدر : كم من موقبة حملت عنى فقابلتها بنعمتك .
( * )

[ 12 ]

بعينه ، فاستترت له وأخملت الحركة ، فركع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى ، فكان مما به الله ناجاه أن قال : " إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي " ثم قال : " آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها ، فتقول : خذوه ، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشريته ، ولا تنفعه قبيلته ، يرحمه الملا إذا أذن فيه بالنداء " ثم قال : " آه من نار تنضج الاكباد والكلى ( 1 ) ، آه من نار نزاعة للشوى ، آه من غمرة من ملهبات ( 2 ) لظى " .
قال : ثم أنعم ( 3 ) في البكاء فلم أسمع له حسا ولا حركة ، فقلت : غلب عليه النوم لطول السهر ، اوقظه لصلاة الفجر ، قال أبوالدرداء : فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة ، فحركته فلم يتحرك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : " إنالله وإنا إليه راجعون " مات والله علي بن أبي طالب قال : فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم ، فقالت فاطمة عليها السلام : يا أباالدرداء ماكان من شأنه ومن قصته ؟ فأخبرتها الخبر ، فقالت : هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله ، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ، ونظر إلي وأنا أبكي ، فقال : مما بكاؤك يا أبا الدرداء ؟ فقلت : مما أراه تنزله بنفسك ، فقال : يا أبا الدرداء فكيف ولو رأيتني ودعي بي إلى الحساب وأيقن أهل الجرائم بالعذاب .
واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبار ، قد أسلمني الاحباء ورحمني أهل الدنيا ، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية ، فقال أبوالدرداء : فوالله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ( 4 ) .
بيان : انتدب له أي أجابه والشوحط : شجر يتخذ منه القسي ، والغيلة *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) جمع الكلية .
( 2 ) في المصدر : من لهبات خ ل .
( 3 ) أنعم الرجل : أفضل وزاد .
وفي المصدر : انغمر .
( 4 ) أمالى الصدوق : 48 و 49 .
( * )

[ 13 ]

بالكسر : الشجر الكثير الملتف والمغيال : الشجرة الملتفة الافنان الوارقة الظلال وقد أغيل الشجر وتغيل واستغيل ، وفي بعض النسخ " ببعيلات النخل " جمع بعيل مصغر البعل ، وهو كل نخاع وشجر لا يسقى ، والذكر من النخل ، والغابر : الماضي والباقي .
ضد .
2 - ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبيه ، عن إبراهيم بن الحكم ، عن الحارث بن حصيرة ، عن عمران بن الحصين قال : كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام جالس إلى جنبه ، إذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارضءإله مع الله قليلا ما تذكرون ( 1 ) " قال : فانتفض علي عليه السلام انتفاض العصفور ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما شأنك تجزع ؟ فقال : ومالي لا أجزع والله يقول : إنه يجعلنا خلفاء الارض ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : لا تجزع والله لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ( 2 ) .
3 - لى : سمع رجل من التابعين أنس بن مالك يقول : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه " ( 3 ) قال الرجل : فأتيت عليا لانظر إلى عبادته ، فأشهد بالله لقد أتيته وقت المغرب فوجدته يصلي بأصحابه المغرب ، فلما فرغ منها جلس في التعقيب إلى أن قام إلى عشاء الآخرة ، ثم دخل منزله فدخلت معه ، فوجدته طول الليل يصلي ويقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر ، ثم جدد وضوءة وخرج إلى المسجد وصلى بالناس صلاة الفجر ، ثم جلس في التعقيب إلى أن طلعت الشمس ، ثم قصده الناس فجعل يختصم إليه رجلان ، فإذا فرغا قاما واختصم آخرآن ، إلى أن قام إلى صلاة الظهر ، قال : فجدد لصلاة الظهر وضوء ثم صلى بأصحابه الظهر ، ثم قعد في *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة النمل : 62 .
( 2 ) أمالى الطوسى : 47 .
( 3 ) سورة الزمر : 9 .
( * )

[ 14 ]

التعقيب إلى أن صلى بهم العصر ، ثم أتاه الناس ، فجعل يقوم رجلان ويقعد آخران يقضي بينهم ويفتيهم إلى أن غابت الشمس ، فخرجت وأنا أقول : أشهد بالله أن هذه الآية نزلت فيه ( 1 ) .
4 نهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار ( 2 ) .
أقول : قال ابن ميثم : أي لانه مستحق للعبادة .
وقال عليه السلام في موضع آخر : إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعا في ثوابك ، ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك .
5 - قب : ابن بطة في الابانة وأبوبكر بن عياش في الامالي ، عن أبي داود عن السبيعي ، عن عمران بن حصين قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وعلي إلى جنبه ، إذ قرأ النبي صلى الله عليه وآله هذه الآية " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض ( 3 ) " قال : فارتعد علي عليه السلام فضرب النبي صلى الله عليه وآله على كتفيه وقال : مالك يا علي قال : قرأت يا رسول الله هذه الآية فخشيت أن أبتلي بها ، فأصابني ما رأيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة ( 4 ) .
6 - لى : ابن المتوكل ، عن محمد بن العطار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن يونس بن ظبيان ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة قال : دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان فقال له : صف لي عليا ، قال : أو تعفيني ، فقال : لابل صفه لي ، قال ضرار : رحم الله عليا *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) أمالى الصدوق : 169 و 170 .
( 2 ) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) 2 : 192 .
( 3 ) سورة النمل : 62 .
( 4 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 309 .
( * )

[ 15 ]

كان والله فينا كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، ويقربنا إذا زرناه لا يغلق له دوننا باب ، ولايحجبنا عنه حاجب ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 15 سطر 3 الى ص 23 سطر 3 لا نكلمه لهيبته .
ولا نبتديه لعظمته ، فإذا تبسم فمن مثل اللؤلؤ المنظوم ، فقال معاوية : زدني في صفته ، فقال ضرار : رحم الله عليا كان والله طويل السهاد ( 1 ) قليل الرقاد ، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ، ويجود لله بمهجته ، ويبوء إليه بعبرته ، لا تغلق له الستور ، ولايدخر عنا البدور ، ولا يستلين الاتكاء ولا يستخشن الجفاء ولو رأيته إذ مثل في محرابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول : يا دنيا أبي تعرضت ( 2 ) أم إلي تشوقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك أبنتك ثلاثا لارجعة لي عليك ، ثم يقول : واه واه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق ، قال : فبكى معاوية وقال : حسبك يا ضرار ، كذلك والله كان علي ، رحم الله أبا الحسن ( 3 ) .
بيان : البدور جمع البدرة .
والسدول جمع السدل ، وهو الستر ، شبه ظلم الليل بالاستار المسدولة .
وتململ : تقلب والسليم : من لدغته الحية .
أقول : سيأتي في مكارم أخلاق علي بن الحسين عن الباقر عليهم السلام أنه قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام ، كان له خمسمائة نخلة ، فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين .
7 - ب : الطيالسي ، عن ابن بكير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان علي عليه السلام قد اتخذ بيتا في داره ليس بالكبير ولا بالصغير ، وكان إذا أراد أن يصلي من آخر الليل أخذ معه صبيا لا يحتشم منه ، ثم يذهب معه إلى ذلك البيت فيصلي ( 4 ) .
8 - يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبي الحسن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سهد : أرق ولم ينم .
( 2 ) في المصدر و ( م ) : ألى تعرضت .
( 3 ) أمالى الصدوق : 371 .
( 4 ) قرب الاسناد : 75 .
( * )

[ 16 ]

الموصلي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء حبر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته ؟ فقال : ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره ، قال : وكيف رأيته ؟ قال : ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ( 1 ) .
9 - ل : أبي ، عن سعد ، عن أيوب بن نوح ، عن الربيع بن محمد المسلمي ، عن عبد الاعلى ، عن نوف قال : بت ليلة عند أمير المؤمنين عليه السلام فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السماء ويتلو القران ، قال : فمر بي بعد هدء من الليل ( 2 ) فقال : يانوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت : بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين ، قال : يانوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، أولئك الذين اتخذوا الارض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن دثارا ، والدعاء شعارا ، وقرضوا من الدنيا تقريضا على منهاج عيسى بن مريم ، إن الله عزوجل أوحى إلى عيسى بن مريم : قل للملاء من بني إسرائيل : لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة ، وأكف نقية ، وقل لهم : اعلموا أني غير مستجيب لاحد منكم دعوة ولاحد من خلقي قبله مظلمة ، الخبر ( 3 ) .
نهج : عن نوف مثله إلى قوله : عيسى بن مريم ( 4 ) .
10 - قب : الباقر عليه السلام في قوله تعالى : " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " قال : ذاك أمير المؤمنين وشيعته " فلهم أجر غير ممنون ( 5 ) " .
محمد بن عبدالله بن الحسن عن آبائه ، والسدي عن أبي مالك عن ابن عباس ومحمد الباقر عليه السلام في قوله تعالى : " ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ( 6 ) " والله لهو *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) التوحيد : 96 و 97 .
( 2 ) الهدء - بضم الهاء وفتحها - : الهزيع من الليل ، يقال " أتانا بعد هدء من الليل " أى هزيع وبعد ماهدا الناس أى ناموا .
( 3 ) الخصال 1 : 164 .
( 4 ) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) 2 : 165 .
( 5 ) سورة التين : 6 .
( 6 ) سورة فاطر : 32 .
( * )

[ 17 ]

علي بن أبي طالب عليه السلام .
السدي وأبوصالح وابن شهاب عن ابن عباس في قوله تعالى : " ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ( 1 ) " قال : يبشر محمد بالجنة عليا وجعفر أو عقيلا وحمزة وفاطمة والحسن والحسين " الذين يعملون الصالحات " قال : الطاعات .
قوله : " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( 2 ) " علي وحمزة وعبيدة بن الحارث " كالمفسدين في الارض " عتبة وشيبة والوليد .
وكان يصوم النهار ويصلي بالليل ألف ركعة ، وعمر طريق مكة ، وصام مع النبي صلى الله عليه وآله سبع سنين ، وبعده ثلاثين سنة ، وحج مع النبي صلى الله عليه وآله عشر حجج ، وجاهد في أيامه الكفار وبعد وفاته البغاة ، وبسط الفتاوى ، وأنشأ العلوم ، وأحيا السنن ، وأمات البدع .
أبويعلى في المسند أنه قال : ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي صلى الله عليه وآله صلاة الليل نور ، فقال ابن الكواء : ولا ليلة الهرير ؟ قال : ولا ليلة الهرير .
إبانة العكبري : سليمان بن المغيرة عن أمه قالت : سألت أم سعيد سرية علي عن صلاه علي في شهر رمضان ، فقالت : رمضان وشوال سواء ، يحيي الليل كله .
وفي تفسير القشيري أنه كان عليه السلام إذا حضر وقت الصلاة تلون وتزلزل ، فقيل له : مالك ؟ فيقول : جاء وقت أمانة عرضها الله تعالى على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الانسان في ضعفي ( 3 ) ، فلا أدري احسن إذا ما حملت أم لا .
وأخذ زين العابدين بعض صحف عباداته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ .
أنس بن مالك قال : لما نزلت الآيات الخمس في طس " أم من جعل الارض *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الاسراء : 9 .
سورة الكهف : 2 .
( 2 ) سورة ص : 28 .
( 3 ) في ضعفه ظ .
( * )

[ 18 ]

قرارا ( 1 ) " انتفض علي انتفاض العصفور فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : مالك يا علي ؟ قال : عجبت يا رسول الله من كفرهم وحلم الله تعالى عنهم فمسحه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده ثم قال : ابشر فانه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق ، ولولا أنت لم يعرف حزب الله ( 2 ) .
11 - كتاب البيان لابن شهر آشوب : وكيع والسدي عن ابن عباس : اهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ناقتان عظيمتان ، فجعل إحداهما لمن يصلي ركعتين لايهم فيهما بشئ من أمر الدنيا ، ولم يجبه أحد سوى علي عليه السلام فأعطاه كلتيهما ] ( 3 ) .
12 - م : لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وقد غص مجلسه بأهله ، فقال : أيكم اليوم أنفق ( 4 ) من ماله ابتغاء وجه الله ؟ فسكتوا ، فقال علي عليه السلام : أنا خرجت ومعي دينار اريد أشتري به دقيقا ( 5 ) فرأيت المقداد بن أسود وتبينت ( 6 ) في وجهه أثر الجوع ، فناولته الدينار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وجبت ، ثم قام آخر فقال : قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي ، جهزت رجلا وامرأة يريدان طريقا ولا نفقة لهما ، فأعطيتهما ألف درهم ( 7 ) فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله مالك قلت لعلي : " وجبت " ولم تقل لهذا وهو أكثر صدقة ؟ فقال رسول الله : أما رأيتم ملكا يهدي خادمه إليه ( 8 ) هدية خفيفة فيحسن موقعها ويرفع محل صاحبها ، ويحمل إليه من عند خادم آخر هدية عظيمة فيردها ويستخف بباعثها ؟ قالوا : بلى ، قال : فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله سادا خلة فقير مؤمن ، وصاحبكم الآخر أعطى ما أعطى معاندة *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة النمل : 60 - 64 .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 323 - 325 .
( 3 ) مخطوط .
( 4 ) في المصدر : انفق اليوم .
( 5 ) كذا في النسخ والمصدر ، ولعله مصحف " رغقيفا " .
( 6 ) في المصدر : وبينت .
( 7 ) : ألفى درهم .
( 8 ) في المصدر : خادم له إليه .
( * )

[ 19 ]

لاخي رسول الله ( 1 ) ، يريد به العلو على علي بن أبي طالب عليه السلام فأحبط الله عمله وصيره وبالا عليه ، أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا أو لؤلؤا ( 2 ) لم يزدد بذلك من رحمة الله إلا بعدا ، ولسخط الله تعالى إلا قربا ، وفيه ولوجا واقتحاما .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأيكم اليوم دفع عن أخيه المؤمن بقوته ( 3 ) قال علي عليه السلام : أنا مررت في طريق كذا ، فرأيت فقيرا من فقراء المؤمنين قد تناوله أسد فوضعه تحته وقعد عليه ، والرجل يستغيث بي من تحته ، فناديت الاسد : خل عن المؤمن ، فلم يخل ، فتقدمت إليه فركلته ( 4 ) برجلي ، فدخلت رجلي في جنبه الايمن وخرجت من جنبه الايسر ، فخر الاسد صريعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وجبت ، هكذا يفعل الله بكل من آذى ذلك وليا ، يسلط الله عليه في الآخرة سكاكين النار وسيوفها ، يبعج ( 5 ) بها بطنه ويحشى نارا ، ثم يعاد خلقا جديدا أبد الآبدين ودهر الداهرين .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وأيكم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن ؟ فقال علي عليه السلام : أنا ، قال : صنعت ماذا ؟ قال : مررت بعمار بن ياسر وقد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهما كانت له عليه ، فقال عمار : يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله يلازمني ( 6 ) ولا يريد إلا إيذائي وإذلالي لمحبتي لكم أهل البيت .
فخلصني منه بجاهك ، فأردت أن اكلم له اليهودي فقال : يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أجللك ( 7 ) في قلبي وعيني ، .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : أعطى ما أعطى نظيرا له ومعاندة على أخى رسول الله .
( 2 ) : ذهبا وفضة ولؤلؤا .
( 3 ) : فايكم دفع اليوم عن أخيه المؤمن بقوته ضررا .
( 4 ) ركله : ضربه برجل واحدة يقال " ركل الفرس " اى ضربه برجله ليعدو ( 5 ) بعج البطن : شقه .
( 6 ) في المصدر : هذا يلازمنى .
( 7 ) : انك أجل .
وفي ( خ ) و ( م ) : أنا اجلك .

[ 20 ]

من أن أبذلك ( 1 ) لهذا الكافر ولكن اشفع لي إلى من لا يردك عن طلبه ، فلو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها ( 2 ) كأطراف السفرة لفعل ، فاسأله أن يعينني على أداء دينه ويغنيني عن الاستدانة ، فقلت : اللهم افعل ذلك به ثم قلت له : اضرب إلى مابين يديك من شئ حجرا أو مدرا ، فإن الله يقلبه لك ذهبا إبريزا ، فضرب يده فتناول حجرا فيه أمنان ، فتحول في يده ذهبا ، ثم أقبل على اليهودي فقال : وكم دينك ؟ قال : ثلاثون درهما ، قال : فكم قيمتها من الذهب ؟ قال : ثلاثة دنانير ، فقال عمار : اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر ذهبا لين لي هذا الذهب لافضل قدر حقه ، فألانه الله عزوجل له ، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه ، ثم جعل ينظر إليه وقال : اللهم إني سمعتك تقول : " إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى ( 3 ) " ولا اريد غنى يطغيني ، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا ، فعاد حجرا فرماه من يده وقال : حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك يا أخا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله تعجبت ملائكة السماوات من فعله ، وعجت إلى الله تعالى بالثناء عليه ، فصلوات الله من فوق عرضه يتوالى عليه ، فأبشريا أبا اليقظان فإنك أخو علي في ديانته ، ومن أفاضل أهل ولايته ، ومن المقتولين في محبته ، تقتلك الفئة الباغية ، وآخر زادك من الدنيا صاع من لبن ، ويلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين ، فأنت من خيار شيعتي .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأيكم أدى زكاته اليوم ؟ قال علي عليه السلام : أنا يا رسول الله ، فأسر المنافقون في اخريات المجلس بعضهم إلى بعض يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي منه الزكاة ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتدري ما يسر هؤلاء المنافقون في آخريات المجلس ؟ قال علي عليه السلام : بلى ، قد أوصل الله تعالى إلى اذني مقالتهم يقولون : وأي مال لعلي حتى يؤدي زكاته ؟ كل مال يغنم من يومنا هذا إلى *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : من أن أذلك .
( 2 ) أى أن يصيرها الله .
( 3 ) سورة العلق : 6 و 7 .
( * )