[201]

لكنك نكثت واستبدلت وبعت دينك ، قال ( 1 ) أبوبكر : اقتلوها فقد ارتدت فقتلت ، وكان علي عليه السلام في ضيعة له بوادي القرى ، فلما قدم وبلغه قتل أم فروة فخرج إلى قبرها ( 2 ) ، وإذا عند قبرها أربعة طيور بيض مناقيرها حمر ، في منقار كل واحد حبة رمان وهي تدخل في فرجة في القبر ، فلما نظر الطيور إلى علي عليه السلام رفرفن وقرقرن ، فأجابهن بكلام يشبه كلامهن ، قال : أفعل إن شاء الله ، ووقف عند قبرها ومديده إلى السماء وقال : يا محيي النفوس بعد الموت ويا منشئ العظام الدارسات أحي لنا أم فروة واجعلها عبرة لمن عصاك ، فإذا بهاتف ( 3 ) : امض لامرك يا أمير المؤمنين ، وخرجت أم فروة متلحفة بريطة ( 4 ) خضراء من السندس الاخضر وقالت : يا مولاي أراد ابن أبي قحافة أن يطفئ نورك فأبى الله لنورك إلا ضياء ، و بلغ أبابكر وعمر ذلك فبقيا ( 5 ) متعجبين ، فقال لهما سلمان : لو أقسم أبوالحسن على الله أن يحيى الاولين والآخرين لاحياهم ، وردها أمير المؤمنين عليه السلام إلى زوجها ، وولدت غلامين له وعاشت بعد علي ستة أشهر ( 6 ) .
14 - يج : روى الرضا عليه السلام بإسناده عن علي عليه السلام أنه كان في مجلسه و الناس حوله إذا وافى رجل من العرب ، فسلم عليه وقال : لي على رسول الله وعد وقد سألت عن منجز وعده فارشدت إليك ، أهو حاصل لي ؟ قال عليه السلام : ما هو ؟ قال : مائة ناقة حمراء ، قال لي : إن أنا قبضت فأت قاضي ديني وخليفتي من بعدي فإنه يدفعها إليك وما كذبني ، فإن يكن ما ادعيته حقا فعجل ، فقال علي عليه السلام لابنه الحسن : قم يا حسن ، فنهض إليه فقال له : اذهب فخذ قضيب رسول الله صلى الله عليه وآله الفلاني *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : وبعت بدينك بدنياك ، فقال اه .
( 2 ) : إلى منزلها .
( 3 ) : فاذا بهاتف يقول .
( 4 ) الريطة - بفتح الراء وسكون الياء - : كل ثوب يشبه الملحفة .
الكفن .
( 5 ) في المصدر : فصارا .
( 6 ) الخرائج والجرائح : 82 .
( * )

[202]

وصر إلى البقيع ، فاقرع به الصخرة الفلانية ثلاث قرعات وانظر ما يخرج منها فادفعه إلى الرجل وقل له : يكتم ما يرى ، فصار الحسن عليه السلام إلى الموضع والقضيب معه ، ففعل ما امر به ، فطلع من الصخرة رأس ناقة بزمامها ، فجذب مائة ناقة ، ثم انضمت الصخرة فدفع النوق إلى الرجل وأمره بكتمان ما يرى ، فقال الاعرابي : صدق رسول الله وصدق أبوك ( 1 ) .
15 - يج : روي أن أسودا دخل على علي عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين إني سرقت فطهرني ، فقال : لعلك سرقت من غير حرز ، ونحى رأسه عنه ( 2 ) ، فقال : يا أمير المؤمنين سرقت من حرز فطهرني ، فقال عليه السلام : لعلك سرقت غير نصاب ، و نحى رأسه عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين سرقت نصابا ، فلما أقر ثلاث مرات قطعة أمير المؤمنين عليه السلام فذهب وجعل يقول في الطريق : قطعني أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين و يعسوب الدين وسيد الوصيين ، وجعل يمدحه ، فسمع ذلك منه الحسن والحسين عليهما السلام وقد استقبلاه ( 3 ) ، فدخلا على أمير المؤمنين عليه السلام وقالا : رأينا أسوادا يمدحك في الطريق ، فبعث أمير المؤمنين عليه السلام من أعاده إلى عنده ، فقال عليه السلام : قطعتك وأنت تمدحني ؟ فقال يا أميرالمؤمنين : إنك طهرتني وإن حبك قد خالط لحمي وعظمي ( 4 ) ، فلو قطعتني إربا إربا لما ذهب حبك من قلبي ، فدعا له أمير المؤمنين عليه السلام ووضع المقطوع إلى موضعه فصح و صلح كما كان ( 5 ) .
16 - يج : روي عن سعد بن خالد الباهلي ( 6 ) أن رسول الله صلى الله عليه وآله اشتكى و *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 2 ) في المصدر : من غير حرز يجاوز الله عنه .
( 3 ) في ( ك ) : وقد استقبلا .
( 4 ) في المصدر : لحمى ودمى .
( 5 ) الخرائج والجرائح : 85 .
( 6 ) في المصدر : روى عن سعيد بن أبي خالد الباهلى قال اه .
( * )

[203]

كان محموما ، فدخلنا عليه مع علي عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألمت بي ام ملدم فحسر علي يده اليمنى وحسر رسول الله صلى الله عليه وآله يده اليمنى ، فوضعها ( 1 ) علي على صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : يا ام ملدم اخرجي فإنه عبدالله ورسوله ، قال : فرأيت رسول الله استوى جالسا ثم طرح عنه الازار وقال : يا علي إن الله فضلك بخصال ، ومما فضلك به أن جعل الاوجاع مطيعة لك ، فليس من شئ تزجره إلا انزجر بإذن الله ( 2 ) .
17 - يج : روي أن خارجيا اختصم مع آخر إلى علي عليه السلام فحكم بينهما ( 3 ) فقال الخارجي : لا عدلت في القضية ، فقال عليه السلام : اخسأ ياعدو الله ، فاستحال كلبا وطار ثيابه في الهواء ، فجعل يبصبص وقد دمعت عيناه ، فرق له علي ودعا ( 4 ) فأعاده الله إلى حال الانسانية ، وتراجعت ثيابه من الهواء إليه ، فقال علي عليه السلام : إن آصف وصي سليمان ، فقص الله ( 5 ) عنه بقوله : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ( 6 ) " أيهما أكرم على الله نبيكم أم سليمان ؟ فقيل : ما حاجتك في قتال معاوية إلى الانصار ؟ قال : إنما أدعو على هؤلاء بثبوت الحجة وكمال المحنة ، ولو أذن لي في الدعاء بهلاكه لما تأخر ( 7 ) .
18 - يج : روي أن قصابا كان يبيع اللحم من جارية إنسان وكان يحيف عليها فبكت وخرجت ، فرأت عليا عليه السلام فشكته إليه ، فمشى ( 8 ) معها نحوه ودعاه إلى الانصاف في حقها ويعظه ويقول له : ينبغي أن يكون الضعيف عندك بمنزلة القوي *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فحسر على يده اليمنى فوضعها على صدر .
( 2 ) الخرائج والجرائح : 86 .
( 4 ) في المصدر : فحكم بينهما بحكم .
( 3 ) : ودعا الله .
( 5 ) : فقال عليه السلام : آصف وصى سليمان قص الله عنه .
( 6 ) سورة النمل : 40 ( 7 ) الخرائج والجرائح : 86 و 87 .
( 8 ) في المصدر : فمضى .
( * )

[204]

فلا تظلم الجارية ( 1 ) ، ولم يكن القصاب يعرف عليا ، فرفع يده وقال : اخرج أيها الرجل ، فانصرف عليه السلام ولم يتكلم بشئ ، فقيل للقصاب : هذا علي بن أبي طالب عليه السلام فقطع يده وأخذها وخرج إلى أمير المؤمنين عليه السلام معتذرا ، فدعاله عليه السلام فصلحت يده ( 2 ) .
19 - قب ، شا : روى الوليد بن الحارث وغيره عن رجالهم أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بلغه ما فعل ( 3 ) بسر بن أرطاة باليمن قال : اللهم إن بسرا قد باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله ولا تبق من دينه ما يستوجب به عليك رحمتك ، فبقي بسر حتى اختلط ، وكان يدعو بالسيف فاتخذ له سيف من خشب وكان يضرب به حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال : السيف السيف ، فيدفع إليه فيضرب به فلم يزل كذلك حتى مات ( 4 ) .
20 - شا : إسماعيل بن عمير ، عن مسعر بن كدام ، عن طلحة بن عميرة قال : نشد علي عليه السلام ( 5 ) في قول النبي صلى الله عليه وآله : " من كنت مولاه فعلي مولاه " فشهد اثنا عشر رجلا من الانصار ، وأنس بن مالك في القوم لم يشهد ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : يا أنس ! قال : لبيك ، قال : ما يمنعك أن تشهد وقد سمعت ما سمعوا ؟ قال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت ! فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض - أو بوضح - لاتواريه العمامة ، قال طلحة : فأشهد بالله لقد رأيتها بيضا بين عينيه ( 6 ) .
يج : عن طلحة مثله ( 7 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فلا تظلم الناس .
( 2 ) الخرائج والجرائح : 123 .
( 3 ) في الارشاد : ما صنعه .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 434 .
الارشاد : 152 .
وما رواه مطابق له .
( 5 ) في المصدر : نشد على عليه السلام الناس .
( 6 ) الارشاد : 166 و 167 .
( 7 ) لم نجده في الخرائج .
( * )

[205]

21 - شا : روى أبوإسرائيل ، عن الحكم بن أبي سلمان المؤذن ، عن زيد ابن أرقم قال : نشد علي عليه السلام ( 1 ) في المسجد فقال : أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقام اثنا عشر بدريا ستة من الجانب الايمن وستة من الجانب الايسر فشهدوا بذلك ، فقال زيد بن أرقم : وكنت أنا فيمن سمع ذلك فكتمته ، فذهب الله ببصري ، وكان يندم على ما فاته من الشهادة ويستغفر الله ( 2 ) .
يج : عن زيد مثله ( 3 ) .
22 - شا : روى عن ابن محسن ( 4 ) [ مسهر خ ل ] عن الاعمش ، عن موسى بن طريف عن عباية بن موسى ( 5 ) بن أكيل النميري ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية ، وموسى الوجيهي عن المنهال بن عمرو ، عن عبدالله بن الحارث وعثمان بن سعيد وعبدالله بن بكير ، عن حكيم بن جبير قال ( 6 ) : شهدنا عليا أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر يقول : أنا عبدالله وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وورثت نبي الرحمة ونكحت سيدة نساء أهل الجنة ، و أنا سيد الوصيين وآخر أوصياء النبيين ، لا يدعي ذلك غيري إلا أصابه الله بسوء ، فقال رجل من عبس كان جالسا بين القوم : من لا يحسن أن يقول هذا ؟ أنا عبدالله وأخو رسول الله ، فلم يبرح من مكانه حتى تخبطه الشيطان ، فجر برجله إلى باب المسجد ، فسألنا قومه ( 7 ) هل تعرفون به عارضا قبل هذا ؟ قالوا اللهم لا ( 8 ) .
قب : الاعمش ، عن رواته ، عن حكيم بن جبير وعن عقبة الهجري ، عن عمته *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : نشد على عليه السلام الناس .
( 2 ) الارشاد : 167 .
( 3 ) لم نجده في الخرائج .
( 4 ) في المصدر : روى عن على بن مسهر .
( 5 ) : عن عباية وموسى اه .
( 6 ) : قالوا .
( 7 ) : فسألنا قومه عنه فقلنا اه .
( 8 ) الارشاد 167 .
( * )

[206]

وعن أبي يحبى قال : شهدت عليا عليه السلام إلى آخر ما مر ( 1 ) .
يج : عن حكيم بن جبير وجماعة مثله ( 2 ) .
23 - قب : عبدالله بن مسعود قال : لا تتعرضوا لدعودة علي فإنها لا ترد .
الاعثم في الفتوح : إن عليا عليه السلام رفع يده إلى السماء وهو يقول : اللهم إن طلحة بن عبدالله ( 3 ) أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي ، اللهم فعاجله ولا تمهله ، اللهم وإن الزبير [ بن ] العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي وهو يعلم أنه ظالم لي فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت .
تاريخ الطبري قال أمير المؤمنين عليه السلام : ومن العجب انقياد هما لابي بكر و عمر وخلافهما علي ، والله إنهما يعلمان أني لست بدون رجل ممن قد مضى ، اللهم فاحلل ما عقدا ولا تبرم ما أحكما في أنفسهما وأرهما المساءة فيما قد عملا .
فضائل العشرة وأربعين الخطيب روى زاذان أنه كذبه رجل في حديثه .
فقال عليه السلام : أدعو عليك إن كنت كذبتني أن يعمي الله بصرك ؟ قال : نعم ، فدعا عليه فلم ينصرف حتى ذهب بصره .
تاريخ البلاذري وحلية الاولياء كتب أصحابنا عن جابر الانصاري أنه استشهد أمير المؤمنين عليه السلام أنس بن مالك والبراء بن عازب والاشعث وخالد بن يزيد قول النبي صلى الله عليه وآله : " من كنت مولاه فعلي مولاه " فكتموا ، فقال لانس : لا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة ، وقال للاشعث : لا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك ، وقال لخالد : لا أماتك الله إلا ميته الجاهلية ( 4 ) ، وقال للبراء : لا أماتك الله إلاحيث هاجرت ، فقال جابر : والله لقد رأيت أنسا وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره ، ورأيت الاشعث وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول : الحمد *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 477 .
( 2 ) لم نجده في الخرائج المطبوع .
( 3 ) الصحيح : طلحة بن عبيدالله .
( 4 ) في المصدر و ( ت ) : إلا ميتة جاهلية .
( * )

[207]

لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بالعمى في الدنيا ولم يدع علي في الآخرة فاعذب ، وأما خالد فإنه لما مات دفنوه في منزله ، فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل والابل فعقرتها على باب منزله ، فمات ميتة جاهلية ، وأما البراء فإنه ولى من جهة معاوية باليمن فمات بها .
ومنها كان هاجر وهي السراة .
ودعا عليه السلام على رجل في غزاة بني زبيد وكان في وجهه خال فتغشى ( 1 ) في وجهه حتى اسود لها وجهه كله .
وقوله عليه السلام لرجل : إن كنت كاذبا فسلط الله عليك غلام ثقيف ، قالوا : وما غلام ثقيف ؟ قال : غلام لا يدع لله حرمة إلا انتهكها ، وأدرك الرجل الجاج فقتله .
وحكم عليه السلام بحكم ، فقال المحكوم عليه : ظلمت والله يا علي ، فقال : إن كنت كاذبا فغير الله صورتك ، فصار رأسه رأس خنزير .
وذكر الصاحب في رسالة الفرا ( 2 ) عن أبي العيناء أنه لقي جد أبي العيناء الاكبر أمير المؤمنين عليه السلام فأساء مخاطبته ، فدعا عليه وعلى أولاده بالعمى ، فكل من عمي من أولاده فهو صحيح النسب .
ويقال : إنه عليه السلام دعا على وابصة بن معبد الجهني - وكان من أهل الصفة بالرقة - لما قال له : فتنت أهل العراق وجئت تفتن أهل الشام ؟ - بالعمى ( 3 ) والخرس والصمم وداء السوء ، فأصابه في الحال .
والناس إلى اليوم يرجمون المنارة التي كان يؤذن عليها .

-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 207 سطر 19 الى ص 215 سطر 18 أبوهاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية أن عليا عليه السلام دعا على ولد العباس بالشتات ، فلم يروا بني ام أبعد قبورا منهم ، فعبد الله بالمشرق ، ومعبد بالمغرب ، وقثم بمنفعة الرواح ، وثمامة بالارجوان ، ومتمم بالخازر ، وفي ذلك يقول كثير : *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر و ( م ) : فتفشى .
( 2 ) في المصدر : في رسالته الغراء .
( 3 ) متعلق بقوله : دعا .
( * )

[208]

دعا دعوة ربه مخلصا * فيالك عن قاسم ما أبرا دعا بالنوى فتناءت بهم * معارفة الدار برا وبحرا فمن مشرق ظل ثاو به * ومن مغرب منهم ما أضرا فضائل العشرة وخصائص العلوية : قال ابن مسكين : مررت أنا وخالي أبو امية على دار في دور حي من مراد ، فقال : أترى هذه الدار ؟ قلت : نعم ، قال : فإن عليا عليه السلام مربها وهم يبنونها فسقطت عليه قطعة فشجته ، فدعا أن لا يتم بناؤها ، فما وضعت عليها لبنة ، قال : فكنت تمر عليها لا تشبه الدور .
وفي حديث الطرماح بن عدي وصعصعة بن صوحان أن أمير المؤمنين عليه السلام اختصم إليه خصمان ، فحكم لاحدهما على الآخر ، فقال المحكوم عليه : ما حكمت بالسوية ولا عدلت في الرعية ولا قضيتك عند الله بالمرضية ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اخسأ يا كلب ، فجعل ( 1 ) في الحال يعوي .
ولما قال : " ألا وإني أخو رسول الله وابن عمه ، ووارث علمه ومعدن سره و عيبة ذخره ، ما يفوتني ما عمله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا ما طلب ، ولا يعزب ( 2 ) علي مادب ودرج ، وما هبط وما عرج ، وما غسق وانفرج ، وكل ذلك مشروح لمن سأل مكشوب لمن وعا " قال هلال بن نوفل الكندي في ذلك وتعمق إلى أن قال : فكن يا ابن أبي طالب بحيث الحقائق ، واحذر حلول البوائق ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام هب إلى سقر ، فوالله ما تم كلامه حتى صار في سورة الغراب الابقع - يعني الابرص - .
وأصاب دعاؤه عليه السلام على جماعة منهم زيد بن أرقم فإنه قد عمي ، وبلعاء بن قيس فإنه برص .
عبدالله بن أبي رافع سمعته يقول : اللهم أرحني منهم ، فرق الله بيني و بينكم ، أبدلني الله بهم خيرا منهم وأبدلهم شرا مني ، فما كان إلا يومه حتى قتل .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فكان .
( 2 ) : ولا يغرب .
( * )

[209]

وفي رواية : اللهم إنني قد كرهتهم وكرهوني ، ومللتهم وملوني ، فأرحني وأرحهم فمات تلك الليلة .
وممن دعا له عليه السلام : أم عبدالله بن جعفر قالت : مررت بعلي وأنا حبلى فدعاني فمسح على بطني وقال : اللهم اجعله ذكرا ميمونا مباركا ، فولدت غلاما .
انتباه الخركوشي أن أمير المؤمنين عليه السلام سمع في ليلة الاحرام مناديا باكيا فأمر الحسين عليه السلام بطلبه ، فلما أتاه وجد شابا يبس نصف بدنه ، فأحضره فسأله علي عليه السلام عن حاله ، فقال : كنت رجلا ذا بطر ، وكان أبي ينصحني ، فكان يوما في نصحه إذ ضربته ، فدعا علي بهذا الموضع وأنشأ شعرا ، فلما تم كلامه يبس نصفي ، فندمت وتبت وطيبت قلبه ، فركب على بعير ليأتي بي إلى ههنا ويدعولي فلما انتصف البادية نفر البعير من طيران طائر ومات والدي ، فصلى علي عليه السلام أربعا ثم قال : قم سليما ، فقام صحيحا فقال : صدقت لو لم يرض عنك لما سمعت .
وسمع ضرير دعاء أمير المؤمنين عليه السلام : " اللهم إني أسألك يا رب الارواح الفانية ، ورب الاجساد البالية ، أسألك بطاعة الارواح الراجعة إلى أجسادها ، و بطاعة الاجساد الملتئمة إلى أعضائها ، وبانشقاق القبور عن أهلها ، وبدعوتك الصادقة فيهم ، وأخذك بالحق بينهم إذا برز الخلائق ينتظرون قضاءك ويرون سلطانك و يخافون بطشك ويرجون رحمتك يوم لايغني مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم ( 1 ) ، أسألك يا رحمن أن تجعل النور في بصري ، و اليقين في قلبي وذكرك بالليل والنهار على لساني أبدا ما أبقيتني ، إنك على كل شئ قدير " قال : فسمعها الاعمى وحفظها ورجع إلى بيته الذي يأويه ، فتطهر للصلاة وصلى ، ثم دعا بها ، فلما بلغ إلى قوله : " أن تجعل النور في بصري " ارتد الاعمى بصيرا بإذن الله .
عقد المغربي أن عمر أراد قتل الهرمزان فاستسقى ، فأتي بقدح فجعل ترعد يده فقال له في ذلك فقال : إني خائف أن تقتلني قبل أن أشربه ، فقال : اشرب ولا بأس *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : انه هو البر الرحيم .
( * )

[210]

عليك ، فرمى القدح من يده فكسره ، فقال : ما كنت لاشربه أبدا وقد آمنتني ، فقال : قاتلك الله لقد أخذت أمانا ولم أشعر به ، وفي رواياتنا أنه شكا ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فدعا الله تعالى فصار القدح صحيحا مملوءا من الماء ، فلما رأى الهرمزان المعجز أسلم .
واستجابة الدعوات المتواترات من الآيات الباهرات في خلق الله المستمرة في العادات التي لا يغيرها إلا لخطب عظيم وإقامة حق يقين ، وذلك خصوصية للانبياء والائمة عليهم السلام ( 1 ) .
24 - قب : الباقر عليه السلام : مرض رسول الله صلى الله عليه وآله مرضة ، فدخل علي عليه السلام المسجد فإذا جماعة من الانصار ، فقال لهم : أيسركم أن تدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قالوا : نعم ، فاستأذن لهم فدخلوا ، فجاء علي عليه السلام وجلس عند رأس رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرج يده من اللحاف وبين صدر رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا الحمى تنفضه نفضا شديدا فقال : يا أم ملدم اخرجي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وانتهرها ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وليس به بأس ، فقال : يا ابن أبي طالب لقد اعطيت من خصال الخير حتى أن الحمى لتفزع منك .
الحاتمي بإسناده عن ابن عباس أنه دخل أسود على أمير المؤمنين عليه السلام و أقرأنه سرق ، فسأله ثلاث مرات قال : يا أمير المؤمنين طهرني فإني سرقت ، فأمر عليه السلام بقطع يده ، فاستقبله ابن الكواء فقال : من قطع يدك ؟ فقال : ليث الحجاز وكبش العراق ، ومصادم الابطال ، المنتقم من الجهال ، كريم الاصل ، شريف الفضل ، محل الحرمين ، وارث المشعرين ، أبوالسبطين ، أول السابقين ، وآخر الوصيين من آل ياسين ، المؤيد بجبرائيل ، المنصور بميكائيل ، الحبل المتين ، المحفوظ بجند السماء أجمعين ، ذلك والله أمير المؤمنين على رغم الراغمين - في كلام له - قال ابن كواء : قطع يدك وتثني عليه ! قال : لو قطعني إربا إربا ما ازددت له إلا حبا فدخل على أمير المؤمنين عليه السلام وأخبره بقصة الاسود ، فقال : يا ابن كواء إن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب 433 - 439 .
( * )