[211]
محبينا لو قطعناهم إربا إربا ماازدادوا لنا إلا حبا ، وإن في أعدائنا من لو ألعقناهم
السمن والعسل ( 1 ) ما ازدادوا منا ( 2 ) إلا بغضا ، وقال للحسن عليه السلام : عليك بعمك
الاسود ، فأحضر الحسن عليه السلام الاسود إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخذ يده ونصبها في
موضعها وتغطى بردائه وتكلم بكلمات يخفيها ، فاستوت يده ، وصار يقاتل بين يدي
أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن استشهد بالنهروان ، ويقال : كمان اسم هذا الاسود أفلح .
وأبين إحدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين ، فأخذ علي عليه السلام
يده وقرأ شيئا وألصقها ، فقال : يا أمير المؤمنين ما قرأت ؟ قال : فاتحة الكتاب قال :
فاتحة الكتاب ! - كأنه استقلها - فانفصلت يده نصفين ، فتركه علي عليه السلام ومضى .
وروى ابن بابويه في كتابه المعروف بالفضائل ( 3 ) وكتاب علل الشرائع أيضا
عن حنان بن سدير عن الصادق عليه السلام في خبر وقد سئل لم أخر أمير المؤمنين عليه السلام
العصر في بابل ؟ قال : إنه لما صلى الظهر التفت إلى جمجمة ملقاة ، فكلمها أمير المؤمنين
عليه السلام فقال : يا أيتها الجمجمة من أين أنت ؟ فقال : أنا فلان ابن فلان ملك
بلد آل فلان ، قال لها أمير المؤمنين عليه السلام : فقصي علي الخبر وما كنت وما كان
في عصرك ، فأقبلت الجمجمة تقص خبرها وما كان في عصرها من شر ، فاشتغل بها
حتى غابت الشمس ، فكلمها بثلاثة أحرف من الانجيل لئلا تفقه العرب كلامه ،
القصة .
وقالت الغلاة : نادى عليه السلام الجمجمة ثم قال : يا جلندي بن كركر أين
الشريعة ؟ فقال : ههنا ، فبنى هناك مسجدا وسمى مسجد الجمجمة ، وجلندي هذا
ملك الحبشة صاحب الفيل الهادم للبيت أبرهة .
وقالت أيضا : إنه عليه السلام نادى لسمكة : يا ميمونة أين الشريعة ؟ فأطلعت رأسها
من الفرات وقالت : من عرف اسمي في الماء لا تخفى عليه الشريعة .
أمالي الشيباني : قال رشيد الهجري : كنت في بعض الطريق مع علي بن
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) العقه العسل : يلحسه ويناوله باصبعه .
( 2 ) في المصدر : ما ازدادوا .
( 3 ) : في كتابه معرفة الفضائل .
[212]
أبي طالب عليه السلام إذا التفت ( 1 ) فقال : يا رشيد أترى ما أرى ؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين
وإنه ليكشف لك من الغطاء ما لا يكشف لغيرك ، قال : إني أرى رجلا في ثبج من
نار يقول : " يا علي استغفرلي " لا غفر الله له ( 2 ) .
بيان : ثبج الشئ بالتحريك : وسطه ومعظمه .
25 - قب : كتاب العلوي البصري أن جماعة من اليمن أتوا النبي صلى الله عليه وآله
فقالوا : نحن من بقايا الملل المتقدمة من آل نوح ، وكان لنبينا وصي اسمه سام
وأخبر في كتابه أن لكل نبي معجزا وله وصي يقوم مقامه ، فمن وصيك ؟ فأشار
صلى الله عليه وآله بيده نحو علي عليه السلام فقالوا : يا محمد إن سألناه أن يرينا سام بن
نوح فيفعل ؟ فقال صلى الله عليه وآله : نعم بإذن الله ، وقال : يا علي قم معهم إلى داخل المسجد
واضرب برجلك الارض عند المحراب ، فذهب علي عليه السلام وبأيديهم صحف إلى أن
دخل إلى محراب رسول الله صلى الله عليه وآله داخل المسجد ، فصلى ركعتين ، ثم قام وضرب
برجله الارض ، فانشقت الارض وظهر لحد وتابوت ، فقام من التابوت شيخ يتلالا
وجهه مثل القمر ليلة البدر ، وينفض التراب من رأسه ، وله لحية إلى سرته ، و
صلى على علي عليه السلام وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله سيد
المرسلين وأنك علي وصي محمد سيد الوصيين ، وأنا سام بن نوح ، فنشروا أولئك
صحفهم فوجدوه كما وصفوه في الصحف ، ثم قالوا : نريد أن تقرأ ( 3 ) من صحفه
سورة ، فأخذ في قراءته حتى تمم السورة ، ثم سلم على علي عليه السلام ونام كماكان
فانضمت الارض ، وقالوا بأسرهم : " إن الدين عندالله الاسلام " وآمنوا ، و
أنزل الله " أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيى الموتى " إلى قوله :
" انيب " ( 4 ) .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : اذا التفت إلى .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 472 - 474 .
( 3 ) في المصدر و ( م ) : أن يقرأ .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 476 .
والاية في سورة الشورى : 9 - 10 .
[213]
26 - كش : عبدالله بن إبراهيم ، عن أبي مريم الانصاري ، عن المنهال بن
عمرو ، عن زر بن حبيش قال : خرج علي بن أبي طالب عليه السلام من القصر ، فاستقبله
ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم ، فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين و
رحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولانا ، فقال علي عليه السلام : من ههنا من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقام خالد بن زيد أبوأيوب وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وقيس
ابن سعد بن عبادة وعبدالله بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا جميعا أنهم سمعوا رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال علي عليه السلام
لانس بن مالك والبراء بن عازب : ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع
القوم ؟ ثم قال : اللهم إن كانا كتماها معاندة فابتلهما ، فعمي البراء بن عازب وبرص
قدما أنس بن مالك ، فأما أنس فحلف ( 1 ) أن لا يكتم منقبة لعلي بن أبي طالب عليه السلام
ولافضلا أبدا ، وأما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال : هوفي موضع كذا
وكذا ، فيقول : كيف يرشد من أصابته الدعوة ( 2 ) .
27 - يل : عن أبي الاحوص ، عن أبيه ، عن عمار الساباطي قال : قدم
أمير المؤمنين عليه السلام المدائن فنزل بأيوان كسرى ، وكان معه دلف بن مجير ، فلما
صلى قام وقال لدلف : قم معي ، وكان معه جماعة من أهل ساباط ، فما زال يطوف
منازل كسرى ويقول لدلف : كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا ، ويقول دلف :
هو والله كذلك ، فما زال كذلك حتى طاف المواضع بجميع من كان عنده ( 3 ) ودلف
يقول : يا سيدي ومولاي كأنك وضعت هذه الاشياء في هذه المساكن ( 4 ) ، ثم نظر
عليه السلام إلى جمجمة نخرة ، فقال لبعض أصحابه : خذ هذه الجمجمة ( 5 ) ، ثم جاء
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فحلف انس بن مالك .
( 2 ) معرفة اخبار الرجال : 30 و 31 .
( 3 ) في المصدر : حتى طاف المواضع وأخبر عن جميع ماكان فيها .
( 4 ) : في هذه الامكنة .
( 5 ) : خذ هذه الجمجمة وكانت مطروحة .
( * )
[214]
عليه السلام إلى الايوان وجلس وفيه ، ودعا بطشت فيه ماء ، فقال للرجل : دع هذه
الجمجمة في الطشت ، ثم قال : أقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت ؟
فقالت الجمجمة بلسان فصيح : أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين
وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شيروان ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : كيف
حالك ؟ قال : يا أمير المؤمنين إني كنت ملكا عادلا شفيقا على الرعايا رحيما ، لا
أرضى بظلم ، ولكن كنت على دين المجوس ، وقد ولد محمد صلى الله عليه وآله في زمان ملكي ،
فسقط من شرفات قصري ثلاثة وعشرون شرفة ليلة ولد ، فهممت أن اؤمن به من كثرة
ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والارض
ومن شرف أهل بيته ، ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك ، فيالها من
نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم اؤمن ( 1 ) ، فأنا محروم من الجنة بعدم ( 2 ) إيماني
به ، ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي
بين الرعية ، وأنا في النار والنار محرمة علي ، فواحسرتاه لو آمنت ( 3 ) لكنت معك
يا سيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ويا أمير امته ( 4 ) ، قال : فبكى الناس ، وانصرف القوم
الذين كانوا ( 5 ) من أهل ساباط إلى أهلهم وأخبروهم بما كان وبما جرى ( 6 ) فاضطربوا
واختلفوا في معنى أميرالمؤمنين ، فقال المخلصون منهم : إن أمير المؤمنين عليه السلام عبدالله
ووليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال بعضهم : بل هو النبي صلى الله عليه وآله ، وقال بعضهم :
بل هو الرب وهو عبدالله ( 7 ) بن سبا وأصحابه ، وقالوا : لولا أنه الرب كيف يحيي
الموتى ؟ قال : فسمع بذلك أمير المؤمنين وضاق صدره ، وأحضرهم وقال : يا قوم غلب
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : حيث لم اؤمن به .
( 2 ) : لعدم .
( 3 ) : لو آمنت به .
( 4 ) : ويا أمير المؤمنين .
( 5 ) : كانوا معه .
( 6 ) : وبما جرى من الجمجمة .
( 7 ) : " وهم مثل عبدالله بن سبا " وفى ( م ) و ( ت ) : وهو مثل عبدالله بن سبا .
[215]
عليكم الشيطان إن أنا إلا عبدالله أنعم علي بإمامته وولايته ووصية رسوله صلى الله عليه وآله ،
فارجعوا عن الكفر ، فأنا عبدالله وابن عبده ، ومحمد صلى الله عليه وآله خير مني ، وهو أيضا عبدالله
وإن نحن إلا بشر مثلكم ، فخرج بعضهم من الكفر وبقي قوم على الكفر مارجعوا
فألح عليهم أمير المؤمنين عليه السلام بالرجوع فما رجعوا ، فأحرقهم بالنار ، وتفرق منهم
قوم في البلاد وقالوا : لولا أن فيه الربوبية ما كان أحرقنا في النار ، فنعوذ بالله من
الخذلان ( 1 ) .
أقول : روى في عيون المعجزات من كتاب الانوار تأليف أبي علي الحسن بن
همام ، عن العباس بن الفضل ، عن موسى بن عطية الانصاري ، عن حسان بن أحمد
الازرق ، عن أبي الاحوص ، عن عمار مثله وزاد في آخره : إن الذين احرقوا و
سحقوا وذروا في الريح أحياهم الله بعد ثلاثة أيام فرجعوا إلى منازلهم .
28 - يل : روى أبورواحة الانصاري عن المغربي قال : كنت مع أمير المؤمنين
عليه السلام وقد أراد حرب معاوية ، فنظر إلى جمجمة في جانب الفرات وقد أتت
عليها الازمنة ، فمر عليها أمير المؤمنين عليه السلام فدعاها فأجابته بالتلبية ، وتد حرجت
بين يديه وتكلمت بكلام فصيح ، فأمرها بالرجوع فرجعت إلى مكانها ( 2 ) ، فلما
فرغ من حرب النهروان أبصرنا جمجمة نخرة بالية ، فقال : هاتوها ، فحركها بسوطه
فقال : أخبريني من أنت ؟ فقير أم غني شقي أم سعيد ملك أم رعية ، فقالت بلسان
فصيح : السلام عليك يا أمير المؤمنين أنا كنت ملكا ظالما وأنا دويز بن هرمز ملك
الملوك ( 3 ) ، فملكت مشارقها ومغاربها سهلها وجبلها برها وبحرها ، أنا الذي أخذت
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 215 سطر 19 الى ص 223 سطر 18
ألف مدينة في الدنيا وقتلت ألف ملك من ملوكها ، يا أمير المؤمنين أنا الذي بنيت
خمسين مدينة وافتضضت خمسمائة ألف جارية بكرا ( 4 ) واشتريت ألف عبد تركي و
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) الفضائل : 74 و 75 .
( 2 ) في المصدر : فرجعت إلى مكانها كما كانت .
( 3 ) " : أنا برويز بن هرمز ملك الملوك كنت ملكا ظالما .
( 4 ) " : وفضضت خمسمائة جارية بكر .
( * )
[216]
ألف أرمني وألف رومي وألف زنجي ، وتزوجت بسبعين من بنات الملوك ، ما ملك
في الارض إلا غلبته وظلمت أهله ، فلما جاءني ملك الموت قال لي : يا ظالم يا طاغي
خالفت الحق ، فتزلزلت أعضائي وارتعدت فرائصي ، وعرض علي أهل حبسي فإذاهم
سبعون ألفا من أولاد الملوك قد شقوا من حبسي ، فلما رفع ملك الموت روحي سكن
أهل الارض من ظلمي ، فأنا معذب في النار أبدا الآبدين ، فوكل الله بي سبعين ألفا
من الزبانية في يد كل منهم ( 1 ) مرزبة من نار لو ضربت بها جبال الارض لاحترقت
الجبال فتد كدكت وكلما ضربني الملك بواحدة من تلك المرازيب اشتعل بي النار
وأحترق ، فيحييني الله تعالى ويعذبني بظلمي على عباده أبد الآبدين ، وكذلك
وكل الله تعالى بعدد كل شعرة في بدني حية تلسعني وعقربا تلدغني ( 2 ) ، فتقول
لي الحيات والعقارب : هذا جزاء ظلمك على عباده ، ثم سكتت الجمجمة ، فبكى جميع
عسكر أمير المؤمنين عليه السلام وضربوا على رؤوسهم وقالوا : يا أمير المؤمنين جهلنا حقك
بعد ما أعلمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما خسرنا حقنا ونصيبنا فيك ، وإلا أنت ما ينقض
منك شئ فاجعلنا في حل مما فرطنا فيك ورضينا بغيرك على مقامك ، فإنا نادمون
فأمر عليه السلام بتغطية الجمجمة ، فعند ذلك وقف ماء النهروان من الجري ، وصعد على
وجه الماء كل سمك وحيوان كان في النهر ، فتكلم واحد منهم مع أمير المؤمنين
عليه السلام ودعا له وشهد له بإمامته ، وفي ذلك يقول بعضهم :
سلامي على زمزم والصفا * سلامي على سدرة المنتهى -
لقد كلمتك لدى النهروان * نهارا جماجم أهل الثرى
وقد بدأت لك حيتانها * تناديك مذعنة بالولا ( 3 )
29 - يل : روي أنه عليه السلام كان يطلب قوما من الخوارج ، فلما بلغ الموضع
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ووكل الله بى سبعين الف الف من الزبانية في يد كل واحد منهم اه .
والزبانية :
الشرط .
وسموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار اليها .
والمرزبة : عصية من حديد .
( 2 ) في المصدر بعد ذلك : وكل ذلك احس به كالحى في دنياه اه .
( 3 ) الفضائل : 75 - 77 .
وفيه : قد بدرت .
( * )
[217]
المعروف اليوم بساباط ( 1 ) أتاه رجل من شيعته وقال : يا أمير المؤمنين أنا من شيعتك
وكان لي أخ وكنت شفيقا عليه ، فبعثه عمر في جنود سعد بن أبي وقاص إلى قتال
أهل المدائن فقتل هنالك ، فأرني ( 2 ) قبره ومقتله ، فأراه إياه ، فمد الرمح وهو
راكب بغلته الشهباء فركز القبر بأسفل الرمح ، فخرج رجل أسمر طويل يتكلم
بالعجمية ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : لم تتكلم بالعجمية وأنت رجل من العرب ؟
قال : إني كنت أبغضك وأوالي أعداءك ، فانقلب لساني في النار ، فقال : يا
أمير المؤمنين رده من حيث جاء فلا حاجة لنا فيه ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام :
ارجع ، فرجع إلى القبر فانطبق عليه ( 3 ) .
30 - يل : قيل : إن أمير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر يوما في البصرة بعد الظفر
بأهلها وقال : أقول قولا لايقوله أحد غيري إلا كان كافرا ، أنا أخو نبي الرحمة
وابن عمه وزوج ابنته وأبوسبطيه ، فقام إليه رجل من أهل البصرة وقال : أنا أقول
مثل قولك هذا ، أنا أخو الرسول وابن عمه ، ثم لم يتم كلامه حتى إذا أخذته
الرجفة ، فما زال يرجف حتى سقط ميتا لعنه الله ( 4 ) .
31 - فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى ابن أبي جعدة قال : حضرت مجلس
أنس بن مالك بالبصرة وهو يحدث ، فقام إليه رجل من القوم وقال : يا صاحب
رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذه الشيمة ( 5 ) التي أراها بك ؟ فأنا حدثني ( 6 ) أبي عن رسول الله
صلى الله عليه وآله أنه قال : البرص والجذام لا يبلي الله به مؤمنا ، قال : فعند
ذلك أطرق أنس بن مالك إلى الارض وعيناه تذرفان بالدموع ، ثم رفع رأسه وقال
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) بليدة معروفة بما وراء النهر على عشرة فراسخ من خجند .
وساباط كسرى قرية كانت
قريبا من المدائن ( مراصد الاطلاع 2 : 680 ) .
( 2 ) في ( م ) : فقتل هناك وأريد أن تحييه لى فأرنى اه .
( 3 ) الفضائل : 70 .
وبين نسخ الكتاب والمصدر اختلافات كثيرة لم نذكرها لعدم الجدوى .
( 4 ) : 102 .
( 5 ) في الصحيح " الشامة " وهى بثرة سوداء في البدن حولها شعر .
( 6 ) في الفضائل : فانى حدثنى .
( * )
[218]
دعوة العبد الصالح علي بن أبي طالب عليه السلام نفذت في ، قال : فعند ذلك قام الناس
حوله ( 1 ) وقصدوه وقالوا : يا أنس حدثنا ما كان السبب ؟ فقال لهم : انتهوا عن
هذا ، فقالوا : لابد من أن تخبرنا بذلك ، فقال : اقعدوا مواضعكم واسمعوا مني
حديثا كان هو السبب لدعوة علي ، اعلموا أن النبي صلى الله عليه وآله كان قد اهدي له بساط
شعر من قرية كذا وكذا من قرى المشرق يقال لها " عندف ( 2 ) " فأرسلني رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد
وعبدالرحمن بن عوف الزهري ، فأتيته بهم وعنده ابن عمه ( 3 ) علي بن أبي طالب
عليه السلام فقال لي : يا أنس ابسط البساط وأجلسهم عليه ، ثم قال : يا أنس اجلس
حتى تخبرني بما يكون منهم ، ثم قال : قل يا علي : يا ريح احملينا ، فإذا ( 4 ) نحن
في الهواء ، فقال : سيروا على بركة الله ، قال : فسرنا ما شاء الله ، ثم قال : يا ريح
ضعينا ، فوضعتنا فقال : أتدرون أين أنتم ؟ قلنا : الله ورسوله وعلي ( 5 ) أعلم ، فقال :
هؤلاء أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آيات الله عجبا ، قوموا يا أصحاب رسول الله
حتى تسلموا ( 6 ) عليهم ، فعند ذلك ، قام أبوبكر وعمر فقالا : السلام عليكم يا
أصحاب الكهف والرقيم ، قال : فلم يجبهما أحد ( 7 ) ، قال : فقمنا أنا وعبدالرحمن
ابن عوف وقلنا : السلام عليكم يا أصحاب الكهف أنا خادم رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجبنا
أحد ، فعند ذلك قام الامام عليه السلام وقال : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم
الذين كانوا من آيات الله عجبا ، فقالوا : وعليك السلام يا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدرين : من حوله .
( 2 ) في الفضائل : هندف .
( 3 ) : وعنده أخوه وابن عمه .
( 4 ) : قال فقال الامام على عليه السلام .
يا ريح احملينا فاذا اه .
( 5 ) : ووليه .
( 6 ) : حتى نسلم .
( 7 ) في الفضائل بعد ذلك : قال فقام طلحة والزبير فقالا : السلام عليكم يا أصحاب الكهف
والرقيم ، قال : فلم يجبهما أحد ، قال انس : فقمت أنا وعبدالرحمن بن عوف .
( * )
[219]
ورحمة الله وبركاته ، فقال : يا أصحاب الكهف ألا رددتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قالوا ( 1 ) : يا خليفة رسول الله إنا فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى ، وليس معنا إذن برد
السلام إلا بإذن نبي ( 2 ) أووصي نبي وأنت وصي خاتم النبيين والمرسلين وأنت خاتم
الاوصياء ، ثم قال : أسمعتم ياأصحاب رسول الله ؟ قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، قال :
فاقعدوا في مواضعكم ، فقعدنا في مجالسنا ثم قال : يا ريح احملينا ، فسرنا ما شاء الله
إلى أن غربت الشمس ، ثم قال : يا ريح ضعينا ، فإذا نحن على أرض كأنها الزعفران
ليس فيها حسيس ( 3 ) ولا أنيس ، نباتها الشيح ( 4 ) وليس فيها ماء ، فقلنا يا أمير المؤمنين :
دنت الصلاة وليس معنا ماء نتوضأ به ، فقام وجاء إلى موضع من تلك الارض فرفسه ( 5 )
برجله فنبعت عين ماء ( 6 ) ، فقال : دونكم وما طلبتم ، ولولا طلبتكم لجاءنا جبرئيل
بماء من الجنة ، قال : فتوضأنا وصلينا إلى أن انتصف الليل ( 7 ) ثم قال : خذوا مواضعكم
ستدركون الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله أو بعضها ، ثم قال : يا ريح احملينا ، فإذا نحن
برسول الله صلى الله عليه وآله ( 8 ) وقد صلى من الغداة ركعة واحدة ، فقضيناها وكان قد سبقنا
بها رسول الله صلى الله عليه وآله فالتفت إلينا وقال : يا أنس تحدثني أو أحدثك ؟ فقلت ( 9 ) :
بل من فيك أحلى يا رسول الله ، قال : فابتداء بالحديث من أوله إلى آخره كأنه
كان معنا ، ثم قال : يا أنس تشهد لابن عمي بها إذا استشهدك ( 10 ) ؟ فقلت : نعم يا
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الفضائل : فقالوا بأجمعهم .
( 2 ) في المصدرين : إلا على نبى .
( 3 ) الحسيس : الصوت الخفى .
( 4 ) الشيح : نبات انواعه كثيرة كله طيب الرائحة ، والواحدة : شيحة .
( 5 ) أى ضربه .
( 6 ) في المصدرين : عين ماء عذب .
( 7 ) : ووقف يصلى إلى أن انتصف الليل .
( 8 ) : فإذا نحن في الهواء ثم سرنا ما شاء الله فاذا نحن بمسجد رسول الله .
( 9 ) في الفضائل : أو احدثك بما وقع من المشاهدة التى شاهدتها أنت ؟ قلت اه .
( 10 ) في المصدرين : إذا استشهدتك بها .
( * )
[220]
رسول الله ، فلما ولى أبوبكر الخلافة ( 1 ) أتى علي عليه السلام وكنت حاضرا عند أبي
بكر والناس حوله ، وقال لي : يا أنس ألست تشهد لي بفضيلة البساط ويوم عين
الماء ويوم الجب ؟ فقلت له : يا علي نسيت من كبري ، فعندها قال لي : يا أنس إن
كنت كتمته مداهنة بعد وصية رسول الله صلى الله عليه وآله ( 2 ) فرماك الله ببياض في وجهك ولظى
في جوفك وعمى في عينيك ، فما قمت من مقامي حتى برصت وعميت ، والآن لا
أقدر على الصيام في شهر رمضان ولا غيره من الايام ، لان البرد لا يبقى في جوفي
ولم يزل أنس على تلك الحال حتى مات بالبصرة ( 3 ) .
32 - بشا : محمد بن أحمد بن شهريار ، عن الحسين بن أحمد بن خيران ، عن أحمد
بن عيسى السدي ( 4 ) ، عن أحمد بن محمد البصري ، عن عبدالله بن الفضل المالكي
عن عبدالرحمن الازدي ، عن عبدالواحد بن زيد قال : خرجت إلى مكة فبينما أنا
أطوف ( 5 ) فإذا أنا بجارية خماسية وهي متعلقة بستارة الكعبة ، وهي تخاطب جارية
مثلها وهي تقول : لا ( 6 ) وحق المنتجب بالوصية الحاكم بالسوية الصحيح البينة ( 7 )
زوج فاطمة المرضية ما كان كذا وكذا ، فقلت لها : يا جارية من صاحب هذه الصفة ؟
قالت : ذلك والله علم الاعلام وباب الاحكام و قسيم الجنة والنار ورباني هذه
الامة ورأس الائمة أخو النبي ووصيه وخليفته في أمته ( 8 ) ذلك مولاي أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت لها : يا جارية بما يستحق ( 9 ) علي منك هذه الصفة ؟
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الفضائل : قال فلما ولى أبوبكر الخلافة بالقهر والعدوان اه .
( 2 ) في المصدرين : بعد وصية رسول الله لك .
( 3 ) الروضة : 37 و 38 .
الفضائل : 173 - 175 .
( 4 ) في المصدر : عن الحسين بن أحمد بن جبير ، عن شيخ من أصحابنا ، عن أحمد بن عيسى
ابن السدى .
( 5 ) في المصدر : فبينما انا بالطواف .
( 6 ) : ألا .
( 7 ) : الصحيح النية .
( 8 ) : على امته .
( 9 ) : بم يستحق .
( * )