[261]
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا حاجة لكم إلى ذلك ، ولوى عنق بغلته نحو القبلة و
أشار بهم إلى مكان يقرب من الدير فقال ( 1 ) : اكشفوا الارض في هذا المكان ، فعدل
منهم جماعة إلى الموضع فكشفوه بالمساحي ، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع ، فقالوا :
يا أمير المؤمنين ههنا صخرة لاتعمل فيها المساحي ، فقال لهم : إن هذه الصخرة على
الماء ، فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء ، فاجتهدوا في قلعها فاجتمعوا القوم ( 2 ) و
راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا ، واستصعبت عليهم ، فلما رآهم عليه السلام
قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة واستصعبت عليهم ، لوى رجله عن سرجه
حتى صار على الارض ، ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة
فحركها ، ثم قلعها بيده ودحا بها ( 3 ) أذرعا كثيرة ، فلما زالت من مكانها ظهر لهم
بياض الماء ، فبادروا إليه فشربوا منه ، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده
وأصفاه ، فقال لهم : تزودوا وارتووا ، ففعلوا ذلك .
ثم جاء إلى الصخرة فتناولها
بيده ووضعها حيث كانت ، فأمر أن يعفى أثرها بالتراب والراهب ينظر من فوق
ديره ، فلما استوفى علم ما حرى نادى : أيها الناس أنزلوني أنزلوني ، فاحتالوا في
إنزاله ، فوقف بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا هذا أنت نبي مرسل ؟ قال :
لا ، قال : فملك مقرب ؟ قال : لا ، قال : فمن أنت ؟ قال : أنا وصي رسول الله محمد
ابن عبدالله خاتم النبيين صلى الله عليه وآله قال : ابسط يدك اسلم لله تبارك وتعالى على يديك ،
فبسط أميرالمؤمنين عليه السلام يده وقال له : اشهد الشهادتين ، فقال : أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله
وأحق الناس بالامر من بعده ، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام عليه شرائط الاسلام ، ثم
قال له : ما الذي دعاك الآن إلى الاسلام بعد طول مقامك في هذا الدير ( 4 ) على
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الارشاد : فقال لهم .
( 2 ) في المصدرين : فاجتمع القوم .
( 3 ) دحا الحجر بيده : رمى به .
( 4 ) في ( ك ) : في هذا الدين .
( * )
[262]
الخلاف ؟ قال : أخبرك يا أمير المؤمنين ، إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه
الصخرة ومخرج الماء من تحتها ، وقد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك ، وقد رزقنيه
الله عزوجل ، إنا نجد في كتاب من كتبنا ونأثر عن علمائنا أن في هذا الصقع عينا
عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي ، وإنه لابد من ولي لله يدعو
إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها ، وإني لما رأيتك قد
فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره وبلغت الامنية منه ، فأنا اليوم مسلم على يديك
ومؤمن بحقك ومولاك .
فلما سمع ( 1 ) أمير المؤمنين عليه السلام بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع ، و
قال : الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ( 2 ) ، ثم دعا الناس فقال ( 3 ) : اسمعوا
ما يقول أخوكم المسلم ، فسمعوا مقاله وكثر حمدهم لله وشكرهم على النعمة التي
أنعم بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم ساروا والراهب بين يديه
في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام ، وكان الراهب في جملة من استشهد معه ، فتولى
- عليه الصلاة والسلام - الصلاة عليه ودفنه ، وأكثر من الاستغفار له ، وكان إذا
ذكره يقول : ذاك مولاي .
وفي هذا الخبر ضروب من المعجز : أحدهم علم الغيب ، والثاني القوة التي
خرق العادة بها وتميزه ( 4 ) بخصوصيتها من الانام ، مع ما فيه من ثبوت البشارة
به في كتب الله الاولى ، وذلك مصداق قوله تعالى : " ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم
في الانجيل ( 5 ) " وفي مثل ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري رحمه الله في
قصيدته البائية المذهبة :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في الارشاد : فلما سمع ذلك .
( 2 ) : الحمد لله الذى لم أكن عنده منسيا الحمد لله الذى كنت في كتبه مذكورا
وفي اعلام الورى تقديم وتأخير بين الجملتين .
( 3 ) في الارشاد : فقال لهم .
( 4 ) : وتميز .
( 5 ) سورة الفتح : 29 .
( * )
[263]
ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب -
حتى أتى متبتلا في قائم * ألقى قواعده بقاع مجدب -
يأتيه ليس بحيث يلقى عامر * غير الوحوش وغير أصلع أشيب -
فدنا فصاح به فأشرف ماثلا * كالنسر فوق شظية من مرقب -
هل قرب قائمك الذي بوأته * ماء يصاب ؟ فقال ما من مشرب -
إلا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين نقا وقي سبسب -
فثنى الاعنة نحو وعث فاجتلى * ملساء يلمع كاللجين المذهب ( 1 ) -
قال اقلبوها إنكم إن تقلبوا * ترووا ولا تروون إن لم تقلب -
فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب -
حتى إذا أعيتهم أهوى لها * كفا متى ترد المغالب تغلب -
فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع دحا بها في ملعب -
فسقاهم من تحتها متسلسلا * عذبا يزيد على الالد الاعذب -
حتى إذا شربوا جميعا ردها * ومضا فخلت مكانها لم يقرب ( 2 )
وزاد فيها ابن ميمون قوله :
وآيات راهبها سريرة معجز * فيها وآمن بالوصي المنجب -
ومضى شهيدا صادقا في نصره * أكرم به من راهب مترهب -
أعني ابن فاطمة الوصي ومن يقل * في فضله وفعاله لا يكذب -
كلا كلا طرفيه من سام وما ( 3 ) * حام له بأب ولا بأب أب -
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 263 سطر 19 الى ص 271 سطر 18
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) ثنى الشئ : عطفه وطواه والاعنة جمع العنان .
وفي اعلام الورى وكذا في شرح
البائية للسيد المرتضى " ملساء تبرق كاللجين المذهب " وهو المناسب لما ذكر في البيان حيث
قال : ومعنى " تبرق " تلمع .
( 2 ) كذا في ( ك ) واعلام الورى وفي سائر النسخ وكذا الارشاد : ومضى اه .
وومض
البرق ومضا : لمع خفيفا .
( 3 ) كذا في النسخ .
وفي الارشاد : رجلا كلا طرفيه اه وليس هذا البيت وتاليه في اعلام
الورى .
( * )
[264]
من لا يفر ولا يرى في معرك * إلا وصارمه الخضيب المضرب ( 1 )
بيان : قال السيد المرتضى رضي الله عنه في شرح هذه القصيدة البائية : السرى :
سير الليل كله .
والمتبتل : الراهب .
والقائم : صومعته .
والقاع : الارض الحرة
الطين التي لا حزونة فيها ولا انهباط .
والقاعدة : أساس الجدار وكل ما يبنى .
والجدب : ضد الخصب .
ثم قال : وهذه قصة مشهورة جاءت بها الرواية ( 2 ) ، فإن أبا عبدالله البرقي
روى عن شيوخه عمن خبرهم قال : خرجنا مع أمير المؤمنين عليه السلام نريد صفين ، فمررنا
بكربلاء فقال عليه السلام : أتدرون أين ههنا ؟ والله مصارع الحسين وأصحابه ، ثم
سرنا يسيرا فانتهينا إلى راهب في صومعة وقد تقطع الناس من العطش ، فشكوا
ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام وذلك أنه أخذ طريق البر ( 3 ) وترك الفرات عيانا
فدنا من الراهب وهتف به ، فأشرف من صومعته ، فقال : يا راهب هل قرب قائمك
ماء ؟ فقال : لا ، فسار قليلا ، ثم نزل ( 4 ) بموضع فيه رمل ، فأمر الناس فنزلوا ،
وأمرهم أن يبحثوا ذلك الرمل ، فأصابوا تحته صخرة بيضاء ، فاقتلعها أمير المؤمنين
عليه السلام بيده ودحاها ( 5 ) ، وإذا تحتها ماء أرق من الزلال وأعذب من كل ماء
فشربوا ( 6 ) وارتووا وحملوا منه ، ورد الصخرة والرمل كما كان ، قال : فسر نا قليلا
وقد علم كل واحد من الناس مكان العين ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : بحقي عليكم
إلا رجعتم إلى موضع العين فنظرتم هل تقدرون عليها ، فرجع الناس يقفون الاثر
إلى موضع الرمل ، فبحثوا ذلك الرمل فلم يصيبوا العين ، فقالوا : يا أمير المؤمنين
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) اعلام الورى : 178 - 180 .
الارشاد : 157 - 160 .
( 2 ) في المصدر : قد جاءت الرواية بها .
( 3 ) : أخذبنا على طريق البر .
( 4 ) : حتى نزل .
( 5 ) : ونحاها .
( 6 ) : فشرب الناس .
( * )
[265]
لا والله ما أصبناها ولا ندري أين هي ، قال : فأقبل الراهب فقال : أشهد يا أمير المؤمنين
أن أبي أخبرني عن جدي - وكان من حواري عيسى عليه السلام - أنه قال : إن تحت
هذا الرمل عينا من ماء أبيض من الثلج وأعذب من كل ماء عذب ، لا يقع عليه إلا
نبي أو وصي نبي ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك وصي
رسول الله صلى الله عليه وآله وخليفته والمؤدي عنه ، وقد رأيت أن أصحبك في سفرك هذا فيصيبني
ماأصابك من خير وشر ، فقال له خيرا ودعاله بخير ، وقال عليه السلام : يا راهب الزمني
وكن قريبا مني ، ففعل ، فلما كان ليلة الهرير والتقى الجمعان واضطرب الناس
فيما بينهم قتل الراهب ، فلما أصبح أمير المؤمنين عليه السلام قال لاصحابه : انهضوا بنا
فادفنوا قتلاكم ، وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام يطلب الراهب حتى وجده فصلى عليه
ودفنه بيده في لحده ، ثم قال : والله لكأني أنظر إليه وإلى منزله ( 1 ) وزوجته التي
أكرمه الله بها .
ثم قال : ومعنى " يأتيه " أي يأتي هذا الموضع الذي فيه الراهب ( 2 ) ومعنى
" عامر " أنه لا مقيم فيه سوى الوحوش ( 3 ) ، ويمكن أن يكون مأخودا من العمرة
التي هي الزيادة .
والاصلع الاشيب هو الراهب ، .
وذكر بعد هذا البيت قوله :
في مدمج زلق أشم كأنه * حلقوم أبيض ضيق مستصعب
والمدمج : الشئ المستور .
والزلق : الذي لا يثبت عليه قدم ( 4 ) .
والاشم :
الطويل المشرف .
والابيض : الطائر الكبير من طيور الماء .
وإنما جر لفظة " ضيق
مستصعب " لانه جعلهما من وصف المدمج .
والماثل : المنتصب .
وشبه الراهب
بالنسر لطول عمره .
والشظية : قطعة من الجبل مفردة .
والمرقب : المكان العالي
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : منزلته .
( 2 ) : أى يأتى إلى هذا الراهب .
( 3 ) وانت خيبر بأن هذا ليس معنى " عامر " وكأن في العبارة سقطا ، وأصله : ومعنى
ليس بحيث يلقى عامر .
( 4 ) في المصدر : على قدم .
( * )
[266]
والنقا : قطعة من الرمل تنقاد محدودبة .
والقي : الصحراء الواسعة .
والسبسب :
والقفر .
والوعث : الرمل الذي ( 1 ) لا يسلك فيه .
ومعنى " اجتلى ملساء " نظر إلى
صخرة ملساء فتجلت ( 2 ) لعينه .
ومعنى " تبرق " تلمع .
ووصف اللجين بالمذهب لانه
أشد لبريقه ولمعانه .
ومعنى " اعصوصبوا اجتمعوا على قلعها وصاروا عصبة واحدة
ومعنى " أهوى لها " مد إليها .
والمغالب : الرجل المغالب .
والحزور ( 3 ) : الغلام
المترعرع .
والعبل : الغليظ الممتلئ ، والمتسلسل : الماء السلسل في الحلق ، .
يقال : إنه البارد أيضا .
وابن فاطمة هو أمير المؤمنين عليه السلام .
انتهى كلامه رفع الله
في الجنان مقامه ( 4 ) .
22 - قب : روي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : عرض لعلي بن أبي طالب
خصومة ، فجلس في أصل جدار ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين الجدار يقع ، فقال
له علي عليه السلام : امض كفى الله حارسا ، فقضى بين الرجلين وقام وسقط الجدار .
ووجد عليه السلام مؤمنا لازمه منافق بالدين ، فقال : اللهم بحق محمد وآله الطاهرين
لما قضيت عن عبدك هذا الدين ، ثم أمره بتناول حجر ومدر فانقلبت له ذهبا أحمر
فقضى دينه وكان الذي بقي أكثر من مائة ألف درهم .
وروى جماعة عن خالد بن الوليد أنه قال : رأيت عليا يسرد حلقات درعه بيده
ويصلحها ، فقلت : هذا كان لداود عليه السلام ، فقال : يا خالد بنا ألان الله الحديد لداود
فيكف لنا ؟
جابر بن عبد الله وحذيفة بن اليمان وعبدالله بن العباس وأبوهارون العبدي
عن عبدالله بن عثمان وحمدان بن المعافا عن الرضا عليه السلام ومحمد بن صدقة عن موسى بن
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : المكان اللين الذى اه .
( 2 ) : وانجلت .
( 3 ) بفتح الحاء المهملة والزاى المعجمة والواو المفتوحة المشددة .
( 4 ) قابلناه بنسخة مخطوطة نفيسة لمكتبة " ملى طهران " .
( * )
[267]
جعفر عليه السلام ، ولقد أنبأني أيضا شيرويه الديلمي ( 1 ) بإسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه
عليهم السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام : كنا ( 2 ) مع النبي صلى الله عليه وآله في طرقات المدينة إذا جعل
خمسه ( 3 ) في خمس أمير المؤمنين عليه السلام فوالله ما رأينا خمسين أحسن منهما ، إذ مررنا
على نخل المدنية فصاحب نخلة أختها : هذا محمد المصطفى وهذا علي المرتضى ،
فاحتزناهما ، فصاحت ثانية بثالثة : هذا نوح النبي وهذا إبراهيم الخليل ، فاجتزناهما
فصاحت ثالثة برابعة : هذا موسى وأخوه هارون ، فاجتزناهما ، فصاحب رابعة بخامسة
هذا محمد سيد النبيين وهذا علي سيد الوصين ، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : يا علي
سم نخل المدينة صيحانيا فقد صاحت بفضلي وبفضلك : وأروي ( 4 ) كان البستان
لعامر بن سعد بعقيق السفلى .
ورأى عليه السلام أنصاريا يأكل قشور الفاكهة وقد أخذها من المزبلة ، فأعرض
عنه لئلا يخجل منه ، فأتى منزله وأتى إليه بقرصي شعير من فطوره ، وقال : أصب
من هذا كلما جعت ، فإن الله يجعل فيه البركة ، فامتحن ذلك فوجد فيه لحما
وشحما وحلوا ( 5 ) ورطبا وبطيخا وفواكه الشتاء وفواكه الصيف ، فارتعدت فرائص
الرجل وسقط لوجهه ، فأقامه علي عليه السلام وقال : ما شأنك ؟ قال : كنت منافقا
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) هو العلامة الحافظ شيرويه بن شهرداد ( شهر دار خ ل ) ابن شيرويه بن فنا خسرو الهمدانى
أبوشجاع ، المشتهر بالحافظ الديلمى تارة وبابن شيرويه اخرى .
من اكابر محدثى القوم ، وهو
الذى أكثروا النقل عنه في كتبهم واعتمدوا على مروياته ، وله تآليف كثيرة اشهرها كتاب فردوس
الاخبار أورد فيه عشرة آلاف حديث : وفيه عدة روايات صحيحة الاسناد صريحة الدلالة في فضائل
مولانا أمير المؤمنين وعترته الميامين عليهم السلام ، توفى سنة 509 كما في الريحانة 2 : 37
طبعة طهران .
( 2 ) الصحيح كما في المصدر : عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قالوا كنا اه و .
الضمير في " قالوا " يكون لجابر وحذيفة وابن عباس .
( 3 ) في المصدر : إذ جعل .
والظاهر أن المراد من الخمس اليد لكونها مشتملة على الاصابع
الخمس .
( 4 ) في المصدر : وروى انه كان .
( 5 ) كذا في النسخ والمصدر ، والظاهر : وحلواءا .
( * )
[268]
شاكا فيما يقوله محمد صلى الله عليه وآله وفيما تقوله أنت ، فكشف الله لي عن السماوات والحجب ( 1 )
فأبصرت كل ما تعدان به وتواعدان به ، فزل عني الشك .
وأخذ العدوي من بيت المال ألف دينار ، فجاء سلمان على لسان أميرالمؤمنين
عليه السلام فقال : رد المال إلى بيت المال فقد قال الله تعالى : " ومن يغلل يأت بما غل
يوم القيامة ( 2 ) " فقال العدوي : ما أكثر سحرا أولاد عبدالمطلب ! ما عرف هذا قط
أحدا وأعجب من هذا أني رأيته يوما وفي يده قوس محمد فسخرت منه ، فرماها من يده
وقال : خذ عدو الله ، فإذا هي ثعبان مبين يقصد إلي ، فحلفته حتى أخذها وصارت
قوسا .
وأنفذ أميرالمؤمنين عليه السلام ميثم التمار في أمر ، فوقف على باب دكانه ، فأتى
رجل يشتري التمر ، فأمره بوضع الدرهم ورفع التمر ، فلما انصرف ميثم وجد
الدرهم بهرجا ، فقال في ذلك ، فقال : فإذا يكون التمر مرا ، فإذا هو بالمشتري
رجع وقال : هذا التمر مر .
واستفاض بين الخاص والعام أن أهل الكوفة فزعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام
من الغرق لما زادت الفرات ، فأسبغ الوضوء وصلى منفردا ثم دعا الله ، ثم تقدم إلى
الفرات متوكئا على قضيب بيده حتى ضرب به صفحة الماء وقال : انقص بإذن الله
ومشيئته ، فغاض الماء ( 4 ) حتى بدت الحيتان ، فنطق كثير منها بالسلامة عليه بإمرة
المؤمنين ، ولم ينطق منها أصناف من السمك ، وهي الجري والمار ماهي والزمار ،
فتعجب الناس لذلك وسألوه عن علة ما نطق وصموت ما صمت ، فقال : أنطلق الله لي
ما طهر من السموك وأصمت عني ما حرمه ونجسه وأبعده .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : عن السماوات والارض والحجب .
( 2 ) سورة آل عمران : 161 .
( 3 ) البهرج : الدرهم الزائف .
( 4 ) اى نقص .
( * )
[269]
وفي رواية أبي محمد قيس بن أحمد البغدادي وأحمد بن الحسن القطيفي عن الحسن
ابن ذكردان ( 1 ) الفارسي الكندي أنه ضرب بالقضيب فقال : اسكن يا أبا خالد
فنقص ذراعا ، فقال : أحسبكم ؟ قالوا : زدنا ، فبسط وطأه وصلى ركعتين وضرب الماء
ضربة ثانية ، فنقص الماء ذراعا ، فقالوا : حسبنا يا أمير المؤمنين ، فقال : والله لو شئت
لاظهرت لكم الحصى ، وذلك كحنين الجذع وكلام الذئب للنبي صلى الله عليه وآله ( 2 ) .
23 - يل ، فض : عن عمار بن ياسر قال : أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت : يا
أمير المؤمنين لي ثلاثة أيام أصوم وأطوي وما أملك ما أقتات ( 3 ) به ، ويومي هذا هو
الرابع ، فقال عليه السلام : اتبعني يا عمار ، فطلع مولاي ألى الصحراء وأنا خلفه أذ وقف
بموضع واحتفر ، فظهر حب مملوء دراهم ، فأخذ من تلك الدراهم درهمين ، فناولني
منه ( 4 ) درهما واحدا وأخذ هو الآخر ، فقال له عمار : يا أمير المؤمنين ( 5 ) لو أخذت
من ذلك ما تستغني وتتصدق ( 6 ) منه ما كان ذلك من بأس ( 7 ) فقال : يا عمار هذا يكفينا
هذا اليوم ثم غطاه وردمه وانصرفا ، ثم انفصل عنه عمار وغاب مليا ، ثم عاد ألى
أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا عمار كأني بك وقد مضيت ألى الكنز تطلبه ؟ ! فقال :
والله يا مولاي قصدت الموضع لاخذ من الكنز شيئا فلم أر له أثرا ، فقال له : يا عمار
لما علم الله سبحانه وتعالى أن لا رغبة لنا في الدنيا أظهرها لنا ، ولما علم جل جلاله
أن لكم أليها رغبة أبعدها عنكم ( 8 ) .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ذكران .
ولم نظفر بترجمته .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 465 - 469 .
( 3 ) طوى الرجل : تعمد الجوع وقصده .
وقوله " أقتات به " أى أتخذه قوتا لنفسى .
( 4 ) في المصدرين : فناولنى منها .
( 5 ) في الفضائل : قال فقلت يا أمير المؤمنين .
( 6 ) في الروضة : ما أستغنى وأتصدق به .
( 7 ) : ما ذلك بمأثمة .
وفي الفضائل : لما كان في ذلك بأس .
( 8 ) الفضائل : 117 .
الروضة : 8 .
( * )
[270]
24 - فض : بالاسناد إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله
حبر من أحبار اليهود وقال : يارسول الله قد أرسلوني إليك قومي أن عهد إلينا
نبينا موسى أنه يبعث بعدي نبي اسمه أحمد وهو عربي فامضوا إليه واسألوه أن
يخرج لكم من جبل هناك سبع نوق حمر الوبر سود الحدق ، فإن أخرجها لكم
فسلموا عليه وآمنوا به واتبعوا النور الذي انزل معه وصيا ، فهو سيد الانبياء و
وصيه سيد الاوصياء ، وهو بمنزلة هارون من موسى ، فعند ذلك قال : الله أكبر قم
بنا يا أخا اليهود ، قال : فخرج النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون حوله إلى ظاهر المدينة ، و
جاء إلى جبل فبسط البردة وصلى ركعتين وتكلم بكلام خفي ، وإذا الجبل يصر
صريرا عظيما ، وانشق وسمع الناس حنين النوق ، فقال اليهودي : فأنا أشهد أن لا
إله إلا الله وأنك محمد رسول الله وأن جميع ما جئت به صدق وعدل ، يا رسول الله أمهلني
حتى أمضي إلى قومي وأجئ بهم ليقضوا عدتهم منك ويؤمنوا بك ، فمضى الحبر
إلى قومه فأخبرهم بذلك ، فتجهزوا بأجمعهم للمسير يطلبون المدينة ، فلما دخلوها
وجدوها مظلمة لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد اتقطع الوحي من السماء ، وجلس مكانه
أبوبكر ! فدخلوا عليه وقالوا : أنت خليفة رسول الله ؟ قال : نعم ، قالوا : أعطنا
عدتنا من رسول الله ، قال : وماعدتكم ؟ قالوا : أنت أعلم بعدتنا إن كنت خليفته حقا
وإن كنت لم تعلم شيئا ما أنت خليفته ، فكيف جلست مجلس نبيك بغير حق ولست
له أهلا ؟ قال : فقام وقعد وتحير في أمره ولم يعلم ماذا يصنع ، وإذا برجل من
المسلمين فقال : اتبعوني حتى أدلكم على خليفة رسول الله ، قال : فخرجوا من بين
يدي أبي بكر وتبعوا الرجل حتى أتوا منزل الزهراء عليها السلام وطرقوا الباب وإذا بالباب قد
فتح ، فإذا بعلي عليه السلام قد خرج وهو شديد الحزن على رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآهم
قال : أيها اليهود تريدون عدتكم من رسول الله ؟ قالوا : نعم ، فخرج معهم وساروا
إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلى عنده رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى مكانه تنفس
الصعداء وقال : بأبي وامي من كان بهذا الجبل هنيئة ، ثم صلى ركعتين وإذا بالجبل
قد انشق وخرجت النوق منه ، وهي سبع نوق ، فلما رأوا ذلك قالوا بلسان واحد :