[271]

نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك الخليفة من بعده ، وأن ماجاء به من عند ربنا هو الحق ، وأنك خليفته حقا ووصيه ووارث علمه ، فجزاك الله وجزاه عن الاسلام خيرا ، ثم رجعوا إلى بلادهم مسلمين موحدين ( 1 ) .
25 - كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن هودة ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن الصباح المزني ، عن الاصبغ قال : خرجنا مع علي عليه السلام وهو يطوف في السوق فيأمرهم بوفاء الكيل والوزن ، حتى إذا انتهى إلى باب القصر ركز ( 2 ) الارض برجله فتزلزلت ، فقال : هي هي الآن مالك اسكني ، أما والله إني أنا الانسان الذي تنبئه الارض أخبارها أو رجل مني .
وروي أيضا عن علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن عبيد الله بن سليمان النخعي ، عن محمد بن الخراساني ( 3 ) عن فضيل بن الزبير قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا في الرحبة ، فتزلزلت الارض فضربها عليه السلام بيده ، ثم قال لها : قري إنه ماهو قيام ، ولو كان ذلك لاخبرتني وإني أنا الذي تحدثه الارض أخبارها ، ثم قرأ " إذا زلزلت الارض زلزالها " أما ترون أنها تحدث عن ربها ( 4 ) .
26 - يف : ذكر شيخ المحدثين ببغداد بإسناده عن أسماء بنت واثلة قالت : سمعت أسماء بنت عميس تقول : سمعت سيدتي فاطمة عليها السلام تقول : ليلة دخل بي علي عليه السلام أفزعني في فراشي ، قلت : بما ذا أفزعك يا سيدة نساء العالمين ؟ قالت : سمعت الارض تحدثه ويحدثها ، فأصبحت وأنا فزعة ، فأخبرت والدي صلى الله عليه وآله فسجد سجدة طويلة
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 271 سطر 19 الى ص 279 سطر 18 ثم رفع رأسه وقال : يا فاطمة ابشري بطيب النسل ، فإن الله فضل بعلك على سائر *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) الروضة : 19 .
وتوجد الرواية في الفضائل أيضا : 137 و 138 .
( 2 ) في البرهان : " ركض " وكلاهما بمعنى .
( 3 ) : عن محمد الخراساني .
( 4 ) مخطوط .
وأوردهما في البرهان 4 : 494 .
( * )

[272]

خلقه ، وأمر به الارض أن تحدثه بأخبارها وما يجري على وجهها من شرقها إلى غربها ( 1 ) .
أقول : أوردنا أخبارا كثيرة في ذلك في باب تزويج فاطمة عليها السلام .
27 - كنز : الحسن بن محمد جمهور العمي ، عن الحسن بن عبدالرحيم التمار قال : انصرفت من مجلس بعض الفقهاء فمررت بسلمان الشاذكوني ، فقال لي : من أين جئت ؟ فقلت : جئت من مجلس فلان ، فقال لي : ماذا جرى فيه ؟ قلت : شئ من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : والله احدثك بفضيلة حدثني بها قريشي عن قريشي إلى أ بلغ ستة نفر منهم ، ثم قال : رجفت قبور البقيع على عهد عمر بن الخطاب فضج أهل المدينة من ذلك ، فخرج عمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يدعون لتسكر الرجفة ، فما زالت تزيد إلى تعدي ذلك إلى حيطان المدينة ، وعزم أهلها على الخروج عنها ، فعند ذلك قال عمر : علي بأبي الحسن علي بن أبي طالب ، فحضر فقال : يا أبا الحسن ألا ترى إلى قبور البقيع و رجفها حتى تعدى ذلك إلى حيطان المدينة وقد هم أهلها بالرحلة عنها ، فقال علي عليه السلام : علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله البدرين ، فاختار من المائة عشرة ، فجعلهم خلفه ، وجعل التسعين من ورائهم ، ولم يبق بالمدينة سوى هؤلاء إلا حضر ، حتى لم يبق بالمدينة ثيب وعاتق ( 2 ) إلا خرجت ، ثم دعا بأبي ذر وسلمان ومقداد وعمار فقال لهم : كونوا بين يدي ، حتى توسط البقيع والناس محدقون به فضرب الارض برجله ثم قال : مالك ؟ - ثلاثا - فسكنت ، فقال : صدق الله وصدق رسوله لقد أنبأني بهذا الخبر وهذا اليوم وهذه لاساعة وباجتماع الناس له ، إن الله عزوجل يقول في كتابه : " إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها وقال الانسان مالها " أما لو كانت هي هي لقالت مالها وأخرجت لي أثقالها ، ثم انصرف وانصرف الناس معه وقد سكنت الرجفة ( 3 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) لم نجده في الطرائف المطبوع .
( 2 ) العاتق : الجاربة اول ما ادركت .
( 3 ) مخطوط .
وأورده في البرهان 4 : 494 و 495 .
( * )

[273]

28 - ختص : صفوان ، عن أبي الصباح الكناني زعم أن أبا سعيد ( 1 ) عقيصا حدثه أنه سار مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نحو كربلاء ، وأنه أصابنا عطش شديد ، وأن عليا صلوات الله عليه نزل في البرية ، فحسر عن يديه ثم أخذ يحثو التراب ويكشف عنه حتى برزله حجر أسود ( 2 ) ، فحمله ووضعه جانبا ، وإذا تحته عين من ماء من أعذاب ما طعمته وأشده بياضا ، فشرب وشربنا ، ثم سقينا دوابنا ، ثم سواه ، ثم سار منه ساعة ، ثم وقف ثم قال : عزمت عليكم لما رجعتم فطلبتموه ، فطلبه الناس حتى ملوا فلم يقدروا عليه ، فرجعوا إليه فقالوا : ما قدرنا على شئ ( 3 ) .
29 - البرسي في مشارق الانوار عن ابن عباس قال : إن رجلا قدم إلى أمير المؤمنين عليه السلام فاستضافه ، فاستدعا قرصة من شعير يابسة وقعبا فيه ماء ، ثم كسر قطعة وألقاها في الماء ، ثم قال للرجل : تناولها ، فأخرجها فإذا هي فخذ طائر مشوي ، ثم رمى له اخرى فقال : تناولها ، فأخرجها فإذا هي قطعة من الحلواء فقال الرجل : يا مولاي تضع لي كسرا يابسة فأجدها أنواع الطعام ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : نعم هذا الظاهر وذاك الباطن ، وإن أمرنا هكذا والله .
وروي لما جاءت فضة إلى بيت الزهراء عليها السلام لم تجد هناك إلا السيف و الدرع والرحى ، وكانت بنت ملك الهند ، وكانت عندها ذخيرة من الاكسير ، فأخذت قطعة من النحاس وألانتها وجعلتها على هيئة سبيكة ، وألقت عليها الدواء وصنعتها ذهبا ، فلما جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وضعتها بين يديه فلما رآها قال : أحسنت يافضة ، لكن لو أذبت الجسد لكان الصبغ أعلى والقيمة أغلى ، فقالت : يا سيدي تعرف هذا العلم ؟ قال : نعم وهذا الطفل يعرفه - وأشار إلى الحسين عليه السلام - فجاء *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : أبا سعد .
( 2 ) و ( م ) : ابيض .
( 3 ) الاختصاص : 219 .
( 4 ) في المصدر : إلى الحسن عليه السلام .
( * )

[274]

وقال كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : نحن نعرف أعظم من هذا ، ثم أومأ بيده فإذا عنق من ذهب وكنوز الارض سائرة ، ثم قال : ضعيها مع أخواتها ، فوضعتها فسارت ( 1 ) .
أقول : قد أوردنا كثيرا من الاخبار في ذلك المرام في باب غزوة تبوك ، وأبواب قصص صفين ، وباب جوامع معجزاته صلوات الله عليه .

باب 113 : قوّته وشوكته صلوات الله عليه في صغره وكبره وتحمّله للمشاق ، وما يتعلّق من الاعجاز ببدنه الشريف

1 - قب : شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن العباس بن عبدالمطلب ، والحسن ابن محبوب ، عن عبدالله بن غالب ، عن الصادق عليه السلام في خبر : قالت فاطمة بنت أسد فشددته وقمطته بقماط فنتر القماط ( 2 ) ، ثم جعلته قماطين فنترهما ، ثم جعلته ثلاثة وأربعة وخمسة وستة منها أديم وحرير فجعل ينترها ، ثم قال : يا إماه لا تشدي يدي فإني أحتاج أن ابصبص لربي بإصبعي .
أنس ، عن عمر الخطاب إن عليا عليه السلام رأى حية تقصده وهو في مهده ، وقد شدت ( 3 ) يداه في حال صغره ، فحول نفسه فأخرج يده ، وأخذ بيمينه عنقها وغمزها غمزة ( 4 ) حتى أدخل أصابعه فيها وأمسكها حت ماتت ، فلما رأت ذلك امه نادت *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مشارق الانوار : 98 و 99 .
( 2 ) القماط - بالكسر - خرقة عريضة تلف على الصغير اذا شد في المهد ، ونترها أى شقها بالاصابع أو الاضراس .
( 3 ) في المصدر : وهو في المهد وشدت يداه .
( 4 ) غمزه : جسه وكبسه باليد .
أى شدها وضغطها .
( * )

[275]

واستغاثت ، فاجتمع الحشم ثم قالت : كأنك حيدرة .
حيدرة : اللبوة إذا غضبت من قبل أذى أولادها .
جابر الجعفي قال : كان ظئرة علي عليه السلام التي أرضعته امرأة من بني هلال خلفته في خبائها مع أخ له من الرضاعة ، وكان أكبر منه سنا بسنة ، وكان عند الخباء قليب ، فمر الصبي نحو القليب ونكس رأسه فيه ، فتعلق بفرد قدميه وفرد يديه أما اليدففي فمه وأما الرجل ففي يديه ، فجاءت امه فأدركته ، فنادت في الحي : يا للحي من غلام ميمون أمسك علي ولدي ، فمسكوا الطفل من رأس القليب وهم يعجبون من قوته وفظنته ، فسمته امه مباركا ، وكان الغلام من بني هلال ( 1 ) يعرف بمعلق ميمون ، وولده إلى اليوم .
وكان أبوطالب يجمع ولده وولد إخوته ثم يأمرهم بالصراع - وذلك خلق في العرب - فكان علي عليه السلام يحسر عن ذراعيه وهو طفل ويصارع كبار إخوته وصغارهم وكبار بني عمه وصغارهم فيصرعهم ، فيقول أبوه : ظهر علي ، فسماه ظهيرا ، فلما ترعرع عليه السلام كان يصارع الرجل الشديد فيصرعه ، ويعلق بالجبار بيده ويحذبه فيقتله ، وربما قبض على مراق بطنه ورفعه إلى الهواء ، وربما يلحق الحصان الجاري فيصدمه فيرده على عقبيه ( 2 ) .
بيان : الجبار : العظيم القوي الطويل .
والمراق بتشديد القاف : مارق من أسفل البطن ولان ، ولا واحد له ، وميمه زائدة ، والحصان ككتاب : الفرس الذكر .
2 - قب : وكان عليه السلام يأخذ من رأس الجبل حجرا ويحمله بفرد يده ، ثم يضعه بين يدي الناس ، فلا يقدر الرجل والرجلان والثلاثة على تحريكه ، حتى قال أبوجهل فيه : يا أهل مكة إن الذبح عندكم * هذا علي الذي قد جل في النظر - *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في ( ك ) .
وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : وكان الغلام في بنى هلال اه .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 439 و 440 .
( * )

[276]

ما إن له مشبه في الناس قاطبة * كأنه النار ترمي الخلق بالشرر - كونوا على حذر منه فإن له * يوما سيظهره في البدو والحضر وإنه عليه السلام لم يمسك بذراع رجل قط إلا مسك بنفسه فلم يستطع يتنفس .
ومنه ما ظهر بعد النبي صلى الله عليه وآله ، قطع الاميال وحملها إلى الطريق سبعة عشر ميلا ( 1 ) تحتاج إلى أقوياء ، حتى تحرك ميلا منها قطعها وحده ، ونقلها ونصبها وكتب عليها : هذا ميل علي ، ويقال له : إنه ( 2 ) كان يتأبط باثنين ويدير واحدا برجله .
وكان منه في ضرب يده في الاسطوانة حتى دخل إبهامه في الحجر ، وهو باق في الكوفة ، وكذلك مشهد الكف في تكريت والموصل وقطيعة الدقيق وغير ذلك .
ومنه أثر سيفه في صخرة جبل ثور عند غار النبي صلى الله عليه وآله ، وأثر رمحه في جبل من جبال البادية وفي صخرة عند قلعة جعبر ( 3 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : جعبر : رجل من بني نمير تنسب إليه قلعة جعبر لاستيلائه عليها ( 4 ) .
3 - قب : ومنه ختم الحصا قال ابن عباس : صاحب الحصاة ثلاثة : ام سليم وارثة الكتب طبع في حصاتها النبي والوصي عليهما السلام ، ثم ام الندى جبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية ، ثم ام غانم الاعرابية اليمانية ، وختم في حصاتهما أمير المؤمنين عليه السلام .
وذلك مثل مارويتم أن سليمان عليه السلام كان يختم على النحاس للشياطين وعلى الحديد للجن ، فكان كل من رأى برقه أطاعه .
أبوسعيد الخدري وجابر الانصاري وعبدالله بن عباس في خبر طويل أنه قال خالد بن الوليد : آتي الاصلع - يعني عليا عليه السلام - عند منصرفي من قتال أهل *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) الميل : منار يبنى للمسافر في أنشاز الارض يهتدى به ويدرك المسافة .
( 2 ) في المصدر : ويقال انه كان اه .
( 3 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 440 و 441 .
( 4 ) القاموس 1 : 391 .
( * )

[277]

الردة في عسكري وهو في أرض له ، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الاسد و قعقعة الرعد ، فقال لي : ويلك أكنت فاعلا ؟ فقلت : أجل ، فاحمرت عيناه وقال : يا ابن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي أو يجسر أن يدير اسمي في لهواته ؟ - في كلام له - ثم قال : فنكسني والله عن فرسي ( 1 ) ولا يمكنني الامتناع منه ، فجعل يسوقني إلى رحى للحارث بن كلدة ، ثم عمد إلى قطب الرحى - الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرحى - فمده بكلتي يديه ولواه في عنقي كما يتفتل الاديم ، وأصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت ، فأقسمت عليه بحق الله ورسوله ، فاستحيا وخلى سبيلي .
قالوا : فدعا أبوبكر جماعة الحدادين فقالوا : إن فتح هذا القطب لا يمكننا إلا أن نحميه بالنار ، فبقي في ذلك أياما والناس يضحكون منه ، فقيل : إن عليا عليه السلام جاء من سفره ، فأتى به أبوبكر إلى علي عليه السلام يشفع إليه في فكه ، فقال علي عليه السلام : إنه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد أن يضع مني في موضعي فوضعت منه عند من خطر بباله وهمت به نفسه ، ثم قال : وأما الحديد الذي في عنقه فلعله لا يمكنني في هذا الوقت فكه ، فنهضوا بأجمعهم فأقسموا عليه ، فقبض على رأس الحديد من القطب فجعل يفتل منه يمنة ( 2 ) شبرا شبرا فيرمي به ، وهذا كقوله تعالى : " وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد ( 3 ) " .
ابن عباس وسفيان بن عيينة والحسن بن صالح ووكيع بن الجراح وعبيدة ابن يعقوب الاسدي وفي حديث غيرهم : لا يفعل خالد ما أمرته ( 4 ) .
وفي حديث أبي ذر : إن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ بإصبعه السبابة والواسطى فعصره عصرة ، فصاح خالد صيحة منكرة وأحدث في ثيابه ! وجعل يضرب برجليه .
وفي رواية عمار : فجعل يقمص قماص البكر ، فإذا له رغاء ، وأساغ ببوله في المسجد ! وروي في كتاب *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في ( ك ) : من فرسى .
( 2 ) في المصدر " يمينه " .
وفي هامش ( خ ) و ( ت ) : بيمينه شيئا شيئا خ ل .
( 3 ) سورة سبا : 11 .
( 4 ) كذا في النسخ والمصدر .
( * )

[278]

البلاذري أن أمير المؤمنين عليه السلام أخذه بإصبعه ( 1 ) السبابة والوسطي في حلقه وشاله بهما وهو كالبعير عظما ، فضرب به الارض ، فدق عصعصه وأحدث مكانه ( 2 ) ! .
بيان : قماص البكر بالضم والكسر : هو أن يرفع يديه ويطرحهما معا و يعجن برجليه .
4 - قب : أهل السير عن حبيب بن الجهم وأبي سعيد التميمي ، والنطنزي في الخصائص ، والاعثم في الفتوح والطبري في كتاب الولاية بإسناد له عن محمد بن القاسم الهمداني ، وأبوعبدالله البرقي عن شيوخه عن جماعة من أصحاب علي عليه السلام أنه نزل أمير المؤمنين عليه السلام بالعسكر عند وقعة صفين عند قرية صندوديا ( 3 ) ، فقال مالك الاشتر : ينزل الناس على غير ماء ، فقال : يا مالك إن الله سيسقينا في هذا المكان ، احتفر أنت وأصحابك ، فاحتفروا فإذاهم بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة لجين ( 4 ) ، فعجزوا عن قلعها وهم مائة رجل ، فرفع أمير المؤمنين عليه السلام يده إلى السماء وهو يقول : " طاب طاب يا عالم يا طيبو ثابوثة شميا كويا جانوثا توديثا برجوثا آمين آمين يا رب العالمين يا رب موسى وهارون " ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعا ، فظهر ماء أعذب من الشهد وأبرد من الثلج وأصفى من الياقوت فشربنا وسقينا .
ثم رد الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب ، فلما سرنا غير بعيد قال : من منكم يعرف موضع العين ؟ قلنا : كلنا ، فرجعنا فخفي مكانها علينا فإذا راهب مستقبل من صومعته ، فلما بصربه أمير المؤمنين عليه السلام قال : شمعون ؟ قال : نعم هذا اسم ( 5 ) سمتي به امي ، ما اطلع عليه إلا الله ثم أنت ، قال : وما *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : باصبعيه .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 441 و 442 .
والعصعص - بضم العينين وفتحهما - : عظم الذنب .
( 3 ) قال في المراصد ( 2 : 853 ) : صند وداء قرية كانت في غربى الفرات فوق الانبار خربت ، وبها مشهد لعلى بن ابى طالب عليه السلام .
( 4 ) اللجين - مصغرا ولا مكبر له - : الفضة .
( 5 ) في المصدر : هذا اسمى .
( * )

[279]

تشاء يا شمعون ؟ قال : هذا العين واسمه ، قال : هذا عين زاحوما " وفي نسخة : راجوه " وهو من الجنة ، شرب ( 1 ) منها ثلاث مائة وثلاثة عشر وصيا وأنا آخر الوصيين شربت منه ، قال : هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل ، وهذا الدير بني على [ طلب ] قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها ، ولم يدركه عالم قبلي غيري وقد رزقنيه الله وأسلم .
وفي رواية : أنه جب شعيب ، ثم رحل أمير المؤمنين عليه السلام والراهب يقدمه حتى نرل صفين ، فلما التقى الصفان كان أول من أصابته الشهادة فنزل أمير المؤمنين عليه السلام وعيناه تهملان وهو يقول : المرء مع من أحب ، الراهب معنا يوم القيامة .
وفي رواية عبدالله بن أحمد بن حنبل : حدثنا أبومحمد ( 2 ) ، حدثنا أبوعوانة عن الاعمش ، عن أبي سعيد التيمي ( 3 ) قال : فسرنا فعطشنا ، فقال بعض القوم : لو رجعنا فشربنا قال : فرجع اناس وكنت فيمن رجع ، قال : فالتمسنا فلم نقدر على شئ ، فأتينا الراهب قال : فقلنا إين العين التي ههنا ؟ قال : أية عين ؟ عين قلنا : التي شربنا منها واستقينا وسقينا فالتمسناها ، فلما قلنا ( 4 ) قال الراهب : لا يستخرجها إلا نبي أو وصي .
ومنه قلع باب خيبر ، روى أحمد بن حنبل عن مشيخته عن جابر الانصاري أن النبي صلى الله عليه وآله دفع الراية إلى علي عليه السلام في يوم خيبر بعد أن دعا له ، فجعل يسرع السير وأصحابه يقولون له : ارقع ( 5 ) ، حتى انتهى إلى الحصن فاجتذب بابه فألقاه على الارض ، ثم اجتمع منا سبعون رجلا وكان جهدهم أن أعادوا الباب .

-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 279 سطر 19 الى ص 287 سطر 18 أبوعبدالله الحافظ بإسناده إلى أبي رافع : فلما دنا علي من القموص أقبلوا *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في ( ك ) : اشرب .
( 2 ) كذا في ( ك ) وفي غيره من النسخ " ابومحمد الشيبان " وفي المصدر : الشيبانى .
( 3 ) في المصدر : التميمى .
( 4 ) : فلما قدرنا .
( 5 ) : ارفق .
( * )

[280]

يرمونه بالنبل والحجارة ، فحمل حتى دنا من الباب ، فاقتلعه ثم رمى به خلف ظهره أربعين ذراعا ، ولقد تكلف حمله أربعون رجلا فما أطاقوه .
أبوالقاسم محفوظ البستي في كتاب الدرجات أن حمل بعد قتل مرحب عليهم فانهزموا إلى الحصن ، فتقدم إلى باب الحصن وضبط حلقته وكان وزنها أربعين منا وهز الباب ، فارتعد الحصن بأجمعه حتى ظنوا زلزلة ، ثم هزه اخرى فقلعه ، و دحابه في الهواء أربعين ذراعا .
أبوسعيد الخدري : وهز حصن خيبر حتى قالت صفية : قد كنت جلست على طاق كما تجلس العروس ، فوقعت على وجهي ، فظننت الزلزلة ، فقيل : هذا علي هز الحصن يريد أن يقلع الباب .
وفي حديث أبان عن زرارة عن الباقر عليه السلام : فاجتذ به اجتذابا وتترس به ، ثم حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاما واقتحمت المسلمون والباب على ظهره .
وفي الارشاد : قال جابر : إن عليا عليه السلام حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها ، وإنهم جربوه بعد ذلك فلم يحملوه أربعون رجلا ، رواه أبوالحسن الوراق المعروف بغلام المصري عن ابن جرير الطبري التاريخي .
وفي رواية جماعة : خمسون رجلا .
وفي رواية أحمد بن حنبل : سبعون رجلا .
ابن جرير الطبري صاحب المسترشد أنه حمله بشماله - وهو أربعة أذرع في خمسة أشبار في أربع أصابع عمقا حجرا أصلد - دون يمينه ، فأثرت فيه أصابعه ، و حمله بغير مقبض ، ثم تترس به ، فضارب الاقران حتى هجم عليهم ، ثم زجه من ورائه أربعين ذراعا .
وفي رامش أفزاي : ( 1 ) كان طول الباب ثمانية عشر ذراعا ، وعرض الخندق عشرون ، فوضع جانبا على طرف الخندق وضبط جانبا بيده حتى عبر عليه العسكر وكانوا ثمانية ألف وسبع مائة رجل وفيهم من كان يبرد ( 2 ) ويخف عليه .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) اسم كتاب .
( 2 ) كذا في النسخ وفي المصدر : يتردد .
( * )