[301]
الشقي في آخرها فصاح الاوز في وجهه وطردهن الناس فقال : دعوهن فإنهن نوائح .
ومنها أنه لما بلغه ما صنع بسر بن أرطاة باليمن قال عليه السلام : اللهم إن بسرا
باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله .
فبقي بسر حتى اختلط ، فاتخذله سيف من خشب
يلعب به حتى مات .
ومنها ما استفاض عنه عليه السلام من قوله : إنكم ستعرضون من بعدي على سبي
فسبوني ، فإن عرض عليكم البراءة مني فلا تتبرؤوا مني ، وكان كما قال .
ومنها قوله عليه السلام لجويرية بن مسهر : لتعتلن إلى العتل الزنيم وليقطعن
يدك ورجلك ، ثم ليصلبنك ، ثم مضى دهر حتى ولى زياد في أيام معاوية ، فقطع
يده ورجله ثم صلبه .
بيان : عتله يعتله ويعتله : جره عنيفا فحمله ، والعتل بضمتين مشددة اللام :
الاكول المنيع ( 1 ) الجافي الغليظ .
والزنيم : المستلحق في قوم ليس منهم ، والدعي
واللئيم المعروف بلؤمه أو شره .
32 - يج : روي عن ابن مسعود قال : كنت قاعدا عند أمير المؤمنين عليه السلام في
مسجد رسول اللهصلى الله عليه وآله إذ نادى رجل : من يدلني على من آخذ منه علما ؟ ومر
فقلت : يا هذا هل سمعت قول النبي صلى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ؟ فقال :
نعم ، قلت : وأين تذهب وهذا علي بن أبي طالب ؟ فانصرف الرجل وجئنا بين يديه
فقال عليه السلام : من أي البلاد أنت ؟ قال : من إصفهان ، قال له : اكتب : أملى علي
ابن أبي طالب عليه السلام : إن أهل إصفهان لا يكون فيهم خمس خصال : السخاوة والشجاعة
والامانة والغيرة وحبنا أهل البيت ، قال : زدني يا أمير المؤمنين ، قال بلسان
الاصفهان : " اروت اين وس " أي اليوم حسبك هذا .
بيان : كان أهل إصفهان في ذلك الزمان إلى أول استيلاء الدولة القاهرة الصفوية
أدام الله بركاتهم من أشد النواصب ، والحمدلله الذي جعلهم أشد الناس حبا لاهل البيت
عليهم السلام وأطوعهم لامرهم وأوعاهم لعلمهم وأشدهم انتظارا لفرجهم ، حتى
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) هكذا في القاموس والصحيح : الممنوع كما في غيره من أمهات اللغة .
ب .
( * )
[302]
أنه لا يكاد يوجد من يتهم بالخلاف في البلد ولا في شئ من قرائه القريبة أو البعيدة
وببركة ذلك تبدلت الخصال الاربع أيضا فيهم ، رزقنا الله وسائر أهل هذه البلاد
نصر قائم آل محمد صلى الله عليه وآله والشهادة تحت لوائه ، وحشرنا معهم في الدنيا
والآخرة .
33 - يج : روي أن عليا عليه السلام أتى الحسن البصري يتوضأ في ساقية ، فقال :
أسبغ طهورك يالفتى ، قال : لقد قتلت بالامس رجالا كانوا سبغون الوضوء ، قال :
وإنك لحزين عليهم ؟ قال : نعم ، قال : فأطال الله حزنك ، قال أيوب السجستاني :
فما رأينا الحسن قط إلا حزينا كأنه يرجع عن دفن حميم أو خربندج ضل حماره
فقلت له في ذلك ، فقال : عمل في دعوة الرجل الصالح .
ولفتى بالنبطية شيطان
وكانت امه سمته بذلك ودعته في صغره ، فلم يعرف ذلك أحد حتى دعاه به
علي عليه السلام .
بيان : خربندج لعله معرب خربنده أي مكاري الحمار .
34 - يج : روى سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة قال : كان أمير المؤمنين
عليه السلام إذا وقف الرجل بين يديه قال له : يا فلان استعد وأعد لنفسك ما تريد
فإنك تمرض في يوم كذا ، في شهر كذا ، في ساعة كذا ، فيكون كما قال .
قال سعد :
فقلت هذا الكلام لابي جعفر عليه السلام فقال : قد كان كذلك ، فقلت : لا تخبرنا ( 1 )
أنت أيضا فنستعد له ؟ قال : هذا باب أغلق فيه الجواب علي بن الحسين عليه السلام حتى
يقوم قائمنا .
35 - يج : روي أنه لما قعد أبوبكر بالامر بعث خالد بن الوليد إلى بني
حنيفة ليأخذ زكوات أموالهم ، فقالوا لخالد : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يبعث كل
سنة رجلا يأخذ صدقاتنا من الاغنياء من جملتنا ويفرقها في فقرائنا ، فافعل أنت
كذلك ، فانصرف خالد إلى المدينة فقال لابي بكر : إنهم منعونا من الزكاة ، فبعث
معه عسكرا فرجع خالد وأتى بني حنيفة وقتل رئيسهم وأخذ زوجته ووطئها في
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في ( خ ) و ( م ) : لم لا تخبرنا .
( * )
[303]
الحال ، وسبى نسوانهم ورجع بهن إلى المدينة ، وكان ذلك الرئيس صديقا لعمر
في الجاهلية ، فقال عمر لابي بكر : اقتل خالدا به بعد أن تجلده الحد لما فعل
بامرأته ، فقال له أبوبكر : إن خالدا ناصرنا تغافل ، وأدخل السبايا في المسجد
وفيهن خولة ، فجاءت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله والتجأت به وبكت وقالت : يا
رسول الله أشكو إليك أفعال هؤلاء القوم ، سبونا من غير ذنب ونحن مسلمون ، ثم
قالت : أيها الناس لم سبيتمونا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
صلى الله عليه وآله ؟ فقال أبوبكر : منعتم الزكاة ، فقالت : الامر ليس على ما زعمت
إنما كان كذا وكذا ، وهب الرجال منعوكم فما بال النسوان المسلمات يسبين ؟
واختار كل رجل منهم واحدة من السبايا ، وجاء طلحة وخالد بن عنان ورميا
بثوبين إلى خولة فأراد كل واحد منهم أن يأخذها من السبي ، قالت لا يكون هذا
أبدا ، ولا يملكني إلا من خبرني بالكلام الذي قلته ساعة ولدت ، قال أبوبكر :
قد فزعت ( 1 ) من القوم وكانت لم تر مثل ذلك قبله ، فتلكم بمالا تحصيل له ، فقالت :
والله إني صادقة : إذ جاء علي بن أبي طالب عليه السلام فوقف ونظر إليهم وإليها وقال
عليه السلام : اصبروا حتى أسألها عن حالها ، ثم ناداها يا خولة اسمعي الكلام ، ثم
قال : لما كانت امك حاملا بك وضربها الطلق واشتدبها الامر نادت : اللهم
سلمني من هذا المولود ، فسبقت تلك الدعوة بالنجاة ، فلما وضعتك ناديت من
تحتها " لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله عما قليل سيملكني سيد سيكون له مني
ولد " فكتبت امك ذلك الكلام في لوح نحاس ، فدفنته في الموضع الذي سقطت
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 303 سطر 19 الى ص 311 سطر 18
فيه ، فلما كانت في الليلة التي قبضت امك فيها وصت إليك بذلك ، فلما كان
في وقت سبيكم لم يكن لك همة إلا أخذ ذلك اللوح ، فأخذتيه وشددتيه على
عضدك الايمن ، هاتي اللوح فأنا صاحب اللوح ، وأنا أمير المؤمنين ، وأنا أبو
ذلك الغلام الميمون ، واسمه محمد ، قال : فرأيناها وقد استقلبت القبلة وقالت :
اللهم أنت المتفضل المنان ، أو زعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ولم تعطها لاحد
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذ في ( ك ) .
وفي غيره من النسخ : قد فرغت .
[304]
إلا وأتممتها عليه ، اللهم بصاحب هذه التربة والناطق المنبئ بما هو كائن إلا أتممت
فضلك علي ، ثم أخرجت اللوح ورمت به إليه ، فأخذه أبوبكر وقرأه عثمان فإنه
كان أجود القوم قراءة ، وما ازاداد ما في اللوح على ما قال علي عليه السلام ولا نقص
فقال أبوبك : خذها يا أبا الحسن ، فبعث بها علي عليه السلام إلى بيت أسماء بنت عميس
فلما دخل أخوها تزوج بها وعلق بمحمد وولدته .
36 - يج : روي أن الصحابة قالوا يوما : ليس من حروف المعجم حرف أكثر
دورانا في الكلام من الالف ، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام وخطب خطبة على البديهة
طويلة تشتمل على الثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه محمد وآله وفيها الوعد و
الوعيد ووصف الجنة والنار والمواعظ والزواجر والنصيحة للخلق وغير ذلك
وليس فيها ألف ، وهي معروفة .
37 - قب : في حديث ثابت بن الافلج ( 1 ) قال : ضلت لي فرس نصف الليل
فأتيت باب أمير المؤمنين عليه السلام فلما وصلت الباب خرج إلي قنبر وقال لي : يا ابن
الافلج الحق فرسك فخذه من عوف بن طلحة السعدي .
غريب الحديث والفائق : إن عليا عليه السلام قال : أكثروا الطواف بهذا البيت
فكأني برجل من الحبشة أصلح أصمع ( 2 ) جالس عليه وهو يهدم .
صاحب الحلية عن الحارث بن سويد قال : سمعت عليا يقول : حجوا
قبل أن لا تحجوا ، فكأني أنظر إلى حبشي أصمع أقرع بيده معول يهدمها حجرا
حجرا .
النضر بن شميل عن عوف ، عن مروان الاصفر قال : قدم راكب من الشام
وعلي عليه السلام بالكوفة ، فنعى معاوية ، فادخل على علي عليه السلام فقال له علي عليه السلام :
أنت شهدت موته ؟ قال : نعم وحثوت عليه ، قال : إنه كاذب ، قيل : وما يدريك يا
أمير المؤمنين إنه كاذب ؟ قال : إنه لا يموت حتى يعمل كذا وكذا - أعمال ( 3 )
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في ( ك ) .
وفي غيره من النسخ وكذا المصدر " الافلح " في الموضعين .
( 2 ) الاصمع : الذى صغرت اذنه ولزقت بالرأس .
( 3 ) في المصدر : اعمالا .
أى ذكر اعمالا عملها معاوية في سلطانه .
( * )
[305]
عملها في سلطانه - فقيل له : فلم تقاتله وأنت تعلم هذا ؟ قال : للحجة ( 1 ) .
يج : عن عوف بن مروان مثله ( 2 ) .
38 - قب : المحاضرات عن الراغب أنه قال عليه السلام : لا يموت ابن هند حتى
يعلق الصليب في عنقه ، وقد رواه الاحنف بن قيس وابن شهاب الزهري والاعثم
الكوفي وأبوحيان التوحيدي وأبوالثلاج في جماعة ، فكان كما قال عليه السلام .
عمار [ و ] ابن عباس إنه لما صعد علي عليه السلام المنبر قال لنا : قوموا فتخللوا الصفوف
ونادوا هل من مكاره ( 3 ) فتصارخ الناس من كل جانب : اللهم قد رضينا وأسلمنا ( 4 )
وأطعنا رسولك وابن عمه ، فقال : يا عمار قم إلى بيت المال فأعط الناس ثلاثة دنانير
لكل إنسان وادفع ( 5 ) لي ثلاثة دنانير ، فمضى عمار وأبوالهيثم مع جماعة من المسلمين
إلى بيت المال ، ومضى أمير المؤمنين عليه السلام إلى مسجد قبا يصلي فيه ، فوجدوا فيه
ثلاثمائة ألف دينار ووجدوا الناس مائة ألف ، فقال عمار : جاء والله الحق من ربكم
والله ما علم بالمال ولا بالناس ، وإن هذه الآية ( 6 ) وجبت عليكم بها طاعة هذا الرجل
فأبى طلحة والزبير وعقيل أن يقبلوها ، القصة .
ونقلت المرجئة والناصبة عن أبي الجهم العدوي - وكان معاديا لعلي عليه السلام -
قال : خرجت بكتاب عثمان - والمصريون قد نزلوا بذي خشر ( خشب خ ل ) - إلى
معاوية ، وقد طويته طيا لطيفا وجعلته في قراب ( 7 ) سيفي ، وقد تنكبت عن الطريق
وتوخيت سواد الليل حتى كنت بجانب الجرف إذا رجل على حمار مستقبلي ومعه
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 418 و 419 .
( 2 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 3 ) في المصدر : هل من كاره .
( 4 ) وسلمنا خ ل .
( 5 ) في المصدر و ( خ ) و ( ت ) : وارفع .
( 6 ) في المصدر : لاية .
( 7 ) بكسر القاف : الغمد .
[306]
رجلان يمشيان أمامه ، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام قد أتى من ناحية البدو
فأثبتني ولم اثبته حتى سمعت كلامه ، فقال : أين تريد يا صخر ؟ قلت : البدو
فأدفع ( 1 ) الصحابة ، قال : فما هذا الذي في قراب سيفك ؟ قلت : لاتدع مزاحك
أبدا ، ثم جزته ( 2 ) .
الاصبغ قال : صلينا مع أمير المؤمنين عليه السلام الغداة ، فإذا رجل عليه ثياب السفر
قد أقبل ، فقال : من أين ؟ قال : من الشام ، قال ما اقدمك ؟ قال : لي حاجة ، قال :
أخبرني وإلا أخبرتك بقضيتك ، قال : أخبرني بها يا أمير المؤمنين ، قال : نادى
معاوية يوم كذا ، وكذا من شهر كذا وكذا ، من سنة كذا وكذا : من يقتل عليا
فله عشرة آلاف دينار ، فوثب فلان وقال : أنا ، قال : أنت ، فلما انصرف إلى منزله
ندم وقال : أسير إلى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي ولديه فأقتله ؟ ! ثم نادى
مناديه اليوم الثاني : من يقتل عليا فله عشرون ألف دينار ، فوثب آخر فقال : أنا
فقال : أنت ، ثم إنه ندم واستقال معاوية فأقاله ، ثم نادى مناديه اليوم الثالث : من
يقتل عليا فله ثلاثون ألف دينار ، فوثبت أنت - وأنت رجل من حمير - قال : صدقت
قال : فما رأيك ؟ تمضي إلى ما امرت به أو ماذا ؟ قال : لا ولكن أنصرف ، قال : يا
قنبر أصلح له راحلته وهيئ له زاده وأعطه نفقته ( 3 ) .
وروي عن الحسن بن علي عليه السلام في خبر أن الاشعث بن القيس الكندي بني في
داره مئذنة ، فكان يرقى إليها إذا سمع الاذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الكوفة
فيصيح من أعلى مئذنته : يا رجل إنك لكذاب ( 4 ) ساحر ، وكان أبي يسميه عنق
النار - وفي رواية عرف النار - فيسأل ( 5 ) عن ذلك فقال : إن الاشعث إذا حضرته
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في ( ك ) : وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : فأدع .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب : 419 .
( 3 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 420 .
( 4 ) في المصدر : لكاذب .
( 5 ) في هامش ( خ ) : فسئل .
( * )
[307]
الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدوة ة من السماء فتحرقه ، فلا يدفن إلا وهو فحمة
سوداء ، فلما توفي نظر سائر من حضر إلى النار وقد دخلت عليه كالعنق الممدود
حتى أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور ( 1 ) .
بيان : المئذنة بالكسر : موضع الاذان والمنارة والصومعة .
39 - قب : ابن بطة في الابانة وأبوداود في السنن عن أبي مخلد في خبر أنه
قال عليه السلام في الخوارج مخاطبا لاصحابه : والله لا يقتل منكم عشرة ولا ينفلت منهم
عشرة - وفي رواية : ولا ينفلت منهم عشرة ولا يهلك منا عشرة - فقتل من أصحابه
تسعة وانفلت منهم تسعة ، اثنان إلى سجستان ، واثنان إلى عمان ، واثنان إلى بلاد
الجزيرة ، واثنان إلى اليمن ، وواحد إلى تل موزن ، والخوارج في هذه ( 2 ) المواضع
منهم .
وقال الاعثم : المقتولون من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام رويبة بن وبر العجلي
وسعد بن خالد السبيعي ، وعبدالله بن حماد الارحبي ، والفياض بن خليل الازدي
وكيسوم بن سلمة الجهني ، وعبيد بن عبيد الخولاني ، وجميع بن حشم ( 3 ) الكندي
وضب بن عاصم الاسدي .
قال أبوالجوائز الكاتب : حدثنا علي بن عثمان قال : حدثني المظفر بن
الحسن الواسطي السلال قال : حدثني الحسن بن ذكردان - وكان ابن ثلاثمائة و
خمس وعشرين سنة - قال : رأيت عليا عليه السلام في النوم وأنا في بلدي ، فخرجت إليه
إلى المدينة فأسلمت على يده وسماني الحسن ، وسمعت منه أحاديث كثيرة وشهدت
معه مشاهده كلها ، فقلت له يوما من الايام : يا أمير المؤمنين ادع الله لي ، فقال :
يا فارسي إنك ستعمر وتحمل إلى مدينة يبنيها رجل من بني عمي العباس ، تسمى
في ذلك الزمان بغداد ، ولا تصل إليها ، تموت بموضع يقال له المدائن ، فكان كما قال
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 422 .
( 2 ) في المصدر : من هذه المواضع .
( 3 ) : جشم خ ل .
( * )
[308]
عليه السلام ليلة دخل المدائن مات .
مسعدة بن اليسع عن الصادق عليه السلام في خبر أن أمير المؤمنين عليه السلام مر بأرض
بغداد فقال : ما تدعى هذه الارض ؟ قالوا : بغداد ، قال : نعم تبنى ههنا مدينة ، و
ذكر وصفها ويقال : إنه وقع من يده سوط فسأل عن أرضها ، فقالوا : بغداد ، فأخبر
أنه يبنى ثم مسجد يقال له مسجد السوط ( 1 ) .
زاذان عن سلمان الفارسي في خبر طويل أن جاثليقا جاء في نفر من النصارى
إلى أبي بكر وسأله مسائل عجز عنها أبوبكر ، فقال عمر : كف أيها النصراني عن
هذا العنت وإلا أبحنادمك ، فقال الجاثليق : يا هذا اعدل ( 2 ) على من جاء مسترشدا
طالبا ، دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه ، فجاء علي عليه السلام واستسأله ، فقال
النصراني : أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ ، خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند
نفسك ؟ فقال عليه السلام : أنا مؤمن عندالله كما أنا مؤمن في عقيدتي ، قال : خبرني عن
منزلتك في الجنة ما هي ؟ قال : منزلتي مع النبي الامي في الفردوس الاعلى ، لا
أرتاب بذلك ولا أشك في الوعد به من ربي ، قال : فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة
التي ذكرتها ؟ قال : بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل ، قال : فبما عرفت صدق
نبيك ؟ قال : بالآيات الباهرات والمعجزات البينات ، قال : فخبرني عن الله تعالى
أين هو ؟ قال : إن الله تعالى يجل عن الاين ويتعالى عن المكان ، كان فيما لم يزل
ولا مكان ، وهو اليوم كذلك ، ولم يتغير من حال إلى حال ، قال : فخبرني عنه
تعالى أمدرك بالحواس فيسلك المسترشد في طلبه الحواس أم كيف طريق المعرفة
به إن لم يكن الامر كذلك ؟ قال : تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو تدركه
الحواس أو يقاس بالناس ، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول ، الدالة لذوي
الاعتبار بما هو منها مشهور ( 3 ) ومعقول ، قال : فخبرني عما قال نبيكم في المسيح :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 422 .
( 2 ) في المصدر : أهذا عدل لا .
( 3 ) : مشهود .
( * )
[309]
إنه ( 1 ) مخلوق ، فقال : أثبت له الخلق بالتدبير الذي لزمه ، والتصوير والتغيير
من حال إلى حال ، والزيادة التي لم ينفك ( 2 ) منها والنقصان ، ولم أنف عنه النبوة
ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد ، قال : فبما بنت أيها العالم من الرعية ( 3 )
الناقصة عنك ؟ قال : بما أخبرتك به من علمي ( 4 ) بما كان وما يكون ، قال : فهلم
شيئا من ذلك أتحقق به دعواك ، قال عليه السلام : خرجت أيها النصارني من مستقرك
مستنكرا لمن قصدت بسؤالك له ، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد
فاريت في منامك مقامي ، وحدثت فيه بكلامي ، وحذرت فيه من خلافي ، وامرت
فيه باتباعي ، قال : صدقت والله وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله
وأنك وصي رسول الله وأحق الناس بمقامه ، وأسلم الذين كانوا معه .
فقال عمر : الحمدلله الذي هداك أيها الرجل ، غير أنه يجب أن تعلم أن
علم النبوة في أهل بيت صاحبها والامر من بعده لمن خاطبته أولا برضى الامة !
قال : قد عرفت ما قلت وأنا على يقين من أمري ( 5 ) .
الاصبغ بن نباتة قال : أتى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال : إني احبك
في السر كما احبك في العلانية قال : فنكت أمير المؤمنين بعود كان في يده في
الارض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت والله ، ثم أتاه رجل آخر فقال : إني احبك
فنكت بعود في الارض طويلا ثم رفع رأسه فقال : صدقت ، إن طينتنا طينة مرحومة
أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق ، فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم
القيامة ( 6 ) .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر و ( خ ) : وانه .
( 2 ) : لاينفك .
( 3 ) : عن الرعية .
( 4 ) : عن علمى .
( 5 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 417 و 418 .
( 6 ) : 1 : 419 .
( * )
[310]
عبدالله بن أبي رافع قال : حضرت أمير المؤمنين عليه السلام وقد وجه أبا موسى
الاشعري فقال له : احكم بكتاب الله ولا تجاوزه ، فلما أدبر قال : كأني به وقد
خدع ، قلت : يا أمير المؤمنين فلم توجهه وأنت تعلم أنه مخدوع ؟ فقال يا بني : لو
عمل الله في خلقه بعلمه ما احتج عليهم بالرسل .
مسند العشرة عن أحمد بن حنبل أنه قال إبو الوضى غياثا ( 1 ) : كنا عامدين
إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب عليه السلام فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء
شذ منا اناس كثيرة ، فذكرنا ذلك لامير المؤمنين عليه السلام فقال : لا يهولنكم أمرهم
فإنهم سيرجعون ، فكان كما قال عليه السلام .
وقال عليه السلام لطلحة والزبير وقد استأذناه في الخروج إلى العمرة : والله ما
تريدان العمرة وإنما تريدان البصرة ، وفي رواية : إنما تريدان الفتنة .
وقال
عليه السلام : لقد دخلا بوجه فاجر وخرحا بوجه غادر ، ولا ألقاهما إلا في كتيبة ، وأخلق
بهما أن يقتلا .
وفي رواية أبي الهيثم بن التيهان وعبدالله بن [ أبي ] رافع : ولقد
انبئت بأمر كما واريت مصارعكما ، فانطلقا ، وهو يقول وهما يسمعان : " فمن نكث
فإنما ينكث على نفسه " .
وقالت صفية بنت الحارث الثقفية زوجة عبدالله بن خلف الخزاعي لعلي عليه السلام
يوم الجمل بعد الوقعة : يا قاتل الاحبة يا مفرق الجماعة ، فقال عليه السلام : إني لا
ألومك أن تبغضيني يا صفية ، وقد قتلت جدك يوم بدر وعمك يوم احد وزوجك
الآن ، ولو كنت قاتل الاحبة لقلت من في هذه البيوت ، ففتش فكان فيها مروان
وعبدالله بن الزبير .
الاعمش بروايته عن رجل من همدان قال : كنا مع علي عليه السلام بصفين ، فهزم
أهل الشام ميمنة العراق ، فهتف بهم الاشتر ليتراجعوا ، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام
يقول لاهل الشام : يا أبا مسلم خذهم - ثلاث مرات - فقال الاشتر - أو ليس أبومسلم
معهم ؟ قال : لست اريد الخولاني وإنما اريد رجلا يخرج في آخر الزمان من
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في النسخ والمصدر .
( * )