[ 31 ]

وفي رواية الصادق عليه السلام أنه أنزل الله فيهم " ويؤثرون على أنفسهم ( 1 ) " وفي رواية حذيفة أن جعفرا أعطى النبي صلى الله عليه وآله الفرع من العالية والقطيفة فقال النبي صلى الله عليه وآله : لادفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وأعطاها عليا عليه السلام ، ففصل علي القطيفة سلكا سلكا فباع بالذهب ،
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 31 سطر 5 الى ص 39 سطر 5 فكان ألف مثقال ، ففرقه في فقراء المهاجرين كلها ، فلقيه النبي صلى الله عليه وآله ومعه حذيفة وعمار وسلمان وأبوذر والمقداد ، فسأله النبي صلى الله عليه وآله العداء ، فقال حياء منه : نعم فدخلوا عليه فوجدوا الجفنة .
وفي حديث ابن عباس : أن المقداد قال له : أنا منذ ثلاثة أيام ماطعمت شيئا فخرج أمير المؤمنين عليه السلام وباع درعه بخمس مائة ، ودفع إليه بعضها ، وانصرف متحيرا ، فناداه أعرابي : اشترمني هذه الناقة مؤجلا ، فاشتراها بمائة ( 2 ) ، ومضى الاعرابي ، فاستقبله آخر وقال : بعني هذه ( 3 ) بمائة وخمسين درهم ، فباع وصاح : يا حسن ويا حسين امضيا في طلب الاعرابي وهو على الباب ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وهو يتبسم ويقول : يا علي الاعرابي صاحب الناقة جبرئيل والمشتري ميكائيل ، يا علي المائة عن الناقة ( 4 ) والخمسين بالخمس التي دفعتها إلى المقداد ، ثم تلا " ومن يتق الله يجعل له " الآية ( 5 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : فرع كل شئ : أعلاه ، والمال الطائل ، والقوس عملت من طرف القضيب ، أو الفرع من خير القسي ، وبالتحريك أول ولد تنتجه الناقة ( 6 ) .
والعالية والعوالي : أماكن بأعلى أراضي المدينة ، وإنما اشتروا كل *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الحشر : 9 .
( 2 ) في المصدر : بمائة درهم .
( 3 ) " : بعنى هذه الناقة .
( 4 ) في ( ك ) : ثمن الناقة .
( 5 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 278 - 292 .
( 6 ) القاموس 3 : 61 و 62 .
( * )

[ 32 ]

سلك في القطيفة بالذهب لشرافتها [ ويحتمل كونها مطرزة بالذهب ، وقد مر في باب خيبر ما يؤيد الثاني .
] .
2 - قب : وأنه عليه السلام طلبت منه صدقة ( 1 ) فأعطى خاتما ، فنزل : " إنما وليكم الله ( 2 ) " وفيه يضرب المثل في الصدقات ، يقال في الدعاء : تقبل الله منه كما تقبل توبة آدم وقربان إبراهيم وحج المصطفى وصدقة أمير المؤمنين .
وكان يأخذ من الغنائم لنفسه وفرسه ومن سهم ذي القربى وينفق جميع ذلك في سبيل الله ، وتوفي ولم يترك إلا ثمان مائة درهم ( 3 ) .
وسأله أعرابي شيئا فأمر له بألف ، فقال الوكيل : من ذهب أو فضة ؟ فقال : كلاهما عندي حجران ، فأعط الاعرابي أنفعهما له ، وقال له ابن الزبير : إني وجدت في حساب أبي : أن له على أبيك ثمانين ألف درهم ، فقال له : إن أباك صادق ، فقضى ذلك ، ثم جاءه فقال : غلطت فيما قلت ، إنما كان لوالدك على والدي ماذكرته لك فقال : والدك في حل والذي قبضته مني هو لك ( 4 ) .
3 - قب : الصادق عليه السلام : إنه عليه السلام أعتق ألف نسمة من كد يده جماعة لا يحصون كثرة ، وقال له رجل - ورأى عنده وسق نوى - : ما هذا ياأباالحسن ؟ قال : مائة ألف نخل إن شاء الله ، فغرسه فلم يغادر منه نواة واحد ، فهو من أوقافه ووقف مالا بخيبر وبوادي القرى ، ووقف مال أبي نيرز والبغيبغة وأرباحا وارينة ورغد ورزينا ورياحا على المؤمنين ( 5 ) ، وأمر بذلك أكثر ولد فاطمة من ذوي الامانة والصلاح ، وأخرج مائة عين بينبع وجعلها للحجيج ، وهو باق إلى يومنا هذا ، وحفر آبارا في طريق مكة والكوفة ، وهي مسجد الفتح ( 6 ) في *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : طلب السائل منه صدقة .
( 2 ) سورة المائدة : 55 .
( 3 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 294 .
( 4 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 320 .
( 5 ) " بغيبغة " بالضم والفتح وياء ساكنة وباء مكسورة ، و " ارينة " بالضم ثم الفتح و وياء ساكنة ونون مفتوحة .
ولم نظفر على ضبط غيرهما .
( 6 ) في المصدر : وبنى مسجد الفتح .
( * )

[ 33 ]

المدينة ، وعند مقابل قبر حمزة ، وفي الميقات وفي الكوفة جامع البصرة وفي عبادان وغير ذلك ( 1 ) .
4 - كشف : من كتاب ابن طلحة عن مجاهد قال : قال علي عليه السلام : جعت يوما بالمدينة جوعا شديدا ، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ( 2 ) ، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا ( 3 ) ، فظننتها تريد بلة ( 4 ) ، فأتيتها فقاطعتها كل ذنوب ( 5 ) على تمرة فمددت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يداي ( 6 ) ثم أتيت الماء فأصبت منه ، ثم أتيتها فقلت : يكفى هكذا ( 7 ) بين يديها - وبسط الراوي كفيه وجمعهما - فعدت لي ستة عشر تمرة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته ، فأكل معي منها .
قال الواحدي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس قال : إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يملك أربعة دراهم ، فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية ، فأنزل الله سبحانه فيه : " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 8 ) " .
5 فر : عبدالله بن محمد بن هاشم ، عن علي بن الحسن القرشي ، عن عبدالله ابن عبدالرحمن الشامي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس رضي الله عنه " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أنه أنفق أربع دراهم : ( 9 ) أنفق في سواد الليل درهما ، وفي وضوح *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 323 .
( 2 ) ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال ، وقيل ثلاثة ، وقيل ثمانية .
( 3 ) المدر : الطين العلك الذى لا يخالطه رمل .
( 4 ) البلة : الماء .
( 5 ) أى الدلو التى لها ذنب .
( 6 ) مجلت يده : نفطت من العمل وظهر فيها المجل ، وهو أن يكون بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل .
( 7 ) في المصدر و ( خ ) : فقلت بكفى هكذا أى أشرت .
( 8 ) كشف الغمة : 50 و 51 .
والاية في سورة البقرة : 274 .
( 9 ) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح : أربعة دراهم .
( * )

[ 34 ]

النهار ( 1 ) درهما ، وسرا درهما ، وعلانية درهما ، فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله : أيكم صاحب هذه النفقة ؟ فأمسك القوم ، فعادها النبي صلى الله عليه وآله فقام علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : أنا يا رسول الله ، فتلا النبي صلى الله عليه وآله : " فلهم أجرهم عند ربهم " يعني ثوابهم عند ربهم " ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " من قبل العذاب ومن قبل الموت يعني في الآخرة ( 2 ) .
6 - ما : المفيد ، عن محمد بن الحسن المقري ، عن محمد بن سهل العطار ( 3 ) ، عن أحمد بن عمر الدهقان ، عن محمد بن كثير ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكا إليه الجوع ، فبعث رسول الله إلى بيوت أزواجه فقلن : ما عندنا إلا الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من لهذا الرجل الليلة ؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : أنا له يا رسول الله ، وأتى فاطمة عليها السلام فقال لها : ما عندك يا بنت رسول الله ؟ فقالت : ما عندنا إلا قوت الصبية نؤثر ( 4 ) ضيفنا ، فقال علي عليه السلام : يا ابنة محمد نومي الصبية واطفئي المصباح فلما أصبح علي عليه السلام غدا على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر ، فلم يبرح حتى أنزل الله عزوجل " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ( 5 ) " .
7 لى : الطالقاني ، عن محمد بن قاسم الانباري ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي يعقوب الدينوري ، عن أحمد بن أبي المقدام العجلي قال : يروى أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة ، فقال : اكتبها في الارض فإني أرى الضر فيك بينا ، فكتب في الارض : أنا فقير محتاج ، فقال علي عليه السلام : يا قنبر اكسه حلتين ، فأنشاء الرجل يقول : *

_________________________________________________________
) ( 1 ) في المصدر : وأنفق في ضوء النهار .
( 2 ) تفسير فرات : 8 و 9 .
( 3 ) في المصدر : عن محمد بن حسن بن سهل العطار .
( 4 ) في المصدر : لكنا نؤثر .
( 5 ) أمالى الطوسى : 116 والاية في سورة الحشر : 9 .
( * )

[ 35 ]

كسوتني حلة تبلى محاسنها * فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا - إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة * ولست تبغي بما قد نلته بدلا - إن الثناء ليحيى ذكر صاحبه * كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا - لا تزهد الدهر في عرف بدأت به ( 1 ) * فكل عبد سيجزى بالذي فعلا فقال عليه السلام : اعطوه مائة دينار ، فقيل له : يا أمير المؤمنين لقد أغنيته .
فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أنزل الناس منازلهم ، ثم قال علي عليه السلام : إني لاعجب من أقوام يشترون المماليك بأموالهم ولا يشترون الاحرار بمعروفهم ( 2 ) .
8 - ن : بإسناد التميمي عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : نزلت : " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " في علي عليه السلام ( 3 ) .
9 - شى : عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله " قال : نزلت في علي عليه السلام ( 4 ) .
10 - شى : عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال : " ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله " قال : علي أمير المؤمنين أفضلهم ، وهو ممن ينفق ماله ابتغاء مرضات الله ( 5 ) .
11 - شى : عن أبي إسحاق قال : كان لعلي بن أبي طالب أربعة دراهم لم يملك غيرها ، فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا علي ما حملك على ما صنعت ؟ قال : إنجاز موعود الله ، فأنزل الله : " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " إلى الآيات ( 6 ) .
12 - كا : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) العرف : الجود والمعروف والسخاء .
( 2 ) أمالى الصدوق : 164 و 165 .
( 3 ) عيون الاخبار : 223 .
( 4 و 5 ) تفسير العياشي 1 : 148 ، واوردهما في البرهان 1 : 254 .
والاية في سورة البقرة : 265 .
( 6 ) تفسير العياشي 1 : 151 ، وأورده في البرهان 1 : 257 .
وفيه : إلى آخر الايات .
( * )

[ 36 ]

عن أبي عبدالله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر المعينعة ( 1 ) - وفي نسخة اخرى : البقيعة وكان الرجل ممن يرجى نوافله ( 2 ) ويؤمل تائله ورفده ، وكان لا يسأل عليا ولا غيره شيئا فقال لامير المؤمنين عليه السلام : والله ما سألك فلان ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : لا أكثر الله في المؤمنين ضربك ! اعطي أنا وتبخل أنت [ الله أنت ] إذا لم اعط الذي يرجوني إلا من بعد المسألة ثم أعطيته من بعد المسألة ( 3 ) فلم اعطه ثمن ما أخذت منه ، وذلك لاني عوضته أن يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عند تعبده له وطلب حوائجه إليه ، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله في دعائه له ، حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله ، وذلك أن العبد قد يقول في دعائه : اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، فإذا دعا لهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنة ، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل ( 4 ) .
13 - كا : علي بن إبراهيم بإسناده ذكره عن الحارث الهمداني قال : سامرت ( 5 ) أميرالمؤمنين عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين عرضت لي حاجة ، قال : فرأيتني لها أهلا ، قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : جزاك الله عني خيرا ، ثم قام إلى السراج فأغشاها وجلس ، ثم قال : إنما أغشيت السراج لئلا أرى ذل حاجتك في وجهك ، فتكلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : الحوائج أمانة من الله في صدور العباد ، فمن كتمها كتب له عبادة ، ومن أفشاها كان حقا على من سمعها أن يعينه ( 6 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) الصحيح كما في المصدر " البغيبغة " .
( 2 ) في المصدر : ممن يرجو نوافلة .
( 3 ) : ثم اعطيه بعد المسألة .
( 4 ) فروع الكافى ( الجزء الرابع من الطعبة الحديثة ) : 22 و 23 .
( 5 ) المسامرة : المحادثة والتحادث ليلا .
( 6 ) فروع الكافى ( الجزء الرابع من الطبعة الحديثة ) : 24 .
وفيه : أن يعنيه .
( * )

[ 37 ]

14 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن التفليسي ، عن السمندي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يضرب بالمر ( 1 ) ويستخرج الارضين ، وأنه أعتق ألف مملوك من كد يده ( 2 ) .
15 - فر : معنعنا عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : كان رجل مؤمن على عهد النبي صلى الله عليه وآله ، في دار حديقة ( 3 ) ، وله جار له صبية ، فكان يتساقط الرطب من النخلة فينشدون صبيته يأكلونه ، فيأتي الموسر فيخرج الرطب من جوف أفواه الصبية ، وشكا الرجل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فأقبل وحده إلى الرجل فقال : بعني حديقتك هذه بحديقة في الجنة ، فقال له الموسر : لا أبيعك عاجلا بآجل ! فبكى النبي صلى الله عليه وآله و رجع نحو المسجد ، فلقيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال [ له ] : يا رسول الله ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ؟ فأخبره خبر الرجل الضعيف والحديقة ، فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام حتى استخرجه ( 4 ) من منزله وقال له : بعني دارك ، قال الموسر : بحائطك الحسني ، فصفق على يده ودار إلى الضعيف فقال له : تحول إلى دارك فقد ملكها الله رب العالمين لك ، وأقبل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله فقال له : يا محمد اقرأ " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والانثى " إلى آخر السورة ، فقام النبي صلى الله عليه وآله وقبل بين عينيه ، ثم قال : بأبي أنت قد أنزل الله فيك هذه السورة الكاملة ( 5 ) .
16 - فر : علي بن محمد بن علي بن أبي حفص الاعشى معنعنا عن موسى بن عيسى الانصاري قال : كنت جالسا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد أن صلينا مع النبي صلى الله عليه وآله العصر بهفوات ، فجاء رجل إليه فقال له : يا أبا الحسن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) المر : المسحاة ، ويقال لها بالفارسية " بيل " .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء الخامس من الطبعة الحديثة ) : 74 .
وفيه : من ماله وكديده .
( 3 ) في المصدر : في دار له حديقة .
( 4 ) في المصدر : فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام نحو الرجل الموسر حتى استخرجه اه .
( 5 ) تفسير فرات : 213 .
( * )

[ 38 ]

قد قصدتك في حاجة لي أريد أن تمضي معي فيها إلى صاحبها ، فقال له : قف ، قال : إني ساكن في دار لرجل فيها نخلة ، وإنه يهيج الريح فيسقط من ثمرها بلح وبسر ورطب وتمر ، ويصعد الطير فيلقي منه ، وأنا آكل منه ويأكلون منه الصبيان من غير أن نبخسها بقصب أو نرميها بحجر ، فاسأله أن يجعلني في حل ، قال : انهض بنا فنهضت معه ، فجئنا إلى الرجل ، فسلم عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فرحب وفرح به وسر ، وقال : فيما جئت يا أبا الحسن ؟ قال : جئتك في حاجة قال : تقضى إن شاء الله ، فماهي ؟ قال : هذا الرجل ساكن في دار لك في موضع كذا ، ذكر أن فيها نخلة ، فإنه يهيج الريح فيسقط منها بلح وبسر ورطب وتمر ويصعد الطير فيلقي مثل ذلك من غير حجر يرميها به أو قصبة يبخسها فاجعله ( 1 ) في حل فتأبى عن ذلك ، وسأله ثانيا وأقبل عليه ( 2 ) في المسألة ويتأبى إلى أن قال : والله أنا أضمن لك عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبدلك بهذا النبي حديقة في الجنة ، فأبى عليه ورهقنا لمساء ( 3 ) فقال له علي عليه السلام : تبيعنيها بحديقتي فلانة ؟ فقال له : نعم ، قال : فاشهد لي عليك الله وموسى بن عيسى الانصاري أنك قد بعتها بهذا الدار ، قال : نعم أشهد الله وموسى بن عيسى [ الانصاري على ] أني قد بعتك هذه الحديقة ؟ بشجرها ونخلها وثمرها بهذه الدار ، أليس قد بعتني هذه الدار بما فيها بهذه الحديقة ولم يتوهم أنه يفعل ، فقال : نعم أشهد الله وموسى بن عيسى على أني قد بعتك هذه الدار بهذه الحديقة ( 4 ) ، فالتفت علي عليه السلام إلى الرجل فقال له : قم فخذ الدار بارك الله لك ، وأنت في حل منها ، وسمعوا ( 5 ) أذان بلال فقاموا مبادرين حتى صلوا مع النبي صلى الله عليه وآله المغرب والعشاء الآخرة ، ثم انصرفوا إلى منازلهم ، فلما *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فاريد أن تجعله .
( 2 ) : وأقبل يلح عليه .
( 3 ) : ورهقت المساء .
( 4 ) : هذه الدار بما فيها بهذه الحديقة .
( 5 ) : ووجبت المغرب وسمعوا ، اه .
( * )

[ 39 ]

أصبحوا صلى النبي بهم الغداة وعقب ، فهو يعقب حتى هبط عليه جبرئيل عليه السلام بالوحي من عندالله ، فأدار وجهه إلى أصحابه فقال : من فعل منكم في ليلته هذه فعلا ؟ فقد أنزل الله بيانها ، فمنكم أحد يخبرني أو أخبره ، فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : بل أخبرنا يا رسول الله ، قال : نعم هبط جبرئيل فأقراني عن الله السلام وقال لي : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فعل البارحة فعلة ،
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 39 سطر 6 الى ص 47 سطر 6 فقلت لحبيبي جبرئيل : ماهي ؟ فقال : اقرأ يا رسول الله ، فقلت : وما أقرأ ؟ فقال : اقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والاثنى إن سعيكم لشتى " إلى آخر السورة " ولسوف يرضى " أنت يا علي ألست صدقت بالجنة وصدقت بالدار على ساكنها وبذلت الحديقة ؟ قال : نعم يا رسول الله قال : فهذه سورة نزلت فيك وهذا لك ، فوثب إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقبل بين عينيه وضمه إليه ، وقال له : أنت أخي وأنا أخوك ، صلى الله عليهما وآلهما ( 1 ) .
17 - قب : صاحب حلية وأحمد في الفضائل عن مجاهد وصاحب مسند العشرة وجماعة عن محمد بن كعب القرظي أنه رأى أمير المؤمنين عليه السلام أثر الجوع في وجه النبي صلى الله عليه وآله فأخذ إهابا ( 2 ) فحوى وسطه وأدخله في عنقه وشد وسطه بخوص نخل وهو شديد الجوع فأطلع على رجل يستقي ببكره ، فقال : هل لك في كل دلوة بتمرة فقال : نعم ، فنزح له حتى امتلا كفه ، ثم أرسل الدلو فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله ( 3 ) .
18 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أيوب بن عطية الحذاء قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : قسم نبي الله القئ فأصاب عليا أرض ( 4 ) ، فاحتفر فيها عينا فخرج ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير ، فسماها ينبع ، فجاء البشير يبشر *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) تفسير فرات : 213 و 214 .
( 2 ) الاهاب : الجلد أو مالم يدبغ منه .
( 3 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 325 .
( 4 ) في المصدر : فأصاب عليا ارضا .
( * )

[ 40 ]

فقال عليه السلام : بشر الوارث هي صدقة بتة بتلاء ( 1 ) في حجيج بيت الله وعابر سبيل الله ( 2 ) لانباع ولا توهب ولا تورث ، فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ( 3 ) .
19 - كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : بعث إلي أبوالحسن موسى عليه السلام بوصية أمير المؤمنين عليه السلام وهي : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبدالله علي ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، إن ما كان لي من ينبع من مال ( 4 ) يعرف لي فيها وما حولها صدقة ورقيقها ، غير أن رياحا وأبا نيزر وجبيرا عتقاء ، ليس لاحد عليهم سبيل ، فهم موالي يعملون في المال خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم وأرزاق أهاليهم ، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى كله من مال بني فاطمة ( 5 ) ورقيقها صدقة ، وما كان لي بديمة وأهلها صدقة [ غير أن زريقا له مثل ما كتبت لاصحابه ، وما كان لي باذينة وأهلها صدقة ] والقفيرتين كما قد علمتم صدقة في سبيل الله ، وإن الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة حيا أنا أو ميتا ، ينفق في كل نفقة يبتغى بها وجه الله في سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني [ عبد ] المطلب والقريب والبعيد ، فإنه يقوم على ذلك الحسن بن علي ، يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يراه الله عزوجل في حل محلل ، لا حرج عليه فيه ، فإن أراد أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء ، لا حرج عليه فيه ، وإن شاء جعله *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : بتة بتلا .
( 2 ) " : وعابرى سبيل الله .
( 3 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 54 .
( 4 ) في المصدر : ان ما كان لى من مال ينبع .
( 5 ) " : لبنى فاطمة .
( * )