[ 41 ]
سرى الملك ، وإن ولد علي ومواليهم وأموالهم إلى الحسن بن علي ، وإن كانت
دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبداله أن يبيعها فليبع إن شاء لا حرج عليه
فيه ، وإن باع فإنه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث ، فيجعل ثلثها ( 1 ) في سبيل الله ، ويجعل
ثلثا في بني هاشم وبني المطلب ، ويجعل الثلث في آل أبي طالب ، وإنه يضعه فيهم
حيث يراه الله ، وإن حدث بحسن حدث وحسين حي فإنه إلى الحسين بن علي
وإن حسينا يفعل فيه مثل الذي أمرت به حسنا ، له مثل الذي كتبت للحسن ،
وعليه مثل الذي على حسن ( 2 ) وإن لبني ابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني
علي ، وإني إنما جعلت الذي جعلت لابني فاطمة ابتغاء وجه الله عزوجل وتكريم
حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وتعظيمها وتشريفها ورضاها ( 3 ) ، وإن حدث بحسن وحسين
حدث فإن الآخر منهما ينظر في بني علي ، فإن وجد فيهم من يرضى بهديه ( 4 )
وإسلامه وأمانته فإنه يجعله إليه إن شاء ، وإن لم ير فيهم بعض الذي يريده فإنه
يجعله إلى رجل من آل أبي طالب ( 5 ) ، فإن وجد آل أبي طالب قد ذهب كبراؤهم
وذو آرائهم فإنه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم ، وإنه يشترط على الذي
يجعله إليه أن يترك المال على اصوله ، وينفق ثمره حيث أمرته به في سبيل الله ( 6 )
ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب والقريب والبعيد ، لايباع منه
شئ ولا يوهب ولا يورث ، وإن مال محمد بن علي على ناحية ( 7 ) ، وهو إلى ابني فاطمة
وإن رقيقي الذين في صحيفة صغيرة الني كتبت لي عتقاء .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : فيجعل ثلثا .
( 2 ) : على الحسن .
( 3 ) : وتعظيمهما وتشريفهما ورضاهما .
( 4 ) الهدى : الطريقة والسيرة .
( 5 ) في المصدر : من آل ابى طالب يرضى به .
( 6 ) : من سبيل الله .
( 7 ) : على ناحيته .
( * )
[ 42 ]
هذا ما وصى ( 1 ) به علي بن أبي طالب في أمواله هذه الغد من يوم قدم مسكن ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ، والله المستعان على كل حال ، ولا يحل لامرئ
مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شئ قضيته من مالي ولا يخالف فيه أمري
من قريب أو بعيد .
أما بعد فان ولائدي اللائي أطوف عليهن السبعة عشر منهن امهات أولاد
معهن أولادهن ، ومنهن حبالى ، ومنهن لا ولدلها ( 2 ) ، فقضائي فيهن إن حدث
بي حدث أن ( 3 ) من كان منهن ليس لها ولد وليست بحبلى فهي عتيق لوجه الله
عزوجل ، ليس لاحد عليهن سبيل ، ومن كانت منهن لها ولد أو حبلى فتمسك
على ولدها وهي من حظه ، فإن مات ولدها وهي حية فهي عتيق ليس لاحد عليها
سبيل ، هذا ما قضى به علي في ماله الغد من يوم قدم مسكن ، شهد أبوسمر بن أبرهة
وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهياج بن أبي هياج ، وكتب علي بن
أبي طالب بيده لعشر خلون من جمادى الاولى سنة سبع وثلاثين ( 4 ) .
بيان : قوله عليه السلام : ( سرى الملك ) السرى : النفيس ، أي يتخذه لنفسه ،
وظاهره جواز اشتراط بيع والوقف وتملكه عند الحاجة ، وهو خلاف المشهور بين
الاصحاب ، وحمله على الاجارة مجازا بعيد ، وسيأتي القول في ذلك في كتاب الوقف
قوله عليه السلام : ( الغد من يوم قدم مسكن ) تاريخ لكتابة الكتاب ، والمسكن كمسجد
موضع بالكوفة ، أي كانت الكتابة في اليوم الذي بعد يوم قدومه المسكن بعد رجوعه
من بعض أسفاره .
20 - سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أبي عميرة ( 5 ) وسلمة صاحب
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ماقصى .
( 2 ) : ومنهن من لاولد له .
( 3 ) : أنه .
( 4 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) : 49 - 51 .
( 5 ) في المصدر : عن ابن عميرة .
( * )
[ 43 ]
السابري ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن عليا عليه السلام أعتق ألف
مملوك من كديده ( 1 ) .
21 - جع : جاء عليا عليه السلام أعرابي فقال : يا أمير المؤمنين إني مأخوذ بثلاث
علل : علة النفس وعلة الفقر وعلة الجهل ، فأجاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال : يا
أخا العرب علة النفس تعرض على الطبيب ، وعلة الجهل تعرض على العالم ، وعلة
الفقر تعرض على الكريم ، فقال الاعرابي : ياأمير المؤمنين أنت الكريم وأنت
العالم وأنت الطيب ، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بأن يعطى له من بيت المال ثلاثة آلاف
درهم ، وقال : تنفق ألفا بعلة النفس وألفا بعلة الجهل وألفا بعلة الفقر ( 2 ) .
أقول : روى السيد بن طاوس في كشف المحجة من بعض كتب المناقب أن
عليا عليه السلام قال : تزوجت فاطمة عليها السلام وما كان لي فراش ، وصدقتي اليوم لو قسمت
على بني هاشم لو سعتهم .
وقال فيه : أنه عليه السلام وقف أمواله وكانت غلته أربعين ألف دينار ، وباع سيفه
وقال : من يشتري سيفي ؟ ولو كان عندي عشاء مابعته .
وقال فيه : إنه عليه السلام قال مرة : من يشتري سيفي الفلاني ؟ ولو كان عندي
ثمن إزار ما بعته .
قال : وكان يفعل هذا وغلته أربعون ألف دينار من صدقته ( 3 ) .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 2 ) جامع الاخبار : 158 و 159 .
( 3 ) كشف المحجة : 124 ، ولا يخفى أنه من مختصات ( ك ) فقط .
( * )
[ 44 ]
1 - لى : الهمداني ، عن عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري ، عن زيد بن
إسماعيل الصائغ ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن عبدالملك بن عمير ، عن
خالد بن ربعي قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام دخل مكة في بعض حوائجه ، فوجد
أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : يا صاحب البيت ! البيت بيتك والضيف
ضيفك ، ولكل ضيف من ضيفه قرى ( 1 ) فاجعل قراي منك الليلة المغفرة ، فقال
أمير المؤمنين عليه السلام لاصحابه : أما تسمعون كلام الاعرابي ؟ قالوا : نعم ، فقال :
الله أكرم من أن يرد ضيفه ، فلما ( 2 ) كانت الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن
وهو يقول : يا عزيزا في عزك فلا أعز منك في عزك أعزني بعز عزك في عز لا يعلم
أحد كيف هو ، أتوجه وأتوسل إليك ، بحق محمد وآل محمد عليك أعطني ما
لا يعطيني أحد غيرك ، واصرف عني مالا يصرفه أحد غيرك ، قال : فقال أمير المؤمنين
عليه السلام لاصحابه : هذا والله الاسم الاكبر بالسريانية ، أخبرني به حبيبي
رسول الله صلى الله عليه وآله سأله الجنة فأعطاه ، وسأله صرف النار وقد صرفها عنه .
قال : فلما كانت الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول :
يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان بلا كيفية كان ، ارزق الاعرابي أربعة آلاف
درهم ، قال : فتقدم إليه أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أعرابي سألت ربك القرى
فقراك ، وسألته الجنة فأعطاك ، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك ،
وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم ؟ قال الاعرابي : من أنت ؟ قال : أنا علي
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) القرى : ما يقدم للضيف .
( 2 ) في المصدر : قال فلما .
( * )
[ 45 ]
ابن أبي طالب ، قال الاعرابي أنت والله بغيتي وبك أنزلت حاجتي ، قال : سل يا
أعرابي ، قال : اريد ألف درهم للصداق ، وألف درهم أقضي به ديني ، وألف درهم
أشتري به دارا ، وألف درهم أتعيش منه ، قال : أنصفت يا أعرابي ، فإذا خرجت
من مكة فاسأل عن داري بمدينة الرسول .
فأقام الاعرابي بمكة اسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين عليه السلام إلى مدينة
الرسول ، ونادى : من يدلني على دار أمير المؤمنين علي ؟ فقال الحسين بن علي
من بين الصبيان : أنا أدلك على دار أمير المؤمنين وأنا ابنه الحسين بن علي ، فقال
الاعرابي : من أبوك ؟ قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال : من أمك ؟ قال :
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، قال من جدك ؟ قال : رسول الله محمد بن عبدالله
ابن عبدالمطلب قال : من جدتك ؟ قال : خديجة بنت خويلد ، قال : من أخوك قال :
أبومحمد الحسن بن علي ، قال : لقد أخذت الدنيا بطر فيها ، امش إلى أمير المؤمنين وقل له :
إن الاعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب ، قال : فدخل الحسين بن علي عليه السلام
فقال : يا أبة أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب الضمان بمكة ، قال : فقال : يا فاطمة
عندك شئ يأكله الاعرابي ؟ قالت : اللهم لا ، قال : فتلبس أمير المؤمنين عليه السلام
وخرج وقال : ادعوالي أبا عبدالله سلمان الفارسي ، قال : فدخل إليه سلمان الفارسي
فقال : يابا عبدالله أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله لي على التجار ، قال :
فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة ، فباعها باثني عشر ألف درهم ، وأحضر
المال وأحضر الاعرابي ، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقه ، ووقع
الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا ، ومضى رجل من الانصار إلى فاطمة عليها السلام
فأخبرها بذلك ، فقالت : آجرك الله في ممشاك ، فجلس علي عليه السلام والدارهم مصبوبة
بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه ، فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا
حتى لم يبق معه درهم واحد .
فلما أتى المنزل قالت له فاطمة عليها السلام : ياابن عم بعت الحائط الذي غرسه
لك والدي ؟ قال : نعم بخير منه عاجلا وآجلا ، قالت : فأين الثمن ؟ قال : دفعته
[ 46 ]
إلى أعين استحييت أن اذلها بذل المسألة قبل أن تسألني ، قالت فاطمة : أنا جائعة
وابناي جائعان ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع ، لم يكن لنا منه درهم ؟ وأخذت
بطرف ثوب علي عليه السلام ، فقال علي عليه السلام : يا فاطمة خليني ، فقالت : لا والله أويحكم
بيني وبينك أبي ، فهبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا محمد السلام ( 1 )
يقرؤك السلام ويقول : اقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة : ليس لك أن تضربي
على يديه ، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وآله منزل علي وجد فاطمة ملازمة لعلي عليه السلام فقال
لها : يا بنية مالك ملازمة لعلي ؟ قالت : يا أبة باع الحائط الذي غرسته له باثني
عشر ألف درهم ، لم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما ، فقال : يا بنية إن جبرئيل
يقرؤني من ربي السلام ويقول : اقرأ عليا من ربه السلام ، وأمرني أن أقول لك :
ليس لك أن تضربي على يديه ، قالت فاطمة عليها السلام : فإني أستغفر الله ولا أعودا أبدا .
قالت فاطمة عليها السلام : فخرج أبي صلى الله عليه وآله في ناحية وزوجي في ناحية ، فما لبث
أن أتى أبي ومعه سبعة دراهم سود هجرية ، فقال : يا فاطمة أين ابن عمي ؟ فقلت
له : خرج ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هاك هذه الدراهم ، فإذا جاء ابن عمي فقولي له
يبتاع لكم بها طعاما ، فما لبثت إلا يسيرا حتى جاء علي عليه السلام فقال : رجع ابن عمي
فإني أحد رائحة طيبة ؟ قالت : نعم وقد دفع إلي شيئا تبتاع به لنا طعاما ، قال
علي عليه السلام : هاتيه ، فدفعت إليه سبعة دراهم سودا هجرية ، فقال : بسم الله والحمد
لله كثيرا طيبا ، وهذا من رزق الله عزوجل ، ثم قال : يا حسن قم معي ، فأتيا
السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول : من يقرض الملي الوفي ؟ قال : يا بني
نعطية ؟ قال : إي والله يا أبة ، فأعطاه علي عليه السلام الدارهم ، فقال الحسن : يا أبتاه
أعطيته الدارهم كلها ؟ قال : نعم يا بني ، إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي
الكثير .
قال : فمضى علي بباب رجل يستقرض منه شيئا ، فلقيه أعرابي ومعه ناقة
فقال : يا علي اشتر مني هذه الناقة ، قال : ليس معي ثمنها ، قال : فإني أنظرك
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) ربك خ ل .
( * )
[ 47 ]
به إلى القبض ، قال : بكم يا أعرابي ؟ قال : بمائة درهم ، قال علي : خذها يا حسن
فأخذها ، فمضى علي عليه السلام فلقيه أعرابي آخر المثال واحد والثياب مختلفة ، فقال :
يا علي تبيع الناقة ؟ قال علي : وما تصنع بها ؟ قال : أغزو عليها أول غزوة يغزوها
ابن عمك قال : إن قبلتها فهي لك بلاثمن ، قال : معي ثمنها وبالثمن أشتريها ،
فبكم اشتريتها ؟ قال : بمائة درهم ، قال الاعرابي : فلك سبعون ومائة درهم ، قال
علي عليه السلام : خذا السبعين والمائة وسلم الناقة ، والمائة للاعرابي ( 1 ) الذي باعنا الناقة
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 47 سطر 7 الى ص 55 سطر 7
والسبعين لنا نبتاع بها شيئا ، فأخذ الحسن عليه السلام الدراهم وسلم الناقة ، قال علي
عليه السلام : فمضيت أطلب الاعرابي الذي ابتعت منه الناقة لاعطيه ثمنها ، فرأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده ، على قارعة الطريق ،
فلما نظر النبي صلى الله عليه وآله إلي تبسم ضاحكا حتى بدت نواجده ، قال علي عليه السلام :
أضحك الله سنك وبشرك بيومك ، فقال : يا أبا الحسن : إنك تطلب الاعرابي
الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن ؟ فقلت : إي والله فداك أبي وأمي ، فقال : يا أبا
الحسن الذي باعك الناقة جبرئيل والذي اشتراها منك ميكائيل ، والناقة من نوق
الجنة ، والدراهم من عند رب العالمين عزوجل ، فأنفقها في خير ولا تخف إقتارا ( 2 ) .
بيان : لعل منازعتها صلوات الله عليها إنما كانت ظاهرا ( 3 ) لظهور فضله
صلوات الله عليه على الناس ، أو لظهور الحكمة فيما صدر عنه عليه السلام أو لوجه من
الوجوه لا نعرفه ، والنواجد من الاسنان : الضواحك ، وهي التي تبدو عند الضحك
قوله : ( وبشرك بيومك ) أي يوم الشفاعة التي وعدها الله تعالى [ له ] .
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : المائة للاعرابى .
بدون الواو .
( 2 ) أمالى الصدوق : 280 - 282 .
( 3 ) في ( خ ) و ( م ) : انما كانت طابه .
( * )
[ 48 ]
1 - قب : مختار التمار عن أبي مطر البصري أن أمير المؤمنين عليه السلام مر بأصحاب
التمر فإذا هو بجارية تبكي فقال : يا جارية ما يبكيك ؟ فقالت : بعثني مولاي بدرهم
فابتعت من هذا تمر افأتيتهم به فلم يرضوه ، فلما أتيته به أبى أن يقبله ، قال : يا عبدالله
إنها خادم وليس لها أمر ، فاردد إليها درهما وخذ التمر ، فقام إليه الرجل فلكزه ، فقال
الناس : هذا أمير المؤمنين ، فربا الرجل ( 1 ) واصفر وأخذ التمر ورد إليها درهمها
ثم قال : يا أمير المؤمنين ارض عني ، فقال : ما أرضاني عنك إن أصلحت أمرك .
وفي
فضائل أحمد وإذا وفيت الناس حقوقهم .
ودعا عليه السلام غلاما مرارا فلم يجبه ، فخرج فوجده على باب البيت ، فقال :
ماحملك على ترك إجابتي ؟ قال : كسلت عن إجابتك وأمنت عقوبتك ، فقال : الحمد لله
الذي جعلني ممن يأمنه خلقه ، امض فأنت حر لوجه الله .
وكان علي عليه السلام في صلاة الصبح فقال ابن الكواء من خلفه : " ولقد وحي
إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ( 2 ) "
فأنصت علي عليه السلام تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية ، ثم عاد في قراءته ، ثم أعاد
ابن الكواء الآية ، فأنصت علي عليه السلام أيضا ، ثم قرأ فأعاد ابن الكواء ، فأنصت
علي عليه السلام ثم قال : " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ( 3 ) "
ثم أتم السورة وركع .
وبعث أمير المؤمنين عليه السلام إلى لبيد بن عطارد التميمي في كلام بلغه ، فمر
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) أى أخذه الربو ؟ ، وهو علة تحدث في الرئة فتصير النفس صعبا .
( 2 ) سورة الزمر : 65 .
( 3 ) سورة الروم : 60 .
( * )
[ 49 ]
به أمير المؤمنين عليه السلام في بني أسد ، فقام إليه نعيم بن دجاجة الاسدي فأفلته ، فبعث
إليه أمير المؤمنين عليه السلام فأتوه به ، وأمربه أن يضرب فقال له : نعم والله إن المقام
معك لذل ، وإن فراقك لكفر ، فلما سمع ذلك منه قال : قد عفونا عنك إن الله
عزوجل يقول : " ادفع بالتي هي أحسن السيئة ( 1 ) " أما قولك : إن المقام معك
لذل فسيئة اكتسبتها ، وأما قولك إن فراقك لكفر اكتسبتها ، فهذه بهذه .
مرت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إن أبصار
هذه الفحول طوامع ، وإن ذلك سبب هناتها ، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه
فليلمس أهله ، فإنما هي امرأة كامرأة ، فقال رجل من الخوارج : قاتله الله كافرا
ما أفقهه " فوثب القوم ليقتلوه فقال ( 2 ) عليه السلام : رويدا إنما هو سب أو عفو عن
ذنب .
وجاءه أبوهريرة - وكان تكلم فيه وأسمعه في اليوم الماضي - وسأله حوائجه
فقضاها ، فعاتبه أصحابه على ذلك فقال : إني لاستحيي أن يغلب جهله علمي وذنبه
عفوي ومسألته جودي .
ومن كلامه عليه السلام : إلى كم أغضي الجفون على القذي وأسحب ذيلي على
الاذى وأقول لعل وعسى ( 3 ) .
بيان : اللكز : الدفع والضرب بجمع الكف .
ويقال : طمع بصري إليه أي
امتد وعلا ، ويقال في فلان هنات أي خصال شر .
2 - قب : العقد ونزهة الابصار : قال قنبر : دخلت مع أمير المؤمنين عليه السلام
على عثمان فاحب الخلوة فأومأ إلي بالتنحي فتنحيت غير بعيد ، فجعل عثمان
يعاتبه وهو مطرق رأسه وأقبل إليه عثمان فقال : مالك لا تقول ؟ فقال عليه السلام :
ليس جوابك إلا ما تكره ، وليس لك عندي إلا ما تحب ثم خرج قائلا :
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة المؤمنون : 96 .
( 2 ) في المصدر : فقال على عليه السلام .
( 3 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 316 و 317 .
( * )
[ 50 ]
ولو أنني جاوبته لامضه * نوافذ قولي واختصار جوابي -
ولكنني أغضي على مضض الحشا * ولو شئت اقداما لانشب نابي
وأسر مالك الاشتر يوم الجمل مروان بن الحكم ، فعاتبه عليه السلام وأطلقه .
وقالت عائشة يوم الجمل : ملكت فاسجح ، فجهزها أحسن الجهاز وبعث
معها بتسعين امرأة أو سبعين ، واستأمنت لعبدالله بن الزبير على لسان محمد بن أبي بكر
فآمنه وآمن معه سائر الناس .
وجئ بموسى بن طلحة بن عبيد الله فقال له : قل : " أستغفر الله وأتوب إليه " .
ثلاث مرات ، وخلى سبيله ، وقال : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك في عسكرنا
من سلاح أو كراع فخذه ، واتق الله فيما تستقبله من أمرك واجلس في بيتك ( 1 ) .
بيان : قال الجزري في النهاية : قالت عائشة لعلي عليه السلام يوم الجمل حين ظهر :
" ملكت فاسجح " أي قدرت فسهل فأحسن العفو ، وهو مثل سائر ( 2 ) .
والكراع
كغراب اسم لجمع الخيل .
3 - قب : ابن بطة العكبري وأبوداود السجستاني عن محمد بن إسحاق عن
أبي جعفر عليه السلام قال : كان علي عليه السلام إذا أخد أسيرا في حروب الشام أخذ سلاحه
ودابته واستحلفه أن لا يعين عليه .
ابن بطة بإسناده عن عرفجة عن أبيه قال : لما قتل علي أصحاب النهر جاء
بما كان في عسكرهم ، فمن كان يعرف شيئا أخذه ، حتى بقيت قدر ، ثم رأيتها بعد
قد أخذت .
الطبري : لما ضرب علي طلحة العبدري تركه ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله
وقال لعلي عليه السلام ما منعك أن تجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني الله والرحم حين
انكشفت عورته فاستحييته .
ولما أدرك عمرو بن عبدود لم يضربه ، فوقعوا في علي عليه السلام فرد عنه حذيفة
*
_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 317 .
( 2 ) النهاية 2 : 147 .
وفيه : وأحسن العفو .
( * )