[ 51 ]

فقال النبي صلى الله عليه وآله : مه ياحذيفة فإن عليا سيذكر سبب وقفته ، ثم إنه ضربه ، فلما جاء سأله النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال : قد كان شتم أمي وتفل في وجهي ، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي ، فتركته حتى سكن مابي ثم قتلته في الله .
وإنه لما امتنع من البيعة جرت من الاسباب ما هو معروف ، فاحتمل وصبر ، وروي أنه لما طالبوه بالبيعة قال له الاول : بايع ، قال : فإن لم أفعل فمه ؟ قال : والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ، قال : فالتفت علي عليه السلام إلى القبر فقال : " يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " .
الجاحظ في البيان والتبيين إن أول خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام قوله : قد مضت أمور لم تكونوا فيها بمحمودي الرأي ، أما لو أشاء أن أقول لقلت ، ولكن عفا الله عما سلف ، سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب ، همته بطنه ، ياويله لوقص جناحه وقطع رأسه لكان خيرا له .
وقد روى الكافة عنه : اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم ظلموني في الحجر والمدر .
إبراهيم الثقفي عن عثمان بن أبي شيبة والفضل بن دكين بإسنادهما قال علي عليه السلام : ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه إلى يومي هذا .
وروى إبراهيم بإسناده عن المسيب بن نجية قال : بينما علي يخطب وأعرابي يقول : وامظلمتاه ، فقال علي عليه السلام : ادن ، فدنا فقال : لقد ظلمت عدد المدر والوبر ( 1 ) ، وفي رواية كثير بن اليمان ، ومالا يحصى .
أبونعيم الفضل بن دكين بإسناده عن حريث قال : إن عليا عليه السلام لم يقم مرة على المنبر إلا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل : ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه ، وكان عليه السلام بشره دائم ، وثغره باسم ، غيث لمن رغب ، وغياث لمن ذهب ، مآل الآمل ، وثمال الارامل ، يتعطف على رعيته ، ويتصرف على مشيته ، ويكفه *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : عدد المدر والمطر والوبر .
( * )

[ 52 ]

بحجته ( 1 ) ويكفيه بمهجته .
ونظر علي عليه السلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء ، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها ، وسألها عن حالها فقالت : بعث علي بن أبي طالب صاحبي إلى بعض الثغور فقتل ، وترك علي صبيانا يتامى ، وليس عندي شئ ، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس ، فانصرف وبات ليلته قلقا ، فلما أصبح حمل زنبيلا فيه طعام ، فقال بعضهم : أعطنني أحمله عنك ، فقال : من يحمل وزري عني يوم القيامة ؟ فأتى وقرع الباب ، فقالت : من هذا ؟ قال : أنا ذلك العبد الذي حمل معك القربة ، فافتحي فإن معي شيئا للصبيان ، فقالت : رضي الله عنك وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب ، فدخل وقال : إني أحببت اكتساب الثواب ، فاختاري بين أن تعجنين وتخبزين وبين أن تعللين الصبيان لاخبز أنا ، فقالت : أنا بالخبز أبصر وعليه أقدر ، ولكن شأنك والصبيان ، فعللهم حتى أفرغ من الخبز ، قال ( 2 ) : فعمدت إلى الدقيق فعجنته ، وعمد علي عليه السلام إلى اللحم فطبخه ، وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره ، فكلما ناول الصبيان من ذلك شيئا قال له : يا بني اجعل علي بن أبي طالب في حل مما أمر في أمرك ( 3 ) ، فلما اختمر العجين قالت : يا عبدالله اسجر التنور فبادر لسجره فلما أشعله ولفح في وجهه جعل يقول : ذق يا علي هذا جزاء من ضيع الارامل واليتامى ، فرأته امرأة تعرفه فقالت : ويحك هذا أمير المؤمنين ، قال : فبادرت المرأة وهي تقول : واحيائي منك يا أمير المؤمنين ، فقال : بل واحيائي منك يا أمة الله فيما قصرت في أمرك ( 4 ) .
4 - قب : سئل عليه السلام عن رجل فقال : توفي البارحة فلما رأى جزع السائل *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ويكلؤه بحجته .
( 2 ) كذا في النسخ وهو سهو ، والصحيح " قالت " .
( 3 ) في المصدر : مما مر في أمرك .
( 4 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 317 - 319 .
( * )

[ 53 ]

قرأ : " الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " ( 1 ) .
5 - ب : عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه عليه السلام أن عليا عليه السلام صاحب رجلا ذميا ، فقال له الذمي : أين تريد يا عبد الله ؟ قال : أريد الكوفة ، فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه علي ، فقال له الذمي : أليس زعمت تريد الكوفة ؟ قال : بلى ، فقال له الذمي : فقد تركت الطريق ، فقال : قد علمت ، فقال له : فلم عدلت معي وقد علمت ذلك ؟ فقال له علي عليه السلام : هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذلك أمرنا نبينا ، فقال له : هكذا ؟ قال : نعم ( 2 ) ، فقال له الذمي : لا جرم إنما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة ، وأنا أشهدك أني على دينك ، فرجع الذمي مع علي عليه السلام ، فلما عرفه أسلم ( 3 ) .
كا : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن ابن صدقة مثله ( 4 ) .
6 - كا : العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخل رجلان على أمير المؤمنين عليه السلام فألقى لكل واحدة ( 5 ) منهما وسادة ، فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اقعد عليها فإنه لا يأبى الكرامة إلا الحمار ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ( 6 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 638 .
والاية في سورة الزمر : 43 .
( 2 ) في المصدر : فقال له هكذا قال ؟ قال : نعم .
( 3 ) قرب الاسناد : 7 .
( 4 ) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : 670 .
( 5 ) في المصدر : لكل واحد .
( 6 ) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : 659 .
( * )

[ 54 ]


باب 105 : تواضعه صلوات الله عليه  

1 - قب : الاصبغ عن علي عليه السلام في قوله : " وعباد الرحمن ( 1 ) " قال : فينا نزلت هذه الآية .
الصادق عليه السلام : كان أمير المؤمنين عليه السلام يحطب ويستسقي ويكنس ، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز .
الابانة عن ابن بطة والفضائل عن أحمد أنه اشترى تمرا بالكوفة ، فحمله في طرف ردائه ، فتبادر الناس إلى حمله وقالوا : يا أمير المؤمنين نحن نحمله ، فقال عليه السلام : رب العيال أحق بحمله .
قوت القلوب عن أبي طالب المكي : كان علي عليه السلام يحمل التمر والمالح ( 2 ) بيده ويقول : لا ينقص الكامل من كماله * ماجر من نفع إلى عياله زيد بن علي : إنه كان يمشى في خمسة حافيا ويعلق نعليه بيده اليسرى : يوم الفطر والنحر والجمعة ( 3 ) وعند العيادة وتشييع الجنازة ، ويقول : إنها مواضع الله ، وأحب أن أكون فيها حافيا .
زاذان إنه كان يمشي في الاسواق وحده وهو ذاك يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ : " تلك الدار الآخرة نجعلها " الآية ( 4 ) .
*

_________________________________________________________
) ( 1 ) سورة الفرقان : 63 .
( 2 ) أى السمك المالح : قال الفيومى في المصباح ( 2 : 123 ) : سمك ملح ومملوح ومليح وهو المقدد : ولا يقال " مالح " الا في لغة رديئة .
( 3 ) في المصدر : ويوم الجمعة .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 309 و 310 والاية في سورة القصص : 83 .
( * )

[ 55 ]

2 - سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه وهو راكب ، فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال : لكم حاجة ؟ فقالوا : لا يا أمير المؤمنين ، ولكنا نحب أن نمشي معك ، فقال لهم : انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي ، قال : وركب مرة اخرى فمشوا خلفه ، فقال : انصرفوا فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكى ( 1 ) .
كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير مثله إلى قوله : معرة للراكب
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 55 سطر 8 الى ص 63 سطر 8 ومذلة للماشي ( 2 ) .
3 - قب : عن الصادق عليه السلام مثله .
وترجل دهاقين الانبار له وأسندوا بين يديه ، فقال عليه السلام : ما هذا الذي صنعتموه ؟ قالوا : خلق منا نعظم به أمراءنا ، فقال : والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم ، وإنكم لتشقون به على أنفسكم ، وتشقون به في آخرتكم ، وما أخسر المشقة وراءها العقاب ، وما أربح الراحة معها الامان من النار ( 3 ) .
4 - قب : أبوعبدالله عليه السلام قال : افتخر رجلان عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال عليه السلام : أتفتخران بأجساد بالية وأرواح في النار ؟ إن يكن له عقل فإن لك خلفا ، وإن لم يكن له تقوى فإن لك كرما ، وإلا فالحمار خير منكما ، ولست بخير من أحد ( 4 ) .
5 - ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري أنه قال : أعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاء لها أعظمهم عندالله شأنا ، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام حقا ، ولقد ورد على *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
والنوكى جمع الانواك : الاحمق .
( 2 ) فروع الكافى ( الجزء السادس من الطبعة الحديثة ) : 540 .
وفيه : مفسدة للراكب .
( 3 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 310 .
( 4 ) 1 : 310 .
ولم نتحقق معنى الرواية .
( * )

[ 56 ]

أمير المؤمنين عليه السلام أخوان له مؤمنان أب وابن ، فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه ، وجلس بين أيديهما ، ثم أمر بطعام فأحضر ، فأكلامنه ، ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل ليلبس ( 1 ) .
وجاء ليصب على يد الرجل ( 2 ) فوثب أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ الابريق ليصب على يد الرجل ، فتمرغ الرجل في التراب وقال : يا أمير المؤمنين الله يراني وأنت تصب على يدي ؟ ! قال : اقعد واغسل ( 3 ) فإن الله عزوجل يراك ، وأخوك الذي لا يتميز منك ولا ينفصل عنك ( 4 ) يخدمك ، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا ، وعلى حسب ذلك في مماليكه فيها ، فقعد الرجل فقال له علي عليه السلام : أقسمت ( 5 ) بعظيم حقي الذي عرفته ونحلته وتواضعك لله حتى جازاك عنه بأن تدنيني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبرا ففعل الرجل ذلك ، فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية وقال : يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصبيت على يده ، ولكن الله عزوجل يأبى أن يسوي .
بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان لكن قد صب الاب على الاب فليصب الابن على الابن فصب محمد بن الحنفية على الابن ، ثم قال الحسن بن علي العسكري عليه السلام : فمن اتبع عليا على ذلك فهو الشيعي حقا ( 6 ) .
6 - قب : حلية الاولياء ونزهة الابصار أنه مضى عليه السلام ( 7 ) في حكومة إلى شريح مع يهودي ، فقال ( 8 ) : يا يهودي الدرع درعي ولم أبع ولم أهب ، فقال *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : ليبس .
( 2 ) : على يد الرجل ماء .
( 3 ) : اقعد واغسل يدك .
( 4 ) : ولا يتفضل عنك .
( 5 ) : أقسمت عليك .
( 6 ) الاحتجاج : 256 و 257 .
ورواه في المناقب 1 : 310 .
( 7 ) في المصدر : أنه مضى على عليه السلام .
( 8 ) : فقال له .
( * )

[ 57 ]

اليهودي : الدرع لي وفي يدي ، فسأله شريح البينة ، فقال : هذا قنبر والحسين يشهدان لي بذلك ، فقال شريح : شهادة الابن لا تجوز لابيه ، وشهادة العبد لا نجوز لسيده وإنهما يجران إليك " فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ويلك يا شريح أخطات من وجوه ، أما واحدة فأنا إمامك تدين الله بطاعتي وتعلم أني لا أقول باطلا ، فرددت قولي وأبطلت دعواي ، ثم سألتني البينة فشهد عبد ( 1 ) وأحد سيدي شباب أهل الجنة فرددت شهادتهما ، ثم ادعيت عليهما أنهما يجر أنهما يجران إلى أنفسهما ، أما إني لا أرى عقوبتك إلا أن تقضي بين اليهود ثلاثة أيام ! أخرجوه ، فأخرجه إلى قبا فقضى بين اليهود ثلاثا ، ثم انصرف ، فلما سمع اليهودي ذلك قال : هذا أمير المؤمنين جاء إلى الحاكم والحاكم حكم عليه ! فأسلم ثم قال : الدرع درعك سقطت يوم صفين من جمل أورق فأخذتها ( 2 ) .
7 - قب : الباقر عليه السلام في خبر أنه رجع علي عليه السلام إلى داره في وقت القيظ فإذا امرأة قائمة تقول : إن زوجي ظلمني وأخافني وتعدى علي وحلف ليضربني فقال : يا أمة الله اصبري حتى يبرد النهار ثم أذهب معك إن شاء الله ، فقالت : يشتد غضبه وحرده علي ، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول : لا والله أو يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع ، أين منزلك ؟ فمضى إلى بابه فوقف فقال : السلام عليكم ، فخرج شاب ، فقال علي عليه السلام : يا عبدالله اتق الله فإنك قد أخفتها وأخرجتها ، فقال الفتى : وما أنت وذاك ؟ والله لاحرقنها لكلامك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر تستقبلني بالمنكر وتنكر المعروف ؟ قال : فأقبل الناس من الطرق ويقولون : سلام عليكم يا أمير المؤمنين ، فسقط الرجل في يديه فقال : يا أمير المؤمنين أقلني [ في ] عثرتي ، فوالله لاكونن لها أرضا تطأني ، فأغمد علي سيفه فقال : يا أمة الله ادخلي منزلك ولا تلجئي زوجك إلى مثل هذا وشبهه .
وروى *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : عبدي .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 310 و 311 قال في القاموس ( 3 : 289 ) : الاورق من الابل ما في لونه بياض إلى سواد ، وهو من أطيب الابل لحما لا سيرا وعملا .
( * )

[ 58 ]

الفنجكردي في سلوة الشيعة له : ودع التجبر والتكبر يا أخي * إن التكبر للعبيد وبيل - واجعل فؤادك للتواضع منزلا * إن التواضع بالشريف جميل ( 1 ) 8 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يضرب بالمر ( 2 ) ويستخرج الارضين وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يمص النوى بفيه ويغرسه فيطلع من ساعته ، وإن أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من ماله وكد يده ( 3 ) .
9 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لقي رجل أمير المؤمنين عليه السلام وتحته وسق من نوى ، فقال له : ما هذا يا أبا الحسن تحتك ؟ فقال : مائة ألف عذق إن شاء الله ، قال : فغرسه فلم يغادر منه نواة واحدة ( 4 ) .
10 - كا : العدة ، عن سهل عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرج ومعه أحمال النوى ، فيقال له : يا أبا الحسن ما هذا معك ؟ فيقول : نخل إن شاء الله ، فيغرسه فما يغادر منه واحدة ( 5 ) .
11 - كا : العدة ، عن سهل ، عن داود بن مهران ، عن الميثمي ، عن رجل عن جويرية بن مسهر قال : اشتددت خلف أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي : يا جويرية إنه لم يهلك هؤلاء الحمقى إلا بخفق النعال خلفهم ، ماجاء بك ؟ قلت : جئت أسألك عن ثلاث : عن الشرف وعن المروة وعن العقل .
قال : أما الشرف فمن شرفه السلطان شرف ، وأما المروة فإصلاح المعيشة ، وأما العقل فمن اتقى الله عقل ( 6 ) .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 311 .
( 2 ) المر : المسحاة .
( 3 ) فروع الكافى ( الجزء الخامس من الطبعة الحديثة ) : 74 .
( 4 ) : 74 و 75 .
( 5 ) : 75 .
وفيه : فلم يغادر .
( 6 ) لم نظفر به في المصدر .
( * )

[ 59 ]

12 - نهج : مدحه عليه السلام قوم في وجهه فقال : اللهم إنك [ أنت ] أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون ، واغفرلنا مالا يعلمون ، وقال عليه السلام وقدرئي عليه إزار خلق مرقوع فقيل له في ذلك فقال : يخشع له القلب ، وتذل به النفس ويقتدي به المؤمنون ( 1 ) .

باب 106 : مهابته وشجاعته ، والاستدلال بسابقته في الجهاد على امامته وفيه بعض نوادر غزواته  

1 - قب : اجتمعت الامة ووافق الكتاب والسنة أن لله خيرة من خلقه ، وأن خيرته من خلقه المتقون ، قوله : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( 2 ) " وأن خيرته من المتقين المجاهدون ، قوله : " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ( 3 ) " وأن خيرته من المجاهدين السابقون إلى الجهاد ، قوله : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ( 4 ) " الآية ، وأن خيرته من المجاهدين [ السابقين ] أكثرهم عملا في الجهاد ، واجتمعت الامة على أن السابقين إلى الجهاد هم البدريون ، وأن خيرة البدريين علي ، فلم يزل القرآن يصدق بعضه بعضا باجماعهم ، حتى دلوا بأن عليا خيرة هذه الامة بعد نبيها .
العلوي البصري : ولويستوي بالنهوض الجلوس * لما بين الله فضل الجهاد *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) 2 : 164 و 165 .
( 2 ) سورة الحجرات : 13 .
( 3 ) النساء : 95 .
( 4 ) الحديد : 10 .
( * )

[ 60 ]

قوله تعالى : " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ( 1 ) " فجاهد النبي صلى الله عليه وآله الكفار في حياته ، وأمر عليا بجهاد المنافقين ، قوله : " تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين " وحديث خاصف النعل ، وحديث كلاب الحوأب ، وحديث " تقتلك الفئة الباغية " وحديث ذي الثدية وغير ذلك ، وهذا من صفات الخلفاء ، ولا يعارض ذلك بقتال أهل الردة ، لان النبي صلى الله عليه وآله كان أمر عليا بقتال هؤلاء بإجماع أهل الاثر وحكم المسمين أهل الردة لا يخفى على منصف .
المعروفون بالجهاد علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث والزبير وطلحة وأبودجانة وسعد بن أبي وقاص والبراء بن عازب وسعد بن معاذ ومحمد بن مسلمة وقد اجتمعت الامة على أن هؤلاء لا يقاس بعلي في شوكته وكثرة جهاده ، فأما أبوبكر وعمر فقد تصفحنا كتب المغازي فما وجدنا لهما فيه أثرا البتة ، وقد اجتمعت الامة أن عليا كان المجاهد في سبيل الله ، والكاشف الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ، المقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضر النبي صلى الله عليه وآله ، وإذا حضر فهو تاليه والصاحب للراية ( 2 ) واللواء معا ، وما كان قط تحت لواء أحد ، ولا فر من زحف وإنهما فرا في غير موضع ، وكانا تحت لواء جماعة .
واستدل أصحابنا بقوله : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله ( 3 ) " أن المعني بها أمير المؤمنين عليه السلام لانه كان جامعا لهذه الخصال بالاتفاق ، ولا قطع على كون *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة التوبة : 73 .
التحريم : 9 .
( 2 ) في المصدر : وصاحب الراية .
( 3 ) كذا في النسخ والصمدر وهو سهو ، والاية كذلك : " ليس البران تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون " سورة البقرة : 177 .
( * )