[ 61 ]

غيره جامعا لها ، ولهذا قال الزجاج والفراء : كأنها مخصوصة بالانبياء والمرسلين ابن عباس في قوله : " وله أسلم من في السماوات والارض ( 1 ) " قال : أسلمت الملائكة في السماوات والمؤمنون في الارض ، وأولهم علي إسلاما ومع المشركين قتالا ، وقاتل من بعده المقاتلين ومن أسلم كرها .
تفسير عطاء الخراساني : قال ابن عباس في قوله : " ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ( 2 ) " : أي قوى ظهرك بعلي بن أبي طالب .
أبومعاوية الضرير عن الاعمش عن مجاهد في قوله : " هو الذي أيدك بنصره ( 3 ) " أي قواك بأمير المؤمنين وجعفر وحمزة وعقيل ، وقد روينا نحو ذلك عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة .
كتاب أبي بكر الشيرازي قال ابن عباس : " وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق " يعني مكة " واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ( 4 ) " قال : لقد استجاب الله لنبيه دعاءه ، وأعطاه علي بن أبي طالب عليه السلام سلطانا ينصره على أعدائه .
العكبري في فضائل الصحابة عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : اللهم ابعث إلي من بني عمي من يعضدني فهبط عليه جبرئيل كالمغضب فقال : يا محمد أو ليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله ؟ يعني بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام .
أبوالمضاصبيح مولى الرضا عن الرضا عن آبائه عليهم السلام في قوله : " لننصر رسلنا والذين آمنوا ( 5 ) " قال : منهم علي .
قوله : " إن الله يحب الذين يقاتلون في *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة آل عمران : 83 .
( 2 ) الشرح : 2 و 3 .
( 3 ) الانفال : 62 .
( 4 ) الاسراء : 80 .
( 5 ) غافرا : 51 .
( * )

[ 62 ]

سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " ( 1 ) وكان عليه السلام إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص ، وما قتل المشركين قتله أحد .
سفيان الثوري : كان علي بن أبي طالب عليه السلام كالجبل بين المسلمين والمشركين أعز الله به المسلمين وأذل به المشركين ، ويقال : إنه نزل فيه : " وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم ( 2 ) " .
أبوجعفر وأبوعبدالله عليهما السلام : نزلت قوله : ولا يرهق وجوههم قترولا ذلة ( 3 ) " في أمير المؤمنين عليه السلام .
وفي حديث خيبر ( 4 ) : أنت أول من آمن بي ، وأول من جاهد معي ، وأول من ينشق عنه القبر .
وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا خرج من بيته تبعه أحداث المشركين يرمونه بالحجارة حتى أدموا كعبه وعرقوبيه ( 5 ) ، فكان علي يحمل عليهم فينهزمون ، فنزل : " كأنهم حمر مستفرة فرت من قسورة ( 6 ) " .
ولا خلاف [ في ] أن أول مبارز في الاسلام علي وحمزة وأبوعبيدة بن الحارث في يوم بدر ، قال الشعبي : ثم حمل علي عليه السلام على الكتيبة مصمما وحده .
واجتمعت الامة أنه مارئي أحداد عيت له الامامة عمل في الجهاد ما عمل علي عليه السلام قال الله تعالى : " ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ( 7 ) " ولقد فسر قوله : " ولقد كنتم تمنون الموت ( 8 ) " *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة الصف : 4 .
( 2 ) الحج : 78 .
( 3 ) يونس : 26 .
( 4 ) في المصدر : وفى حديث جبير .
( 5 ) العرقوب : عصب غليظ فوق العقب .
( 6 ) سورة المدثر : 50 و 51 .
( 7 ) التوبة : 120 .
( 8 ) " آل عمران : 143 .
( * )

[ 63 ]

يعني عليا ، لان الكفار كانوا يسمونه الموت الاحمر ، سموه يوم بدر لعظم بلائه ونكايته ، قال المفسرون : لما أسر العباس يوم بدر أقبل المسلمون فعيروه بكفره بالله وقطيعة الرحم ، وأعلظ علي عليه السلام له القول ، فقال العباس : مالكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا ؟ فقال علي عليه السلام : ألكم محاسن ؟ قال : نعم إنا لنعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة ، ونسقي الحاج ، ونفك العاني ( 1 ) ، فأنزل الله تعالى ردا على العباس ووفاقا لعلي بن أبي طالب عليه السلام " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ( 2 ) " الآية ، ثم قال : " إنما يعمر مساجد الله ( 3 ) " الآية ، ثم قال : " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر
-بحار الانوار مجلد: 37 من ص 63 سطر 9 الى ص 71 سطر 9 وجاهد في سبيل الله ( 4 ) " .
وروى إسماعيل بن خالد عن عامر ، وابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ، والسدي عن أبي صالح وابن أبي خالد وزكريا عن الشعبي أنه نزل هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام .
الثعلبي والقشيري والجبائي والفلكي في تفاسيرهم ، والواحدي في أسباب نزول القرآن عن الحسن البصري وعامر الشعبي ومحمد بن كعب القرظي وروينا عن عثمان بن أبي شيبة ووكيع بن الجراح وشريك القاضي ومحمد بن سيرين ومقاتل بن سليمان والسدي وأبي مالك ومرة الهمداني وابن عباس أنه افتخر العباس بن عبدالمطلب فقال : أنا عم محمد وأنا صاحب سقاية الحجيج ، فأنا أفضل من علي بن أبي طالب ، وقال : فقال شيبة بن عثمان أو طلحة الداري أو عثمان : وأنا أعمر بيت الله الحرام وصاحب حجابته فأنا أفضل ، وسمعهما علي عليه السلام وهما يذكران ذلك ، فقال عليه السلام : أنا أفضل منكما ، لقد صليت قبلكما ست سنين وفي *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) العانى : الاسير .
( 2 ) سورة التوبة : 17 .
( 3 ) : 18 .
( 4 ) : 19 .
( * )

[ 64 ]

رواية سبع سنين - وأنا أجاهد في سبيل الله وفي رواية الحسكاني عن أبي بريدة أن عليا عليه السلام قال : استحققت لكل فضل ، أوتيت على صغري مالم تؤتيا ، فقالا : وما أوتيت يا علي ؟ قال : ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله وبرسوله ، فشكا العباس ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : ما حملك على ما استقبلت به عمك ؟ فقال : صدمته بالحق فمن شاء فليغضب ومن شاء فليرض ، فنزل هذه الآية .
في بعض التفاسير أنه نزل قوله تعالى : " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر ( 1 ) " الآية في علي عليه السلام لانه قتل عشيرته مثل عمرو بن عبدود والوليد بن عتبة في خلق ( 2 ) .
2 - قب : وصف الله تعالى أصحاب محمد فقال : " والذين معه أشداء على الكفار ( 3 ) " ثبتت هذه الصفة لعلي عليه السلام دون من يدعون له ، لشدة علي عليه السلام على الكفار ( 4 ) .
وقال تعالى : في قصة طالوت " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ( 5 ) " واجتمعت الامة أن عليا عليه السلام ( 6 ) أشد من أبي بكر ، واجتمعت أيضا على علمه واختلفوا في علم أبي بكر ، وليس المجتمع عليه كالمختلف فيه .
الباقر والرضا عليهما السلام في قوله : " لينذر بأسا شديدا من لدنه ( 7 ) " البأس الشديد علي بن أبي طالب عليه السلام وهو لدن رسول الله صلى الله عليه وآله يقاتل معه عدوه .
ويروى أنه نزل فيه " والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ( 8 ) " .
علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن الحسين عن ابن عباس أن عبدالله بن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) سورة المجادلة : 22 .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 283 - 286 .
( 3 ) سورة الفتح : 29 .
( 4 ) في المصدر : دون من يدعون له الشدة على الكفار .
( 5 ) سورة البقرة : 247 .
( 6 ) في المصدر : على أن عليا .
( 7 ) سورة الكهف : 2 .
( 8 ) البقرة : 177 .
( * )

[ 65 ]

ابي [ بن ] سلول كان يتنحى من النبي صلى الله عليه وآله مع المنافقين في ناحية من العسكر ليخوضوا في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة حنين ، فلما أقبل راجعا إلى المدينة رأى جفالا ( 1 ) وهو مسلم لطم للحمقاء وهو منافق ، فغضب ابن أ بي [ بن ] سلول وقال : لو كففتم إطعام هؤلاء لتفرقوا عنه - يعني عن النبي صلى الله عليه وآله - والله لئن رجعنا من غزوتنا هذه إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل - يعني نفسه والنبي صلى الله عليه وآله - فأخبر زيد بن أرقم النبي صلى الله عليه وآله بمقالة ، فأتى ابن أ بي [ بن ] سلول في أشراف الانصار إلى النبي صلى الله عليه وآله يعذرونه ويكذبون زيدا ، فاستحيا زيد ، فكف عن إتيان رسول الله صلى الله عليه وآله ، فنزل " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ( 2 ) " يعني والقوة والقدرة لامير المؤمنين وأصحابه على المنافقين ، فأخذ رسول الله بيد زيد وعركها وقال : ابشر يا صادق فقد صدق الله حديثك وأكذب صاحبك المنافق ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام .
عجب ( 3 ) لمن يقاس بمن لم يصب محجمة من دم في جاهلية أو إسلام مع من علم أنه قتل في يوم بدر خمسا وثلاثين مبارزا دون الجرحى على قول العامة ، وهو ( 4 ) الوليد بن عبتة ، والعاص بن سعيد بن العاص ، وطعمة بن عدي بن نوفل وحنظلة بن أبي سفيان ، ونوفل بن خويلد ، وزمعة بن الاسود ، والحارث بن زمعة ، والنضر بن الحارث بن عبدالدار ، وعمير بن عثمان بن كعب عم طلحة ، وعثمان ومالكا ( 5 ) أخوا طلحة ، ومسعود بن أبي امية بن المغيرة ، وقيس بن الفاكهة بن المغيرة ، و *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : حفالا .
( 2 ) سورة المنافقين : 8 .
( 3 ) في المصدر : عجبت خ ل .
( 4 ) في المصدر : وهم .
( 5 ) الصحيح كما في المصدر : ومالك .
( * )

[ 66 ]

أبوالقيس بن الوليد بن المغيرة ، وعمرو بن مخزوم ، والمنذر بن أبي رفاعة ، ومنبه بن الحجاج السهمي ، والعاص بن منبه ، وعلقمة بن كلدة ، وأبوالعاص بن قيس بن عدي ، ومعاوية بن المغيرة بن أبي العاص ، ولوذان بن ربيعة ، وعبدالله بن المنذر بن أبي رفاعة ، ومسعود بن أمية بن المغيرة ، والحاجب بن السائب بن عويمر ، وأوس ابن المغيرة بن لوذان ، وزيد بن مليص ، وعاصم بن أبي عوف : وسعيد بن وهب ، و معاوية بن عامر بن عبدالقيس ، وعبدالله بن جميل بن زهير ، والسائب بن سعيد بن مالك ، وأبوالحكم بن الاخنس ، وهشام بن أبي أمية .
ويقال : قتل بضعة وأربعين رجلا .
وقتل عليه السلام في يوم احد كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة ، وابنه أبا سعيد وإخوته خالدا ومخلدا وكلدة والمحالس وعبدالرحمن بن حميد بن زهرة ، والحكم بن الاخنس بن شريق الثقفي ، والوليد بن أرطاة ، وأمية بن أبي حذيفة ، وأرطاة بن شرجيل ( 1 ) وهشام بن أمية ، ومسافع ، وعمرو بن عبدالله الجمحي ، وبشر بن مالك المغافري ، وصواب مولى عبدالدار ، وأبا حذيفة بن المغيرة ، وقاسط بن شريح العبدري ، والمغيرة بن المغيرة ، وسوى من قتلهم بعد ماهزمنهم .
ولا إشكال في هزيمة عمر وعثمان وإنما الاشكال في أبي بكر ، هل ثبت إلى وقت الفرج أو انهزم ؟ .
وقتل عليه السلام يوم الاحزاب عمرو بن عبدود وولده ، ونوفل بن عبدالله بن المغيرة ومنبه بن عثمان العبدري ، وهبيرة بن أبي هبيرة المخزومي ، وهاجت الرياح وانهزم الكفار .
وقتل عليه السلام يوم حنين أربعين رجلا وفارسهم أبوجرول ، وإنه قده عظيما بنصفين بضربة في الخوذة والعمامة والجوشن والبدن إلى القربوس ، وقد اختلفوا في اسمه ، ووقف عليه السلام يوم حنين في وسط أربعة وعشرين ألفا ضارب سيف إلى أن ظهر المدد من السماء .
وفي غزاة السلسلة قتل السبعة الاشداء ، وكان أشدهم آخرهم ، وهو سعيد بن *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) في المصدر : شرحبيل .
( * )

[ 67 ]

مالك العجلي ، وفي بني النضير قتل أحد عشر منهم غرورا ، وفي بني قريظة ضرب أعناق رؤساء اليهود ، مثل حبي بن أخطب ، وكعب بن الاشرف .
وفي غزوة بني المصطلق قتل مالكا وابنه .
الفائق : كانت لعلي عليه السلام ضربتان : إذا تطاول قد وإذا تقاصر قط .
وقالوا كانت ضرباته أبكارا ، إذا اعتلى قد وإذا اعترض قط ، وإذا أتى حصنا هد ، وقالوا : كانت ضرباته مبتكرات لا عونا ، يقال : ضربة بكر أبي قاطعة لا تثنى ، والعون التي وقعت مختلسة فأحوجت إلى المعاودة ، ويقال : أنه كان يوقعها على شدة في الشدة لم يسبقه إلى مثلها بطل ، زعمت الفرس أن أصول الضرب ستة وكلها مأخوذة عنه وهي : علوية وسفلية وغلبة وماله وحاله وجروهام ( 1 ) .
بيان : قال الجزري في النهاية : في الحديث " كانت ضربات علي مبتكرات لا عونا " أي إن ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها ، لا يحتاج [ إلى ] أن يعيد الضربة ثانية ، يقال : ضربه بكر إذا كانت قاطعة لا تثنى ، والعون جمع عوان وهي في الاصل الكهلة من النساء ، ويريد بها هنا المثناه ( 2 ) .
وفي يوم الفتح قتل فاتك العرب أسد بن غويلم ، وفي غزوة وادي الرمل قتل مبارزيهم ، وبخيبر قتل مرحبا وذاالخمار وعنكبوتا ، وفي الطائف هزم خيل ضيغم ، وقتل شهاب بن عيس ونافع بن غيلان ، وقتل مهلعا وجناحا وقت الهجرة ، وقتاله لاحداث مكة عند خروج النبي صلى الله عليه وآله من داره إلى مسجد ، ومبيته على فراشه ليلة الهجرة وله المقام المشهور في الجمل حتى بلغ إلى قطع يد الجمل ( 3 ) ، ثم قطع رجليه حتى سقط ، وله ليلة الهرير ثلاث مائة تكبيرة ، أسقط بكل تكبيرة عدوا ، وفي رواية : خمسمائة وثلاثة وعشرون ، رواه الاعثم ، وفي رواية سبعمائة ، ولم يكن لدرعه ظهر ولا لمركوبه كر وفر .
*

_________________________________________________________
) * ( 1 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 294 - 296 .
( 2 ) النهاية 1 : 91 .
( 3 ) في المصدر : حتى قطع يد الجمل .
( * )

[ 68 ]

وفيما كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى عثمان بن حنيف : لو تظاهرت العرب على قتالي لما و ليت عنها ، ولو أمكنت الفرصة من رقابها لسارعت إليها .
وفي الفائق أن عليا حمل على المشركين ، فما زالوا يبقطون - يعني تعادوا إلى الجبال منهزمين - و كانت قريش إذا رأوه في الحرب تواصت خوفا منه ، وقد نظر إليه رجل وقد شق العسكر فقال : علمت بأن ملك الموت في الجانب الذي فيه علي .
وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وآله كرارا غير فرار في حديث خيبر ، وكان النبي صلى الله عليه وآله يهدد الكفار به عليه السلام .
روى أحمد بن حنبل في الفضائل عن شداد بن الهاد قال : لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وفد من اليمن ليسرح فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم لتقيمن الصلاة أولا بعثن إليكم رجلا يتقل المقاتلة ويسبي الذرية ؟ قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم أنا أو هذا ، وانتشل بيد علي عليه السلام .
تاريخ النسوي قال عبدالرحمن بن عوف : قال النبي صلى الله عليه وآله لاهل الطائف في خبر : والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أولا بعثن إليكم رجلا مني أو كنفسي ؟ فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم ( 1 ) ، قال : فرأى الناس أنه عنى أبابكر وعمر ! فأخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : هذا .
صحيح الترمذي وتاريخ الخطيب وفضائل السمعاني أنه قال صلى الله عليه وآله يوم الحديبية لسهيل بن عمير : يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين ، الخبر ولذلك فسر الرضا عليه السلام قوله : " والذين معه أشداء على الكفار ( 2 ) " أن عليا منهم .
وقال معاوية يوم صفين : أريد منكم والله أن تشجروه بالرماح فتريح العباد ( 3 ) والبلاد منه ، قال مروان : والله لقد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) الظاهر : مقاتليكم وليسبين ذراريكم .
( 2 ) سورة الفتح : 29 .
( 3 ) في المصدر : فتريحوا العباد .
وشجر الرجل بالرمح : طعنه .
( * )

[ 69 ]

بقتل حية الوادي والاسد العاوي ( 1 ) ، ونهض مغضبا فأنشأ الوليد بن عقبة : يقول لنا معاوية بن حرب * أما فيكم لواتر كم طلوب - يشد على أبي حسن علي * بأسمر لا تهجنه الكعوب - فقلت له أتلعب يابن هند * فإنك بيننا رجل غريب - أتأمرنا بحية بطن واد * يتاح لنا به أسد مهيب - كأن الخلق لما عاينوه * خلال النقع ليس لهم قلوب فقال عمرو : والله ما يعير أحد بفراره من علي بن أبي طالب عليه السلام .
ولما نعي بقتل أميرالمؤمنين عليه السلام دخل عمروبن العاص على معاوية مبشرا فقال : إن الاسد المفترش ذراعيه بالعراق لاقى شعوبه ، فقال معاوية : قل للارانب تربع حيث ما سلكت * وللظباء بلا خوف ولا حذر أبوالسعادات في فضائل العشرة : روي أن عليا عليه السلام كان يحارب رجلا من المشركين ، فقال المشرك : يا ابن أبي طالب هبني سيفك ، فرماه إليه ، فقال المشرك : عجبا يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إلي سيفك ؟ ! فقال : يا هذا إنك مددت يد المسألة إلي ، وليس من الكرم أن يرد السائل ، فرمى الكافر نفسه إلى الارض وقال : هذه سيرة أهل الدين ، فقبل ( 2 ) قدمه وأسلم .
وقال له جبرئيل : لا سيف إلا ذوالفقار ولا فتى إلا علي .
وروى الخلق أن يوم بدر لم يكن عند الرسول صلى الله عليه وآله ماء ، فمر علي يحمل الماء إلى وسط العدو ، وهم على بئر بدر فيما بينهم ، وجاء إلى البئر ونزل وملا السطيحة ووضعها على رأس البئر ، فسمع حسا وإثارا لمن يقصده ( 3 ) ، فبرك في البئر ، فلما سكن صعد فرأى الماء مصبوبا ، ثم نزل ثانيا فكان مثل ذلك ، فنزل ثالثا وحمل الماء ولم يصعد بل صعد به حاملا للماء ، فلما حمل إلى النبي صلى الله عليه وآله ضحك *

_________________________________________________________
) * ( 1 ) كذا في ( ك ) وفي غيره من النسخ والمصدر : العادى .
( 2 ) في المصدر : فباس قدمه .
( 3 ) كذا في ( ك ) : وفي غيره من النسخ والمصدر : وأشار لمن يقصده .
( * )

[ 70 ]

النبي صلى الله عليه وآله في وجهه وقال : أنت تحدث أوأنا ؟ فقال : بل أنت يا رسول الله فكلامك أحلى ، فقص عليه ، ثم قال له : كان ذلك جبرئيل يجرب ويري الملائكة ثبات قلبك .
محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عبدالله بن الحارث ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وأبوعمرو عثمان بن أحمد ، عن محمد بن هارون بإسناد عن ابن عباس في خبر طويل أنه أصاب الناس عطش شديد في الحديبية ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : هل من رجل يمضي مع السقاة إلى بئر ذات العلم فيأتينا بماء وأضمن له على الله الجنة ؟ فذهب جماعة فيهم سلمة بن الاكوع ، فلما دنوا من الشجرة والبئر سمعوا حسا وحركة شديدة وقرع طبول ، ورأوا نيرانا تتقد بغير حطب ، فرجعوا خائفين ، ثم قال : هل من رجل يمضي مع السقاة فيأتينا بالماء وأضمن له على الله الجنة ؟ فمضى رجل من بني سليم وهو يرتجز : أمن عزيف ظاهر نحو السلم * ينكل من وجهه خير الامم - من قبل أن يبلغ آبار العلم * فيستقي والليل مبسوط الظلم - ويأمن الذم وتوبيخ الكلم فلما وصلوا إلى الحس رجعوا وجلين ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : هل من رجل يمضي مع السقاة إلى البئر ذات العلم فيأتينا بالماء أضمن له على الله الجنة ؟ فلم يقم أحد ، واشتد بالناس العطش وهم صيام ، ثم قال لعلي عليه السلام : سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر ذات العلم وتستقي وتعود إن شاء الله فخرج علي قائلا : أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهروا تأويلا - وأوقدت نيرانها تغويلا * وقرعت مع عزفها الطبولا قال : فداخلنا الرعب ، فالتفت علي عليه السلام إلينا وقال : اتبعوا أثري ولا يفز عنكم ما ترون وتسمعون ، فليس بضائر كم إن شاء الله ، ثم مضى ، فلما دخلنا الشجر فإذا بنيران تضطرم بغير حطب ، وأصوات هائلة ورؤوس مقطعة لها ضجة وهو يقول : اتبعوني ولا خوف عليكم ، ولا يلتفت أحد منكم يمينا ولا شمالا ، فلما -