[161]

يقول : الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها ( 1 ) .
32 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أتى قوم أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا : السلام عليك يا ربنا ، فاستتابهم فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نار ا ، وحفر حفيرة إلى جانبها اخرى ( 2 ) وأفضى بينهما ، فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الاخرى حتى ماتوا ( 3 ) .
33 - ختص : أحمد وعبدالله ابنا محمد بن عيسى وابن أبي الخطاب ، جميعا عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن سويد بن غفلة قال : كنت أنا عند أميرالمؤمنين عليه السلام إذ أتاه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين جئتك من وادي القرى وقد مات خالد بن عرفطة فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : لم يمت ( 4 ) فأعاد عليه الرجل فقال له : لم يمت ، وأعرض بوجهه عنه ، فأعاد عليه الثالثة فقال : سبحان الله اخبرك أنه قد مات وتقول : لم يمت ! فقال علي عليه السلام : والذي نفسي بيده لا يموت حتى يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جماز ، قال : فسمع حبيب ( 5 ) فأتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : أنشدك الله في فإني لك شيعة ، وقد ذكرتني بأمر لا والله لا أعرفه من نفسي ! فقال له علي عليه السلام : ومن أنت ؟ قال : أنا حبيب بن جماز ، فقال له علي عليه السلام : إن كنت حبيب بن جماز فلا يحملها غيرك - أو فلتحملنها - فولى عنه حبيب ، وأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام يقول : إن كنت حبيبا لتحملنها .
قال أبوحمزة : فوالله ما مات خالد بن عرفطة حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين عليه السلام وجعل خالد بن عرفطة على مقدمته و حبيب بن جماز صاحب رايته ( 6 ) .
*

_________________________________________________________
ص 161 ) ( 1 ) فروع الكافى ( الجزء الخامس من الطبعة الحديثة ) : 318 و 319 .
( 2 ) في المصدر : وحفر حفيرة اخرى إلى جانبها .
( 3 ) فروع الكافى ( الجزء السابع من الطبعة الحديثة ) 257 .
( 4 ) في المصدر : انه لم يمت .
( 5 ) " : فسمع ذلك حبيب بن جماز .
( 6 ) الاختصاص : 280 .
*

[162]

قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : روى أنس بن عياض المدني قال : حدثني جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام أن عليا عليه السلام كان يوما يؤم الناس وهو يجهر بالقراءة ، فجهر ابن الكواء من خلفه " ولقد اوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " ( 1 ) فلما جهر ابن الكواء من خلفه بها سكت علي عليه السلام ، فلما أنهاها ابن الكواء عاد علي عليه السلام ليتم قراءته ، فلما شرع علي عليه السلام في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك ( 2 ) فسكت علي علي عليه السلام فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرء ذاك مرارا ، حتى قرأ علي عليه السلام " فاصبر إن وعدالله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ( 3 ) " فسكت ابن الكواء وعاد علي عليه السلام إلى قراءته ( 4 ) .
وقال في موضع آخر : ام محمد بن أبي بكر أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر ابن أبي طالب ، وهاجرت معه إلى الحبشة فولدت له هناك عبدالله بن جعفر الجواد ثم قتل عنها يوم مؤتة ، فخلف عليها أبوبكر فأولدها محمدا ، ثم مات عنها ، فخلف عليها علي بن أبي طالب عليه السلام وكان محمد ربيبه وخريجه وجاريا عنده مجرى أولاده ، و رضيع الولاء والتشيع مذزمن الصبا ، فنشأ عليه ، فلم يكن يعرف أبا غير علي عليه السلام ولا يعتقد لاحد فضيلة غيره ، حتى قال عليه السلام : محمد ابني من صلب أبي بكر ، وكان يكنى أبا القاسم في قول ابن قتيبة ، وقال غيره : بل كان يكنى أبا عبدالرحمن ، و كان من نساك قريش ، وكان ممن أعان في يوم الدار ( 5 ) واختلف هل باشر قتل عثمان أولا ومن ولد محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز ( 6 ) وفاضلها ، ومن *

_________________________________________________________
ص 162 ) ( 1 ) سورة الزمر : 65 .
( 2 ) في المصدر : بتلك الاية .
( 3 ) سورة الروم : 60 .
( 4 ) شرح النهج 1 : 264 .
( 5 ) في المصدر : اعان على عثمان في يوم الدار .
( 6 ) " : فقيه الحجاز .
*

[163]

ولد القاسم عبدالرحمن من فضلاء قريش ، ويكنى أبا محمد ، ومن ولد القاسم أيضا ام فروة ، تزوجها الباقر أبوجعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما ( 1 ) .
أقول : قد أوردت قصة شهادته وفضائله في كتاب الفتن .
وقال ابن عبدالبر في كتاب الاستيعاب : ولد محمد بن أبي بكر في عام حجة الوداع ، فسمته عائشة محمدا ، وكنيته بعد ذلك أبا القاسم لما ولد له ولد سماه القاسم ولم تكن الصحابة ترى بذلك بأسا ، ثم كان في حجر علي عليه السلام وقتل بمصر ، و كان علي عليه السلام يثني عليه ويقرظه ويفضله ، وكان لمحمد رحمه الله عبادة واجتهاد وكان ممن حصر عثمان ودخل عليه ، فقال له : لو رآك أبوك لم يسره هذا المقام منك ، فخرج وتركه ، فدخل عليه بعده من قتله ، قال : ويقال : إنه أشار إلى من كان معه فقتلوه ( 2 ) .
وقال ابن أبي الحديد في وصف كميل : هو كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك بن حرب ، من صحابة علي عليه السلام وشيعته وخاصته ، وقتله الحجاج على المذهب فيمن قتل من الشيعة ، وكان كميل عامل علي عليه السلام على هيت ( 3 ) و كان ضعيفا يمر عليه سرايا معاوية ينهب أطراف العراق فلا يردها ، ويحاول أن يجبر ما عنده من الضعف بأن يغير على أطراف أعمال معاوية مثل قرقيسياء ( 4 ) وما يجري مجراها من القرى التي على الفرات ، فأنكر أميرالمؤمنين عليه السلام ذلك من فعله وقال : إن من العجز الحاضر أن يهمل العامل ما وليه ويتكلف ما ليس من تكليفه ( 5 ) .
وقال : روى المدائني قال : بينا معاوية يوما جالسا وعنده عمرو بن العاص *

_________________________________________________________
ص 163 ) ( 1 ) شرح النهج 2 : 32 .
( 2 ) الاستيعاب 3 : 328 و 329 .
( 3 ) هيت بلدة على الفرات فوق الانبار ، ذات نخل كثير وخيرات واسعة على جهة البرية في غربى الفرات ، وبها قبر عبدالله بن المبارك .
( 4 ) قرقيسياء بلد على الخابور عند مصبه ، وهى على الفرات فوق رحبة مالك بن طوق .
( 5 ) شرح النهج 4 : 227 .
*

[164]

إذ قال الآذن : قد جاء عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، فقال عمرو : والله لاسوأنه اليوم ، فقال معاوية : لا تفعل يا با عبدالله فإنك لا تنصف ( 1 ) منه ، ولعلك أن تظهر لنا من مغبته ( 2 ) ما هو خفي عنا وما لا يجب ( 3 ) أن نعلمه منه ، وغشيهم ( 4 ) عبدالله بن جعفر ، فأدناه معاوية وقربه ، فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي عليه السلام جهارا غير ساترله ، وثلبه ثلبا ( 5 ) قبيحا ، فالتمع لون عبدالله بن جعفر واعتراه أفكل ( 6 ) حتى أرعدت خصائله ، ثم نزل عن السرير كالفنيق ، فقال له عمرو : مه يا باجعفر ، فقال له عبدالله : مه لا ام لك ، ثم قال : أظن الحلم ذل علي قومي * وقد يتجهل الرجل الحليم ثم حسر عن ذراعيه وقال : يا معاوية حتام نتجرع غيظك ؟ وإلى كم الصبر على مكروه قولك وسيئ أدبك وذميم أخلاقك ؟ هبلتك الهبول وأما يزجرك ذمام ( 7 ) المجالسة عن القدح لجليسك إذا لم يكن له حرمة من دينك ينهاك ( 8 ) عما لا يجوز لك ، أما والله لو عطفتك أواصر الاحلام أو حاميت على سهمك من الاسلام ما أرعيت بني الاماء المتك والعبيد السك أعراض قومك ، وما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجزة ، وإنك لتعرف في رشاء قريش صفوة غرائرها ، فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطائك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أميرالمؤمنين عليه السلام إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه ، فاقصد لمنهج ( 9 ) الحق فقد طال عماك ( 10 ) عن *

_________________________________________________________
ص 164 ) ( 1 ) في المصدر : لا تنتصف .
( 2 ) " : من منقبته .
( 3 ) " : ومالا نحب .
( 4 ) أى أتاهم .
( 5 ) ثلبه ثلبا : عابه ولامه .
( 6 ) الافكل : الرعدة .
يقال " اخذه افكل " إذا ارتعد من خوف أو غضب .
ويأتى توضيح بعض اللغات في البيان ، ونحن نوضح مالم يوضحه المصنف .
( 7 ) كذا في النسخ والمصدر : وفى ( ك ) : زمام .
( 8 ) في المصدر : إذا لم تكن لك حرمة من دينك تنهاك .
( 9 ) " : المنهج الحق .
( 10 ) " : عمهك .
*

[165]

سبيل الرشد ، وخبطك في بحور ( 1 ) ظلمة الغي ، فإن أبيت أن لا تنابعا ( 2 ) في قبح اختيارك لنفسك فاعفنا عن سوء القالة فينا إذا ضمنا وإياك الندي ، وشأنك وما تريد إذا خلوت ، والله حسيبك ، فوالله لو لا ما جعل الله لنا في يديك لما آتيناك .
ثم قال : إنك إن كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني خلق ( 3 ) .
فقال معاوية : أبا جعفر ( 4 ) لغير الخطاء أقسمت عليك لتجلس ، لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره ( 5 ) محمول لك ما قلت ، ولك عندنا ما أملت ، فلو لم يكن مجدك ومنصبك لكان خلقك وخلقك شافعين لك إلينا ، وأنت ابن ذي الجناحين وسيد بني هاشم .
فقال عبدالله : كلا بل سيد بني هاشم حسن وحسين لا ينازعهما في ذلك أحد ، فقال : أبا جعفر أقسمت عليك ما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت ولو ذهب ( 6 ) بجميع ما أملك ، فقال : أما في هذا المجلس فلا ، ثم انصرف فأتبعه معاوية بصرة وقال : والله لكأنه رسول الله مشيه وخلقه وخلقه ، وإنه لمن مشكاته ، ولوددت أنه أخي بنفيس ما أملك ، ثم التفت إلى عمرو فقال : أبا عبدالله ما تراه منعه من الكلام معك ؟ قال : ما لا خفاء به عنك .
قال : أظنك تقول : إنه هاب جوابك ، لا والله ولكنه ازدراك واستحقرك ولم يرك للكلام أهلا ، ما رأيت إقباله علي دونك ذاهبا نفسه عنك ، فقال عمرو : فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه ؟ قال معاوية : اذهب إليك أبا عبدالله فلا حين جواب سائر اليوم ( 7 ) ونهض معاوية و تفرق الناس .
وروى المدائني أيضا قال : وفد عبدالله بن عباس على معاوية مرة ، فقال
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 165 سطر 19 الى ص 173 سطر 18 معاوية لابنه يزيد ولزياد بن سمية وعتبة بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو *

_________________________________________________________
ص 165 ) ( 1 ) في المصدر : ديجور .
( 2 ) " : أن لا تتابعنا ( 3 ) " : من خلق .
( 4 ) " : يا أباجعفر .
( 5 ) الضب : الحقد الخفى .
الوجار : الحجر .
( 6 ) في المصدر : ولو ذهبت ، ( 7 ) " : فلات حين جواب ، فبما يرى اليوم .
*

[166]

ابن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن ام الحكم : إنه قد طال العهد لعبدالله بن عباس وماكان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ، ولقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه ، فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته ، ونقف على كنه معرفته ، ونعرف ما صرف عنا من شباحده ، وزوى ( 1 ) عنا من دهاء رأيه ، فربما وصف المرء بغير ماهو فيه ، واعطي من النعت والاسم مالا يستحقه ، ثم أرسل إلى عبدالله بن عباس ، فلما دخل واستقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال : يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما ؟ فقال : أما والله لو فعل لقرن عمروا بصعبة من الابل يوجع كنفيه مراسها ( 2 ) ولاذهلت عقله وأجرضته بريقه ، وقدحت في سويداء قلبه ، فلم يبرم أمرا ولم ينقض رأيا ( 3 ) إلا كنت منه بمرأى و مسمع ، فإن نكبه أدمت قواه ( 4 ) وإن أدمه قصمت عراه بعضب ( 5 ) مصقول لا يفل حده وأصالة رأي كمناخ الاجل لا ورز منه ( 6 ) أصدع به أديمه ، وأفل ( 7 ) به شباحده وأستجد به عزائم المتقين ( 8 ) وازيح به شبه الشاكين ( 9 ) .
فقال عمر وبن العاص : هذا والله يا أميرالمؤمنين نجوم أول الشرو افول آخر الخير ، وفي حسمه قطع مادته ، فبادره بالجملة ( 10 ) وانتهز منه الفرصة ، واردع *

_________________________________________________________
ص 166 ) ( 1 ) الشبا جمع الشباة : طرف الشئ وحده .
وفى المصدر : وروى عنا .
( 2 ) المراس : الشدة والقوة ، يقال " هو صعب المراس " أى ذو الشدة والقوة .
( 3 ) في المصدر : ولم ينفض ترابا .
( 4 ) سيأتى معناه عن المصنف .
وفي المصدر : فان نكثه أرمت قواه وان أرمه فصمت عراه بغرب مقول لا يفل حده .
( 5 ) العضب .
السيف القاطع .
( 6 ) كذا في النسخ .
وفى المصدر : كمتاح الاجل لا وزر منه .
( 7 ) في ( ك ) و ( ت ) : أقل .
( 8 ) كذا في النسخ .
وفى المصدر : وأشحذ به عزائم المتقيز .
والصحيح المتيقنين .
( 9 ) في ( ك ) الناكثين خ ل .
( 10 ) في المصدر : بالحملة .
*

[167]

بالتنكيل به غيره ، وشردبه من خلفه ، فقال ابن عباس : يا ابن النابغة ضل والله عقلك ، وسفه حلمك ، ونطق الشيطان على لسانك ، هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلى النزال وتكافح الابطال ( 1 ) وكثرت الجراح وتقصفت الرماح ؟ وبرزت إلى أميرالمؤمنين مصاولا فانكفأ ( 2 ) نحوك بالسيف حاملا ، فلما رأيت الكر آثر من الفر وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحت ( 3 ) رجاء النجاة عورتك ، وكشفت له خوف بأسه سوأتك ، حذر أن ( 4 ) يصطلمك بسطوته ، أو يلتهمك بحملته ، ثم أشرت إلى معاوية ( 5 ) كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعريض ( 6 ) لمكافحته ، رجاء أن تكفي ( 7 ) مؤونته وتعدم صولته ( 8 ) فعلم غل صدرك وما ألحت عليه من النفاق أصلعك ( 9 ) وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف عضب لسانك ( 10 ) واقمع عوراء لفظك .
فإنك لمن أسد خادر وبحرز اخر إن برزت ( 11 ) للاسد افترسك وإن عمت في البحر قمسك ( 12 ) .
فقال مروان بن الحكم : يا ابن عباس إنك لتصرف بنابك وتوري نارك ، كأنك ترجو الغلبة وتؤمل العافية .
ولولا حلم أميرالمؤمنين عنكم لناولكم ( 13 ) *

_________________________________________________________
ص 167 ) ( 1 ) كفح العدو ، واجهه واستقبله .
( 2 ) أى مال ( 3 ) في المصدر : فمنحته .
( 4 ) " : حذرا ان يصطلمك .
( 5 ) كذا في ( ك ) .
وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : على معاوية .
( 6 ) في المصدر : التعرض .
( 7 ) " : أن تكتفى .
( 8 ) " : صورته .
( 9 ) " : وما انحنت عليه من النفاق أضلعك .
( 10 ) " : غرب لسانك والغرب : الحدة .
( 11 ) " : تبرزت .
( 12 ) عام في الماء : سبح .
والقمس بمعنى الغمس .
( 13 ) في المصدر : لتناولكم .
*

[168]

بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدره ، ولعمري لئن سطابكم ليأخذن بعض حقه منكم ، ولئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك ، فقال ابن عباس : وإنك لتقول ذلك يا عدوالله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أنتاجه ( 1 ) ؟ ! أما والله لو طلب معاوية ثاره لاخذك به ، ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره ، وأما قولك لي : " إنك لتصرف بنابك وتوري نارك " فسل معاوية وعمروا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات ، وصدق جلادنا عند المصاولة ، وصبرنا على اللاواء والمطاولة ( 2 ) ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة ، ومباشرتنا بنحورنا حد الاسنة هل خمنا ( 3 ) عن كرائم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتالف ؟ وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود ، وإنهما شهدا مالو شهدت لاقلقك ، فاربع على ظلعك ، ولا تعرض ( 4 ) لما ليس لك ، فإنك كالمغرور في صفقة ( 5 ) لا يهبط برجل ولا يرقى بيد .
فقال زياد : يا ابن عباس إني لاعلم ما منع حسنا وحسينا من الوفود معك على أميرالمؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما ، وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما ( 6 ) وأيم الله لو وليتهما لادأبا في الرحلة إلى أميرالمؤمنين أنفسهما ، ويقل ( 7 ) بمكانهما لبثهما ، فقال ابن عباس : إذا والله يقصر دونهما باعك ، ويضيق بهما ذراعك ، و لو *

_________________________________________________________
ص 168 ) ( 1 ) في المصدر : أثباجه .
والثبج ما بين الكاهل إلى الظهر .
( 2 ) اللاواء : الشدة والمحنة .
( 3 ) خام يخيم عنه : جبن ونكص .
وفى نسخ الكتاب " حمنا " بالمهملة ولكنه سهو .
( 4 ) في المصدر : ولا تتعرض .
( 5 ) " : كالمغروز في صفد .
أى المشدود في قيد .
( 6 ) " : يسلمهما .
( 7 ) " : ولقل .
*

[169]

رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا ( 1 ) صبرا على البلاء ، لا يخيمون ( 2 ) عن اللقاء فلعركوك ( 3 ) بكلاكلهم ، ووطؤوك بمناسمهم ، وأوجروك مشق رماحهم وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم حتى تشهد بسوء ما آتيت ، وتتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الامنية ( 4 ) وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما ، وساعيا في اختلافهما بعد ايتلافهما ، حيث لا يضرهما التباسك ( 5 ) ولا يغني عنهما إيناسك .
فقال عبدالرحمن بن ام الحكم : لله در ابن ملجم ، فقد بلغ الاجل ( 6 ) و أمن الوجل ، وأحد الشفرة وألان المهرة وأدرك الثار ونفى العار ، وفاز بالمنزلة العلياء ورقا الدرجة القصوى ، فقال ابن عباس : أما والله لقد كرع ( 7 ) كأس حتفه بيده ، وعجل الله إلى النار بروحه ، ولو أبدى لاميرالمؤمنين صفحته لخالطه الفحل القطم والسيف الخذم ، ولالعقه صابا ( 8 ) وسقاه سماما ، وألحقه بالوليد وعتبة و حنظلة ، فكلهم كان أشد منه شكيمة وأمضى عزيمة ، ففرى بالسيف هامهم ورملهم بدمائهم ، وفرى الذئاب أشلاءهم ( 9 ) وفرق بينهم وبين أحبائهم ، اولئك حصب جهنم هم لها واردون ، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ؟ ولا غرو إن ختل ولا وصمة إن قتل فإنا لكما قال دريد بن الصمة شعر : *

_________________________________________________________
ص 169 ) ( 1 ) الصدق - بضم الصاد والدال أو سكونها - : جمع الصدوق .
والصبر - بضم الصاد و الباء - : جمع الصبور .
( 2 ) اى لا يجبنون .
وفى نسخ الكتاب " لا يحتمون " ولكنه سهو .
( 3 ) عركه : دلكه .
( 4 ) في المصدر : فانها ترد الامنية .
( 5 ) " : ابساسك .
( 6 ) " : الامل .
( 7 ) كرع في الماء او الاناء : مدعنقه وتناول الماء بفيه من موضعه .
( 8 ) أبدى له صفحته أى كاشفه .
القطم - بالفتح فالكسر : الغضبان .
الخذم : القاطع بالسرعة .
وفى النسخ " الجزم " وكلاهما سهو .
والصاب : عصير شجر مر .
( 9 ) جمع الشلو : العضو .
*

[170]

فإنا للحم السيف غيرمكره * ونلحمه طورا وليس بذي مكر ( 1 ) يغار علينا واترين فيشتفى * بنا إن اصبنا أو نغير على وتر فقال المغيرة بن شعبة : أما والله لقد أشرت على علي بالنصيحة ، فآثر رأيه و مضى على غلوائه ( 2 ) فكانت العاقبة عليه لاله ، وإني لاحسب أن خلقه يعتدون لمنهجه ، وقال ( 3 ) ابن عباس : كان والله أميرالمؤمنين أعلم بوجوه الرأي ومعاقد الحزم وتصريف الامور من أن يقبل مشورتك فيما نهى الله عنه و ؟ ؟ عليه قال سبحانه : " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادالله و رسوله ( 4 ) " إلى آخر الآية ، ولقد وقفك على ذكر متين ( 5 ) وآية متلوة قوله تعالى : " وما كنت متخذ المضلين عضدا ( 6 ) " وهل كان يسوغ له أن يحكم في دماء المسلمين وفي المؤمنين من ليس بمأمون عنده ولا موثوق به في نفسه ؟ هيهات هيهات هو أعلم بفرض الله وسنة رسوله أن يبطن خلاف ما يظهر إلا للتقية ، ولات حين تقية مع وضوح الحق وثبوت الجنان وكثرة الانصار ، يمضي كالسيف المصلت في أمرالله موثرا لطاعة ربه والتقوى على آراء أهل الدنيا .
فقال يزيد بن معاوية : يا ابن عباس إنك لتنطق بلسان طلق تنبئ عن مكنون قلب حرق ، فاطو ما أنت عليه كشحا ، فقد محاضوء حقنا ظلمة باطلكم ! فقال ابن عباس : مهلا يزيد ! فوالله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت عليكم ( 7 ) ولا دنت بالمحبة *

_________________________________________________________
ص 170 ) ( 1 ) كذا في النسخ والمصدر .
والصحيح كما في شرح ديوان الحماسة ص 825 كذا : فانا للحم السيف غير نكيرة ونلحمه حينا وليس بذكرى نكر ودريد بن الصمة شاعر شجاع فارس من ذوى الرأى في الجاهلية ، وشهد يوم حنين مع هوازن وهو شيخ كبير وقتل يومئذ فيمن قتل من المشركين .
( 2 ) الغلواء - بضم الغين وسكون اللام او فتحها - الغلو .
( 3 ) في المصدر : يقتدون بمنهجه .
فقال اه .
( 4 ) سورة المجادلة : 22 .
( 5 ) في المصدر : مبين .
( 6 ) سورة الكهف : 51 .
( 7 ) في المصدر : منذ تكدرت بالعداوة عليكم .
*