[201]

3 - كا : قتل عليه السلام في شهر رمضان لتسع بقين ليلة الاحد سنة أربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة ، بقي بعد قبض النبي صلى الله عليه واله ثلاثين سنة ( 1 ) .
4 - د : اختلف في الليلة التي استشهد فيها ، أحدها آخر الليلة السابع عشرة من شهر رمضان صبيحة الجمعة بمسجد الكوفة قاله ابن عباس .
الثاني ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، فبقي الجمعة ثم يوم السبت وتوفي ليلة الاحد ، قاله مجاهد والثالث أنه قتل في الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان ، قاله الحسن البصري وهي ليلة القدر ، وفيها عرج بعيسى بن مريم عليه السلام ، وفيها توفي يوشع بن نون وهذا أشهر ( 2 ) .
5 - يب : الشيخ ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام قال : الغسل في سبعة عشر موطنا ، وساق الحديث إلى أن قال : وليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ، وهي الليلة التي اصيب فيها ( سيد ) أوصياء الانبياء ، وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى عليه السلام ، الخبر ( 3 ) .
6 - لى : أبي ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن حبيب بن عمرو قال : دخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام في مرضه الذي قبض فيه ، فحل عن جراحته ، فقلت : يا أميرالمؤمنين ما جرحك هذا بشئ وما بك من بأس ، فقال لي : يا حبيب أنا والله مفارقكم الساعة ، قال : فبكيت عند ذلك وبكت ام كلثوم وكانت قاعدة عنده ، فقال لها : ما يبكيك يا بنية ؟ فقالت : ذكرت يا أبه أنك تفارقنا الساعة فبكيت ، فقال لها : يا بنية لا تبكين فوالله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت *

_________________________________________________________
ص 201 ) ( 1 ) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : 452 .
( 2 ) مخطوط .
( 3 ) التهذيب 1 : 32 .
*

[202]

قال حبيب : فقلت له : وما الذي ترى يا أميرالمؤمنين ؟ فقال : يا حبيب أرى ملائكة السماء والنبيين بعضهم في أثر بعض وقوفا إلى أن يتلقوني ، وهذا أخي محمد رسول الله صلى الله عليه واله جالس عندي يقول : أقدم فإن أمامك خيرلك مما أنت فيه ، قال : فما خرجت من عنده حتى توفي عليه السلام .
فلما كان من الغد وأصبح الحسن عليه السلام قام خطيبا على المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن ، وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم ، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون ، وفي هذه الليلة مات أبي أميرالمؤمنين عليه السلام والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الاوصياء إلى الجنة ، ولا من يكون بعده ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وماترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لاهله ( 1 ) .
7 - جا ، ما : المفيد ، عن عمر بن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن همام الاسكافي ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن سلامة الغنوي ، عن محمد بن الحسن العامري ، عن معمر ( 2 ) عن أبي بكر بن عياش ، عن الفجبع العقيلي قال : حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال : لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي فقال : هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله صلى الله عليه واله وابن عمه وصاحبه أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وخيرته ، اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته ، وأن الله باعث من في القبور ، وسائل الناس عن أعمالهم ، عالم بما في الصدور ، ثم إني اوصيك يا حسن - وكفى بك وصيا - بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه واله فإذا كان ذلك يا بني الزم بيتك ، وابك على خطيئتك ، ولا تكن الدنيا أكبر همك ، واوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها والزكاة في أهلها عند محلها ، والصمت *

_________________________________________________________
ص 202 ) ( 1 ) أمالى الصدوق : 192 .
( 2 ) في المصدرين : حدثنا ابومعمر .

[203]

عند الشبهة ، والاقتصاد ، والعدل في الرضى والغضب ، وحسن الجوار ، وإكرام الضيف ، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء ، وصلة الرحم ، وحب المساكين ومجالستهم والتواضع فإنه من أفضل العبادة ، وقصر الامل واذكر الموت ، وازهد في الدنيا فإنك رهين موت وغرض بلاء وطريح ( 1 ) سقم ، واوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيتك ، وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل ، وإذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به ، وإذا عرض شئ من أمرالدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه ، وإياك و مواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء ، فإن قرين السوء يغر ( 2 ) جليسه ، وكن لله يا بني عاملا ، وعن الخنى زجورا ، وبالمعروف آمرا ، وعن المنكر ناهيا وواخ الاخوان في الله ، وأحب الصالح لصلاحه ، ودار الفاسق عن دينك وابغضه بقلبك ، وزايله بأعمالك لئلا ( 3 ) تكون مثله ، وإياك والجلوس في الطرقات ، ودع الممارات ومجارات من لا عقل له ولا علم ، واقتصد يا بني في معيشتك ، واقتصد في عبادتك ، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه ، والزم الصمت تسلم ، وقدم لنفسك تغنم ، وتعلم الخير تعلم ، وكن لله ذاكرا على كل حال ، وارحم من أهلك الصغير ، ووقر منهم الكبير ، ولا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله ، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لاهله .
وجاهد نفسك ، واحذر جليسك ، واجتنب عدوك ، وعليك بمجالس الذكر ، وأكثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا وهذا فراق بيني وبينك ، واوصيك بأخيك محمد خيرا ، فإنه شقيقك وابن أبيك وقد تعلم حبي له ، وأما أخوك الحسين فهو ابن امك ، ولا اريد ( 4 ) الوصاة بذلك والله الخليفة عليكم ، وإياه أسأل أن يصلحكم ، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم ، *

_________________________________________________________
ص 203 ) ( 1 ) في " ما " و ( خ ) : صريع .
( 2 ) في " ما " يغير .
وفى " جا " يعير .
( 3 ) في " ما " : كيلا .
( 4 ) في " ما " : ولا ازيد .
*

[204]

والصبر الصبر حتى ينزل الله الامر ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( 1 ) .
بيان : وارتضاه لخيرته أي لان يكون مختاره من بين الخلق .
8 - جا ، ما : المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن موسى بن يوسف القطان ، عن محمد بن سليمان المقري ، عن عبدالصمد بن علي النوفلي عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الاصبغ بن نباتة قال : لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عدونا ( 2 ) نفر من أصحابنا أنا والحارث و سويد بن غفلة وجماعة معنا ، فقعدنا على الباب ، فسمعنا البكاء فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علي عليه السلام فقال : يقول لكم أميرالمؤمنين عليه السلام : انصرفوا إلى منازلكم فانصرف القوم غيري ، فاشتد البكاء من منزله فبكيت ، وخرج الحسن عليه السلام وقال : ألم أقل لكم : انصرفوا ؟ فقلت : لا والله يا ابن رسول الله صلى الله عليه واله لا يتابعني ( 3 ) نفسي ولا يحملني رجلي أنصرف ( 4 ) حتى أرى أميرالمؤمنين عليه السلام قال : فبكيت ، ودخل فلم يلبث أن خرج فقال لي : ادخل ، فدخلت على أميرالمؤمنين عليه السلام فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف واصفر وجهه ما أدري وجهه أصفر أو العمامة فأكببت عليه فقبلته وبكيت ، فقال لي : لا تبك يا أصبغ فإنها والله الجنة ، فقلت له : جعلت فداك إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة ، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أميرالمؤمنين جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه واله فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا ، قال : نعم يا أصبغ دعاني رسول الله صلى الله عليه واله يوما فقال لي : يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله تعالى وتثني عليه وتصلي علي صلاة كثيرة ، ثم تقول : أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ، وهو يقول لكم : إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين *

_________________________________________________________
ص 204 ) ( 1 ) امالى المفيد : 129 و 130 .
امالى الشيخ : 4 و 5 .
وفيه : ولا حول ولا قوة اه .
( 2 ) في " ما " : غدونا عليه اه .
( 3 ) في المصدرين : لا يتابعنى .
( 4 ) " : أن أنصرف .
*

[205]

وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره ، فأتيت مسجده صلى الله عليه واله وصعدت منبره ، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي ، فحمدت الله وأثنيت عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه واله صلاة كثيرة ثم قلت : أيها الناس إني رسول الله إليكم ، وهو يقول لكم : ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي إلى ( 1 ) من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره ، قال : فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب ، فإنه قال : قد أبلغت يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر ، فقلت : ابلغ ذلك رسول الله ، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه واله فأخبرته الخبر ، فقال : ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري ، فاحمد الله وأثن عليه وصل علي ثم قل : أيها الناس ما كنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره ، ألا وإني أنا أبوكم ، ألا وإني أنا مولاكم ، ألا وإني أنا أجيركم ( 2 ) .
توضيح : نزف فلان دمه - كعني - : سال حتى يفرط ، فهو منزوف ونزيف قوله عليه السلام : ألا وإني أنا أبوكم يعني أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ، وإنما وصفه بكونه أجيرا لان النبي والامام عليهما السلام لما وجب لهما بإزاء تبليغهما رسالات ربهما إطاعتهما ومودتهما فكأنهما أجيران ، كما قال تعالى : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ( 3 ) " ويحتمل أن يكون المعنى : من يستحق الاجر من الله بسببكم .
9 - ما : بإسناد أخي دعبل ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط ، وأما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة وهو ساجد على *

_________________________________________________________
ص 205 ) ( 1 ) في المصدرين : على .
( 2 ) امالى المفيد : 208 و 209 .
أمالى الشيخ : 76 و 77 .
( 3 ) سورة الشورى : 23 .
*

[206]

رأسه على الضربة التي كانت ، فخرج الحسن والحسين عليهما السلام وأخذا ابن ملجم وأوثقاه واحتمل أميرالمؤمنين عليه السلام فادخل داره ، فقعدت لبابة عند رأسه وجلست ام كلثوم عند رجليه ، ففتح عينيه فنظر إليهما فقال : الرفيق الاعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا ، ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك ، ثم عرق ، ثم أفاق فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يأمرني بالرواح إليه عشاء ثلاث مرات ( 1 ) .
بيان : لعل العرق كناية عن الفتور والضعف والغشي ، فإنها تلزمه غالبا ، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة ، فيكون المراد الاغماء أو النوم مجازا ، وقد يقال : غرق في السكر إذا بلغ النهاية فيه .
10 - ب : أبوالبختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام أن علي بن أبي طالب عليه السلام خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح ، فضربه عبدالرحمن بن ملجم بالسيف على ام رأسه ، فوقع على ركبتيه ، وأخذه فالتزمه حتى أخذه الناس ، وحمل علي حتى أفاق ، ثم قال للحسن والحسين عليهما السلام : احبسوا هذا الاسير وأطعموه واسقوه وأحسنوا إساره فإن عشت فأنا أولى بما صنع في ، إن شئت استقدت ( 2 ) وإن شئت صالحت ، وإن مت فذلك إليكم ، فإن بدالكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به ( 3 ) .
11 - كا : الحسين بن الحسن الحسني ، رفعه ، ومحمد بن الحسن ، عن إبراهيم ابن إسحاق الاحمري رفعه قال : لما ضرب أميرالمؤمنين عليه السلام حف به العواد و قيل له : يا أميرالمؤمنين أوص ، فقال اثنوا لي وسادة ، ثم قال : الحمد لله حق قدره متبعين أمره ، أحمده كما أحب ، ولا إله إلا الله الواحد الاحد الصمد كما انتسب ،
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 206 سطر 19 الى ص 214 سطر 18 أيها الناس كل امرئ لاق في فراره ما منه يفر ، والاجل مساق النفس إليه و الهرب منه موافاته ، كم أطردت الايام أبحثها عن مكنون هذا الامر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه ، هيهات علم مكنون ، أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه *

_________________________________________________________
ص 206 ) ( 1 ) أمالى الشيخ ، 232 .
( 2 ) أى اخذت منه القود وهو القصاص .
وفى المصدر : استنقذت .
( 3 ) قرب الاسناد : 67 .
*

[207]

شيئا ، ومحمد صلى الله عليه واله فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين وخلاكم ذم ما لم تشردوا ، حمل كل امرئ منكم مجهودة ، وخفف عن الجهلة ، رب رحيم وإمام عليم ودين قويم ، أنا بالامس صاحبكم واليوم عبرة لكم وغدا مفارقكم إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد ، وإن تدحض القدم فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها وعفا في الارض مخطها ، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما ، وستعقبون مني جثة خلاء ساكنة بعد حركة ، وكاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوي وخفوت إطراقي وسكون أطرافي ، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي غدا ترون أيامي ويكشف الله عزوجل عن سرائري ، وتعرفوني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي ، وإن أعف فالعفو لي قربة ولكم حسنة ، فاعفوا واصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟ فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة ، أو يؤديه ( 1 ) أيامه إلى شقوة ، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحل به ( 2 ) بعد الموت نقمة ، فإنما نحن له وبه .
ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم ( 3 ) .
بيان : قوله : " اثنوالي وسادة " يقال : ثنى الشئ كسمع ( 4 ) : رد بعضه على بعض ، وثنيها إما للجلوس عليها ليرتفع ويظهر للسامعين ، أو للانكاء عليها لعدم قدرته على الجلوس .
قوله عليه السلام : " قدره " أي حمدا يكون حسب قدره وكما هو أهله .
وقوله : " متبعين " حال عن فاعل الحمد لانه في قوة نحمد الله .
قوله : " كما انتسب " أي كما نسب نفسه في سورة التوحيد .
قوله عليه السلام : " كل امرئ لاق في *

_________________________________________________________
ص 207 ) ( 1 ) في المصدر : تؤديه .
( 2 ) في ( ك ) : عليه .
( 3 ) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : 299 و 300 .
( 4 ) هذا وهم ، والصواب " كرمى " فان العين في ثنى مفتوح وفى مضارعه مكسور بخلاف سمع .
*

[208]

فراره " أي من الامور المقدرة الحتمية كالموت ، قال الله تعالى : " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ( 1 ) " وإنما قال عليه السلام : " في فراره " لان كل أحد يفر دائما من الموت وإن كان تبعدا .
والمساق مصدر ميمي ، وليست في نهج البلاغة كلمة " إليه " فيحتمل أن يكون المراد بالاجل منتهى العمر والمساق ما يساق إليه ، وأن يكون المراد به المدة فالمساق زمان السوق .
وقوله عليه السلام : " والهرب منه موافاته " من حمل اللازم على الملزوم ، فإن الانسان مادام يهرب من موته بحركات وتصرفات يفني عمره فيها ، فكأن الهرب منه موافاته ، والمعنى أنه إذا قدر زوال عمر أو دولة فكل ما يدبره الانسان لرفع ما يهرب منه يصير سببا لحصوله ، إذ تأثير الادوية والاسباب بإذنه تعالى ، مع أنه عند حلول الاجل يصير أحذق الاطباء أجهلم ، ويغفل عما ينفع المريض ، وهكذا في سائر الامور .
وقال الفيروز آبادي : الطرد : الابعاد وضم الابل من نواحيها ، وطردتهم أتيتهم وجزتهم ، وأطرده : أمر بطرده أو بإخراجه عن البلد ، واطرد الامر : تبع بعضه بعضا وجرى ، انتهى ( 2 ) ، ويحتمل أن يكون الاطراد بمعنى الطرد والجمع أو الامر به مجازا ، ويمكن أن يقرأ " اطردت " على صيغة الغائب بتشديد الطاء فالايام فاعله ، قال أكثر شراح النهج : كأنه عليه السلام جعل الايام أشخاصا يأمر بإخراجهم وإبعادهم عنه ، أي ما زلت أبحث عن كيفية قتلي وأي وقت يكون بعينه ، وفي أي أرض يكون يوما يوما ، فإذا لم أجده في يوم طردته واستقبلت يوما آخر ، وهكذا حتى وقع المقدر ، قالوا : وهذا الكلام يدل على أنه عليه السلام لم يكن يعرف حال قتله مفصلة من جميع الوجوه ، وأن رسول الله صلى الله عليه واله أعلمه بذلك مجملا ، و " مكنون هذا الامر " أي المستور من خصوصيات هذا الامر ، أو المستور هو هذا الامر فالمشار إليه شئ متعلق بوفاته .
و " هيهات " أي بعد الاطلاع عليه فإنه علم مكنون مخزون ، ومن خواص المخزون ستره والمنع من أن يناله أحد *

_________________________________________________________
ص 208 ) ( 1 ) سورة الجمعة : 8 .
( 2 ) القاموس 1 : 310 .
*

[209]

والاظهر عندي أن المراد أني جمعت مرارا حوادث الايام وغرائبها التي وقعت علي في ذهني ، وبحثت عن السر الخفي في خفاء الحق وظهور الباطل وغلبة أهله ، وقيل : أي السر في قتله عليه السلام فظهر لي ، فأبى الله إلا إخفاءه عنكم ، لضعف عقولكم عن فهمه ، إذ هي من غوامض مسائل القضاء والقدر .
قوله : " ومحمدا " عطف على " أن لا تشركوا " ويمكن أن يقدر فيه فعل ، أي اذكركم محمدا أو هو نصب على الاغراء ، وفي بعض النسخ بالرفع وفي النهج " وأما وصيتي فالله لا تشركوا به شيئا ومحمدا صلى الله عليه واله فلا تضيعوا سنته " والعمودان التوحيد والنبوة ، وإقامتهما كناية عن إحقاق حقوقهما ، وقيل : المراد بهما الحسنان ، وقيل : هما المراد بالمصباحين ، ويقال : خلاك ذم أي اعذرت وسقط عنك الذم .
قوله عليه السلام : " ما لم تشردوا " أي تنفرقوا في الدين .
قوله : " حمل " على التفعيل مجهولا أو معلوما ، و " خفف " أيضا إما على بناء المعلوم أو المجهول ، فيقدر مبتدء لقوله : " رب رحيم " أي ربكم ، أو خبر أي لكم ، وعلى الاول ( 1 ) في إسناد الحمل والتخفيف إلى الدين والامام تجوز ، والمراد إمام كل زمان ، و ثبوت الوطأة كناية عن البرء من المرض .
والذرى اسم لما ذرته الرياح ، شبه ما فيه الانسان في الدنيا من الامتعة بما ذرته الرياح في عدم الثبات وقلة الانتفاع بها ، وقيل : المراد محال ذروها ، كما أن في النهج " ومهب رياح " .
قوله : " متلفقها " بكسر الفاء أي ما انضم واجتمع من متفرقات الغمام .
و مخطها ما يحدث في الارض من الخط الفاصل بين الظل والنور ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة أي محط ظلها فاعله ( 2 ) ، والحاصل أني إن مت فلا عجب ، فإني كنت في امور فانية شبيهة بتلك الامور ، أو لا ابالي فإني كنت في الدنيا غير *

_________________________________________________________
ص 209 ) ( 1 ) أى على كون خفف معلوما .
( 2 ) كذا .
*

[210]

متعلق بها كمن كان في تلك الامور ، وكنت دائما مترصدا للانتقال ، وقيل : استعار الاغصان للعناصر الاربعة ، والافياء لتركبها المعرض للزوال ، والرياح للارواح ، وذراها للابدان الفائزة هي عليها بالجود الالهي ، والغمامة للاسباب القوية من الحركات السماوية والتأثيرات الفلكية والارزاق المفاضة على الانسان في هذا العالم ، وكنى باضمحلال متلفقها عن تفرق تلك الاسباب وزوالها ، وبعفاء مخطها في الارض عن فناء آثارها في الابدان .
" جاوركم بدني " إنما خص المجاورة بالبدن لانها من خواص الاجسام ، أو لان روحه عليه السلام كانت معلقة بالملاء الاعلى وهو بعد في هذه الدنيا ، كما قال عليه السلام في وصف إخوانه " كانوا في الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملاء الاعلى " و " ستعقبون " على بناء المفعول من الاعقاب ، وهو إعطاء شئ .
وجثة الانسان بالضم شخصه وجسده ، خلاء أي خالية من الروح والخواص .
وفي القاموس : كظم غيظه : رده وحبسه ، والباب : أغلقه ، وكظم كعني كظوما : سكت ، وقوم كظم كركع : ساكتون ( 1 ) .
وفي النهج " وصامته بعد نطوق " .
ليعظكم بكسر اللام والنصب كما هو المضبوط في النهج ، ويحتمل الجزم لكونه أمرا ، وفتح اللام والرفع أيضا ، و الهدوء بالهمزة وقد يخفف ويشدد : السكون وخفت الصوت خفوتا : سكن ، و لهذا قيل للميت " خفت " إذا انقطع كلامه وسكت .
وإطراقي إما بكسر الهمزة كما هو المضبوط في النهج من أطرق إطراقا أي أرخى عينيه إلى الارض ، كناية عن عدم تحريك الاجفان ، أو بفتحها جمع طرق - بالكسر - بمعنى القوة ، أو جمع طرق بالفتح وهو الضرب بالمطرقة ، والاطراق بالتحريك ( 2 ) هي الاعضاء كالبدن و الرجلين .
وداع بالفتح اسم من قولهم : ودعته توديعا ، وإما بالكسر فهو الاسم من قولك : أودعته موادعة أي صالحته .
وتقول : رصدته إذا قعدت له على طريقة *

_________________________________________________________
ص 210 ) ( 1 ) القاموس 4 : 172 .
( 2 ) كذا .
*