[ 31 ]
إليهم ، أما لو شئت لقتلتهم ولكني أنظرهم كما أنظرالله عزوجل إبليس إلى الوقت
المعلوم ، إن الذي ترونه بصاحبكم ليس لعجز ولا دل ، ولكنه محنة من الله عزوجل
لينظر كيف تعملون ، ولئن طعنتم على علي فلقد طعن الكافرون والمنافقون قبلكم
على رسول رب العالمين ، فقالوا : إن من طاف ملكوت السماوات والجنان في ليلة
ورجع كيف يحتاج إلى أن يهرب ويدخل الغارو يأتي إلى المدينة من مكة في أحد
عشر يوما ؟ وإنما هو من الله إذا شاء أراكم القدرة لتعرفوا صدق أنبياء الله ، وإذا شاء امتحنكم بما تكرهون لينظر كيف تعلمون ، وليظهر حجته عليكم ( 1 ) .
9 - م : قال علي بن الحسين صلوات الله عليه : كان جد بن قيس تالي عبدالله
في النفاق ، كما أن عليا عليه السلام كان تالي رسول الله صلى الله عليه واله في الكمال والجلال والجمال
وتفرد جد مع عبدالله بن ابي بعد ما سم الرسول صلى الله عليه واله ولم يؤثر فيه ، فقال له :
إن محمدا صلى الله عليه واله ماهر في السحر وليس علي كمثله ، فاتخذ أنت يا جد لعلي دعوة
بعد أن تتقدم في تنبيش أصل حائط بستانك ، ثم توقف رجالا خلف الحائط بخشب
يعتمدون بها على الحائط ويدفعونه على علي ومن معه ليموتوا تحته ، فجلس علي
عليه السلام تحت الحائط فتلقاه بيساره وأوقفه ، وكان الطعام بين أيديهم ، فقال عليه السلام :
كلوا بسم الله ، وجعل يأكل معهم حتى أكلوا وفرغوا ، وهو يمسك الحائط بشماله
والحائط ثلاثون ذراعا طوله في خمسة عشر سمكة ( 2 ) في ذراعين غلظة ، فجعل أصحاب
علي عليه السلام يأكلون وهم يقولون : يا أخا رسول الله صلى الله عليه واله أفتحامي هذا وأنت تأكل ؟
فإنك تتعب في حبسك هذا الحائط عنا ، فقال علي عليه السلام : إني لست أجد له من
المس بيساري إلا أقل مما أجد من ثقل هذه اللقمة بيميني ، وهرب جد بن قيس ،
وخشي أن يكون علي قد مات وصحبه ، وإن محمدا يطلبه لينتقم منه ، واختفى عند
عبدالله بن ابي ، فبلغهم أن عليا عليه السلام قد أمسك الحائط بيساره وهو يأكل بيمينه
وأصحابه تحت الحائط لم يموتوا ، فقال : أبوالشرور وأبوالدواهي اللذان أصل
التدبير في ذلك : إن عليا قد مهر بسحر محمد فلا سبيل لنا عليه ، فلما فرغ القوم أقام
*
_________________________________________________________
ص 31 ) ( 1 ) تفسير الامام : 64 - 66 .
( 2 ) السمك - بسكون الميم - : القامة من كل شئ ثخن صاعد .
*
[ 32 ]
علي عليه السلام الحائط بيساره فأقامه وسواه وأرأب صدعه وألم شعبه ( 1 ) وخرج هو والقوم
من تحته ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه واله قال : يا أبا الحسن ضاهيت اليوم أخي الخضر
لما أقام الجدار ، وما سهل الله ذلك له إلا بدعائه بنا أهل البيت ( 2 ) .
10 - قب : صالح بن كيسان وابن رومان رفعاه إلى جابر الانصاري قال :
جاء العباس إلي علي عليه السلام يطالبه بميراث النبي صلى الله عليه واله ، فقال له ما كان لرسول الله
صلى الله عليه واله شئ يورث إلا بغلته دلدل وسيفه ذوالفقار ودرعه وعمامته السحاب ، وأنا أربأ
بك ( 3 ) أن تطالب بما ليس لك ، فقال : لا بد من ذلك وأنا أحق ، عمه ووارثه دون
الناس كلهم ، فنهض أميرالمؤمنين عليه السلام ومعه الناس حتى دخل المسجد ، ثم أمر
بإحضار الدرع والعمامة والسيف والبغلة فاحضر ، فقال للعباس : يا عم إن أطقت
النهوض بشئ منها فجميعه لك ، فإن ميراث الانبياء لاوصيائهم دون العالم ولاولادهم
فإن لم تطق النهوض فلا حق لك فيه ، قال : نعم فألبسه أميرالمؤمنين عليه السلام الدرع
بيده وألقى عليه العمامة والسيف ، ثم قال : انهض بالسيف والعمامة يا عم ، فلم يطق
النهوض ، فأخذ السيف منه وقال له : انهض بالعمامة فإنها آية من نبينا صلى الله عليه واله فأراد
النهوض فلم يقدر على ذلك ، وبقي متحيرا ، ثم قال له : يا عم وهذه البغلة بالباب
لي خاصة ولولدي ، فإن أطقت ركوبها فاركبها ، فخرج ومعه عدوي ، فقال له :
يا عم رسول الله خدعك علي فيما كنت فيه فلا تخدع نفسك في البغلة ، إذا
وضعت رجلك في الركاب فاذكرالله وسم واقرأ " إن الله يمسك السماوات والارض
أن تزولا " قال : فلما نظرت البغلة إليه مقبلا مع العباس نفرت وصاحت صياحا
ما سمعناه منها قط ، فوقع العباس مغشيا عليه ، واجتمع الناس وأمر بإمساكها فلم
يقدر عليها ، ثم إن عليا عليه السلام دعا البغلة باسم ماسمعناه ، فجاءت خاضعة ذليلة ،
فوضع رجله في الركاب ووثب عليها فاستوى عليها راكبا ، فاستدعا أن يركب الحسن
*
_________________________________________________________
ص 32 ) ( 1 ) أرأب صدعه أى أصلح شقه .
وألم شعبه أى جمع ما انفرج من الحائط وضمة .
( 2 ) تفسير الامام : 76 و 77 .
( 3 ) يقال " انى اربا بك عن ذلك " أى لا ارضاه لك .
*
[ 33 ]
والحسين عليهما السلام فأمرهما بذلك ، ثم لبس علي الدرع والعمامة والسيف وركبها و
سار عليها إلى منزله وهو يقول : هذا من فضل ربي ليبلونئ أشكر أنا وهما أم تكفر
أنت يا فلان ( 1 ) .
11 - قب : من عجائبه عليه السلام طول مالقي من الحروب لم ينهزم قط ، ولم ينله فيها شين ولا جراح سوء ، ولم يبارز أحدا إلا ظفر به ، ولا نجا من ضربته أحد فصلح
منها ، ولم يفلت منه قرن ، ولم يخرج في حروبه إلا وهو ماش يهرول طول الدهر
بغير جند إلى العدو ، وما قدمت راية قوتل تحتها علي إلا انقلبوا صاغرين .
ويروى وثبته ( 2 ) أربعون ذراعا إلى عمرو ورجوعه إلى خلف عشرون ذراعا
وذلك خارج عن العادة ، وروي ضربته ( 3 ) على رجليه وقطعهما بضربة واحدة مع
ما كان عليه من الثياب والسلاح ، وروي أنه ضرب مرحب الكافر يوم خيبر على
رأسه فقطع العمامة والخوذة والرأس والحلق وما عليه من الجوشن من قدام و
خلف إلى أن قده بنصفين ، ثم حمل على سبعين فارس فبددهم ، وتحير الفريقان
من فعله فانهزموا إلى الحصن .
وأصل مشهد البوق عند رحبة الشام أنه عليه السلام أخبر أن الساعة خرج معاوية
في خيله من دمشق ، وضرب البوق وسمع ذلك من مسيرة ثمانية عشر يوما ، وهو
خرق العادة .
ومنه الدكة المشهورة في الكوفة التي يقال : إنه رأى منها مكة وسلم عليها
وذلك مثل قولكم : يا سارية الجبل ( 4 ) .
ومسجد المجذاف في الرقة ، وهو أنه لما طلب الزواريق لحمل الشهداء
قالوا : الزواريق ترعى ، فقال عليه السلام : كلامكم غث وقمصانكم رث ( 5 ) لاشد الله
*
_________________________________________________________
ص 33 ) ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 465 و 466 .
( 3 و 2 ) على صيغة المصدر .
( 4 ) في المصدر : يا سايرة الخيل .
( 5 ) الغث من الكلام : رديئه .
وقمصان جمع القميص والرمث : البالى .
*
[ 34 ]
بكم صفا ( 1 ) ولا أشبعكم إلا على قتب ، وعمل جائزة عظيمة بمنزلة المجذاف ( 2 ) و
حمل الشهداء عليها ، فخربت الرقة وعمرت الرافقة ( 3 ) ولا يزالون في ضنك العيش .
وروت الغلاة أنه عليه السلام صعد إلى السماء على فرس وينظر إليه أصحابه وقال :
لو أردت لحملت إليكم إبن أبي سفيان ، وذلك نحو قوله : " ورفعناه مكانا عليا ( 4 ) " .
وخرج عن أبي زهرة وقطع مسيرة ثلاثة أيام بليلة واحدة ، وأصبح عند
الكفار وفتح عليه فنزل " والعاديات ضبحا " .
وروي أنه رمي إلى حصن ذات السلاسل في المنجنيق ونزل على حائط الحصن
وكان الحصن قد شد على حيطانه سلاسل فيها غرائر ( 5 ) من نبن أو قطن ، حتى
لا يعمل فيها المنجنيق إذا رمي الحجر ، فقالت الغلاة : فمر في الهواء والترس تحت
قدميه ، ونزل على الحائط وضرب السلاسل ضربة واحدة فقطعها ، وسقطت الغرائر
وفتح الحصن .
وروت الغلاة أنه نزلت فيه " وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله
من حيث لم يحتسبوا ( 6 ) " وذلك إن صح مثل صعود الملائكة ونزولهم وإسراء
النبي صلى الله عليه واله ( 7 ) .
تفسير أبي محمد العسكري عليه السلام أنه أرادت الفجرة ليلة العقبة قتل النبي صلى الله عليه واله
ومن بقي في المدينة قتل علي عليه السلام فلما تبعه وقص عليه بغضاءهم فقال : أما ترضى
*
_________________________________________________________
ص 34 ) ( 1 ) في المصدر : صنعا .
( 2 ) القتب - بالكسر فالسكون - يقال : قتبه أى أطعمه الاقتاب وهى الامعاء المشوية .
والجائزة : الخشبة المعترضة بين الحائطين فارسيته " تير " .
والمجذاف - بالذال المعجمة و
المهملة - : خشبة طويلة مبسوطة أحد الطرفين تسير بها القوارب والسفن الصغيرة .
( 3 ) الرقة - بالفتح - مدينة مشهورة على الفرات من جانبها الشرقى .
والرافقة بلد متصل
البناء بالرقة بينهما مقدار ثلاثمائة ذراع ( المراصد 2 : 595 ) .
( 4 ) سورة مريم : 57 .
( 5 ) جمع الغرارة - بالكسر - : الجوالق .
( 6 ) سورة الحشر : 2 .
( 7 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 446 .
*
[ 35 ]
أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ الخبر ، فحفروا له حفيرة طويلة وغطوها
فلما انصرف وبلغها أنطق الله فرسه فقال : سر بإذن الله ، فطفرت ، ثم أمر بكشفه
فرآه عجيبا ( 1 ) .
مسند أحمد وفضائله وسنن ابن ماجة : قال عبدالرحمن بن أبي ليلى : كان
أميرالمؤمنين عليه السلام يلبس في البرد الشديد الثوب الرقيق ، وفي الحر الشديد القباء
والثوب الثقيل ، وكان لا يجد الحر والبرد ، فكان النبي صلى الله عليه واله دعا له يوم خيبر
فقال : كفاك الله الحر والبرد ، وفي رواية : اللهم قه الحر والبرد ، وفي رواية :
اللهم اكفه الحر والبرد ( 2 ) .
سهل بن حنيف في حديثه أنه لما أخذ معاوية مورد الفرات أمر أمير المؤمنين
عليه السلام لمالك الاشتر أن يقول لمن على جانب الفرات : يقول لكم علي : اعدلوا
عن الماء ، فلما قال ذلك عدلوا عنه ، فورد قوم أميرالمؤمنين الماء وأخذوا منه ، فبلغ
ذلك معاوية فأحضرهم وقال لهم في ذلك ، فقال إن عمرو بن العاص جاء وقال : إن
معاوية يأمركم أن تفرجوا عن الماء ، فقال معاوية لعمرو : إنك لتأتي أمرا ثم تقول
ما فعلته ؟ ! فلما كان من غد وكل معاوية حجل بن العتاب النخعي في خمسة
آلاف ، فأنفذ أميرالمؤمنين عليه السلام مالكا فنادى مثل الاول ، فمال حجل عن الشريعة
فورد أصحاب علي عليه السلام وأخذوا منه ، فبلغ ذلك معاوية فأحضر حجلا وقال له في
ذلك ، فقال : إن ابنك يزيد أتاني فقال : إنك أمرت بالتنحي عنه ! فقال ليزيد في
ذلك فأنكر ، فقال معاوية : فإذا كان غدا فلا تقبل من أحد ولو أتيتك حتى تأخذ
خاتمي ، فلما كان اليوم الثالث أمر أميرالمؤمنين عليه السلام لمالك مثل ذلك ، فرأى حجل
معاوية وأخذ منه خاتمه وانصرف عن الماء : وبلغ معاوية فدعاه وقال له في ذلك ،
فأراه خاتمه ، فضرب معاوية يده على يده فقال : نعم وإن هذا من دواهي علي .
*
_________________________________________________________
ص 35 ) ( 1 ) في المصدر : فرأى عجبا .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 448 .
*
[ 36 ]
وحدثني محمد الشوهاني بإسناده أنه قدم أبوالصمصام العبسي ( 1 ) إلى النبي
عليه السلام وقال متى يجئ المطر ؟ وأي شئ في بطن ناقتي هذه ؟ وأي شئ يكون غدا ؟
ومتى أموت ؟ فنزل " إن الله عنده علم الساعة ( 2 ) " الآيات ، فأسلم الرجل ووعد
النبي صلى الله عليه واله أن يأتي بأهله ، فقال : اكتب يا أبا الحسن : " بسم الله الرحمن الرحيم
أقر محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف وأشهد على نفسه في صحة
عقله وبدنه وجواز أمره أن لابي الصمصام العبسي عليه وعنده وفي ذمته ثمانين ناقة
حمر الظهور بيض العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز " وخرج
أبوالصمصام ثم جاء في قومه بني عبس كلهم مسلمين ، وسأل عن النبي صلى الله عليه واله فقالوا :
قبض ، قال : فمن الخليفة من بعده ؟ فقالوا : أبوبكر ، فدخل أبوالصمصام المسجد
وقال : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه واله إن لي على رسول الله صلى الله عليه واله ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، فقال : يا أخا
العرب سألت مافوق العقل ، والله ما خلف رسول الله إلا بغلته الدلدل وحمارة اليعفور
وسيفه ذا الفقار ودرعه الفاضل ، أخذها كلها علي بن أبي طالب عليه السلام وخلف فينا
فدك فأخذناها بحق ، ونبينا صلى الله عليه واله لا يورث ، فصاح سلمان " كردي ونكردي ، و
حق أزمير ببردي ، ردوا العمل إلى أهله " ثم ضرب بيده إلى أبي الصمصام فأقامه
إلى منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فقرع الباب فنادى علي ادخل يا سلمان ادخل
أنت وأبوالصمصام ، فقال أبوالصمصام : هذه اعجوبة من هذا الذي سماني باسمي
ولم يعرفني ؟ فعد سلمان فضائل علي عليه السلام فلما دخل وسلم عليه قال : يا أباالحسن
إن لي على رسول الله صلى الله عليه واله ثمانين ناقة ووصفها ، فقال علي عليه السلام : أمعك حجة ؟
فدفع إليه الوثيقة ، فقال علي عليه السلام : ياسلمان ناد في الناس ألا من أراد أن ينظر إلى
دين رسول الله صلى الله عليه واله فليخرج غدا إلى خارج المدينة ، فلما كان الغد خرج الناس و
خرج علي عليه السلام وأسر إلى ابنه الحسن سرا وقال : امض يا أبا الصمصام مع ابني
*
_________________________________________________________
ص 36 ) ( 1 ) في المصدر : " ابوالضمضام " في المواضع .
( 2 ) سورة لقمان : 34 .
*
[ 37 ]
الحسن إلى الكثيب من الرمل ، فمضى عليه السلام ومعه أبوالصمصام ، فصلى الحسن عليه السلام
ركعتين عند الكثيب ، وكلم الارض بكلمات لا ندري ما هي ، وضرب الكثيب بقضيب
رسول الله صلى الله عليه واله فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة ( 1 ) ، مكتوب عليها سطران من
نور ، السطر الاول " بسم الله الرحمن الرحيم " والثاني " لا إله إلا الله محمد رسول الله
صلى الله عليه واله " فضرب الحسن عليه السلام الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة ، فقال
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 37 سطر 6 الى ص 45 سطر 6
الحسن عليه السلام : اقتد يا أبا الصمصام ، فاقتاد أبوالصمصام ثمانين ناقة حمر الظهور بيض
العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، ورجع إلى علي بن
أبي طالب فقال عليه السلام : استوفيت يا أبا الصمصام ؟ قال : نعم ، قال : فسلم الوثيقة
فسلمها إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذها وخرقها ، ثم قال : هكذا أخبرني أخي
وإبن عمي رسول الله صلى الله عليه واله إن الله خلق هذه النوق من هذه الصخرة قبل أن يخلق ناقة
صالح بألفي عام فقال المنافقون هذا من سحر علي قليل ( 2 ) .
بيان : قوله : " نقط الحجاز " أقول : الظاهر أنه تصحيف لقط باللام ، قال
الفيروز آبادي : اللقط محركة : ما يلتقط من السنابل ، وقطع ذهب توجد في
المعدن .
12 - قب : من معجزاته عليه السلام تسخيره الجماعة اضطرارا لنقل فضائله مع ما
فيها من الحجة عليهم ، حتى إن أنكره واحد رد عليه صاحبه وقال : هذا في التواريخ
والصحاح والسنن والجوامع والسير والتفاسير مما أجمعوا على صحته ، فإن لم يكن
في واحد يكن في آخر ، ومن جملة ذلك ما أجمعوا عليه ، وروى مناقبه خلق كثير منهم
حتى صار علما ضروريا ، كما صنف ابن جرير الطبري كتاب الغدير ، وابن الشاهين
كتاب المناقب وكتاب فضائل فاطمة عليها السلام ، ويعقوب بن شيبة تفضيل الحسن والحسين
عليهما السلام ومسند أميرالمؤمنين عليه السلام وأخباره وفضائله ، والجاحظ كتاب العلوية وكتاب
فضل بني هاشم على بني امية ، وأبونعيم الاصفهاني منقبة المطهرين في فضائل
*
_________________________________________________________
ص 37 ) ( 1 ) لملم الحجر : جعله مستديرا كالكرة .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 470 و 471 .
*
[ 38 ]
أميرالمؤمنين عليه السلام وما نزل من القرآن في أميرالمؤمنين عليه السلام وأبوالمحاسن الروياني
الجعفريات ، والموفق المكي كتاب قضايا أميرالمؤمنين عليه السلام وكتاب رد الشمس
لاميرالمؤمنين عليه السلام ، وأبوبكر محمد بن مؤمن الشيرازي كتاب نزول القرآن في شأن
أميرالمؤمنين عليه السلام ، وأبوصالح عبدالملك المؤذن كتاب الاربعين في فضائل الزهراء
عليها السلام ، وأحمد بن حنبل مسند أهل البيت وفضائل الصحابة ، وأبوعبدالله محمد بن أحمد
النطنزي الخصائص العلوية على سائر البرية ، وابن المغازلي كتاب المناقب ، و
أبوالقاسم البستي كتاب الدرجات ، والخطيب أبوتراب كتاب الحدائق مع الكتمان
والميل .
وذلك خرق العادة ، شهد بفضائله معادوه وأقر بمناقبه جاحدوه .
ومن جملة ذلك كثرة مناقبه مع ما كانوا يدفنونها ويتوعدون على روايتها ، روى
مسلم والبخاري وابن بطة والنطنزي عن عائشة في حديثها بمرض النبي صلى الله عليه واله
فقالت في جملة ذلك : فخرج النبي صلى الله عليه واله بين رجلين من أهل بيته أحدهما الفضل و
رجل آخر ، يخط قدماه عاصبا رأسه .
يعني عليا عليه السلام .
وقال معاوية لابن عباس : إنا كتبنا في الآفاق ننهي عن ذكر مناقب علي عليه السلام
فكف لسانك ، قال : أفتنهانا عن قراءة القرآن ؟ قال : لا ، قال : أفتنهانا عن تأويله قال :
نعم ، قال : أفنقرؤه ولانسأل ؟ قال سل عن غير أهل بيتك ! قال : إنه منزل علينا أفتسأل
غيرنا ؟ أتنهانا أن نعبدالله ؟ فإذا تهلك الامة ، قال : اقرؤوا ولا ترووا ما أنزل الله
فيكم " يريدون ليطفؤا نورالله بأفواههم ( 1 ) " ثم نادى معاوية : أن ( 2 ) برئت الذمة
ممن روى حديثا من مناقب علي ، حتى قال عبدالله بن شداد الليثي : وددت أني
اترك أن احدث بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام يوما إلى الليل وأن عنقي ضربت
فكان المحدث يحدث بحديث في الفقه أو يأتي بحديث المبارزة فيقول : قال رجل من
قريش ، وكان عبدالرحمن بن أبي ليلى يقول : حدثني رجل من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه واله ، وكان الحسن البصري يقول : قال أبوزينب .
*
_________________________________________________________
ص 38 ) ( 1 ) سورة الصف : 8 .
( 2 ) في المصدر : انى .
*
[ 39 ]
وسئل ابن جبير عن حامل اللواء فقال : كأنك رخي البال .
ورأى رجل
أعرابية في مسجد تقول : يا مشهورا في السماوات ويا مشهورا في الارضين ( ويا مشهورا
في الدنيا ) ويامشهورا في الآخرة جهدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك وإخماد
ذكرك فأبى الله لذكرك إلا علوا ولنورك إلا ضياء ونماء ولو كره المشركون ،
فقيل : لمن تصفين ؟ قالت : ذاك أميرالمؤمنين عليه السلام ، فالتفت فلم ير أحدا .
ومن ذلك
ما طبقت الارض بالمشاهد لاولاده ، وفشت المنامات من مناقبه ، فيبرئ الزمنى ويفرج
المبتلى وما سمع هذا لغيره عليه السلام ( 1 ) .
13 - م : قال الامام عليه السلام : إن رجلا من محبي علي بن أبي طالب عليه السلام
كتب إليه من الشام : يا أميرالمؤمنين أنا بعيالي مثقل ، وعليهم إن خرجت خائف
وبأموالي التي اخلفها إن خرجت ظنين ، وأخر اللحاق ( 2 ) بك والكون في جملتك و
الخفوق في خدمتك ، فجدلي يا أميرالمؤمنين ، فبعث إليه علي عليه السلام : أجمع أهلك و
عيالك وحصل عندهم مالك ، وصل على ذلك كله على محمد وآله الطاهرين ، ثم قل :
اللهم هذه كلها ودائعي عندك بأمر عبدك ووليك علي بن أبي طالب ، ثم قم وانهض
إلي ، ففعل الرجل ذلك واخبر معاوية بهربه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأمر معاوية
أن تسبى عياله ويسترقوا ، وأن تنهب أمواله ، فذهبوا فألقى الله عليهم شبه عيال معاوية
وحاشيته وأخص حاشيته كيزيد بن معاوية يقولون : نحن أخذنا هذا المال وهو لنا ،
وأما عياله فقد استرققناهم وبعثناهم إلى السوق ، فكفوا لما رأو ذلك ، وعرف الله
عياله أنه قد ألقى عليهم شبه عيال معاوية وعيال خاصة يزيد ، فأشفقوا من أموالهم
أن تسرقها اللصوص ، فمسخ المال عقارب وحيات ، كلما قصد اللصوص ليأخذوا
منه لذعوا ولسعوا ، فمات منهم قوم وضني آخرون ، ودفع الله عن ماله بذلك إلى
أن قال علي عليه السلام يوما للرجل : أتحب أن يأتيك عيالك ومالك ؟ قال : بلى ، قال
علي عليه السلام : ايت بهم ، فإذاهم بحضرة الرجل لا يفقد من عياله وماله شيئا ، فأخبروه
*
_________________________________________________________
ص 39 ) ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 484 و 485 .
( 2 ) في المصدر : ضنين ، وأحب اللحاق .
*
[ 40 ]
بما ألقى الله تعالى من شبه عيال معاوية وخاصته وحاشية يزيد عليهم .
وبما مسخه
من أمواله عقارب وحيات تلسع اللص الذي يريد أخذ شئ منه ، وقال علي عليه السلام
إن الله تعالى ربما أظهر آية لبعض المؤمنين ليزيد في بصيرته ولبعض الكافرين ليبالغ
في الاعذار إليه ( 1 ) .
بيان : الخفوق : التحرك والاضطراب ، وفي بعض النسخ بالفائين بمعنى
الاحاطة ، وضني كرضي : مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس .
14 - م : إن رسول الله صلى الله عليه واله لما نص على علي عليه السلام بالفضيلة والامامة و
سكن إلى ذلك قلوب المؤمنين وعاند فيه أصناف الجاحدين من المعاندين وشك في ذلك
ضعفاء من الشاكين وغاض ( 2 ) في صدور المنافقين العداوة والبغضاء والحسد والشحناء
حتى قال قائل من المنافقين : لقد أسرف محمد صلى الله عليه واله في مدح نفسه ثم أسرف في مدح
أخيه علي عليه السلام وما ذلك من عند رب العالمين ولكنه في ذلك من المقبولين ( 3 ) يريد
أن يثبت لنفسه الرئاسة علينا ولعلي بعد موته قال الله تعالى : يا محمد قل لهم : وأي
شئ أنكرتم من ذلك ؟ هو عظيم كريم حكيم ، ارتضى عبادا من عباده واختصهم
بكرامات ( 4 ) لما علم من حسن طاعتهم وانقيادهم لامره ، ففوض إليهم امور عباده
وجعل عليهم سياسة خلقه بالتدبير الحكيم الذي وفقهم له ، أو لا ترون ملوك الارض
إذا ارتضى أحدهم خدمة بعض عبيده ووثق بحسن إطاعته فيما يندبه له ( 5 ) من امور
ممالكه جعل ما وراء بابه إليه ، واعتمد في سياسة جيوشه ورعاياه عليه ، كذلك محمد في
التدبير الذي رفعه له ربه ، وعلي من بعده الذي جعله وصيه وخليفته في أهله وقاضي
دينه ومنجز عداته والمؤازر لاوليائه والمناصب لاعدائه ، فلم يقنعوا بذلك ولم يسلموا
وقالوا : ليس الذي يسنده إلى ابن أبي طالب بأمر صغير ، إنما هو دماء الخلق ونساؤهم
*
_________________________________________________________
ص 40 ) ( 1 ) تفسير الامام : 170 .
( 2 ) كذا في ( ك ) .
وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : فاض .
( 3 ) في هامش المصدر : من المقتولين .
( 4 ) في ( خ ) : بكراماته .
( 5 ) في المصدر : بحسن اصطناعه فيما يندب له .
*