(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كانت الحجّة لنا على المهاجرين بذلك قائمة، فإن فلجت حجّتهم كانت لنا دونهم، وإلاّ فالأنصار على دعوتهم.
وأوضحه العباس لأبي بكر في حديث له معه إذ قال له: وأمّا قولك نحن شجرة رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فإنكم جيرانها ونحن أغصانها(1).
فالإمام عليّ ((عليه السلام)) كان مصدر رعب ورهب في نفوس الفائزين في لعبة السقيفة وسدّاً منيعاً ازاء رغباتهم وطموحاتهم، وكان بإمكانه أن يستغلّ النفعيّين ـ وما أكثرهم ـ والذين يميلون مع كلّ ريح وينعقون مع كلّ ناعق والذين يعرضون أصواتهم ومواقفهم رخيصاً في الأسواق السياسية، وأن يشبع نهمهم ممّا خلّفه الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) من الخمس وغلاّت أراضي المدينة ونتاج «فدك» التي كانت تدرّ بالخيرات، إلاّ أنّه ((عليه السلام)) أبى عن كلّ ذلك لكمال شخصيّته وسموّ منزلته هذا من جانب، ومن جانب آخر كان بوسعه ((عليه السلام)) أن يتحرّك محتجّاً أمام أرباب السقيفة بمبدأ القرابة الذي يعدّ ورقةً رابحةً بيده حتى ألمح بقوله: «احتجوّا بالشجرة وأضاعوا الثمرة» وكان السواد الأعظم من الناس يقدّسون ويبجّلون أهل البيت لذلك السبب، وبالتالي سيدفع السلطة الحاكمة الى أزمة سياسية حرجة لا مخرج منها، بيد أنّه ((عليه السلام)) كان أسمى من ذلك وأجلّ، وفضّل المصلحة الاسلامية العليا على كلّ الامتيازات والنفعيات.
ولتلافي احتمال تحرّك الإمام على هذا المسار تردّدت السلطة بين موقفين:
أوّلاً: أن لا تقرّ للقرابة بشأن في الخلافة، وهذا معناه نزع الثوب الشرعي


(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6 / 5.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة