(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

الكتاب بينهم ثمّ قال: إنّ رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قال: «إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وهذا كتاب الله وأنا العترة(1)، وقال لهم: لئلاّ تقولوا غداً إنّا كنّا عن هذا غافلين.
ثمّ قال: لا تقولوا يوم القيامة إنّي لم أدعُكُمْ إلى نصرتي ولم اُذكّركم حقّي ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته(2).
فقال له عمر: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما.
ويبدو أنّ الإمام لم يكتف بجمع الآيات القرآنية بل قام أيضاً بترتيبها حسب النزول، وأشار إلى عامّه وخاصّه ومطلقّه ومقيّده ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وعزائمه ورخصه وسننه وآدابه، كما وأشار إلى أسباب النزول وأملى ستّين نوعاً من أنواع علوم القرآن، وذكر لكلّ نوع مثالاً يخصّه، وبهذا العمل الكبير استطاع الإمام أن يحافظ على أهمّ أصل من اُصوال الإسلام، وأن يوجّه العقل المسلم نحو البحث عن العلوم التي يزخر بها القرآن، ليصبح المنبع الرئيسي للفكر والمصدر المباشر الذي تستمد منه الإنسانية ما تحتاجه في حياتها.
إنّ أمير المؤمنين كان جديراً بما فعل، فإنّه قال: ما نزلت على رسول الله  ((صلى الله عليه وآله وسلم)) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عزّ وجلّ أن يعلّمني فهمها، فما نسيت آيةً من كتاب الله عزّ وجلّ ولا علماً أملاه


(1) المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 41.
(2) كتاب سليم بن قيس: 32، طـ . مؤسسة البعثة.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة