وتصنيف القبائل بحسب اُصولها ممّا أدّى الى حنق الموالي على العرب وكراهيتهم لهم والتفتيش عن مثالبهم، وقد خالف بذلك سيرة الرسول الأكرم ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وسيرة صاحبه أبي بكر أيضاً.
وندم عمر على تصرّفه هذا في آخر فترة حكمه حينما رأى الثراء الفاحش عند كثير من الصحابة، ولم تطب به نفسه، وإنّما راح يقول: لو استقبلت من الأمر ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فرددتها على الفقراء.
3 ـ عدم الدقّة والموضوعية في اختيار العمّال والولاة على اُسس اسلاميّة تخدم الدعوة الإسلامية وتحافظ على كيان الاُمة، فإنّه استعمل مَنْ عُرف بالفساد وعدم الإخلاص للدين، وأصرّ بموقفه هذا على إبعاد كلّ ما يمتّ إلى الخلافة من أمر عن الإمام عليّ ((عليه السلام)) والصحابة الأجلاّء الذين وقفوا معه(1).
4 ـ استثناء معاوية من المحاسبة والمراقبة التي كان يشدّدها على ولاته، وتركه على هواه يعمل ما يشاء لسنين طويلة، ممّا أعان معاوية على طغيانه واستقلاله بالشام في عهد عثمان، كما آثر عنه قوله في توجيه تصرفات معاوية: إنه كسرى العرب(2).
قصة الشورى :
إذا كانت السقيفة وبيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ـ كما قال عمر ـ فإنّ الشورى أشدّ فتنةً وأكبر انحرافاً عن مسير الدعوة الإسلامية الصحيح، فقد امتُحن المسلمون فيها امتحاناً عسيراً، وزرعت لهم الفتن
(1) شيخ المضيرة أبو هريرة: 84 وشرح النهج: 9 / 29.
(2) المستدرك على الصحيحين: 4 / 479، وكنز العمال: 6 / 39.